- الإسلام
- القرآن
- النبي وأهل بيته
- الشيعة
- الأسرة
- أسئلة وأجوبة
- الدعاء وشروط استجابته
- وقت المطالعة : 4 دقیقة
- بواسطة : امین نجف
- 0 تعليق
بسم الله الرحمن الرحيم
أحبائي القراء، لقد فكرت يا أصدقائي أن آخذكم معي هذه المرة إلى عالم أقل ما يقال عنه إنه جميل، بل شديد الجمال والروعة وأيضاً هو عالم مدهش بل مذهل لدرجة أنني أحياناً لا أكاد أصدق بعقلي البشري المتواضع أنه يحتوي على كل هذه التفاصيل الدقيقة لقد فكرت في ذلك لأنني قد دخلت إلى هذا العالم قبلكم بقدر الله، وبطريقة غير مدبرة ربما لا تتيسر للكثيرين منكم، ولذلك، ولأن الإنسان لا يجب أن ينتظر تلك الصدفة التي قد تلفت انتباهه لِمَا لم يكن يراه، فلننطلق سوياً يا أصدقائي..
أتعلمون ما هذا العالم يا أحبائي؟ إنه عالم الجنس في الإسلام لقد بدأت علاقتي بهذا العالم عن طريق القراءات في مختلف أمهات الكتب كقراءة عابرة من باب التثقف الديني ثم تطورت هذه العلاقة حين بدأت ممارستي لهذا التخصص فقد بدأت أقرأ بعين فاحصة لأعلم ما لي وما عليّ حيال هذا التخصص حتى لا أقع في براثن أية كلمة محرمة قد أقولها عفواً لأحد زواري أو مرضاي، أو أكتبها فيقرؤها أناس عن جهل وأتحمل أنا الوزر عنهم، وحيث إنه لا قبل لي بكل هذه الأوزار فقد بدأت قراءتي لمعرفة حدود الحرام والحلال في العلاقات الجنسية ولا أنكر أنها توقفت عند هذا الحد في تلك الأيام وكان هذا القدر يكفيني لبداية ممارستي لتخصصي هذا، واحتكاكي بالناس.
ولكن تطور الأمر حين قررت أن أتوج هذا التخصص بدرجة علمية دولية “الدكتوراه” ووقع اختياري على تلك الجامعة الأمريكية الواقعة في ولاية فلوريدا والتي كان حصولي على الدرجة منها يستوجب ذهابي إلى هناك مرتين إحداهما بعد الأشهر الأولى من التسجيل للدرجة وذلك لأداء امتحان الدبلومة، والثانية بعد تجهيز رسالة الدكتوراه لمناقشتها والحصول على الدرجة، أما دون ذلك فكان تعليماً عن طريق الإنترنت من حيث المحاضرات والمناهج.
وحين اقترب موعد ذهابي إلى أمريكا -وقد كانت أولى رحلاتي إلى هناك- بدأ الضمير الديني يلح عليّ أن أكون جاهزة لأي هجوم كلامي قد أتعرض له بصفتي عربية ومسلمة ومحجبة، خاصة من الناحية التخصصية، والتي يتهمنا الغرب بكوننا بدائيين حيالها بل أحيانا بأننا همجيون، وغير إنسانيين، ولا نراعي حق المرأة في الاستمتاع، وعدم اعتبار العلاقة الجنسية تتويجا للعاطفة، وبشكل خاص حين علمت أن هناك مؤتمرا حواريا للطلبة يسبق امتحان الدبلومة والذي يمتد طوال ۷ أيام قبل الامتحان فأحببت أن أكون مستعدة بمعلومات علمية كافية وأيضا دينية أكثر من كافية..
وهنا بدأ الجانب السحري لذلك العالم المذهل يظهر لي ويتكشف شيئاً فشئياً وهنا سأعرض لكم بعض ما قرأت وفهمت من إعجاز بلاغي في اختصار أكثر معان ممكنة في أقل ألفاظ ممكنة، وكيف أن هناك آية في القرآن الكريم لخصت برتوكول الحياة الزوجية المعاملاتية بين الزوجين، وآية أخرى وضحت العلاقة الجنسية بما يتفق تماماً مع ما جاء في العلم الحديث من وسائل إنجاح لهذه العلاقة وتأمين الحد الأقصى من العوامل لضمان كم من النجاح أقل ما يقال عنه إنه يضمن سعادة دنيوية مباشرة وأخروية غير مباشرة إذا سبقت النية باتباع أوامر الله وسنة رسوله –صلى الله عليه وسلم- ولنعرض سوياً بعضا من هذه التفاصيل ولنتجول في عظمتها:
يقول الله –سبحانه وتعالى- في كتابه العزيز:
“نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنَّى شئتم وقدموا لأنفسكم واتقو الله واعلموا أنكم ملاقوه وبشر المؤمنين” سورة البقرة ۲۲۳٫
بدأ الله تعالى بتوضيح من يريد توجيه الحديث إليه، وأراد أن يبين بشكل ليس فيه شك أنه يخاطب الرجال ولذلك بدأ حديثه للرجال قائلاً: “نساؤكم” وفي ذلك أكثر من دلالة:
الدلالة الأولى هي الجنس الموجه له جميع الكلام الذي سيأتي في هذه الآية وهو جنس الرجال..
والدلالة الثانية هي إبراز الانتماء لهذا الجنس “الجنس الذكري” باستعمال الكلمات: “نساؤكم، حرث، لكم” وهو مثل ضرب عصفورين بحجر فهو في المقام الأول مخاطبة لغريزة التملك والشعور بالسمو الذي يثلج صدر الرجال ويرضي غرورهم وفي المقام الثاني تذكير لهم بأن في ذلك مسئولية عن هؤلاء النساء بصفتهن ينتمين للرجال وعلى ذلك يجب المحافظة عليهن كما هي الحال في أي شيء يكون الرجل مسئولاً عنه.
أما الدلالة الثالثة فهو تعظيم لشأن المرأة من خلال بداية الآية بالحديث عنها وبما تحتويه الآية الكريمة من حقوق فسيولوجية ونفسية لها ربما يغفو عنها البعض ويجهل البعض الآخر وضعها في مصافها الصحيح.. كل هذه المعاني العميقة والجميلة تقع في هذه الكلمة الصغيرة.. “الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجاً” سورة الكهف آية۱٫
أما الكلمة الثانية في هذه الآية المعجزة فهي كلمة “حرث” والغرض من اختيار تلك الكلمة تحديدا في هذا الموقع هو ربط العلاقة الجنسية في هذه المقاطع الخاصة بالرجال وتذكير الرجال بأن هؤلا النساء أو هؤلاء الزوجات هن السبب في وجود الذرية أو ثمار الحرث، والغرض الثاني من اختيار كلمة حرث “أو ربما هو الغرض الأول” هو تحديد مكان القيام بالعلاقة الجنسية وهو مكان الولادة أو إنجاب الحرث وفي هذا تخصيص من ناحية واستبعاد لكل احتمال آخر من ناحية أخرى والمقصود بالاحتمال الآخر هو الإتيان بالمرأة من ناحية والشذوذ الجنسي والأداء الشاذ من ناحية أخرى حيث إنه في غير موضع الحرث أو الإنجاب وتأتي كلمة “لكم” لصيقة بكلمة “حرث” أيضاً لتذكير الرجال أن الأمر يخصهم أولاً وأخيراً وأن ذاك الحرث هو منهم وإليهم مما يثير غريزة التملك في النفس البشرية والتي هي أكثر حدة في الرجل عن المرأة وأيضاً يذكر الرجل أن النساء أهل للمكانة الرفيعة بصفتهن أمهات الأبناء الذين هم قرة الأعين وغاية المنى ومدعاة التباهي والفخر للجنس البشري…
وهنا لا أدع هذه الفرصة قبل أن أهمس في آذانكم أصدقائي الأعزاء فأقول إنكم مهما أطلقتم العنان لتصوراتكم فإنكم لم تكونوا لتستطيعوا تخيل منزلتكم عند آبائكم وأمهاتكم ولا أن تتخيلوا كم الأمل والترقب اللذين يصاحبانهم طوال فترات تربيتهم لكم فيكون ما يصيبكم من نسمة هواء بالنسبة لهم الإعصار وما قد تفعلون من أخطاء بالنسبة لهم هو الفشل المجسد وما تقعون فيه من زلات هو الجحيم بعينه.
وهنا أقول لكم يا أصدقائي الأعزاء إنني لا أحب الكلام التقليدي ولا النصائح المكررة ولكني أقول لكم أشفقوا على آبائكم وأمهاتكم مما تفعلون من حماقات وأنا أعلم أنكم وصلتم إلى نضج كاف تفرقون به بين الخطأ والصواب، واعلموا أنهم الوحيدون -وأكرر الوحيدون- في هذه الدنيا الذين يريدونكم أحسن منهم..
واعلموا أيضاً أن سعيكم لرفع رءوسهم فخراً بكم هو عمل مأجور في الآخرة من رب العالمين ومبارك في الدنيا بدعائهم لكم فاحرصوا عليه واستحضروا نية بر الوالدين.