- الإسلام
- القرآن
- النبي وأهل بيته
- الشيعة
- الأسرة
- أسئلة وأجوبة
- الدعاء وشروط استجابته
- وقت المطالعة : 4 دقیقة
- بواسطة : امین نجف
- 0 تعليق
المولد والنشأة
ولدت عام ۱۹۶۹ م في ألمانيا بمدينة “برمن”، ونشأت في أسرة تنتمي في الظاهر إلى الديانة المسيحيّة، ولكنّها في الواقع الخارجيّ وحياتها اليوميّة كانت بعيدة كلّ البعد عن الالتفات إلى الجانب الدينيّ والمعنويّ.
التربية الدينيّة الأولى:
تقول “جليكه”: كان أبي ينظر إلى الدين بأنّه مجرّد طقوس عرفيّة، يقوم بها الإنسان مماشاة مع الوضعيّة الاجتماعيّة السائدة، ولهذا أخذني أبي وأنا صغيرة إلى التعميد، وحينما كنت في الثانية عشر من عمري سجّل اسمي في الصفوف الدينيّة التي كانت تقام في الكنيسة.
وكان مجموع عددنا في الصف ثلاثين طالبة، وكنت أنا وستّ عشرون طالبة أخرى لا نستسيغ بعض المفاهيم الدينيّة التي تلقى علينا، منها أنّ المعلّم كان يقول بأنّ الإنسان يولد وتحيط به الخطيئة التي ارتكبها آدم فلابدّ أن يعمّد الطفل لتزول هذه الخطيئة عنه، فكان وجداننا يرفض هذه الفكرة، وكنّا نقول ماذنب هذا الطفل لتلحقه لعنة الربّ نتيجة خطأ آبائه، وما ذنب الطفل الذي لا يعمّده أبواه، أو الطفل الذي يموت قبل التعميد، وبأيّ جرم يحرق هذا الطفل في نار جهنّم؟!
وكنّا نقول: أليس الله بأرحم الراحمين، وهو العطوف الرحيم.. فلماذا تنسب إليه الأفعال التي لا تتلاءم مع هذه الصفات.
كما كنّا لا نستسيغ تناول الخبز والشراب الذي كان يعتبر بمنزلة جسم المسيح ودمه، فكنّا نقول: إنّ هذا التصوّر هو أشبه ما يكون بأفعال الطوائف المتوحّشة. وهكذا كانت تتجمّع الاستفهامات والأسئلة في أذهاننا من دون أن نجد سبيلاً إلى حلّها حتّى انتهى بنا الأمر إلى جحد الدين المسيحيّ، ورفضه في العمل، والاستهزاء به، واعتباره مجرّد أفكار بالية ورثناها من القرون الوسطى.
فلهذا قرّرنا عدم مواصلة الدراسة، وأنا بدوري ألححت على والدي ليفسح لي مجال عدم الذهاب إلى هذه الصفوف، فقبل أبي ذلك، فتركت تلك الصفوف إلى غير رجعة.
مرحلة التيه والضياع:
تقول “جليكه”: وبقيت على هذا المنوال حتّى بلغت الثامنة عشر من العمر، فشعرت حينها بتيه وضياع، فكنت دوماً أسأل نفسي: لأيّ هدف ولدنا؟ ومن جاء بنا إلى هذه الدنيا؟ وما هو المسار الصحيح الذي لا بدّ أن ننتهجه في الحياة.
واستمرّت بي هذه الحالة فترة طويلة حتّى تركت أثرها السلبي على نفسي فاعترتني حالة القلق والتوتّر والانهيار وأحسست بضرورة التوجّه إلى مصدر يجيب علن هذه الأسئلة لأتمكّن من إنقاذ نفسي من تأنيب الضمير ومن الألم الذي يحفّزني للبحث عن العلاج.
فتوجّهت إلى دراسة الأديان والمذاهب فطالعت كتب عديدة حول البروتستانت والبوذيّة والمذاهب الهنديّة، فلم أجد بغيتي فيها، أمّا الإسلام فلم أقترب منه; لأنّني تأثّرت بالإعلام المضادّ للإسلام، كنت أعتبر الإسلام دين السيف والدم والعنف، ودين تحقير المرأة وكبت حرّيّاتها، ولهذا لم أجد في نفسي دافعاً تجاه هذا الدين.
وهكذا بمرور الزمن وبعد الكثير من بذل الجهد والمطالعة لم استطع الوصول إلى منهج فكريّ يشفي غليلي، ويخمد نيران اضطرابي، ويهدّىء توتري، ويسكّن آلامي، فلمّا لم أتمكّن من معالجة هذا الداء توجّهت إلى تخديره، وإزالة أثره باللهو واللعب، والالتجاء إلى ماينسيني الأفكار التي كانت تدفعني للبحث عن الحقّ فالتجأت إلى اللهو واللعب والغناء والرقص وتناول الكحول، فكنت أمضي أوقات فراغي في الديسكو لاهية لا أفكّر بشيء يكدّر صفو حياتي العابثة.
بداية التعرّف على الإسلام:
واستمر بي الوضع على هذه الحالة حتّى صادف أن تعلّق قلبي بشابّ كان يحضر في الديسكو، فاشتدّت صداقتي به بمرور الزمان، فلمّا تعرّفت عليه كثيراً اعترتني الدهشة حينما علمت أنّه من المسلمين، واستغربت كثيراً من هذا الأمر، ولكنّني لم أجد في سلوكه أمراً يغاير ما أنا عليه، سوى أنّه كان يتجنّب أكل لحم الخنزير وتناول الكحول والخمر، ولكنّني بعد مضي فترة عرفت أنّه غير ملتزم بالإسلام، ولا يعرف من الإسلام سوى بعض المفاهيم العابرة التي طرقت سمعه من هنا وهناك، فزالت الحسّاسية بيني وبينه.
ولكن تبيّن لي بعد ذلك أنّ أباه وأمّه عائلة ملتزمة بالدين الإسلاميّ، فلهذا كنت خائفة في ذلك اليوم الذي كنت أريد أن أذهب مع صديقي إلى بيتهم، وكنت أخشى أن ينهالوا عليّ بالسبّ والشتم والإهانة، ولكن لمّا ذهبنا إلى بيتهم كان الأمر بخلاف ما كنت أتوقّع، فلم يتعرّض لي أحد، بل تعاملوا معي برفق ومحبّة، وإنّما واجه صديقي بعض العتاب من قبل أبيه وأمّه لصداقته معي.
وبمرور الزمان اشتدّت صلتي بعائلة صديقي المسلم، فكنت أرى في سيمائهم الهدوء والطمأنينة والسكينة وكنت أُلاحظ في نفوسهم الرضا والقناعة.
فاستغربت من نفسي وقلت: لماذا لا أتمتّع أنا بالراحة النفسيّة كما يتمتّع هؤلاء رغم أنّ الكثير من أمور الرفاهية المتوفّرة عندي غير متوفّرة عندهم. ومن هذا المنطلق دفعني حبّ الاستطلاع للبحث عن الأسباب التي أدّت إلى استقرارهم النفسي. فحاولت أن أُكثر الاختلاط بهم وأن أتأمّل في سيرة حياتهم، كما كنت كثيراً ما أوجّه لهم الأسئلة التي كانت تثار في نفسي، وهكذا بالتدريج شغفت بمعرفة الفكر الإسلاميّ، فكانت خطوتي الأولى هي قراءة القرآن المترجم إلى اللغة الألمانيّة، فكنت كلّما أقرأ منه أشعر بالطمأنينة والاستقرار، وهكذا استمرّ الأمر حتّى أحسست أنّني قد وجدت ضالّتي التي كنت أبحث عنها طيلة السنوات الماضية، فكان القرآن سبباً لأتعرّف على التوحيد الخالص، ومن هذا المنطلق عرفت ربّي فتوجّهت إليه، وسألته لينقذني ممّا أنا فيه فاستجاب الله دعائي فرفع عنّي بعض الحجب التي كانت تمنع بصيرتي من رؤية الحقّ، فهنالك استقرّ بي النوى، فاعتنقت الإسلام وفق مذهب أهل البيت(عليهم السلام) وتوجّهت إلى الله بكلّ وجودي.
مضايقات بعد الاستبصار:
تقول “جليكه”: كان إسلامي، مفاجأة لأبي وأمّي، فاستغرب أبي كثيراً من إسلامي، فواجهني بشدّة، وبذل أقصى جهده ليصرفني عن تغيير انتمائي الديني، فكان يحاول أن يحاربني نفسيّاً لأضطرّ إلى ترك معتقدي الجديد.
ولم يكن هذا الموقف موقف أبي فحسب، بل كان ذلك موقف معظم الذين سمعوا بإسلامي، وليس ذلك إلاّ نتيجة الدعايات المضادّة والإعلام المضاد الذي يستخدمه المغرضون للإطاحة بالإسلام.
ولكن رغم كلّ هذه المضايقات التي واجهتها لم يضعف إيماني بالله وبدينه وشريعته قيد أنملة، بل كنت ازداد كلّ يوم إيماناً وبصيرة نتيجة تمعّني بوضعنا الاجتماعي المتردّي; لأنّ وضع المرأة عندنا وضع سلعة بيد هذا وذاك يتاجرون بجسمها وجمالها الخارجي تمشية لمصالحهم الخاصّة، وهذا ما أدّى بالمرأة إلى انهيار بنيان أسرتها، وزوال عفّتها، وتحميلها أمراً أكبر من طاقتها، فجعلها بذلك تعيش الكآبة والعديد من الأمراض النفسيّة الأخرى.
ويا له من انحطاط تشهده ساحتنا الاجتماعيّة نتيجة ابتعادها عن ربّها، ونتيجة عدم تمسّكها بالشريعة التي فرضها الله على العباد، فالإحصائيّات تبدي أرقاماً هائلة من حالات إدمان الشباب للموادّ المخدّرة، أو حالات الانتحار، أو ارتكاب الجرائم والعنف والاعتداء على النساء والأطفال.
معنى الحريّة:
وتضيف “جليكة”: والباعث للاستغراب أنّ جميع هذه الأمور إنّما تُرتكب باسم الحرّيّة، ويا لها من جهالة حينما يعتبر هؤلاء أنّ منطلق ما يقومون به هو الحرّية!
فهم يعيشون حالة الأسر بين مخالب الهوى والميول والشهوات والرذائل، ثمّ يعتبرون أنفسهم أحراراً، فلا معنى للحرّيّة إذا كان الإنسان أسيراً بيد أهوائه، ولا معنى للحرّيّة إذا كان الإنسان لا قدرة له على إصلاح نفسه وتهذيبها من الشوائب، وإنّما الحرّ هو المتمكّن من ضبط رغباته وسلوكه; لئلاّ تطغى فتخلّ بتوازنه النفسيّ، والحرّ هو المتمكّن من تحرير نفسه من الرذائل والشهوات البذيئة والأهواء الطائشة، وأملي أن يتثقّف الجميع بالثقافة الإلهيّة; ليتمكّنوا بعدها من إنقاذ أنفسهم من الانحطاط والتسافل والتحرّر من شباك الغفلة والجهل.