- الإسلام
- القرآن
- النبي وأهل بيته
- الشيعة
- الأسرة
- أسئلة وأجوبة
- الدعاء وشروط استجابته
- وقت المطالعة : 12 دقیقة
- بواسطة : امین نجف
- 0 تعليق
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَابْتَغُواْ إِلَيهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُواْ فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [۲]
قال الله تعالى في كتابه [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَابْتَغُواْ إِلَيهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُواْ فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ] اتفق أعظم وأكثر العلماء والمفسرون , من الخاصة والعامة , على أن المقصود من كلمة ( الوسيلة ) في الآية المذكورة , هم العترة المقدسة , الأئمة الطاهرين والرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم , أي إنهم أعظم وسيلة , وأكمل واسطة بين الله تبارك وتعالى وبين المخلوقات , وفيما يلي نذكر عدة أحاديث من الفريقين كنموذج من مجموعة كبيرة من الأحاديث والأخبار :
(۱) الإمام الثعلبي : يقول في تفسيره الآية الكريمة : إن المراد من كلمة ( الوسيلة ) في الآية هم : العترة , وأهل بيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
(۲) الحافظ أبو نعيم الأصفهاني : يقول في باب ( ما نزل في علي في القرآن ) , عندما يصل إلى هذه الآية الكريمة , يصرح أن المقصود من ( الوسيلة ) هم أولاد الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم , الأئمة المعصومون.
(۳) الحافظ أبو بكر الشيرازي : يذكر بصراحة في كتابه( فيما نزل من القرآن بشأن علي عليه السلام ) أن المراد من ( الوسيلة ) في الآية الكريمة محمد وآل محمد عليهم السلام.
(۴) ابن أبي الحديد المعتزلي : الذي هو من أجلة علماء السنة , وشارحي كتاب ( نهج البلاغة ) : يورد خطبة الصديقة الطاهرة فاطمة ( عليها السلام ) بخصوص غصب ( فدك ) : ” قالت ( عليها السلام ) في خطبتها : ” واحمدوا الله الذي لعظمته ونوره , يبتغي من في السماوات والأرض , إليه الوسيلة ، ونحن وسيلته في خلقه”[۳].
(۵) (ينابيع المودة ) : “أخرج الحمويني بسنده عن محمد الباقر , عن أبيه , عن جده , عن أمير المؤمنين ( رضي الله عنهم ) قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : يا علي ! أكتب ما أملي عليك . قلت : يا رسول الله! أتخاف علي النسيان ؟ قال : لا , وقد دعوت الله عز وجل , أن يجعلك حافظاً ، ولكن أكتب لشركائك الأئمة من ولدك. بهم تسقى أمتي الغيث , وبهم يستجاب دعاؤهم ، وبهم يصرف الله عن الناس البلاء , وبهم تنزل الرحمة من السماء , وهذا أولهم – وأشار إلى الحسن – , ثم قال : وهذا ثانيهم – وأشار إلى الحسين – ثم قال : والأئمة من ولده ، رضي الله عنهم “[۴].
(۶) (عيون أخبار الرضا ) : ” قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : الأئمة من ولد الحسين , عليه السلام , من أطاعهم فقد أطاع الله , ومن عصاهم فقد عصى الله عز وجل , هم العروة الوثقى , وهم الوسيلة إلى الله عز وجل “.
(۷) (تفسير الصافي ) : يروي عن علي بن إبراهيم القمي في تفسيره الآية الشريفة ، أن المقصود من ( الوسيلة ) في الآية الكريمة , هو الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام “[۵].
(۸) (ينابيع المودة – تفسير العسكري ) : قال الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم : ” إن الله تعالى , لما خلق آدم وسواه وعلمه أسماء كل شيء , وعرضهم على الملائكة , جعل محمداً وعلياً وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام أشباحاً خمسة في ظهر آدم , وكانت أنوارهم تضيء في الآفاق من السماوات والحجب والجنان والكرسي والعرش , فأمر الله تعالى الملائكة بالسجود لآدم تعظيماً له , أنه قد فضله , بأن جعله وعاء لتلك الأشباح التي قد عم أنوارها الآفاق. فسجدوا لآدم إلا إبليس أبى أن يتواضع لجلال عظمة الله وأن يتواضع لأنوارنا أهل البيت , وقد تواضعت لها الملائكة كلها “.
وقال علي بن الحسين عليه السلام : حدثني أبي عن أبيه عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم , قال : يا عباد الله ! إن آدم لما رأى النور ساطعاً من صلبه , إذ كان الله قد نقل أشباحنا , من ذروة العرش إلى ظهره , رأى النور , ولم يتبين الأشباح , فقال : يا رب ! ما هذه الأنوار ؟ قال الله , عز وجل : أنوار أشباح نقلتهم من أشرف بقاع عرشي إلى ظهرك , ولذلك أمرت الملائكة بالسجود لك , إذ كنت وعاء لتلك الأشباح.
فقال آدم : يا رب ! لو بينتها لي ؟ فقال الله , عز وجل : أنظر يا آدم إلى ذروة العرش , فنظر آدم ووقع ( وواقع – خ ل ) , نور ( أنوار – خ ل ) أشباحنا , من ظهر آدم عليه السلام , على ذروة العرش , فانطبع فيه صور أنوار أشباحنا التي في ظهره , كما ينطبع وجه الإنسان في المرآة الصافية , فرأى أشباحنا , فقال : يا رب ! ما هذه الأشباح ؟ قال الله تعالى : يا آدم ! هذه أشباح أفضل خلائقي وبرياتي. هذا محمد وأنا المحمود الحميد في أفعالي شققت له اسماً من اسمي , وهذا علي وأنا العلي العظيم شققت له اسماً من اسمي , وهذه فاطمة وأنا فاطر السماوات والأرض , فاطم أعدائي عن رحمتي يوم فصل قضائي , وفاطم أوليائي عما يعرهم ويسيئهم ، فشققت لها اسماً من اسمي . ننقل النص عن تفسير العسكري عليه الصلاة والسلام , لكننا قابلناه مع المصادر المثبتة في ( ينابيع المودة ) : ” مما يبيرهم ويشينهم ” وفي ( البحار ) ” مما يعتريهم ويشينهم ” وفي ( تأويل الآيات ) : ” يغريهم ويشينهم “[۶]. وهذان الحسن والحسين وأنا المحسن والمجمل , شققت اسميهما من اسمي. هؤلاء خيار خليقتي , وكرام بريتي , في (ينابيع المودة ) : ” خيار خلقي , وكرائم بريتي ” , بهم آخذ وبهم أعطي , وبهم أعاقب وبهم أثيب , فتوسل إلي بهم يا آدم , وإذا دهتك داهية , فاجعلهم إلي شفعاءك فإني آليت على نفسي , قسماً حقاً , أن لا أخيب لهم آملاً , ولا أرد ( لهم – خ ل) بهم سائلاً. فلذلك حين زلت منه الخطيئة دعا الله عز وجل بهم فتاب عليه وغفر له ” ( انتهى )[۷].
(۹) (تفسير أبو الفتوح الرازي ) : يروي عن الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال : إن بين رحمة الله وأبوابه وبين العباد حجاباً , وان ذلك الحجاب هو عبارة عن شخص الإمام علي بن أبي طالب عليه الصلاة والسلام , وأن العبد إذا التجأ إلى علي عليه الصلاة والسلام وتوسل به وجعله وسيلة بينه وبين ربه , رفع ذلك الحجاب عليه الصلاة والسلام “[۸].
(۱۰) (تأويل الآيات الظاهرة ) : روى الرواة حديثاً في معنى ( الوسيلة ) كل بإسناد عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : إذا سألتم الله , فاسألوه لي الوسيلة. قال : فسألت النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن الوسيلة , قال : هي درجتي في الجنة , وهي ألف مرقاة. ما بين المرقاة إلى المرقاة حضر الفرس[۹].
وهي ما بين مرقاة جوهر , إلى مرقاة زبرجد , إلى مرقاة ياقوت , إلى مرقاة ذهب , إلى مرقاة فضة , فيؤتى بها يوم القيامة حتى تنصب مع درجات النبيين , وهي بين درج النبيين , كالقمر بين الكواكب , فلا يبقى يومئذ نبي ولا صديق ولا شهيد إلا قال : طوبى لمن كانت هذه الدرجة درجته. فيأتي النداء من عند الله عز وجل فيسمع النبيون وجميع الخلق : هذه درجة محمد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. فأقبل وأنا يومئذ منور ( متزرا –خ ل ) بريطة[۱۰] من نور , علي تاج الملك , وإكليل الكرامة , وأخي علي بن أبي طالب أمامي , وبيده لوائي , وهو لواء الحمد , مكتوب عليه : ” لا إله إلا الله , المفلحون هم الفائزون “. فإذا مررنا بالنبيين , قالوا : هذان ملكان مقربان لم نعرفهما ولم نرهما. وإذا مررنا بالملائكة , قالوا : هذان نبيان مرسلان , حتى أعلو الدرجة وعلي يتبعني , حتى إذا صرت في أعلى درجة , وعلي أسفل مني بدرجة , فلا يبقى يومئذٍ نبي ولا صدِّيق ولا شهيد إلا قال : طوبى لهذين الغلامين ( العبدين – خ ل ) , ما أكرمهما على الله.
فيأتي النداء من قبل الله , يسمع النبيون والصديقون والشهداء : هذا حبيبي محمد , وهذا وليي علي , طوبى لمن أحبه , وويل لمن أبغضه , وكذب عليه. ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : فلا يبقى يومئذٍ أحد أحبك يا علي , إلا استراح إلى هذا الكلام وابيض وجهه وفرح قلبه , ولا يبقى يومئذٍ أحد عاداك ونصب لك حرباً أو جحد لك حقاً إلا اسود وجهه , واضطرب قلبه . فبينا أنا كذلك , إذ ملكان قد أقبلا إلي. أما أحدهما : فرضوان خازن الجنة. وأما الآخر : فمالك خازن النار. فيدنو رضوان فيقول : السلام عليك يا أحمد ( رسول الله – خ ل ).
فأقول : وعليك السلام أيها الملك , من أنت ؟ فما أحسن وجهك وأطيب ريحك ! فيقول : أنا رضوان خازن الجنة وهذه مفاتيح الجنة بعث بها إليك رب العزة فخذها يا أحمد. فأقول : قد قبلت ذلك من ربي , فله الحمد على ما فضلني به , فآخذها وأدفعها إلى علي , ثم يرجع رضوان فيدنو مالك فيقول : السلام عليك يا أحمد ( يا حبيب الله – خ ل). فأقول : وعليك السلام أيها الملك , من أنت فما أقبح وجهك وأنكر رؤيتك. فيقول : أنا مالك خازن النار , وهذه مقاليد النار , بعث بها إليك رب العزة , فخذها يا أحمد. فأقول : قد قبلت ذلك من ربي , فله الحمد على ما فضلني به , فآخذها وأدفعها إلى علي. في البحار :” ادفعها إلى أخي علي بن أبي طالب فيدفعها إليه “.
ثم يرجع مالك فيقبل علي يومئذٍ , ومعه مفاتيح الجنة ومقاليد النار , حتى يقف على حجرة جهنم , وقد تطاير شررها , وعلا زفيرها , واشتد حرَّها , وعلي آخذ بزمامها , فتقول جهنم : جزني يا علي , فقد أطفأ نورك لهبي ! فيقول علي : قري يا جهنم , خذي هذا عدوي , وذري هذا وليي. فلجهنم يومئذٍ أشد مطاوعة لعلي من غلام أحدكم لصاحبه , فإن شاء يذهبها يمنة , وإن شاء يذهبها يسرة , فهي أشد مطاوعة لعلي فيما يأمرها به من جميع الخلائق ” ( انتهى )[۱۱].
أقول : عندما يقول الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم في صدر هذا الحديث :” الوسيلة درجتي في الجنة , وهي ألف مرقاة … ” فإن المقصود هو مراتب ودرجات الولاية المحمدية والعلوية , وأن محمداً والأئمة المعصومين صلوات الله وسلامه عليهم يحلون في الدرجات العليا منها , وإن شيعتهم ومحبيهم , العارفين مقامهم الرفيع والعاملين بأمرهم , والمقرين والمعترفين بفضائلهم ومناقبهم لهم ذلك , وتتباين الدرجات علواً وانخفاضاً بتباين المحبة لآل البيت عليهم الصلاة والسلام , وإن كل من يسعى في هذه الدنيا التي هي دار امتحان وتكليف , إلى تهذيب نفسه بالأعمال الصالحة التي تزيد من معرفته ومحبته لآل البيت عليهم الصلاة والسلام , وتقربه حسب ولايته إلى الأئمة المعصومين عليهم السلام , فإن درجته ستعلو في الآخرة , ويقرب إلى رحمة ربه أكثر. وكل من يكون محروماً من نعمة الولاية والمحبة لأهل البيت عليهم الصلاة والسلام , فسيُحرم من درجات القرب إلى ثواب الله في الآخرة.
بل أقول أكثر من ذلك : إن الذين يعادون الأئمة وينافقون وينكرون مقاماتهم ودرجاتهم العلوية , عند الله , وولايتهم الكلية المطلقة , فإنهم سيصلون نار جهنم , لأنهم سيكونون من المغضوب عليهم عند الله تعالى. والحديث يثبت أن الجنة لموالي محمد صلى الله عليه وآله وسلم وآل محمد عليهم الصلاة والسلام , وأن النار لأعداء ومنكري حق محمد صلى الله عليه وآله وسلم وآل محمد عليهم الصلاة والسلام.
(۱۱) (دعاء عرفة ): يقول الإمام زين العابدين عليه الصلاة والسلام في دعائه ( يوم عرفة ) :” … رب صلِّ على أطائب أهل بيته , الذين اخترتهم لأمرك , وجعلتهم خزنة علمك , وحفظة دينك , وخلفاءك في أرضك , وحججك على عبادك , وطهرتهم من الرجس والدنس , وتطهيرا بإرادتك , وجعلتهم الوسيلة إليك , والمسلك إلى جنتك …” [۱۲]- وقد ورد في الدعاء , عن الإمام الصادق عليه الصلاة والسلام : ” اللهم أعط محمداً وآله الوسيلة والفضيلة والشرف والرفعة والدرجة الكبيرة …”[۱۳].
(۱۲) (لزيارة الجامعة الكبيرة ) : يقول الإمام علي الهادي عليه الصلاة والسلام :” أنتم ( الصراط – خ ل ) السبيل الأعظم , والصراط الأقوم , وشهداء دار الفناء ، وشفعاء دار البقاء , والرحمة الموصولة , والآية المخزونة , والأمانة المحفوظة ، والباب المبتلى به الناس , من أتاكم نجا , ومن لم يأتكم هلك …”[۱۴]. – وردت الزيارة في البحار :” … أنتم يا ساداتي السبيل الأعظم , والصراط الأقوام ,والنبأ العظيم , والحبل المتين , والسبب الممدود من السماء إلى الأرض ، أنتم شهداء دار الفناء , وشفعاء دار البقاء , أنتم الرحمة الموصولة , والآية المخزونة , والباب الممتحن به الناس , من أتاكم نجا , ومن تخلف عنكم هوى “[۱۵].
(۱۳) (الإحتجاج للطبرسي ) : يقول الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم في خطبة الغدير : ” معاشر الناس ! فضلوا علياً , فإنه أفضل الناس بعدي من ذكر وأنثى , بنا أنزل الله الرزق , وبقي الخلق , ملعون ملعون , مغضوب مغضوب , من رد علي قولي هذا ولم يوافقه …”[۱۶].
(۱۴) (أصول الكافي ) : ” عن أبي عبد الله الصادق عليه الصلاة والسلام قال : أبى الله أن يجري الأشياء إلا بأسباب , فجعل لكل شيء سبباً , وجعل لكل سبب شرحاً , وجعل لكل شرح علماً , وجعل لكل علم باباً ناطقاً , عرفه من عرفه , وجهله من جهله , ذاك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ونحن “[۱۷].
إن الروايات التي ذكرناها في تفسير الآية المباركة , نقلناها عن الأئمة المعصومين عليهم الصلاة والسلام , ومن علماء أهل السنة تثبت أن محمدا صلى الله عليه وآله وسلم , وآل محمد عليهم الصلاة والسلام , هم الوسيلة بين الله وبين المخلوقات , ولو أن ( الوسيلة ) تطلق لفظياً على كل نوع من الأسباب التي تقرب العبد إلى ربه كالعلم والمعرفة والعبادة والإحسان والدعاء والصدقة وغيرها.
لكننا بالنظر المعتبر إلى الآيات والأخبار , تبين أن الله تبارك وتعالى , جعل الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم , وأهل بيته الأطهار عليهم الصلاة والسلام , السبب الأعظم , والوسيلة الكاملة التي تقرب العبد إلى ربه , ولم يجعل سبحانه سبباً أعظم وأشرف منهم بينه وبين خلقه.
قال الشاعر:
وإذا الرجال توسلوا بوسيلة فوسيـلتي حبي لآل محمد
ألله طهرهم بفضـل نبـيه وأبان شيعتهم بطيب المولد
وبالمناسبة قال الشاعر[۱۸]:
لو لم تكن في حب آل محمد جاءتك أمك غير طيب المولد
وهناك روايات وأحاديث كثيرة أخرى تثبت أن محمداً صلى الله عليه وآله وسلم , وآل محمد عليهم الصلاة والسلام أعظم وسيلة وأكبر واسطة بين الخالق والمخلوق , منها:
(فضائل ابن شاذان ) و( البحار ) : يروي ابن مسعود (رض) فيقول : دخلت يوما على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقلت : يا رسول الله. أرني الحق لأتصل به. فقال : يا عبد الله ! لج المخدع. قال : فولجت المخدع , وعلي بن أبي طالب يصلي وهو يقول في ركوعه وسجوده : ” اللهم بحق محمد عبدك ورسولك اغفر للخاطئين من شيعتي “. فخرجت حتى أخبر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فرأيته وهو يصلي , ويقول : ” اللهم بحق علي بن أبي طالب عليه الصلاة والسلام عبدك , اغفر للخاطئين من أمتي “. قال : فأخذني هلع حتى غشي علي , فرفع النبي صلى الله عليه وآله وسلم رأسه وقال : يا بن مسعود ! أكفراً بعد إيمان ؟! فقلت : حاشا وكلا يا رسول الله , ولكني رأيت علياً يسأل الله تعالى بك , ورأيتك تسأل الله تعالى به , فلم أعلم أيكما أفضل عند الله ! فقال لي : يا بن مسعود ! إن الله تعالى خلقني وخلق علياً والحسن والحسين من نور قدسه قبل أن يخلق الخلق بألفي عام.
إذ لا تقديس ولا تسبيح , فلما أراد أن ينشىء خلقه , فتق نوري , فخلق منه السماوات والأرض , وأنا والله أجل من السماوات والأرض. وفتق نور علي بن أبي طالب عليه الصلاة والسلام فخلق منه العرش والكرسي , وعلي بن أبي طالب عليه الصلاة والسلام أفضل من العرش والكرسي ، وفتق نور الحسن عليه الصلاة والسلام وخلق منه اللوح والقلم , والحسن عليه الصلاة والسلام أفضل من اللوح والقلم ، وفتق نور الحسين عليه الصلاة والسلام فخلق منه الجنان والحور العين , والحسين عليه الصلاة والسلام والله أفضل من الجنان والحور العين , فعند ذلك أظلمت المشارق والمغارب. فضجت الملائكة ونادت : إلهنا وسيدنا , بحق الأشباح التي خلقتها , إلا ما فرجت عنا هذه الظلمة. فعند ذلك , تكلم الله بكلمة أخرى , فخلق منها روحاً , فاحتمل النور الروح , فخلق منه الزهراء فاطمة , فأقامها أمام العرش , فأزهرت المشارق والمغارب , فلأجل ذلك سميت الزهراء.
يا ابن مسعود ! إذا كان يوم القيامة , يقول الله عز وجل لي ولعلي بن أبي طالب : أدخلا الجنة من شئتما , وألقيا في النار من أبغضتما , وذلك قوله تعالى[ أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ] [۱۹]. فقلت: يا رسول الله ! من الكفار العنيد ؟ قال : الكفار : من كفر بنبوتي , والعنيد : من عاند علي بن أبي طالب , فالنار أمده , والجنة لشيعته ومحبيه “[۲۰].
وهذا الحديث يصرح على لسان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم , أن السماء والأرض والعرش والكرسي واللوح والقلم والجنة والحور العين كلها خلقت من أنوار هؤلاء المعصومين عليهم الصلاة والسلام ، وفي الحقيقة إن السبب الأعظم من خلق جميع الكائنات هو وجود هؤلاء المعصومين الطاهرين صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين.
إن قسم الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم عند الدعاء بحق علي عليه الصلاة والسلام ما هو إلا دليل على اعتبار الرسول صلى الله عليه وآله وسلم علياً أعظم وسيلة بين الله وبين خلقه , فجعله سبباًَ في الدعاء يوصل للإجابة.
وبذلك علم النبي صلى الله عليه وآله وسلم ابن مسعود والمسلمين جميعاً , الطريقة الصحيحة للدعاء والتوسل إلى الله تبارك وتعالى , بأن يتوسلوا بحق علي عليه الصلاة والسلام وأولاده عليهم الصلاة والسلام. (۱۶) (أصول الكافي) : يروي عن الإمام الصادق عليه الصلاة والسلام حيث قال : ” نحن والله الأسماء الحسنى. التي لا يقبل الله من العباد عملا, إلا بمعرفتنا “[۲۱].
وفي هذه الرواية يثبت أن قبول الأعمال والعبادات من العباد عند الله تعالى لا يتحقق إلا بمعرفة العباد ولاية محمد صلى الله عليه وآله وسلم وآل محمد عليهم الصلاة والسلام ، والإقرار والاعتراف بها.
(۱۷) (أصول الكافي ) : يروي عن الإمام الصادق عليه الصلاة والسلام حيث قال : ” إن الله خلقنا , فأحسن صورنا , وجعلنا عينه في عباده , ولسانه الناطق في خلقه , ويده المبسوطة على عباده بالرأفة والرحمة , ووجهه الذي يؤتى منه , وبابه الذي يدل عليه , وخزائنه في سمائه وأرضه , بنا أثمرت الأشجار وأينعت الثمار , وجرت الأنهار , وبنا ينزل غيث السماء ، وينبت عشب الأرض , وبعبادتنا عبد الله , ولولا نحن ما عبد الله “[۲۲].
وهنا نلاحظ أن الإمام الصادق عليه الصلاة والسلام قد عرف وجعل أهل بيت العصمة أنهم الوسيلة التكوينية والتشريعية بين الحق (الله) والخلق , وأن إنكار هذه العقيدة في الحقيقة هو إنكار لكلام الإمام , ورد عليه الصلاة والسلام , وأن الذي يفعل ذلك , نهايته معلومة.
ونستطيع بروايات ودلائل كثيرة , أن نثبت أن محمداً وآل محمد عليهم صلوات الله وسلامه , هم أعظم وسيلة بين الخالق والمخلوق , ولكن ما أوردناه يكفي في إقناع المنصف المؤمن , أما الجاهل العنود الذي خلا قلبه من نور الهداية والإيمان فلن تقنعه آلاف الأدلة والبراهين بسبب جهله وعناده [ وَلاَ يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إَلاَّ خَسَاراً] [۲۳].
________________
[۱] كتاب الولاية – لسماحة المولى خادم الشريعة الغراء الميرزا عبد الرسول الحائري أعلى الله مقامه.
[۲] سورة المائدة ، المائدة : ۳۵
[۳] شرح النهج : ۱۶/۲۱۱
[۴] ينابيع المودة : ۱/۲۰
[۵] عيون أخبار الرضا : ۲/۵۸- تفسير الصافي عنه : ۲/۳۳- وفي تفسير القمي : ۱/۱۶۸, في تفسير الآية قال : ” تقربوا إليه بالإمام “.
[۶] وعره عرا : ساءه . وشانه يشينه شينا : ضد زانه.
[۷] تفسير العسكري : ص ۲۱۹- تأويل الآيات :۱/۴۴- ح۱۹- البحار ۱۱/۱۵۰- ضمن ح ۲۵ و۲۶ /۳۳۷- ينابيع المودة : ۱/۹۵- البرهان : ۱/۸۸- ح۱۳, فرائد السمطين : ۱/۳۶
[۸] تفسير أبو الفتوح الرازي
[۹] حضر الفرس : عدوه. الجواد شهرا , الجواد كغراب : العطش وشدته ( قاموس )
[۱۰] الريطة : كل ملاءة إذا كانت قطعة واحدة , وليست لفقين , أي قطعتين ( مجمع البحرين: ۴/۲۵۰ )
[۱۱] أخرجه في البحار : ۷/۳۲۶- ح۲ – معاني الأخبار : ۱۱۶- ح۱ – أمالي الصدوق : ۱۰۲- علل الشرائع : ۱/۶۴- بصائر الدرجات : ۴۱۶- تفسير القمي : ۶۴۴- تأويل الآيات الظاهرة : ۱/۱۴۶- ح۶- ينابيع المودة : ۱/۸۲
[۱۲] مصباح الكفعمي : ۲/۷۸۱
[۱۳] مفاتيح الجنان : ص ۳۲۶
[۱۴] مفاتيح الجنان : ص ۶۲۰
[۱۵] البحار : ۹۷/۳۴۴
[۱۶] راجع الاحتجاج : ۱/۶۰- كما أورد سماحة المؤلف – حفظه المولى – خطبة الغدير بتمامها في أول الكتاب الذي بين يديك
[۱۷] أصول الكافي : ۱/۱۸۳- ح۱۷
[۱۸] ينابيع المودة : ۳/۴
[۱۹] سورة ق ، الآية : ۲۴
[۲۰] الفضائل لابن شاذان : ص ۱۲۸ . ط. مكتبة العرفان , بيروت , دون تاريخ – البحار : ۳۶/۷۳
[۲۱] أصول الكافي : ۱/۱۴۴٫
[۲۲] أصول الكافي : ۱۴۳/۱ ح۴٫
[۲۳] سورة الإسراء ، الآية : ۸۲
الكاتب: الميرزا عبد الرسول الحائري