- الإسلام
- القرآن
- النبي وأهل بيته
- الشيعة
- الأسرة
- أسئلة وأجوبة
- الدعاء وشروط استجابته
- وقت المطالعة : 10 دقیقة
- بواسطة : المشرف
- 0 تعليق
ضجّت المدينة المنورة لخبر مقتل الإمام الحسين (ع) بعد وصول مبعوث ابن زياد، وإذاعة السلطة الفاجرة – رسمياً – خبر تحقق الفاجعة والمأساة، كما ضجّت ثانيا بعد وصول آل بيت الحسين (ع) إلى المدينة، واستقبال الناس لهم بالعويل والبكاء.
وصول مبعوث ابن زياد المدينة المنورة
قال السيد ابن طاووس (ره): «وكتب عبيد الله بن زياد إلى يزيد بن معاوية يخبره بقتل الحسين (ع) وخبر أهل بيته، وكتب أيضاً إلى عمرو بن سعيد بن العاص أمير المدينة بمثل ذلك»[1].
وقال الطبري: «قال هشام: حدثني عوانة بن الحكم قال: لما قتل عبيد الله بن زياد الحسين بن علي وجيء برأسه إليه دعا عبد الملك بن أبي الحارث السلمي فقال: انطلق حتى تقدم المدينة على عمرو بن سعيد بن العاص، فبشره بقتل الحسين، وكان عمرو بن سعيد بن العاص أمير المدينة يومئذ»[2].
مبعوث ابن زياد عند والي المدينة
قال الطبري: «قال عبد الملك: فدخلت على عمرو بن سعيد، فقال: ما وراءك؟
فقلت: ما سر الأمير، قتل الحسين بن علي.
فقال: ناد بقتله.
فناديت بقتله، فلم أسمع والله واعية قط مثل واعية نساء بني هاشم في دورهن على الحسين، فقال عمرو بن سعيد ـ وضحك ـ:
عجت نساء بني زياد عجة ** كعجيج نسوتنا غداة الأرنب
والأرنب وقعة كانت لبني زبيد على بني زياد من بني الحارث بن كعب من رهط عبد المدان، وهذا البيت لعمرو بن معد يكرب.
ثم قال عمرو: هذه واعية بواعية عثمان بن عفان!
ثم صعد المنبر، فأعلم الناس بقتله، ودعا ليزيد بن معاوية ونزل»[3].
ضجة الناس عند سماع خبر مقتل الحسین (ع)
«ولما بلغ أهل المدينة مقتل الحسين كثر النوائح والصوارخ عليه»[4].
وروى الشيخ المفيد (ره) عن أبي هياج عبد الله بن عامر أنه قال: «فما رأينا باكياً ولا باكية أكثر مما رأينا ذلك اليوم»[5].
اشتداد الواعية في دور بني هاشم
روى الشيخ المفيد (ره) عن مبعوث ابن زياد إلى المدينة: «فلم أسمع والله واعية قط مثل واعية بني هاشم في دورهم على الحسين بن علي حين سمعوا النداء بقتله»[6].
وقال البلاذري: واشتدّت الواعية في دور بني هاشم، فقال عمرو بن سعيد الأشدق: واعية بواعية عثمان.
وقال مروان حين سمع:
عجّت نساء بني زبيد عجّة ** كعجيج نسوتنا غداة الأزيب[7]
وقال السيد محمد بن أبي طالب: وكان ابن زياد حين قتل الحسين (ع) أرسل يخبر يزيد بذلك، وكتب أيضاً إلى عمرو بن سعيد بن العاص أمير المدينة بمثل ذلك، فأما عمرو بن سعيد فحيث وصله الخبر صعد المنبر وخطب الناس وأعلمهم ذلك، فعظمت واعية بني هاشم، وأقاموا سنن المصائب والمآتم[8].
جلاوزة السلطة الحاكمة تظهر كفرها وحقدها
من جلاوزة السلطة الحاكمة ممّن أظهر كفره بالله وبغضه وحقده لآل بيت رسوله (ص) عمرو بن سعيد أحد أفراد هذه الشجرة الملعونة.
قال العلامة الحجة الشيخ الأميني (ره):
«عمرو بن سعيد بن العاص بن أمية الأموي المعروف بالأشدق الذي جاء فيه في «مسند أحمد» من طريق أبي هريرة مرفوعاً: ليرعفنّ على منبري جبّار من جبابرة بني أمية يسيل رعافه[9].
قال: فحدثني من رأى عمرو بن سعيد رعف على منبر رسول الله حتى سال رعافه، كان هذا الجبّار ممن يسب عليا (ع) على صهوة المنابر، قال القسطلاني في «إرشاد الساري في شرح صحيح البخاري»، والأنصاري في «تحفة الباري شرح البخاري المطبوع في ذيل إرشاد الساري»، في الصفحة المذكورة: سمّي عمرو بالأشدق، لأنه صعد المنبر فبالغ في شتم علي (ع)، فأصابته لقوة ـ أي داء في وجهه ـ»[10].
وقال ـ بعد ذكر وصول مبعوث ابن زياد إليه، وعلمه بخبر قتل الحسين (ع) ـ: ثم صعد المنبر، فأعلم الناس قتله، وفي «مثالب أبي عبيدة»: ثم أومأ إلى القبر الشريف وقال: «يا محمد يوم بيوم بدر»، فأنكر عليه قوم من الأنصار[11].
وممن أبرز خبثه وحقده على آل الرسول (ص) مروان بن الحكم كما روى عن التنبيه على أبي القالي في أماليه أنه قال: «وقد رأيت أبا محمد ابن حبيب البصري: أدرج هذا البيت (عجّت نساء) في خبر ذكره، فقال: لما جاء نعي الحسين ومن كان معه قال مروان: يوم بيوم الخفض المجوّر؟! أي يوم بيوم عثمان، ثم تمثّل بقول الأسدي: عجّت نساء…»[12].
موقف أُم سلمة أم المؤمنين
إن لأم المؤمنين أُمّ سلمة (س) مواقف صريحة وجريئة تجاه هذه الجريمة النكراء التي جرت في حق ثمرة فؤاد الرسول ومهجة قلب بنته البتول الإمام الحسين (ع) وأهل بيته، نذكر بعض ما ظفرنا به:
قال ابن الجوزي: «وذكر ابن أبي الدنيا أنه لما بلغ أُم سلمة قتل الحسين قالت: فعلوا؟! ملأ الله قبورهم وبيوتهم ناراً، ثم وقعت مغشياً عليها»[13].
روی ابن سعد بإسناده عن عامر بن عبد الواحد عن شهر بن حوشب قال: «أنا لعند أُمّ سلمة زوج النبي (ص) قال: فسمعنا صارخة، فأقبلت حتى انتهت إلى أُمّ سلمة، فقالت: قتل الحسين، قالت: قد فعلوها، ملأ الله بيوتهم ـ أو قبورهم – عليهم ناراً، ووقعت مغشياً عليها. قال: وقمنا»[14].
وروى أيضاً بإسناده عن عبد الحميد بن بهرام عن شهر بن حوشب قال: «سمعت أُمّ سلمة حين أتاها قتل الحسين لعنت أهل العراق وقالت: قتلوه، قتلهم الله، غرّوه وذلّوه، لعنهم الله»[15].
إن أُم سلمة ـ مع أنها كانت تعيش في ظروف صعبة جداً ـ وضحت أن القوم أجر موا بحق آخر من بقي من أصحاب الكساء وهو الطاهر ابن الطاهر الحسين بن علي.
ولم تكتف هذه المرأة الجليلة بهذا الحدّ من إبراز الموقف، بل أعلنت الحداد ولبست السواد علناً وفي الملأ العام من الناس، وفي مسجد رسول الله (ص).
روى القاضي نعمان عن أبي نعيم بإسناده عن أُمّ سلمة:
«أنها لما بلغها مقتل الحسين (ع) ضربت قبة في مسجد رسول الله (ص) جلست فيها ولبست سواداً»[16].
نعي أسماء بنت عقيل
روى الشيخ المفيد (ره) بإسناده عن أبي الهياج عبد الله بن عامر قال: «لما أتى نعي الحسين إلى المدينة خرجت أسماء بنت عقيل بن أبي طالب في جماعة من نسائها، حتى انتهت إلى قبر رسول الله (ص)، فلاذت به، وشهقت عنده، ثم التفتت إلى المهاجرين والأنصار وهي تقول:
ماذا تقولون إن قال النبي لكم ** يوم الحساب وصدق القول مسموع
خذلتم عترتي أو كنتم غيّباً ** والحق عند ولي الأمر مجموع
أسلمتموهم بأيدي الظالمين فما ** منكم له اليوم عند الله مشفوع
ما كان عند غداة الطف إذ حضروا ** تلك المنايا ولا عنهن مدفوع
قال: فما رأينا باكياً ولا باكية أكثر مما رأينا ذلك اليوم»[17].
وصول مبعوثي يزيد إلى المدينة
لقد أرسل يزيد رسولين إلى المدينة وهما محرز بن حريث بن مسعود الكلبي ورجل من بهرا[18]، كما صرح بذلك ابن نما في قوله: «وروي أن یزید بن معاوية بعث بمقتل الحسين إلى المدينة محرز بن حريث بن مسعود الكلبي من بني عدي بن حباب ورجلاً من بهرا، وكانا من أفاضل أهل الشام، فلما قدما خرجت امرأة من بنات عبد المطلب قيل هي زينب بنت عقيل ناشرة شعرها، واضعة كمها على رأسها تتلقاهم وهي تبكي وتقول: ماذا تقولون.. (الأبيات)»[19].
رأس الإمام الحسين (ع) بالمدينة
ثمة روايات تدل على إرسال الرأس الشريف إلى المدينة، بغية إشاعة الرعب والخوف والقضاء على كلّ حركة مضادة، والظاهر أنه كان في فترة وجود أهل البيت (ع) في الشام، ثمّ إنّه أرجع الرأس الشريف إلى الشام، كما صرح بذلك البلاذري عن الكلبي بقوله: وبعث يزيد برأسه إلى المدينة فنصب على خشبة ثمّ رُدّ إلى دمشق، ثم دفع إلى الإمام زين العابدين (ع) حتى ألحقه بالجسد الشريف.
قال ابن سعد: وبعث يزيد برأس الحسين إلى عمرو بن سعيد بن العاص وهو عامل له يومئذ على المدينة، فقال عمرو: وددت أنه لم يبعث به إليّ، فقال مروان: اسكت، ثمّ تناول الرأس، فوضعه بين يديه، وأخذ بأرنبته فقال:
يا حبذا بردك في اليدين ** ولونك الأحمر في الخدّين
كأنما بات بمجسدين
والله لكأني أنظر إلى أيّام عثمان، وسمع عمرو بن سعيد الصيحة من بني هاشم فقال:
عجّت نساء بني زياد عجّة ** كعجيج نسوتنا غداة الأرنب[20]
وقال ابن نما (ره):
ونقلت عن تاريخ البلاذري أنّه لمّا وافى رأس الحسين (ع) المدينة سمعت الواعية من كل جانب، فقال مروان بن الحكم:
ضربت دوسر فيهم ضربة ** أثبتت أوتاد حكم فاستقر
ثم أخذ ينكت وجهه بقضيب ويقول:
يا حبذا بردك في اليدين ** ولونك الأحمر في الخدين
كأنه بات بمجسدين ** شفيت منك النفس يا حسين[21]
وفي شرح الأخبار: «ولمّا أمر اللعين (يزيد) بأن يُطاف برأس الحسين (ع) في البلدان أتى به إلى المدينة، وعامله عليها عمرو بن سعيد [الأشدق]، فسمع صياح النساء، فقال: ما هذا؟ قيل: نساء بني هاشم يبكين لما رأين رأس الحسين، وكان عنده مروان بن الحكم، فقال مروان اللعين متمثلاً:
عجّت نساء بني زياد عجّة ** كعجيج نسوتنا غداة الأذيب
عنى اللعين عجيج نساء بني عبد شمس ممن قتل منهم يوم بدر، فأما ما أقاموه ظاهراً من أمر عثمان فمروان اللعين فيمن ألب عليه وشمت بمصابه وهو القائل:
لما أتاه نعيه ذينه ** من كسر ضلعاً كسر جنبه
ولكن ذحول بني أمية بدماء الجاهلية التي طلبوا بها رسول الله في عترته وأهل بيته، ولما قال ذلك مروان اللعين قال عمرو بن سعيد ـ عامل المدينة يومئذ ـ: لوددت والله أن أمير المؤمنين لم يكن يبعث إلينا برأس الحسين. فقال له مروان: اسكت لا أم لك، وقل كما قال الأول:
ضربوا رأس شريز ضربة ** اشتت أوتاد ملك فاستتر»[22].
نعم، إنّ بني أُمية وأذنابهم أثبتوا بفعلتهم النكراء استمرار جاهليتهم السوداء، ولقد أظهروا أحقادهم المكنونة، وأرادوا استيفاء ثأرهم من صاحب الرسالة بإبادتهم لعترته، وإنّهم ما آمنوا بالله ورسوله طرفة عين أبداً.
رثاء ابنة عقيل
كان لبنات عقيل دور مهم في إثارة مشاعر الناس وانقلابهم نفسياً بعد مقتل الحسين (ع) وأصحابه، منهن زينب بنت عقيل.
وأما كيفية خروجها فقد ذكر المسعودي أنها خرجت في نساء من قومها حواسر حائرات لما قد ورد عليهن من قتل السادات[23].
وقال سبط ابن الجوزي: قال الواقدي: «لما وصل الرأس إلى المدينة والسبايا لم يبق بالمدينة أحدا، وخرجوا يضجون بالبكاء وخرجت زينب بنت عقيل بن أبي طالب كاشفة وجهها ناشرة شعرها تصيح واحسيناه وا إخوتاه وا أهلاه وا محمداه»[24].
وقال ابن نما (ره): «فلما قدما (مبعوثا يزيد إلى المدينة) خرجت امرأة من بنات عبد المطلب قيل هي زينب بنت عقيل ناشرة شعرها، واضعة كمها على رأسها، تتلقاهم وهي تبكي وتقول:…»[25].
وأما ما قالته فقد ذكر البلاذري أنه: وقالت زينب بنت عقيل ترثي قتلى أهل الطف، وخرجت تنوح بالبقيع:
ماذا تقولون إن قال النبي لكم ** ماذا فعلتم وأنتم آخر الأمم
بأهل بيتي وأنصاري أما لكم ** عهد كريم أما توفون بالذمم
ذريتي وبنو عمّي بمضيعة ** منهم أسارى وقتلى ضُرّجوا بدم
ما كان ذا جزائي إذ نصحتكم ** أن تخلفوني بسوء في ذوي رحمي[26]
خطبة عمرو بن سعيد والي المدينة
أورد ابن سعد ـ بعدما ذكر وصول الرأس الشريف إلى المدينة ـ:
«ثم خرج عمرو بن سعيد إلى المنبر، فخطب الناس، ثم ذكر حسيناً وما كان من أمره، وقال: والله لوددتُ أن رأسه في جسده، وروحه في بدنه، يسبنا ونمدحه، ويقطعنا ونصله، كعادتنا وعادته.
فقام ابن أبي حبيش أحد بني أسد بن عبد العزى بن قصي، فقال: أما لو كانت فاطمة حية لأحزنها ما ترى.
فقال عمرو: اسكت لا سكتّ، أتنازعني فاطمة وأنا من عفر ظبايها، والله إنّه لا بننا، وأن أمه لابنتنا، أجل والله لو كانت حية لأحزنها قتله، ثم لم تلم من قتله! يدفع عن نفسه!
فقال ابن أبي حبيش إنّه ابن فاطمة، وفاطمة بنت خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى»[27].
قال البلاذري: «وقام ابن أبي حبيش وعمرو يخطب فقال: رحم الله فاطمة، فمضى في خطبته شيئاً، ثمّ قال: واعجباً لهذا الألثغ، وما أنت وفاطمة؟ قال: أُمها خديجة ـ يريد أنها من بني أسد بن عبد العزى – قال: نعم والله، وابنة محمد أخذتها يميناً وأخذتها شمالاً، وددت أن أمير المؤمنين كان نحّاه عين ولم يرسل به إلي، وددت والله أن رأس الحسين كان على عنقه وروحه كانت في جسده»[28].
وقال الخوارزمي: «قالوا: ثمّ صعد عمرو بن سعيد – أمير المدينة – المنبر، وخطب وقال في خطبته:
إنها لدمة بلدمة، وصدمة بصدمة، وموعظة بعد موعظة (حِكْمَةٌ بَالِغَةٌ فَمَا تُغني النُّذُرُ)[29]، والله لوددت أن رأسه في بدنه وروحه في جسده أحيان كان يسبنا ونمدحه ويقطعنا ونصله كعادتنا وعادته، ولم يكن من أمره ما كان، ولكن كيف نصنع بمن سلّ سيفه يريد قتلنا؟! إلا أن ندفع عن أنفسنا.
فقام إليه عبد الله بن السائب فقال: أما لو كانت فاطمة حية فرأت رأس الحسين لبكت عليه، فجبهه عمرو بن سعيد وقال: نحن أحق بفاطمة منك! أبوها عمنا وزوجها أخونا وابنها ابننا! أما لو كانت فاطمة حية لبكت عينها، وحزن كبدها، ولكن ما لامت من قتله، ودفع عن نفسه»[30].
إن سخافة ما استدل به هذا اللعين هو مما يضحك الثكلى، أمن الدفاع أن يحاصر آلاف الفسقة الفجرة عدة قليلة وفيهم آخر سبط بقي من آخر رسول لربّ العالمين، وعترته وذريته والنساء والأطفال، وعدة من خيار الأصحاب الذين كانوا رهبان الليل وأسد النهار، ثمّ يُقتلون عطاشى وتحتز رؤوسهم الطاهرة وتسبى نساؤهم وتحمل من مدينة إلى مدينة ونقطة إلى نقطة.
وهل هذا إلا الانتقام من رسول الله (ص) كما اعترف بذلك الطاغي ابن الباغي يزيد بن معاوية وسائر أذنابه بما فيهم عمرو بن سعيد ومروان بن الحكم وغيرهم.
وأما فاطمة وأبوها وزوجها، وسائر الأنبياء من قبل الرسول (ص) فلقد بكوا على مصاب الحسين (ع)، ولعنوا من أمر وارتكب ورضي بقتل الحسين (ع).
موقف عبد الله بن جعفر
إن لعبد الله بن جعفر مواقف مشرفة بعد وقوع مأساة كربلاء واستشهاد ولديه ـ وهما عون وعبد الله – في ركاب خالهما أبي عبد الله الحسين (ع).
ومما يمكن أن يستند إليه في توجيه عدم حضوره في كربلاء ما جاء في زيارة الناحية المقدّسة المنسوبة للإمام الحجة، حيث قال في حق ولده:
«السلام على محمّد بن عبد الله بن جعفر الشاهد مكان أبيه»[31].
فلعل عذراً لم نعلمه منعه من الحضور.
ومما يرشدنا إلى موقفه الإيجابي ما ذكره الطبري بإسناده عن عبد الرحمن ابن عبيد أبي الكنود قال: «لما بلغ عبد الله بن جعفر بن أبي طالب مقتل ابنيه مع الحسين (ع) دخل عليه بعض مواليه والناس يعزّونه، قال ـ ولا أظن مولاه ذلك إلا أبا اللسلاس ـ فقال: هذا ما لقينا ودخل علينا من الحسين، قال: فحذفه عبد الله بن جعفر بنعله، ثم قال: يابن اللخناء، ألحسين تقول هذا؟ والله لو شهدته لأحببت أن لا أفارقه حتى أُقتل معه، والله إنّه لممّا يسخي بنفسي عنهما ويهون عليّ المصاب بهما أنّهما أُصيبا مع أخي وابن عمي مواسيين له صابرين معه.
ثم أقبل على جلسائه فقال: الحمد لله عزّوجلّ عليّ بمصرع الحسين إن لا یکن آست حسيناً يدي فقد آساه ولدي»[32].
الاستنتاج
أن المدينة المنورة ضجت لخبر مقتل الإمام الحسين (ع) بعد وصول مبعوث ابن زياد اليها، فأشتدت الواعية في دور بني هاشم، وعندئذ حصلت مواقف مشرّفة لأُم سلمة وأسماء بنت عقيل وزينب بنت عقيل ولعبد الله بن جعفر بعدما أظهر جلاوزة السلطة كفرها وحقدها لآل البيت (ع).
الهوامش
[1] اللهوف، ص207.
[2] الطبري، تاريخ الطبري، ج4، ص356.
[3] الطبري، تاريخ الطبري، ج4، ص356.
[4] البلاذري، أنساب الأشراف، ج3، ص417.
[5] المفيد، الأمالي، ص319، مجلس 38، ح5.
[6] . المفيد، الإرشاد، ج2، ص123.
[7] البلاذري، أنساب الأشراف، ج3، ص417.
[8] المجدي، تسلية المجالس، ج2، ص372.
[9] ابن حنبل، مسند أحمد، ج2، ص522.
[10] الأميني، الغدير، ج10، ص264.
[11] الأميني، الغدير، ج10، ص264.
[12] المحمودي، عبرات المصطفين، ج2، ص219.
[13] ابن الجوزي، الرد على المتعصب العنيد، ص51.
[14] ترجمة الإمام الحسين (ع) ومقتله، من القسم غير المطبوع من كتاب الطبقات الكبرى لابن سعد، ص87، ح301.
[15] ترجمة الإمام الحسين (ع) ومقتله، من القسم غير المطبوع من كتاب الطبقات الكبرى لابن سعد، ص89، ح314.
[16] القاضي المغربي، شرح الأخبار، ج3، ص171، ح1119.
[17] المفيد، الأمالي، ص319، مجلس 38، ح5.
[18] بهرا، قبيلة من قضاعة، راجع مجمع البحرين.
[19] ابن نما الحلّي، مثير الأحزان، ص94.
[20] ترجمة الإمام الحسين (ع) ومقتله، من القسم غير المطبوع من كتاب الطبقات الكبرى لابن سعد، ص84.
[21] ابن نما الحلّي، مثير الأحزان، ص95.
[22] القاضي المغربي، شرح الأخبار، ج3، ص159.
[23] المسعودي، مروج الذهب، ج3، ص68.
[24] ابن الجوزي، تذكرة الخواص، ص267.
[25] ابن نما الحلّي، مثير الأحزان، ص95.
[26] البلاذري، أنساب الأشراف، ج3، ص420.
[27] ترجمة الإمام الحسين (ع) ومقتله، من القسم غير المطبوع من كتاب الطبقات الكبرى لابن سعد، ص85.
[28] البلاذري، أنساب الأشراف، ج3، ص418.
[29] القمر، 5.
[30] الخوارزمي، مقتل الخوارزمي، ج2، ص76.
[31] زيارة الناحية المقدسة المنسوبة للإمام الحجة (ع).
[32] الطبري، تاريخ الطبري، ج4، ص357.
مصادر البحث
1ـ ابن الجوزي، عبد الرحمن، الردّ على المتعصّب العنيد المانع من ذمّ يزيد، تحقيق محمّد كاظم المحمودي، قم، مجمع إحياء الثقافة الإسلامية، الطبعة الأُولى، 1435 ه.
2ـ ابن الجوزي، يوسف، تذكرة الخواص، قم، انتشارات الشريف الرضي، الطبعة الأُولى، 1418 ه.
3ـ ابن حنبل، أحمد، مسند أحمد، بيروت، مؤسّسة الرسالة، الطبعة الأُولى، 1416 ه.
4ـ ابن نما الحلّي، محمّد، مثير الأحزان، النجف، منشورات المطبعة الحيدرية، طبعة 1369 ه.
5ـ الأميني، عبد الحسين، الغدير، بيروت، دار الكتاب العربي، الطبعة الرابعة، 1397 ه.
6ـ البلاذري، أحمد، أنساب الأشراف، تحقيق محمّد حميد الله، معهد المخطوطات بجامعة الدول العربية، طبعة 1959 م.
7ـ ترجمة الإمام الحسين (ع) ومقتله، من القسم غير المطبوع من كتاب الطبقات الكبرى لابن سعد، تحقيق عبد العزيز الطباطبائي، بيروت، مؤسّسة آل البيت (ع) لإحياء التراث، طبعة 1416 ه.
8ـ الخوارزمي، الموفّق، مقتل الحسين (ع)، تحقيق محمّد السماوي، قم، أنوار الهدى، الطبعة الثانية، 1423 ه.
9ـ الطبري، محمّد، تاريخ الأُمم والملوك، بيروت، مؤسّسة الأعلمي، الطبعة الرابعة، 1403 ه.
10ـ القاضي المغربي، النعمان، شرح الأخبار في فضائل الأئمّة الأطهار (ع)، تحقيق محمّد الجلالي، قم، مؤسّسة النشر الإسلامي، الطبعة الثانية، 1414 ه.
11ـ المجدي، محمّد، تسلية المُجالس وزينة المَجالس، تحقيق فارس حسّون كريم، قم، مؤسّسة المعارف الإسلامية، الطبعة الأُولى، 1418 ه.
12ـ المحمودي، محمّد باقر، عبرات المصطفين في مقتل الحسين (ع)، قم، مجمع إحياء الثقافة الإسلامية، الطبعة الثانية، 1417 ه.
13ـ المسعودي، علي، مروج الذهب ومعدن الجوهر، قم، دار الهجرة، الطبعة الثانية، 1404 ه.
14ـ المفيد، محمّد، الإرشاد في معرفة حجج الله على العباد، قم، المؤتمر العالمي لألفية الشيخ المفيد، الطبعة الأُولى، 1413 ه.
15ـ المفيد، محمّد، الأمالي، تحقيق حسين الأستاذ ولي، علي أكبر الغفاري، بيروت، دار المفيد، الطبعة الثانية، 1414 ه.
مصدر المقالة
الشاوي، علي، مع الركب الحسيني من المدينة إلى المدينة، قم، مركز الدراسات الإسلامية، طبعة 1421 ه.
مع تصرف بسيط.