قد تكون الأُنثى بنتاً في بيت أبيها، وفي هذه الحالة للأب ولاية على بنته غير البالغة ولاية مطلقة في الأموال والزواج، فيتمكّن الأب من التصرّف في أموال الصغيرة، وأن يزوّجها فيما كان فيه مصلحة لها، فإن بلغت وبان رشدها فقد ارتفعت ولاية الأب عليها إلّا في الزواج، بمعنى أنّ زواجها موقوف على رضى الأب ورضاها، وهذا هو الرأي المنصور في المسألة، وإلّا فالأقوال خمسة، ولعلّ المشهور هو أنّه لا ولاية عليها إذا بلغت.
وفي هذه المرحلة يجب على الأب والأُمّ تربية هذه البنت تربية حسنة، والرعاية الكاملة لها، كما يلزم البنت برّ والديها، ويحرم عليها عقوقهما، لكون العقوق من الكبائر، حتّى ورد في صحيح عبد الله بن المغيرة عن أبي عبد الله(ع) عن رسول الله(ص) في قوله: >كن بارّاً واقصر على الجنّة، وإن كنت عاقّاً فاقصر على النار<(1).
وعن أبي عبد الله(ع): >دنى العقوق أُفّ، ولو علم الله شيئاً أهون منه لنهى عنه<(2).
وعلى هذا فإنّ الأب وإن لم يكن له ولاية على البنت بعد بلوغها إلّا في الزواج، إلّا أنّها يجب عليها أن لا تقدم على شيء يلزم منه الأذى للأبوين، لأنّه من العقوق المحرّم.
ويتفرّع على هذا لزوم أن تكون علاقة البنت بالوسط العام في مرأى من الأبوين، فهي بحاجة إلى إجازة وإخبار الأبوين في كلّ تصرّفاتها، وإلّا لسبّب ذلك الأذى لهما وهو من العقوق.