- الإسلام
- القرآن
- النبي وأهل بيته
- الشيعة
- الأسرة
- أسئلة وأجوبة
- الدعاء وشروط استجابته
- وقت المطالعة : 2 دقیقة
- بواسطة : امین نجف
- 0 تعليق
السؤال:
ما مدى صحة هذا الحديث الذي معناه أن الإنسان يكتب أجَله بنفسه ، وأن الإنسان تُكتب له السعادة والشقاء وهو في بطن أُمِّه .
فهل أن الله سبحانه وتعالى يحدِّد مُسبقاً كون الإنسان شقي أو سعيد ، وذلك لمعرفته تعالى بما سيصنع هذا الإنسان في حياته .
وما هو تفسيركم لهذه الآية الكريمة : ( مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرٌ ) الحديد ۲۲ .
الجواب:
ما نعتقده في هذه المسألة هو أن الإنسان يكتب مصيره بنفسه ، وأن ما يصدر منه من أفعال حسنة أو سيئة فهي صادرة بِمَحض اختياره ، وليس مجبوراً عليها .
فلا يمكن أن نعتبر أن حركة نبض الإنسان ودقَّات قلبه مثل حركة قيامه ومشيه ، بل الإنسان يدرك بشكل واضح أن حركة القلب والنبض ليس له أي اختيار فيها .
فليس صدورها متوقفاً على إرادة واختيار الإنسان بل هي تصدر سواء أراد أو لم يَرِد .
وهكذا بخلاف حركة قيامه وذهابه وأكله ونحو ذلك ، فإنها أفعال اختيارية ، إن شاءَ أتَى بها ، وإن شاء تركها .
فإرادته واختياره هو الذي يرجح الفعل على الترك أو بالعكس .
وعلى هذا الأساس صحَّ العقاب والثواب ، فإن عقاب الله تعالى الإنسانَ على فعلٍ لم يختَرْه ولا إرادةَ لَهُ فيه قَبيحَة ، ولا يمكن أن يصدر من خالق حكيم .
وحيث أن الثواب والعقاب ثابتان جزماً على جملة ما يصدر من الإنسان ، فلا بُدَّ من فرض أنها اختارية ، وأنها لم تكتب عليه بحيث لا يمكنه التَخلُّف عنها .
إذاً فالإنسان بإرادته يحدِّدُ مصيره ومآله .
فقال الله تعالى : ( إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا ) الإنسان ۳ .
وقال أيضاً : ( فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ ) الكهف ۲۹ .
ونعتقد أيضاً وفي نفس الوقت بأن الله سبحانه وتعالى عالم لا حَدَّ لعلمه :
( إِنَّ اللهَ عَالِمُ غَيْبِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ ) فاطر ۳۸ .
فهو تعالى يعلم بكل ما يحدث ، ومن ذلك أفعال الناس وما يصدر منه ، إلا أنَّ تعلّمه بذلك لا ينافي الاختيار ، مثلَ معلِّم التلاميذ الحاذق ، فإنه يستطيع أن يشخص من ينجح من طلابه ومن يفشل ، ويعلم بذلك من دون أن يكون لعلمه هذا أي أثر في نجاح أو فشل الطالب .
واما الآية الشريفة فالمراد بها – والله العالم – أن كل ما يجري من مصائب في الأرض مثل السَّيل والزلزلة ، وكذا في الأنفس مثل الموت والمرض ، فكلُّه مدَوَّن في اللوح المكتوب فيه ما كان وما يكون وما هو كائن إلى يوم القيامة .
ومن الواضح أن معظم هذه الأمور ليست أفعالاً للإنسان ، فيمكن أن نفرض فيها التقدير وننسبها إلى الله سبحانه ، إذ ليس للإنسان أي علاقة بحدوثها ، فهي تختلف عن الأفعال الاختيارية المتقدمة .