- الإسلام
- القرآن
- النبي وأهل بيته
- الشيعة
- الأسرة
- أسئلة وأجوبة
- الدعاء وشروط استجابته
- وقت المطالعة : 4 دقیقة
- بواسطة : امین نجف
- 0 تعليق
المبحث الأوّل: معنى الحسن والقبح
معنى الحسن والقبح (في اللغة) : إنّ للحُسن والقبح ـ في اللغة ـ عدّة معان منها :
1- “الحسن” ما هو كمال ، و”القبيح” ما هو نقص .
2 ـ “الحسن” ما يلائم الطبع ، و”القبيح” ما ينافره .
3 ـ “الحسن” ما يوافق المصلحة ، و”القبيح” ما يخالفها .
4 ـ “الحسن” ما يتعلّق به المدح ، و”القبيح” ما يتعلّق به الذم .
وسنشير إلى هذه المعاني في المبحث الرابع من هذا الفصل .
معنى الحسن والقبح (في الاصطلاح العقائدي) :
الفعل الحسن :
التعريف الأوّل: هو الفعل الذي لا يستحق فاعله الذم(1).
التعريف الثاني: هو الفعل الذي يستحق فاعله المدح(2) (3).
الفعل القبيح :
هو الفعل الذي يستحق فاعله الذم(4) (5).
صلة المدح والذم بالثواب والعقاب الأخروي :
الرأي الأوّل :
إنّ “الفعل الحسن” هو الفعل الذي يستحق فاعله “المدح” ، ولا شكّ أنّ مدح اللّه تعالى يتبعه في الآخرة “إثابة” فاعل الفعل الحسن .
وإنّ “الفعل القبيح” هو الفعل الذي يستحق فاعله “الذم” ، ولا شكّ أنّ ذمّ اللّه تعالى يتبعه في الآخرة “معاقبة” فاعل الفعل القبيح .
ولهذا ذكر أغلب علماء الإمامية في تعريفهم للحسن والقبح : “الحسن” ما يستحق فاعله المدح عاجلا والثواب آجلا(6) .
و”القبيح” ما يستحق فاعله الذم عاجلا والعقاب آجلا(7) .
الرأي الثاني :
إنّ الثواب والعقاب الأخروي أمر غير ملازم للحسن والقبح .
لأنّ شرط حصول فاعل الفعل الحسن على “الثواب” هو: إيمانه باللّه وقصده للقربة ونحوها .
وشرط حصول فاعل الفعل القبيح على “العقاب” هو: عدم وجود العفو والشفاعة الإلهية، وعدم مبادرة فاعل القبيح إلى التوبة ونحوها .
فلا ربط للعقاب والثواب بالمدح والذم .
ولهذا قال الشيخ محمّد حسن المظفر : “إدخال كلمة الثواب والعقاب في تعريفهما [ أي: تعريف الحُسن والقبح ] خطأ ظاهر”(8) .
المبحث الثاني: أقسام الفعل من حيث الاتّصاف بالحسن والقبح(9)
1- الفعل غير الاختياري(10) : وهو الفعل الذي لا يوصف بالحسن والقبح ، لأنّ استحقاق المدح والذم يرتبط بالفعل الاختياري فقط . وهو لا يتعلّق بالفعل غير الاختياري أبداً(11) .
2 ـ الفعل الاختياري : وهو الفعل الذي يوصف بالحُسن والقبح كما يلي:
أوّلا: الحُسن : وهو على نحوين:
أ ـ يكون له وصف زائد على حسنه، وهو:
الواجب: وهو ما يستحقّ فاعله المدح، ويستحقّ تاركه الذم .
المندوب: وهو ما يستحقّ فاعله المدح، ولا يستحقّ تاركه الذم .
ب ـ لا يكون له وصف زائد على حسنه وهو :
المباح(12): وهو ما لا مدح فيه على الفعل والترك .
ثانياً: القبيح : وهو ما يستحقّ فاعله الذم .
تنبيهان :
1- اختلف علماء الإمامية في أنّ “المكروه” هل هو من أقسام القبيح أو الحسن:
فمن عرّف الحسن بـ “ما لا يستحقّ فاعله الذم” (وفق التعريف الأوّل الذي ذكرناه) اعتبر المكروه من الأمور الحسنة .
ومن عرّف الحسن بـ “ما يستحقّ فاعله المدح” (وفق التعريف الثاني الذي ذكرناه) اعتبر المكروه من الأمور القبيحة(13) .
2- الأصح اعتبار المكروه من الأفعال القبيحة، لترتّب الذم على فعله ، وإن كان هذا الذم أضعف من الذم المتعلّق بالحرام .
المبحث الثالث: منشأ حسن وقبح الأفعال
تنقسم الأفعال في كيفية اتّصافها بالحسن والقبح على ثلاثة أقسام :
1- يكون الفعل بنفسه علّة تامة للحسن والقبح ، فلا يتغيّر حسنه ولا قبحه بعروض العوارض .
ويشمل هذا الأمر الأفعال التي يدرك العقل ـ عند لحاظها ـ أنّها حسنة أو قبيحة ، بغض النظر عن جميع الجهات الطارئة عليها.
وهذا ما يسمّى بالحسن والقبح الذاتي(14) .
مثال : العدل والظلم .
فالعدل بما هو عدل لا يكون إلاّ حسناً .
والظلم بما هو ظلم لا يكون إلاّ قبيحاً .
ويستحيل ـ في جميع الأحوال ـ أن يكون العدل قبيحاً والظلم حسناً .
ومثله حسن الإحسان وقبح الإساءة .
2- لا يكون الفعل علّة تامة لحسنه أو قبحه ، بل يكون مقتضياً للاتّصاف بالحسن أو القبح ، بحيث يكون الفعل بنفسه حسناً أو قبيحاً ، ولكن قد يتحوّل حُسن هذا الفعل إلى القبح ، أو يتحوّل قبحه إلى الحسن فيما لو عرض عليه عنوان آخر .
مثال : إنّ تعظيم الصديق بصورة عامة فعل حسن ، ولكنه قد يصبح قبيحاً فيما لو عرض عليه عنوان آخر ، كما لو أصبح هذا التعظيم سبباً لإيذاء هذا الصديق من قبل الآخرين .
وفي المقابل فإنّ تحقير الصديق بصورة عامة فعل قبيح ، ولكنه قد يصبح حسناً فيما لو عرض عليه عنوان آخر ، كما لو أصبح هذا التحقير سبباً لإنقاذه من أيدي الظالمين، ومثله الصدق والكذب .
3- يكون الفعل لا علّية له ولا اقتضاء في نفسه للاتّصاف بالحسن أو القبح ، وإنّما يتبع الوجوه والجهات الطارئة والعناوين المنطبقة عليه .
مثال : الضرب ، فإنّه حسن للتأديب وقبيح للإيذاء .
ـــــــــــــــــــــــــــ
1- انظر: الذريعة إلى أصول الشريعة ، السيّد المرتضى: ج2 ، باب الكلام في الأفعال ، ص563 .
المسلك في أصول الدين ، المحقّق الحلّي: النظر الثاني ، البحث الثاني ، ص85 .
الرسالة السعدية ، العلاّمة الحلّي: القسم الأوّل ، المسألة السادسة ، البحث الأوّل ، ص53 .
2- انظر: تقريب المعارف ، أبو الصلاح الحلبي: مسائل العدل ، مسألة في الحسن والقبح ، ص97 .
قواعد المرام، ميثم البحراني: القاعدة الخامسة ، الركن الأوّل ، البحث الأوّل ، ص 104 .
3- بشرط أن يكون الفاعل قاصداً إلى ما يفعل .
انظر: تقريب المعارف كما في (المصدر السابق) .
4- انظر: المصدر السابق (مصدري تعريف الفعل الحسن) .
5- بشرط أن يكون الفاعل عالماً بقبح ما يفعله، أو متمكّناً من العلم به ، ولم يكن أي اضطرار إلى فعله .
انظر: تمهيد الأصول ، الشيخ الطوسي: فصل في بيان حقيقة الفعل ، وشرح أقسامه: ص 98 .
6 و7 ـ انظر: قواعد المرام ، ميثم البحراني: القاعدة الخامسة ، الركن الأوّل ، البحث الثاني، ص104 .
النافع يوم الحشر ، مقداد السيوري: الفصل الرابع : في العدل ، ص 64 .
إرشاد الطالبين ، مقداد السيوري: مباحث العدل ، مسألة الحسن والقبح ، ص 254 .
8- دلائل الصدق ، محمّد حسن المظفر : ج 1 ، المسألة 3 ، المبحث 11 ، المطلب 2 ، ص 363 .
9- انظر: الذريعة إلى أصول الشريعة ، السيّد المرتضى: ج2، باب: الكلام في الأفعال، ص 563 .
تجريد الاعتقاد ، نصير الدين الطوسي: المقصد الثالث ، الفصل الثالث ، ص 197 .
قواعد المرام ، ميثم البحراني: القاعدة الخامسة ، الركن الأوّل ، البحث الأوّل ، ص103 .
النافع يوم الحشر، مقداد السيوري: الفصل الرابع: في العدل ، ص64 .
كشف المراد ، العلاّمة الحلّي : المقصد الثالث ، الفصل الثالث ، المسألة الاُولى ، ص418 .
10- من قبيل فعل الساهي وفعل النائم .
11- انظر: تكملة شوارق الإلهام، محمّد المحمدي الجيلاني: الفصل الثالث ، المسألة الاُولى ، ص 25 .
12- إنّ “المباح” يكون من أقسام “الحسن” فيما لو عرّفنا “الحسن” بأ نّه ما لا يستحقّ فاعله الذم ، لأنّ المباح أيضاً لا يستحقّ فاعله الذم .
13- للمزيد راجع: الكلام المقارن ، علي الرباني الكلبايكاني: الباب السادس ، الفصل الثاني، ص164 .
14- انظر: مطارح الأنظار ، الشيخ الأنصاري: 245، نقلا عن المباحث الكلامية في مصنفات الشيخ الأنصاري ، إبراهيم الأنصاري الخوئيني: العدل ، هل الحسن والقبح ذاتيان أم لا ، ص62 .
الالهيات ، محاضرات: جعفر السبحاني، بقلم: حسن محمّد مكي العاملي: 1 / 232 ـ 233 .
المصدر: العدل عند مذهب أهل البيت (عليهم السلام) / الشيخ علاء الحسون