- الإسلام
- القرآن
- النبي وأهل بيته
- الشيعة
- الأسرة
- أسئلة وأجوبة
- الدعاء وشروط استجابته
- وقت المطالعة : 3 دقیقة
- بواسطة : امین نجف
- 0 تعليق
بسم الله والحمد لله كما هو أهله ومستحقه والصلاة والسلام على سيد الأنبياء والمرسلين أبي القاسم محمد المصطفى الأمين وعلى آله الطاهرين لاسيما بقية الله في الأرضين. السلام عليكم أحبتي وإخوتي ورحمة الله وبركاته.
أما بعد: فقد وعدنا الأعزاء بإكمال الحديث وإجابة السؤال فإنه ذكرنا أن أكثر مشاكلنا إنما هي نتيجة ذنوبنا، فماذا نفعل؟ في الشهر الماضي تحدثت لكم عن أثر الذنب في حياة الإنسان، فإنه ما من مشكلة ومن مرض ومصيبة إلا وفي باطن الأمر ذنب يرتكبه الإنسان وإن كان في ظاهر الأمر لكل مشكلة أسبابها الظاهرية فإن المرض له أسبابه الظاهرية ولكن يا ترى هذه الأسباب الظاهرية من أين تتكون؛ لأنّ السبب هو أيضاً معلول لسبب آخر، فإن الدنيا دار العلل والمعاليل، ولكل معلول علّة إلى أن ينتهي الأمر إلى علّة العلل وهو الله سبحانه، فهو خالق العلل والمعاليل، وكما تعلمون إن لكل ظاهر باطن كما لكل باطن ظاهر؛ لأنهما من المتضايفين كالأب والإبن . وإنما يقال ظاهر لكونه له باطن، ويقال باطن لكونه له ظاهر، فمشاكل الحياة ظاهرها أسباب ظاهرية إلا أن من ورائها أسباب باطنية ومن أهمها الذنوب والمعاصي والقبائح والفواحش ما ظهر منها وما بطن.
فبعد أن عرفنا أن المشاكل من الذنب فما الحيلة بعد أن أذنبنا؟ لا شكّ أنّ الوقاية خير من العلاج، فلابد أن نترك الذنب أولاً: ليكون سبباً لحل المشكلة التي نحن فيها، ولكي لا نبتلى بمشكلة أخرى. وثانياً: لابد من الندم والتوبة والرجوع إلى الله سبحانه، وتبديل الذنب بالطاعة. وثالثاً: الاستغفار الكثير فتعطروا بالاستغفار لا تفضحنكم روائح الذنوب. فتعال معي واقرأ وفكر واعمل بهذا الحديث الشريف: في كتاب المواعظ العدديةص ۱۶۰ قال رسول الله(ص): (من أكثر من الاستغفار جعل الله له من كل همّ وغمّ فرجاً، ومن كل ضيق مخرجاً، ومن كل خوف أمناً، ورزقه من حيث لا يحتسب).
بيان الحديث النبوي الشريف إجمالاً: (من أكثر الاستغفار) وهذا يعني قاعدة عامة وكلية أنه كل من يستغفر كثيراً، والكثير في القرآن الكريم ما زاد على ثلاث وثمانين مرة، كمن يستغفر مأة مرة كل يوم وكان رسول الله(ص) يستغفر من كل مجلس يقوم منه خمسة وعشرين مرة، ولنا في رسول الله أسوة حسنة وإذا كان أشرف خلق الله يستغفر ربه وهو الطاهر المطهر المعصوم الذي لا ينطق عن الهوى، فما بالنا نحن أيها المسلمون يا أمة محمد(ص)؟!
ثم نتيجة هذا الاستغفار الكثير
أولاً: جعل الله بجعل تكويني وتقديري بأن يحل مشاكله ويرفع عنه البلايا والمصائب التي كانت من وراء الذنوب والمعاصي، فيجعل له من كل همّ وغم ـ والهم للمستقبل المجهول، والغم للماضي المحزون ـ فرجاً، فيكون من بعد الشدة الفرج.
وثانياً: يجعل له من كل ضيق في الأخلاق والأسرة والعيش والاقتصاد وكل مجالات الحياة مخرجاً، فلا يكون الطريق أمامه مسدوداً، بل يجد حلاً لمشاكله، ومثل هذا الاستغفار من التقوى (ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب).
وثالثاً: يجعل له من كل خوف أمناً فيكون في أمان الله وأمنه وحصنه الحصين، ونعمتان مجهولتان الصحة والأمان، فمن يستغفر الله يحصل على نعمة الأمان، فيأمن من الأخطار والمهالك كالموت بالمتفجرات كما في عراقنا الحبيب في عصرنا هذا.
ورابعاً: ويرزقه من فضل رحمته ورزقه الموعود من حيث لا يحتسب ولم يتصوره فضلاً عن رزقه المقسوم اليومي والاسبوعي والراتب الشهري، بل يأتيه رزق مادي أو رزق معنوي كحج بيت الله الحرام والزيارات والأخلاق الحسنة والأعمال الصالحة والعلم والمعرفة من حيث لا يدري ولا يحتسب، أي لم يكن بحسبانه وفكره، فكل هذه الآثار الدنيوية تترتب على الاستغفار والتوبة فضلاً عن الأجر والثواب في الآخرة.فهل تغفل عن كثرة الاستغفار بعد هذا؟ وعندي صلاة مجربة في سعة الرزق وهي صلاة الاستغفار وسعة الرزق عن رسول الله(ص)أذكرها لك في الشهر القادم إنشاء الله.
ولكن لترسيخ الفكرة والعقيدة لا بأس أن نذكر جملة من الفوائد والعوائد الدنيوية والأخروية التي تترتب على التوبة والاستغفار، قال سبحانه وتعالى: (ومن يعمل سوءاً أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفوراً رحيماً) النساء: ۱۱ قال رسول الله(ص): (خير الدعاء الاستغفار) (طوبى لمن وجد في صحيفته استغفار كثير).
قال أمير المؤمنين علي(ع): (طوبى لمن وجد في صحيفة عمله يوم القيامة تحت كل ذنب استغفر الله)، وقال(ع): لم أعص الله ولكن لو عصيت لصليت بعد كل معصية ركعتين، فإن الحسنات يذهبن السيئات).
قال رسول الله(ص): (قال إبليس لله سبحانه: وعزتك لا أبرح أغوي عبادك ما دامت أرواحهم في أجسادهم. فقال الله سبحانه: وعزتي وجلالي لا أزال أغفر لهم ما استغفروني). قال(ص): (ألا أدلكم على دائكم ودوائكم؟ ألا إن دائكم الذنوب ودوائكم الاستغفار) إن الاستغفار من الأمان الباقي في الأرض، قال تعالى: (ما كان ليعذبهم الله وأنت فيهم وما كان معذبهم وهم يستغفرون).
فإذا مضى رسول الله(ص) فإن الله ترك فينا رحمة بنا الاستغفار إلى يوم القيامة، والاستغفار يزيد في الرزق، قال تعالى: (وان استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يمتعكم متاعاً حسناً إلى أجل مسمى ويؤت كل ذي فضل فضله) (ويا قوم استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يرسل السماء عليكم مدراراً ويزدكم قوة إلى قوتكم ولا تكونوا مجرمين).
قال أمير المؤمنين (الاستغفار يزيد الرزق).
وشكى أعرابي إلى أمير المؤمنين علي(ع) شدةً لحقته، وضيقاً في المال وكثرة العيال فقال له: عليك بالاستغفار، فإن الله عز وجل يقول: (استغفروا ربكم إنه كان غفاراً). فعاد إليه فقال: يا أمير المؤمنين إني قد استغفرت الله كثيراً وما أرى فرجاً أنا فيه؟! فقال(ع): لعلك لا تحسن أن تستغفر. قال: علمني.
قال: أخلص نيتك، وأطع ربك وقل: (اللهم إني استغفرك من كل ذنب قويَ عليه بدني بعافيتك، صل على خيرتك من خلقك محمد النبي وآله الطيبين الطاهرين وفرج عني …).
قال الأعرابي: فاستغفرت بذلك مراراً فكشف الله عني الغم والضيق ووسع علي في الرزق وأزال المحنة. هذا غيض من فيض في الاستغفار وآثاره المباركة.