- الإسلام
- القرآن
- النبي وأهل بيته
- الشيعة
- الأسرة
- أسئلة وأجوبة
- الدعاء وشروط استجابته
- وقت المطالعة : 4 دقیقة
- بواسطة : امین نجف
- 0 تعليق
لقد استبعد طول عمر صاحب الزمان الإمام المهدي المنتظر الموعود من آل محمّد عليه السلام حتّى عاب على الشيعة بعض الجهّال من العامّة قولهم ببقائه(ع)، وقال بعضهم في كتاب الوصيّة فيما لوْ وصّى واحد أن يصرف مال لأجهل الناس(: إنّ الوصيّة لأجهل الناس تصرف إلى من ينتظر المهدي ويقول بحياته ).لكن مسألة طول عمر صاحب العصر والزمان تنطبق مع الموازين العقلية والمنطقية كما عليها الأدلّة النقلية، فهي ساطعة البرهان، لا يمكن للمؤمن المنصف إنكارها والتشكيك فيها، ولا قيمة للاستبعاد في الاُمور والمطالب الاعتقادية بعدما قام البرهان ودلّت عليه الأدلّة القطعية من العقل والنقل، وهذا نوع من سوء الظنّ بالقدرة الإلهية، وليس له مبنى إلاّ عدم الاُنس وقضاء العادة في الجملة على خلافه.
الدليل الأول: (قدرة الله) إنّ ا لله سبحانه وتعالى قادر على كلّ شيء، كما إنّه عالم بكلّ شيء، فلا يعزعليه أن يطيل في عمر شخص ويحفظه من آفات الموت وطبيعته.
الدليل الثاني: (الإعجاز) إنّ النبوّة والإمامة والوصاية التي هي امتداد خطّ النبوّة، إنّما يصطحبان بالإعجاز، فمن يدّعي النبوّة وكذلك الإمامة وتظهر على يديه المعجزة.
الدليل الثالث: (التأسّي بالأنبياء) لقد تأسّى الإمام (عج) في طول عمره الشريف بالأنبياء السابقين.
الدليل الرابع: (العلم الحديث) وهذا دليل لمن أراد أن يؤمن بطول العمر من خلال العلم الحديث المتطوّر والمتقدّم.
الدليل الخامس: (الإيمان بالغائبين) لقد نؤمن بوجود أشخاص بالقطع واليقين، مع أ نّه لم نرهم أصلاً.
الدليل السادس: (النظرة الجديدة) وهو المقصود بيانه في هذه العجالة كنظرة جديدة في طول العمرلإمام الزمان(عج)وهي تتمّ بالمعرفة النوريّة، المتميّز بها الراسخون في العلم، فمن كان ضعيف الإيمان قليل العلم والمعرفة، فإنّه بطبيعة الحال سرعان ما ينكرها، فإنّ الناس أعداء ما جهلوا، فربما من باب العزّة بالإثم يرمي قائلها بسهمٍ عارية عن الحقيقة والواقع فيحاسب عليها يوم القيامة.فهذه النظرة الجديدة انقدحت في الذهن بلطف من الله سبحانه من خلال الروايات الشريفة،
ممّا رواه ابن مسعود
قال: دخلت يوما على رسول ا لله (ص) فقلت: يا رسول الله، عليك السلام، أرني الحقّ لأنظر إليه، فقال: يا عبدالله،لج المخدع، فولجت المخدع وعلي بن أبي طالب (ع) يصلي وهو يقول في سجوده وركوعه: (اللهمّ بحقّ محمد عبدك اغفر للخاطئين من شيعتي) فخرجت حتّى اجتزت برسول الله (ص) فرأيته يصلي وهو يقول: (اللهمّ بحقّ عليّ عبدك اغفرللخاطئين من اُمّتي) قال: فأخذني من ذلك الهلع العظيم، فأوجز النبيّ (ص) في صلاته وقال: يا ابن مسعود، أكفرٌ بعد الإيمان؟ فقلت: حاشا وكلاّ يا رسول الله، ولكن رأيت عليا يسأل الله بك ورأيتك تسأل الله بعليّ، فلا أعلم أيّكما أفضل عند الله عزّوجلّ؟ قال: اجلس يا ابن مسعود، فجلست بين يديه فقال لي:اعلم أنّ الله خلقني وعليا من نور قدرته قبل أن يخلق الخلق بألفي عام إذ لا تسبيح ولا تقديس، ففتق نوري فخلق منه السماوات والأرضين، وأنا والله أجلّ من السماوات والأرضين، وفتق نور علي بن أبي طالب فخلق منه العرش والكرسي، وعلي بن أبي طالب والله أفضل من العرش والكرسي، وفتق نور الحسن فخلق منه اللوح والقلم، والحسن والله أفضل من اللوح والقلم، وفتق نور الحسين فخلق منه الجنان والحور العين، والحسين والله أفضل من الحور العين، ثمّ اظلمّت المشارق والمغارب فشكت الملائكة إلى الله تعالى أن يكشف عنهم تلك الظلمة، فتكلّم الله جلّ جلاله كلمة فخلق منها روحا، ثمّ تكلّم بكلمة فخلق من تلك الكلمة نورا، فأضاف النور إلى تلك الروح وأقامها مقام العرش، فزهرت المشارق والمغارب فهي فاطمة الزهراء، ولذلك سمّيت الزهراء لأنّ نورها زهرت به السماوات.
يا ابن مسعود، إذا كان يوم القيامة يقول الله جلّ جلاله لي ولعلي:
أدخلا الجنّة من شئتما وأدخلا النار من شئتما، وذلك قوله تعالى: « ألْقِيا في جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍعَنيدٍ »، فالكافر من جحد نبوّتي والعنيد من جحد بولاية عليّ بن أبي طالب وعترته، والجنّة لشيعته ولمحبّيه .»
ثمّ نستخلص من الحديث الشريف ما رواه ابن مسعود بمعرفة نورية وجماليّة بتعمّق وتدبّر: أنّ خلقالإمام المطلق أعمّ من النبيّ أو الوصيّ ومنه الإمام المهدي(عج) قد كان قبل خلق السماوات والأرض، وقبل الكواكب والمجرّات والأفلاك. ثمّ الزمان إنّما هو وليد حركة الأفلاك والمنظومة الشمسية، فإنّ اليوم من الليل والنهار إنّما هو من حركة الأرض الوضعيّة حول نفسها، ومن اليوم تتولّد الساعات ومنها الدقائق.
ثمّ الزمان بالمعنى الأعمّ له مؤثّرات وآثار، كما أنّ للشمس والقمر آثارا، فإنّ الظلّ إنّما يكون من أشعّة الشمس ونورها، كما أنّ تكامل الإنسان في خلقه الطبيعي ومروره بمراحل طبيعيّة من انعقاد ونطفته وولادته وصباوته ومراهقته وشبابه وكهولته وشيخوخته وعجزه وموته، إنّما هو من آثار الزمان ومضيّ السنين والأيام. فإنّ مرور الزمن يوجب وهن العظام واشتعال الرأس شيبا.ثمّ بعد بيان هذه المفردات والتسليم بها: بأنّ خلق العالم كان قبل السماوات والأرض وقبل الشمس والقمر، وإنّ الزمان من حركة الأفلاك والمنظومة الشمسية.
نقول بمعرفة جمالية كمالية، ومن المعرفة النورية:إنّ وليّ ا لله الأعظم وصاحب الزمان وإمامه هو الحاكم على الزمان والمكانوما فيهما، فهو أمام الكلّ وإمام الكلّ، وإنّه العلّة في الخلق) لولاك لما خلقت الأفلاك (فالإمام لا يتأثّر بمقتضيات الزمان والمكان وآثارهما في خلقهم النوري والجانب الملكوتي، وإن كان في جانبهم الناسوتي والبشري « قُلْ إنَّما أنا بَ مَرشٌثِلُكُمْ » له ما للناس، ولكن مع هذا له بإذن ربّه حقّ الولاية الكبرى على الكون الرحب وما فيه، فهو إمام الزمان بنحو )على( الاستعلائية وإن كان الظاهر بنحو)في( الظرفية.فالإمام كما كان خلقه قبل الزمان فإنّه لا يتأثّر بمستلزماته، بل هو الحاكم المطلق بأمر من الله سبحانه عليه.فإمام الزمان بالمعرفة النوريّة يعني حكومته وإمامته على الزمان، فلا يتأثّر بمقتضياته، ومنها الهرم والشيخوخة، بل يطول عمره بطول الزمان( فهو إمام الزمان بكسر همزة الإمام بمعنى الحاكم على الزمان وليس المحكوم به، وبفتح الهمزة بمعنى التقدّم عليه كما في خلقته النوريّة.
وهذا يعني حاكمية الإمام(عج) على الزمان أيضا، وبهذه النظرة الجديدة في معرفة إمام الزمان(عج) يستكشف حقيقة كثير من المعاجز النبوية والولوية، ويسهل قبولها وهضمها.ومعرفة إمام زمانك تارة بالمعرفة الجلالية بأ نّه ابن الإمام الحسن العسكري (ع) واُمّه السيّدة نرجس وإنّه ولد سنة (266)، وتارة نعرفه بالمعرفة الجمالية النورية، بأنّه إمام الزمان والحاكم عليه، وأنّ الزمان معلوله يتأثّر به وتحت حكومته المطلقة وأمره المطاع، فلا يتأثّر بالعوامل الزمنيّة، ومن ثمّ يبقى متى ما أراد البقاء، وشاءت مشيّته بإرادة الله وإذنه.كما أنّه بمشيّته وقدرته أن يوقف سنّه في حدّ خاصّ ومرحلة خاصّة فصاحب الزمان(عج) حجّة الله الأعظم، شاءالله له أن تعلّقت إرادته أن يبقى بمظهر الأربعين، فلا مانع من ذلك عقلاً ونقلاً، فيتمّ البرهان الساطع بعد تحقّق المقتضي، وبذلك تمّت كلمة ربّك الحسنى، ولله الحجّة البالغة.