- الإسلام
- القرآن
- النبي وأهل بيته
- الشيعة
- الأسرة
- أسئلة وأجوبة
- الدعاء وشروط استجابته
- وقت المطالعة : 5 دقیقة
- بواسطة : امین نجف
- 0 تعليق
المبحث الرابع عشر: الأمر بين الأمرين
1- قال الإمام علي بن أبي طالب(عليه السلام) في جواب مَن سأله عن القدر: ” … أ نّه أمر بين أمرين ، لا جبر ولا تفويض”(1) .
2- قال الإمام جعفر بن محمّد الصادق(عليه السلام): “لا جبر ولا تفويض ، بل أمر بين أمرين”(2) .
3- سُئل الإمام جعفر بن محمّد الصادق(عليه السلام): هل بين الجبر والقدر منزلة ثالثة؟ فقال(عليه السلام): “نعم ، أوسع مما بين السماء والأرض”(3) .
خصائص مقولة “الأمر بين الأمرين” :
1- بلغت الأحاديث المروية عن أئمة أهل البيت(عليهم السلام) في ذم الاتّجاهين الجبري والتفويضي وإثبات الأمر بين الأمرين حدّ التواتر(4) .
2- إنّ مقولة الأمر بين الأمرين مقولة مستقلة وليست تلفيقاً بين نظريتي الجبر والتفويض، ولا يعني الأمر بين الأمرين أنّ الإنسان مجبور في جانب من جوانب أفعاله ، ومفوّض إليه الأمر في جانب آخر، لأنّ الجبر في الأفعال التكليفيّة باطل بجميع مراتبه ، والتفويض أيضاً باطل بأيّ نحو كان .
3- تُقدِّم مقولة “الأمر بين الأمرين” صياغة تجمع بين “العدل الإلهي” و”السلطة الربانية” ، لأنّ هذه المقولة: تمنع ـ من جهة ـ نسبة الظلم والقبح إلى اللّه تعالى . وتحفظ ـ من جهة أُخرى ـ سلطنة اللّه في دائرة ملكه .
4- إنّ هذه المقولة تجمع بين نسبة الفعل إلى اللّه تعالى ونسبته إلى الإنسان ، وتحافظ في نفس الوقت على الاختيار الإنساني في إطار يوجِد التوازن بين أصل “العدل الإلهي” وبين أصل “السلطنة الإلهية” من دون أي تفريط لإحدى الجهات على حساب الأخرى .
أهم معاني الأمر بين الأمرين :
المعنى الأوّل :
إنّ أفعال الإنسان تنسب إليه حقيقة ، لأ نّه السبب لها، وهي تحت قدرته واختياره، ولكنها من جهة أُخرى داخلة في سلطان اللّه تعالى، لأنّ اللّه تعالى له الهيمنة على قدرة الإنسان، وهو المالك لما ملّكه، والقادر على ما أقدره .
مثال :
1- إذا أصيبت يد إنسان بالشلل ، فلم يقدر على تحريكها بنفسه ، فبعث الطبيب عن طريق جهاز كهربائي الحركة في يد هذا الشخص ، بحيث أصبح هذا الشخص عند اتّصال يده بذلك الجهاز قادراً على تحريكها بنفسه : فإنّ حركة يد هذا الشخص ستكون ـ في هذه الحالة ـ أمراً بين أمرين .
فهي لا تستند إلى صاحبها بنفسه كلّ الاستناد، لأنّ قدرته بحاجة إلى الاتّصال بالجهاز .
وهي لا تستند إلى الجهاز وحده ، لأنّ الحركة إنّما تكون باختيار هذا الشخص وإرادته(5).
2 ـ إذا ملّك المولى عبده مالا ليتصرّف به : فإذا قلنا: إنّ هذا التمليك لا يوجب أي مالكية للعبد، والمولى باق على مالكيته كما كان ، فإنّ ذلك هو القول بالجبر .
وإذا قلنا: إنّ هذا التمليك يبطل ملك المولى، كان قولا بالتفويض .
وإذا قلنا: إنّ العبد يكون مالكاً، ولكن المولى ـ في نفس الوقت ـ مالك لجميع ما يملكه العبد، كان ذلك قولا بالأمر بين الأمرين(6) .
المعنى الثاني :
إنّ المقصود من نفي الجبر والتفويض هو نفيهما في التكليف .
ونفي الجبر في التكليف يعني أنّ اللّه تعالى لم يجبر أحداً على الالتزام بالتكاليف .
ونفي التفويض في التكليف يعني أ نّه تعالى لم يفوّض أمر التكليف للعباد ، ليستلزم ذلك نفي التكليف، بل جعله أمراً بين أمرين ، وهو أنّ الإنسان يمتلك الاختيار في أداء التكاليف الإلهية(7) .
قال الشيخ المفيد: “إنّ اللّه تعالى أقدر الخلق على أفعالهم، ومكّنهم من أعمالهم ، وحدّ لهم الحدود في ذلك … فلم يكن بتمكينهم من الأعمال مجبراً لهم عليها، ولم يفوّض إليهم الأعمال لمنعهم من أكثرها، ووضع الحدود لهم فيها وأمرهم بحسنها ونهاهم عن قبيحها ، فهذا هو الفصل بين الجبر والتفويض”(8) .
المعنى الثالث :
إنّ لهداية اللّه تعالى وتوفيقاته مدخلا في أفعال العباد وطاعاتهم من غير أن تصل إلى حدّ الإلجاء والاضطرار وسلب القوة.
كما أنّ لخذلانه تعالى لهم وإيكالهم إلى أنفسهم مدخلا في فعل المعاصي وترك الطاعات من غير أن تصل إلى حدّ الإلجاء والاضطرار، ومن دون صحة نسبة تلك الأفعال إلى اللّه تعالى(9).
المعنى الرابع :
إنّ المقصود من الأمر بين الأمرين هو تدخّل اللّه تعالى في أفعال العباد بإيجاد بعض مقدماتها، كما هو واقع في أكثر المقدمات الخارجية التي منها تهيئة الأسباب ورفع الموانع، فحينئذ لا يكون العبد مجبوراً على الفعل ولا مفوّضاً إليه بمقدماته(10) .
أقوال أئمة أهل البيت(عليهم السلام) حول معنى الأمر بين الأمرين :
1- قال الإمام علي بن موسى الرضا(عليه السلام) حول معنى “أمر بين أمرين”: “وجود السبيل إلى إتيان ما أمروا به ، وترك ما نهوا عنه”(11) .
2- قال الإمام جعفر بن محمّد الصادق(عليه السلام) حول الأمر بين الأمرين: “مثل ذلك: رجل رأيته على معصية، فنهيته، فلم ينته، فتركته ، ففعل تلك المعصية، فليس حيث لم يقبل منك فتركته، كنت أنت الذي أمرته بالمعصية”(12) .
3- سُئل الإمام جعفر بن محمّد الصادق(عليه السلام): أأجبر اللّه العباد على المعاصي؟
فقال(عليه السلام): ” لا ” .
فقال السائل: ففوّض إليهم الأمر ؟
فقال(عليه السلام): ” لا ” .
فقال السائل: فماذا؟
فقال الإمام الصادق(عليه السلام): “لطف من ربّك بين ذلك”(13) .
4- قال الإمام علي بن موسى الرضا(عليه السلام) حول معنى الأمر بين الأمرين:
“إنّ اللّه عزّ وجلّ لم يطع بإكراه ، ولم يعص بغلبة، ولم يهمل العباد في ملكه ، هو المالك لما ملّكهم والقادر على ما أقدرهم عليه .
فإن ائتمر العباد بطاعته لم يكن اللّه عنها صاداً ولا منها مانعاً.
وإن ائتمروا بمعصيته، فشاء أن يحول بينهم وبين ذلك فعل، وإن لم يَحُل ، وفعلوه ، فليس هو الذي أدخلهم فيه”(14) .
5 ـ قال الإمام علي بن أبي طالب(عليه السلام): “لا تقولوا: وكّلهم اللّه إلى أنفسهم، فتوهنوه .
ولا تقولوا: أجبرهم على المعاصي فتظلموه .
ولكن قولوا: الخير بتوفيق اللّه .
والشر بخذلان اللّه .
وكلّ سابق في علم اللّه”(15) .
6- قال الإمام علي بن محمّد الهادي(عليه السلام) حول معنى الأمر بين الأمرين: “هو الامتحان والاختبار بالاستطاعة التي ملّكنا اللّه وتعبّدنا بها …”(16) .
____________
1- بحار الأنوار ، العلاّمة المجلسي: ج5، كتاب العدل والمعاد، أبواب العدل ، ب1، ح103، ص57 .
2- الكافي، الشيخ الكليني: ج1، كتاب التوحيد، باب: الجبر والقدر والأمر بين الأمرين ، ح13، ص160 .
3- التوحيد، الشيخ الصدوق: باب 59، باب نفي الجبر والتفويض، ح3، ص350 .
4- انظر: محاضرات في أصول الفقه، السيّد الخوئي: 2 / 77 ، نقلا عن: التوحيد، دروس السيّد كمال الحيدري، بقلم جواد علي كسّار: 2 / 87 .
5- انظر: محاضرات في أصول الفقه ، السيّد الخوئي، بقلم: محمّد إسحاق الفياض: 2/87 ـ 89 . نقلا عن: التوحيد ، دروس السيّد كمال الحيدري، بقلم: جواد علي كسّار: 2/111 ـ 112 .
6- انظر: الميزان ، العلاّمة الطباطبائي: ج1، تفسير سورة البقرة آية 26 ـ 27، ص100 .
7- انظر: هداية الأمة إلى معارف الأئمة، محمّد جواد الخراساني: المقصد الرابع: في أفعاله تعالى شأنه ، فصل: تفسير الأمر بين الأمرين بما ورد عنهم(عليهم السلام) ، ص654 ـ 658 .
8- تصحيح اعتقادات الإمامية، الشيخ المفيد: فصل: في الفرق بين الجبر والاختيار ، ص47 .
9- انظر: بحار الأنوار ، العلاّمة المجلسي: ج5، كتاب العدل والمعاد، أبواب العدل، ب2، ذيل ح1، ص83 .
10- انظر: دلائل الصدق، محمّد حسن المظفر: ج1، إنّا فاعلون ، مناقشة المظفر ، ص440 ـ 441 .
11- بحار الأنوار ، العلاّمة المجلسي: ج5، كتاب العدل والمعاد، أبواب العدل ، ب1، ح18، ص12 .
12- الكافي، الشيخ الكليني: ج1، كتاب التوحيد، باب: الجبر والقدر والأمر بين الأمرين، ح13، ص160 .
13- المصدر السابق: ح8 ، ص159 .
14- التوحيد، الشيخ الصدوق: باب 59: باب نفي الجبر والتفويض، ح7، ص351 .
15- الاحتجاج ، الطبرسي: ج1، احتجاجه(عليه السلام) في القضاء والقدر ، ص493 .
16- تحف العقول ، الحسن بن علي الحرّاني: ما روى عن الإمام أبي الحسن علي بن محمّد(عليه السلام)، رسالته في الرد على أهل الجبر والتفويض، ص345 .
المصدر: العدل عند مذهب أهل البيت (عليهم السلام) / الشيخ علاء الحسون