الغيرة من الأسباب التي تدعو إلى تنغيص الحياة الزوجية ، وتعكير صفوها ، لذلك لم يغفل الدين الإسلامي في توجهاته الأخلاقية عن هذه القضية ، فهو يدعو المرأة إلى تجنب الغيرة وخاصة تلك التي تستند الى الأوهام والظنون السيئة أو التي تنطلق من بواعث نفسية ذاتية قد تكون من باب سوء الظن أو الحسد وتؤدي بالنتيجة إلى الحاق الضرر بعلاقتها مع زوجها ، وفي هذا الصدد يقول الإمام أمير المؤمنين عليه السلام : « غيرة المرأة كفر » (1).
ويرى الإمام الباقر عليه السلام وفق نظرة معرفية ثاقبة أنّ : « غيرة النساء الحسد ، والحسد هو أصل الكفر ، إنَّ النساء إذا غرن غضبن ، وإذا غضبن كفرن ، إلاّ المسلمات منهن » (2).
وقد دلّنا الإمام الصادق عليه السلام على معيار معنوي نميّز من خلاله المرأة المتكاملة عن سواها ، وذلك من خلال إثارة غيرتها ، فعن خالد القلانسي قال : ذكر رجل لأبي عبدالله عليه السلام امرأته فأحسن عليها الثناء ، فقال له أبو عبدالله عليه السلام : « أغرتها ؟ قال : لا ، قال : فأغرها. فأغارها فثبتت ، فقال لأبي عبدالله عليه السلام : إنّي أغرتها فثبتت ، فقال : هي كما تقول (3).
وبالمقابل فإنّ الإسلام ينمي في الرجل خصلة الغيرة إذا كانت على عرضه وسمعة عائلته وكرامتها ، ير المؤمنين عليه السلام : « غيرة الرجل إيمان » (4) ومع ذلك فانه يحثه على تجنب الغيرة في غير موضعها ؛ لأنها قد تؤدي بالمرأة إلى الاعجاب والكبر وغيرهما من الخصال الذميمة ، يا أمير المؤمنين عليه السلام لابنه الامام الحسن عليه السلام : « .. وإياك والتغاير في غير موضع غيرة ، فإنَّ ذلك يدعو الصحيحة منهنَّ إلى السقم.. » (5).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- نهج البلاغة ، ضبط صبحي الصالح : 491 حكمة 124.
2- فروع الكافي 5 : 505 باب غيرة النساء من كتاب النكاح.