- الإسلام
- القرآن
- النبي وأهل بيته
- الشيعة
- الأسرة
- أسئلة وأجوبة
- الدعاء وشروط استجابته
- وقت المطالعة : 4 دقیقة
- بواسطة : امین نجف
- 0 تعليق
المولد والنشأة
ولد عام ۱۳۷۸هـ (۱۹۵۹م) ببلدة “نوابكنج” في “بنغلادش”، ثمّ عاش في أجواء أملت عليه الانتماء إلى المذهب الشافعي، فتأثّر بهذه الأجواء المحيطة به، ويقي متّبعاً عقيدة أسلافه حتّى أملت عليه الأدلّة تغيير أنتمائه المذهبي وتحوّل إلى مذهب أهل البيت(عليهم السلام) .
لمحة عن نشاطه العلمي:
واصل “محمّد” دراسته حتّى حاز على شهادة الماجستير في المعارف الإسلامية، كما واصل دراسته الدينية حتّى تخرّج من الجامعة العالية في بنغلادش، وحاز على شهادة “البكالوريوس”.
واصل “محمّد” نشاطه الديني في الصعيد الاجتماعي، ومارس دوره بالتبليغ في المساجد، ويصلّي صلاة الجمعة لمدّة ۹ سنوات في أحد المساجد.
يقول “محمّد”: كان لأحد المستبصرين اللذين مَنَّ الله عليهم بنور الهداية المحمدية نشاط بارز في بلدتنا، حيث كان يجمع الشباب ويطرح عليهم جملة من المسائل العقائدية ويوجّه لهم العديد من الأسئلة ويحفزّهم على البحث عن إجابتها، ثمّ يعينهم في وصولهم إلى الإجابة.
فكانت هذه الأسئلة تدفعنا إلى الاستفسار من أساتذتنا وعلمائنا، ولكنّنا كنّا نواجه منهم التعامل الشديد والمواجهة الحادّة والتحذير من مجالسة اللذين يزرعون الشكوك والشبهات في نفوسنا إزاء معتقدات أسلافنا.
ومن هنا شعر “محمّد” بأن أسسه العقائدية تفتقر إلى الدليل والبرهان، وأنّها لا تستطيع النهوض في مقابل الأسئلة الموجّهة إليها، فانكشف له ضعف معتقداته، وهذا ما دفعه إلى البحث والتحقيق في المجال العقائدي، فاستمر في البحث لمدة عشر سنوات ; لأنّه وجد بأنّ الأُسس العقائدية تستحق أكبر قدر ممكن من العناء والاهتمام، فسلك هذا الطريق وسعى جاهداً في أنقاذ نفسه من التيه والتخبّط في الصعيد العقائدي.
فانهالت عليه الشكوك كلما تهاون عن بعضها ووجد ما هو أعظم فيها، ولكنّه تمكّن خلال البحث من العثور على الإجابة الصحيحة والتخلّص من اجتياز الموانع التي واجهته في طريق البحث، ومن هنا عرف بأنّ أُسس عقائده كانت غير مبنية على الأدلّة والبراهين الصحيحة.
ومن جملة المسائل التي اهتم بها “محمّد” خلال بحثه هي مسألة عدالة الصحابة التي تعتبر عند أهل السنة من المسائل التي تحيطها حالة من القداسة لا يمكن المساس بها والتي لا يشوبها شائب.
عدالة الصحابة حقيقة أم ترهات:
بدأ “محمّد” في دراسة معمّقة في تاريخ الصحابة لعله يجد مفراً من حيرته ويجد ما يُرجع له توازنه الفكري المفقود لكنّه رجع يجر أذيال الخيبة عندما شاهد في التاريخ حقائق عن الصحابة غيرت نظريته عنهم، وتبعاً لذلك سلبت منه قيمة المذهب الذي كان ينتمي إليه، وعرف تباين اراء المذهبين حول عدالة الصحابة ورأى بأنّ مذهب أتباع أهل البيت(عليهم السلام) يذهب إلى عدالة من استقام في طريقه ولم يتبع الهوى في حياته، وذهب جمهور أهل السنة إلى عدالة كلّ صحابي كائناً من كان حيث يقول ابن حجر العسقلاني في كتابه الإصابة في تمييز الصحابة ما لفظه “… للصحابة رضي الله عنهم أجمعين خصّيصة، وهي أنّه لا يُسأل عن عدالة أحد منهم، وذلك أمرٌ مسلّم عند كافة العلماء ; لكونهم على الإطلاق معدلين بنصوص الشرع ومن الكتاب والسنّة “(۱).
لكننا عندما نتأمل في القرآن والسنّة نجد مدى صحّة ما يدعيه ابن حجر، فمن الآيات النافية لعدالة الصحابة المطلقة قوله تعالى: (وَمِمَّن حَولَكُم مِّنَ الأَعرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِن أَهلِ المَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لاَ تَعلَمُهُم نَحنُ نَعلَمُهُم سَنُعَذِّبُهُم مَّرَّتَينِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَاب عَظِيم) (التوبة:۱۰۱)، فقد أخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، والطبراني في الأوسط، وأبو الشيخ، وابن مردويه، وابن عبّاس في تفسير الآية الكريمة قال: قام رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) يوم الجمعة خطيباً فقال: “قم يا فلان أخرج فإنّك منافق… فأخبرهم بأسمائهم ففضحهم”(۲).
ومنها قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُم فَاسِقٌ بِنَبَأ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوماً بِجَهَالَة فَتُصبِحُوا عَلَى مَا فَعَلتُم نَادِمِينَ) (الحجرات:۶)، فقد ذكر جُلّ المفسرين أنّها نزلت في الوليد بن عقبة، منهم القرطبي نقلاً عن سعيد عن قتادة.
أنّ النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) بعث الوليد بن عُقبة مصدقاً إلى بني المصطلق، فلمّا أبصروه أقبلوا نحوه فهابهم ـ في رواية لاحنة كانت بينه وبينهم ـ ، فرجع إلى النبي(صلى الله عليه وآله وسلم)فأخبره أنّهم قد ارتدّوا عن الإسلام.
فبعث نبي الله(صلى الله عليه وآله وسلم) خالد بن الوليد وأمره أنّ يتثبّت ولا يعجل، فانطلق خالد حتّى أتاهم ليلاً، فبعث عيونه فلمّا جاؤوا أخبروا خالداً أنّهم متمسّكون بالإسلام، وسمعوا أذانهم وصلاتهم، فلمّا أصبحوا أتاهم خالد ورأى صحة ما ذكروه، فعاد إلى نبي الله(صلى الله عليه وآله وسلم) فأخبره، فنزلت هذه الآية، فكان يقول نبي الله(صلى الله عليه وآله وسلم): “التأني من الله والعجلة من الشيطان”.
وفي رواية: أنّ النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) بعثه إلى بني المصطلق بعد إسلامهم، فلمّا سمعوا به ركبوا إليه، فلمّا سمع بهم خافهم، فرجع إلى رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) فأخبره أن القوم قد همّوا بقتله، ومنعوا صدقاتهم فهمّ رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) بغزوهم، فبينما هم كذلك إذ قدم وفدهم على رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) فقالوا: يا رسول الله، سمعنا برسولك فخرجنا إليه لنكرمه، ونؤدي إليه ما قبلنا من الصدقة، فاستمر راجعاً وبلغنا أنّه يزعم لرسول الله أنا خرجنا لنقاتله، والله ما خرجنا لذلك فأنزل الله تعالى هذه الآية، وسمي الوليد فاسقاً أي كاذباً(۳).
وكذا ذكر ابن حجر العسقلاني في كتابه الإصابة في تمييز الصحابة ما نصهُ:
“الوليد بن عقبة بن أبي مُعيط أبان بن أبي عمرو ذكوان بن أميّة بن عبد شمس بن عبد مناف الأمويّ، أخو عثمان بن عفان لأمّه، أُمهما أروى بنت كريز ابن ربيعة بن حبيب بن عبد شمس، وأمُها البيضاء بنت عبد المطلب، يكنى أبا وهب.
قُتل أبوه بعد الفراغ من غزوة بدر صبراً، وكان شديداً على المسلمين، كثير الأذى لرسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) ; فكان مّمن أُسر ببدر، فأمر النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) بقتله ; فقال: يا محمّد، من للصبية! قال: “النار”، وأسلم الوليد وأخوه عمارة يوم الفتح، ويقال: إنّه نزل فيه: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُم فَاسِقٌ بِنَبَأ فَتَبَيَّنُوا…) (الحجرات:۶).
قال ابن عبد البر: لا خلاف بين أهل العلم بتأويل القرآن أنّها نزلت فيه ; وذلك أنّ رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) بعثه مصدقاً إلى بني المصطلق، فعاد، فأخبر عنهم أنهم ارتدُوا ومنعوا الصدقة، وكانوا خرجوا يتلقونه وعليهم السلاح، فظنّ أنّهم خرجوا يقاتلونه، فرجع، فبعث إليهم رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) خالد بن الوليد فأخبره بأنّهم على الإسلام ; فنزلت هذه الآية.
قال مصعب الزبيري: وكان من رجال قريش وسراتهم، وقصةُ صلاته بالناس الصبح أربعاً وهو سكران مشهورة مخرجة، وقصةُ عزله بعد أن ثبت عليه شرب الخمر مشهورة أيضاً مخرجة في الصحيحين، وعزله عثمان بعد جلده عن الكوفة، وولاها سعيد بن العاص”(۴).
وكذا أخرج البخاري عن ابن عبّاس رضي الله عنه قال: خطب رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) فقال: “…يا أيها الناس إنكم محشورون إلى الله… إلاّ وأنّه يجاء برجال من أمتي يؤخذ بهم ذات الشمال فأقول: يا ربّ أصيحابي فيقال: إنّك لا تدري ما أحدثوا بعدك”.
فأقول كما قال العبد الصالح: (وَكُنتُ عَلَيهِم شَهِيداً مَّا دُمتُ فِيهِم فَلَمَّا تَوَفَّيتَنِي كُنتَ أَنتَ الرَّقِيبَ عَلَيهِم) (المائدة:۱۱۷).
فيقال: إنّ هؤلاء لم يزالوا مرتدين على أعقابهم منذ فارقتهم”(۵).
الاستبصار بعد تجلي الحقيقة:
عندما تجلّت الحقائق لـ”محمّد” نتيجة غربلته لمعتقداته الموروثة، وعرف زيف ما يدعيهم علماؤهم، وكيف أنّهم رغم وجود الأدلّة الهائلة التي توضح لهم الطريق أزاحوا الناس عن الصراط المستقيم تلبية لأهوائهم ومطامعهم ومصالحهم الشخصية و…
وعندما أنزاحت الستائر عن أبصار “محمّد” وأضاء الله بصره بنور الإيمان وانتهل منه ما يروي ضمأه المتعطش، التحق بركب آل محمّد(صلى الله عليه وآله وسلم) وسار في ظل رايتهم نحو الأهداف الدينية السامية.
(۱) الإصابة ۱: ۱۷٫
(۲) الدرّ المنثور ۳: ۴۸۶٫
(۳) الجامع لأحكام القرآن للقرطبي ۱۵ ـ ۱۶: ۲۰۴٫
(۴) الإصابة في تمييز الصحابة ۶: ۴۸۱٫
(۵) صحيح البخاري ۳: ۱۸۸ باب وكنت عليهم شهيداً.
المصدر: مركز الأبحاث العقائدية