- الإسلام
- القرآن
- النبي وأهل بيته
- الشيعة
- الأسرة
- أسئلة وأجوبة
- الدعاء وشروط استجابته
- وقت المطالعة : 14 دقیقة
- بواسطة : المشرف
- 0 تعليق
مؤلف كتاب المفاجآة:
صحفي مصري واستاذ في الجامعة المصرية يدعي أنه تلمذ في العلوم الغريبة على يد أحد الاولياء، وكان من أتباع احد المذاهب السنية، وان نسبه ينتهي الى الإمام الحسن المجتبى.
كما يدعي بأن لديه هو وأبوه وعمّه قبسا من علوم أهل البيت (عليهم السلام) وخاصة الموجود منها في علم الجفر لامير المؤمنين. (المصدر نفسه، ص 57).
ويصنف علم الجفر ضمن علم الأعداد وقد صدر له في هذا المجال عدد من الكتب ينسب فيها لأمير المؤمنين قضايا لم يتعرض لها أعلام المسلمين سنة وشيعة، وأن أمير المؤمنين صرح- كما جاء هذه الكتب- باسم امريكا وإسرائيل والنيبال والتبت والكوريتين الشمالية والجنوبية والقارة الاوروبية وسنغافورة و… بل حتى صرح باسم الحاكم المصري أنور السادات والاختلاف في الساحة المصرية واتفاقية كامديفيد. (انظر: نفس المصدر، 412، 438، 439، 472).
بل لا تجد شيئا مما يدور حولنا الا وقد أورد المؤلف فيه رواية!! ثم إن الرجل رغم ادعائه بأستقائه العلم من عين زكية ومنبع ثر الا أنه ينكر ولادة الإمام المهدي في سامراء، وانه كما يردد ما يقوله أهل السنة من أنه من ذرية الإمام الحسن المجتبى. والجدير بالتامل هنا أنه بالرغم من اشارته الى الرواية التي تبشر بظهور الإمام بعد موت الملك عبد الله، لا يخفي حبّه للرجل ويظهره بمظهر الحاكم المؤمن الشجاع المناهض للولايات المتحدة الامريكية.(نفس المصدر، ص 393).
والغريب أيضا أن الرجل رغم المقام العلمي الذي يدعيه لنفسه تراه يضفي القداسة والنزاهة على الخليفتين الأول والثاني ومعاوية بن أبي سفيان ويعتبرهم من الأولياء والخواص الربانيين.(المصدر، 78 و 84) وقد صرح في كتاب آخر له بأن القذافي من الممهدين لظهور الإمام (عليه السلام). (داود، بدون تاريخ، ب، 136 و 138).
على الرغم من أن المؤلف يزعم بأنه يمتلك حظا من علم الجفر المروي عن الأئمة أدرجه في كتاب صنفه تحت عنون “أسرار الهاء في علم الجفر”، الا أن دعواه تتعارض مع عدد من الروايات التي اعتبرت علم الجفر من خصائص الأئمة التي لا يطلع عليها غيرهم. (انظر: الصفار، ج 1، 151؛ والكليني، ج 1، ص 238).
وأن ما يتداول اليوم تحت عنوان علم الجفر يختلف اختلافا جوهريا مع الجفر الموجود لدى الأئمة المعصومين (عليهم السلام)، فمن الخطأ الخلط بينه وبين ما هو موجود لدى بعض العرفاء بل بعض المشعوذين وإدراجه على أنه من أحاديث المعصومين (عليهم السلام)؛ لانه من أبرز مصاديق الكذب على أهل البيت (عليهم السلام) المنهي عنه شرعا.
ومن الامور الواضحة في منهجية الرجل في الكتابة أنه يشير الى نسخ خطية ينفرد بامتلاكها ويبالغ في الثناء عليها بما لا يخفى على الحصيف فساده وتزويره، وهي منهجية قديمة اعتمدها الوضاعون والمشعوذون منذ قديم الايام، حيث يدعون الاستناد الى مصادر قديمة ونسخ خطية غير متعارفة لا يمكن الوصول اليها في اثبات مدعياتهم ووصف النسخ بأوصاف مبهمة من قبيل: قرأته في نسخه موجود في مكتبة فلان ولم اعرف اين هي الآن، أو شاهده في نسخة للشيخ الفلاني القاطن في قرية نائية جدا لا يمكن الوصول اليها والتحقق من أمرها. وتوجد هنا مجموعة من الآثار تحت عنوان الجفر والجامعة تعزى الى الإمام علي تارة والى الصادق تارة أخرى، واغلب هذه المتون غير معروف، فضلا عن وجود نسخ كثيرة ومختلفة أكثرها لها علاقة بعلم الاعداد والحروف وتشتمل على جداول فلكية وغير فلكية عجيبة وغريبة، لم تثبت جزما نسبتها الى القرون الاسلامية الاولى فضلا عن نسبتها الى المعصومين. (جعفريان، ص 40)
مضمون الرواية:
ليس الامر كما توهّم أتباع أحمد البصري، إذ المقصود من عبارة “إن خرج” الواردة في كتاب “المفاجأة” لا تعني سقوط نظامه وخلعه من مسند السلطة، كي يصار الى تطبيقها على سقوط نظام الرئيس المصري حسني مبارك المؤشرة الى ارهاصات عصر ظهور الإمام المهدي حسب مدعى اليمانية المزعومة، بل يرى المؤلف أن صاحب مصر ومحمد حسني مبارك يوطئون بحكمهم لظهور الإمام، والمراد من “إن خرج” حركة حسني مبارك على اعتاب الظهور.
حيث يدعي أن الموطئ للظهور شخص يقوم بتغيير اسم جده وانه صاحب مصر وحاكمها، ويؤكد هذا المعنى أن المؤلف نفسه وصف في مؤلف آخر له الرئيس حسني مبارك “بأسد مصر” ورمز له بالشكل التالي” محمد ح”.
ولو سلمنا أن الرواية تربط بين سقوط نظام الرئيس المصري وبين ظهور الإمام المهدي، ما هو الدليل على أنها تؤشر الى ظهور حركة أحمد البصري والتبشير بحقانية مدعاه!!! اذ المتأمل فيها لا يجد ادنى مبرر موضوعي لهذا الادعاء المجانب للحقيقة قطعا.
2ـ تقطيع الروايات
كثيرا ما يعمد المدّعون الى اقتطاع جزء من الرواية واخراجه عن سياقه العام لإضفاء الشريعة على ما يدعونه. علما منهم أن بقاء المقطع ضمن سياقه العام ونقل تمام الرواية لأنه لا يسند مدعاهم فحسب، بل يعطي دلالة واضحة على بطلانه، وان الرواية بصدد الحديث عن شيء آخر لا علاقة له بالمدعى، ومن هنا صار اقتطاع النصوص منهجا يعتمده المشعوذون وأصحاب النحل المبتدعة والأفكار المنحرفة يجدون فيه ضالتهم المنشودة ليخدعوا به عوام الناس والبعيدين عن البحث العلمي.
والملاحظ أن البصري هذا واتباعه لم يتخلفوا عن قافلة التزوير هذه وقاموا باعتماد هذه الطريقة الملتوية لاثبات حقانية ما يدعونه.
ألف) أحمد من البصرة
فقد استندوا الى رواية تشير الى أن صاحبهم من البصرة، وأن الصادق سمّـى أصحاب القائم لأبي بصير فيما بعد فقال: … ومن البصرة أحمد. (آل سيد حيدر الكاظمي، ص 219)
هذه احدى الروايات التي استندوا اليها لإثبات الإشارة الى اسم أحمد، وأن أهل البيت عليهم السلام بشروا باسمه كأحد مصاديق اشارة الإمام السابق للامام اللاحقة. (البصري، ج 1، ص 65).
مصدر الرواية:
الملاحظ أن المصدر الاول الذي سجل هذه الرواية هو كتاب دلائل الإمامة للطبري، وبالرغم من الجدل القائم بين الاعلام والتشكيك والريبة في الوسط العلمي من صحة نسبة الكتاب الى مؤلفه محمد بن جرير الطبري المعاصر للشيخ الطوسي (انظر: صفري فروشاني، ص 223؛ والأنصاري، ص 138).
لكن يبقى الكتاب في عداد الكتب والمصادر المتقدمة وأنه من مصنفات القرن الخامس الهجري ( انظر: الطهراني، ج 8، 242)، وأما المصادر المتأخرة التي سجلت الرواية ومنها كتاب بشارة الاسلام- الذي أستقى منه أحمد البصري الرواية- فتنتهي الى كتاب دلائل الإمامة هذا. وعليه فان أقدم مصدر نقل الرواية يعود إلى القرن الخامس الهجري.
وبالعودة الى المتن الأصلي للحديث نجد عملية التقطيع بادية للعيان حيث جاء فيها ” ومن البصرة: عبد الرحمن بن الأعطف بن سعد، وأحمد بن مليح، وحماد بن جابر. “. (الطبري، ص 575)
فالرواية صريحة بان الشخص المذكور من البصرة هو “أحمد بن مليح” لا أحمد بن إسماعيل، فالرواية لا تصرح باسم اليماني المدعى بل وتشير بوضوح الى العكس تماما باشارتها الى شخص آخر لاعلاقة له بصاحب الدعوة المذكورة.
ومن الملاحظ ان الرواية اشارت الى ثلاثة دون ترجيح بينهما واعتبرتهما من علامات وانصار الامام، فلماذا انفرد أحمد البصري بهذه الفضيلة ولم ينتظر ظهور صاحبيه؟!!
ب) أول انصار الإمام من البصرة
(ولمزيد الاطلاع انظر آيتي، 5- 49)، من المقاطع التي اعتمد عليها اتباع البصري، ما روي عن علي (ع) أنه قال في الاشارة الى انصار الإمام المهدي (ع):… ألا وإن أوّلهم من البصرة. (آل سيد حيدر الكاظمي، ص 221) فالرواية صريحة بأن أول الانصار من البصرة، ولما كان أحمد بن اسماعيل من البصرة فالرواية تنطبق عليه.(البصري، ج 1، ص 65)
مصدر الرواية:
أول مصدر ذكر الرواية قبل كتاب بشارة الاسلام هو كتاب الزام الناصب (الحائري اليزدي، ج 2، ص 166)، نقلها تحت عنوان “خطبة البيان” عن علي (عليه السلام) (لمزيد الاطلاع على هذه الخطبة وقيمتها السندية وأقوال العلماء فيها، أنظر، شهبازيان، ص 38)، ولاريب أن المصدرين ذكرا ثلاثة اسماء من أنصار الإمام البصريين صراحة حيث جاء فيها ” الا وإن أولهم من البصرة، و آخرهم من الابدال، فأما الذين من البصرة فعلي ومحارب” وهي واضحة الدلالة على كذب الرجل وتزييف بيّن لما يدعيه؛ إذ المفروض خلو الرواية من الاشارة الى اسمه الصريح المعروف حتى بعد التلاعب بسلسلة النسب التي قام بها.
ج) نبوءة سطيح الكاهن
من الروايات التي استند اليها جماعة البصري نبؤة سطيح الكاهي والتي جاء فيها: ” فقال سطيح : … فعندها يظهر ابن المهدي. (آل سيد حيدر الكاظمي، 187) ولمّا كان أحمد البصري هو ابن الإمام المهدي حسب زعمهم فالرواية مبشرة بحتمية ظهوره وإنه المعني بابن الإمام.
والجدير بالذكر هنا أن المعتبر عندنا وفقا لثقافة الاسلامية عامة والشيعية خاصة أن الحجة والمعتبر هو الكلام الصادر من المعصوم خاصة واما ما يصدر عن غيره من الكهنة والعلماء فلا قيمة له ما لم ينتهي الى قول المعصوم، وعلى فرض التسليم بذلك الا ان الجماعة مارسوا في هذه الرواية نفس المنهج التقطيعي مما يكشف عن مدى السطو العلمي الذي يمارسه هؤلاء الناس، والتلاعب بالنصوص التي تمارسها تلك الجماعة.
مصدر الرواية:
اقدم مصدر تعرض لذكر مقاطع من الحديث المذكور هو كتاب الملاحم لابن منادى (336هـ) من محدثي العامّة. (انظر: ابن منادي، ص 51، علما أنه لم يتعرض لذكر خصوص العبارة المذكورة)، وأما المصادر الشيعية فإن أقدم مصدر شيعي ذكرها هو كتاب “مشارق أنوار اليقين للحافظ رجب البرسي (813 هـ ق)، واما المصادر الأخرى المتاخرة كبحار الأنوار وغيره فقد اعتمدت في نقلها للخبر على كتاب مشارق أنوار اليقين هذا.(أنظر: البرسي، ص 200)
وبعد مراجعة كتاب مشارق انوار اليقين وكتاب بحار الأنوار الذي اعتمده صاحب بشار الاسلام نجد أنه حدث تصحيف في العبارة الموجودة في “بشارة الاسلام” وحدوث سقط فيها، وان الصحيح هو (فعندها يظهر ابن النبي المهدي (المجلسي، بحار الانوار، ج 51، ص 163) ولا شك أن المراد منها الإمام المهدي نفسه، وهو المنسجم مع عقائد المسلمين التي تؤكد ظهور مهدي من أبناء النبي المصطفى (ص).
نعم، احتمل بعض دعاة البصري أنه من المحتمل وجود عبارة “ابن المهدي” في بعض النسخ القديمة وصلت لصاحب كتاب بشارة الاسلام ولم تصل الى غيره. الا انه مجرد احتمال لم يقم عليه أدنى دليل، ولا توجد مخطوطة تحمل العبارة بالنحو المذكور، خاصة اذا اخذنا بنظر الاعتبار أن بشارة الاسلام استقى المعلومة من كتاب البحار، وان جميع نسخ البحار ومشارق انوار اليقين خالية من تلك النقيصة والسقط وان الموجود فيها “ابن النبي المهدي”، ومعه لامجال للشك في حدوث الخلل في كتاب بشارة الاسلام وان الاستناد اليه يجانب الحقيقة ويخالف الواقع. وبالرغم من التفاوت اليسير في بعض الالفاظ الواردة في البحار والواردة في كتاب مشارق انوار اليقين، ولكن من حسن الحظ انهما يجمعان على نقل العبارة المذكورة “ابن النبي المهدي” فلا تعارض بين النسخ في خصوص هذه العبارة جزما.
3ـ التلاعب بمراد الروايات ودلالتها
من الاساليب التي يعتمده أحمد البصري وأتباعه، التلاعب بمفاد الروايات والاخبار وسوقها بالاتجاه نحو مدعياتهم رغم بعدها البين عن مدعاهم واختصاصها بشأن الإمام المهدي الموعود (عج)، نشير هنا الى نماذج من تلك الاستنتاجات الملتوية لهذه المجموعة.
(أ) له اسمان معلن وخفي
من الروايات التي استندت اليها هذه الجماعة، ما روي عن علي أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه قال: يخرج رجل من ولدي في آخر الزمان أبيض اللون، مشرب بالحمرة، مبدح البطن عريض الفخذين، عظيم مشاش المنكبين، بظهره شامتان، شامة على لون جلده وشامة على شبه شامة النبي (صلى الله عليه وآله)، له إسمان: إسم يخفى واسم يعلن، فأما الذي يخفى فأحمد، وأما الذي يعلن فمحمد. (الصدوق، ج 2، ص 653).
مدعين بأن المراد من الرواية من كلمة “اسم” خصوص “الشخصية” لا الوجود اللفظي للكلمة، ومن هنا قالوا إن الرواية تشير الى الشخصية الخفية (أحمد) مقابل شخصية الإمام المهدي المعروفة والبينة بين المسلمين.(انظر: البصري، ج 1- 4، ص 229)
ومما يثير العجب كثيراً، انهم يعترفون عند التعرض لمصداق تلك الصفات المذكورة ان المراد منها هو الإمام المهدي (عليه السلام)، وأن أمير المؤمنين (عليه السلام) بصدد بيان الخصال الجسدية للامام المهدي (عليه السلام)، ولكنهم مع ذلك وبلا ادنى دليل يرون أن ذيل الرواية يشير الى شخصيتين (انظر: الزيادي، ص 58).
ولا يخفى مدى سذاجة هذا النوع من الاستدلال والتعاطي مع النصوص الحديثية والروائية، وان ما استنبطوه منها يكشف عن هشاشة وضعف في الاستدلال وهزالة تفكير لا تخفى على أدنى مطلع فضلا عن الباحثين المختصين.
فمطلع الرواية واضح جدا بان الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) كان بصدد الحديث عن خصائص واسماء شخصية محددة لها اسم خفي وآخر معلن، لا الحديث عن شخصيتين، يتضح ذلك من الضمير المفرد في كل من “يخرج رجل”، “له”، و”يده”، فلاريب أن الاسمين يعودان الى شخصية واحدة ويتحدثان عن انسان واحد، وان حمل الكلام على شخصيتين مجازفة في القول وتعسف لا يصار اليه الا اذا اعتمد الكاتب طريقة لي عنق النصوص وسحق قواعد اللغة والتفاهم العرفي.
ومن الواضح أيضا أن المراد من الاسم المخفي ان المتعارف بين الناس اسم محمد واما الاسم الخفي أحمد فهو غير متعارف وخفي عادة عن الكثير.
وبالرغم من وضوح مدلول الرواية نجدهم يحاولون الهروب من المعنى الظاهر الواضح وتوجيه الرواية باتجاه المعنى المجازي “الشخصية”، حيث قال أحد كتابهم: بطبيعة الحال المتبادر من الاسم هو الاول، أي اللفظ الذي يوضع علامة علی الشخص، لا الشخص نفسه. … ولكن لو كان المراد اللفظ فهو قد ذكره في نفس الرواية وفي نفس الموضع بقوله «فأحمد»، إذن لابد أن يكون المراد خفاء شخص القائم علی الناس. (الديراوي، ص 147).
وقد مرّ آنفاً أن سياق الكلام لا يساعد على التعدد خاصة مع وجود الضمائر المفردة في الحديث، وفي مقدمتها (يخرج رجل من ولدي)، فمن غير الممكن أن يكون الإمام علي بصدد الحديث عن شخصيتين مختلفتين، فالمتحصل ان الرواية تتحدث عن شخص واحد وبيان خصوصياتها، ولا يمكن التلاعب بها ولا مبرر لحمل الضمير المفرد على المثنى أو الجمع.
كذلك يمكن الرد عليهم أيضا، باننا لا ننكر وجود روايات ناهية عن التصريح بالاسم الحقيقي للامام المهدي، ولكن في الاخبار صرحت به، إذا لا يمكن الادعاء بان ما يدل على خفاء اسم الإمام الآخر للامام، إشارة الإمام علي عليه السلام الى الاسم المخفي للامام المهدي (ع)، وذلك لان استعمال هذا الاسم بحد من الندرة صيره بمثابة الاسم الخفي والنادر الاستعمال واذا كان المراد خفاء الاسم لماذا صرح به في الروايات وقد ذكر العلماء الاعلام في بحث وتوجيه مثلية اسم الإمام المهدي مع اسم النبي جملة بحوث (لمزيد الاطلاع انظر، الطبسي، ص 203، وسليميان، ج 1، ص 201).
وأخيراً نقول يوجد في ذيل الرواية مقطع مهم جدا يشير الى الحوادث التي تقع على يد هذه الشخصية المبشر بها لا نرى مبررا لهروب البصريين منه وتجاهلهم له، الا لكونهم يدركون جيدا انهم لو ذكروه لوقعوا في احراج كبير ولطالب الناس صاحبهم بالقيام ببعضها على اقل تقدير، خاصة انهم يرجعون ضمير “يخرج” الى صاحبهم أحمد البصري، وهي (إذا هز رايته أضاء لها ما بين المشرق والمغرب، ووضع يده على رؤوس العباد فلا يبقى مؤمن إلا صار قلبه أشد من زبر الحديد، وأعطاه الله تعالى قوة أربعين رجلاً، ولا يبقى ميت إلا دخلت عليه تلك الفرحة وهو في قبره، وهم يتزاورون في قبورهم، ويتباشرون بقيام القائم صلوات الله عليه).
ب) الإمام المهدي يكنّى باسم عمّه
يعتمد أتباع أحمد الحسن رواية عيسى الخشاب قال: قلت للحسين بن علي (عليه السلام): أنت صاحب هذا الامر؟ قال: لا، ولكن صاحب الامر الطريد الشريد، الموتور بأبيه، المكنى بعمّه، يضع سيفه على عاتقه ثمانية أشهر.(ابن بابويه، 115، الصدوق، ج 1، ص 318).
وجاء في وجه استدلالهم بالحديث بانه من الواضح أن الإمام المهدي (ع) يكنى بأبي القاسم فلا تتطابق كنيته مع اسم عمّه العباس بن علي بن ابي طالب، فلابد أن تكون الرواية ناظرة الى شخص آخر يكنى بأبي العباس، وهو أحمد البصري. هكذا يستدل الرجل واتباعه المنظّرون لدعوته.
يقول أحمد البصري في شرحه لعبارة “المكنى بعمّه”: والمراد من الكنية هنا، أي: أبو فلان. و عمّه المقصود في الرواية العباس بن علي؛ (البصري: ج 1- 3، 192).
والملاحظ أن البصري لم يبين لنا التبرير المنطقي والدليل الموضوعي على كون المراد من “عمّه” المذكور في الرواية هو خصوص “العباس بن علي بن أبي طالب”، مع احتمال أن يكون المراد من عمّه الإمام الحسن المجتبى أو سائر أخوة الإمام الحسن العسكري كجعفر بن علي.
ثم أن المنهجية العلمية الصحيحة والتعاطي الموضوعي مع الحديث المذكور يقتضي عرضه على الكلمات النورانية والاحاديث الربانية الاخرى الصادرة عن أهل البيت عليهم السلام لرفع الابهام والاجمال في هذا الحديث ببركة الاحاديث الاخرى من باب تفسير الحديث بالحديث كتفسير القرآن بالقرآن (انظر: الكليني، ج 1، ص 63)، وعليه عندما نعرض الحديث المذكور على سائر الاحاديث تتجلى لنا وبوضوح رسالة الحديث، وأنه من المحتمل أن يكون المراد من “عمّه” عمّ الإمام المهدي جعفر بن الحسن العسكري، فقد روى الشيخ الصدوق عن الإمام الحسن العسكري أن الإمام المهدي يكنى تارة بأبي القاسم وأخرى بأبي جعفر. (انظر: المجلسي، ج 51، ص 38).
قال الشيخ الصدوق، حدثنا محمد بن علي ماجيلويه (رضي الله عنه) قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار قال: حدثنا الحسين بن علي النيسابوري قال: حدثنا الحسن بن المنذر، عن حمزة بن أبي الفتح قال: جاءني يوماً فقال لي: البشارة، ولد البارحة في الدار مولود لأبي محمد (عليه السلام)، وأمر بكتمانه، قلت: وما اسمه؟ قال: سمي بمحمد وكني بجعفر.(الصدوق، ج 2، ص 432)
وفي حديث آخر يصرح بنفس المضمون، قال أبو الحسن علي بن محمد بن حباب، عن أبي الاديان قال: قال عقيد الخادم قال أبو محمد ابن خيرويه التستري، وقال حاجز الوشاء كلهم حكوا عن عقيد الخادم، وقال أبوسهل ابن نوبخت قال عقيد الخادم: ولد ولي الله الحجة بن الحسن بن علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب صلوات الله عليهم أجمعين ليلة الجمعة غرة شهر رمضان من سنة أربع وخمسين ومأتين للهجرة ويكنى أبا القاسم ويقال أبو جعفر ولقبه المهدي. (المصدر، ج 2، ص 475).
ج) الانتساب الى الإمام الحسن العسكري وابدال اسمه باسم “الحسن”
من الامور التي لوى فيها اتباع أحمد البصري عنق النص وحرفوه بالاتجاه الذي يخدمهم تطبيقهم اسم الحسن على صاحبهم وادعاء أن صاحبهم اسمه “أحمد الحسن”، وان نسبه ينتهي الى سلسلة أهل بيت النبوة (عليهم السلام) (انظر: البصري، ص 60).
استنادا الى حديث روي عن المفضل بن عمر عن الإمام الصادق (عليه السلام): (.. صاح صائح بالخلائق من عين الشمس بلسان عربي مبين ، يسمع من في السماوات والأرضين: يا معشر الخلائق هذا مهدي آل محمد ، ويسمّيه باسم جده رسول الله ويكنيه بكنيته وينسبه الى أبيه الحسين الحادي عشر الى الحسين بن علي صلوات الله عليهم اجمعين بايعوه تهتدوا ولا تخالفوا أمره فتضلوا.(الخصيني، 397).
وهذا الاستدلال يكشف عن مدى جهل الجماعة وتخبطها في التعاطي مع الاحاديث، إذ من الطبيعي أن استدلالهم بحديث “يكنى باسم عمّه” وانه ينطبق على البصري الذي يكنى بأبي العباس (انظر: البصري، ج 1- 3، ص 192)، لا يسمح لهم مرة أخرى بالاستدلال بحديث آخر يصرح بأن كنيته “أبو القاسم”. فهذه الرواية صريح بان المراد منها الإمام المهدي وان اسمه اسم رسول الله وكنيته كنية جده. (الصدوق، ج 1، ص 287).
يضاف الى ذلك، إن سياق الكلام والعبارات السابقة واللاحقة لتلك العبارة تتحدث كلها عن الإمام المهدي وتنطبق عليه، خاصة اذا أخذنا بنظر الاعتبار أنها تصرّح بانه ولد عام 254 هـ ق (الحلي، 440)، وأنه يبايع بين الركن والمقام وان عدد أنصاره 313 وأن الإمام الحسين يناصر دعوته.(المصدر، ص 442). وجاء في مقطع آخر من الرواية جاء الحديث عن النداء باسمه وكنيته اللذين ينطبقان على اسم وكنية رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وهو ينسجم مع هذا المقطع من الرواية. (المصدر، 435)
* المتحصّل
تحصّل مما مرّ بأنه لا مجال للشك والريبة في اندراج أحمد البصري واتباعة تحت مظلة المدعين الكذابين، وانهم يستندون في دعم أكاذيبهم وتعزيز مقولتهم المزيفة الى الاحاديث غير المعتبرة تارة، ويعمدون الى تقطيع النصوص واختيار ما يوافق مزاجهم تارة أخرى، فضلا عن التلاعب والتحريف لمضامين الاحاديث وحملها على معان بعيدة جدا عنها. وقد أشرنا الى عيّنات قليلة تكشف إلى حدّ ما مدى انحرافهم الفكري وزيف منهجهم وبطلان ادعائهم.
المصادر:
– ابن بابويه، علي بن الحسين، الإمامة و التبصرة من الحيرة، قم، مدرسة الإمام المهدي، الطبعة الأولى، 1404 هـ ق.
– ابن طاوس، علي بن موسى، التشريف بالمنن في التعريف بالفتن، قم، موسسة صاحب الأمر، الطبعة الأولى، 1416 هـ ق.
– ابن منادي، أحمد بن جعفر، الملاحم، قم، دار السيرة، الطبعة الأولى، 1418هـ ق.
– ابن منظور، محمد بن مكرم، لسان العرب، بيروت، دار صادر، الطبعة الثالثة، 1414 هـ ق.
– أنصاري، محمد رضا، «طبري سوم [الطبري الثالث] ودلائل الامامة»، المجلة الشهرية كيهان انديشه، قم، مؤسسة كيهان، العدد 58، 1373 هـ ش.
– آل سيد حيدر الكاظمي، السيد مصطفى، بشارة الاسلام في ظهور صاحب الزمان، بلا مكان، آلالبيت، بلا تاريخ.
– آيتي، نصرت الله، «نقد و بررسي آراء مدعيان مهدويت: با تكيه بر آراء احمد الحسن [نقد ودراسة مدعي المهدوية: استناداً لآراء احمد بن الحسن»، الفصلية العلمية البحثية “مشرق موعود”، قم، مؤسسة “آينده روشن”، العدد 25، صيف 1392 هـ ش.
– البحراني، السيد هاشم، المحجة فيما نزل في القائم الحجة، تحقيق: محمد منير الميلاني، بلا مكان، بلا اسم، بلا تاريخ.
– البرسي، رجب بن محمد، مشارق أنوار اليقين في أسرار أمير المؤمنين، بيروت، موسسة الأعلمي للمطبوعات، الطبعة الأولى، 1422هـ ق.
– البرقي، أحمد بن محمد، المحاسن، قم، دار الكتب الإسلامية، الطبعة الثانية، 1371هـ ق.
– البصري، احمد بن اسماعيل، الجواب المنير عبر الاثير، بلا مكان، اصدار أنصار الامام المهدي، الطبعة الثانية، 1431هـ ق.
ـ الرجعة ثالث ايام الله الكبرى، إعداد: علاء سالم، بلا مكان، إصدار انصار الامام المهدي، الطبعة الأولى، 1433هـ ق.
ـ المتشابهات، بلا مكان، إصدار انصار الامام المهدي، 2010 م.
ـ نصيحة الی طلبة الحوزات العلمية، بلا مكان، إصدار انصار الامام المهدي، الطبعة الثانية، 2010 باء.
ـ وصي و رسول الامام المهدي في التوراة و الانجيل و القرآن، بلا مكان، إصدار انصار الامام المهدي، الطبعة الثالثة، 2010 (ج).
ـ الوصية المقدسة، بلا مكان، إصدار انصار الامام المهدي، بلا تاريخ.
– البكري، احمد بن عبد الله، الأنوار في مولد النبي، اصفهان، مؤسسه تحقيقات ونشر معارف اهل البيت، بلا تاريخ.
– ترابي شهرضايي، اكبر، پژوهشي در علم رجال [بحوث في علم الرجال]، قم، نشر اسوه، الطبعة الأولى، 1387 هـ ش.
– الطهراني، محمد بن حسن (آقا بزرك)، الذريعة الى تصانيف الشيعة، بيروت، دار الأضواء، الطبعة الثالثة، 1403 هـ ق.
– جعفريان، رسول، مهديان دروغين [مهديون كذباً]، طهران، نشر علم، الطبعة الأولى، 1391 هـ ش.
– الحائري اليزدي، علي، إلزام الناصب في إثبات الحجة الغائب، بيروت، موسسة الاعلمي للمطبوعات، الطبعة الأولى، 1422هـ ق.
– الحرّ العاملي، محمد بن الحسن، وسائل الشيعة، قم، مؤسسة آل البيت لإحياء التراث، الطبعة الأولى، 1409 هـ ق.
– الحسيني الجلالي، محمد حسين، فهرس التراث، قم، دليل ما، الطبعة الأولى، 1380هـ ش.
– الحسيني القزويني، محمد، نقد كتاب أصول مذهب الشيعة، قم، مؤسسه تحقيقاتي ولي عصر، الطبعة الأولى، 1430 هـ ق.
– حطاب، احمد، دابة الارض و طالع المشرق، بلا مكان، إصدار انصار الامام المهدي، 2009 م.
– الحلي، الحسن بن سليمان، مختصر البصائر، قم، اصدار “الاسلامي”، الطبعة الأولى، 1421ق.
– الحلي، رضي الدين على بن يوسف بن مطهر، العدد القوية لدفع المخاوف اليومية، قم، مكتبة آية الله المرعشي النجفي، الطبعة الأولى، 1408 هـ ق.
– الخصيبي، الحسين بن حمدان، الهداية الكبری، بيروت، مؤسسة البلاغ، الطبعة الأولى، 1419 هـ ق.
– داود، محمد عيسی، المفاجأة بشراك يا قدس، بلا مكان، المدبولي الصغير، بلا تاريخ – الف.
ـ المهدي المنتظر على الابواب، بيروت، دار المهدي، بلا تاريخ – (باء).
– الديراوي، عبد الرزاق، دعوة السيد احمد الحسن هي الحق المبين، بلا مكان، إصدار انصار الامام المهدي، 2012 م.
– الزيادي، حيدر، اليماني الموعود؛ حجة الله، إصدار أنصار الإمام المهدي، 1432 هـ ق.
– سليميان، خدا مراد، درسنامۀ مهدويت [دروس في المهدوية]، قم، بنياد فرهنگي حضرت مهدي موعود، الطبعة الأولى، 1385 هـ ش.
– شهبازيان، محمد، تأملي نو در نشانههاي ظهور [تأملات حديثة في علائم الظهور] (1)، قم، بنياد فرهنگي حضرت مهدي موعود، الطبعة الأولى، 1389 هـ ش.
– الصدوق، محمد بن علي بن بابويه، عيون أخبار الرضا، تحقيق: مهدي لاجوردي، طهران، اصدار “جوان”، الطبعة الأولى، 1378 هـ ش.
ـ كمال الدين و تمام النعمة، تحقيق: علي أكبر غفاري، طهران، إصدار اسلاميه، الطبعة الثانية، 1395 هـ ق.
– الصفار، محمد بن الحسن، بصائر الدرجات في فضائل آل محمّد صلّى الله عليهم، قم، مكتبة آية الله المرعشي النجفي، الطبعة الثانية، 1404 هـ ق.
– صفري فروشاني، نعمة الله، «محمد بن جرير [ال]طبري [ال]آملي و دلائل الامامة»، فصلنامه علمي - پژوهشي علوم حديث، السنة العاشرة، قم، مؤسسه علمي – فرهنگي دارالحديث، العدد 37 – 38، صيف وشتاء 1384هـ ش.
– الطباطبائي الحسني، محمد علي، مائتان و خمسون علامة حتى ظهور الامام المهدي، بيروت، موسسة البلاغ، الطبعة الثانية، 1429 هـ ق.
– الطبرسي، احمد بن علي، الاحتجاج علي اهل اللجاج، مشهد، نشر مرتضى، الطبعة الأولى، 1403هـ ق.
– الطبري، محمد بن جرير، دلائل الإمامة، قم، إصدار بعثت، الطبعة الأولى، 1413 هـ ق.
– الطبسي، نجم الدين، «حكم تسميه و ذكر نام شريف حضرت ولى عصر [حكم تسمية وذكر الاسم الشريف لولي العصر]»، فصلنامه علمي – ترويجي انتظار موعود، قم، بنياد فرهنگي حضرت مهدي موعود، العدد 3، ربيع 1381 هـ ش.
– الطوسي، محمد بن الحسن، الغيبة للحجة، المحقق: عباد الله تهراني وعلي احمد ناصح، قم، المعارف الاسلامية، الطبعة الأولى، 1411 هـ ق.
– العاملي، السيد جعفر مرتضى، بيان الائمة وخطبة البيان في الميزان، بيروت، المركز الاسلامي للدراسات، 1424 هـ ق.
– عرفان، اميرمحسن، «بازخواني عوامل پيدايش مدعيان دروغين مهدويت و گرايش مردم به آنان [اعادة دراسة لعوامل ظهور مدعي المهدوية الكاذبين واقبال الناس نحوهم]»، فصلنامه علمي – ترويجي انتظار موعود، قم، بنياد فرهنگي حضرت مهدي موعود، العدد 30، خريف 1388 هـ ش.
– العقيلي، ناظم، الرد الحاسم على منكري ذرية القائم، بلا مكان، إصدار أنصار الامام المهدي، 1425 هـ ق.
– الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي، تحقيق: علي أكبر غفاري و محمد آخوندي، تهران، دار الكتب الإسلامية، الطبعة الرابعة، 1407 هـ ق.
– المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار، بيروت، دار إحياء التراث العربي، الطبعة الثانية، 1403 هـ ق.
– المرندي، أبو الحسن، مجمع النورين وملتقى البحرين، اصفهان، مؤسسه تحقيقات و نشر معارف اهل البيت، بلا تاريخ.
– النعماني، محمد بن ابراهيم، الغيبة، تحقيق: علي أكبر غفاري، طهران، نشر صدوق، الطبعة الأولى، 1397 هـ ق.
– قسم التحقيق إصدار أنصار الامام المهدي، ادلة جامع دعوت يماني آل محمّد [الادلة الجامعة لدعوة اليماني؛ السيد احمد الحسن، بلا مكان، إصدار انصار الامام المهدي، بلا تاريخ – (أ).
– واحد تحقيقات إصدار انصار امام المهدي، برخي علايم ظهور مهم محقق شده (كراس تعليمي)، بلا مكان، إصدار أنصار الامام المهدي، بلا تاريخ – (باء).