- الإسلام
- القرآن
- النبي وأهل بيته
- الشيعة
- الأسرة
- أسئلة وأجوبة
- الدعاء وشروط استجابته
- وقت المطالعة : 4 دقیقة
- بواسطة : امین نجف
- 0 تعليق
السؤال:
ما رأيكم في ابن عباس
الجواب:
هناك رأيان في ابن عباس ، رأي عدّه من الثقات للروايات المادحة له ، وقدح بالروايات الذامّة له ، ورأي ثان عدّه من الضعفاء للروايات الذامّة له ، ولأجل معرفة سبب تضعيفه ، نورد بعض ما أُشكل عليه :
أوّلاً : أنّه نقل بيت المال من البصرة إلى الحجاز حينما كان والياً على البصرة ، وهذا دليل خيانته وعدم عدالته ، وخروجه على طاعة إمام زمانه .
وفيه : إنّ ما اشتهر عن نقله لبيت مال البصرة لم يثبت برواية صحيحة يطمئن إليها ، نعم كلّ من اعتمد على الخبر كان مدركه الشهرة وليس أكثر ، بل إنّ بعض علمائنا طعن في صحّة هذه الشهرة ، ونسب ما اشتهر في ذمّ ابن عباس إلى ما أشاعه معاوية من الطعن في أصحاب أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، وقد ذهب إلى ذلك السيّد الخوئي ( قدس سره ) في معجمه (۱) .
قال ابن أبي الحديد : « وقد اختلف الناس في المكتوب إليه هذا الكتاب ، فقال الأكثرون : إنّه عبد الله بن عباس ، ورووا في ذلك روايات ، واستدلّوا عليه بألفاظ من ألفاظ الكتاب ، كقوله ( عليه السلام ) : « أشركتك في أمانتي » … وقال الآخرون ـ وهم الأقلّون ـ : هذا لم يكن ، ولا فارق عبد الله بن عباس عليّاً ( عليه السلام ) ولا باينه ولا خالفه ، ولم يزل أميراً على البصرة إلى أن قتل علي ( عليه السلام ) .
قالوا : ويدلّ على ذلك ما رواه أبو الفرج علي بن الحسين الأصفهاني من كتابه الذي كتبه إلى معاوية من البصرة لمّا قتل علي ( عليه السلام ) ، وقد ذكرناه من قبل ، قالوا : وكيف يكون ذلك ؟ ولم يخدعه معاوية ويجرّه إلى جهته ، فقد علمتم كيف اختدع كثيراً من عمّال أمير المؤمنين ( عليه السلام ) … فما باله وقد علم النبوّة التي حدثت بينهما ، لم يستمل ابن عباس ، ولا اجتذبه إلى نفسه ، وكلّ من قرأ السير عرف التواريخ يعرف مشاقّة ابن عباس لمعاوية بعد وفاة علي ( عليه السلام ) وما كان يلقاه من قوارع الكلام وشديد الخصام ، وما كان يثني به على أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، ويذكر خصائصه وفضائله ، ويصدع به من مناقبه ومآثره ، فلو كان بينهما غبار أو كدر لما كان الأمر كذلك ، بل كانت الحال تكون بالضدّ لما اشتهر من أمرهما … .
وقد أُشكل عليّ أمر هذا الكتاب ، فإن أنا كذّبت النقل وقلت : هذا كلام موضوع على أمير المؤمنين ( عليه السلام ) خالفت الرواة ، فإنّهم قد أطبقوا على رواية هذا الكتاب عنه ، وقد ذكر في أكثر كتب السير .
وإن صرفته إلى عبد الله بن عباس صدّني عنه ما أعلمه من ملازمته لطاعة أمير المؤمنين ( عليه السلام ) في حياته وبعد وفاته ، وإن صرفته إلى غيره لم أعلم إلى من أصرفه » (۲) .
وقال العلاّمة التستري : « قاعدة عقلية : إذا تعارض العقل والنقل يقدّم العقل ، فإذا كان معلوماً ملازمته لطاعة أمير المؤمنين ( عليه السلام ) في حياته وبعد وفاته ، ولا استماله معاوية ـ مع انتهازه الفرصة في مثل ذلك ـ نقطع بأنّ النقل باطل ، وكيف يحتمل صحّة ذلك النقل مع أنّه طعن في معاوية بخيانة عمّاله ؟ فلو كان هو أيضاً خان لردّ عليه معاوية طعنه » (۳) .
على أنّا لو سلّمنا صحّة الحادثة ، فإنّ ذلك يمكن أن يكون من باب طروء الشبهة ، على كون استحقاقه بعض بيت المال اعتماداً على اجتهاده ، لقوله لابن الزبير ـ على فرض صحّة الرواية ـ : « وأمّا حملي المال ، فإنّه كان مالاً جبيناه ، وأعطينا كلّ ذي حقٍّ حقّه ، وبقيت بقية هي دون حقّنا في كتاب الله ، فأخذنا بحقّنا … » (۴) .
فقوله : « هي دون حقّنا في كتاب الله » مشعر بأنّ ابن عباس قد اعتمد في اجتهاده على آية في كتاب الله ، استظهر منها صحّة حمل ما بقي من بيت المال ، ولعلّه قد تاب بعد تنبيه أمير المؤمنين ( عليه السلام ) له .
ثانياً : إنّه ثبت صحّة قوله بإمامة أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، إلاّ أنّه لم يثبت بعد ذلك قوله بإمامة الحسن ، وإمامة الحسين ، وإمامة علي بن الحسين ( عليهما السلام ) وقد أدركهم ، وهذا طعن في إيمانه ، وصحّة اعتقاده .
وفيه : إنّ التسالم على قوله بإمامة أمير المؤمنين ( عليه السلام ) وأتباعه بلغ إجماع الفريقين ، فلا مجال للتشكيك فيه ، أمّا قوله بإمامة الحسن ( عليه السلام ) ، فإنّ الأربلي في « كشف الغمّة » نقل عن أبي مخنف ، بإسناده عن ابن إسحاق السبيعي وغيره قالوا :
« خطب الحسن بن علي ( عليهما السلام ) صبيحة الليلة التي قبض فيها أمير المؤمنين ( عليه السلام ) … ثمّ جلس ، فقام عبد الله بن عباس ما بين يديه فقال : معاشر الناس ، هذا ابن نبيّكم ، ووصيّ إمامكم فبايعوه .
ثمّ قال الراوي : فربت العمّال ، وأمّر الأمراء ، وأنفذ عبد الله بن عباس إلى البصرة ، ونظر في الأُمور … » (۵) .
وهذا دليل على قوله بإمامة الحسن ( عليه السلام ) ، وعلى هذا يترتّب قوله بإمامة الحسين ( عليه السلام ) ، وإمامة علي بن الحسين ( عليهما السلام ) لعدم وجود الدليل النافي على قوله بإمامتهما ، أي لم يصدر منهما ( عليهما السلام ) ذمّاً في حقّه ، إضافة إلى حسن سيرته ، واستقامته في عهديهما ، ولم يظهر منه ما يخالفهما ، ولو كانت هناك أدنى مخالفة للإمامين ( عليهما السلام ) لأظهره الرواة ، خصوصاً وقد كان معرضاً للطعن والذمّ من قبل أعداء أهل البيت ( عليهم السلام ) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(۱) معجم رجال الحديث ۱۱ / ۲۵۴ .
(۲) شرح نهج البلاغة ۱۶ / ۱۶۹ .
(۳) قاموس الرجال ۶ / ۴۲۶ .
(۴) شرح نهج البلاغة ۲۰ / ۱۳۰ .
(۵) كشف الغمّة ۲ / ۱۶۱ .
إعداد: مركز آل البيت العالمي للمعلومات / قم المقدسة