- الإسلام
- القرآن
- النبي وأهل بيته
- الشيعة
- الأسرة
- أسئلة وأجوبة
- الدعاء وشروط استجابته
- وقت المطالعة : 10 دقیقة
- بواسطة : امین نجف
- 0 تعليق
المولد والنشأة
ولد عام ۱۹۷۶م بمدينة ” بيتا ” في جمهوريّة غينيا، من عائلة تعتنق المذهب المالكي، حاصل على شهادة الليسانس في القانون والعلوم السياسية.
تشرّف باعتناق مذهب أهل البيت (عليهم السلام) عام ۱۹۹۱م في ” كوناكري ” عاصمة غينيا.
البحث عن أجوبة مقنعة:
يقول الأخ محمّد: ” لقد كان والدي من علماء الدين الكبار في مدينة ” بيتا ” وكان الطابع الديني من السمات البارزة لأسرتنا، فأثّرت تلك الأجواء المفعمة بالالتزام والتدين في نفسي وجعلتني أنشدّ منذ الصغر للدين، حتى تمكنت بحمد الله من حفظ القرآن الكريم في العقد الأوّل من عمري.
ولوجود مكتبة في بيتنا ـ بحكم عمل أبي ـ كنت أجد متعة منقطعة النظير في مطالعة كتب التاريخ والعقائد، ومن هنا صاغت لي هذه العوامل عقلية باحثة تستفسر عما يشكل عليها، وتحبّ التحليل والجواب الدقيق، وهذا ما أوجد لي مشكلة كبيرة، وذلك لأنّي بدأت أفقد اقتناعي بما هو مدون في بطون هذه الكتب، لما فيه من تهافت وتناقض، بل وأمور غير منطقية! فكنت ألتجىء إلى أبي بإعتباره عالماً ليحل لي هذه الإشكالات، والتي كان منها:
۱ ـ هل من المعقول أن لا يعيّن النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) خليفة من بعده تقصده الأمة وترجع اليه؟!.
۲ ـ إنّ أفضلية أهل البيت (عليهم السلام) واضحة وجلية، يقرّ بها المخالف لهم والموافق، فلماذا أخّرتهم الأُمّة وقدمت غيرهم؟!.
۳ ـ الحديث القائل: ” إنّ كلا من القاتل والمقتول في النار “(۱)! أليس هذا إجحاف بحقّ المظلوم؟!.
۴ ـ الحديث القائل: ” خذوا شطر دينكم عن هذه الحميراء “(۲) ـ يعني عائشة ـ، أليس فيه دلالة استنقاص لبقية الصحابة المقرّبين؟!.
فصرت أشعر بتزلزل في أركان معتقداتي، فلم أجد بداً من الالتجاء إلى البحث والدراسة بنفسي لأنقذها من الوضعية المتأزمة التي صرت أعاني منها.
وللأسف أنّ الدراسة والتتبع لم يشف غليلي، وذلك لأنّ أموراً فاجأتني لم تكن تخطر ببالي من قبل! فقد أدركت أنّ السياسة لعبت دوراً أساسياً في إعطاء بعض الشخصيات وزناً كبيراً، حيث جنّدت بعض الأقلام والأفواه لوضع الأحاديث، والذي منها حديث الحميراء هذا!”.
بطلان حديث ” خذوا شطر دينكم عن هذه الحميراء “:
إنّ الباحث لو أمعن النظر في هذا الحديث الذي تمسّك به البعض واعتمد عليه تمام الاعتماد، يجده حديثاً قد أبطله كبار علماء العامة وحفّاظهم، ومنهم:
۱ ـ المزي: حيث قال: ” لم أقف له على سند إلى الآن “(۳)!.
۲ ـ الذهبي: فعن ابن الملقن قال: ” قال الذهبي: هو من الأحاديث الواهية التي لايعرف لها أسناد “(۴)!.
۳ ـ ابن قيم الجوزية: إذ قال في جواب سؤال وجّه إليه: هل يمكن معرفة الحديث الموضوع بضابط من غير أن ينظر في سنده؟ قال: ” فصل: ومنها أن يكون الحديث باطلا في نفسه، فيدل بطلانه على أنّه ليس من كلامه، كحديث: المجرة التي في السماء من عرق الأفعى التي تحت العرش… وكلّ حديث فيه (يا حميراء) وذكر (الحميراء) فهو كذب مختلق… وحديث ” خذوا شطر دينكم عن الحميراء ” “(۵)!.
۴ ـ ابن كثير: عن السيوطي: ” وقال الحافظ عماد الدين ابن كثير في (تخريج أحاديث مختصر ابن الحاجب) هو حديث غريب جداً، بل هو حديث منكر “(۶)!.
۵ ـ ابن حجر العسقلاني: أيضاً أنكر هذا الحديث، فقال: ” لا أعرف له اسناداً ولا رواية في شيء من كتب الحديث، إلاّ في النهاية لابن الأثير ولم يذكر من خرّجه “(۷)!.
۶ ـ السيوطي: حيث قال: ” حديث: ” خذوا شطر دينكم عن الحميراء ” لم أقف عليه “(۸)!.
۷ ـ الفتني: وقد أدرجه في (تذكرة الموضوعات)(۹)!.
۸ ـ القاري: أورده في كتابه (المصنوع): ” حديث: ” خذوا شطر دينكم عن الحميراء ” لا يعرف له أصل “(۱۰)!.
فهذا حال الحديث باعتراف كبار أئمة العامة في هذا الخصوص(۱۱).
ثمّ لو راجعنا سيرة زوج النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) عائشة لأدركنا أنّ هذا الحديث لاينطبق مع بعض مواقفها.
ما نقل من سيرة عائشة:
لو يمعن الباحث النظر في سيرة عائشة يرى بوضوح بطلان هذا الحديث وكونه موضوعاً لا حقيقة له، لأنّ أخذ شطر الدين عن الحميراء كما ورد اللفظ، يعني الاستنان بها باعتبارها أحد المؤتمنين على الشريعة، في حين أنّها كانت تتصرّف بأمور لم يرتضيها الشرع أبداً!، وإشارة لذلك نذكر طائفة منها:
عائشة مع النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم):
ورد أنّ عائشة واجهت النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) بقولها: ” أنت الذي تزعم أنّك نبيّ الله!! “، وقولها له(صلى الله عليه وآله وسلم) بحضور أبيها: ” يا رسول الله أقصد ” فلطمها أبوها وجعل الدم يسيل من أنفها(۱۲).
والحال أنّ القرآن الكريم أعطى للنبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) بُعداً آخر يقوم على احترامه وتعظيمه وخفض الصوت أثناء الحديث معه، فقال تعالى: (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْواتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْض أَنْ تَحْبَطَ أَعْمالُكُمْ وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ) (الحجرات: ۲)، فهل يقول مؤمن بالله وبكتابه وبرسوله أنّ موقفها هذا مرضي عند الله، ليؤخذ شطر الدين عنها؟!.
عائشة مع أزواج النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم):
إنّ تعامل عائشة ومواقفها مع باقي نساء النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم)دليل آخر على كون حديث ” خذوا شطر دينكم عن الحميراء ” موضوعاً، لما في هذا التعامل من الفظاظة والغلظة!.
فقد ذكر الزركشي في (الإجابة) نقلاً عن كتاب محمد بن عبد الملك التاريخي: ” ـ سمعت عائشة ـ سودة(۱۳) تنشد:” عدي وتيم تبتغي من تحالف ”
فقالت عائشة لحفصة: ما تُعرّض إلاّ بي وبك يا حفصة، فإذا رأيتيني قد قمت فأخذت برأسها، فأعينيني، فقامت فأخذت برأسها، وخافت حفصة فأعانتها…! “(۱۴).
وروى الترمذي وغيره(۱۵) عنها أنّها قالت: ” قلت للنبيّ حسبك من صفية كذا وكذا، فقال لها النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم): لقد قلت كلمة لو مزجت بماء البحر لمزجته ـ أي يتغير بها طعمه أو ريحه لشدة نتنها ـ! “(۱۶).
وورد أنّها قالت: ” لمّا قدم رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) المدينة وهو عروس بصفية بنت حيي، جئن نساء الأنصار فأخبرن عنها… فقال ـ رسول الله ـ: كيف رأيت؟
قلت: قلت: أرسل يهودية وسط يهوديات “(۱۷)!.
وأخرج النسائي في صحيحه عن أم سلمة: ” أنّها أتت بطعام في قصعة لها إلى رسول الله، فجاءت عائشة مؤتزرة بكساء ومعها فهر(۱۸)، ففلقت به القصعة “(۱۹)، ولها حوادث مشابهة مع حفصة(۲۰) وصفية(۲۱).
وذكر البخاري في صحيحه عن عائشة نفسها قالت: ” كان رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)يشرب عسلا عند زينب بنت جحش ويمكث عندها، فتواطأت أنا وحفصة على أيّتنا دخل عليها فلتقل له: أكلت مغافير؟ إنّي أجد منك ريح مغافير! قال: لا، ولكن أشرب عسلا عند زينب بنت جحش “(۲۲).
فإذا كان الإنسان رهين إحاسيسه وعواطفه، فهل يعقل أن يؤخذ عنه شطراً من الدين؟!.
قولها في مسجد النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم):
قد ذكر البخاري في صحيحة عن عائشة: ” لقد دعاني رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) يوماً على باب حجرتي، والحبشة يلعبون في المسجد، ورسول الله يسترني بردائه أنظر إلى لعبهم “(۲۳)!.
وأخرج مسلم في صحيحه عنها: ” جاء حبش يزفون(۲۴) في يوم عيد في المسجد، فدعاني النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) فوضعت رأسي على منكبه “(۲۵)!، وأحاديث أخرى بخصوص هذا المورد(۲۶).
ولا يخفى ما للمساجد من أهمية في الإسلام، حيث نصّ الشارع المقدّس على حرمة تنجيسها، وأعطاها مكانة مرموقة تتناسب مع دورها الحيوي والريادي في بناء الإنسان المسلم، وقد ورد عن رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)ما ينبيء عن عظيم إحترامه وتقديره لبيوت الله، حيث قال(صلى الله عليه وآله وسلم): ” جنبوا مساجدكم صبيانكم ومجانينكم وشراركم وبيعكم وخصوماتكم ورفع أصواتكم وإقامة حدودكم وسلّ سيوفكم “(۲۷) وغير ذلك.
ولمسجد النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) خصوصية، حيث أنّ قداسته وفضيلته وعظمته أشهر من أن تذكر.
فهل يعقل أن يسمح خاتم الرسل(صلى الله عليه وآله وسلم) بانتهاك حرمة مسجده؟! وهل يعقل أن يسمح النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) بهذا الفعل فيكون سنة من بعده؟!.
كل هذا يدعو للتآمل إمّا في من وردت عنه الرواية، أو في صاحبي الصحيحين الّذين أوردا هذا الكلام!.
عائشة وصلاة المسافر:
ورد عن عائشة: ” الصلاة أوّل ما فرضت ركعتين، فأقرت صلاة السفر، وأتمت صلاة الحضر “، قال الزهري: فقلت لعروة ما بال عائشة تتم؟! قال: تأولت ما تأول عثمان “(۲۸)!.
في حين أنّ كتاب الله يأمر بقصر الصلاة في حال السفر، وذلك في قوله تعالى: (وَإِذا ضَرَبْتُمْ فِي اْلأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنَّ الْكافِرِينَ كانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُبِيناً)(النساء: ۱۰۱)، فعلام هذا التأويل وقد كان رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) يقصر صلاته في حال السفر؟!.
فيا ترى هل نأخذ شطر ديننا عن امرأة تتم الصلاة في السفر؟!.
عائشة مع إمام زمانها:
ومن الأدلّة على وضع حديث ـ أخذ شطر الدين عنها ـ خروجها على إمام زمانها الذي أطبق المسلمون على مبايعته.
وعقيدة العامة عدم جوّاز الخروج على الإمام وإن كان فاسقاً، فكيف بخروجها على سيّد الوصيّين وأمير المؤمنين! وقد قال رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) فيه وأهل بيته (عليهم السلام) : ” أنا حرب لمن حاربكم، وسلم لمن سالمكم “(۲۹).
وكان نتيجة خروجها حدوث فتنه عمياء وقعت فيها حرب طاحنة سفك فيها دماء الآلاف من أهل القبلة، فريق باغون على إمامهم ناكثون لبيعته يدّعون دعوى باطلة، وفريق يصدّهم عن الغي ويدعوهم إلى الهدى.
والكتاب الذي وجهه الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) إلى طلحة والزبير وعائشة يثبت ذلك، حيث يقول فيه: ” وأنت يا عائشة فإنّك خرجت من بيتك عاصية لله ولرسوله تطلبين أمراً كان عنك موضوعاً، ثمّ تزعمين أنّك تريدين الإصلاح بين المسلمين، فخبريني: ما للنساء وقود الجيوش والبروز للرجال والوقوع بين أهل القبلة وسفك الدماء المحرمة؟!
ثم إنّك طلبت على زعمك دم عثمان، وما أنت وذاك؟ عثمان رجل من بني أمية وأنت من تيم، ثمّ بالأمس تقولين في ملأ من أصحاب رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم): اقتلوا نعثلا قتله الله فقد كفر! ثم تطلبين اليوم بدمه؟ فاتقي الله وأرجعي إلى بيتك، وأسبلي عليك سترك، والسلام “(۳۰).
كما قد حذّر النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) من هذه الفتنة، وأشار إلى مكمنها! فأورد البخاري عن عبد الله: ” قام النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) خطيباً فأشار نحو مسكن عائشة فقال: ههنا الفتنة ثلاثاً من حيث يطلع قرن الشيطان “(۳۱)!.
وأورد مسلم عن ابن عمر: ” خرج رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) من بيت عائشة فقال: رأس الكفر من ههنا من حيث يطلع قرن الشيطان “(۳۲)!.
فهذه الأحاديث تفنّد وتهدّ كلّ أساس يقوم عليه حديث ” خذوا شطر دينكم عن الحميراء “! لأنّ النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) قال عنها: ” رأس الكفر ” وكفى بها من عبارة…
هذا إضافة إلى شواهد عديدة لأقوال علماء أهل السنّة الدالّة على عدم صدق الحديث، كقول الزهري حول علم عائشة: “ليست عائشة أعلم عندنا من ابن عباس “(۳۳).
هذا ولو سلّم بصحة الحديث ودلالته لوجب على أهل العامة أن يكفّروا عثمان ويجردوه من ألقابه ” ذي النورين، والشهيد، والخليفة المظلوم و… ” التي منحوها إيّاه! لأنّ زوجة النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) التي أمر الرسول بأخذ شطر الدين عنها على قولهم، قالت: ” أقتلوا نعثلا، قتل الله نعثلا فقد كفر “(۳۴)!.
والجدير ذكره أنّ أوّل من سمّى عثمان بهذا الإسم عائشة(۳۵)!! حتى عاب عليها جمع من المسلمين ذلك عندما أدّعت طلب ثاره من الإمام عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) ، كان منهم:
۱ ـ عمّار بن ياسر، الذي قال لها حينما رآها تبكي على عثمان: ” أنت بالأمس تحرضين عليه، ثمّ أنت اليوم تبكينه “(۳۶)!.
۲ ـ الأحنف بن قيس، عندما قال لها في البصرة قبل حرب الجمل: ” يا أمّ المؤمنين ما كبرت السن ولا طال العهد، وأنّ عهدي بك عام أوّل تقولين فيه وتنالين منه “(۳۷)!.
۳ ـ أمّ سلمة زوج النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم)، عندما خادعتها عائشة لتخرجها معها ضدّ الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) ، فقالت لها: ” إنّك كنت بالأمس تحرضين على عثمان وتقولين فيه أخبث القول، وما كان إسمه عندك إلاّ نعثلا “(۳۸)!.
۴ ـ عبيد بن أبي سلمة، الذي قال لها عندما لاقاها قرب المدينة: ” إنّ أوّل من طعن عليه وأطمع الناس فيه لأنت، ولقد قلت: اقتلوا نعثلاً فقد كفر (فجر)… “(۳۹)!.
وقال البلاذري: ” لمّا اشتدّ الأمر على عثمان، أمر مروان بن الحكم وعبد الرحمن بن عتاب بن أسيد، فأتيا عائشة وهي تريد الحجّ، فقالا لها: لو أقمت فلعل الله يدفع بك عن هذا الرجل.
فقالت: قد قرّبت ركابي وأوجبت الحجّ على نفسي، ووالله لا أفعل، فنهض مروان وصاحبه، ومروان يقول:
وحرّق قيس عليّ البلادَ ***** حتى إذا أضطرمت أجذما
فقالت عائشة: يا مروان وددت والله أنّه في غرارة(۴۰) من غرائري هذه وأنّي طوّقت حمله حتى ألقيه في البحر “(۴۱)!.
ولقد ألّبت عائشة الوضع على عثمان وخذلت عنه الناس وحطّت من قدره، ولم تعدل عن تلك النظرية حتى بعد مقتله، لأنّها كانت تعتقد أنّ الأمر سيؤول إلى ابن عمها طلحة! حتى قالت بعد أن وصلها نبأ مقتل عثمان: ” بعداً لنعثل وسحقاً، إيه ذا الأصبع! إيه أبا شبل! إيه يابن عم! لكأني أنظر إلى اصبعه وهو يبايع له “(۴۲).
انقشاع سحب الظلام:
يقول الأخ محمّد بيلو: ” جعلتني هذه الحقائق مضطرباً معرضاً عن كلّ معتقداتي السابقة! وللخروج من هذا المأزق عكفت على كتب المناظرات لعلّي أجد فيها مخرجاً، ولم أكن بذاك المستوى القادر على الصمود أمام النقد والتحليل، حتى أنّ شاركني في توجهي هذا مجموعة من الأصدقاء الذين كانت لهم نفس المعاناة.
وخلال هذه الفترة سمعت أنا وأصدقائي بوجود عالم شيعي يقول عنه أهل المنطقة: أنّه ترك الدين، ومرق عن الإسلام، وإلتزم الكفر!، فقرّرنا الذهاب إليه واسمه ـ “الشيخ محمّد حبيب سو” ـ لنرى ما يحمل من أفكار.
والتقينا به فكان على نقيض ما رُمي به وشُنّع عليه، فكان رجلا خلوقاً محيطاً بالدين عالماً فاضلا… وبدأنا نطرح مالدينا عليه، فتأمّل في كلامنا ثم دعانا لعدم التسرع في إتخاذ القرار، وأبدى استعداده التام للتعاون معنا في هذا المجال، ثمّ أخذ يجيب على الشبهات العالقة في أذهاننا ـ وفق مذهبه ـ ويدعم إجاباته بما هو مدون في مصادر العامة، ويرشدنا لذلك ـ كي نطمئن ـ وأخذ يتابع بحوثنا والنتائج التي نتوصل إليها.
وبعد فترة بدأ يلقي على مسامعنا دروساً في العقائد الشيعيّة حتى أتمّ برنامجه معنا، ثمّ خيّرنا بعد ذلك في إتخاذ القرار.
فوجدنا أنّ سحب الشبهات قد انقشعت، وغيوم الجهل قد تبدّدت، حيث انكشف لنا ما خفي من التاريخ، وعرفنا أنّ هناك طائفة مظلومة رغم أحقيتها ومتانة أُسسها، فانشددنا أكثر وقرّرنا سلوك نهجها، وركبنا سفينة النجاة واهتدينا بهدي الأئمة من آل البيت (عليهم السلام) وتولي آخرهم كما تولينا أوّلهم، وكان استبصاري بحمد الله في العاصمة الغينيّة ” كوناكري ” عام ۱۹۹۱م “.
(۱) هذه المقولة وردت في أحاديث متعددة نسبت للنبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) وفي موارد مختلفة، وقد تشبث بها المتخلفين عن القتال بين عليّ (عليه السلام) ومناوئيه كسعد بن أبي وقاص وعبد الله بن عمر ومحمد بن مسلمة وغيرهم، وقد غفلوا عن النصوص الواردة على وجوب نصرة المظلوم والدفاع عن الحقّ وقتال الباغين.
(۲) ذكره عبد العزيز الدهلوي في التحفة: ۴۴۰، وقال حديث صحيح، وابن الأثير في النهاية: مادة (حمر)، وابن كثير في البداية والنهاية: ۳ / ۱۰۴، والآمدي في الأحكام: ۱ / ۳۰۸، وغيرهم.
(۳) أنظر: كشف الخفاء للعجلوني: ۱ / ۳۳۲ (۱۱۹۶)، وقد نقل كلام المزي، التقرير والتحبير في شرح التحرير: ۳ / ۹۹، الدرر المنتثرة للسيوطي: ۷۹٫
(۴) أنظر: كشف الخفاء للعجلوني: ۱ / ۳۳۲ (۱۱۹۶).
(۵) أنظر: المنار المنيف لابن قيم الجوزية: ۵۹ ـ ۶۱ (۹۱).
(۶) أنظر: الدرر المنتثرة في الأحاديث المشتهرة للسيوطي: ۷۷٫
(۷) أنظر: تحفة الأحوذي للمباركفوري: ۱۰ / ۲۵۹ (۴۱۳۴)، كشف الخفاء للعجلوني: / ۳۳۲ (۱۱۹۶).
(۸) أنظر: الدرر المنتثرة للسيوطي: ۷۷٫
(۹) تذكرة الموضوعات: ۱۰۰٫
(۱۰) المصنوع: ۱ / ۹۸ (۱۲۱).
(۱۱) وللمزيد أنظر كتاب نفحات الأزهار للميلاني، حيث أحصى أسماء الذين وضّعوا وضعّفوا هذا الحديث: ۲ / ۳۵۵ ـ ۳۶۴٫
(۱۲) أنظر: مسند أبى يعلى: ۸ / ۱۲۹ (۴۶۷۰)، مجمع الزوائد للهيثمي: ۴ / ۳۲۲، أحياء علوم الدين للغزّالي، كتاب النكاح: ۲ / ۶۵، وغيرها.
(۱۳) سودة بنت زمعة بن قيس بن عبد شمس، من بني لؤي، تزوجها رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)في مكة بعد وفاة خديجة، كانت من قبل زوجة السكران بن عمرو بن عبد شمس الذي توفى بعد رجوعه من هجرة الحبشة.
(۱۴) الإجابة: ۲۷٫
(۱۵) أنظر: سنن الترمذي: ۴ / ۲۷۵ (۲۵۰۲)، سنن أبي داود: ۴ / ۲۹۱ (۴۸۷۵)، مسند أحمد: ۶ / ۱۸۹ (۲۵۶۰۱)، وغيرهم.
(۱۶) الشرح في الرواية ذكره الزركشي في كتابه الإجابة: ۷۵٫
(۱۷) أنظر: سنن ابن ماجة، كتاب النكاح: ۱ / ۶۲۰ (۱۹۸۰).
(۱۸) الفهر: الحجر ملء الكف، أو الحجر مطلقاً.
(۱۹) سنن النسائي: ۵ / ۲۸۵ (۸۹۰۴).
(۲۰) أنظر: مسند أحمد: ۶ / ۱۱۱٫
(۲۱) أنظر: مسند أحمد: ۱۴۴ و ۲۷۷۶، سنن النسائي: ۵ / ۲۸۶ (۸۹۰۵).
(۲۲) صحيح البخاري: ۴ / ۱۸۶۵ (۴۶۲۸).
(۲۳) صحيح البخاري، كتاب المساجد: ۱ / ۱۷۳ (۴۴۳).
(۲۴) معنى الزفن: الرقص.
(۲۵) صحيح مسلم: ۲ / ۶۰۹ (۸۹۲).
(۲۶) أنظر: صحيح البخاري: باب في العيدين، باب الحراب والدرق، وكذا كتاب الجهاد، باب الدرق، وصحيح مسلم: كتاب صلاة العيدين، باب الرخصة في اللعب الذي لا معصية فيه.
(۲۷) أنظر: سنن ابن ماجة: ۱ / ۲۴۳ (۷۵۰).
(۲۸) أنظر: صحيح البخاري، كتاب تقصير الصلاة: ۱ / ۳۶۹ (۱۰۴۰).
(۲۹) أخرجه أحمد بن حنبل في مسنده: ۲ / ۴۴۲ (۹۶۹۶)، الحاكم النيسابوري في المستدرك: ۳ / ۱۶۱ (۴۷۱۳)، الطبراني في المعجم الكبير: ۳ / ۴۰ (۲۶۱۹)، الترمذي في سننه: ۵ / ۱۷۴ (۳۸۷۰)، ابن ماجة في سننه: ۱ / ۵۲ (۱۲)، ابن حبان في صحيحه: ۱۵ / ۴۳۴ (۶۹۷۷).
(۳۰) أنظر: تذكرة الخواص لابن الجوزي: ۷۱، المناقب للخوارزمي: ۱۸۴، الإمامة والسياسة لابن قتيبة: ۱ / ۹۰٫
(۳۱) أنظر: صحيح البخاري، باب ما جاء في بيوت ازواج النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم): ۳ / ۱۱۳۰ (۲۹۳۷).
(۳۲) أنظر: صحيح مسلم: ۴ / ۲۲۲۹ (۲۹۰۵).
(۳۳) أنظر: ضوء الساري لشهاب الدين: ۱۸۳، نقلاً عن تفسير عبد الرزاق، عيون الأثر لابن سيّد الناس: ۱ / ۱۹۵٫
(۳۴) أنظر: تاريخ الطبري: ۴ / ۴۵۹، النهاية لابن الأثير: ۴، كلمة (نعثل). شرح النهج لابن أبي الحديد: ۶ / ۲۵۱، الإمامة والسياسة لابن قتيبة: ۱ / ۷۲، الفتوح لابن أعثم: ۱ / ۴۱۹٫
(۳۵) ونعثل: رجل يهودي كان بالمدينة. وقيل شبه به عثمان لانه كان طويل وكثير شعر اللحية.
(۳۶) أنظر: الغدير للأميني: ۹ / ۱۲۵٫
(۳۷) أنظر: الإستيعاب لابن عبد البر: ۲ / ۷۱۶ (۱۲۰۹).
(۳۸) أنظر: شرح النهج لابن ابي الحديد: ۶ / ۲۱۷٫
(۳۹) أنظر: الإمامة السياسة لابن قتيبة: ۱ / ۷۲، الفتوح لابن عثم: ۱ / ۴۱۹٫
(۴۰) الغرارة: بكسر الغين من الجوالق، وهو وعاء معروف عند العرب.
(۴۱) أنساب الأشراف: ۶ / ۱۹۳٫
(۴۲) أنظر: شرح النهج لابن أبي الحديد: ۶ / ۲۱۵، أنساب الأشراف للبلاذري: ۶ / ۲۱۳٫
المصدر: مركز الأبحاث العقائدية