- الإسلام
- القرآن
- النبي وأهل بيته
- الشيعة
- الأسرة
- أسئلة وأجوبة
- الدعاء وشروط استجابته
- وقت المطالعة : 3 دقیقة
- بواسطة : امین نجف
- 0 تعليق
رُوِيَ أَنَّ صَاحِباً لأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ( ع ) يُقَالُ لَه هَمَّامٌ – كَانَ رَجُلًا عَابِداً فَقَالَ لَه يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ – صِفْ لِيَ الْمُتَّقِينَ حَتَّى كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهِمْ – فَتَثَاقَلَ ( ع ) عَنْ جَوَابِه – ثُمَّ قَالَ يَا هَمَّامُ اتَّقِ اللَّه وأَحْسِنْ – فَ * ( إِنَّ الله مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا والَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ ) * – فَلَمْ يَقْنَعْ هَمَّامٌ بِهَذَا الْقَوْلِ حَتَّى عَزَمَ عَلَيْه – فَحَمِدَ اللَّه وأَثْنَى عَلَيْه وصَلَّى عَلَى النَّبِيِّ ( ص ) – ثُمَّ قَالَ ( ع ):
أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ اللَّه سُبْحَانَه وتَعَالَى خَلَقَ الْخَلْقَ حِينَ خَلَقَهُمْ – غَنِيّاً عَنْ طَاعَتِهِمْ آمِناً مِنْ مَعْصِيَتِهِمْ – لأَنَّه لَا تَضُرُّه مَعْصِيَةُ مَنْ عَصَاه – ولَا تَنْفَعُه طَاعَةُ مَنْ أَطَاعَه فَقَسَمَ بَيْنَهُمْ مَعَايِشَهُمْ – ووَضَعَهُمْ مِنَ الدُّنْيَا مَوَاضِعَهُمْ – فَالْمُتَّقُونَ فِيهَا هُمْ أَهْلُ الْفَضَائِلِ – مَنْطِقُهُمُ الصَّوَابُ ومَلْبَسُهُمُ الِاقْتِصَادُ ومَشْيُهُمُ التَّوَاضُعُ – غَضُّوا أَبْصَارَهُمْ عَمَّا حَرَّمَ اللَّه عَلَيْهِمْ – ووَقَفُوا أَسْمَاعَهُمْ عَلَى الْعِلْمِ النَّافِعِ لَهُمْ – نُزِّلَتْ أَنْفُسُهُمْ مِنْهُمْ فِي الْبَلَاءِ – كَالَّتِي نُزِّلَتْ فِي الرَّخَاءِ – ولَوْ لَا الأَجَلُ الَّذِي كَتَبَ اللَّه عَلَيْهِمْ – لَمْ تَسْتَقِرَّ أَرْوَاحُهُمْ فِي أَجْسَادِهِمْ طَرْفَةَ عَيْنٍ – شَوْقاً إِلَى الثَّوَابِ وخَوْفاً مِنَ الْعِقَابِ – عَظُمَ الْخَالِقُ فِي أَنْفُسِهِمْ فَصَغُرَ مَا دُونَه فِي أَعْيُنِهِمْ – فَهُمْ والْجَنَّةُ كَمَنْ قَدْ رَآهَا فَهُمْ فِيهَا مُنَعَّمُونَ – وهُمْ والنَّارُ كَمَنْ قَدْ رَآهَا فَهُمْ فِيهَا مُعَذَّبُونَ – قُلُوبُهُمْ مَحْزُونَةٌ وشُرُورُهُمْ مَأْمُونَةٌ – وأَجْسَادُهُمْ نَحِيفَةٌ وحَاجَاتُهُمْ
خَفِيفَةٌ وأَنْفُسُهُمْ عَفِيفَةٌ – صَبَرُوا أَيَّاماً قَصِيرَةً أَعْقَبَتْهُمْ رَاحَةً طَوِيلَةً – تِجَارَةٌ مُرْبِحَةٌ يَسَّرَهَا لَهُمْ رَبُّهُمْ – أَرَادَتْهُمُ الدُّنْيَا فَلَمْ يُرِيدُوهَا – وأَسَرَتْهُمْ فَفَدَوْا أَنْفُسَهُمْ مِنْهَا – أَمَّا اللَّيْلَ فَصَافُّونَ أَقْدَامَهُمْ – تَالِينَ لأَجْزَاءِ الْقُرْآنِ يُرَتِّلُونَهَا تَرْتِيلًا – يُحَزِّنُونَ بِه أَنْفُسَهُمْ ويَسْتَثِيرُونَ بِه دَوَاءَ دَائِهِمْ – فَإِذَا مَرُّوا بِآيَةٍ فِيهَا تَشْوِيقٌ رَكَنُوا إِلَيْهَا طَمَعاً – وتَطَلَّعَتْ نُفُوسُهُمْ إِلَيْهَا شَوْقاً وظَنُّوا أَنَّهَا نُصْبَ أَعْيُنِهِمْ – وإِذَا مَرُّوا بِآيَةٍ فِيهَا تَخْوِيفٌ – أَصْغَوْا إِلَيْهَا مَسَامِعَ قُلُوبِهِمْ – وظَنُّوا أَنَّ زَفِيرَ جَهَنَّمَ وشَهِيقَهَا فِي أُصُولِ آذَانِهِمْ – فَهُمْ حَانُونَ عَلَى أَوْسَاطِهِمْ – مُفْتَرِشُونَ لِجِبَاهِهِمْ وأَكُفِّهِمْ ورُكَبِهِمْ وأَطْرَافِ أَقْدَامِهِمْ – يَطْلُبُونَ إِلَى اللَّه تَعَالَى فِي فَكَاكِ رِقَابِهِمْ – وأَمَّا النَّهَارَ فَحُلَمَاءُ عُلَمَاءُ أَبْرَارٌ أَتْقِيَاءُ – قَدْ بَرَاهُمُ الْخَوْفُ بَرْيَ الْقِدَاحِ – يَنْظُرُ إِلَيْهِمُ النَّاظِرُ فَيَحْسَبُهُمْ مَرْضَى – ومَا بِالْقَوْمِ مِنْ مَرَضٍ ويَقُولُ لَقَدْ خُولِطُوا – ولَقَدْ خَالَطَهُمْ أَمْرٌ عَظِيمٌ – لَا يَرْضَوْنَ مِنْ أَعْمَالِهِمُ الْقَلِيلَ – ولَا يَسْتَكْثِرُونَ الْكَثِيرَ – فَهُمْ لأَنْفُسِهِمْ مُتَّهِمُونَ ومِنْ أَعْمَالِهِمْ مُشْفِقُونَ – إِذَا زُكِّيَ أَحَدٌ مِنْهُمْ خَافَ مِمَّا يُقَالُ لَه فَيَقُولُ – أَنَا أَعْلَمُ بِنَفْسِي مِنْ غَيْرِي ورَبِّي أَعْلَمُ بِي مِنِّي بِنَفْسِي – اللَّهُمَّ لَا
تُؤَاخِذْنِي بِمَا يَقُولُونَ – واجْعَلْنِي أَفْضَلَ مِمَّا يَظُنُّونَ واغْفِرْ لِي مَا لَا يَعْلَمُونَ فَمِنْ عَلَامَةِ أَحَدِهِمْ أَنَّكَ تَرَى لَه قُوَّةً فِي دِينٍ – وحَزْماً فِي لِينٍ وإِيمَاناً فِي يَقِينٍ وحِرْصاً فِي عِلْمٍ – وعِلْماً فِي حِلْمٍ وقَصْداً فِي غِنًى وخُشُوعاً فِي عِبَادَةٍ – وتَجَمُّلًا فِي فَاقَةٍ وصَبْراً فِي شِدَّةٍ وطَلَباً فِي حَلَالٍ – ونَشَاطاً فِي هُدًى وتَحَرُّجاً عَنْ طَمَعٍ – يَعْمَلُ الأَعْمَالَ الصَّالِحَةَ وهُوَ عَلَى وَجَلٍ – يُمْسِي وهَمُّه الشُّكْرُ ويُصْبِحُ وهَمُّه الذِّكْرُ – يَبِيتُ حَذِراً ويُصْبِحُ فَرِحاً – حَذِراً لِمَا حُذِّرَ مِنَ الْغَفْلَةِ – وفَرِحاً بِمَا أَصَابَ مِنَ الْفَضْلِ والرَّحْمَةِ – إِنِ اسْتَصْعَبَتْ عَلَيْه نَفْسُه فِيمَا تَكْرَه – لَمْ يُعْطِهَا سُؤْلَهَا فِيمَا تُحِبُّ – قُرَّةُ عَيْنِه فِيمَا لَا يَزُولُ وزَهَادَتُه فِيمَا لَا يَبْقَى – يَمْزُجُ الْحِلْمَ بِالْعِلْمِ والْقَوْلَ بِالْعَمَلِ – تَرَاه قَرِيباً أَمَلُه قَلِيلًا زَلَلُه خَاشِعاً قَلْبُه – قَانِعَةً نَفْسُه مَنْزُوراً أَكْلُه سَهْلًا أَمْرُه – حَرِيزاً دِينُه مَيِّتَةً شَهْوَتُه مَكْظُوماً غَيْظُه – الْخَيْرُ مِنْه مَأْمُولٌ والشَّرُّ مِنْه مَأْمُونٌ – إِنْ كَانَ فِي الْغَافِلِينَ كُتِبَ فِي الذَّاكِرِينَ – وإِنْ كَانَ فِي الذَّاكِرِينَ لَمْ يُكْتَبْ مِنَ الْغَافِلِينَ – يَعْفُو عَمَّنْ ظَلَمَه ويُعْطِي مَنْ حَرَمَه – ويَصِلُ مَنْ قَطَعَه بَعِيداً فُحْشُه – لَيِّناً قَوْلُه غَائِباً مُنْكَرُه حَاضِراً مَعْرُوفُه –
مُقْبِلًا خَيْرُه مُدْبِراً شَرُّه – فِي الزَّلَازِلِ وَقُورٌ وفِي الْمَكَارِه صَبُورٌ – وفِي الرَّخَاءِ شَكُورٌ لَا يَحِيفُ عَلَى مَنْ يُبْغِضُ – ولَا يَأْثَمُ فِيمَنْ يُحِبُّ – يَعْتَرِفُ بِالْحَقِّ قَبْلَ أَنْ يُشْهَدَ عَلَيْه – لَا يُضِيعُ مَا اسْتُحْفِظَ ولَا يَنْسَى مَا ذُكِّرَ – ولَا يُنَابِزُ بِالأَلْقَابِ ولَا يُضَارُّ بِالْجَارِ – ولَا يَشْمَتُ بِالْمَصَائِبِ ولَا يَدْخُلُ فِي الْبَاطِلِ – ولَا يَخْرُجُ مِنَ الْحَقِّ – إِنْ صَمَتَ لَمْ يَغُمَّه صَمْتُه وإِنْ ضَحِكَ لَمْ يَعْلُ صَوْتُه – وإِنْ بُغِيَ عَلَيْه صَبَرَ حَتَّى يَكُونَ اللَّه هُوَ الَّذِي يَنْتَقِمُ لَه – نَفْسُه مِنْه فِي عَنَاءٍ والنَّاسُ مِنْه فِي رَاحَةٍ – أَتْعَبَ نَفْسَه لِآخِرَتِه وأَرَاحَ النَّاسَ مِنْ نَفْسِه – بُعْدُه عَمَّنْ تَبَاعَدَ عَنْه زُهْدٌ ونَزَاهَةٌ – ودُنُوُّه مِمَّنْ دَنَا مِنْه لِينٌ ورَحْمَةٌ – لَيْسَ تَبَاعُدُه بِكِبْرٍ وعَظَمَةٍ ولَا دُنُوُّه بِمَكْرٍ وخَدِيعَةٍ – قَالَ فَصَعِقَ هَمَّامٌ صَعْقَةً كَانَتْ نَفْسُه فِيهَا – فَقَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ( ع ) أَمَا واللَّه لَقَدْ كُنْتُ أَخَافُهَا عَلَيْه – ثُمَّ قَالَ أَهَكَذَا تَصْنَعُ الْمَوَاعِظُ الْبَالِغَةُ بِأَهْلِهَا – فَقَالَ لَه قَائِلٌ فَمَا بَالُكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ – فَقَالَ (ع): وَيْحَكَ إِنَّ لِكُلِّ أَجَلٍ وَقْتاً لَا يَعْدُوه – وسَبَباً لَا يَتَجَاوَزُه فَمَهْلًا لَا تَعُدْ لِمِثْلِهَا – فَإِنَّمَا نَفَثَ الشَّيْطَانُ عَلَى لِسَانِكَ.