- الإسلام
- القرآن
- النبي وأهل بيته
- الشيعة
- الأسرة
- أسئلة وأجوبة
- الدعاء وشروط استجابته
- وقت المطالعة : 6 دقیقة
- بواسطة : امین نجف
- 0 تعليق
عقيدة الأشاعرة حول قدم كلام الله تعالى :
يعتقد الأشاعرة بوجود:
1 ـ كلام لفظي
2 ـ كلام نفسي
والكلام النفسي، هو الكلام الحقيقي.
وأمّا الكلام اللفظي فلا يعدّ كلاماً حقيقة، وإنّما هو وسيلة للإشارة إلى الكلام النفسي.
وكلام الله النفسي كلام قديم وقائم بذات الله(1).
أدلة الأشاعرة على إثبات قدم كلام الله (الأدلة العقيلة)
الدليل الأوّل : كلامه تعالى صفة لله.
وكلّ ما هو صفة لله فهو قديم.
فنستنتج بأنّ كلامه تعالى قديم(2).
يرد عليه : ليس كلّ ما هو صفة لله فهو قديم.
بل صفات الله تنقسم إلى قسمين: ذاتية وفعلية.
والصفات الفعلية ليست قديمة، و “الكلام” من صفات الله الفعلية.
فلهذا نستنتج بأنّ كلام الله غير قديم، بل حادث.
الدليل الثاني : يجب اتّصاف الحي بصفة الكلام، وإلاّ اتّصف بضدّها.
وضدّ الكلام هو الخرس والسكوت، وهما نقص.
والنقص على الله محال، فيلزم ثبوت أنّه تعالى لم يزل متكلّماً(3).
يرد عليه : الهدف من الكلام إفادة الآخرين، ولا معنى للكلام من دون وجود مخاطب، والنقص على الله أن نقول بأنّه يتكلّم ولا يوجد مخاطب!
والاتّصاف بالسكوت والخرس من مختصّات من يحتاج في كلامه إلى آلة، ولكنّ الله منزّه في كلامه عن هذه الأدوات، بل كلامه نوع من أنواع أفعاله(4).
أدلة الأشاعرة على إثبات قدم كلام الله (الأدلة القرآنية) :
الدليل الأوّل :
قال تعالى: { إنّما قولنا لشيء إذا أردناه أن نقول له كن فيكون } [ النحل: 40 ]
فلو كان القرآن (وهو كلام الله) مُحدثاً، لوجب أن يكون هذا القرآن مخاطباً بلفظة “كن” ولو كان الله قائلاً لكلامه “كن” لكان قبل كلّ كلامه كلام.
وهذا يوجب أحد أمرين:
أوّلاً: أن يقع كلّ كلام بكلام آخر إلى ما لا نهاية.
فيستلزم هذا الأمر التسلسل، وهو باطل.
ثانياً: أن يقع كلّ كلام بكلام آخر إلى أن نصل إلى كلمة قديمة.
فيثبت أن كلام الله تعالى قديم(5).
يرد عليه : ليس المقصود من “القول” ـ في هذا المقام ـ المخاطبة اللفظية بكلمة “كن”، ليصح التقسيم المذكور في الدليل أعلاه; لأنّه لا معنى لتوجيه القول والخطاب للمعدوم.
وإنّما المقصود من “القول” هنا هو: الأمر التكويني المعبّر عن تعلّق الإرادة القطعية بإيجاد الشيء(6).
وتستهدف هذه الآية بيان:
أوّلاً: إذا أراد الله شيئاً، فسيتحقّق هذا الشيء مباشرة من دون امتناع.
ثانياً: لا يحتاج الله في إيجاده لشيء إلى سبب يوجد له ما أراده أو يساعده في إيجاده أو يدفع عنه مانعاً(7).
ولهذا قال الإمام علي(عليه السلام): “يقول [ تعالى ] لما أراد كونه “كن” فيكون، لا بصوت يقرع، ولا بنداء يسمع، وإنّما كلامه سبحانه فعل منه، أنشأه ومثّله، لم يكن من قبل ذلك كائناً…”(8).
الدليل الثاني للأشاعرة على قدم كلام الله :
قال تعالى: { ألا له الخلق والأمر تبارك الله رب العالمين } [ الأعراف: 54 ]
كلمة “الخلق” في هذه الآية تشمل جميع ما خلق الله، وكلمة “الأمر” في هذه الآية تدل على وجود شيء غير ما خلق الله، فيثبت بذلك وجود شيء ـ وهو أمر الله ـ غير مخلوق وغير حادث. وأمر الله هو كلامه.
فيثبت بأنّ كلام الله غير حادث، أي: قديم(9).
يرد عليه :
أوّلاً: ليس “الأمر” في هذه الآية بمعنى “كلام الله”
بل “الأمر” في هذه الآية بمعنى التصرّف والتدبير للنظام المهيمن على العالم.
ففي قوله تعالى: { له الخلق والأمر } [ الأعراف: 54 ]: “الخلق” بمعنى إيجاد ذوات أشياء العالم.
و “الأمر” بمعنى التصرّف في هذا الخلق، وتدبير النظام الحاكم على أشياء العالم(10).
قرائن تفسير “الأمر” بمعنى تدبير النظام:
قال تعالى في نفس هذه الآية: { والنجوم مسخّرات بأمره ألا له الخلق والأمر } [ الأعراف: 54 ]
أي: والنجوم مسخّرات بتصرّفه تعالى وتدبيره.
ومن القرائن الأخرى الدالة على أنّ كلمة “الأمر” الواردة بعد كلمة “الخلق” تعني “تدبير الأمر” هو أنّ عبارة “تدبير الأمر” وردت بعد كلمة “الخلق” أو معنى “الخلق” في الآيتين التاليتين:
1- قوله تعالى: { إنّ ربكم الله الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثمّ استوى على العرش يدبّر الأمر } [ يونس: 3]
2- قوله تعالى: { الله الذي رفع السماوات بغير عمد ترونها ثم استوى على العرش وسخّر الشمس والقمر كلّ يجرى لأجل مسمّى يدبّر الأمر… } [ الرعد: 2]
الهدف من ذكر “الأمر” بعد “الخلق”:
يستهدف قوله تعالى: { ألا له الخلق والأمر } [ الأعراف: 54 ] بيان أنّه تعالى بعد خلقه للعالم لم يترك تفويض تدبير نظامه لغيره، بل كما يقوم الله بخلق هذا العالم، فإنّه أيضاً يتولّى أمر تدبير نظامه والتصرّف في شؤونه.
وليس في هذه الآية أدنى إشارة أو قرينة على أنّ المقصود من الأمر هو الكلام الإلهي.
ثانياً: لو سلّمنا بأنّ “الأمر” يعني “كلام الله”، فإنّ إفراده عن الخلق لا يعني أنّه غير مخلوق، بل يفيد هذا الإفراد تعظيم شأنه فحسب.
مثال ذلك: قوله تعالى: { قل من كان عدواً لله وملائكته ورسله وجبريل وميكال… } [ البقرة: 98 ]
فإفراد ذكر جبريل وميكال من الملائكة لا يدل أنّهما خارجان عن دائرة
الملائكة، بل يفيد إفرادها تعظيم شأنهما فحسب(11).
أضف إلى ذلك: لو سلّمنا بأنّ “الأمر” يعني كلام الله، فقوله تعالى: { وكان أمر الله مفعولا } [ الأحزاب: 37 ] دالّ على حدوث كلام الله; لأنّ المفعول من صفات المُحدث(12).
الدليل الثالث للأشاعرة على قدم كلام الله :
قال تعالى: { قل لو كان البحر مداداً لكلمات ربّي لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربّي ولو جئنا بمثله مدداً } [ الكهف: 109 ]
فلمّا لم يجز أن تنفد كلمات الله صح أنّه لم يزل متكلّماً(13).
يرد عليه : بيان نفاد البحر قبل نفاد كلمات الله لا يعني أزلية هذه الكلمات، بل غاية ما تدلّ هذه الآية: أنّ سعة كلمات الله أعظم من سعة البحر لو كان مداداً لكتابة هذه الكلمات.
والآية في الواقع بصدد بيان عظمة مقدورات وحكمة وعجائب الله تعالى(14).
الدليل الرابع للأشاعرة على قدم كلام الله :
قال تعالى: { إن هذا إلاّ قول البشر } [ المدثر: 25 ]
قال أبو الحسن الأشعري: “فمن زعم أنّ القرآن مخلوق فقد جعله قولاً للبشر، وهذا ما أنكره الله على المشركين”(15).
يرد عليه :
1- ما أنكره الله على المشركين أنّهم قالوا بأنّ هذا القرآن ليس من عند الله، بل هو مما جاء به النبي محمّد(صلى الله عليه وآله) من نفسه، فجاءت هذه الآية على مقولتهم هذه.
2- ورد في الإشكال بأنّ من يعتقد بأنّ القرآن مخلوق ـ أي: مُحدث ـ فقد جعله قولاً للبشر، ولكن الذي يعتقد بأنّ القرآن مخلوق، فإنّه لا يجعله قولاً مخلوقاً للبشر، بل يجعله قولاً مخلوقاً لله تعالى.
تنبيه : يصح اعتبار صفة “التكلّم” لله صفة قديمة بمعنيين:
1 ـ قدرته تعالى على إيجاد الأصوات والحروف لمخاطبة الآخرين.
2 ـ علمه تعالى بما سيوجد من الأصوات والحروف لمخاطبة الآخرين.
وأمّا إذا اعتبرنا “التكلّم” بمعنى خلقه تعالى للأصوات والحروف، فستكون هذه الصفة لله حادثة، وتكون من صفات الله الفعلية كالخالقية والرازقية.
المبحث السادس: صدق كلام الله تعالى
الكلام المتّصف بالصدق هو الكلام المطابق للواقع.
وضدّه الكلام المتّصف بالكذب وهو الكلام المخالف للواقع(16).
دليل وصفه تعالى بالصدق: الكذب قبيح، والله تعالى منزّه عن ذلك.
ومن أسباب قبح الكذب أنّه يؤدّي إلى رفع الوثوق بإخبار الله وعدم الصدق بوعده ووعيده، فينتفي بذلك فائدة التكليف، ويترتّب على ذلك الكثير من المفاسد(17).
الآيات القرآنية المشيرة إلى صدق كلام الله :
1 ـ { ومن أصدق من الله حديثاً } [ النساء: 87 ]
2 ـ { ومن أصدق من الله قيلاً } [ النساء: 122 ]
3 ـ { وآتيناك بالحق وانا لصادقون } [ الحجر: 64 ]
____________
1- انظر: المواقف، القاضي الايجي، بشرح الشريف الجرجاني: ج 3، الموقف الخامس، المرصد الرابع، المقصد السابع، ص 135، 142. شرح المقاصد، سعدالدين التفتازاني: ج 4، المقصد الخامس، الفصل الثالث، المبحث السادس، ص 144.
2- انظر: كتاب المواقف، القاضي الايجي، بشرح الشريف الجرجاني: ج 3، الموقف الخامس، المرصد الرابع، المقصد السابع، ص 133.
3- الإبانة عن أصول الديانة، أبو الحسن الأشعري: باب: الكلام في أنّ القرآن كلام الله غير مخلوق، ص32.
4- انظر: غنية النزوع، ابن زهرة الحلبي: ج 2، الكلام في كونه تعالى متكلّماً، ص 61.
5- انظر: الإبانة، أبو الحسن الأشعري: باب الكلام في أنّ القرآن كلام الله غير مخلوق، ص 31 ـ 32. و ص 37 .
6- للمزيد راجع : التبيان في تفسير القرآن، الشيخ الطوسي: تفسير آية 118 من سورة البقرة، ص 432 ـ 433.
7- انظر: غنية النزوع، ابن زهرة الحلبي: ج 2، الكلام في كونه تعالى متكلّماً، ص 63 ، المنقذ من التقليد، سديد الدين الحمصي: ج1 ، القول في كونه تعالى متكلّماً ص218.
8- نهج البلاغة، الشريف الرضي: خطبة 186، ص 368.
9- انظر: الإبانة عن أصول الديانة، أبو الحسن الأشعري: باب الكلام في أنّ القرآن كلام الله غير مخلوق، ص31.
10- انظر: التبيان في تفسير القرآن، الشيخ الطوسي: ج 4، تفسير آية 54، من سورة الأعراف، ص 423.
11- انظر: غنية النزوع، ابن زهرة الحلبي: ج 2، الفصل الخامس، الكلام في صفة التكلّم، ص 63 ـ 64.
12- التبيان في تفسير القرآن، الشيخ الطوسي: ج 8 ، تفسير آية 37 من سورة الأحزاب، ص 345.
13- انظر: الإبانة عن أصول الديانة، أبو الحسن الأشعري: باب الكلام في أنّ القرآن كلام الله غير مخلوق، ص 32 .
14- انظر: مجمع البيان، الشيخ الطبرسي: ج 6، تفسير آية 104 من سورة الكهف، ص 770.
15- الإبانة عن أصول الديانة، أبو الحسن الاشعري: باب الكلام في أنّ القرآن كلام الله غير مخلوق، ص 32.
16- انظر: المعجم الوسيط، مادة (صدق) و (كذب].
17- انظر: مناهج اليقين، العلاّمة الحلّي: المنهج الرابع، البحث الثاني عشر، ص 194.
إرشاد الطالبين، مقداد السيوري: مباحث التوحيد، كون خبره تعالى كلّه صدق، ص 221.
المصدر: التوحيد عند مذهب أهل البيت (عليهم السلام) / الشيخ علاء الحسون