ينقل الشيخ عباس القمي (قدس سره) في كتابه مفاتيح الجنان زيارة لأئمة البقيع (عليهم السلام) فيقول:
زيارة أئمة البقيع (عليهم السلام)
أي الإمام الحسن المجتبى والإمام زين العابدين والإمام محمد الباقر والإمام جعفر الصادق ( عليهم السلام ) .
إذا أردت زيارتهم فاعمل بما سبق من أداب الزيارة من الغسل والكون على الطهارة ولبس الثياب الطاهرة النظيفة والتطيب والاستئذان للدخول ونحو ذلك وقل أيضاً :
[ يا مَوالِيَّ يا أَبْناءَ رَسُولِ اللهِ ، عَبْدُكُمْ وَابْنُ أَمَتِكُمْ الذَّلِيلُ بَيْنَ أَيْدِيَكُمْ وَالمُضْعِفُ فِي عُلُوِّ قَدْرِكُمْ وَالمُعْتَرِفُ بِحَقِّكُمْ جأَكُمْ مُسْتَجِيراً بِكُمْ قاصِداً إِلى حَرَمِكُمْ مُتَقَرِّباً إِلى مَقامِكُمْ مُتَوَسِّلاً إِلى الله تَعالى بِكُمْ ، أَأَدْخُلُ يا مَوالِيَّ أَأَدْخُلُ يا أوْلِياَء الله أَأَدْخُلُ يا مَلائِكَةَ الله المُحْدِقِينَ بِهذا الحَرَمِ المُقِيمِينَ بِهذا المَشْهَدِ ] .
وادخل بعد الخشوع والخضوع ورقة القلب وقدِّم رجلك اليُمنى وقل :
[ الله أَكْبَرُ كَبِيراً وَالحَمْدُ للهِ كَثِيراً وَسُبْحانَ الله بُكْرَةً وَأَصِيلاً وَالحَمْدُ للهِ الفَرْدِ الصَّمَدِ الماجِدِ الاَحَدِ المُتَفَضِّلِ المَنَّانِ المُتَطَوِّلِ الحَنَّانِ الَّذِي مَنَّ بِطَوْلِهِ وَسَهَّلَ زِيارَةَ ساداتِي بِإِحْسانِهِ وَلَمْ يَجْعَلْنِي عَنْ زِيارَتِهِمْ مَمْنُوعاً بَلْ تَطَوَّلَ وَمَنَحَ ] .
ثم اقترب من قبورهم المقدَّسة واستقبلها واستدبر القبلة وقل : [ السَّلامُ عَلَيْكُمْ أَئِمَّةَ الهُدى ، السَّلامُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ التَّقْوى ، السَّلامُ عَلَيْكُمْ أَيُّها الحُجَجُ عَلى أَهْلِ الدُّنْيا ، السَّلامُ عَلَيْكُمْ أَيُّها القُوَّامُ فِي البَرِيَّةِ بِالقِسْطِ ، السَّلامُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الصَّفْوَةِ ، السَّلامُ عَلَيْكُمْ آلَ رَسُولِ اللهِ ، السَّلامُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ النَّجْوى ، أَشْهَدُ أَنَّكُمْ قَدْ بَلَّغْتُمْ وَنَصَحْتُمْ وَصَبَرْتُمْ فِي ذاتِ الله وَكُذِّبْتُمْ وَأُسِيَ إِلَيْكُمْ فَغَفَرْتُمْ ، وَأَشْهَدُ أَنَّكُمْ الأَئِمَّةِ الرَّاشِدُونَ المُهْتَدُونَ وَأَنَّ طاعَتَكُمْ مَفْرُوضَةٌ وَأَنَّ قَوْلَكُمْ الصِّدْقُ وَأَنَّكُمْ دَعَوْتُمْ فَلَمْ تُجابُوا وَأَمَرْتُمْ فَلَمْ تُطاعُوا ، وَأَنَّكُمْ دَعائِمُ الدِّينِ وَأَرْكانُ الأَرضِ لَمْ تَزالُوا بِعَيْنِ الله يَنْسَخُكُمْ مِنْ أَصْلابِ كُلِّ مُطَهّر وَيَنْقُلُكُمْ مِنْ أَرْحامِ المُطَهَّراتِ ، لَمْ تُدَنِّسْكُمْ الجاهِلِيَّةُ الجَهْلاُ وَلَمْ تُشْرِكْ فِيكُمْ فِتَنُ الاَهْواءِ . طِبْتُمْ وَطابَ مَنْبَتُكُمْ مَنَّ بِكُمْ عَلَيْنا دَيّانُ الدِّينِ فَجَعَلَكُمْ فِي بُيُوتٍ أَذِنَ الله أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيها اسْمُهُ . وَجَعَلَ صَلاتَنا عَلَيْكُمْ رَحْمَةً لَنا وَكُفَّارَةً لِذُنُوبِنا إِذْ اخْتارَكُمْ الله لَنا وَطَيَّبَ خَلْقَنا بِما مَنَّ عَلَيْنا مِنْ وِلايَتِكُمْ وَكُنَّا عِنْدَهُ مُسَمِّينَ بِعِلْمِكُمْ مُعْتَرِفِينَ بِتَصْديقِنا إِيَّاكُمْ وَهذا مَقامُ مَنْ أَسْرَفَ وَأَخْطَأَ وَاسْتَكانَ وَأَقَرَّ بِما جَنى وَرَجا بِمَقامِهِ الخَلاصَ وَأَنْ يَسْتَنْقِذَهُ بِكُمْ مُسْتَنْقِذُ الهَلْكى مِنَ الرَّدى ، فَكُونُوا لِي شُفَعاء فَقَدْ وَفَدْتُ إِلَيْكُمْ إِذْ رَغِبَ عَنْكُمْ أَهْلُ الدُّنْيا وَاتَّخَذُوا آياتِ الله هُزُوا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْها ] .
ثم ارفع هنا رأسك إلى السماء وقل : [ يا مَنْ هُوَ قائِمٌ لايَسْهُو وَدائِمٌ لايَلْهُو وَمُحِيطٌ بِكُلِّ شَيٍْ لَكَ المَنُّ بِما وَفَّقْتَنِي وَعَرَّفْنَيِ بِما أَقَمْتَنِي عَلَيْهِ إِذْ صَدَّ عَنْهُ عِبادُكَ وَجَهِلُوا مَعْرِفَتَهُ وَاسْتَخَفُوا بِحَقِّهِ وَمالُوا إِلى سِواهُ ، فَكانَتْ المِنَّةُ مِنْكَ عَلَيَّ مَعَ أَقْوامٍ خَصَصْتَهُمْ بِما خَصَصْتَنِي بِهِ فَلَكَ الحَمْدُ إِذْ كُنْتُ عِنْدَكَ فِي مَقامِي هذا مَذْكُوراً مَكْتُوباً فَلا تَحْرِمْنِي ما رَجَوْتُ وَلاتُخَيِّبْنِي فِيما دَعَوْتُ بِحُرْمَةِ مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَّاهِرِينَ وَصَلّى الله عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ] .
ثم ادع لنفسك بما تريد .
وقال الطوسي ( رض ) في ( التهذيب ) ثم صل صلاة الزيارة ثماني ركعات أي صلِّ لكل إمام ركعتين . وقال الشيخ الطوسي والسيد ابن طاووس : إذا أردت أن تودعهم ( عليهم السلام ) فقل :
[ السَّلامُ عَلَيْكُمْ أَئِمَّةَ الهُدى وَرَحْمَةُ الله وَبَرَكاتُهُ ، أَسْتَوْدِعُكُمْ الله وَأَقْرَأُ عَلَيْكُمْ السَّلامَ ، آمَنَّا بِالله وَبِالرَّسُولِ وَبِما جِئْتُمْ بِهِ وَدَلَلْتُمْ عَلَيْهِ اللّهُمَّ فَاكْتُبْنا مَعَ الشَّاهِدِينَ ] .
ثم أكثر من الدعاء وسل الله العود وأن لا تكون هذه آخر عهدك من زيارتهم . والعلامة المجلسي ( رض ) قد أورد في ( البحار ) زيارة مبسوطة لهم ( عليهم السلام ) ، ونحن هنا قد اقتصرنا على ما مضى من زيارتهم فإنَّ أفضل الزيارات لهم ( عليهم السلام ) هي الزيارة الجامعة الآتية على ما صرح به المجلسي وغيره . وفي الباب الأول من الكتاب عند ذكر زيارات الحجج الطاهرة موزعة على أيام الأسبوع قد أثبتنا زيارة للحسن ( عليه السلام ) ، وزيارة أخرى للأئمة الثلاثة الآخِرين بالبقيع فلا تغفل عنها .
وإعلم أنا نورد لكل من الحجج الطّاهرين عند ذكر زيارته كيفية الصلاة عليه سوى أئمة البقيع حيث اقتصرنا فيالصلاة عليهم بما سيذكر في آخر باب الزيارات فلاحظها هناك وثقل ميزان حسناتك بالصلاة عليهم .
وإعلم أيضاً أن شدة شوقي أنا المهجور الكسير إلى تلك المشاهد الشريفة تبعثني على أن أشغل خاطري بإيراد عدة أبيات تناسب المقام من القصيدة الهائية للفاضل الأوحد مادح آل أحمد حضرة الشيخ الآزري ( رضوان الله عليه ) وكان شيخ الفقهاء العظام خاتم المجتهدين الفخام الشيخ محمد حسن صاحب ( الجواهر ) يتمنى على ما يروى عنه أن تكتب له القصيدة في ديوان
أعماله ويسجل كتاب ( الجواهر ) في ديوان أعمال الآزري قال ( رض ) :
إِنَّ تِلْكَ القُلُوب أَقْلَقَها الوَجْدُ * وَأَدْمى تَلْكَ العُيُونَ بُكاها
كانَ أَنْكى الخُطُوبِ لَمْ يُبْكِ مِنِّي * مُقْلَةً لكِنَّ الهَوى أَبْكاها
كُلَّ يَوْمٍ لِلْحادِثاتِ عَوادٍ * لَيْسَ يَقْوى رَضْوى عَلى مُلْتَقاها
كَيْفَ يُرْجى الخَلاصُ مِنْهُنَّ إِلاّ * بِذِمامٍ مِنْ سَيِّدِ الرُّسْلِ طه
مَعْقِلُ الخائِفِينَ مِنْ كُلِّ خَوْفٍ * أَوْفَرُ العُرْبِ ذِمَّةً أَوْفاها
مَصْدَرُ العِلْمِ لَيْسَ إِلاّ لَدَيْهِ * خَبَرُ الكائِناتِ مِنْ مُبْتَداها
فاضَ لِلْخَلْقِ مِنْهُ عِلْمٌ وَحِلْمٌ * أَخَذَتْ مِنْهُما العُقُولُ نُهاها
نَوَّهَتْ بِاسْمِهِ السَّماواتُ وَالأ * رْضُ كَما نَوَّهَتْ بِصُبْحٍ ذُكاها
وَغَدَتْ تَنْشُرُ الفَضائِلَ عَنْهُ * كُلُّ قَوْمٍ عَلى اخْتِلافِ لُغاها
طَرِبَتْ لاسْمِهِ الثَّرى فَاسْتَطالَتْ * فَوْقَ عُلْوِيَّةِ السَّماء سُفْلاها
جازَ مِنْ جَوْهَرِ التَّقْدُّسِ ذاتاً * تاهَتِ الأَنْبِياءِ فِي مَعْناها
لاتُجِلْ فِي صِفاتِ أَحْمَدَ فِكْراً * فَهِي الصُّورَةُ الَّتِي لَنْ تَراها
أَيُّ خَلْقٍ للهِ أَعْظَمُ مِنْهُ * وَهُوَ الغايَةُ الَّتِي اسْتَقْصاها
قَلَّبَ الخافِقِيْنِ ظَهْراً لِبَطْنٍ * فَرَأى ذاتَ أَحْمَدَ فَاجْتَباها
لَسْتُ أَنْسى لَهُ مَنازِلَ قُدْسٍ * قَدْ بَناها التُّقى فَأَعْلى بِناها
وَرِجالاً أَعِزَّةً فِي بُيُوتٍ * أَذِنَ الله أَنْ يُعَزَّ حِماها
سادَةٌ لاتُريدُ إِلاّ رِضىَ اللهِ * كَما لايُريدُ إِلاّ رِضاها
خَصَّها مِنْ كَمالِهِ بِالمعانِي * وَبِأَعْلى أَسْمائِهِ سَمَّاها
لَمْ يَكُونُوا لِلْعَرْشِ إِلاّ كُنُوزاً * خافِياتٍ سُبْحانَ مَنْ أَبْداها
كَمْ لَهُمْ أَلْسُنٌ عَنْ الله تُنْبِي * هِيَ أَقْلامُ حِكْمَةٍ قَدْ بَراها
وَهُمُ الاَعْيُنُ الصَّحِيحاتُ تَهْدِى * كُلَّ عَيْنٍ مَكْفُوفَةٍ عَيْناها
عُلَماءٌ أَئِمَّةٌ حُكَماءٌ * يَهْتَدِي النَّجْمُ بِاتِّباعِ هُداها
قادَةً عِلْمُهُمْ وَرأيُ حِجاهُمْ * مَسْمَعاً كُلِّ حِكْمَةٍ مَنْظَراها
ما أُبالِي وَلَوْ أُهِيلَتْ عَلى الأ * رْضِ السَّماواتُ بَعْدَ نَيْلِ وِلاها
في ذكر سائر الزيارات في المدينة الطيبة نقلاً عن ( مصباح الزائر ) وغيره . .
المصدر: مفاتيح الجنان: 495.
الخلاصة
إن الشيخ عباس القمي (قدس سره) ينقل في كتابه مفاتيح الجنان زيارة لأئمة البقيع (عليهم السلام) ثم يذكر قصيدة للشيخ الآزري في رثاء أئمة البقيع (عليهم السلام).