- الإسلام
- القرآن
- النبي وأهل بيته
- الشيعة
- الأسرة
- أسئلة وأجوبة
- الدعاء وشروط استجابته
- وقت المطالعة : 10 دقیقة
- بواسطة : المشرف
- 0 تعليق
مرحلة الصبا والفتوة من أهم المراحل التي يجب أن يوليها الوالدين اهتماما خاصا، فهي مرحلة تربية ومتابعة مكثفة، وهي مرحلة شاقة على الوالدين وعلى الطفل، ومعالم هذه المرحلة هي: تكثيف تربية الطفل، وتمرينه على الطاعات، ومراقبته، وربطه بالقدوة الحسنة، وبناء شخصيته بناء عقائديا وعباديا وأخلاقيا وعلميا.
ابعاد الطفل عن ما يثيره
تعتبر التربية الجنسية من أعقد وأصعب أنواع التربية، وتسبب الإحراج للوالدين، وهناك تنوع واختلاف في طريقة التربية على حسب المنهج الذي يقوم الوالدين بتبنيه، ووفقا مع عادات وتقاليد المجتمع الذي يحيط بهم، وتبعا لدرجة الوعي والإدراك التي يتمتع بها الوالدين.
ولذلك نرى تفريطا وإفراطا في الكثير من طرق ووسائل التربية الجنسية، والطفل في حال كان ذكرا أم أنثى فإنه سيبدأ بالتساؤل عن الكثير من الأمور التي تتعلق بالجنس، وأول ما يتساءل عنه هو كيفية نشوئه وتواجده في بطن والدته، وكيف أن الأم هي من يختص بالحمل وليس الأب، وطريقة الولادة.
وعن عدم حدوث الحمل لدى الفتيات الصغار وغير المتزوجات، وعن الفرق بين الأنثى والذكر وسبب الرفق والكثير من الأسئلة التي لا حصر لها، والتي تعتبر طبيعية وغير مخيفة، وينبغي عدم منع الطفل من السؤال عنها، مما يسبب له تعبا وإرهاقا عندما لا يحصل على إجابات كافية وصريحة.
ولذلك يجب أن يستعد الوالدين للإجابة عن جميع هذه التساؤلات وأن يعملا على إقناع الطفل بها، وأن تكون هذه الأجوبة منسجمة ومتوافقة مع قدرة الطفل على الإدراك والتقبل، فمثلا عندما يسأل عن الحمل يكون الجواب أن الله تعالى يجعل الطفل في بطن أمه، وعندما يسأل عن الفرق بين الجنسين يكون الجواب أن الذكر مثل والده والأنثى مثل والدتها وهكذا.
وأن تكون جميع الإجابات طبيعية وغير مريبة وتبعد القلق والاضطراب عن فكر الطفل، وألا يشعر الطفل أن سؤاله ممنوع أو غير مقبول، كما يجب أن تعالج رغبات الطفل بهدوء ومرونة بعيدا عن التزمت، حيث أن الأطفال من عمر الثالثة حتى الخامسة يميلون للتمتع بعرض جسمهم من وقت لآخر، وينبغي على الوالدين أن يبعدا أطفالهم عن جميع المشاهد الجنسية بمختلف الأشكال والألوان وخاصة في عصر التلفزيون والفيديو والسينما.
وكذلك التربية الجنسية من أهم الأمور التي يجب أن يحرص الوالدين على الاهتمام بها، حيث أن الانحراف الجنسي يمثل خطرا كبيرا يؤدي إلى دمار الأسرة ودمار المجتمع من كافة النواحي الصحية والمادية والعاطفية والعقلية والأخلاقية، لذلك أولى الإسلام اهتماما خاصا بمنع هذا الانحراف وتنوع التعامل معه وتربية الأبناء على العفة.
ومن أساليب الوقاية أن يتم التفريق بين الأطفال أثناء النوم، وكذلك التفريق بين الذكر والأنثى، وقد قال الإمام محمد الباقر (ع): يفرق بين الغلمان والنساء في المضاجع إذا بلغوا عشر سنين[1].
مرحلة الصبا والفتوة
تبدأ هذه المرحلة منذ سن السابعة وتنتهي عند سن الرابعة عشر من عمر الطفل، وفي هذه المرحلة يتم تربية الطفل ليصبح شخصا راشدا وناضحا، وفي هذه المرحلة ينتهي تقليد الطفل لمن هو أكبر منه، ويصب اهتمامه عما حوله، ويكون قادرا على التخيل واستيعاب الأمور المعنوية، كما يبدأ يفكر في نفسه ويعتبر انه كائن مستقل له قيمته في المجتمع، وله إرادته الحرة ورغباته وتطلعاته الخاصة.
ويحاول أن يتمرد ويتحدى كل ما حوله بهدف الإعلان عن أنه كائن مستقل بنفسه، وسعيه نحو الاستقلالية يتمثل في صور مختلفة، فيقوم باختيار كل ما يتعلق به ويخصه بطريقته الخاصة التي يفهمها، ويملك ذوقه الخاص في الملابس، ويكتسب المهارات العلمية والعقلية لوحده، ويعمل على خلق علاقات في المجتمع الذي يحيط به ومع الأطفال الآخرين.
وفي هذه المرحلة يبدأ الطفل بالتفكير في ذاته وينظر إلى نفسه انها كائن موجود مستقل، له إرادة غير إرادة الكبار، فيحاول أن يتحدى وان يفعل ما يغيظ الاهل ليعلن انه كائن موجود مستقل.
وهذه المرحلة من أهم المراحل التي يجب أن يوليها الوالدين اهتماما خاصا، حيث تتوسع علاقة الطفل مع والديه بحيث يصبح صديقا لهما، وتتطور علاقته مع باقي أفراد أسرته ومع أقربائه وأقرانه في المدرسة، ويكتسب الصفات التي تستمر معه في المستقبل وتؤثر عليه، وتلعب المدرسة الدور الأكبر في هذه المرحلة حيث يجد الأطفال فيها اهتماماتهم العلمية وشغفهم الدراسي والأنشطة التي يستمتعون بها ويميلون إليها، إضافة إلى وجود عوامل أخرى كثيرة تؤثر في تحديد وبناء شخصية الطفل.
وهي مواصفات جسدية مثل القصر والطول والحجم والمرض والصحة، كما أن للأفكار التي يتلقاها الطفل تأثيرا كبيرا في شخصيته وحاجياته، والدوافع الحيوية مثل الحاجة إلى الطعام والشراب والملبس وغيرها، والحاجة للسلام النفسي والعاطفي والتحرر من الخوف والقلق، والبحث عن القبول في المجتمع والاهتمام والتقدير، واكتساب المهارات والخبرات اللازمة للنجاح في العمل وفي الحياة، وكذلك الحاجة إلى تبني الفلسفة الحياتية التي تلائم المستوى العقلي.
وبناء على ما سبق فإن هذه المرحلة هي مرحلة تربية ومتابعة مكثفة مع مراعات النزعة للاستقلال وتكوين الذات، وهي مرحلة شاقة على الوالدين وعلى الطفل، سواء في الأفكار أو العواطف أو العلاقات الاجتماعية، والمدرسة والمساعدة في اختيار طريق الحياة وتحمل مسؤولية ما يفعله الطفل برحابة صدر ورضا، ويمكن تحديد معالم هذه المرحلة كما يلي:
1ـ تكثيف تربية الطفل
التربية السليمة والآداب الجيدة من أهم ما يلقى على عاتق الوالدين من مسؤوليات، كما أنه حق الطفل على والديه كما أوجبه الإسلام، وهذه المرحلة مرحلة حرجة يتعب فيها الوالدين كونها مرحلة مهمة في تكوين شخصية الطفل السليمة، وتوجيهه وفقا للمنهج الإسلامي وتقديم الإرشادات والنصائح والتوجيهات التي تساعده على اتخاذ القرارات التي تتوافق مع مبادئ الإسلام.
ويجب أن يقوم الوالدان بتربية الطفل ليكون عضوا صالحا في المجتمع، وأن يكون متبعا لقواعد الإسلام في جوانب الحياة العاطفية والاجتماعية والروحية، وتكبر مسؤولية الوالدين كلما كانوا بعيدين عن البيئة والمجتمع الإسلامي حيث سيكون الالتزام بالعادات والأفكار والمنهج التربوي صعبا في ظل كافة المؤثرات الخارجية التي تؤثر سلبيا على الطفل وفي هذا دليل الحسن العهد، وحفظ الود ورعاية حرمة الصاحب والعشير في حياته ووفاته وإكرام أهل ذلك الصاحب.
بالإضافة إلى تربية الطفل الروحية والنفسية والعاطفية، ينبغى أيضا الاهتمام بتربية الطفل البدنية، وتعتبر مهمة وضرورية جدا للأطفال لكي يحافظوا على صحتهم البدنية ويكونوا قادرين ومستعدين للعمل البدني، وقد حث رسول الله (ص) على ذلك قائلا: علموا أولادكم السباحة والرماية، كما أن الصحة البدنية تؤثر بدورها على الصحة النفسية.
2ـ المبادرة إلى التعليم
التعليم مهم جدا ومن أساسيات هذه المرحلة بالنسبة للطفل، حيث يبدأ بالنضوج عقليا، وتنمو الرغبة الذاتية لديه في اكتساب المعرفة والمهارات العلمية، ويكون على استعداد تام لإدراك وحفظ كل ما يسمعه ويتلقاه، والمعلومات التي يتعلمها في هذه المرحلة تبقى راسخة في ذهنه وتبقى محفوظة في ذاكرته، ويعتبر تعليم القراءة والكتابة في هذا العصر يتم في المدرسة وباقي المؤسسات التعليمية.
ولكن هذا لا يعني أن الطفل ليس بحاجة للتعليم من قبل الوالدين، وأن التعليم مقتصر فقط على القراءة والكتابة، بل يشمل كل جوانب العلم في المجالات المختلفة، مثل العلوم الإنسانية والعلوم الطبيعية والتاريخ والفلسفة والرياضيات وغيرها، مع التركيز على الجانب الروحي والجانب العبادي، يجب على الوالدين أن يعلموا الطفل كل ما هو مفيد في حياته وأن يتعلم الأبناء كيفية أداء العبادة في هذه المرحلة والمقدمات إلى العبادة مثل الصلاة والوضوء، كما يجب تعليم الحديث للطفل لكي لا يتأثر بانحراف التيارات، وقد قال الإمام جعفر الصادق (ع): بادروا بأولادكم بالحديث قبل أن يسبقكم إليه المرجئة[2].
مع التركيز على تعلم القرآن أيضا، بحيث يشمل جميع جوانبه بدءا بالقراءة الصحيحة لغويا، ثم الحفظ وفقا للنضج العقلي للطفل، وتفسير بعض الآيات والسور بشكل مبسط وخاصة تلك التي يحتاجها الأطفال في هذه المرحلة، وتتعلق بالجانب الأخلاقي والعقائدي والفقهي والأحكام الشرعية في مختلف المعاملات والعبادات.
3ـ تمرين الطفل على الطاعات
إن الطاعات رغم سهولتها ويسرها، إلا إنها بحاجة للتدريب والتمرين بما ينسجم مع قدرة الطفل على أدائها، ويجب أن يلقى الطفل عناية خاصة بكل ما يتعلق بالتدريب والتمرين على هذه الطاعات بحيث تصبح أكثر سهولة له، وأن يألفها ويجدها متوافقة بمشاعره وانفعالاته وأن لديه الدافع للقيام بها والقيام بها دون تعب وملل وشعور بالضغط والإكراه.
وفي مناهج التربية الإسلامية يتم أولا اتباع القواعد الأساسية التي تراعي قدرة الأطفال العقلية والبدنية، حيث قال رسول الله (ص) في التمرين على الصلاة: مروا صبيانكم بالصلاة إذا بلغوا سبع سنين واضربوهم على تركها إذا بلغوا تسعا[3]، والمقصود هنا بالضرب أن يكون حقيقيا إذا تمرد الطفل وأبى أن يلتزم بالصلاة، أو الترهيب النفسي، فحتى لو كان لهذا الأسلوب تأثير سلبي على الطفل، لكن هذا التأثير سرعان ما يزول، ولا يمكن أن اعتباره سلبيا إذا ركزنا على مصلحة الطفل الأكبر وهي الصلاة.
والتمرين على الصلاة لا يجب أن يكون متعبا وشاقا بالنسبة للطفل، حيث أن ذلك يجعله ينفر منها ويكرهها ويخلق حاجزا نفسيا بين الطفل وصلاته، ويجب أن يراعي الوالدين استعداد أطفالهم من الناحية البدنية والنفسية، وألا يرهقوا أطفالهم بالأمور التي لا يطيقونها، ويفضل تعليمهم الصلاة الواجبة أولا، فإذا أنس لها سيصبح قادرا على تعلم غيرها عندما يتقدم بالعمر.
أما التدريب على الصيام فينبغي القول أنه يبدأ في سن السابعة ويستمر تدريجياً مع نمو الطفل حسب قدرة الطفل الجسدية وطاقته واستعداده الذهني والنفسي وقد قال الإمام جعفر الصادق (ع): إنا نأمر صبياننا بالصيام إذا كانوا بني سبع سنين بما أطاقوا من صيام اليوم، فإن كان إلى نصف النهار أو أكثر من ذلك أو أقل، فإذا غلبهم العطش والغرث أفطروا حتى يتعودوا الصوم ويطيقوه[4].
كما يعتبر تمرين الحج مهما ومستحبا بالنسبة للطفل، وتدريبه كذلك على الصدقة وعمل الخير ورعاية الفقراء والمساكين من الأمور المستحبة ومن أفضل أساليب النمو والتربية، إضافة إلى تمرين وتربية الطفل إلى عدم الاستسلام للدنيا وعلى ألا يستأثر بنفسه حب المال، وكذلك تمرين الأطفال على العبادات والطاعات منذ صغره تجعله قادرا على أن يداوم عليها ويستمر في فعلها عندما يكبر، ويجب أن يتبع الوالدين في ذلك أسلوبا لينا سلسلا، وأن يكثروا من المديح والإطراء والهدايا المعنوية والمادية.
4ـ مراقبة الطفل
من أجل ضمان نجاح العملية التربوية يجب أن يراقب الوالدان سلوك أطفالهم وأن يقوما بإرشاده إلى طريق الصلاح والاستقامة، وأن يراقبا تصوراته وأفكاره وعواطفه بأسلوب هادئ بحيث لا تزعجه هذه المراقبة ولا تعيق طريقة تنفيذه للأمور، وأن يعاملات كصديق بهدف مساعدته في تأسيس حياته وشق طريقه في الدنيا، وأن يراقبا سلوكه خارج نطاق الأسرة أي في المدرسة وفي المجتمع وأن يختارا الأصدقاء الجيدين وينبهاه من الأصدقاء السيئين، وتستلزم العقوبة في حال لم ينفع التوجيه والإرشاد.
وكذلك أن يعلما الطفل كيف يحاسب نفسه وكيف يتقبل تصحيح أخطاءه من قبل الآخرين، وكذلك أن يغرسا في قلبه مفهوم المراقبة من قبل الله تعالى بحيث يكون ذلك رادعا ودرعا له لحمايته من الانحراف في حال لم يراقبه والديه.
أما أساليب المراقبة ووسائلها فهي مهمة الوالدين، حسب وعي الوالدين وتجربتهما في الحياة، ويجب ان يتعاونا في هذا الأمر، وأغلب أمور المراقبة تقع على عاتق الأم حيث إنها تقضي الوقت الأكبر مع أطفالها في حين يكون الأب في العمل، ويجب أن يشعر الطفل أن ليس وحيدا وأن بإمكانه أن يستعين بوالديه بأي وقت، وكذلك أن يعتمد على المعلمين في المدرسة والأقرباء في الحياة.
5ـ ربط الطفل بالقدوة الحسنة
يحاول الطفل عند وصوله لأخر أعوام هذه المرحلة أن يتشبه بالأشخاص الذين يكونون أشد فاعلية وأكثر حيوية في المجتمع، وقد أطلق علماء النفس على ذلك مصطلح المحاكاة وهو يعني ان يعبر الطفل بشكل فجائي وسريع ثم ينتهي هذا التعبير عندما ينتهي المؤثر، والأطفال غالبا ما يتشبهون بمن لهم سلطان نفسي وروحي على البشر مثل الحكام والملوك، والناجحون والفائزون في الحياة، وكل من يملك تأثيرا على الآخرين مثل علماء الدين والمعلمين.
وأفضل قدوة يربي الوالدين أطفالهم عليها هي الاقتداء بالأنبياء والأئمة من أهل البيت، والصحابة الصالحين والتابعين، وعلماء الدين، فهؤلاء هم القمة في المكارم والمواقف النبيلة والفضائل، بالإضافة لتأثيرهم الروحي على كامل المجتمع، والقوة الصالحة تؤثر بشكل كبير على سلوك الطفل وعلى كل زوايا حياته، وتنعكس آثار هذه القدوة بشكل إيجابي على جوانب العاطفية والسلوكية والعقلية في شخصية الطفل، مما يدفعه لمقامات عالية قد وصل لها الصالحون الذين يقتدي بهم، وهذا بدوره يجعله رجلا عظيما.
ولكن اذا فقد الطفل قدوته فإن طموحه سوف يضعف وسوف ينحرف عن مساره في التعلق بالقدوة الصالحة وسوف يميل للاقتداء بالأشخاص الهامشيين الذين يؤثرون بشكل سلبي على سلوكه وتصرفاته.
الروايات الدالة على تربية الطفل
1ـ احادیث اهل البيت (ع) تبين لنا سلوكين في تربية الطفل:
أ. الاسلوب السلوكي
اختيار اسم حسن
أهل البيت (ع)، دأبوا على استدعاء الأبناء بالاحترام والأسماء الحسنة، وأمروا الآخرين باختيار أسماء طيبة لأطفالهم وأولادهم ودعوتهم باحترام وأدب، واعتبر امير المؤمنين علي (ع) في بيانه المستنير حق الطفل الأول في تكون مسئولية الأب في اختيار الاسم الجيد، فعن أبي الحسن (ع) قال: أول ما يبر الرجل ولده أن يسميه باسم حَسَنِ فَلْيُحْسِنُ أَحَدُكُمُ اسْمَ ولده[5]، وايضا قال الإمام الرضا (ع): البَيْتُ الَّذِي فِيهِ اسْمُ مُحَمَّدٍ يُصبح أهله بخير ويمسون بخير[6].
التسليم على الاطفال
عن رسول الله (ص) قال: خمس لا أدعهن حتى الممات الأكل على الحضيض مع العبد وركوبي الحمار مؤكفاً وحلبي العنز بيدي ولبسي الصوف والتسليمُ عَلَى الصَّبْيَانِ لتكون سنة من بعدي[7].
احدى السنن التي أكد بها النبي (ص) هي التسليم على الاطفال وهذا الحديث يشير إلى النمط السلوكي والعملي لتربية الطفل.
استخدم كلمات وجمل لطيفة في تربية الطفل
يعتبر التحدث إلى الأطفال أهم وسيلة للتواصل والتفاعل معهم وإتمام التعليم، اسلوب تعامل اهل البيت (ع) مؤيد هذا الكلام الذي ذكرناه وذكرت في الروايات عن المفضل بن عمر قال: دخلت على أبي الحسن موسى بن جَعْفَرٍ (ع) وعَلي ابنه في حجره، وهو يُقبله ويمص لسانه ويضعه على عائِقِهِ ويَضُمُهُ إِلَيْه، ويقول: بأبي أنت وأمي[8].
ب ـ الاسلوب العملي
المعانقة
قال الإمام أمير المؤمنين (ع): قد عَلِمْتُمْ موضعي من رسول الله (ص) بالقرابة القريبة والمنزلة الخصيصة وضعني في حجره وأنا ولد يضمني إلى صدره ويكنفني في فراشه ويمسي جسده ويُشمني عرفه[9].
تقبيل الطفل
قال رسول الله (ص): أكثروا من قبلَةِ أَوْلادَكُمْ فَإِنَّ لَكُم بِكُلِّ قبلة درجة في الجنة مسيرة الخمسمائة عام[10]. وايضا كانَ رَسُولُ اللهِ (ص) يُقبل الحسن والحسين (ع)، فقال الأقرع بن حابس إن لي عشرة من الولد ما قبّلت أحداً منهم، فقال رسول الله (ص): مَنْ لَا يَرْحَمُ لَا يُرْحَمْ[11].
اللعب مع الاطفال
عن جابر بن عبد اللهِ الأنصاري قَال: دَخَلْتُ عَلَى النَّبِيِّ (ص) وهو يمشي على أربع والْحَسَنُ والْحُسَيْنُ عَلَى ظَهْرِهِ ويَقُولُ نعم الجمل جملكُمَا ونِعْمَ الْحَمْلَانِ أَنْتُمَا[12].
حقوق الطفل في الإسلام
حق الطفل قبل الولادة
أمن الإسلام كافة حقوق الطفل في الرعاية والعناية الصحية والمستمرة من قبل الوالدين، وأمن حق الولادة في مكان صحي مناسب، وجو أسري مستقر، ووالدين مؤمنين يقومان بتلبية واجباتهم اتجاه أطفالهم منذ ولادتهم.
حقوق الطفل بعد ولادته
وهي مثل الأذان والقيامة أي أن يؤذن في الأذن اليمنى واليسرى مباشرة عند الولادة، وفي التحنيك أي تدليك فم الطفل بالتمر لتقوية العضلات، وحقه في العقيقة أي الذبيحة التي يتم ذبحها بعد ولادته بسبعة أيام، وذلك تعبيرا عن شكرهم لله تعالى، وكذلك حقه في الحصول على اسم جميل غير سيء وغير مكروه، وضمن الإسلام حق الطفل في الرضاعة حيث جعل اللبن في صدر الأم حيث تستطيع إرضاعه لعامين كاملين.
بناء شخصية الطفل
يتفرع بناء شخصية الطفل إلى عدة أنواع من البناء منذ إتمامه العامين وحتى سن البلوغ، وهي:
1ـ البناء العقائدي
ويتضمن التأسيس السليم للعقيدة الإسلامية في مرحلة الطفولة المبكرة لما لذلك من أهمية في عرس العقيدة وقيمها في عقل الطفل وسلوكه، وهذه المرحلة مهمة جدا حيث يتم فيها تربية الطفل على العادات والأخلاق والقيم الإسلامية وتوجيهه وفق المنهج الإسلامي الصحيح وتثبيت أركان العقيدة في تصرفاته وسلوكه.
والطفل في هذه المرحلة يتمتع بذهن وفكر صافي ولذلك فالتوجيه الديني يجد مكانا وحيزا في قلبه وقبولا في عقله، إضافة إلى أن غرس الثقافة الدينية يؤثر بشكل كبير على تقويم السلوك وتعديل النشأة فينشأ الطفل بارا بوالديه وإنسانا فعالا في مجتمعه، إن غرس الإيمان بالطفولة هو أفضل طريقة لتكوين أناس صالحين يمكنهم القيام بدورهم في الحياة بشكل كامل وصحيح وعلى هذا الأساس لا تحاول الشريعة إرهاقه بتكاليف شاقة، تفوق طاقاته وقدراته النفسية والبدنية، قال تعالى: لَا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا[13].
2ـ البناء العبادي
إن العبادة هي الأساس تصدر عن العقيدة، وفضل العبادة عن العقيدة يشبه فصل الشجرة عن جذورها، والعبادة هي الترجمة الملموسة والمحسوسة لصدق العقيدة والإيمان وحسن ترسيخ العقيدة في قلب الإنسان المؤمن، والاهتمام بالجوانب العبادية في تنشئة الطفل يشكل عاملا مهما في تكوين شخصيته السليمة، ولا بد من أخذ هذه الأمور بكل جدية واهتمام من أجل إكمال بناء الفرد المسلم، وذلك من خلال الوالدين أولا والمربين ثانيا، وتتمثل بتعويد الطفل على ممارسة طقوس العبادة، من صلاة وصوم وغيرها، لكي يتعود على فعل الطاعات والقيام بالعبادات، وإدراك فوائدها ومنافعها، وممارستها منذ الصغر يجعلها عادة لديه بحيث أنه متى كبر وشب بإمكانه أن يؤدي صلاته وأن يذهب للمسجد ويؤدي صلوات الجماعة.
3ـ البناء الأخلاقي
التربية الأخلاقية هي روح الإسلام، والعناية بها لا تعني إغفال جوانب أخرى، فالعناية بالطفل تتطلب قوة بدنه وروحه، لذلك فإن الجانب الروحي والديني لا ينفصل عن الجانب الأخلاقي من التعليم أخلاقياً، يتعلم الطفل كيفية التحدث إلى الوالدين والآخرين بلطف واحترام، ومخاطبتهم بكلمات جميلة وتعبيرات لطيفة، وكذلك تربية الأخوة على الاحترام والألفة والمحبة فيما بينهم وبين الأطفال الآخرين وروح الثقة والتعاون والمودة بين جميع أفراد المنزل وتحقيق التفاهم بينهم، وكذلك احترام المعلم والجار وتربية الإذن والتحدث والسلام للطفل وتشجيعه على قول الحقيقة وعدم الكذب وعدم الخوف من الأخطاء والاعتراف بها والمساعدة على تصحيحها.
4ـ البناء العلمي
اهتم الإسلام بتعليم الأبناء، وقاد عقولهم إلى المجالات العلمية والمعرفة والانفتاح على العالم وتوسيع الأفق الفكري للطفل ولم يحدد سناً محدداً لبداية تربية الطفل، ولكنه يدرس على أساس في المشهد من تطوره الفكري والعقلي، حيث يتعلم النطق أولاً، ثم الكلام، ثم القراءة والكتابة، ومعرفة القضايا الدينية، وتعتبر مرحلة الطفولة مرحلة إعداد وتربية وتنشئة، يتضح فيها الذهن سوف يكون الذاكرة أكثر نشاطا وكل أفراد المجتمع لهم دورهم في تربية الطفل من الأسرة والأهل إلى المدرسة والمدربين والمدرسين والمساجد ووسائل الإعلام التي تساعد الأمة الإسلامية في تنمية أطفالها وتلعب دورا مهما وفعالا… دور في العالم والمجتمع بشكل عام.
الاستنتاج
أن مرحلة الصبا والفتوة مرحلة مهمة يجب أن يوليها الوالدين اهتماما خاصا، وأنها مرحلة شاقة على الوالدين وعلى الطفل، ومعالم هذه المرحلة هي: تكثيف التربية السليمة والآداب الجيدة، بالإضافة إلى التربية البدنية، والمبادرة إلى تعليم الطفل بكل جوانب العلم في المجالات المختلفة، مع التركيز على تعلم القرآن، وتمرين الطفل على الطاعات، ومراقبته من أجل ضمان نجاح العملية التربوية، وربطه بالقدوة الحسنة وهم الأنبياء والأئمة من أهل البيت، والصحابة الصالحين والتابعين، وعلماء الدين، وبناء شخصية الطفل بناء عقائديا وعباديا وأخلاقيا ـ والتي هي روح الإسلام ـ، وعلميا.
الهوامش
[1] المجلسي، بحار الأنوار، ج١٠١، ص٩٦.
[2] الكليني، الكافي، ج1، ص٤٧.
[3] المجلسي، بحار الأنوار، ج٨٥، ص١٦٠.
[4] الكليني، الكافي، ج٣، ص٤٠٩.
[5] الكليني، الکافي، ج6، ص۱۸.
[6] المجلسي، بحار الانوار، ج۱۰۱، ص۱۳۱.
[7] المجلسي، بحار الأنوار، ج٦٣، ص٤٢٥.
[8] الحر العاملي، إثبات الهداة بالنصوص والمعجزات، ج٤، ص۲۹۸.
[9] الشريف الرضي، نهج البلاغة، ج1، ص٣٠٠.
[10] الحر العاملي، وسائل الشيعة، ج٢١، ص٤٨٥.
[11] الحر العاملي، وسائل الشيعة، ج٢١، ص٤٨٥.
[12] المجلسي، بحار الانوار، ج٤٣، ص٣٠٤.
[13] البقرة، ٢٨٦.
مصادر البحث
1ـ الحر العاملي، محمّد، إثبات الهداة بالنصوص والمعجزات، بيروت، مؤسّسة الأعلمي، الطبعة الأُولى، 1425 ه.
2ـ الحر العاملي، محمّد، وسائل الشيعة، تصحيح وتعليق الشيخ عبد الرحيم الرباني الشيرازي، بيروت، دار إحياء التراث العربي، الطبعة الخامسة، 1403 ه.
3ـ الشريف الرضي، محمّد، نهج البلاغة، تحقيق صبحي صالح، بيروت، الطبعة الأُولى، 1387 ه.
4ـ الكليني، محمّد، الكافي، طهران، دار الكتب الإسلامية، الطبعة الثالثة، 1388 ش.
5ـ المجلسي، محمّد باقر، بحار الأنوار، بيروت، مؤسّسة الوفاء، الطبعة الثانية، 1403 ه.
مصدر المقالة (مع تصرف)
الياسري، مها، الأسس القرآنية لبناء الأسرة وأثرها في تنشئة الطفل، قم، جامعة الأديان والمذاهب، طبعة 2023م، ص73ـ ص82.