- الإسلام
- القرآن
- النبي وأهل بيته
- الشيعة
- الأسرة
- أسئلة وأجوبة
- الدعاء وشروط استجابته
- وقت المطالعة : 6 دقیقة
- بواسطة : امین نجف
- 0 تعليق
ولد عام ۱۹۷۴م بمحافظة ” الجوف ” في اليمن، ونشأ في أوساط عائلة زيدية المذهب، ودرس قرابة سبع سنوات في المدارس الزيدية.
تشرّف باعتناق مذهب أهل البيت (عليهم السلام) عام ۱۹۹۷م في مدينة ” صنعاء ” اليمنية بعد بحث ودراسة عميقة.
الإمامة عند الزيدية:
يقول السيد يحيى: ” كانت هوايتي مطالعة الكتب الدينية، وحيث أنّ الزيدية تعتبر من الفرق الشيعة فكنت أقرأ بعض الكتب الإمامية الاثنى عشرية، وكان محور قراءاتي تدور حول مسألة الإمامة والخلافة بعد رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)، لأنّي كنت أرى هذه المسألة منشأ الاختلافات التى أدت إلى تفرق المسلمين بعد وفاة رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم).
وبما أنّ بحث الإمامة في الفكر الزيدي يكتنفه الغموض والإبهام، ونظريتهم (النصّ الجلي والنصّ الخفي) نظرية مرتبكه ومضطربه من ناحية تطبيق الشروط، مع وجود نقاط مبهمة فيها، اندفعت للبحث عن هذه المسألة عند سائر فرق المسلمين لعلّي أجد نظرية متكاملة في هذا المجال “.
الإمامة في الفكر الشيعي:
إنّ الإمامية يعتقدون أنّ الإمامة استمرار لوظائف النبوّة سوى تحمل الوحي، وأنّها منصب إلهي يتعين بالنصّ، ولايتولى زمامها إلاّ الذين اصطفاهم الله تبارك وتعالى.
وهي غير خاضعة لاختيار الأمّة التى قد يميل بها الهوى وتخضع للضغوط في تعيين الخليفة، وعندئذ تكون طاعة الإمام المنصّب ناشئة عن هوى أو خوف، فتدفع الأمّة جراء ذلك أبهظ الأثمان، وتتكبد أفدح الخسائر المادية والمعنوية ـ وهذا ما حدث بالفعل ـ.
كما يعتقدون أنّ الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم) قد عيّن الأوصياء من بعده، لعلمه أنّ الأمّة مازالت حبيسة للروح القبلية، وأنّ المجتمع فيه رواسب الجاهلية، فحفظاً لها من الضياع وصيانة لها من التنازع حدّد ولي الأمر من بعده في مواقف عديدة، التي كان منها يوم (غدير خم) بعد حجة الوداع، فنصّب بأمر من الله تعالى الإمام عليّ ابن أبي طالب (عليه السلام) خليفة له، وكان ذلك بمحضر عشرات الآلاف من المسلمين.
فإنّ من غير المعقول أن يترك الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم) أمته هملاً تتخبط في أخطر أمر يبتني عليه كيان الإسلام!.
أدلّة إمامة عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) :
يقول السيد يحيى: ” طالعت بتمعن معتقدات الشيعة الاثنى عشرية ونظريتهم بخصوص الإمامة، فوجدتها متكاملة مستنبطة من القرآن الكريم والسنة النبوية المطهّرة “.
فاستدلّ الإمامية على إمامة أمير المؤمنين (عليه السلام) بعد رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) بآيات وأحاديث كثيرة، منها: آية المباهلة، والإنذار، والتبليغ و…، وحديث المنزلة، والطير، والغدير و….
وقد استدلّوا أيضاً بأحاديث الثقلين والسفينة والأمان على أنّها نصوص دالّة على إمامة أئمة أهل البيت (عليهم السلام) ، كما استدلّوا على تعيين الأئمة الاثني عشر (عليهم السلام) بنصوص أخرى، كما في الحديث الذي يرويه ابن بابويه:
“… فقام جابر بن عبدالله الأنصاري فقال: يا رسول الله ومن الأئمة من ولد عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) ؟ قال: الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنّة، ثم سيد العابدين في زمانه ابن الحسين، ثم الباقر محمّد بن عليّ وستدركه ياجابر، فإذا أدركته فاقرأه مني السلام ـ ثم الصادق جعفر بن محمّد، ثم الكاظم موسى بن جعفر، ثم الرضا عليّ بن موسى، ثم التقي محمّد بن عليّ، ثم النقي عليّ بن محمّد، ثم الزكي الحسن بن عليّ، ثم إبنه القائم بالحقّ مهدي أمتي، الذي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً، هؤلاء يا جابر خلفائي وأوصيائي وأولادي وعترتي… “(۱).
والجدير ذكره أنّ هذه النصوص لم تتنفرّد بها الشيعة الإمامية، بل روت العامة مثل هذه الروايات واتفقت مع الإمامية بشكل يوجب الحكم بصحتها!(۲).
ولو تأمّل الباحث يجد أنّ هذه الأحاديث هي التفسير الوحيد للحديث المتواتر الوارد عن رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم): ” يكون لهذه الأمّة اثنا عشر خليفة “(۳)، وأنّها لا تخرج بمضمونها عن العدد الذي حصره رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم).
صلة الزيدية بالشهيد زيد بن عليّ:
يقول السيد يحيى: ” من هنا إلتفت إلى الفرق بين معتقدات مذهبي الزيدي في الإمامة وبين ما تتبناه الإمامية، فقرّرت البدء بالبحث بصورة جادّة لأصل إلى العقيدة التي تحقق لي الراحة النفسية والاطمئنان، فبدأت من حياة الشهيد زيد بن عليّ لأتعرّف على بدء نشوء الزيدية ومستندهم فيما ذهبوا إليه.
وفي بادىء الأمر تبيّن لي أنّ انتماء الزيدية لزيد الشهيد ليس كإنتماء أبناء العامة لأئمتهم الأربعة، لأنّ زيد بن عليّ لم يكن صاحب منهج عقائدي أو فقهي خاص، بل كان مرتبطاً بمنهج الأئمة (عليهم السلام) ! “.
فقد قال الإمام الصادق (عليه السلام) بحقه: ” إنّ زيداً كان عالماً وكان صدوقاً، ولم يدعكم إلى نفسه إنّما دعاكم إلى الرضا من آل محمد (عليهم السلام) لو ظهر لوفى بما دعاكم إليه “(۴).
وقال الإمام الرضا (عليه السلام) في جواب المأمون عن إدعاء زيد ما لم يكن له من حقه: ” إنّ زيد بن عليّ لم يدّع ما ليس له بحق، وإنّه كان أتقى لله من ذلك، إنّه قال: أدعوكم إلى الرضا من آل محمّد (عليهم السلام) ، وإنّما جاء ما جاء فيمن يدعي أنّ الله نصّ عليه ثم يدعو إلى غير دين الله ويضل عن سبيله بغير علم، وكان زيد بن عليّ والله ممن خوطب بهذه الآية (وَجاهِدُوا فِي اللهِ حَقَّ جِهادِهِ) (الحج: ۷۸) “(۵).
فزيد الشهيد كان مرتبطاً بأهل البيت (عليهم السلام) ولم يحد عن نهجهم، وإنّ انتساب الزيدية له ليس إلاّ إشادة بشرفه وعلو مقامه، إذ أنّه بثورته ضدّ هشام بن عبد الملك مثّل رمزاً للثورة ضد الظلم والطغيان، فانتسب الزيدية لهذا الرمز.
تعاطف الزيدية مع المعتزلة:
إنّ ما عليه الزيدية اليوم من تعاطف مع المعتزلة لم يكن إلاّ في العصور المتأخرة، وإنّ ما نسب إلى زيد من آراء، إنّما هي آراء علماء الزيدية وليست هي آراء الشهيد زيد بن عليّ!، وذلك لأنّنا لا نجد أثراً من هذه الآراء المنسوبة إليه فيما هو موروث عنه.
والواقع أنّ بعض أئمة الزيدية كالقاسم الرسي (۱۷۰ ـ ۲۴۲ هـ) رأس القاسمية، والناصر الأطروش (۲۳۰ ـ ۳۰۴ هـ) رأس الناصرية ومؤسس المذهب الزيدي في الديلم وبلاد الجبل، والإمام الهادي (۲۴۵ ـ ۲۹۸ هـ) رأس الهادوية في اليمن و…، اجتهدوا في بعض المسائل وتوصّلوا إليها بعد تأثرهم ببعض التيارات الفكرية الدخيلة، فكانت النتائج التي توصلوا إليها بخلاف ما كان يذهب إليه زيد بن عليّ نفسه!.
ومن هذه المسائل مسألة الإمامة، حيث إنتهز البعض موقف زيد وثورته على الظالمين، فجعل الثورة وإن لم تتوفر شرائطها من شروط الإمامة، وانّها لكلّ من نسب لذرية الحسن والحسين عليهما السلام إذا شهر السيف بوجه الحاكم الظالم! وكان دافعهم لذلك هو إضفاء الشرعية على إمامة أئمتهم.
جهة الاشتراك بين الزيدية والإمامية:
على الرغم من الافتراق بين الفكر الزيدي والجعفري يجد الباحث أنّ هناك جهات مشتركة بين الإمامية والزيدية التي يكون منبعها من أهل البيت (عليهم السلام) ـ بالتحديد إلى ما قبل ثورة زيد التي حصل بعدها هذا الافتراق ـ إذ لم تخل مصادر الزيدية من النصوص المثبتة لإمامة الإمام عليّ بن الحسين (عليه السلام) وعصمته، فضلاً عن أبيه وجدّه، المؤدية بالتالى إلى وجوب اتباعهم والاقتداء بهم.
أمّا باقي الأئمة الاثنا عشر فقد أقر أئمة الزيدية وعلمائهم، بفضلهم وعلمهم كالباقر والصادق والرضا (عليهم السلام)(۶) وجواز تقليدهم!
كما قال صاحب (شرح الأزهار) ابن مفتاح: ” والأئمة المشهورون من أهل البيت (عليهم السلام) بكمال الاجتهاد والعدالة سواء كانوا ممن قام ودعى كالهادي والقاسم، أم كزين العابدين والصادق وغيرهم أولى من تقليد غيرهم عندنا “(۷).
ويؤكد هذا السيد الفضيل بقوله: ” إنّ الزيدية لا تعتقد بأنّ الإمام زيد بن عليّ أولى بالتقليد من غيره كالإمام جعفر الصادق مثلاً “(۸).
وقد اعتبرت الزيدية الإمام الرضا (عليه السلام) ـ الإمام الثامن حسب النصّ عند الإمامية الاثنى عشرية ـ واحداً من أئمتهم القائمين(۹)، بل أكثر من ذلك فإنّ جملة من الزيدية المتقدمين يرون النصّ على الاثني عشر بدون تعيين لهم، وطبّقوه على عدد من الأئمة عينوهم فيما بعد(۱۰)!.
ويقترب الهادي يحيى بن الحسين من الفكر الإمامي بقوله: ” فكل من قال بإمامة أمير المؤمنين ووصيته، فهو يقول بالوصية على أن الله عزّوجلّ أوصى بخلقه على لسان النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) إلى عليّ بن أبي طالب والحسن والحسين، وإلى الأخيار من ذرية الحسن والحسين، أوّلهم عليّ بن الحسين وآخرهم المهدي، ثم الأئمة فيما بينهما “(۱۱).
نهاية المطاف:
يقول السيد يحيى طالب: ” أزالت هذه النصوص وغيرها الحجب التي كان تمنع بصيرتي من الاهتداء إلى الحقّ في مسألة الخلافة والإمامة، وأدركت بأنّ الحقّ يتجسد فيما يذهب إليه الاثنى عشرية، وأنّ الأئمة (عليهم السلام) هم الذين نصّ عليهم رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) كناية وصراحة، فالتزمت ـ من ذلك الحين ـ نهجهم وتمسكت بحبلهم، وواليت وليهم وتبرأت من عدوهم، وأعلنت استبصاري في مدينة صنعاء عام ۱۹۹۷م “.
(۱) أنظر: كمال الدين للصدوق: ۲۸۹، الصراط المستقيم لأبي محمد العاملي: ۲ / ۱۲۳ ـ ۱۳۵، الكافي للكليني: ۱ / ۵۲۵ ـ ۵۳۵، أعلام الورى للطبرسي: ۲ / ۱۵۷ ـ ۱۹۸٫
(۲) أنظر: فرائد السمطين للجويني: ۲ / ۱۳۲ (۴۳۰)، الإتحاف بحب الأشراف للشبراوي: ۶۸ /، ينابيع المودة للقندوزي: ۳ / ۲۸۱٫
(۳) أنظر: مسند أحمد: ۵ / ۱۰۶، صحيح مسلم: ۳ / ۱۴۵۲، صحيح البخاري: ۶ / ۲۶۴۰، سنن الترمذي: ۴ / ۱۰۶ (۲۲۲۳)، سنن أبي داود: ۴ / ۸۵ (۴۲۸۰).
(۴) أنظر: الكافي للكليني، الروضة: ۲۶۴ (۲۸۱).
(۵) أنظر: عيون أخبار الرضا (عليه السلام) للصدوق: ۱ / ۲۲۶ الباب ۲۵٫
(۶) أنظر: تراجم الزيدية في شرح الأزهار لابن مفتاح: ۱۰ ـ ۳۴، لوامع الأنوار للمؤيدي: ۱ / ۳۴۸٫
(۷) شرح الأزهار: ۱ / ۱۵٫
(۸) الزيدية نظرية وتطبيق: ۱۳٫
(۹) أنظر: مطلع البدور لأحمد بن أبي الرجال ۱۰۹۲ هـ (مخطوط): ۴ / ۱۸۴ ـ ۱۸۵، ينابيع النصيحة للحسين بن محمد ۶۶۳ هـ: ۲۷۲ ـ ۲۷۳، عدة الاكياس لأحمد بن محمد الشرقي ۱۰۵۵ هـ: ۲ / ۳۷۴٫
(۱۰) أنظر: الأساس في عقائد الأكياس للقاسم بن محمد.
(۱۱) أنظر: المجموعة الفاخرة: ۲۲۱، كتاب فيه معرفة الله عزّوجلّ من العدل والتوحيد.
المصدر: مركز الأبحاث العقائدية