- الإسلام
- القرآن
- النبي وأهل بيته
- الشيعة
- الأسرة
- أسئلة وأجوبة
- الدعاء وشروط استجابته
- وقت المطالعة : 7 دقیقة
- 0 تعليق
نذكر في هذه المقالة أدلة إمامة علي بن أبي طالب (عليه السّلام) وأبنائه المعصومين من خلال الأحاديث النبوية الشريفة.
لقد وردت المئات من الأحاديث في السنّة النبوية تؤكد وتوضح وتعيّن الإمام علي (عليه السّلام) إماماً وخليفة وقائداً وولياً للمسلمين بعد النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) . وهذه الأحاديث تشتمل على مضامين مختلفة وعبارات متعددة تزيل كُلّ لبس وغموض قد ينشأ فيما بعد ، ومن هذه الأحاديث ما يلي:
أولاً : حديث الثقلين :
وقد ورد هذا الحديث بألفاظ مختلفة في كتب الصحاح وغيرها ، ومنها:
أ- في صحيح مسلم ( ۷\۱۲۲) بإسناده عن زيد بن أرقم قال :
قام رسول الله ـ صلّى الله عليه ( وآله ) وسلّم ـ يوماً فينا خطيباً بماءٍ يدعى خماً بين مكّة والمدينة ، فحمد الله وأثنى عليه ووعظ وذكّر ثُمّ قال : (أمّا بعد ألا يا أيّها الناس فإنّما أنا بشر يوشك أنْ يأتي رسول ربي فاُجيب ، وأنا تارك فيكم ثقلين ، أوّلهما كتاب الله فيه الهُدى والنور ، فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به . فحثّ على كتاب الله ورغّب فيه ثُمّ قال : وأهل بيتي ، أذكّركم الله في أهل بيتي ، أذكّركم الله في أهل بيتي ، أذكّركم الله في أهل بيتي …).
ب- ما أخرجه أحمد في مسنده (۵\ ۱۸۱) بإسناده عن زيد بن ثابت قال :
قال رسول الله ـ صلّى الله عليه ( وآله ) وسلّم ـ: ( إنّي تارك فيكم خليفتين كتاب الله حبل ممدود ما بين السّماء والأرض ، أو ما بين السماء إلى الأرض ، وعترتي أهل بيتي ، وإنّهما لن يفترقا حتى يردا عليَّ الحوض ).
ت- في الدر المنثور (۲|۶۰) ما أخرجه ابن سعد وأحمد والطبراني عن أبي سعيد الخدري قال :
قال رسول الله ـ صلّى الله عليه ( وآله ) وسلّم ـ أيها الناس : (إنّي تارك فيكم ما إنْ أخذتم به لنْ تضلّوا بعدي ، أمر بيّن ، أحدهما أكبر من الآخر : كتاب الله حبل ممدود ما بين السماء والأرض وعترتي أهل بيتي ، وإنّهما لنْ يتفرقا حتى يردا عليّ الحوض ) .
ث- ما عن ابن أبي شيبة أنّه أخرجه في ( المصنّف ) بإسناده عن جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله ـ صلّى الله عليه ( وآله ) وسلّم ـ: (إنّي تركت فيكم ما لنْ تضلّوا بعدي إنْ اعتصمتم به : كتاب الله وعترتي أهل بيتي ) .
ج- ما أخرجه الترمذي (۵\۶۲۱) بإسناده عن زيد بن أرقم قال :
قال رسول الله ـ صلّى الله عليه ( وآله ) وسلّم ـ: (إنّي تارك فيكم ما إنْ تمسّكتم به لنْ تضلّوا بعدي ، أحدهما أعظم من الآخر : كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض وعترتي أهل بيتي ، ولن يتفرّقا حتى يردا عليَّ الحوض ، فانظروا كيف تخلفوني فيهما ).
حديث الثقلين وتكراره في مواطن :
لقد ذكر النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) حديث الثقلين بألفاظ مختلفة ومواضع متعددة ، حتى لا يبقى عذر لمعتذر بإنّه لم يفقه المعنى ، أو المقصود من ذلك . والحديث في غاية الوثاقة والاعتبار عند جميع المسلمين ، وقد قال ابن حجر الهيتمي المكي في كتابه الذي أسماه (الصّواعق المحرقة ) :
ثُمّ اعلم أنّ لحديث التمسّك بذلك طرقاً كثيرةً وردت عن نيف وعشرين صحابياً ، ومرّ له طرق مبسوطةُ في حادي عشر الشّبه ، وفي بعض تلك الطّرق أنّه قال ذلك بحجة الوداع بعرفة ، وفي أخرى : أنّه قاله بالمدينة في مرضه وقد امتلأت الحجرة بأصحابه ، وفي أخرى : أنّه قال ذلك بغدير خم ، وفي آخر أنّه قال لمّا قام خطيباً بعد انصرافه من الطائف كما مرّ .
ولا تنافي ، إذْ لا مانع من أنّه كرّر عليهم ذلك في تلك المواطن وغيرها ، اهتماماً بشأن الكتاب العزيز والعترة الطاهرة .
وفي رواية ـ عند الطبراني ـ عن ابن عمر : إنّ آخر ما تكلّم به النبي ـ صلّى الله عليه ( وآله ) وسلّم ـ : (أُخلفوني في أهل بيتي) .
وفي أخرى ـ عند الطبراني وأبي الشيخ ـ : إنّ لله عزّ وجلّ ثلاث حرمات فمن حفظهنّ حفظ الله دينه ودنياه ، ومن لم يحفظهنّ لم يحفظ الله دنياه ولا آخرته . قلت : ما هنّ ؟ قال : (حرمة الإسلام وحرمتي وحرمة رحمي ).
دلائل حديث الثقلين :
يدلنا حديث الثقلين على الحقائق التالية :
۱- إنّ أهل البيت (سلام عليهم) هم عدل القرآن ، فكما لا يحقّ لأحد أن يخالف القرآن الكريم فكذلك لا يحقّ له مخالفة أهل البيت( عليهم السلام) ، وكما لا يجوز لأحد أن يفتي بخلاف القرآن فكذلك لا يحقّ له أن يفتي بخلاف رأي أهل البيت(عليه السّلام) ، وكما لا يجوز لأحد أن يتقدم على القرآن فكذلك لا يجوز له التقدم على أهل البيت(عليه السّلام) .
۲- أنّ القرآن الكريم وأهل البيت(عليهم السلام) هم خلفاء النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) ولذلك عبر عنهما معا بلفظة (ثقلين) و (خليفتين) . وحينئذ فكما لا يوجد عند المسلمين كتاب ولا خليفة حقّ غير القرآن الكريم ،وأنّ من ادّعى قرآناً غيره كان باطلاً وكذباً وزوراًَ ، فكذلك مقام أهل البيت (عليهم السلام) بين المسلمين فهم الخلفاء الحقيقيون ، ومن ادّعى الخلافة غيرهم فقد ادعى باطلاًَ وكذباً وزوراً.
۳- كما أنّ إتباع القرآن يؤدي إلى الهداية ، وإتباع غيره يقود إلى الضلالة ، فكذلك إتباع أهل البيت (عليهم السلام) يؤدّي إلى الهداية ، وإتباع غيرهم يقود إلى الضلالة.
۴- كما أنّ القرآن معصوم من الخطأ إذ لا يأتيه الباطل أبداً من خلفه ولا من بين يديه ، فكذلك أهل البيت (عليهم السلام) معصومون من الخطأ والزلل والسهو والنسيان مطلقاً ، لأنهم لو لم يكونوا كذلك لافترقوا عن القرآن في بعض أحوالهم ، وهو مخالف لقول النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) (أنّهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض) .
۵- كما أنّ القرآن حيّ وباق إلى يوم القيامة ، فكذلك لا بدّ أن يكون واحد من أهل البيت حيّ دائما إلى يوم القيامة ليكون مع القرآن . ولو مرّ زمان ليس فيه واحد من أهل البيت لكان معنى ذلك أنّهما افترقا عن القرآن . وهذا يدلّ على وجود الإمام المهدي(عليه السلام) حياًَ في هذه الأيام ، وليس كما يقول البعض بأنّه سيولد في آخر الزمان .
۶- إنّ الذي يؤدي إلى الهدى والصراط المستقيم هو إتباع القرآن الكريم مع أهل البيت (عليهم السلام) ، وليس إتباع أحدهما وترك الآخر إلى غيره ، لأنّهما معاً ولن يفترقا إلى يوم القيامة . ولو ترك إنسان أهل البيت (عليهم السلام ) إلى غيرهم يكون قد ترك القرآن الكريم أيضاًَ ، لأنّهما معاً لا يفترقان .
ثانياً : حديث المنزلة:
قال المتقي الهندي في كنز العمال: مسند زيد بن أبي أوفى : لمّا آخى النبي صلّى الله عليه(وآله) وسلّم بين أصحابه فقال علي : (لقد ذهب روحي وانقطع ظهري حين رأيتك فعلت بأصحابك ما فعلت ، غيري . فإن كان هذا من سخطّ عليّ فلك العتبى والكرامة . فقال رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) : والذي بعثني بالحق ، ما أخّرتك إلاّ لنفسي ، وأنت مني بمنزلة هارون من موسى غير أنّه لا نبّي بعدي . وأنت أخي ووارثي . قال : وما أرث منك يا رسول الله ؟ قال : ما ورثت الأنبياء من قبلي . قال : وما ورثت الأنبياء من قبلك ؟ قال : كتاب ربّهم وسنّة نبيهم . وأنت معي في قصري في الجنة مع فاطمة ابنتي ، وأنت أخي ورفيقي).
ويروي ابن عباس عن عمر بن الخطاب ـ فيما رواه جماعة منهم الحاكم وأبن النجّار .. كما في ( كنز العمال ) ـ كفّوا عن ذكر علي بن أبي طالب ، فإنّي سمعت رسول الله يقول في علي ثلاث خصالٍ لئن تكون لي واحدة منهنّ أحبّ إليّ ممّا طلعت عليه الشمس : كنت أنا وأبو بكر وأبو عبيدة الجراح ونفر من أصحاب رسول الله ، والنبي متكئ على علي ابن أبي طالب ، حتى ضرب بيده على منكبه ثُمّ قال : (وأنت يا علي أول المؤمنين إيماناً وأوّلهم إسلاماً ثُمّ قال : أنت منّي بمنزلة هارون من موسى . وكذب عليّ من زعم أنّه يحبّني ويبغضك ) .
وورد هذا الحديث في مناسبة أخرى وهي حين خرج النبي(صلى الله عليه وآله وسلّم) متوجهاً إلى غزوة تبوك، فلِم يأخذ النبي عليّاً (عليه السلام) معه في هذه الغزوة، بل تركه ليخلفه في المدينة. ولعلّ ذلك من أجل أنّه(صلى الله عليه وآله وسلّم) كان يعلم بعدم وقوع القتال في هذه الغزوة، فضاق على عليّ (عليه السلام) ببقائه في المدينة بعد أن أرجف المنافقون وقالوا: ما خلفه إلاّ استثقالاً له وبقى مع النساء والأطفال، فلما لحق بالنبي يخبره بما قاله المنافقون قال له النبي: (أما ترضى أن تكون أو: أنت مني بمنزلة هارون من موسى، إلا أنّه لا نبي بعدي) (صحيح البخاري ج۴ ص۴۲، وكذلك: ج۵ ص۳،صحيح مسلم ج۴ ص۱۸۷، جامع الأصول ج۸). وفي البخاري أنّ:رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) خرج إلى تبوك واستخلف علياً، وقال:(أتخلفني في الصبيان والنساء؟ قال: أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى، إلا أنّه لا نبي بعدي).
ونعلم من هذا الحديث أنّ كُلّ ما كان لهارون(عليه السّلام) بالنسبة إلى موسى(عليه السّلام) فهو لعليّ (عليه السّلام)بالنسبة إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) سوى أمر النبوة.
قال تعالى عن لسان موسى:(قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي*وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي*وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي*يَفْقَهُوا قَوْلِي*وَاجْعَلْ لِي وَزِيرًا مِنْ أَهْلِي*هَارُونَ أَخِي*اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي*وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي*كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيرًا*وَنَذْكُرَكَ كَثِيرًا) طه/۳۴:۲۵٫
وفي موطن آخر قال تعالى : (وَقَالَ مُوسَى لأَخِيهِ هَارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلاَ تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ) (الأعراف/)۱۴۲٫
فالنبي(صلى الله عليه وآله وسلّم) عندما يقول لعليّ(عليه السّلام): ( أنت مني بمنزلة هارون..) فهو يريد أن ينسب إليه كُلّ ما لهارون من صفات باستثناء صفة واحدة وهي النبوّة ووجود هذا الاستثناء إن دلَّ على شيء فيدلّ على أنّ عليّاً يمتلك كافة تلك الصفات ويتحلّى بجميع تلك الشؤون .
ومن الجدير بالذكر ظهور هذه المنزلة في عليّ (عليه السلام) على جميع المستويات حيث سمّى أبناءه بأسماء أبناء هارون فسمّاهم (حسنا وحسينا ومحسنا) وأبناء هارون هم (شبر وشبير ومشبر)(مستدرك الحاكم ج۳ ص۱۶۵و۱۶۸) وأنّ النبي اتخذ علياً أخاً له فقال: (أنت أخي في الدنيا والآخرة) (سنن الترمذي ج۵ ص۶۳۶ ح۳۷۲۰ ومستدرك الحاكم ج۳ ص۱۴).
ثالثاً :عدد الأئمة وأسماءهم:
في حديث جابر الجعفي قال:سمعت جابر بن عبد الله الأنصاري يقول: لما أنزل الله تعالى على نبيه (صلى الله عليه وآله وسلّم): (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ)، قلت: يا رسول الله عرفنا الله ورسوله، فمن أولي الأمر الذي قرن الله طاعتهم بطاعتك؟
فقال(صلى الله عليه وآله وسلّم): (هم خلفائي يا جابر، وأئمة المسلمين بعدي. أولهم علي بن أبي طالب، ثُمّ الحسن، ثُمّ الحسين، ثُمّ علي بن الحسين، ثُمّ محمد بن علي، المعروف في التوراة بالباقر ـ وستدركه يا جابر، فإذا لقيته فاقرأه مني السلام ـ ثُمّ الصادق جعفر بن محمد، ثُمّ موسى بن جعفر، ثُمّ علي بن موسى، ثُمّ محمد بن علي، ثُمّ علي بن محمد، ثُمّ الحسن بن علي، ثُمّ سميي، وكنيي حجة الله في أرضه، وبقيته في عباده ابن الحسن بن علي. ذاك الذي يفتح الله تعالى ذكره على يديه مشارق الأرض ومغاربها، وذلك الذي يغيب عن شيعته وأوليائه غيبة لا يثبت فيها على القول بإمامته إلاّ من امتحن الله قلبه للإيمان…) إعلام الورى بأعلام الهدى ج:۲ ص:۱۸۱ ـ ۱۸۲، واللفظ له. كمال الدين وتمام النعمة ص:۲۵۳٫ بحار الأنوار ج:۳۶ ص:۲۴۹ ـ ۲۵۰٫
وفي حديث المفضل بن عمر عن الإمام الصادق (عليه السلام) عن آبائه (عليهم السلام) عن أمير المؤمنين (عليه السلام): قال: (قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لما أسري بي إلى السماء أوحى إليّ ربي جلّ جلاله… وذكر حديثاً طويلاً في فضل الأئمة الاثني عشر (عليهم السلام)، ولزوم ولايتهم، وفي جملته: فقال عزّ وجلّ: ( ارفع رأسك فرفعت رأسي، وإذا أنا بأنوار علي، وفاطمة، والحسن، والحسين، وعلي بن الحسين، ومحمد بن علي، وجعفر بن محمد، وموسى بن جعفر، وعلي بن موسى، ومحمد بن علي، وعلي بن محمد، والحسن بن علي، ومحمد بن الحسن القائم في وسطهم، كأنه كوكب دري. قلت: يا رب ومن هؤلاء؟ قال: هؤلاء الأئمة، وهذا القائم). كمال الدين وتمام النعمة. ص: ۲۵۲ ـ ۲۵۳، واللفظ له. بحار الأنوار ج:۳۶ ص:۲۴۵٫ كفاية الأثر ص:۱۵۲ـ۱۵۳٫
والحمد لله رب العالمين.