- الإسلام
- القرآن
- النبي وأهل بيته
- الشيعة
- الأسرة
- أسئلة وأجوبة
- الدعاء وشروط استجابته
- وقت المطالعة : 15 دقیقة
- بواسطة : امین نجف
- 0 تعليق
ملك بني العبّاس وزواله
60 – الكامل للمبرّد – في ذكر ولادة عليّ بن عبد الله بن عبّاس – : أنّ الإمام أخذه فحنّكه ودعا له ، ثمّ ردّه إليه ، وقال : خذه إليك أبا الأملاك ، قد سمّيته عليّاً ، وكنّيته أبا الحسن ( 96 ) .
61 – الإمام عليّ ( عليه السلام ) : يا بن عبّاس ، إنّ ملك بني أُميّة إذا زال فأوّل ما يملك من بني هاشم ولدك ، فيفعلون الأفاعيل ( 97 ) .
62 – الفتن عن ابن عبّاس : قلت لعليّ بن أبي طالب ( رضي الله عنه ) : متى دولتنا يا أبا حسن ؟
قال : إذا رأيت فتيان أهلِ خراسان أصبتُم أنتم إثمها ، وأصبنا نحن بِرّها ( 98 ) .
63 – الإمام عليّ ( عليه السلام ) – في خطبته – : ويل هذه الأُمّة من رجالهم الشجرة الملعونة ، التي ذكرها ربّكم تعالى ! أوّلهم خضراء ، وآخرهم هزماء ، ثمّ يلي بعدهم أمر أُمّة محمّد رجال ، أوّلهم أرأفهم ، وثانيهم أفتكهم ، وخامسهم كبشهم ، وسابعهم أعلمهم ، وعاشرهم أكفرهم ، يقتله أخصّهم به ، وخامس عشرهم كثير العناء قليل الغناء ، سادس عشرهم أقضاهم للذمم وأوصلهم للرحم ، كأنّي أرى ثامن عشرهم تفحص رجلاه في دمه بعد أن يأخذ جنده بكظمه ، من ولده ثلاثة رجال سيرتهم سيرة الضلال ، والثاني والعشرون منهم الشيخ الهرم ، تطول أعوامه ، وتوافق الرعيّة أيّامه ، والسادس والعشرون ( 99 ) منهم يشرد الملك منه شرود المنفتق ، ويعضده الهزرة ( 100 ) المتفيهق ( 101 ) ، لكأنّي أراه على جسر الزوراء قتيلا ( ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ يَدَاكَ وَأَنَّ اللهَ لَيْسَ بِظَلَّام لِّلْعَبِيدِ ) ( 102 ) ( 103 ) .
64 – عنه ( عليه السلام ) : كأنّي أرى رجلا من بني عبّاس يُنحر كما ينحر الإبل ، ولا يقدر أن يدفع عن نفسه ، ويلٌ له ثمّ ويلٌ له ! ما أذلّه لمّا ولّى عن أمر ربّه ، وأقبل إلى الدنيا الدنيّة ! – إلى أن قال – : لو شئت عن أسمائهم وكنيهم ومواضع قتلهم لأخبرت ( 104 ) .
65 – عنه ( عليه السلام ) : إنّ ملك ولد بني العبّاس من خراسان يقبل ، ومن خراسان يذهب ( 105 ) .
فتنة القرامطة ( 106 )
قال ابن أبي الحديد في شرح الخطبة 176 من نهج البلاغة : ” . . . والله لو شئت أن أُخبر كلّ رجل منكم بمخرجه ومولجه وجميع شأنه لفعلت . . . ” تحت عنوان :
” جملة من إخبار عليّ بالأُمور الغيبيّة ” :
وقد ذكرنا فيما تقدّم من إخباره ( عليه السلام ) عن الغيوب طرفاً صالحاً ، ومن عجيب ما وقفت عليه من ذلك قوله في الخطبة التي يذكر فيها الملاحم ، وهو يشير إلى القرامطة : ” ينتحلون لنا الحبّ والهوى ، ويضمرون لنا البغض والقلى ، وآية ذلك قتلهم ورّاثنا ، وهجرهم أحداثنا ” ( 107 ) .
وصحّ ما أخبر به ؛ لأنّ القرامطة قتلت من آل أبي طالب ( عليه السلام ) خلقاً كثيراً ، وأسماؤهم مذكورة في كتاب ” مقاتل الطالبيّين ” لأبي الفرج الأصفهاني .
ومرّ أبو طاهر سليمان بن الحسن الجنابي في جيشه بالغري ( 108 ) وبالحاير ( 109 ) ،
فلم يعرّج على واحد منهما ولا دخل ولا وقف .
وفي هذه الخطبة قال – وهو يشير إلى السارية التي كان يستند إليها في مسجد الكوفة – : ” كأنّي بالحجر الأسود منصوباً هاهنا . ويحهم ! إنّ فضيلته ليست في نفسه ، بل في موضعه وأُسسه ، يمكث هاهنا برهة ، ثمّ هاهنا برهة – وأشار إلى البحرين – ثمّ يعود إلى مأواه وأُمّ مثواه ” .
ووقع الأمر في الحجر الأسود . بموجب ما أخبر به ( عليه السلام ) ( 110 ) .
فتنة المغول
66 – الإمام عليّ ( عليه السلام ) – في وصف الأتراك – : كأنّي أراهم قوماً كأنّ وجوههم المجانّ المطرّقة ، يلبسون السرق ( 111 ) والديباج ، ويعتقبون الخيل العتاق ، ويكون هناك استحرار قتل حتى يمشي المجروح على المقتول ، ويكون المُفلت أقلّ من المأسور ! ( 112 ) .
67 – كشف اليقين : قال الحلّي – في بيان إخبار عليّ ( عليه السلام ) بالمغيّبات – : ومن ذلك : إخباره بعمارة بغداد ، وملك بني العبّاس ، وذكر أحوالهم ، وأخذ المغول الملك منهم .
رواه والدي ( رحمه الله ) وكان ذلك سبب سلامة أهل الحلّة والكوفة والمشهدين الشريفين من القتل ؛ لأنّه لمّا وصل السلطان هولاكو إلى بغداد قبل أن يفتحها هرب أكثر أهل الحلّة إلى البطائح ( 113 ) إلاّ القليل ، وكان من جملة القليل والدي ( رحمه الله ) والسيّد مجد الدين ابن طاووس والفقيه ابن أبي العزّ ، فأجمع رأيهم على مكاتبة السلطان بأنّهم مطيعون داخلون تحت الإيلية ( 114 ) ، وأنفذوا به شخصاً أعجمياً .
فأنفذ السلطان إليهم فرماناً مع شخصين أحدهما يقال له : تُكلم ، والآخر يقال له : علاء الدين ، وقال لهما : إن كانت قلوبهم كما وردت به كتبهم فيحضرون إلينا ، فجاء الأميران ، فخافوا لعدم معرفتهم بما ينتهي الحال إليه ، فقال والدي ( رحمه الله ) : إن جئت وحدي كفى ، فقالا : نعم ، فأصعد معهما .
فلمّا حضر بين يديه ، وكان ذلك قبل فتح بغداد وقبل قتل الخليفة ، قال له :
كيف أقدمتم على مكاتبتي والحضور عندي قبل أن تعلموا ما ينتهي إليه أمري وأمر صاحبكم ؟ وكيف تأمنون إن صالحني ورحلتُ نقمتَه ؟ .
فقال له والدي : إنّما أقدمنا على ذلك ؛ لأنّا روينا عن إمامنا عليّ بن أبي طالب ( عليه السلام ) أنّه قال في بعض خطبه : الزوراء وما أدراك ما الزوراء ؟ ! أرض ذات أثل ( 115 ) يشيّد فيها البنيان ، ويكثر فيها السكّان ، ويكون فيها مهارم وخزّان ، يتّخذها ولد العبّاس موطناً ، ولزخرفهم مسكناً ، تكون لهم دار لهو ولعب ، يكون بها الجور الجائر ، والحيف المحيف ، والأئمّة الفجرة ، والقرّاء الفسقة ، والوزراء الخونة ، تخدمهم أبناء فارس والروم .
لا يأتمرون بينهم بمعروف إذا عرفوه ، ولا ينتهون عن منكر إذا أنكروه ، تكتفي الرجال منهم بالرجال ، والنساء بالنساء ، فعند ذلك الغمّ الغميم ، والبكاء الطويل ، والويل والعويل لأهل الزوراء من سطوات الترك ، وما هم الترك ؟ قوم صغار الحدق ، وجوههم كالمجان المطرّقة ، لباسهم الحديد ، جردٌ مردٌ ، يقدمهم ملك يأتي من حيث بدا ، ملكهم جهوري الصوت ، قويّ الصولة ، عالي الهمّة ، لا يمرّ بمدينة إلاّ فتحها ، ولا ترفع له راية إلاّ نكسها ، الويل الويل لمن ناواه ! فلا يزال كذلك حتى يظفر .
فلمّا وصف لنا ذلك ، ووجدنا الصفات فيكم ، رجوناك فقصدناك . فطيّب قلوبهم ، وكتب لهم فرماناً باسم والدي ( رحمه الله ) يطيّب فيه قلوب أهل الحلّة وأعمالها .
والأخبار الواردة في ذلك كثيرة ( 116 ) .
ما يأتي على مدينة البصرة
68 – الإمام عليّ ( عليه السلام ) – في خطبة ذكر فيها أحوال الناس المقبلة – : فتن كقطع الليل المظلم ، لا تقوم لها قائمة ، ولا تُردّ لها راية ، تأتيكم مزمومة مرحولة :
يحفزها قائدها ، ويجهدها راكبها ، أهلها قوم شديد كَلَبُهم ( 117 ) ، قليل سلبهم ، يجاهدهم في سبيل الله قوم أذلّة عند المتكبّرين ، في الأرض مجهولون ، وفي السماء معرفون . فويل لك يا بصرة عند ذلك ، من جيش من نقم الله ! لا رهج ( 118 ) له ولا حسّ ، وسيُبتلى أهلك بالموت الأحمر ، والجوع الأغبر ( 119 ) .
69 – عنه ( عليه السلام ) – في وصف مدينة البصرة – : وأيم الله ، ليأتينّ عليها زمان لا يرى منها إلاّ شرفات مسجدها في البحر مثل جؤجؤ السفينة ( 120 ) .
70 – نهج البلاغة – من كلام له ( عليه السلام ) في ذمّ أهل البصرة بعد وقعة الجمل – :
كأنّي بمسجدكم كجؤجؤ ( 121 ) سفينة ، قد بعث الله عليها العذاب من فوقها ومن تحتها ، وغرق من في ضمنها .
وفي رواية : وأيم الله ، لتغرقنّ بلدتكم حتى كأنّي أنظر إلى مسجدها كجؤجؤ سفينة ، أو نعامة جاثمة .
وفي رواية : كجؤجؤ طير في لُجّة بحر .
وفي رواية أُخرى : كأنّي أنظر إلى قريتكم هذه قد طبّقها الماءُ حتى ما يُرى منها إلاّ شرف المسجد ، كأنّه جؤجؤ طير في لُجّة بحر ( 122 ) .
قال ابن أبي الحديد : والصحيح أنّ المخبر به قد وقع ، فإنّ البصرة غرقت مرّتين : مرّة في أيّام القادر بالله ، ومرّة في أيّام القائم بأمر الله ، غرقت بأجمعها ولم يبق منها إلاّ مسجدها الجامع بارزاً بعضه كجؤجؤ الطائر ، حسب ما أخبر به أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، جاءها الماء من بحر فارس من جهة الموضع المعروف الآن بجزيرة الفرس ، ومن جهة الجبل المعروف بجبل السنام ، وخربت دورها ، وغرق كلّ ما في ضمنها ، وهلك كثير من أهلها .
وأخبار هذين الغرقين معروفة عند أهل البصرة ، يتناقلها خلفهم عن سلفهم ( 123 ) .
71 – عنه ( عليه السلام ) – فيما يخبر به عن الملاحم بالبصرة – : يا أحنف ، كأنّي به وقد سار بالجيش الذي لا يكون له غبار ولا لَجَب ( 124 ) ، ولا قَعْقَعَة ( 125 ) لجم ، ولا حَمْحَمة خيل ، يثيرون الأرض بأقدامهم كأنّها أقدام النعام ( 126 ) .
– ثمّ قال ( عليه السلام ) : – ويل لسَكَكِكُم العامرة ، والدور المزخرفة التي لها أجنحة كأجنحة النسور ، وخراطيم كخراطيم الفيَلة ! من أُولئك الذين لا يُندب قتيلُهم ، ولا يُفقد غائبهم . أنا كابُّ الدنيا لوجهها ، وقادرها بقدرها ، وناظرها بعينها ( 127 ) .
غلبة الحقّ على الباطل في آخر الزمان
72 – الإمام عليّ ( عليه السلام ) : لتعطفنّ الدنيا علينا بعد شماسها ( 128 ) عطف الضروس ( 129 ) على ولدها – وتلا عقيب ذلك – : ( وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُواْ فِي الأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ ) ( 130 ) ( 131 ) .
73 – عنه ( عليه السلام ) : ليخرجنّ رجل من ولدي عند اقتراب الساعة حين تموت قلوب المؤمنين كما تموت الأبدان ، لما لحقهم من الضرّ والشدّة والجوع والقتل ، وتواتر الفتن والملاحم العظام ، وإماتة السنن وإحياء البدع ، وترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، فيُحي الله بالمهدي محمّد بن عبد الله السنن التي قد أُميتت ، ويسرّ بعدله وبركته قلوب المؤمنين ، وتتألّف إليه عصب من العجم وقبائل من العرب ، فيبقى على ذلك سنين ( 132 ) .
74 – عنه ( عليه السلام ) – في خطبة له ذكر فيها رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) – : وخلّف فينا راية الحقّ ، مَن تقدّمها مَرَق ، ومن تخلّف عنها زَهَق ، ومن لَزِمها لَحِق ، دليلها مَكِيث ( 133 ) الكلام ، بطيء القيام ، سريعٌ إذا قام . فإذا أنتم ألنتم له رقابكم ، وأشرتم إليه بأصابعكم ، جاءه الموت فذهب به ، فلَبِثتم بعده ما شاء الله ، حتى يُطلِع الله لكم من يجمعكم ويَضُمّ نشْرَكم . فلا تطمعوا في غير مُقبِل ، ولا تيأسوا من مُدبِر . فإنّ المُدبِر عسى أن تزلّ إحدى قائمتيه ، وتثبت الأُخرى ، فترجعا حتى تثبتا جميعاً .
ألا إنّ مَثَلَ آل محمّد ( صلى الله عليه وآله ) كمثل نجوم السماء ؛ إذا خوى نجم طلع نجم ، فكأنّكم قد تكاملت من الله فيكم الصنائع ، وأراكم ما كنتم تأملون ( 134 ) .
75 – الغيبة للنعماني عن أبي وائل : نظر أمير المؤمنين عليّ ( عليه السلام ) إلى الحسين ( عليه السلام ) فقال : إن ابني هذا سيّد كما سمّاه رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) سيّداً ، وسيُخرج الله من صلبه رجلا باسم نبيّكم ، يشبهه في الخَلق والخُلق ، يخرج على حين غفلة من الناس ، وإماتة للحقّ وإظهار للجور ، والله لو لم يخرج لضربت عنقه ، يفرح بخروجه أهل السماوات وسكّانها ، وهو رجل أجْلَى الجَبين ( 135 ) ، أقْنَى الأنف ( 136 ) ، ضَخْم البطن ، أزْيَل الفخذين ( 137 ) ، بفخذه اليمنى شامة ، أفلج ( 138 ) الثنايا ، ويملأ الأرض عدلا كما مُلئت ظلماً وجوراً ( 139 ) .
76 – كمال الدين عن الحسين بن خالد عن الإمام الرضا عن آبائه عن الإمام عليّ ( عليهم السلام ) – للحسين ( عليه السلام ) – : التاسع من ولدك يا حسين هو القائم بالحقّ ، المُظهر للدِّين ، والباسط للعدل .
قال الحسين : فقلت له : يا أمير المؤمنين ، وإنّ ذلك لكائن ؟
فقال ( عليه السلام ) : إي والذي بعث محمّداً ( صلى الله عليه وآله ) بالنبوّة ، واصطفاه على جميع البريّة ، ولكن بعد غيبة وحيرة ، فلا يثبت فيها على دينه إلاّ المخلصون المباشرون لروح اليقين ، الذين أخذ الله عزّوجلّ ميثاقهم بولايتنا ، وكتب في قلوبهم الإيمان ، وأيّدهم بروح منه ( 140 ) .
77 – الإمام الصادق عن آبائه ( عليهم السلام ) : زاد الفرات على عهد أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، فركب هو وابناه الحسن والحسين ( عليهم السلام ) فمرّ بثقيف ، فقالوا : قد جاء عليٌّ يردّ الماء .
فقال عليّ ( عليه السلام ) : أما والله لأُقتلنّ أنا وابناي هذان ، وليبعثنّ الله رجلا من ولدي في آخر الزمان يطالب بدمائنا ، وليغيبنّ عنهم ، تمييزاً لأهل الضلالة ، حتى يقول الجاهل : ما لله في آل محمّد من حاجة ( 141 ) .
78 – نهج البلاغة – من خطبة له ( عليه السلام ) يومئ فيها إلى ذكر الملاحم – : يعطف الهوى على الهدى إذا عطفوا الهدى على الهوى ، ويعطف الرأي على القرآن إذا عطفوا القرآن على الرأي .
ومنها : حتى تقوم الحرب بكم على ساق بادياً نواجذها ، مملوءةً أخلافها ، حُلواً رضاعها ، علقماً عاقبتها . ألا وفي غد – وسيأتي غدٌ بما لا تعرفون – يأخذ الوالي من غيرها عُمّالها على مساوئ أعمالها ، وتُخرج له الأرض أفاليذ كبدها ، وتُلقي إليه سِلماً مقاليدها . فيُريكم كيف عدل السيرة ، ويُحيي ميّت الكتاب والسنّة ( 142 ) .
79 – الإمام عليّ ( عليه السلام ) – من خطبة له يومئ فيها إلى الملاحم – : فلا تستعجلوا ما هو كائنٌ مُرصَد ، ولا تستبطئوا ما يجيء به الغد ؛ فكم من مستعجل بما إن أدركه ودّ أنّه لم يدركه ، وما أقرب اليوم من تباشيرِ غد ! يا قوم ، هذا إبّان ورود كلّ موعود ، ودُنوٍّ من طَلعة ما لا تعرفون . ألا وإنّ من أدركها منّا ( 143 ) يسري فيها بسراج منير ، ويَحذو فيها على مثال الصالحين ، ليحُلّ فيها رِبْقاً ( 144 ) ، ويُعتق فيها رِقّاً ، ويَصدع شَعْباً ، ويشعَب صَدْعاً ( 145 ) ، في سُترة عن الناس لا يُبصر القائف أثره ولو تابع نظره . ثمّ ليُشحذنّ فيها قوم شحذ القَيْن ( 146 ) النصلَ . تُجلى بالتنزيل أبصارهم ، ويُرمى بالتفسير في مسامعهم ، ويُغبقون كأس الحكمة بعد الصَّبوح ( 147 ) .
80 – الإمام الصادق ( عليه السلام ) : خطب أمير المؤمنين ( عليه السلام ) بالمدينة ، فحمد الله وأثنى عليه وصلّى على النبيّ وآله ، ثمّ قال :
أمّا بعد ، فإنّ الله تبارك وتعالى لم يقصم جبّاري دهر إلاّ من بعد تمهيل ورخاء ، ولم يجبر كسر عظم من الأُمم إلاّ بعد أزل ( 148 ) وبلاء . أيّها الناس في دون ما استقبلتم من عطب واستدبرتم من خطب معتبر ، وما كلُّ ذي قلب بلبيب ، ولا كلُّ ذي سمع بسميع ، ولا كلُّ ذي ناظر عين ببصير .
عباد الله ! أحسنوا فيما يعنيكم النظر فيه ، ثمّ انظروا إلى عرصات من قد أقاده الله بعلمه ، كانوا على سنّة من آل فرعون أهل جنّات وعيون وزروع ومقام كريم ، ثمّ انظروا بما ختم الله لهم بعد النضرة والسرور والأمر والنهي ، ولمن صبر منكم العاقبة في الجنان والله مخلّدون ولله عاقبة الأُمور .
فيا عجباً ومالي لا أعجب من خطأ هذه الفرق على اختلاف حججها في دينها ! لا يقتصّون أثر نبيّ ، ولا يقتدون بعمل وصي ، ولا يؤمنون بغيب ، ولا يعفون عن عيب ، المعروف فيهم ما عرفوا ، والمنكر عندهم ما أنكروا ، وكلُّ امرئ منهم إمام نفسه ، آخذ منها فيما يرى بِعُرىً وثيقات ، وأسباب محكمات .
فلا يزالون بِجَور ، ولن يزدادوا إلاّ خطأ ، لا ينالون تقرُّباً ولن يزدادوا إلاّ بعداً من الله عزّوجلّ ، أُنس بعضهم ببعض وتصديق بعضهم لبعض ، كلّ ذلك وحشةً ممّا ورَّث النبيُّ الأُمّي ( صلى الله عليه وآله ) ، ونفوراً ممّا أدّى إليهم من أخبار فاطر السماوات والأرض ، أهل حسرات ، وكهوف شبهات ، وأهل عشوات وضلالة وريبة ، من وكله الله إلى نفسه ورأيه فهو مأمون عند من يجهله ، غير المتّهم عند من لا يعرفه ، فما أشبه هؤلاء بأنعام قد غاب عنها رعاؤها .
ووا أسفا من فعلات شيعتي ! من بعد قرب مودّتها اليوم ، كيف يستذلُّ بعدي بعضها بعضاً ؟ وكيف يقتل بعضها بعضاً ؟ المتشتّة غداً عن الأصل النازلة بالفرع ، المؤمّلة الفتح من غير جهته ، كلُّ حزب منهم آخذ منه بغصن ، أينما مال الغصن مال معه ، مع أنّ الله – وله الحمد – سيجمع هؤلاء لشرّ يوم لبني أُميّة كما يجمع قَزع الخريف يؤلّف الله بينهم ، ثمّ يجعلهم ركاماً كركام السحاب ، ثمّ يفتح لهم أبواباً يسيلون من مستثارهم كسيل الجنّتين ، سيل العرم حيث بعث عليه فارة ، فلم يثبت عليه أكمة ، ولم يردَّ سننه رضّ طود ، يذعذعهم الله في بطون أودية ، ثمّ يسلكهم ينابيع في الأرض ، يأخذ بهم من قوم حقوق قوم ، ويُمكّن بهم قوماً في ديار قوم ، تشريداً لبني أُميّة ، ولكيلا يغتصبوا ما غصبوا ، يضعضع الله بهم ركناً ، وينقض بهم طيَّ الجنادل من إرم ، ويملأ منهم بطنان الزيتون .
فو الذي فلق الحبّة وبرأ النسمة ! ليكوننّ ذلك وكأنّي أسمع صهيل خيلهم وطمطمة رجالهم . وأيم الله ليذوبنَّ ما في أيديهم بعد العلوِّ والتمكين في البلاد كما تذوب الألية على النار ، من مات منهم مات ضالاًّ ، وإلى الله عزّوجلّ يفضي منهم من درج ، ويتوب الله عزّ وجلَّ على من تاب . ولعلّ الله يجمع شيعتي بعد التشتّت لشرّ يوم لهؤلاء ! وليس لأحد على الله عزّ ذكره الخيرة بل لله الخيرة والأمر جميعاً ( 149 ) .
علم الإمام بما يكون إلى يوم القيامة
81 – الإمام عليّ ( عليه السلام ) – في خطبة له ينبّه على فضله وعلمه ، ويبيّن فتنة بني أُميّة – : أمّا بعد . . . أيّها الناس ! فإنّي فقأت عين الفتنة ، ولم يكن ليجترئ عليها أحد غيري بعد أن ماج غَيْهَبها واشتد كلَبُها . فاسألوني قبل أن تفقدوني ؛ فوالذي نفسي بيده لا تسألوني عن شيء فيما بينكم وبين الساعة ، ولا عن فئة تهدي مائة وتُضلّ مائة إلاّ أنبأتكم بناعقها وقائدها وسائقها ، ومُناخ ركابها ومحطّ رحالها ، ومن يُقتل من أهلها قتلا ، ومَن يموت منهم موتاً ( 150 ) .
ــــــــــــــــــــــــــــ
( 96 ) الكامل للمبرّد : 2 / 756 .
( 97 ) الفضائل لابن شاذان : 120 ، كتاب سليم بن قيس : 2 / 916 / 66 .
( 98 ) الفتن : 1 / 201 / 547 .
( 99 ) في هامش المناقب لابن شهر آشوب : 2 / 276 ، ملخّص ما ذكره العلاّمة المجلسي : إنّ بني العبّاس أوّلهم : السفّاح وهو أرأفهم ، وثانيهم : المنصور وهو أفتكهم أي أكثرهم قتلا للناس خدعةً ومكراً ، وخامسهم : الرشيد وهو كبشهم حيث استقرّ ملكه ، وسابعهم : المأمون وهو أعلمهم ، وعاشرهم : المتوكّل وهو أكفرهم لشدّة نصبه وقَتله أخصّ غلمانه ، وخامس عشرهم : المعتمد ؛ وكثرة عنائه كان من جهة اشتغاله في أكثر أيّامه بمحاربة صاحب الزنج ، وسادس عشرهم : المعتضد ؛ قضى عهده في صِلة العلوّيين بعدما رأى في منامه أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، وثامن عشرهم : المقتدر ؛ خرج عليه مؤنس الخادم وحاربه وقتل في المعركة ببغداد ثمّ استولى الخلافة ثلاثة من ولده : الراضي ، والمتّقي ، والمطيع .
وأمّا الثاني والعشرون منهم : فهو المكتفي بالله ، لكن لمّا كان أيّام ملكه قليلة احتمل العلاّمة المجلسي الخطأ للناسخ أو السهو للراوي ، وكون المذكور إمّا القادر بالله أو القائم بأمر الله ، والأوّل عمّر ستّاً وثمانين سنة ، ومدّة خلافته إحدى وأربعون ، والثاني عمّر ستّاً وسبعين سنة ، ومدّة خلافته أربع وأربعون ، واستظهر كون السادس والعشرين : المستعصم مع كونه السابع والثلاثين من ملوكهم ، ووجه المراد بأنّهم بهذه العدّة من عظمائهم أو في هذه الطبقات من أولاد العبّاس ( راجع تمام الكلام في بحار الأنوار : 41 / 323 ) .
( 100 ) رجلٌ هِزْر : مغبون أحمق يطمع به ( لسان العرب : 5 / 263 ) .
( 101 ) المُتفيهق : الذي يتوسّع في كلامه ويفهق به فمه ( لسان العرب : 10 / 314 ) .
( 102 ) الحجّ : 10 .
( 103 ) المناقب لابن شهر آشوب : 2 / 276 ، بحار الأنوار : 41 / 322 / 45 .
( 104 ) إحقاق الحقّ : 8 / 168 .
( 105 ) المناقب لابن شهر آشوب : 2 / 275 ، بحار الأنوار : 41 / 320 / 44 .
( 106 ) يرجع مذهب القرامطة إلى كبيرهم الحسن بن بهرام الجنابي ، أبو سعيد ، كان دقّاقاً من أهل جنابة بفارس ، ونفي فيها فأقام في البحرين تاجراً ، وجعل يدعو العرب إلى نحلتهم فعظم أمره ؛ فحاربه الخليفة مظفّر الحسن وصافاه المقتدر العبّاسي ؛ وكان أصحابه يسمّونه السيّد . استولى على هجر والأحساء والقطيف وسائر بلاد البحرين ؛ وكان شجاعاً ؛ داهية ، قتله خادم له صقلبي في الحمّام بهجر ، سنة ( 301 ه ) ( شرح نهج البلاغة : 10 / 13 الهامش ) .
( 107 ) الكتب التي أوردت هذا الحديث نقَلَته من شرح نهج البلاغة ، ولم نعثر على مصدر آخر لهذا الحديث .
( 108 ) الغري : بظاهر الكوفة قرب قبر عليّ بن أبي طالب ( رضي الله عنه ) ( معجم البلدان : 4 / 196 ) .
( 109 ) الحائر : قبر الحسين بن عليّ ( رضي الله عنه ) ( معجم البلدان : 2 / 208 ) .
( 110 ) شرح نهج البلاغة : 10 / 13 .
( 111 ) سَرَقَة : قِطعة من جَيّد الحرير ، وجمعها سَرَق ( النهاية : 2 / 362 ) .
( 112 ) نهج البلاغة : الخطبة 128 .
( 113 ) البَطَائح : جمع بطيحة وهي أرض واسعة في جنوب العراق بين واسط والبصرة ، كانت قديماً قرى متّصلة ( راجع معجم البلدان : 1 / 450 ) .
( 114 ) الإيالة : السياسة ، يقال : فلان حَسن الإيَالة وسَيئ الإيالة : ( النهاية : 1 / 85 ) .
( 115 ) الأثل : شَجَرٌ شبيه بالطَّرْفَاء إلاّ أنّه أعظم منه ( النهاية : 1 / 23 ) .
( 116 ) كشف اليقين : 100 / 93 .
( 117 ) الكَلَب : الشرّ والأذى ( انظر لسان العرب : 1 / 723 ) .
( 118 ) الرهج : الغُبَار ( النهاية : 2 / 281 ) .
( 119 ) نهج البلاغة : الخطبة 102 .
( 120 ) الأخبار الطوال : 152 .
( 121 ) الجؤجؤ : الصَّدر ( النهاية : 1 / 232 ) .
( 122 ) نهج البلاغة : الخطبة 13 .
( 123 ) شرح نهج البلاغة : 1 / 253 .
( 124 ) اللَّجَب : الصوت والصياح والجَلَبة ( لسان العرب : 1 / 735 ) .
( 125 ) تَقَعْقَعَ الشيء : اضطرب وتحرّك ( لسان العرب : 8 / 286 ) .
( 126 ) قال الشريف الرضي : يومئ بذلك إلى صاحب الزنج .
( 127 ) نهج البلاغة : الخطبة 128 .
( 128 ) شُمس : جمع شَمُوس ، وهو النَّفُور من الدَّوابّ الذي لا يَستقِرّ لشَغَبه وحدّته ( النهاية : 2 / 501 ) .
( 129 ) الضَّرُوس : الناقة العضوض لتذبّ عن ولدها ( تاج العروس : 8 / 334 ) .
( 130 ) القصص : 5 .
( 131 ) نهج البلاغة : الحكمة 209 ، خصائص الأئمّة ( عليهم السلام ) : 70 عن الإمام الصادق ( عليه السلام ) ، عيون الحكم والمواعظ : 405 / 6855 وليس فيه الآية ؛ ينابيع المودّة : 3 / 272 / 7 .
( 132 ) كنز العمّال : 14 / 592 / 39678 نقلا عن ابن المنادي في الملاحم .
( 133 ) المَكِيث : الرَّزين الذي لا يعجل في أمره ( لسان العرب : 2 / 191 ) .
( 134 ) نهج البلاغة : الخطبة 100 .
( 135 ) الأجْلَى : الخفيف شعر ما بين النزعَتَين من الصُّدغَين ، والذي الخَسَر الشعر عن جبهته ( النهاية : 1 / 290 ) .
( 136 ) القَنا في الأنف : طوله ورِقّة أرنَبَتِه مع حَدَب في وسطه ( النهاية : 4 / 116 ) .
( 137 ) أي منفرجُهما ( النهاية : 2 / 325 ) .
( 138 ) الفَلَج : فُرجَة ما بين الثَّنايا والرَّباعيات ( النهاية : 3 / 468 ) .
( 139 ) الغيبة للنعماني : 214 / 2 ، الغيبة للطوسي : 190 / 152 ، الصراط المستقيم : 2 / 224 نحوه .
( 140 ) كمال الدين : 304 / 16 ، إعلام الورى : 2 / 229 كلاهما عن الحسين بن خالد عن الإمام الرضا عن آبائه ( عليهم السلام ) .
( 141 ) الغيبة للنعماني : 141 / 1 عن فرات بن أحنف ، بحار الأنوار : 51 / 112 / 7 .
( 142 ) نهج البلاغة : الخطبة 138 ، عيون الحكم والمواعظ : 554 / 10210 وفيه صدره ؛ ينابيع المودّة : 1 / 207 / 6 وليس فيه من ” حتى تقوم ” إلى ” أعمالها ” .
( 143 ) قال ابن أبي الحديد : عنى بقوله : ” وإنّ من أدركها منّا ” ؛ المهديّ عجل الله فرجه ( شرح نهج البلاغة : 9 / 128 ) .
( 144 ) الرِّبقَة في الأصل : عُروة في حَبل تجعل في عُنق البهيمة أو يَدِها تُمسِكها ( النهاية : 2 / 190 ) .
( 145 ) يصدَع شَعْباً : أي يفرّق جماعة من جماعات الضلال . ويَشعَب صَدْعاً : يجمع ما تفرّق من كلمة أهل الهدى والإيمان ( شرح نهج البلاغة : 9 / 128 ) .
( 146 ) يقال : شحذتُ السيف : إذا حدَّدته بالمِسنّ وغيره ممّا يخرجه عن حدّه . والقَين : هو الحدّاد ( النهاية : 2 / 449 وج 4 / 135 ) .
( 147 ) نهج البلاغة : الخطبة 150 .
( 148 ) الأزْل : الشدّة والضيق ( النهاية : 1 / 46 ) .
( 149 ) الكافي : 8 / 63 / 22 ، الإرشاد : 1 / 291 نحوه وكلاهما عن مسعدة بن صدقة وراجع نهج البلاغة : الخطبة 88 .
( 150 ) نهج البلاغة : الخطبة 93 .
المصدر: موسوعة الإمام علي (ع) في الكتاب والسنة والتاريخ / الشيخ محمد الريشهري