- الإسلام
- القرآن
- النبي وأهل بيته
- الشيعة
- الأسرة
- أسئلة وأجوبة
- الدعاء وشروط استجابته
- وقت المطالعة : 5 دقیقة
- بواسطة : امین نجف
- 0 تعليق
ولا زلت يا علي صابراً حزين …
تخفي البكاء والأنين لأنك تأبى بكاء الرجال …
تخفيه لأنك لو بحت به وأعلنته صراحة وأردت البكاء عليه لبكيت حتى تبيض العيون …
ونبي الله يعقوب (ع) لضياع نبي الله يوسف (ع) وهو يعلم بأنه حي وأن الله سيرده إليه ، وتراه يبكي وأبيضت عيناه من الحزن ، ولما عاد إليه يوسف عاد إليه ملكاً على مصر وأهلها …
ولكنك يا علي قتلوا ولديك كما قتلوك ، وظلموك كما ظلموا زوجتك ، ومن ثم قتلوا أصحابك وسبوا نسائك سبياً مهيناً ، وقتلوا وسجنوا من يعلن حبك أو حب وولاء البقية الباقية من أهل بيتك، حقداً وغيضاً وغضباً وغصباً وكراهية بك يا علي وإن كان بعضهم لم يعلنها على الملأ …
ولليوم يفعلون ذلك يا علي فما لك لا تبكي يا أبا الصبر فقد بكت منا رجال كثير …
وقد جزعت من الصبر رجال أكثر …
ولكنك لازلت صابراً وتوصي بالصبر …
صابراً وحزيناً لما يجري لنا … والله يحب الصابرين .
لم يكن القصد من إيراد هذه السلسلة من المقالات كسرد تاريخي قديم ، بل تحليل إجتماعي معاصر …
مشاكل إجتماعية وعقد نفسية تعاني منها الناس في حياتهم اليومية وتحدد طريقة تفكيرهم وتعاملهم مع الآخرين …
أوردت القصص والسرد التاريخي لرمزيته ودلالته ، ليفهم من هو ذو عقل وفكر ومن هو صاحب علم …
عليك بالعلم لا تختر عليه بدلاً … فالناس موتى وأهل العلم أحياء
وخطابي للأحياء لا للموتى …!!
يا علي إنظر بمن يسميك خليفة رابع من الأخوة السنة فقد جفاك ولم يعطوك حقك الذي أعطاك إياه الرسول بأحاديث صحيحة متواترة كثيرة لم يكن لصحابي ما نسبته (۱%) من أحاديث الفضل بحق علي ، وقد جعلوك في الخلف عندما تتضارب المصالح والشهوات …
لا يبينوا فضلك وحقك كي لا يقووا طائفة تدين بإمامتك وحقك …
وتعال لمن يسميك اليوم إماماً من الأخوة الشيعة فتراهم جعلوا إسمك غطاءاً لا شعاراً واتخذوا كلماتك متعة وبلاغة لا منهج يتبعوه …
ومن يقولون أنهم جعلوك إماماً فقد صرت خلفاً عندما تتضارب المصالح والشهوات لدى البعض مع الأسف الشديد …
تعال فلقد ضيعوا الحق ، رغم أن الحق واضح ولكن لا يوجد له مناصرين ، رغم حشود الملايين الملايين من المسلمين ، المصلين ، الصائمين ، الحجاج ، ولكن بنصرة الحق والحقيقة والعقل متخاذلين منافقين طائفيين …
في أحد أيام حرب صفين كان هنالك أولاد عمومة إثنان أحدهما بجيش علي (ع) والأخر بجيش معاوية ، فصادف أن التقى سيفاهما معاً أثناء الحرب فنظر أحدهما لوجه الأخر فعرف كلاً أبن عمه ، ولنزعة عشائرية لا دينية !! فقد تركا الحرب وجلسا جانباً ليتحادثا ، فقال الذي في جيش معاوية :
إنني قلق ومحتار في حربي ضدكم فلقد سمعت حديثاً عن النبي (ص) يقول فيه لعمار بن ياسر : (تقتلك الفئة الباغية) … واني أرى عمار معكم وإني خائف ومتردد في حربي لكم لكونه في جيشكم ويحارب معكم !!
فقال له الذي في جيش الأمام علي (ع) : (ويحك !! معنا علي وتقيس بعمار)!!
فتخيلوا مقدار الحقد والتمويه الإعلامي والأغراء المادي وسياسة التحريف والتزييف للسنة النبوية وتشويهها بفعل معاوية لجيشه والذي يجعل الناس يتحدثون هكذا ويقيسون على جندي في جيش علي (ع) ولا يقسوا بقائد الجيش نفسه !!
وتصوروا أن بعدما قتلوا عمار حدثت ضجة في جيش معاوية ، وبدهاء ومكر إشتهر به معاوية فقال : أن الذي قتل عمار بن ياسر هو علي الذي أخرجه للحرب …!!
سكت الناس واطمأنوا لجواب معاوية …!! ، فلكل داء دواء إلا الحماقة فقد أعيت من يداويها ، ولليوم الحمقى يقتنعون بمثل تلك التبريرات ، بل ويفرحون بأمثالها ويسمونهم علماء ، وبداية النفاق تبرير مخادع …
وصل الخبر لعلي (ع) وما قد قاله معاوية فقال الأمام علي (ع) حينها ما مضمونه : وكذا النبي (ص) بدم الحمزة فبسبب النبي قد قتل الحمزة في معركة أحد …
في حرب الجمل ، ولما كانت الحرب قائمة ، جاء رجل للأمام علي (ع) متسائلاً عن سؤال قد أثقل تفكيره … و السؤال هو : إني أرى في طرفي النزاع أناس إشتهروا بصحبة الرسول (ص) والقرب منه ؟!!
ففي جيشك أراك وأنت أخو رسول الله ووصيه من بعده ، وأرى الحسن والحسين وهما سيدا شباب أهل الجنة ، وأرى أبو ذر الغفاري ، وأرى سلمان الفارسي الذي قال فيه النبي (سلمان منا أهل البيت) وأرى عمار بن ياسر ….
وفي جيش الجمل أرى عائشة زوجة النبي ، وأرى الزبير وهو من أوائل صحابة النبي (ص) ، وأرى طلحة الذي سُمِي (طلحة الخير) … فمن أتبع ومن أحارب ؟!!
فأجابه الأمام علي ( ع ) بجواب لو عرفه الناس عموماً لاهتدوا لخير الدنيا والآخرة ، فقد كان الجواب بكلمات قصيرة : (إعرف الحق تعرف أهله)
خير الكلام ما قلّ ودلّ أليس كذلك …
نعم إعرف الحق ، وما هو الحق ، ليتسنى لك أن تعرف من هم أهله …
إعرف أن الحق هو العدالة والإنصاف وأداء حقوق الناس …
إعرف أن الحق هو أن تتبع الله وقرانه والنبي وسنته الصحيحة …
إعرف أن الحق هو العقل والفكر السليم …
إعرف أن الحق بالتفكير المستنير لا بدين وعقيدة موروثة من الآباء كوراثة الدار والعقار …
إعرف أن الحق هو التصرف بحكمة في أمور الأمة …
إعرف أن الحق هو عدم الخضوع للفتن ولو كثرت وعدم التراخي مع الحق رغم دهاء الباطل …
إعرف أن الحق ليس ما تريده نفسك وهواها بل ما يريده الله ونبيه والعقل السليم والفكر الجميل ..
إعرف أن الحق هو علي (ع) …
وها هو النبي محمد (ص) يقول : (علي مع الحق والحق مع علي يدور معه حيثما دار) …
كان الناس ولا يزالون من علماء ومثقفين في المؤتمرات واللقاءات وغيرها يراعون أن يبرزوا عن وحدة ظاهرية بين السنة والشيعة …
وأما بالنسبة لي فقلد راعيت أن أبين مساوئ الطرفين وكما في السطور السابقة فقد راعيت توجيه النقد بصورة عامة ، وتبيان العيب للطرفين وبصورة عامة لكي تكون هنالك وحدة في العيوب …
وعندما تصلح العيوب ستصفى القلوب وتخلص النية ومن الممكن أن يكون الناس صادقين حين ذكر الوحدة والتوحيد …
لأن أصبح من يقول الحق طائفياً ، ويبين فضل علي الذي بينه الرسول مراراً وتكراراً حتى قال الأمام أحمد بن حنبل (لم يكن لأحد من أحاديث الفضل بحقه مثل علي) .
جعلوا من يبين فضلك يا علي وحقك ودورك الأساسي في بناء الإسلام ، طائفياً وشعاره رافضياً !!
وممن يرفع حبك زوراً ورياءاً ونفاقاً شعاراً تراه أما مفسداً أو طائفياً أو منافقاً …
أنت يا علي من لم تقنع أن يقال لك (أمير المؤمنين) فلعل بالحجاز أو اليمامة (اليمن) من لا عهد له بقرص الشعير ، وكان مقر حكمك يومها في كوفة العراق …
تبقى يا علي للأبد صابراً ، فصبرك نتيجته أن يبقى للأسلام بقية وأثر وأن لا تطمس معالم الدين فصبرت وفي العين قذى وفي الحلق شجى ترى تراثك نهبا …
ولكن الذي المك وأحرق فيك القلب أن يستورثه ويعده مغنماً وحكماً وسلطة ولليوم أشر الناس وأجهل الناس وأظلم الناس …
وأن يحكم الناس شر الناس لا خير الناس …
وأن تصبح السلطة مغنماً لا مسؤولية ، وأن تصبح غاية لا وسيلة …
وما زاد في القلب حرقة أن يوجد علماء وسياسيين وأحزاب من يبرر للفاسد فساده وينافق ويزور الحقيقة ويزيفها …
سنبقى صابرين كما صبرت ولكن أن يكون صبرنا كصبرك …
صبر العاقلين لا صبر الجاهلين …
صبر الأحرار لا صبر العبيد …
صبر الحكماء لا صبر الأغبياء …
صبر النبيه لا صبر السفيه …
صبر الواعين لا صبر المغفلين …
صبر لهدف ولسبب لتحقيق نتيجة لا صبر تقاعس وخذلان ونوم عميق …
والى الصابرين بالحق ، هذا علي (ع) يقول لكم : (ألا إن الصبر من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد ، فإذا قطع الرأس بار الجسم) …
ثم رفع صوته (ع) فقال : (إنه لا إيمان لمن لا صبر له)