قال معاوية بن حكيم: خطب الرضا ( عليه السلام ) هذه الخطبة :
(الحمد لله الذي حمد في الكتاب نفسه ، وافتتح بالحمد كتابه ، وجعل الحمد أول جزاء محل نعمته ، وآخر دعوى أهل جنته ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، شهادة أخلصها له ، وأدخرها عنده ، وصلى الله على محمد خاتم النبوة ، وخير البرية وعلى آله آل الرحمة ، وشجرة النعمة ، ومعدن الرسالة ، ومختلف الملائكة ، والحمد لله الذي كان في علمه السابق وكتابه الناطق وبيانه الصادق ، إن أحق الأسباب بالصلة والاثرة وأولى الأمور بالرغبة فيه سبب أوجب سببا وأمر أعقب غنى فقال عز وجل : (وهو الذي خلق من الماء بشرا فجعله نسبا وصهرا وكان ربك قديرا)(1)، وقال : (وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله والله واسع عليم)(2)، ولو لم يكن في المناكحة والمصاهرة آية محكمة ولا سنة متبعة ولا أثر مستفيض لكان فيما جعل الله من بر القريب وتقريب البعيد وتأليف القلوب ، وتشبيك الحقوق(3).
وتكثير العدد وتوفير الولد لنوائب الدهر وحوادث الأمور ما يرغب في دونه العاقل اللبيب ويسارع إليه الموفق المصيب ويحرص عليه الأديب الاريب فأولى الناس بالله من اتبع أمره وأنفذ حكمه وأمضى قضاءه ورجا جزاءه وفلان بن فلان من قد عرفتم حاله وجلاله دعاه رضا نفسه وأتاكم إيثارا لكم واختيارا لخطبة فلانة بنت فلان كريمتكم وبذل لها من الصداق كذا وكذا فتلقوه بالإجابة وأجيبوه بالرغبة واستخيروا الله في أموركم يعزم لكم على رشدكم إن شاء الله نسأل الله أن يلحم ما بينكم بالبر والتقوى ، ويؤلفه بالمحبة والهوى ، ويختمه بالموافقة والرضا ، إنه سميع الدعاء لطيف لما يشاء)(4).