قال علي بن موسي الرضا(عليه السلام) فان قال قائل: فلم لا يجوز أن يكون الامام من غير جنس الرسول (صلى الله عليه وآله)؟
قيل: لعل منها أنه لما كان الامام مفترض الطاعة لم يكن بد من دلالة تدل عليه ويتميز بها من غيره وهي القرابة المشهورة والوصية الظاهرة ليعرف منغيره ويهتدى إليه بعينه ومنها انه لو جاز في غير جنس الرسول لكان قد فضل من ليس برسول على الرسل إذ جعل أولاد الرسول اتباعا لأولاد أعدائه كأبي جهل وابن أبي معيط لأنه قد يجوز بزعمهم أن ينتقل ذلك في أولادهم إذا كانوا مۆمنين فيصير أولاد الرسول تابعين وأولاد أعداء الله وأعداء رسوله متبوعين فكان الرسول أولى بهذه الفضيلة من غيره وأحق.
ومنها: ان الخلق إذا أقروا للرسول بالرسالة وأذعنوا بالطاعة لم يتكبر أحد منهم أن يتبع ولده ويطيع ذريته ولم يتعاظم ذلك في أنفس الناس وإذا كان ذلك في غير جنس الرسول كان كل واحد منهم في نفسه انهم أولى به من غيره ودخلهم من ذلك الكبر ولم تسخ أنفسهم بالطاعة لمن هو عندهم دونهم فكان ذلك داعية إلى الفساد والنفاق والاختلاف (1).
لقد أقام الإمام علي بن موسي الرضا (عليه السلام) هذه التعاليل الوثيقة على ضرورة كون الامام من نسل النبي ومن ذريته فإنه ادعى لشمل الأمة وجمع الكلمة واجتنابها من ويلات التفرقة والاختلاف كما حدث ذلك حينما أقصيت العترة الطاهرة عن مراكز الحكم والمسۆولية فاختلفت الأمة وشاعت فيها الأهواء وسادت فيها الفتن والعداوات وكان ذلك من أعظم ما منيت به الأمة من الكوارث والخطوب.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- عيون أخبار الرضا 2 / 102
المصدر: حياة الإمام الرضا (ع)/ الشيخ باقر شريف القرشي ج 2