- الإسلام
- القرآن
- النبي وأهل بيته
- الشيعة
- الأسرة
- أسئلة وأجوبة
- الدعاء وشروط استجابته
- وقت المطالعة : 40 دقیقة
- بواسطة : امین نجف
- 0 تعليق
الحمدُ للَّه ربِّ العالمين ، وصلّى اللَّه على عباده الذين اصطفى ، محمد وأهلِ بيته الطاهرين ، ولعنة اللَّهِ على أعدائهم إلى يوم الدين.
وبعد: فهذا بحثٌ موجزٌ ، عرضتُ فيه ما قام به أهل البيت عليهم السلام من جهود من أجلِ الحفاظ على السنة المشرّفة ، ووقايتها من عبث العابثين ، وما بذلوه من الجهود الحثيثة ، لتصل إلينا السنة كاملة سالمة ، دون أن يعكّر صفوها كذب الوضّاعين أو أخطاء الرواة.
وقد مهّدتُ للبحث بمقدّمة بيّنتُ فيها مكانة السنّة في التشريع ، وأنّها المصدر الثاني للتشريع إلى جانب القرآن الكريم ، ولا يمكن الاستغناء بأحدهما عن الآخر ، الأمر الذي يفرض ضرورة الاهتمام بها والحفاظ عليها ، لتوقّف حفظ كيان الدين كلّه على ذلك.
ثمّ انتقلتُ إلى بيان المجالات التي نشط فيها أهل البيت عليهم السلام لتحقيق هذا الهدف ، فعرضتُها كما يلي:
المجال الأوّل :
في حثّ أهل البيت عليهم السلام لأتباعهم على تلقّي الحديث وروايته وتدوينه.
المجال الثاني :
في ممارسات أهل البيت عليهم السلام أنفسهم لتدوين الحديث الشريف ، وأشرتُ فيه إلى بعض ما دوّنوه ، ابتداءً من كتاب الإمام علي عليه السلام الذي هو من إملاء رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وخط عليّ عليه السلام ، ثم تابعت مدوّنات باقي الأئمة عليهم السلام حسب تسلسلها الزمني ، حتى انتهيت بما دوّنه الامام الحسن العسكري عليه السلام.
المجال الثالث :
في إشرافِ أهل البيت عليهم السلام المباشر على حركة الحديث رواية وتدويناً ، وذكرت فيه:
۱ـ توثيق الأئمّة عليهم السلام لأشخاص معيّنين من خلّص أصحابهم ، ليكونوا واسطةً أمينةً وموثوقةً لنقل أحاديثهم إلى اتباعهم ، وذكرتُ أسماءهم والنصوص الصادرة من الأئمّة عليهم السلام بحقّهم.
۲ـ تحذير النبي صلى الله عليه وآله والأئمّة عليهم السلام من الكذب عليهم أو التسامح في نقل الأحاديث عنهم ، وفضحهم للكذّابين ولعنهم والبراءة منهم ، وأوردتُ أسماء معظم أولئك المكذّبين الملعونين والنصوص الصادرة من الأئمّة عليهم السلام في لعنهم والتحذير منهم.
۳ـ عرض المصنّفات الحديثيّة على الأئمّة عليهم السلام ومتابعتهم لما يدوّن من الأحاديث والبتّ بشأنها من ناحية صحّتها ووجوب العمل بها ، أو حكمهم ببطلانها وإسقاطها عن الاعتبار.
۴ـ بيان ما صدر عن الأئمّة عليهم السلام من الإرشادات في ما يتعلّق بتلقّي الحديث وضوابط روايته.
۵ـ بيان ما صدر عن الأئمّة عليهم السلام من التنبيه على ما وقع فيه رواة الأحاديث من أخطاء.
المجال الرابع :
في ما وضعه أهل البيت عليهم السلام من الضوابط التي تؤدّي إلى العلم بصدور الحديث عنهم أو عدم صدوره ، والضوابط التي يعرف بها صدور الحديث عنهم بإرادة جدّية أو صدوره بنحو التقيّة.
وأسأل اللَّه الذي يسّر إنجاز هذا البحث ، أن ينفع به ، وأن يجعله عملاً خالصاً لوجهه الكريم ، والحمد للَّه رب العالمين.
مقدّمة :
إنّ الاهتمام بالسنّة الشريفة والعمل على حفظها وصيانتها من التلاعب والضياع ، ضرورةٌ يفرضها كون السنّة هي المصدر الثاني – في عرض القرآن الكريم – فهما المصدران الأساسيّان للتعاليم الإسلاميّة ، اللذان لا يستغنى بأحدهما عنالآخر.
والسنّة الشريفة هي المبيّن للأحكام الشرعيّة ، وللتعاليم الإسلاميّة عموماً ، مضافاً إلى وظيفتها الأساسيّة في بيان آيات الكتاب ، بتفسير مجملاته ، وتخصيص عموماته ، وتقييد مطلقاته. ولأجل ذلك جاء قول النبي الأكرم صلى الله عليه وآله الوارد عن طرق شيعة أهل البيت عليهم السلام وعن طرق العامّة أيضاً: «يا أيّها الناس ، إنّي تركتُ فيكم ما إنْ أخذتُم به لنْ تضلّوا ، كتابَ اللَّه وعترتي أهلَ بيتي» (۱) .
وأهل البيت عليهم السلام هم الحاملون للسنّة الشريفة ، وهم الامتداد الشرعيّ للنبي صلى الله عليه وآله في بيان الأحكام الشرعيّة ، بما دوّنوه وتوارثوه من أحاديث النبي صلى الله عليه وآله مثل كتاب عليّ عليه السلام ومصحف فاطمة عليها السلام وبما أوتوه من علمٍ وفهمٍ من اللَّه عزَّ وجلَّ ، ممّا تحتاجه الأمّة في مجال العقيدة والتشريع والتعاليم الإسلاميّة عامّةً.
السنة الشريفة وحيٌ منزل :
عن حسّان بن عطيّة قال: كان جبريل عليه السلام ينزل على رسول اللَّه صلى الله عليه وآله بالسنّة كما ينزل عليه بالقرآن ، ويعلّمه كما يعلّمه القرآن (۲) .
وقال ابن حزم: «لمّا بيّنا أنَّ القرآن هو الأصل المرجوع اليه في الشرائع ، نظرنا فيه ، فوجدنا فيه إيجاب طاعة ما أمرنا به رسول اللَّه صلى الله عليه وآله ، ووجدناه عزّ وجلَّ يقول فيه واصفاً لرسول اللَّه صلى الله عليه وآله: «وَ مَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْىٌ يُوحَى » (۳) .
فصحَّ لنا بذلك: أنَّ الوحي ينقسم من اللَّهِ عزّ وجلَّ إلى رسوله على قسمين:
أحدهما: وحيٌ متلُوٌ ، مؤلّفٌ تأليفاً معجزَ النظام ، وهو القرآن.
والثاني: وحيٌ مروِيّ ، منقولٌ ، غير مؤلّفٍ ، ولا معجزِ النظام ولا متلوٍّ ، ولكنّه مقروءٌ ، هو الخبر الوارد من رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وهو المبيّن عن اللَّه عزّ وجلَّ مراده» (۴) .
ومنه يتضح: أنَّ أيَّ تفريطٍ أو تهاونٍ في حفظ السنّة ، هو في الواقع تفريط في هذا المصدر المبيّن لمفاهيم الكتاب ، وللكثير من الأحكام التي لم ينصّ عليها في آيات الكتاب ، و ذلك التفريط محقٌ لأصل الدين الحنيف ، وتضييع لأحكامه وتعاليمه.
ولأجل ذلك قاوم أهل البيت عليهم السلام بإصرارٍ المحاولات التي جرتْ في حياة النبي صلى الله عليه وآله وبعد وفاته ، بهدف إلغاء السنّة وتضييعها تحت شعار (حسبُنا كتابُ اللَّه) ووقفوا موقف المعارضة من تلك المحاولات التي تمثّلت في إحراق ما هو مكتوب من أحاديث رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وفي المنع عن رواية الحديث وتدوينه (۵) .
مجالات عمل أهل البيت عليهم السلام لحفظ السنة :
وقد تضافرت جهود أهل البيت عليهم السلام الهادفة الى حفظ السنة من الضياع ، وصيانتها من التلاعب والتحريف الذي قد يعتري نصوصها بطروّ الوضع أو أخطاء الرواة ، وقد تجلّت تلك الجهود في مجالات متعددة ، نشير اليها في ما يلي:
المجال الأوّل : الحثّ على تلقّي الحديث وروايته وتدوينه ، ويقع البحث في هذا المجال في ثلاث نقاط:
النقطة الأولى : في الحثّ على تلقّي الحديث وحفظه:
ونذكر فيها الشواهد التالية:
۱ـ عن أنس ، قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله: «من حفظ من أمّتي أربعين حديثاً في أمر دينه ، يريد به وجه اللَّه عزَّ وجلَّ والدار الآخرة ، بعثه اللَّه يوم القيامة فقيهاً عالماً» (۶) .
۲ـ عن ابن عبّاس ، عن النبيّ صلى الله عليه وآله قال: «مَن حفظ من أمّتي أربعين حديثاً من السنّة ، كنتُ شفيعاً له يوم القيامة» (۷) .
۳ـ وأوصى رسول اللَّه صلى الله عليه وآله عليّاً عليه السلام بقوله: «يا عليّ ، من حفظ من أمّتي أربعين حديثاً ، يطلب بذلك وجه اللَّه عزّ وجلَّ والدار الآخرة ، حشره اللَّه يوم القيامة مع النبيّين والصدّيقين والشهداء والصالحين ، وحسن أولئك رفيقاً» (۸) .
۴ـ عن النبي صلى الله عليه وآله قال: «أدلّكم على الخلفاء من أمّتي ومن أصحابي ومن الأنبياء قبلي ، هم حملة القرآن والأحاديث عنّي وعنهم في اللَّه وللَّه عزَّ وجلَّ ، ومن خرج يوماً في طلب العلم ، فله أجر سبعين نبيّاً» (۹) .
۵ـ عن جابر عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال لي: «يا جابر ، واللَّهِ لحديث تصيبه من صادق في حلال وحرام ، خيرٌ لك ممّا طلعت عليه الشمس حتى تغرب» (۱۰) .
۶ـ عن أبي جعفر عليه السلام قال: «سارعوا في طلب العلم ، فو الذي نفسي بيده ، لحديث واحد في حلال وحرام ، تأخذه عن صادق ، خير من الدنيا وما حملت من ذهب وفضة ، وذلك أنَّ اللَّه تعالى يقول: «وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا» (۱۱)» (۱۲) .
۷ـ عن أبي عبد الله عليه السلام قال: «من حفظ من أحاديثنا أربعين حديثاً ، بعثه اللَّه يوم القيامة عالماً فقيهاً» (۱۳) .
النقطة الثانية: الحثّ على رواية الحديث:
ومن شواهدها الروايات التالية:
۱ـ عن جميل عن أبي عبد الله عليه السلام: «يا جميل ، اروِ هذا الحديث لإخوانك؛ فإنّه ترغيب في البرّ» (۱۴) .
۲ـ عن أبي عبد الله عليه السلام: أنّ رسول اللَّه صلى الله عليه وآله خطب الناس في مسجد الخيف ، فقال: «نضّر اللَّه عبداً سمع مقالتي فوعاها وحفظها ، وبلّغها مَن لم يسمعها ، فربَّ حامل فقهٍ غير فقيهٍ ، وربَّ حامل فقهٍ إلى من هو أفقه منه» (۱۵) .
۳ـ وممّا روي عن رسول اللَّه صلى الله عليه وآله في خطبة الغدير: «وقد بلّغت ما أمرت بتبليغه ، حجّة على كلّ حاضر وغائب ، وعلى مَن شهد ومن لم يشهد ، فليبلّغ حاضركم غائبكم إلى يوم القيامة» (۱۶) .
۴ـ قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله: «اللهم ارحم خلفائي» قيل: يا رسول اللَّه ، ومن خلفاؤك؟ قال: «الذين يأتون من بعدي ، ويروون حديثي وسنّتي» (۱۷) .
۵ـ عن معاوية بن عمّار ، قال: قلتُ لأبي عبد الله عليه السلام: رجلٌ راويةٌ لحديثكم ، يبثُّ ذلك في الناس ، ويشدّده في قلوبهم وقلوب شيعتكم ، ولعلَّ عابداً من شيعتكم ليستْ له هذه الرواية ، أيّهما أفضل؟
قال: «الراوية لحديثنا ، يشدُّ به قلوب شيعتنا ، أفضل من ألف عابد» (۱۸) .
۶ـ عن عبد السلام بن صالح الهروي ، قال: سمعت أبا الحسن الرضا عليه السلام يقول: «رحم اللَّه عبداً أحيى أمرنا» فقلتُ: وكيف يحيي أمركم؟
قال: «يتعلّم علومنا ويعلّمها الناس ، فإنّ الناس لو علموا محاسن كلامنا لاتّبعونا» (۱۹) .
۷ـ عن عليّ بن حنظلة قال: سمعتُ أبا عبد اللَّه عليه السلام يقول: «اعرفوا منازل الناس على قدر روايتهم عنّا» (۲۰) .
۸ـ عن أبي عبد اللَّه عليه السلام قال: «تزاوروا ، فإنَّ في زيارتكم إحياءً لقلوبكم ، وذكراً لأحاديثنا ، وأحاديثُنا تعطف بعضكم على بعضٍ ، فإِن أخذتم بها رشدتم ونجوتم ، وإن تركتموها ضللتم وهلكتم ، فخذوا بها، وأنا بنجاتكم زعيم» (۲۱) .
النقطة الثالثة: في الحثّ على تدوين الحديث:
فمن الروايات الواردة عن النبي صلى الله عليه وآله ما يلي:
۱ـ الرواية التي نقلتْ عن أبي هريرة بطرق متعددة، وبألفاظ مختلفة ، ونختار منها هذا النصّ : أنَ رجلاً من الأنصار كان يجلس إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وآله فيسمع منه الحديث يعجبه ، ولا يقدر على حفظه، فشكا ذلك إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وآله فقال: «استعن بيمينك» (۲۲) .
۲ـ ما روي بطرق متعدّدة عن عبد اللَّه بن عمرو بن العاص ، من أمر النبي صلى الله عليه وآله بتقييد العلم بالكتابة ، وفي أحدها قول عبد اللَّه بن عمرو: قلتُ: يا رسول اللَّه ، أُقيّد العلم؟ قال: «نعم» قلتُ: وما تقييده؟ قال: «الكتاب» (۲۳) .
۳ـ ما رواه رافع بن خديج من أنَّ النبي صلى الله عليه وآله أَذِن لهم في كتب ما سمعوه منه ، قال: قلنا: يا رسول اللَّه ، إنّا نسمع منك أشياءً ، أفنكتبها؟ قال: «اكتبوها، ولا حرج» (۲۴) .
۴ـ ما روي عن عبد اللَّه بن عمرو بعدّة طرق من إِذنه صلى الله عليه وآله بكتابة حديثه ، ومنها: قلنا: يا رسول اللَّه ، إنَّا نسمع منك أحاديث لا نحفظها ، أفلا نكتبها ؟ قال: «بلى ، فاكتبوها » (۲۵) .
۵ـ عن عبد اللَّه بن عمرو أيضاً أنّه قال للنبي صلى الله عليه وآله: أكتب كلّ ما أسمع منك؟ قال: «نعم» قلتُ: في الغضب والرضا؟ قال: «نعم ، إِنَّي لا أقول في الغضب والرضا إلّا الحقّ » (۲۶) .
۶ـ عن أنس بن مالك قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله: «المؤمن إذا ماتَ وترك ورقةً واحدةً عليها علمٌ ، تكون تلك الورقة يوم القيامة ستراً في ما بينه وبين النار» (۲۷) .
والروايات الواردة عن الأئمّة المعصومين عليهم السلام في الحثّ على رواية الحديث وتدوينه ، منها:
أوّلاً: عن عليّ عليه السلام أنّه خطب الناسَ فقال: «مَن يشتري منيّ علماً بدرهم ؟ » (۲۸) .
قال أبو خيثمة: يقول: يشتري صحيفةً بدرهمٍ ، يكتب فيها العلم (۲۹) .
وفي بعض نصوص الحديث: أنَّ الحارث الأعور اشترى صحفاً بدرهم ، ثم جاءَ بها عليّاً عليه السلام فكتب له علماً كثيراً ، ثمَّ إنّ الإمام خطب الناسَ بَعدُ فقال: «يا أهل الكوفة ، غلبكم نصفُ رجلٍ » (۳۰)
وعن عليّ عليه السلام قال: «قراءَتك على العالم ، وقراءة العالم عليك سواء ، إذا أقرَّ لك به » (۳۱)
وهذه الرواية «تدلّ على وجود الكتاب في عهد الإمام عليه السلام ، حيث أنَّ قراءة الراوي على الشيخ لا تكون إلّا من كتابٍ وبواسطة نصٍّ مكتوبٍ ، يقرأ الراوي منه على الشيخ » (۳۲) .
ثانياً: عن شرحبيل بن سعد ، قال: دعا الحسن بن علي عليهما السلام بنيه وبني أخيه ، قال: «يا بَنيَّ وبني أخي ، إنكم صغار قومٍ يوشك أن تكونوا كبار آخرين ، فتعلّموا العلم ، فمن لم يستطع منكم أن يرويه ، فليكتبه وليضعه في بيته » (۳۳) .
ثالثاً: عن الإمام الحسين عليه السلام أنّه قال: في خطبة له في منى ، في جمعٍ عظيمٍ من بني هاشم والشيعة والصحابة والتابعين: «أمّا بعد ، فإن هذا الطاغية قد فعل بنا وبشيعتنا ما قد رأيتُم وعلمتُم وشهدتُم… اسمعوا مقالي واكتبوا قولي ، ثمّ ارجعوا إلى أمصاركم وقبائلكم ، فمن أمنتم من الناس ووثقتم به ، فادعوهم إلى ما تعلمون من حقّنا ، فإنّي أتخوّف أن يدرس هذا الأمر ويذهب الحقّ » (۳۴) والشاهد في هذا الكلام : قوله عليه السلام: «اكتبوا قولي» ودلالته على تدوين الحديث من جهات:
۱ـ أنّنا – نحن الشيعة الإماميّة – نعتقد أن ما يحدّث به الإمام عليه السلام فإنّما هو من السنّة التي يجب اتّباعها ، لما ثبت عندنا من الأدلّة على أنَّ الأئمّة عليهم السلام إنّما هم الحجج المنصوبون من قبل رسول اللَّه صلى الله عليه وآله على الأمّة ، حيث أمرها بالتمسك بهم والأخذ عنهم.
۲ـ أنَّ الأئمّة عليهم السلام قد صرّحوا بأنَّ حديثهم إنّما هو حديث جدّهم رسول الله صلى الله عليه وآله فهو بحكمه في الحجّية.
۳ـ أنَّ قوله الذي أمرَ بكتابته لا يخلو من ذكر حقّهم عليهم السلام الذي أشار إليه ، ولا يخفى أنَّ حقّهم إنّما يثبت بما أثبته لهم رسول اللَّه صلى الله عليه وآله فحديثه الذي أمر بكتابته حاوٍ لحديث الرسول صلى الله عليه وآله لا محالة.
۴ـ أن قوله: «اكتبوا قولي» يكشف عن رضاه بكتابة سنّة الرسول صلى الله عليه وآله بالأولوية المعلومة ، خاصّةً إذا كان الحديث يرتبط بأمر الدين (۳۵) .
رابعاً: ما ورد عن الإمام محمّد الباقر عليه السلام ومنه:
۱ـ قوله عليه السلام: «عَرضُ الكتابِ والحديثُ سواءٌ » (۳۶) .
المراد بالعرض هنا: قراءة الراوي الروايات على الشيخ ، والمراد بالحديث هنا: تحديث الشيخ وإلقاؤه الروايات على الراوي ، والعَرْض هنا هو ما يسمّى في علم المصطلح ودراية الحديث بالقراءة على الشيخ ، والحديث هنا هو ما يسمّى في ذلك العلم بالسماعِ من الشيخ. ومعنى هذا الخبر: أنَّ القراءة على الشيخ تساوي في الحجّية والاعتبار السماع منه (۳۷) .
۲ـ قوله عليه السلام: «سارعوا في طلب العلم ، فو الذي نفسي بيده ، لحديث واحد في حلال وحرام تأخذه عن صادق ، خيرٌ من الدنيا وما حملت ، من ذهبٍ وفضةٍ ، وذلك أنَّ اللَّه يقول: «ما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا » (۳۸) » (۳۹) .
فقد أشار الإمام عليه السلام هنا إلى ضرورة التدوين ولزوم الكتابة ، بنحو دقيق وبلاغة فائقة ، إذ جعل الحديث خيراً من الذهب والفضة ، فإذا كان الإنسان بطبعه يحافظ على الذهب والفضة بالإحراز والحفظ ، ولا يعرضهما للتلف والضياع ، فإنّ ما هو خير منهما – أعني الحديث – يكون أولى بالإحراز والضبط ، ومن الواضح: أنَّ أفضل طرق ضبط الحديث وإحرازه كتابته وتدوينه (۴۰) .
خامساً: ما ورد عن الإمام جعفر الصادق عليه السلام ومنه:
۱ـ قوله عليه السلام للمفضّل بن عمر الجعفي: «اكتب وبثَّ علمك في إخوانك ، فإنَّ متَّ فأورث كتبك بنيك ؛ فإنّه يأتي على الناس زمانٌ هَرْجٌ (۴۱) لا يأنسون فيه إلَّا بكتبهم » (۴۲) .
۲ـ عن أبي بصير ، قال: دخلت على أبي عبد اللَّه عليه السلام فقال: «دخلَ عليَّ أُناس من أهلِ البصرة ، فسألوني عن أحاديث فكتبوها ، فما يمنعكم من الكتاب؟ أما إِنّكم لن تحفظوا حتى تكتبوا » (۴۳) .
سادساً: ما ورد عن الإمام عليّ بن موسى الرضا عليه السلام ومنه:
۱ـ قال علي بن أسباط: سمعت أبا الحسن الرضا عليه السلام يقول: «كان في الكنز الذي قال اللَّه عزّ وجل: «وكان تحته كنز لهما» (۴۴) » إلى أن قال: فقلتُ: جعلتُ فداك ، أريد أن أكتبه ، قال: فضرب واللَّه يده إلى الدواة ليضعها بين يدي ، فتناولتُ يده فقبّلتها ، وأخذت الدواة فكتبته (۴۵) .
۲ـ عن أحمد بن عمر الحلاّل ، قال: قلتُ لأبي الحسن الرضا عليه السلام: الرجل من أصحابنا يعطيني الكتاب ، ولا يقول: إروِهِ عنّي ، يجوز لي أن أرويه عنه؟ قال: فقال: «إذا علمت أنَّ الكتاب له ، فاروِه عنه » (۴۶) .
المجال الثاني :
ممارسة أهل البيت عليهم السلام أنفسهم لتدوين الحديث الشريف ، ونذكر في هذا المجال الكتب التالية:
أوّلاً: كتاب الإمام علي عليه السلام:
وهو إملاءُ رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وخطّ الإمام علي عليه السلام وهو كتابٌ ضخمٌ عبّروا عنه بأنّه: صحيفةٌ طولها سبعون ذراعاً (۴۷) وأنّه: كتابٌ مدرجٌ عظيمٌ (۴۸) .
قال عنه العلّامة الطهراني: أمالي سيّدنا و نبيّنا أبي القاسم رسول اللَّه صلى الله عليه وآله أملاه على أمير المؤمنين عليه السلام وهو كتبه بخطّه الشريف ، هذا أوّل كتاب كتب في الإسلام من كلام البشر ، من إملاء النبيّ وخطّ الوصيّ (۴۹) .
وقد كان الأئمّة من أهل البيت يتوارثون هذا الكتاب ويرجعون إليه ، كما صرّحت بذلك النصوص المرويّة عنهم عليهم السلام ومنها:
۱ـ ما روي عن الإمام الحسن عليه السلام: «إنَّ العلم فينا ، ونحن أهله ، وهو مجموع كلّه بحذافيره ، وأنّه لا يحدث شيءٌ إلى يوم القيامة ، حتّى أرش الخدش ، إلَّا وهو عندنا مكتوبٌ بإملاءِ رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وخطّ عليّ عليه السلام بيده » (۵۰) .
۲ـ عن أبي عبد اللَّه عليه السلام قال: «كان عليّ بن الحسين عليهما السلام إذا أخذ كتاب عليّ عليه السلام فنظر فيه ، قال: مَن يُطيق هذا؟ » (۵۱) .
۳ـ قال عذافر الصيرفي: كنتُ – مع الحكمَ بن عُتَيْبةَ – عند أبي جعفر عليه السلام فجعل يسأله ، وكان أبو جعفر عليه السلام لهُ مكرماً ، فاختلفا في شيء ، فقال أبو جعفر عليه السلام: «يا بُنيّ ، قمْ فأخْرِج كتاب عليّ» فَأَخْرَجَ كتاباً مدروجاً عظيماً ، وفتحه وجعل ينظر فيه ، حتّى أخرج المسألة ، فقال أبو جعفر عليه السلام: «هذا خطّ عليّ عليه السلام وإملاء رسول الله صلى الله عليه وآله » .
وأقبل على الحكم وقال: «يا أبا محمّد ، اذهبْ أنت وسلمة وأبو المقدام حيثُ شئتم – يميناً وشمالاً – فواللَّه لا تجدون العلم أوثق منه عند قومٍ كان ينزل عليهم جَبْرائيل عليه السلام » (۵۲) .
۴ـ وعن الحلبي ، عن أبي عبد اللَّه عليه السلام قال: «إنَّ في كتاب عليّ: أنّه كان يضرب بالسوط ، وبنصف السوط ، وببعضه ، في الحدود » (۵۳) .
۵ـ وحدَّث أبو دِعامة ، أنّه أتى الإمام عليّ بن محمّد الهادي عليه السلام عائداً في علّته التي كانت وفاته منها في هذه السنة ، فلمّا هممتُ بالانصراف قال لي: «يا أبا دعامة ، قد وجب حّقك ، أفلا أحدّثك بحديثٍ تُسَرُّ به؟ » .
فقلتُ له: ما أحوجني إلى ذلك يابن رسول اللَّه.
قال: «حدّثني محمّد بن عليّ ، قال: حدّثني أبي عليّ بن موسى ، قال: حدّثني أبي موسى بن جعفر ، قال: حدّثني أبي جعفر بن محمّد ، قال: حدّثني أبي محمّد بن عليّ ، قال: حدّثني أبي عليّ بن الحسين ، قال: حدّثني أبي الحسين بن عليّ ، قال: حدّثني عليّ بن أبي طالب عليهم السلام قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله: «اكتب يا عليّ » .
فقلتُ: ما اكتب؟ قال: «اكتب: «بسم اللَّه الرحمن الرحيم ، الإيمان ما وقرته القلوب ، وصدّقته الأعمال ، والإسلام ما جرى به اللسان ، وحلّت به المناكح » .
قال أبو دعامة: فقلتُ: يابن رسول اللَّه ، ما أدري – واللَّه – أيّهما أحسن ، الحديث أم الإسناد؟ فقال: «إنّها لصحيفةٌ بخطّ عليّ بن أبي طالب ، بإملاء رسول الله صلى الله عليه وآله نتوارثها صاغراً عن كابرٍ» (۵۴) .
ثانياً: كتاب فاطمة عليها السلام:
وقد ذكرهُ من علماء العامّة الخرائطي (۵۵) والخطيب البغدادي (۵۶) ومن علماء الخاصّة ابن بابويه القمي (ت ۳۲۹هـ) بسنده عن الإمام الصادق عليه السلام أنّه قال: «كنت أنظر في كتاب فاطمة عليها السلام فليس مَلِكٌ يملِك إلاَّ وهو مكتوبٌ باسمه واسم أبيه » (۵۷) .
وقد ذكر أنّه من إملاء رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وخطّ عليّ عليه السلام ويعرف هذا الكتاب أيضاً باسم مصحف فاطمة عليها السلام (۵۸) .
وقد استغلَّ بعض المغرضين إطلاق اسم (المصحف) على هذا الكتاب للتشهير بالمؤمنين الشيعة ، بالنظر إلى شيوع إطلاق هذه الكلمة (المصحف) على القرآن الكريم في عرف المسلمين اليوم.
لكنَّ ذلك التشهير وهذا الاستغلال ظلمٌ على الشيعة ، وإغراء بالجهل لسائر المسلمين؛ حيث إنّ كلمة (المصحف) كانتْ تطلق على كلّ كتابٍ ، كما كانت تطلق عليه (الصحيفة) (۵۹) .
ثالثاً: ما أثر من المؤلّفات عن الإمام زين العابدين علي بن الحسين عليهما السلام :
نقتصر منها على ذكر ما هو مطبوع مستقلاً وهو متداول الآن، وهي:
۱ـ الصحيفة السجاديّة:
وهي كتابٌ يجمع عيون أدعيته ومناجاته ، وقد ضمنها مضامين فكريّة وروحيّة وأخلاقيّة عالية.
أملاه الإمام عليه السلام على ولديه ، الإمام الباقر عليه السلام والشهيد زيد ، وأملاه الإمام الباقر عليه السلام على ولده الإمام الصادق عليه السلام وأملاه الإمام الصادق على الرواة (۶۰) .
۲ـ رسالة الحقوق (۶۱) :
وهو كتابٌ يحتوي على أسس الأخلاق الفاضلة ، ومباني السلوك الاجتماعي في الإسلام.
۳ـ مناسك الحجّ:
وهي رسالة حاوية لجميع أحكام الحجّ ، رواها عن الإمام عليه السلام أبناؤه: الإمام الباقر، وزيد الشهيد ، والحسين الأصغر عليهم السلام.
قال عنها السيّد الجلالي: «وقد طبعت في بغداد بتقديم الحجّة السيّد هبة الدين الشهرستاني رحمه اللَّه ، ولدينا منها نسخةٌ قيّمةٌ مصحّحةٌ ، صحّحها السيّد العلّامة محمّد بن الحسين الجلال من مشايخنا من علماء اليمن السعيدة ، وقابلها على بعض ما عنده من النسخ المصحّحة» (۶۲) .
رابعاً: ما نقل من المؤلّفات عن الشهيد زيد بن عليّ عليه السلام :
وهي كثيرة ، نذكر منها ما هو مطبوع فعلاً ، وهو:
۱ـ كتاب المجموع:
سمعه منه أبو خالد الواسطي ، ورواه عنه ، وهو مطبوعٌ بروايته باسم (مسند زيد) وله شروح كثيرة ، منها: المطبوع باسم (الروض النضير) (۶۳) .
وقال محمّد عجّاج الخطيب: «المجموع من أجلّ الوثائق التاريخيّة التي تثبت ابتداء التصنيف والتأليف في أوائل القرن الثاني الهجري ، بعد أن أستنتجنا هذا من خلال عرضنا لمصنفات ومجاميع العلماء ، من غير أن نرى نموذجاً مادياً يمثل أولى تلك المصنفات ، اللهم إلّا موطأ مالك الذي انتهى من تأليفه قبل منتصف القرن الثاني الهجري ، فيكون المجموع قد صُنفَ قبله بنحو ثلاثين سنة » (۶۴) .
۲ـ غريب القرآن:
وهو «تفسير لمفردات ألفاظ القرآن الكريم» وسمّاه بعض المؤلّفين ب«غرائب معاني القرآن » (۶۵) .
وسمّاه الإمام المرشد باللَّه ب(تفسير الغريب) وروى عنه (۶۶) وأقدم بعض المحقّقين على طبعه أخيراً في مصر » (۶۷) .
خامساً: ما نُسب إلى الإمام جعفر الصادق عليه السلام من المؤلّفات ونذكر منها:
۱ـ كتاب التوحيد:
وهو إملاء الإمام عليه السلام على المفضل بن عمر الجعفي ، يحتوي بيانَ التوحيد ، ويسمى أيضاً ب(كتاب فَكِّرْ) لأن الإمام عليه السلام يقول فيه للمفضل مكرراً: «فكرّ يا مفضل » ويعدّ من أفضل الكتب المؤلّفة في التوحيد ، وقد طبع مراراً باسم (توحيد المفضل) ، وأدرجه المجلسي في (بحار الأنوار) مع الشرح والبيان (۶۸) .
۲ـ كتاب الجعفريات:
مجموعة من أحاديث الأحكام ، مرتّبة على أبواب الفقه ، رواها عن الإمام الصادق ابنه الإمام الكاظم عليهما السلام وأحاديثهكلّها مسندةٌ عن آبائه ، أو مرفوعةٌ إلى الرسول صلى الله عليه وآله ونسخته الموجودة برواية محمّد بن محمّد بن الأشعث الكوفي المصريّ ، عن موسى بن إسماعيل بن الإمام الكاظم ، عن أبيه إسماعيل ، عن أبيه الإمام الكاظم عليه السلام.
ولأنَّ الإمام جعفر بن محمّد عليهما السلام هو مجمع الأحاديث كلِّها ، فإنّ الكتاب سمِّي ب (الجعفريات) .
وبهذا الاسم نقل عنه من غير الإماميّة القاضي النعمان المصري كبير علماء الإسماعيليّة ، في بعض مؤلّفاته الفقهيّة المخطوطة.
وسمّي الكتاب أيضاً ب(الأشعثيات) نسبةً إلى راويه ابن الأشعث المذكور الذي هو مجرّد راوٍ للكتاب ، وليس مؤلّفاً له قطعاً (۶۹) .
سادساً: ما أثر عن الإمام موسى الكاظم عليه السلام من المؤلّفات ومنها:
مسند الإمام موسى بن جعفر عليهما السلام:
وهو مجموعة من الروايات المسندة المرفوعة إلى النبي صلى الله عليه وآله التي أسندها الإمام الكاظم عليه السلام بطريق آبائه عليهم السلام رواها عنه موسى بن إبراهيم أبو عمران المروزي البغدادي ، قال: إنَّه سمعها من الإمام عليه السلام عندما كان الإمام معتَقلاً في سجن هارون الرشيد. ذكره الطوسي (۷۰) والنجاشي (۷۱). وحقّقه السيّد محمّد حسين الحسيني الجلاليّ ، معتمداً النسخة الموجودة في المكتبة الظاهريّة بدمشق ، في المجموعة رقم (۳۴) وطبع بتحقيقه سنة (۱۳۸۹هـ) في النجف ، وسنة (۱۳۹۲) بطهران ، وأعيد طبعه بأمريكا سنة (۱۴۰۱) ، وطبع أخيراً في بيروت سنة (۱۴۰۶) ثمّ في مجلّة علوم الحديث هذه العدد (۱۵) .
ومجموع ما فيه (۵۹) حديثاً (۷۲) .
سابعاً: ما أثر عن الإمام علي بن موسى الرضا عليهما السلام من المؤلّفات ، ومنها:
صحيفة الرضا عليه السلام ويسمى أيضاً: مسند الإمام الرضا عليه السلام.
وهو مجموعة ما أسنده الإمام عليه السلام عن آبائه عن النبي صلى الله عليه وآله برواية العديد من أصحابه ، وأشهرهم أحمد بن عامر بن سليمان الطائي (۷۳). وهي مشهورةٌ متواترةُ النقل عنه عليه السلام لدى الطوائف الإسلامية كافّةً؛ فلها طرق كثيرةٌ عند الشيعة الإماميّة ، والزيديّة ، كما هو عند العامّة ، وذكرها أرباب الفهارس والمعاجم (۷۴) ونسخها المخطوطة منتشرةٌ في دور الكتب العالميّة ، كما طبعت طبعات عديدة » (۷۵) .
ثامناً: ما ورد للإمام الحسن العسكري عليه السلام من المؤلّفات ، ومنها:
كتاب المنقبة:
قال شيخنا الطهراني: المشتمل على أكثر الأحكام ومسائل الحلال والحرام ، وعن (مناقب) ابن شهر آشوب ، و(الصراط المستقيم) للنباطي: أنّه تصنيف الإمام العسكري عليه السلام (۷۶) .
المجال الثالث : إشراف أهل البيت عليهم السلام على حركة الحديث رواية وتدويناً:
وقد تمثل هذا الإشراف في النقاط التالية:
النقطة الأولى :
توثيق الأئمّة عليهم السلام لعددٍ من خلَّص أصحابهم المؤتمنين لديهم ، وجعلهم وسائط لنقل أحاديثهم إلى شيعتهم ، وإلزامهم أتباعهم ، بالأخذ عنهم ، وعدم التردّد في قبول ما يروونه من أحاديث الأئمّة عليهم السلام
قال الإمام عليه السلام: «فإنّه لا عذر لأحدٍ من موالينا في التشكيك في ما روى عنّا ثقاتُنا ، قد عرفوا بأنّنا نفاوضهم بسرّنا ونحمّله إيّاه إليهم » (۷۷) .
ونستعرض في ما يلي أسماء عدد من هؤلاء الذين ثبت توثيقهم من قبل الأئمّة المعصومين عليهم السلام وهم:
أوّلاً وثانياً: العَمْرِيّ وابنه.
أبو علي أحمد بن إسحاق ، عن أبي الحسن عليه السلام سألته وقلتُ: مَن أعامل ، أو عمّن آخذُ ، وقولَ مَن أقبلُ؟
فقال: «العَمْريّ ثقتي ، فما أدّى إليك عنّي ، فعنّي يؤدّي ، وما قال لك عنّي ، فعنّي يقول ، فاسمع له وأَطِعْ ، فإنّه الثقة المأمون» (۷۸) .
أبو علي ، أنّه سأل أبا محمّد عليه السلام عن مثل ذلك فقال له: «العمري وابنه ثقتان ، فما أدّيا إليك عنّي ، فعنّي يؤدّيان ، وما قالا لك عنّي ، فعنّي يقولان ، فاسمع لهما وأطعهما ، فإنّهما الثقتان المأمونان » (۷۹) .
ثالثاً: السيّد عبد العظيم الحسني:
قال أبو حمّاد الرازي: دخلت على عليّ بن محمد عليهما السلام بسُرَّ من رأى ، فسألته عن أشياء من الحلال والحرام ، فأجابني فيها ، فلمّا ودّعته قال لي: «يا حمّاد ، إذا أشكل عليك شيءٌ من أمرِ دينك بناحيتك ، فسلْ عنه عبد العظيم بن عبد اللَّه الحسني ، وأقرئه منّي السلام » (۸۰) .
رابعاً: أبان بن تغلب:
عن مسلم بن أبي حيّة ، قال: كنت عند أبي عبد اللَّه عليه السلام فلمّا أردت أن أفارقه ودّعته ، وقلتُ: أحبُّ أن تزوّدني ، قال: «اءتِ أبان بن تغلب ، فإنّه قد سمع منّي حديثاً كثيراً ، فما روى لك فاروه عنّي » (۸۱) .
خامساً: محمّد بن مسلم الثقفي:
عن عبد اللَّه بن أبي يعفور ، قال: قلتُ لأبي عبد اللَّه عليه السلام: إنّه ليس كلّ ساعة ألقاك ولا يمكن القدوم ، ويجيء الرجل من أصحابنا فيسألني ، وليس عندي كلّ ما يسألني عنه ، قال: «فما يمنعك من محمّد بن مسلم الثقفي ، فإنّه قد سمع من أبي ، وكان عنده وجيهاً » (۸۲) .
سادساً: زرارة بن أَعين:
عن المفضّل بن عمر ، قال: سمعت أبا عبد اللَّه عليه السلام يوماً ودخل عليه الفيض بن المختار [يقول]: «إذا أردت حديثاً ، فعليك بهذا الجالس» وأومأ بيده إلى رجل من أصحابه ، فسألت أصحابنا عنه ، فقالوا: زرارة بن أعين (۸۳) .
عن يونس بن عمّار ، قال: قلتُ لأبي عبد اللَّه عليه السلام: إنَّ زرارة قد روى عن أبي جعفر عليه السلام: «أنّه لا يرث مع الأمّ والأب والابن والبنت أحدٌ من الناس شيئاً إلّا زوج او زوجة». فقال أبو عبد اللَّه عليه السلام: «أمّا ما رواه زرارة عن أبي جعفر فلا يجوز لي ردّه » (۸۴) .
سابعاً: الحارث بن المغيرة النصري:
عن يونس بن يعقوب ، قال: كنّا عند أبي عبد اللَّه عليه السلام فقال: «أما لكم من مفزعٍ؟ أمالكم من مستراحٍتستريحونإليه؟ ما يمنعكم من الحارث بن المغيرة النصري » (۸۵) .
ثامناً: زكريا بن آدم القمي:
عن عليّ بن المسيّب قال: قلتُ للإمام الرضا عليه السلام: شُقّتي بعيدة ، ولست أصل إليك في كلّ وقت ، فعمّن آخذ معالم ديني؟ فقال: «مِن زكريّا بن آدم القمّي ، المأمون على الدين والدنيا » (۸۶) .
تاسعاً: يونس بن عبد الرحمن:
الفضل بن شاذان ، قال: حدّثني عبد العزيز بن المهتدي وكان خير قميّ رأيته ، وكان وكيل الرضا عليه السلام وخاصته ، قال: سألت الرضا عليه السلام فقلتُ: إنّي لا ألقاك في كلِّ وقت ، فعمّن آخذ معالم ديني؟ قال: «خذ عن يونس بن عبد الرحمن » (۸۷) ؟
محمّد بن عيسى قال: قلتُ لأبي الحسن الرضا عليه السلام: جعلت فداك ، إنّي لا أكاد أصل إليك ، أسألك عن كلّ ما أحتاج إليه من معالم ديني ، أفيونس بن عبد الرحمن ثقةٌ آخذ منه ما أحتاج إليه من معالم ديني؟ قال: «نعم» (۸۸) .
عاشراً: جابر بن يزيد الجعفي:
عن زياد بن أبي الحلال ، قال: اختلف أصحابنا في أحاديث جابر الجعفي ، فقلتُ لهم: أسأل أبا عبد اللَّه عليه السلام فلمّا دخلت ابتدأني فقال: «رحم اللَّه جابر الجعفي ، كان يصدق علينا ، لعن اللَّه المغيرة بن سعيد ، كان يكذب علينا » (۸۹) .
حادي عشر: الفضيل بن يسار:
عن إبراهيم بن عبد الله ، قال: كان أبو عبد الله عليه السلام إذا رأى الفضيل بن يسار قال: «بشّر المخبتين ، مَن أحبَّ أن ينظر رجلاً من أهل الجنّة ، فلينظر إلى هذا » (۹۰) .
ثاني عشر: إبراهيم بن عبده:
من كتاب لأبي عبد الله عليه السلام إلى عبد الله بن حمدويه البيهقي: «وبعد ، فقد نصبت لكم إبراهيم بن عبده ليدفع النواحي وأهل ناحيتك حقوقي الواجبة عليكم إليه ، وجعلته ثقتي وأميني عند مواليَّ هناك » (۹۱) .
ثالث عشر ورابع عشر: أبو بصير ليث المرادي ، بريد بن معاوية العجلي:
عن داود بن سرحان ، قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: «إنّ أصحابَ أبي عليه السلام كانوا زيناً أحياءً وأمواتاً ، أعني: زرارة ، ومحمّد بن مسلم ، ومنهم ليث المرادي ، وبريد العجلي ، هؤلاء القوّامون بالقسط ، هؤلاء القائلون بالصدق ، هؤلاء السابقون السابقون أولئك المقربون » (۹۲) .
النقطة الثانية :
في التحذير من الكذب ومن التسامح في نقل نصوص الأحاديث ، وفي فضح الكذّابين ولعنهم والبراءة منهم:
ويقع الكلام ، على ذلك في مرحلتين:
المرحلة الأولى: في التحذير من الكذب على النبي صلى الله عليه وآله والأئمة المعصومين عليهم السلام وبيان ما يترتب على ذلك من عواقب وخيمة في الدنيا والآخرة ، ومن شواهد ذلك :
۱ـ قول رسول اللَّه صلى الله عليه وآله في حجة الوداع: «قد كثرت عليَّ الكذابة وستكثر ، فمن كذبَ عليَّ متعمداً ، فليتبوّأ مقعده من النار » (۹۳) .
۲ـ قول رسول اللَّه صلى الله عليه وآله: «من قال عليَّ ما لم أقُلْ ، فليتبوّأ مقعده من النار » (۹۴) .
۳ـ قال أبو عبد الله عليه السلام: «إنّا أهل بيتٍ صادقون ، لا نخلو من كذّاب يكذبُ علينا ، فيسقط صدقنا بكذبه علينا عند الناس… إنّا لا نخلو من كذّاب أو عاجز الرأي ، كفانا اللَّه مؤنة كلِّ كذاب ، وأذاقهم اللَّه حرَّ الحديد » (۹۵) .
۴ـ جواب الامام الصادق عليه السلام للفيض بن المختار عن سؤاله بشأن الاختلاف ، قال عليه السلام: «يا فيض ، إنَّ الناس أولعوا بالكذب علينا ،… واني أحدّث أحدهم بالحديث ، فلا يخرج من عندي حتى يتأوّله على غير تأويله ، وذلك أنهم لا يطلبون بحديثنا وبحبنا ما عند اللَّه ، وانّما يطلبون الدنيا ، وكلٌ يحبُّ أن يدعى رأساً ، إنه ليس من عبدٍ يرفع رأسه إلّا وضعه اللَّه ، وما من عبدٍ وضع نفسه إلّا رفعه اللَّه وشرّفه » (۹۶) .
۵ـ عن داود بن سرحان ، قال: سمعتُ أبا عبد الله عليه السلام يقول: «إنّي لأُحدِّث الرجل بحديث ، وأنهاه عن الجدال والمراء في دين اللَّه تعالى ، وأنهاه عن القياس ، فيخرج من عندي فيتأوّل حديثي على غير تأويله ، إنّي أمرتُ قوماً أن يتكلّموا ونهيت قوماً ، فكلٌّ يتأوّل لنفسه ، يريد المعصية للَّه تعالى ولرسوله ، ولو سمعوا وأطاعوا ، لأودعتهم ما أودع أبي عليه السلام أصحابه » (۹۷) .
۶ـ عن أبي بصير ، قال: سمعتُ أبا عبد الله عليه السلام يقول: «رحم اللَّه عبداً حببنا إلى الناس ، ولم يبغضنا إليهم ، أما واللَّه لو يروون محاسن كلامنا لكانوا به أعزّ ، وما استطاع أحد أن يتعلّق عليهم بشيء، ولكنَّ أحدهم يسمع الكلمة فيحطّ عليها عشراً » (۹۸) .
المرحلة الثانية: في فضح الكذّابين ولعنهم؛ بغية اجتنابهم وعدم تلقّي الروايات عنهم:
وقد أورد الكشي في كتابه أسماء ما يقارب الأربعين شخصاً من الوضّاعين ، وذكر ما ورد بحقّهم من قبل أئمّة الهدى من اللعن والتكذيب ، نعرض في ما يلي لأسماء أشهرهم:
الأوّل – المغيرة بن سعيد:
ورد لعنه وتكذيبه في أحد عشر موضعاً ، نذكر منها المواضع التالية:
۱ـ قال أبو الحسن الرضا عليه السلام: «كان المغيرة بن سعيد يكذب على أبي جعفر ، فأذاقه اللَّه حرّ الحديد » (۹۹) .
۲ـ وقال ابو عبد الله عليه السلام: «كان المغيرة بن سعيد يتعمّد الكذب على أبي… ، وكان أصحابه المستترون بأصحاب أبي يأخذون الكتب من أصحاب أبي؛ فيدفعونها إلى المغيرة ، فكان يدسّ فيها الكفر والزندقة ، ويسندها إلى أبي » (۱۰۰) .
الثاني: أبو الخطّاب ، محمّد بن أبي زينب ، ومما ورد فيه:
۱ـ قال الإمام الرضا عليه السلام: «كان أبو الخطّاب يكذب على أبي عبد الله عليه السلام فأذاقه اللَّه حرَّ الحديد » (۱۰۱) .
۲ـ قال أبو عبد الله عليه السلام: «كان أبو الخطّاب أحمق ، فكنتُ أحدّثه فكان لا يحفظ ، وكان يزيد من عنده » (۱۰۲) .
الثالث: الحكم بن عُتيبة ، وممّا ورد فيه:
۱ـ كنّا جلوساً عند أبي عبد الله عليه السلام فدخل زُرارة بن أَعْيَن ، فقال له: إنَّ الحكم ابن عتيبة روى عن أبيك أنّه قال له: «صلِّ المغرب دون المزدلفة» فقال له أبو عبد الله عليه السلام – بأيمانٍ ثلاث – «ماقال أبي هذا قطّ ، كذب الحكم بن عتيبة على أبي » (۱۰۳) .
۲ـ عن أبي بصير ، قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن شهادة ولد الزنا ، أتجوز؟ قال: «لا» فقلتُ: إنَّ الحكم بن عتيبة يزعم أنّها تجوز!
فقال: «اللهم لا تغفر ذنبه » (۱۰۴) .
الرابع: حمزة بن عمارة البربري ، وممّا ورد فيه:
۱ـ عن بُريد بن معاوية العجلي ، قال: كان حمزة بن عمارة البربري لعنه اللَّه يقول لأصحابه: إنَّ أبا جعفر يأتيني في كلِّ ليلة ، ولا يزال إنسان يزعم أنّه قد أراه إيّاه ، فقدّر لي أنّي لقيتُ أبا جعفر عليه السلام فحدّثته بما يقول حمزة ، فقال: «كذب ، عليه لعنة اللَّه ، ما يقدر الشيطان أن يتمثّل في صورة نبيّ ولا وصيّ نبيّ » (۱۰۵) .
۲ـ وورد ذمّه مع جماعة عن أبي عبد الله عليه السلام في قول اللَّه عز وجل: «هل أنبئكم على مَن تنزّل الشياطين تنزل على كلِّ أفّاك أثيم » (۱۰۶) .
قال: «هم سبعة: المغيرة بن سعيد ، وبيان ، وصائد ، وحمزة بن عمارة البربري ، والحارث الشامي ، وعبد الله ابن عمرو بن الحارث ، وأبو الخطّاب » (۱۰۷) .
الخامس إلى السابع: كثير النّواء ، وسالم بن أبي حفصة ، وأبو الجارود زياد بن المنذر:
ورد فيهم: عن أبي بصير ، قال: ذكر أبو عبد الله كثير النّواء ، وسالم بن أبيحفصة ، وأبا الجارود ، فقال: «كذّابون مكذّبون كفّار ، عليهم لعنة اللَّه » .
قال: قلتُ: جعلت فداك ، كذّابون قد عرفتهم ، فما معنى مكذّبون؟
قال: «كذّابون ، يأتوننا فيخبرونا أنّهم يصدّقونا ، وليسوا كذلك ، ويسمعون حديثنا فيكذّبون به» (۱۰۸) .
الثامن: محمّد بن الفرات : (۱۰۹) .
عن يونس ، قال: قال لي أبو الحسن الرضا عليه السلام: «يا يونس! أما ترى إلى محمّد ابن الفرات ، وما يكذبُ عليّ؟
فقلتُ: أبعده اللَّه وأسحقه وأشقاه ، فقال: «قد فعل اللَّه ذلك به ، أذاقه اللَّه حرَّ الحديد، كما أذاق مَن كان قبله ممّن كذب علينا ، يا يونس! إنّما قلتُ ذلك لتحذّر عنه أصحابي ، وتأمرهم بلعنه والبراءة منه؛ فإنَّ اللَّه بريءٌ منه » (۱۱۰) .
التاسع: عليّ بن أبي حمزة البطائني:
قال عنه الإمام الرضا عليه السلام: «أما استبان لكم كذبه؟ أليس هو الذي يروي أنَّ رأس المهدي يُهدى إلى عيسى بن موسى ، وهو صاحب السفياني؟ وقال: إنَّ أبا الحسن يعود إلى ثمانية أشهر ؟ » (۱۱۱) .
الحادي عشر إلى الثالث عشر: أبو الغمر ، وجعفر بن واقد ، وهاشم بن أبيهاشم:
قال عنهم الإمام أبو جعفر عليه السلام: «استأكَلوا بنا الناس ، وصاروا دُعاةً يدعون الناس إلى ما دعا إليه أبو الخطّاب ، لعنه اللَّه ولعنهم معه ، ولعن من قَبِلَ ذلك منهم » (۱۱۲) .
الرابع عشر: فارس بن حاتم القزويني:
وممّا ورد بشأنه: كتب عروة إلى أبي الحسن عليه السلام في أمر فارس بن حاتم ، فكتب: «كذّبوه ، وهتّكوه ، أبعده اللَّه وأخزاه ، فهو كاذبٌ في جميع ما يدّعي ويصف… وتوقّوا مشاورته ، ولا تجعلوا له السبيل إلى طلب الشرّ ، كفانا اللَّه مؤنته ومؤنة من كان مثله » (۱۱۳) .
الخامس عشر: هشام بن إبراهيم العبّاسي:
ممّا ورد فيه: عن الريّان بن الصلت قال: قلتُ لأبي الحسن عليه السلام: إنَّ هشام بن إبراهيم العباسي زعم أنّك أحللتَ له الغناء ، فقال: «كذب الزنديق ، إنّما سألني عنه ، فقلتُ له: سأل رجل أبا جعفر عليه السلام؟ فقال له أبو جعفر عليه السلام: «إذا فرّق اللَّه بين الحقّ والباطلِ ، فأينَ يكون الغناء؟» فقال الرجل: مع الباطل ، فقال له أبو جعفر عليه السلام: «قد قضيتَ» (۱۱۴) .
السادس عشر: محمّد بن بشير:
ممّا ورد فيه: عليّ بن أبي حمزة البطائني ، قال: سمعت أبا الحسن موسى عليه السلام يقول: «لعن اللَّه محمّد بن بشير وأذاقه حرّ الحديد ، إنّه يكذب عليَّ ، برىءَ اللَّه منه ، وبرئت إلى اللَّه منه » .
قال عليّ بن أبي حمزة: فما رأيت أحداً قتل بأسوإ قتلةٍ من محمّد بن بشير لعنه اللَّه (۱۱۵) .
السابع عشر: عروة بن يحيى الدهقان:
وممّا ورد فيه عن محمّد بن موسى الهمداني: أنَّ عروة بن يحيى البغدادي ، المعروف بالدهقان ، لعنه اللَّه ، كان يكذب على أبي الحسن عليّ بن محمّد بن الرضا عليه السلام وعلى أبي الحسن بن عليّ عليه السلام وكان يقطع أمواله لنفسه دونه، ويكذب عليه ، حتى لعنه أبو محمّد عليه السلام وأمر شيعته بلعنه.
قال عليّ بن سلمان بن رشيد العطّار البغدادي: فلعنه أبو محمد عليه السلام وبرئ منه ، ودعا عليه ، فما أُمهلَ يومه ذاك وليلته؛ حتى قبضه اللَّه إلى النار (۱۱۶) .
الثامن عشر: أحمد بن هلال العبرتائي:
ورد على القاسم بن العلاء نسخة ما ورد من لعن ابن هلال ، وكان ابتداء ذلك أن كتب عليه السلام إلى قوّامه بالعراق: «احذروا الصوفي المتصنّع » .
وكان رواة اصحابنا بالعراق لقوهُ وكتبوا منه ، وأنكروا ما ورد في مذمته ، فحملوا القاسم بن العلاء على أن يراجع في أمره ، فخرج إليه: «قد كان أمرنا نفذ إليك في المتصنّع ابن هلال ، لا رحمه اللَّه ، بما قد علمت ، لم يزل ، لا غفر اللَّه ذنبه ، ولا أقاله عثرته ، وكنّا قد عرّفنا خبره قوماً من موالينا في أيّامه ، لا رحمه اللَّه ، وأمرناهم بإلقاء ذلك إلى الخاصّ من موالينا ، ونحن نبرأ إلى اللَّه من ابن هلال ، لا رحمه اللَّه ، وممّن لا يبرأ منه » (۱۱۷) .
التاسع عشر: أحمد بن سابق:
كتب أبو الحسن الرضا عليه السلام إلى يحيى بن أبي عمران وأصحابه ، قال: « عافانا اللَّه وإياكم ، انظروا أحمد بن سابق ، لعنه اللَّه ، الأعثم الأشجّ ، واحذروه » .
قال أبو جعفر: ولم يكن أصحابنا يعرفون أنّه أشجّ أو به شجّة ، حتى كشف رأسه ، فإذا به شجّة .
قال أبو جعفر محمّد بن عبد الله: وكان أحمد قبل ذلك يظهر القول بهذه المقالة ، قال: فما مضت الأيّام حتى شرب الخمر ودخل في البلايا (۱۱۸) .
المتمّ للعشرين: الحسين بن قياما:
ممّا ورد فيه: عن الحسين بن الحسن ، قال: قلتُ لأبي الحسن الرضا عليه السلام: إنّي تركتُ الحسن بن قياما من أعدى خلق اللَّه لك!
قال: «ذلك شرٌّ له» قلتُ: ما أعجب ما أسمع منك جعلت فداك؟
قال: «أعجب من ذلك إبليس ، كان في جوار اللَّه عزَّ وجلَّ في القرب منه ، فأمرهُ؛ فأبى وتعزّز ، فكان من الكافرين ، فأملى اللَّه له ، واللَّهِ ما عذّب اللَّه بشيء أشدّ من الإملاء » (۱۱۹) .
الواحد والعشرون والثاني والعشرون ، عليّ بن حسكة ، والقاسم بن يقطين القمّيّان:
عن محمد بن عيسى ، قال: كتب إليّ أبو الحسن العسكري عليه السلام ابتداءً منه: «لعناللَّه القاسم اليقطيني ، ولعن اللَّه عليّ بن حسكة القمّي ، إنّ شيطاناً تراءى للقاسم فيوحي إليه زخرف القول غروراً » (۱۲۰) .
عن إبراهيم بن شيبة ، قال: كتبت إليه عليه السلام جعلتُ فداك إنّ عندنا قوماً يختلفون في معرفة فضلكم؛ بأحاديث مختلفة تشمئز منها القلوب ، والذين ادّعوا هذه الأشياء ادّعوا أنّهم أولياء ، ودعوا إلى طاعتهم ، منهم علي بن حسكة ، والقاسم اليقطيني ، فما تقول في القبول منهم جميعاً؟.
فكتب: «ليس هذا ديننا؛ فاعتزله » (۱۲۱) .
الثالث والعشرون: أبو هارون المكفوف:
عن محمّد بن أبي عمير ، قال: حدّثنا بعض أصحابنا قال: قلتُ لأبي عبد الله عليه السلام: زعم أبو هارون المكفوف أنّك قلتَ له: إنْ كنت تريد القديم ، فذاك لا يدركه أحد ، وإنْ كنت تريد الذي خلق ورزق ، فذاك محمّد بن علي!
فقال: «كذب عليَّ ، عليه لعنة اللَّه ، واللَّهِ ما من خالقٍ إلاّ اللَّه ، وحده لا شريك له ، حقّ على اللَّهِ أن يُذيقنا الموتَ ، والذي لا يهلك هو اللَّه خالق البريّة » (۱۲۲) .
النقطة الثالثة :
في عرض المصنّفات على الأئمّة عليهم السلام ومتابعتهم لما يدوّن من الروايات ، وتقريرهم لصحّته ووجوب العمل به ، أو إسقاطهم له عن الاعتبار والحجيّة ، وتحريم العمل به:
ويمكن أن نعرض في هذا المجال الشواهد التالية:
۱ـ ما قام به الرواة من عرض (كتاب الديات) (۱۲۳) على الأئمّة: جعفر الصادق ، وموسى الكاظم ، وعليّ الرضا عليهم السلام فأقرّوا أنّه من إملاء الإمام عليّ عليه السلام وأنّه كتبه لعمّاله وأمراء أجناده (۱۲۴) .
۲ـ قال أبو حمزة الثمالي ثابت بن أبي المقدام: قرأتُ صحيفةً فيها كلامُ زهدٍ ، من كلام عليّ بن الحسين عليه السلام وكتبت ما فيها ، ثم أتيت عليّ بن الحسين صلوات اللَّه عليه ، فعرضتُ ما فيها عليه ، فعرفه ، وصحّحه (۱۲۵) .
۳ـ قال الراوي: كتبتُ على ظهر قرطاس: «إنَّ الدنيا ممثّلةٌ للإمام كَفَلَقَةِ الجوزة» فدفعتُه إلى أبي الحسن عليه السلام وقلتُ: جعلتُ فداك ، إنَّ أصحابنا رووا حديثاً ما أنكرته ، غير أنّي أحببتُ أن أسمعه منك.
قال: فنظر فيه ، ثمّ طواه ، حتّى ظننتُ أنّه قد شقّ عليه ، ثم قال: «هو حقٌ ، فحوّله إلى أديم » (۱۲۶) .
قال المجلسي: إنّما قال عليه السلام: «فحوّله إلى أديم» ليكون أدوم ، وأكثر بقاءً من القرطاس ، لاهتمامه بضبط هذا الحديث ، ويظهر منه استحباب كتابة الحديث وضبطه ، والاهتمام به ، وكون ما يكتبُ فيه الحديث شيئاً لا يسرع إليه الاضمحلال (۱۲۷) .
۴ـ عن محمد بن الحسن بن أبي خالد ، شَيْنوله ، قال: قلتُ لأبي جعفر الثاني عليه السلام: جعلتُ فداك ، إنَّ مشايخنا رووا عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام وكانت التقيّة شديدةً ، فكتموا كتبهم ، فلم تُرْوَ عنهم ، فلمّا ماتوا صارت الكتبُ إلينا.
فقال: «حدّثوا بها؛ فإنّها حقّ» (۱۲۸) .
۵ـ عن داود بن القاسم الجعفري ، قال: عرضتُ على أبي محمّد صاحب العسكر عليه السلام كتابَ يومٍ وليلة ليونُس ، فقال لي: «تصنيف من هذا ؟ » .
فقلتُ: تصنيف يونس مولى آل يقطين.
فقال: «أعطاه اللَّه بكلّ حرفٍ نوراً يوم القيامة » (۱۲۹) .
۶ـ أحمد ابن أبي خلف ، عن أبي جعفر عليه السلام قال: كنت مريضاً ، فدخل عليّ أبو جعفر عليه السلام يعودني عند مرضي ، فإذا عند رأسي كتاب (يوم وليلة) فجعل يتصفح ورقه ، حتّى أتى عليه مِن أوّله إلى آخره ، وجعل يقول: «رحم اللَّه يونس ، رحم اللَّه يونس ، رحم اللَّه يونس » (۱۳۰) .
۷ـ توثيق الإمام زين العابدين عليه السلام لكتاب سليم بن قيس الهلالي ، الذي دوّن فيه الأحاديث التي سمعها من الإمام علي عليه السلام.
قال أبان ، راوي الكتاب عن سُليم: حججتُ من عامي ذلك (أي عام وفاة سليم) فدخلتُ على عليّ بنالحسين عليه السلام وعنده أبو الطفيل عامر بن واثلة صاحب رسول الله صلى الله عليه وآله وكان من خيار أصحاب عليّ عليه السلام ولقيت عنده عمر بن أبي سَلَمة ابن أم سلمة زوجة النبي صلى الله عليه وآله فعرضتُه عليه ، وعلى أبي الطفيل ، وعلى عليّ بن الحسين عليه السلام ذلك أجمع ثلاثة أيّام ، كلّ يوم إلى الليل ، ويغدو عليه عمر وعامر ، فقرآه عليه ثلاثة أيّام ، فقال عليه السلام لي: «صدقَ سُليم ، رحمه اللَّه ، هذا حديثنا كلّه نعرفه » (۱۳۱) وعن الإمام الباقر عليه السلام أنّه قال: « هذه وصيّة أمير المؤمنين عليه السلام » .
وهي نسخة كتاب سليم بن قيس الهلالي ، دفعها إلى أبان وقرأها عليه ، قال أبان: وقرأتُها على عليّ بن الحسين عليه السلام فقال: «صدق سليم رحمه اللَّه » (۱۳۲) .
ووثّقه الإمام الصادق عليه السلام بقوله: «من لم يكن عنده من شيعتنا ومحبّينا كتاب سليم بن قيس الهلالي ، فليس عنده من أمرنا شيءٌ ، ولا يعلم من أسبابنا شيئاً ، وهو أبجد الشيعة ، وهو سرّ من أسرار آل محمد عليهم السلام » (۱۳۳) .
۸ـ توثيق الإمام الصادق عليه السلام لكتاب (الصحيفة السجاديّة) التي أخذها المتوكل بن هارون من يحيى بن زيد الشهيد رحمه الله وتوجّه بها إلى المدينة بعد مقتل يحيى ، ودفعها إلى الإمام الصادق عليه السلام ففتحها وقال: «هذا – واللَّهِ – خطّ عمّي زيد ، ودعاء جدّي عليّ بن الحسين عليهما السلام » (۱۳۴) .
۹ـ ذكر محمّد الأزدي البوشنجي: أنّه دخل على أبي محمّد عليه السلام فلمّا أراد أن يخرج ، سقط منه كتاب في حضنه ملفوف في ردائه ، فتناوله أبو محمّد عليه السلام ونظر فيه ، وكان الكتاب من تصنيف الفضل بن شاذان ، فترحّم عليه ، وذكر أنّه قال: «أغبط أهل خراسان بمكان الفضل بن شاذان ، وكونه بين أظهرهم » (۱۳۵) .
۱۰ـ وجاء في ترجمة عبيد اللَّه بن عليّ بن أبي شعبة الحلبي: أنّه كان كبير إخوته ووجههم ، وصنّف الكتاب المنسوب إليه ، وعرضه على أبي عبد الله عليه السلام وصحّحه ، وقال عند قراءته: «أترى لهؤلاء مثلَ هذا ؟ » (۱۳۶) .
۱۱ـ عن سعد بن عبد الله الأشعري ، قال: عرض أحمد بن عبد الله بن خانبة كتابه على مولانا أبي محمّد الحسن بن عليّ بن محمّد صاحب العسكر عليه السلام فقرأه ، وقال: «صحيح ، فاعملوا به » (۱۳۷) .
۱۲ـ ما قاله أبو محمّد الحسن بن علي عليه السلام وقد سئل عن كتب بني فضّال فقالوا: كيف نعمل بكتبهم ، وبيوتنا منها مِلاء؟
فقال عليه السلام: «خذوا بما رووا ، وذروا ما رأوا » (۱۳۸) .
۱۳ـ ما جاء من قول الإمام الكاظم للحسن بن عبد الله ، وكان من أعبد أهل زمانه: «يا أبا عليّ ، ما أحبَّ إليَّ ما أنتَ فيه وأسّرني ، إلّا أنّه ليست لك معرفة ، فاطلب المعرفة » .
قال: جعلت فداك ، وما المعرفة ؟
قال: «اذهب وتفقّه واطلب الحديث». قال: عمّن؟
قال: «عن فقهاء أهل المدينة ، ثمّ اعرض عليّ الحديث » .
قال: فذهب إلى المدينة وكتب ، ثمّ جاءَ فقرأه عليه ، فأسقطه كلّه (۱۳۹) .
۱۴ـ قال يونس: وافيتُ العراق ، فوجدتُ بها قطعةً من أصحاب أبي جعفر عليه السلام: ووجدت أصحاب أبي عبد الله متوافرين ، فسمعتُ منهم وأخذتُ ، فعرضتُها من بعدُ على أبي الحسن الرضا عليه السلام فأنكر أحاديث كثيرةً أن تكون من أصحاب أبي عبد الله عليه السلام (۱۴۰) .
النقطة الرابعة :
في بيان التوجيهات التي قدّمها الأئمّة عليهم السلام بشأن تلقّي الحديث وضوابط لروايته ، تتعلّق بضرورة إسناده إلى ناقله ، والأمانة في الإسناد ، وعدم التزيّد في متن الحديث ، إلّا في الحالات التي لا تغيّر من المعنى المراد شيئاً: ومن شواهد ذلك:
۱ـ تأكيد الأئمّة عليهم السلام أن يكون طلب الحديث خالصاً لوجه اللَّه تعالى ، وطمعاً في مرضاته وثوابه ، وليس للمطامع الشخصيّة وعَرَض الحياة الدنيا.
فقد روي عن أبي عبد الله عليه السلام قال: «من أراد الحديث لمنفعة الدنيا ، لم يكن له في الآخرة نصيب ، ومن أراد به خير الآخرة ، أعطاه اللَّه خير الدنيا والآخرة » (۱۴۱) .
۲ـ ضرورة إسناد الحديث ، فقد قال أمير المؤمنين عليه السلام: «إذا حدّثتم بحديث فأسندوه إلى الذي حدّثكم به ، فإن كان حقّاً فلكم ، وإن كان كذباً فعليه » (۱۴۲) .
۳ـ وأكّد الإمام الصادق عليه السلام مسألة عدم التدليس في الإسناد بقوله: «إيّاكم والكذب المفترع» قيل له ، وما الكذب المفترع؟ قال: «أن يحدّثك الرجل بالحديث ، فتتركه وترويه عن الذي حدّثك عنه » (۱۴۳) .
۴ـ كما أكّد عليه السلام ضرورة المحافظة على نصّ الحديث عند نقله: عن أبي بصير قال: قلتُ لأبي عبد الله عليه السلام: قول اللَّه جلَّ ثناؤه: «الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه » (۱۴۴) قال: « هو الرجل يسمع الحديث؛ فيحدّث به كما سمعه ، لا يزيد فيه ، ولا ينقص منه » (۱۴۵) .
۵ـ وجاءَ عنهم عليهم السلام بشأن السماح بتغيير بعض ألفاظ الحديث في حالات الضرورة بشرط المحافظة على المعنى: عن داود بن فرقد ، قال: قلتُ لأبي عبد الله عليه السلام: إنّي أسمع الكلام منك فأريد أن أرويه كما سمعته منك ، فلايجيء ، قال: «فتتعمد ذلك؟» قلتُ: لا ، فقال: «تريد المعاني؟» قلتُ: نعم ، قال: «فلا بأس» (۱۴۶) .
وعن المختار أو غيره ، رفعه ، قال: قلتُ لأبي عبد الله عليه السلام: أسمع الحديث عنك ، فلعلّي لا أرويه كما سمعته! فقال: «إذا أصبت الصلبَ منه ، فلا بأس ، إنّما هو بمنزلة تعالَ وهلمَّ ، واقعد واجلس » (۱۴۷) .
۶ـ التأكيد على مراعاة الاتّزان والقواعد العلميّة في التعامل مع الأحاديث قبولاً وردّاً ، وعدم الركون في ذلك إلى الظنّ والذوق الشخصي ، وقد ورد في ذلك: عن أبي عبيدة الحذّاء ، قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: «واللَّهِ إنَّ أحبَّ أصحابي إليَّ أورعهم وأفقههم وأكتمهم لحديثنا ، وإنَّ أسوأهم عندي حالاً وأمقتهم الذي إذا سمع الحديث ينسب إلينا ويروى عنّا؛ فلم يقبله؛ اشمأزّ منه وجحده ، وكفّر من دان به ، وهو لا يدري لعلَّ الحديث من عندنا خرج وإلينا أسند ، فيكون بذلك خارجاً من ولايتنا » (۱۴۸) .
النقطة الخامسة :
في التنبيه على أخطاء الرواة.
ونذكر بهذا الشأن الروايات التالية:
الأولى: عن محمد بن مسلم ، قال: قلتُ لأبي عبد الله عليه السلام: إنَّ عمّار الساباطي روى عنك رواية ، قال: «وما هي؟» قلتُ: روى أنَّ السنّة فريضة ، فقال: «أين يذهب ، أين يذهب؟! ليس هكذا حدّثته ، إنّما قلتُ: من صلّى فأقبل على صلاته ، لم يحدّث نفسه فيها ، أو لم يَسْهُ فيها ، أقبل اللَّه عليه ما أقبل عليها ، فربما رفع نصفها أو ربعها أو ثلثها أو خمسها ، وإنّما أُمرنا بالسنّة؛ ليكمل بها ما ذهب من المكتوبة » (۱۴۹) .
الثانية: ما رواه زرارة بن أعين عن أخيه حمران ، قال: قال لي أبو عبد الله عليه السلام: «إنَّ في كتاب عليّ عليه السلام إذا صلّوا الجمعة في وقت فصلّوا معهم » .
قال زرارة: قلتُ له: هذا ما لا يكون ، اتّقاك ، عدوّ اللَّه أقتدي به؟!
قال حمران: كيف اتّقاني؟ وأنا لم أسأله؟ هو الذي ابتدأني ، وقال: «إذا صلّوا الجمعة في وقت فصلّوا معهم» كيف يكون هذا منه تقيّةً ؟
قال زرارة: قلتُ: اتقاك ، هذا ممّا لا يجوز.
حتى قضي أنّا اجتمعنا عند أبي عبد الله عليه السلام فقال له حمران: أصلحك اللَّه ، حدّثتُ هذا الحديثَ الذي حدّثتني به: أنَّ في كتاب عليّ عليه السلام إذا صلّوا الجمعة في وقتٍ فصلّوا معهم ، فقال (۱۵۰) : هذا ما لا يكون ، عدوّ اللَّه فاسق لا ينبغي لنا أن نقتدي به ، ولا نصلّي معه.
فقال أبو عبد الله عليه السلام: «في كتاب عليّ عليه السلام: «إذا صلّوا الجمعة في وقتٍ فصلّوا معهم ، ولا تقومَنَّ من مقعدك حتى تصلّي ركعتين أخريين » .
فقلتُ: فأكون قد صليتُ أربعاً لنفسي ، لم أقتد به ،
فقال عليه السلام: «نعم». فسكتُّ ، وسكتَ صاحبي ، ورضينا (۱۵۱) .
الثالثة: عن زرارة بن أعين قال: كنتُ عند أبي جعفر عليه السلام إذ جاءه رجلٌ فدخلَ عليه ، فقال له: جعلتُ فداك ، إنّي جار مسجدٍ لقومي ، فإذا لم أُصَلِّ معهم وقعوا فِيَّ وقالوا: هو هكذا وهكذا؟
فقال عليه السلام: «أما لئن قلتَ ذاك ، لقد قال أمير المؤمنين عليه السلام: مَن سمع النداءَ فلم يجبه من غير علّةٍ ، فلا صلاة له » .
فخرج الرجل يقول له الحاضرون: لا تدع الصلاة معهم وخلف كلِّ إمام .
فلمّا خرج قلتُ له: جعلتُ فداك ، كبر عليَّ قولك لهذا الرجل حين استفتاك ، فإن لم يكونوا مؤمنين؟ فضحك (تبسّم) عليه السلام ثمّ قال: فأيّ علّةٍ تريد أعظم من أنّه لا يؤتمّ به؟ أما تراني قلتُ: «صلّوا في مساجدكم ، وصلّوا مع أئمّتكم » (۱۵۲) .
المجال الرابع :
جعل أهل البيت عليهم السلام ضوابط تؤدّي إلى العلم بصدور الحديث أو عدم صدوره ، وضوابط أخرى تؤدّي إلى العلم بجهة الحديث المعلوم الصدور ، وأنّه صادر بإرادة جدّية وبنحو التشريع الدائم ، أم أنّه صادر تقيّةً؛ فينحصر العمل به في ظرف التقيّة فقط.
وفي ما يتعلّق بالقواعد التي بيّنها أهل البيت عليهم السلام للعلم بصدور الحديث أو عدم صدوره ، نقول: إنَّ تطبيق هذه القواعد يختّص بالرواية مظنونة الصدور؛ ذلك أنّ هناك حالات تكون فيها الرواية معلومة الصدور من الشارع المقدّس ، وهذه الحالات هي:
أوّلاً:أن تكون الرواية متواترةً ، أي: مرويّة بطرق كثيرة تؤدّي إلى العلم بصدورها.
ثانياً: أن يكون مضمون الرواية معلوماً من الدين بالضرورة ، فيعلم بصدورها ولو لم تبلغ حدّ التواتر ، كما لو وردت رواية بطريق واحدٍ أو طريقين ، تنصّ على أنَّ صلاة الظهر أربع ركعات.
ثالثاً: أن تكون الرواية من السنّة الجامعة غير المفرّقة ، أي: المتّفق على مضمونها ، والمرويّة من قبل كلا فريقي المسلمين: العامّة ، وشيعة أهل البيت عليهم السلام.
وفي غير هذه الحالات تكون الرواية ظنيّة الصدور ، ويعبّر عنها في اصطلاحهم ب(خبر الواحد) ولابد حينئذٍ من عرض مضمون الرواية على محكم الكتاب ومحكمالسنّة ، فإن كان موافقاً لهما أو لأحدهما ،حصل العلم بصدور الرواية من الشارع المقدّس ، وإن كان منافياً لأحدهما ، حصل العلم بعدم صدورها.
ويلاحظ: أنَّ حصول العلم بصدور الرواية ، لأحد الأسباب المتقدّمة ، يلحقها بمحكم السنّة ، ويجعلها صالحة هي – أيضاً – لعرض الروايات المظنونة عليها.
وأمّا القاعدة التي ذكرها أهل البيت عليهم السلام للعلم بجهة صدور الحديث ، وأنّه صادر بنحو التشريع الدائم ، أم بسبب ظرف التقيّة ، فهي قاعدة العرض على فتاوى العامّة ، ويختص تطبيقها بالروايات معلومة الصدور من الأئمّة عليهم السلام إذا وقع بينها الاختلاف ، فتعرض – حينئذٍ – على فتاوى العامّة ، ويؤخذ بالمخالف منها لفتاواهم ، للعلم بصدوره بإرادة جدّيّة وبنحو التشريع الدائم.
وأمّا الرواية التي يكون مضمونها موافقاً لفتاواهم ، فلابدّ من طرحها وعدم الأخذ بها ، للعلم بكونها صادرة تقيّة ، وبكون العمل بها جائزاً في حال التقيّة فقط.
وقد فصّلت الكلام عن قاعدة العرض على محكم الكتاب ومحكم السنّة ، وقاعدة العرض على فتاوى العامّة ، في بحث مستقلّ ، بعنوان (عرض الحديث على كتاب اللَّه عزَّ وجلَّ) (۱۵۳) . والحمد للَّه ربّ العالمين.
مصادر البحث :
۱ـ القرآن الكريم
۲ـ إجازة الحديث ، تأليف السيّد محمّد رضا الحسيني الجلالي ، مخطوط.
۳ـ الاحتجاج ، الطبرسي ، أحمد بن محمد ، نشر مؤسسة الأعلمي – بيروت ، عام ۱۴۱۰هـ.
۴ـ الإحكام في أصول الأحكام ، ابن حزم الأندلسي ، عليّ بن أحمد ، تحقيق لجنة من العلماء ، الطبعة الثانية ، دار الجيل – بيروت عام ۱۴۰۵هـ – ۱۹۸۵م.
۵ـ الاختصاص ، المنسوب للشيخ المفيد ، محمّد بن محمّد بن النعمان ، تصحيح علي أكبر الغفاري ، طبع مؤسسة النشر الإسلامي – قم.
۶ـ اختيار معرفة الرجال (رجال الكشّي) للشيخ الطوسي ، محمّد بن الحسن ، تحقيق الميبدي والسيّد الموسويان ، نشر وزارة الثقافة والإرشاد الإسلامي – طهران ۱۴۲۴هـ.
۷ـ أعيان الشيعة ، العاملي ، السيّد محسن الأمين ، نشر دار التعارف للمطبوعات – بيروت عام ۱۳۸۰ ه – ۱۹۶۰م.
۸ـ الأمالي الخميسيّة ، المرشد باللَّه يحيى بن الحسين ، طبع مصر.
۹ـ الأمالي ، للشيخ الصدوق ، محمّد بن علي ابن بابويه القمي ، نشر مؤسسة الأعلمي ، بيروت عام ۱۴۱۰ هـ – ۱۹۹۰م.
۱۰ـ الإمامة والتبصرة من الحيرة ، ابن بابويه القمّي ، عليّ بن الحسين ، تحقيق السيّد محمد رضا الحسينيالجلالي ، نشر مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث – بيروت عام ۱۴۰۷ هـ .
۱۱ـ بحار الأنوار ، للعلّامة المجلسي ، محمّد باقر الأصفهاني ، طبع دار الكتب الإسلامية – طهران ،أعادت طبعه مؤسسة الوفاء – بيروت عام ۱۴۰۳هـ – ۱۹۸۳م.
۱۲ـ تاريخ بغداد ، الخطيب البغدادي ، أحمد بن علي بن ثابت ، مطبعة السعادة – القاهرة عام ۱۳۴۹هـ.
۱۳ـ تحف العقول عن آل الرسول ، ابن شعبة الحرّاني ، تصحيح وتعليق علي أكبر الغفاري ، مؤسسة النشر الإسلامي – قم عام ۱۴۰۴هـ.
۱۴ـ التحف شرح الزّلف ، للسيّد مجد الدين المؤيّدي الحسني ، الطبعة الأولى عام ۱۳۸۹ هـ.
۱۵ـ تدوين السنّة الشريفة ، للسيّد محمّد رضا الحسينيالجلالي ، مكتب الإعلام الإسلامي – قم ۱۴۱۳ هـ.
۱۶ـ تقييد العلم ، الخطيب البغدادي ، أحمد بن علي بن ثابت ، تحقيق يوسف العشّ ، نشر دار إحياء السنّة النبويّة عام ۱۹۷۴م.
۱۷ـ تهذيب الأحكام ، للشيخ الطوسي ، محمّد بن الحسن ، تحقيق وتعليق السيّد حسن الموسوي الخرسان ، نشر دار الكتب الإسلامية – طهران عام ۱۳۹۰هـ.
۱۸ـ جامع أحاديث الشيعة ، للسيّد البروجردي ، حسين الطباطبائي ، المطبعة العلمية – قم ۱۳۹۹ هـ.
۱۹ـ جامع بيان العلم وفضله ، ابن عبد البَرّ ، تحقيق ابن أبي الأشبال ، نشر دار ابن الجوزي ۱۴۱۶هـ.
۲۰ـ جامع الرواة ، الأردبيلي ، محمد بن علي الحائري ، نشر مكتبة المصطفوي – قم.
۲۱ـ الجامع للشرائع ، المحقّق الحلّي ، يحيى بن سعيد ، مؤسسة سيد الشهداء – قم عام ۱۴۰۴ هـ.
۲۲ـ الخصال ، للشيخ الصدوق ، محمّد بن علي ابن بابويه القمي ، تحقيق علي أكبر الغفاري ، نشر مؤسسة الأعلمي ، بيروت عام ۱۴۱۰هـ – ۱۹۹۰م.
۲۳ـ الذريعة إلى تصانيف الشيعة ، آقا بزرك الطهرانيّ ، طبع دار الأضواء – بيروت.
۲۴ـ الرجال ، للشيخ الطوسي ، محمّد بن الحسن ، تحقيق السيّد محمد صادق بحر العلوم ، المطبعة الحيدرية ، النجف عام ۱۳۸۱هـ.
۲۵ـ الرجال ، للنجاشي ، أحمد بن علي ، تحقيق السيّد موسى الشبيري الزنجاني طبع مؤسسة النشر الإسلامي – قم عام ۱۴۰۷هـ.
۲۶ـ الرسالة ، للشافعي ، محمّد بن إدريس المطّلبي ، تحقيق أحمد محمّد شاكر ، نشر المكتبة العلميّة – بيروت عام ۱۴۲۲هـ – ۲۰۰۱م.
۲۷ـ سنن ابن ماجه ، محمد بن يزيد القزويني، تحقيق بشار عوّاد دار الجيل – بيروت ۱۴۱۸هـ.
۲۸ـ سنن الدارمي ، عبد الله بن عبد الرحمن ، تحقيق مصطفى ديب البغا ، دار القلم – دمشق ۱۴۱۷هـ.
۲۹ـ السنّة قبل التدوين ، محمد عجاج الخطيب ، دار الفكر – بيروت عام ۱۴۰۱هـ – ۱۹۸۱م.
۳۰ـ صحيح الترمذي ، محمّد بن عيسى ، تحقيق أحمد شاكر وإبراهيم عطوة عوض ، دار إحياء التراث العربي ، بيروت.
۳۱ـ صحيح مسلم ، بشرح النووي ، تحقيق خليل مأمون شيحا ، دار المعرفة – بيروت ۱۴۲۲هـ ـ .
۳۲ـ الصحيفة السجادية ، أدعية الإمام زين العابدين عليّ بن الحسين السجاد عليه السلام شرح السيّد علي حسن مطر الهاشمي ، منشورات ناظرين – قم عام ۱۴۲۵هـ – ۲۰۰۴م.
۳۳ـ الطبقات الكبرى ، محمّد بن سعد ، تحقيق محمّد عبد القادر عطا ، دار الكتب العلمية – بيروت عام ۱۴۱۰هـ – ۱۹۹۰م.
۳۴ـ علوم الحديث (مجلة) كليّة علوم الحديث – طهران ، العدد ۱۵ و۱۷ ، السنة التاسعة – ۱۴۲۶هـ .
۳۵ـ الغيبة ، للشيخ الطوسي ، محمّد بن الحسن ، تحقيق عباد اللَّه الطهراني وعلي أحمد ناصح ، نشر مؤسسة المعارف الإسلامية – قم عام ۱۴۱۷هـ.
۳۶ـ الفوائد الطوسيّة ، الحرّ العاملي ، محمّد بن الحسن ، تعليق السيّد مهدي اللاجوردي والشيخ محمّد درودي ، نشر مكتبة المحلاّتي – قم عام ۱۴۲۳هـ.
۳۷ـ الفهرست ، للشيخ الطوسي ، محمّد بن الحسن ، تحقيق السيد محمد صادق بحر العلوم ، المطبعة الحيدرية – النجف عام ۱۳۸۰هـ.
۳۸ـ الكافي ، للشيخ الكليني ، محمّد بن يعقوب الرازي ، تحقيق وتعليق عليأكبر الغفاري ، دار الكتب الإسلامية – طهران عام ۱۳۸۸هـ.
۳۹ـ كتاب سليم بن قيس الهلالي ، تحقيق محمّد باقر الأنصاري ، نشر دليل ما – قم عام ۱۴۲۴هـ.
۴۰ـ الكفاية في علم الرواية ، الخطيب البغدادي أحمد بن علي بن ثابت ، دار الكتب الحديثة – القاهرة عام ۱۴۱۰هـ – ۱۹۹۰م.
۴۱ـ كمال الدين وتمام النعمة ، للشيخ الصدوق ، محمّد بن علي ابن بابويه القمي تصحيح وتعليق علي أكبر الغفاري ، مؤسسة النشر الإسلامي – قم عام ۱۳۹۰هـ.
۴۲ـ كنز العمّال ، المتقي الهندي ، الطبعة الأولى ، حيدر آباد الدكن – الهند عام ۱۳۲۲هـ تصوير مؤسسة الرسالة – بيروت عام ۱۴۰۵هـ.
۴۳ـ المحاسن ، للبرقي ، أحمد بن محمّد ، تحقيق المحدّث الأُرموي ، دار الكتب الإسلامية – قم .
۴۴ـ المحدّث الفاصل بين الراوي والواعي ، الرامهرمزي ، الحسن بن عبد الرحمن ، تحقيق محمّد عجّاج الخطيب ، دار الفكر – بيروت عام ۱۴۰۴هـ
۴۵ـ المراسيل ، أبو داود السجستاني ، عبد الرحمن بن محمد ، تحقيق صبحي السامرّائي ، طبع مكتبة المثنّى – بغداد عام ۱۳۸۶هـ.
۴۶ـ مروج الذهب ومعادن الجوهر ، المسعودي ، عليّ بن الحسين الهذلي ، تنقيح وتصحيح شارل پلاّ ، منشورات الجامعة اللبنانية – بيروت.
۴۷ـ المستدرك على الصحيحين ، الحاكم النيسابوري ، المطبعة العثمانية ، حيدر آباد – الهند.
۴۸ـ مستدرك وسائل الشيعة ، للشيخ الطبرسي ، حسين النوري ، تحقيق مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ، الطبعة الأولى قم عام ۱۴۰۷هـ.
۴۹ـ معالم العلماء ، ابن شهرآشوب ، محمّد بن علي السروي ، تحقيق محمد صادق بحر العلوم ، المطبعة الحيدرية ، النجف.
۵۰ـ معاني الأخبار ، للشيخ الصدوق ، محمّد بن علي ابن بابويه القمي تصحيح علي أكبر الغفاري ، نشر جماعة المدرسين – قم.
۵۱ـ مسند أحمد بن حنبل ، شرحه حمزة أحمد الزين ، طبع دار الحديث – القاهرة ۱۴۱۶ هـ.
۵۲ـ مكارم الأخلاق ومعاليها ، الخرائطي ، محمد بن جعفر السامري ، مراجعة عبد الله بن حجّاج ، نشر مكتبة السلام العالميّة ، القاهرة.
۵۳ـ من لا يحضره الفقيه ، للشيخ الصدوق ، محمّد بن عليابن بابويه القمي تصحيح وتعليق علي أكبر الغفاري ، نشر جماعة المدرسين – قم.
۵۴ـ الوافي ، الفيض الكاشاني ، المولى محمد محسن ، نشر مكتبة أمير المؤمنين عليه السلام – أصفهان.
۵۵ـ وسائل الشيعة ،الحرّ العاملي ، محمّد بن الحسن ، تحقيق مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث – قم.
الهوامش :
۱ـ (غاية المرام) للبحراني، المقصد الأوّل، الباب (۲۹) الحديث ۳ (ص ۲۱۸) من الطبعة الحجرية، عن كتاب (الغيبة) للنعماني، ورواه في صحيح الترمذي (۵/۶۶۳) الحديث (۳۷۸۸) .
۲ـ (المراسيل) أبو داود السجستاني ص۲۴۹ ، الحديث رقم ۲ .
۳ـ سورة النجم ۵۳: ۳ – ۴٫
۴ـ (الإحكام في أصول الأحكام) ابن حزم الأندلسي ۱/۹۳ .
۵ـ اقرأ تفصيلاً عن تلك المحاولات والردّ عليها في كتاب (تدوين السنّة الشريفة) للسيّد الجلاليّ .
۶ـ (الخصال) الشيخ الصدوق ، ص ۵۴۲ .
۷ـ المصدر نفسه ص ۵۴۲ .
۸ـ المصدر نفسه ، ص ۵۴۳٫
۹ـ (كمال الدين وتمام النعمة) الشيخ الصدوق ، ۳/۱۸۵ .
۱۰ـ (المحاسن) البرقي ، ص ۲۲۷٫
۱۱ـ سورة الحشر ۵۹: ۷٫
۱۲ـ (المحاسن) ، ص ۲۲۷٫
۱۳ـ (الكافي) الكليني ، ۱/۴۹٫
۱۴ـ (الكافي) ۲/۲۰۶٫
۱۵ـ (الكافي) ۱/۲۰۳٫
۱۶ـ (الاحتجاج) الطبرسي ، ۱/۶۲٫
۱۷ـ من لا يحضره الفقيه) الصدوق ص۴۶۳ ، (معاني الاخبار) الصدوق ، ص۳۷۵ .
۱۸ـ (الكافي) ،۱/۳۳٫
۱۹ـ معاني الأخبار الصدوق ، ص۱۸۰٫
۲۰ـ الكافي ، ۱/۱۵۰٫
۲۱ـ الكافي ، ۳/۱۸۶٫
۲۲ـ تقييد العلم ، الخطيب البغدادي ، وذكر المحقق في الهامش وجود الرواية دون سند في (معالم السنن ) .
۲۳ـ (تقييد العلم) ، ص۶۸ ، (المحدّث الفاصل) ، الرامهرمزي ، ص۳۶۴ ، (جامع بيان العلم) وفضله ، ابن عبد البَرّ ، ۱/۳۱۷ ، ۳۱۹ .
۲۴ـ تقييد العلم ، ص۷۲ – ۷۳ ، المحدّث الفاصل ، ص۳۶۹٫
۲۵ـ (تقييد العلم) ، ص۷۰ ، (المحدث الفاصل) ، ص۳۶۵ ، وفيه: نسمع منكَ أشياءً.
۲۶ـ (تقييد العلم) ، ص۷۷ ، (المحدّث الفاصل) ، ص۳۶۴ – ۳۶۵ مع اختلاف يسير ، (جامع بيان العلم وفضله) ، ۱/۲۹۹ – ۳۰۰٫
۲۷ـ (الأمالي) ، الصدوق ، ص۴۰٫
۲۸ـ (تقييد العلم) ، ص۹۰ ، (تاريخ بغداد) ، الخطيب البغدادي ۸/۳۵۷ ، (كنز العمّال) ، المتقي الهندي ۵/۳۶۱ الحديث ۲۹۳۸۵ ، (الطبقات الكبرى) ، ۶/۲۰۹٫
۲۹ـ (تقييد العلم) ، ص۹۰٫
۳۰ـ (الطبقات الكبرى) ، ۶/۲۰۹٫
۳۱ـ (الكفاية في علم الرواية) ، ص ۳۸۳٫
۳۲ـ (إجازة الحديث) السيّد محمّد رضا الحسيني الجلالي ، مخطوط .
۳۳ـ (الكفاية في علم الرواية) ، ص۳۳۹ ، (جامع بيان العلم) ، ابن عبد البرّ ، ۱/۸۳ ، (كنز العمّال) المتقي الهندي ، ۵/۳۳۹ ، (سنن الدارمي) ، ۱/۱۳۷ الحديث رقم ۵۱۷ ، (بحار الأنوار) ،المجلسي ، ۲/۱۵۲ الحديث رقم ۳۷ .
۳۴ـ (كتاب سليم) بن قيس الهلالي ، ص۳۲۰٫
۳۵ـ (تدوين السنّة الشريفة) ، السيّد محمّد رضا الحسيني الجلالي ، ص ۱۴۸ – ۱۴۹٫
۳۶ـ (الكفاية في علم الرواية) ، ص۳۸۶ سنن الدارمي ، ۱/۱۲۳٫
۳۷ـ (تدوين السنة الشريفة) ، ص۱۵۳٫
۳۸ـ سورة الحشر ۵۹:۷٫
۳۹ـ (جامع أحاديث الشيعة) ، السيّد حسين البروجردي قدس سره (۱/۵۱) .
۴۰ـ (تدوين السنة الشريفة) ، ص ۱۵۲ – ۱۵۳٫
۴۱ـ الهَرْجُ: الفتنة والاختلاط (مختار الصحاح ، الرازي ، مادة هَرَجَ ) .
۴۲ـ (الكافي) ، ۱/۴۳ كتاب فضل العلم ، باب رواية الكتب ، الحديث ۱۳ ، (بحار الأنوار) ، ۲/۱۵۰ الحديث ۲۷٫
۴۳ـ (الكافي) ، ۱/۴۳ الحديث ۹ ، (بحار الأنوار) ، كتاب العلم ۲/۱۵۳٫
۴۴ـ سورة الكهف: ۱۸:۸۲٫
۴۵ـ (الكافي) ، ۲/۵۹٫
۴۶ـ (الكافي) ، ۱/۵۳ الحديث رقم ۶ ، (بحار الأنوار) ، كتاب العلم ۲/۱۶۷٫
۴۷ـ (الذريعة إلى تصانيف الشيعة) ، آقا بزرك الطهراني ۲/۳۰۶ ، (أعيان الشيعة) ، العاملي السيد محسن الأمين ۱/۲۴۲ – ۲۴۳٫
۴۸ـ (رجال النجاشي) ، الترجمة ۹۶۶ ، ص۳۶۰ ، (الفوائد الطوسيّة) ، الحرّ العاملي ، ص۲۴۳٫
۴۹ـ (الذريعة إلى تصانيف الشيعة) ، ۲/۳۰۶٫
۵۰ـ (الاحتجاج) ، ۲/۲۸۷ ، (بحار الأنوار) ، ۴۴/۱۰۰٫
۵۱ـ (الكافي) ، ۸/۱۶۳ الحديث رقم ۱۷۲٫
۵۲ـ (رجال النجاشي) ، الترجمة رقم ۹۶۶ ، ص۳۶۰٫
۵۳ـ (الكافي) ، ۷/۱۷۶ ، كتاب الحدود ، باب التحديد ، الحديث ۱۳٫
۵۴ـ (مروج الذهب ومعادن الجوهر) ، المسعودي ، ۵/۸۲ – ۸۳ رقم ۳۰۷۹٫
۵۵ـ (مكارم الأخلاق ومعاليها) ، الخرائطي ، ص۴۳ ، رقم ۳۱۷٫
۵۶ـ (تقييد العلم) ، الخطيب البغدادي ، ص۹۹ ، ۳۱۸٫
۵۷ـ (الإمامة والتبصرة من الحَيْرة) ، ابن بابويه علي بن الحسين القمّي والد الصدوق ، ص۱۸۰ ، الحديث ۳۴٫
۵۸ـ (الذريعة إلى تصانيف الشيعة) ، الطهراني ،۳۱/۱۳۶٫
۵۹ـ (تدوين السنّة الشريفة) . هامش ص۷۷٫
۶۰ـ (الفهرست) ، الطوسي ، ص۱۹۹ ، ۷۶۸ ، (رجال النجاشي) ، ص۴۲۶ رقم ۱۱۴۴ ، (رجال الطوسي) ، ص۴۸۵ ، رقم ۵۳ ، (معالم العلماء) ، ابن شهرآشوب ص۱ ، (الفوائد الطوسيّة) ، ص۲۴۶ ، (الذريعة إلى تصانيف الشيعة* ، ۱۵/۱۸ .
۶۱ـ (أمالي الصدوق) ، المجلس ۵۹ ، ص۳۰۱ – ۳۰۶ ، (الخصال) ، ص۵۶۴ ، (تحف العقول) ، ابن شعبة الحراني ، ص۳۵۵، وقد طبع محقّقاً في كتاب (جهاد الإمام السجّاد عليه السلام) للسيّد الجلالي طبع دار الحديث – قم .
۶۲ـ (تدوين السنّة الشريفة) ، ص۱۵۱٫
۶۳ـ (تدوين السنّة الشريفة) ، ص۱۵۶٫
۶۴ـ (السنّة قبل التدوين) ، ص۳۷۱٫
۶۵ـ (التحف شرح الزلف) ، للسيد مجد الدين المؤيّدي الحسني ، ص ۳۰٫
۶۶ـ (الأمالي الخميسيّة) ، المرشد باللَّه ۲/۱۰۳٫
۶۷ـ (تدوين السنّة الشريفة) ، ص۱۵۸٫
۶۸ـ (رجال النجاشي) ، الترجمة ۱۱۱۲ ، ص۴۱۶ ، (الذريعة إلى تصانيف الشيعة) ، ۲/۴۸۲ رقم ۲۱۵۶ ، (بحار الأنوار) ،۳/۵۷ – ۱۵۱ ، انظر (تدوين السنّة الشريفة) ،ص ۱۶۴ – ۱۶۵٫
۶۹ـ (الذريعة إلى تصانيف الشيعة) ، ۲/۱۰۹ ، رقم ۴۳۶ ،(تدوين السنّة الشريفة) ، ص۱۶۶-۱۶۷ .
۷۰ـ (الفهرست) ، ص۱۹۱ ، رقم ۷۲۱٫
۷۱ـ (رجال النجاشي) ، ص۴۰۷ ، رقم ۱۰۸۲٫
۷۲ـ (تدوين السنّة الشريفة) ، ص۱۷۳ .
۷۳ـ ومن رواتها: عبد اللَّه بن محمد بن علي التميمي الرازي، وقد طبعت النسخة التي رواها في مجلّتنا هذه (علوم الحديث) العدد (۱۷ ص ۲۴۳ – ۲۸۳) بتحقيق الشيخ علي موسى الكعبي .
۷۴ـ (رجالالنجاشي)، ص۱۰۰، رقم ۳۵۰، (الذريعة إلىتصانيف الشيعة)، ۱۵/۱۷، ۲۱/۲۶، ۲۴/۱۴۹٫
۷۵ـ (تدوين السنّة الشريفة) ، ص۱۷۷٫
۷۶ـ (تدوين السنّة الشريفة) ، ص۱۸۴ – ۱۸۵٫
۷۷ـ (اختيار معرفة الرجال) ، ص۵۸۲ ، (جامع أحاديث الشيعة) ، ۱/۲۷۱ الباب ۵ من أبواب حجيّة أخبار الثقات ، الحديث ۳ .
۷۸ـ (الكافي) ،۱/۲۲۹٫
۷۹ـ (الكافي) ، ۱/۳۳۰٫
۸۰ـ (مستدرك وسائل الشيعة) ، النوري ۱۷/۳۲۱ ، كتاب القضاء ، الباب ۱۱ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ۳۲ (جامع أحاديث الشيعة) ، ۱/۲۲۴ الباب ۵ من المقدمات ، الحديث ۱۲ .
۸۱ـ (اختيار معرفة الرجال) ،ص۳۹۶ ، (الرجال) ، النجاشي ، ص۱۰ .
۸۲ـ (اختيار معرفة الرجال) ، ۲۳۹ ، (الاختصاص) ، المنسوب إلى الشيخ المفيد ، ص۲۰۱٫
۸۳ـ (اختيار معرفة الرجال) ، ص۲۱۸ – ۲۱۹٫
۸۴ـ (اختيار معرفة الرجال) ، ص۲۱۷٫
۸۵ـ (اختيار معرفة الرجال) ،ص۴۰۳٫
۸۶ـ (اختيار معرفة الرجال) ،ص۶۳۳ ، (الاختصاص) ، ص۸۷٫
۸۷ـ (اختيار معرفة الرجال) ، ص۵۳۸٫
۸۸ـ المصدر نفسه ، ص ۵۴۳٫
۸۹ـ المصدر نفسه ، ص۲۶۴ – ۲۶۵٫
۹۰ـ المصدر نفسه ، ص ۲۸۵٫
۹۱ـ المصدر نفسه ، ص ۶۲۰٫
۹۲ـ (اختيار معرفة الرجال) ، ص ۲۴۶٫
۹۳ـ (بحار الأنوار) ، ۲/۲۲۵ الباب ۲۹ الحديث رقم ۲٫
۹۴ـ (مسند أحمد) بن حنبل شرحه وصَنع فهارسه حمزة أحمد الدين ۹ / ۴۹۲ الحديث ۱۰۴۶۱ ، و (سنن ابن ماجه) ۱ / ۶۵ الحديث ۳۴ ، (صحيح مسلم) ۱ / ۲۵ – ۲۸ ، (المستدرك على الصحيحين) ، ۱/۱۰۲ – ۱۰۳ (الرسالة) ، الشافعي ، ص ۳۹۶٫
۹۵ـ (اختيار معرفة الرجال) ،۳۷۱ – ۳۷۲٫
۹۶ـ المصدر نفسه ، ص ۲۱۸ – ۲۱۹٫
۹۷ـ المصدر نفسه ، ص ۲۴۶٫
۹۸ـ (الكافي) ، ۸/۲۲۹٫
۹۹ـ (اختيار معرفة الرجال) ، ص ۲۹۷٫
۱۰۰ـ المصدر نفسه ، ص ۲۹۸٫
۱۰۱ـ المصدر نفسه ص ۳۶۹٫
۱۰۲ـ المصدر نفسه ، ص ۳۶۳٫
۱۰۳ـ (اختيار معرفة الرجال) ، ص ۲۸۱٫
۱۰۴ـ المصدر نفسه ، ص ۲۸۱٫
۱۰۵ـ المصدر نفسه ، ص ۳۷۱٫
۱۰۶ـ سورة الشعراء ۲۶: ۲۲۱ – ۲۲۲٫
۱۰۷ـ (اختيار معرفة الرجال) ، ص ۳۶۸٫
۱۰۸ـ (اختيار معرفة الرجال) ، ص ۳۰۴ – ۳۰۵٫
۱۰۹ـ وهو الذي يروي عن الإمام الرضا عليه السلام وقتله إبراهيم بن شكلة ، وهو غير محمّد بن فرات الذي ذكره الكشيّ عند تعداد أصحاب الباقر والصادق عليهما السلام (انظر حاشية ص ۲۹۴ من الطبعة المحققة لاختيار معرفة الرجال ) .
۱۱۰ـ (اختيار معرفة الرجال) ، ص ۵۹۷٫
۱۱۱ـ (اختيار معرفة الرجال) ، ص ۴۶۸٫
۱۱۲ـ المصدر نفسه ، ص ۵۷۴٫
۱۱۳ـ (اختيار معرفة الرجال) ، ص ۵۷۰٫
۱۱۴ـ المصدر نفسه ، ص ۵۵۱٫
۱۱۵ـ المصدر نفسه ، ص ۵۳۷٫
۱۱۶ـ المصدر نفسه ، ص ۶۱۴ – ۶۱۵٫
۱۱۷ـ المصدر نفسه ، ص ۵۸۱ – ۵۸۲٫
۱۱۸ـ (اختيار معرفة الرجال) ، ص ۵۹۶٫
۱۱۹ـ المصدر نفسه ، ص ۵۹۶ – ۵۹۷٫
۱۲۰ـ (اختيار معرفة الرجال) ، ص ۵۶۶٫
۱۲۱ـ (اختيار معرفة الرجال) ، ص ۵۶۶٫
۱۲۲ـ المصدر نفسه ، ص ۲۹۶٫
۱۲۳ـ هو كتاب (الديات) لظريف بن ناصح ، فلاحظ.
۱۲۴ـ (الكافي) ، ۷/۳۳۰ ، ۲/۳۶۳ ، (الجامع للشرائع) ، المحقق الحلّي ، ص ۶۰۸٫
۱۲۵ـ (الكافي) ، ۸/۱۴ – ۱۷ ، (الفهرست) ، ص ۶۷ ، رقم ۱۳۸٫
۱۲۶ـ (الاختصاص) ، ص ۲۱۷ ، (بحار الأنوار) ، ۲/۱۴۵ ، الحديث ۱۱ .
۱۲۷ـ (بحار الأنوار) ، ۲/۱۴۶٫
۱۲۸ـ (الكافي) ، ۱/۵۳ الحديث رقم ۱۵ ، (بحار الأنوار) ، ۲/۱۶۷ ، (مستدرك وسائل الشيعة) ، ۳/۳۸۲٫
۱۲۹ـ (رجال النجاشي) ، ص ۴۴۷ ، رقم ۱۲۰۸ ، (بحار الأنوار) ،۲/۱۵۰ ، الحديث ۲۵٫
۱۳۰ـ (اختيار معرفة الرجال) ، ص۳۰۱٫
۱۳۱ـ (كتاب سليم) ، ص ۱۲۷٫ (اختيار معرفة الرجال* ، ص ۱۸۳ – ۱۸۵٫ (بحار الأنوار) ، ۱/۷۶ ، ۳۳/۱۲۴ ، ۵۳/۶۶٫
۱۳۲ـ (الكافي) ، ۱/۲۹۷ الحديث ۱ ، (من لا يحضره الفقيه) ، ۴/۱۳۹ الحديث ۴۸۴ ، (تهذيب الأحكام) ، الطوسي ، ۹/۱۷۶ ، (الغيبة) ، الطوسي ، ص ۱۱۷٫
۱۳۳ـ (وسائل الشيعة) ، الحرّ العاملي ،۲۰/۲۱۰ ، (جامع الرواة) ،الاردبيلي ۱/۳۷۵٫
۱۳۴ـ (الصحيفة السجاديّة) ، الإمام زين العابدين عليه السلام ص ۴۲٫
۱۳۵ـ (اختيار معرفة الرجال) ، ص ۳۳۵٫
۱۳۶ـ (رجال النجاشي) ، ص ۱۶۰٫
۱۳۷ـ (مستدرك الوسائل) ، النوري ۱۷/۲۹۴ الباب ۸ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ۳۲٫
۱۳۸ـ (الغيبة) ، الشيخ الطوسي ، ص ۳۸۹ – ۳۹۰٫
۱۳۹ـ (الكافي) ، ۱/۳۵۲٫
۱۴۰ـ (بحار الأنوار) ، ۲/۲۴۹ الحديث ۱۲٫
۱۴۱ـ (الكافي) ، ۱/۴۶ باب المستأكل بعلمه والمباهي به ، الحديث۲٫
۱۴۲ـ (الكافي) ، ۱/۵۲ باب رواية الكتب والحديث ، الحديث۷٫
۱۴۳ـ (الكافي) ، ۱/۵۲ باب رواية الكتب والحديث ، الحديث۱۲٫
۱۴۴ـ سورة الزمر ۳۹: ۱۸٫
۱۴۵ـ (الكافي) ، ۱/۵۱ باب رواية الكتب والحديث ، الحديث ۱٫
۱۴۶ـ (الكافي) ، ۱/۵۲٫
۱۴۷ـ (وسائل الشيعة) ، ۳/۳۸۰٫
۱۴۸ـ (الكافي)، ۲/۲۲۳ ، (بصائر الدرجات) ، الصفّار ، ص ۵۳۷ الباب ۲۲ في مَن لا يعرف الحديث فردّه.
۱۴۹ـ (الكافي) ، ۳/۳۶۳ باب ما يقبل من صلاة الساهي ، الحديث ۱٫
۱۵۰ـ يعني زرارة.
۱۵۱ـ (الوافي) ، الفيض الكاشاني ، باب صفة صلاة الجمعة مع العامّة من أبواب الصلاة الحديث:۲ (تهذيب الأحكام) ، الطوسي ۳/۲۸ الباب ۳ أحكام الجماعة وأقلّ الجماعة ، الحديث ۸٫
۱۵۲ـ (الكافي) ، ۳/۳۷۲ ، (تهذيب الأحكام) ، ۳/۲۴ باب فضل الجماعة، الحديث ۳ ، (وسائل الشيعة) ، ۸/۳۰۰ الباب ۵ من أبواب صلاة الجماعة، الحديث ۵ ، (بحار الأنوار) ، ۸۵/۹۷ .
۱۵۳ـ نشر في مجلتنا هذه (علوم الحديث) العدد (۱۷) ص ۱۰ – ۵۰٫
الكاتب: السيد علي حسن مطر الهاشمي