- الإسلام
- القرآن
- النبي وأهل بيته
- الشيعة
- الأسرة
- أسئلة وأجوبة
- الدعاء وشروط استجابته
- وقت المطالعة : 3 دقیقة
- بواسطة : امین نجف
- 0 تعليق
هنالك مسألة مرتبطة بهذا البحث، كثير من الناس استشكل فيها على الشيعة، ومن خلال تجربتي الشخصية لم أجد عند أحد دليلا شرعيا يؤيد إشكاله اللهم إلا ما يتناقله ببغاوات الوهابية فيما يرتبط بالتوحيد والشرك الذي هم أبعد الناس فهما له، والمسألة هي السجود على التربة الحسينية… قال لي بعضهم ” الشيعة يا أخي يعبدون الحجر ويصلون له ” وكثيرا ما سمعت هذه الجملة لذا وجب علي توضيح الأمر حتى لا نصبح كالهمج الرعاع أتباع كل ناعق نميل مع كل ريح.
أولا: إن للسجود صيغتين:
أ – السجود للشئ.
ب – السجود على الشئ.
أما الأول فهو حالة من حالات الشرك بلا خلاف، والشيعة تحرم ذلك البتة لأنه سجود لغير الله وهذا لا يحتاج مني إلى كبير عناء فلتراجع فتاوى علماء الشيعة في ذلك.
أما الثانية فالكل يسجد على شئ، والسجود لا يتحقق في الأساس إلا على شئ.
والشيعة يسجدون على التربة وليس للتربة، ويكون السؤال لماذا التربة الحسينية بالخصوص؟ وهذا السؤال سنجيب عليه في نقطتين: الأولى فيما يختص بالتربة كما هي والثانية بخصوص التربة الحسينية.
النقطة الأولى:
إن علماء مدرسة أهل البيت (ع) ومن أقوال أئمتهم يوجبون أن يكون موضع الجبهة في الصلاة من الأرض أو ما أنبتته الأرض مما لا يؤكل ولا يلبس في الغالب.
أما فقهاء أهل السنة الأربعة فإنهم يجوزون السجود على كل شئ بما في ذلك الأرض.
وعلماء الشيعة لهم ما يؤيد قولهم من مصادر أهل السنة نذكر منها: –
1 – حديث رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم).
” جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا ” (بخاري ج 1 / 109).
2 – وقوله (صلى الله عليه وآله وسلم):
” جعلت لي الأرض كلها مسجدا وجعلت تربتها لنا طهورا ” (بخاري ج 1 / 371، مسلم 1 / 371).
3 – وعن أبي سعيد الخدري في حديث جاء فيه:
” وكان سقف المسجد من جريد النخل وما نرى في السماء شيئا فجاءت قزعة فأمطرنا فصلى بنا النبي
(صلى الله عليه وآله وسلم) حتى رأيت الطين والماء على جبهته وأرنبته (صلى الله عليه وآله وسلم) ”
(بخاري ج 2 / 386).
وكثير من الأحاديث التي تؤكد على مسألة السجود على التربة.
النقطة الثانية: لماذا السجود على التربة الحسينية.
أولا: السجود على التربة الحسينية يمثل حالة من حالات السجود على الأرض وإجماع المسلمين على صحة السجود على الأرض وترابها قائم فلا يوجد مبرر لاستثناء تربة الحسين (ع).
ثانيا: إن أئمة أهل البيت (ع) كانوا يؤكدون على مسألة السجود على التربة الحسينية والإمام علي بن الحسين (ع) أول من سجد عليها وكل أئمة أهل البيت (ع) كان يسجدون عليها ويؤكدون على ” استحباب السجود عليها كما جاء عن الإمام الصادق (ع) ” إن السجود على تربة أبي عبد الله الحسين يخرق الحجب السبع “.
وتربة الحسين عبارة عن تراب من كربلاء يخلط بالماء ويصب في قوالب ثم يجفف ويوضع في موضع الجبهة للسجود عليه.
ثالثا: هنالك دلالات كبيرة في السجود على تربة سيد الشهداء (ع) لا تخفى على الألمعي منها (1): –
1 – الدلالة العقائدية:
عمر بن سعد غداة يوم عاشوراء صلى بجيشه صلاة الصبح جماعة ثم قتل الصلاة في ظهيرة نفس اليوم بقتله سيد الشهداء، ونحن بصلاتنا على تربة الحسين نعلن أننا لا نصلي صلاة ميتة مثل صلاة عمر بن سعد وأميره يزيد وأبيه ومن ولاه، لا نحن نصلي صلاة الحسين وأبيه وجده وهذا ما يكرس مفهوم الولاء لأهل البيت (ع) عند شيعتهم ولهذا ركز الأئمة (ع) على التذكير بتربة الحسين (ع) التي يعني السجود عليها تمام التسليم والخضوع لله بانتهاج نهج أوليائه.
2 – الدلالة التاريخية:
حاول البعض طمس معالم يوم الغدير الذي بويع فيه لعلي (ع) بالخلافة، وعاشوراء كانت في عهد بني أمية وما أدراك ما بنو أمية، والتربة الحسينية وثيقة تاريخية حية تحمل شواهد الجريمة التي نفذها الحكم الأموي يوم العاشر من محرم، وإذا كانت الأجهزة الظالمة عبر التاريخ قد مارست أساليب المصادرة لقضية كربلاء، وما زال امتدادهم إلى يومنا هذا، فإن الأئمة من أهل البيت (ع) رسخوا في وعي الأمة وفي وجدان الأجيال حالة التعاطي والارتباط بقضية الحسين (ع) من خلال الإحياء والرثاء والبكاء والزيارة وفي هذا المسار تأتي مسألة التأكيد على التربة الحسينية.
3 – الدلالة الجهادية:
التربة الحسينية إحدى صيغ التجذير للوهج الثوري والجهادي في حس الجماهير المسلمة، وهذا ما تحتاج إليه كل الأمة الإسلامية، خاصة ونحن نعيش فترة يواجه فيها المد الإسلامي بكل أنواع الحروب، والتعامل مع هذه التربة ليس تعاملا مع كتلة ترابية جامدة وإنما هو تعامل مع مزيج متحرك من مفاهيم الثورة وقيم الجهاد ومضامين الشهادة، فمع كل ذرة من ذرات هذه التربة صرخة جهادية ونداء ثوري ومفهوم استشهادي لا يقوى الزمن بكل امتداداته ولا تقوى الأجهزة المتسلطة بكل إمكاناتها أن تجمد تلك الدلالات فالتربة الحسينية عقيدة وجهاد وثورة وحركة واستشهاد.
_____________
(1) التشيع – السيد عبد الله الغريفي.
المصدر: بنور فاطمة اهتديت / عبد المنعم حسن