- الإسلام
- القرآن
- النبي وأهل بيته
- الشيعة
- الأسرة
- أسئلة وأجوبة
- الدعاء وشروط استجابته
- وقت المطالعة : 7 دقیقة
- بواسطة : امین نجف
- 0 تعليق
الجواب الإجمالي
ما يهتم به علم الكلام هو مقام الإمامة الظاهرية و الرئاسة الإجتماعية للإمام، أما ما جاء في القرآن و الروايات عن مقام الإمام فقد يربو على ذلك و يفوقه بحيث لو تحقّقت الرئاسة الإجتماعية تعتبر ظهوراً لبعض مقامات الإمام الإلهية.
كما أن نظرية الإنسان الكامل تعتبر من أهم البحوث في العرفان الإسلامي و لها تفاسير خاصة في هذا المضمار، و قد ورد التأكيد في مذهب الإمامية على مسألة الإمامة و الولاية التكوينية.
الجواب التفصيلي
1ـ الإمامة في اللغة
كلمة الإمام في اللغة مشتقة من “الأم” و كل شيء ضمّ إليه سائرٌ ما يليه أو ظهر منه أو استوحاه يسمى أمّا.[1] و الإمام في اللغة بمعنى القدوة الذي يُطاع.[2] و قد تطلق كلمة الإمام على الشخص أحياناً، و على الحقيقة التي هي محل الإقتداء و المركزية و الإمية (أي الأم و الأصل) إحيانا اخرى. و كل من كانت له حالة كهذه بالنسبة للآخرين يسمّى إماماً حتى لو كان إمام ضلال.
فالإمام يطلق كذلك على مركز و قطب عالم الوجود لأنه أصل و محل رجوع كل ما سوى الله سبحانه.
إذن كلمة الإمام التي هي من أصل الأم تعتبر أفضل كلمة تطلق على الإمام المعصوم، كما روي عن الإمام الصادق: “لو علم الله أن أسماً أفضل منه لسمّانا به”.[3]
2ـ الإمامة في علم الكلام
ما يدخل في علم الكلام و أصول العقائد هو مقام الإمامة الظاهرية و الرئاسة الإجتماعية للإمام، و أن الكثير من الناس لا يعرف من الإمامة إلّا الرئاسة و القيادة العامة للمجتمع في الأمور الدينية و الدنيوية.[4] لذلك فالإمام بهذه الرؤية هو الزعيم و القائد الذي يُقتدى به قولاً و فعلاً و عليه مسؤلية قيادة المجتمع. أما ما جاء في القرآن الكريم و روايات أهل البيت عن معنى الإمامة و مقام الإمام فهو يربو على ذلك و يفوقه بحيث لو تحقّقت الرئاسة الإجتماعية لكانت ظهوراً لبعض مقامات الإمام الإلهية فقط، و نحن نعلم من جهة أخرى أن أكثر أئمة الشيعة (ع) و بسبب ظروف مجتمعاتهم قد أُقصوا عن هذا المنصب الظاهري و الأكثر من ذلك قد نالوا الشهادة على يدي حكام الظلم و الجور مع أنهم أئمة.
بل إن النبي إبراهيم (ع) و على حدّ تعبير القرآن الكريم قد وصل إلى مقام الإمامة بعد الإمتحانات الكثيرة و بعد رؤية ملكوت السماوات و شهودها كذلك وصل إلى مقام إمام التوحيد و الموحدين لكنه مع ذلك لم يستلم الحكومة الظاهرية و لم يتصدى لها.
إذن قيادة المجتمع ليس إلا شأناً من شؤون الإمامة لا غير.
3ـ الإمامة في القرآن
نتناول فيما بعد الآيات التي تشير إلى مفهوم و معنى الإمامة و الإمام في القرآن حيث يمكن فهم الرؤية القرآنية في مجال مقام الإمامة من مجموع هذه الآيات:
1ـ مقام إمامة إبراهيم يفوق مقام نبوته:
“وَ إِذِ ابْتَلىَ إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكلَمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِني جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَ مِن ذُرِّيَّتيِ قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِين”.[5]
2- كل انسان يدعى يوم القيامة بإمامه: “يَوْمَ نَدْعُواْ كُلَّ أُنَاسِ بِإِمَامِهِمْ فَمَنْ أُوتيِ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُوْلَئكَ يَقْرَءُونَ كِتَابَهُمْ وَ لا يُظْلَمُونَ فَتِيلا”.[6]
3- الأئمة يهدون الناس بأمر الله: “وَ جَعَلْنَاهُمْ أَئمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَ أَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيرْاتِ وَ إِقَامَ الصَّلَوةِ وَ إِيتَاءَ الزَّكَوةِ وَ كاَنُواْ لَنَا عَبِدِين”.[7]
4- مقام الامامة مطلب جميع المؤمنين من الله تعالى: “وَ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَ ذُرِّيَّتِنَا قُرَّةَ أَعْينُ وَ اجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا”.[8]
5- يريد الله عزّ و جلّ أن يجعل المستضعفين في الأرض أئمة: “وَ نُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلىَ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُواْ في الْأَرْضِ وَ نجَعَلَهُمْ أَئمَّةً وَ نجَعَلَهُمُ الْوَارِثِين”.[9]
6- الوصول إلى مقام الإمامة يحتاج إلى صبر و يقين: “وَ جَعَلْنَا مِنهْمْ أَئمَّةً يهَدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبرَواْ وَ كَانُواْ بِايَاتِنَا يُوقِنُون”.[10]
7- إن الله يُحصي كل شيء في إمام مبين: “إِنَّا نحَنُ نُحْي الْمَوْتىَ وَ نَكْتُبُ مَا قَدَّمُواْ وَ ءَاثَرَهُمْ وَ كلَُّ شىَْءٍ أَحْصَيْنَاهُ في إِمَامٍ مُّبِين”.[11]
8- إطلاق الإمامة على الكتاب: “وَ مِن قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسىَ إِمَامًا وَ رَحْمَةً”.[12]
9- من الأئمة: أئمة كفر و أئمة جهنم: ” فَقَاتِلُواْ أَئمَّةَ الْكُفْر”[13] “وَ جَعَلْنَاهُمْ أَئمَّةً يَدْعُونَ إِلىَ النَّارِ وَ يَوْمَ الْقِيَمَةِ لا يُنصَرُون”.[14]
تجدر الإشارة هنا إلى أن مقام الإمامة في عقيدتنا و في روايات أهل البيت (ع) كما في المباحث العرفانية هو مقام إمامة الإنسان الكامل الذي هو أعلى من مقام النبوة.
4ـ الإمامة و مقام الإمام في روايات الشيعة
1ـ الأئمة شهداء الله على الناس:
“سئل الإمام الصادق عن قوله تعالى “صِبْغَةَ اللَّهِ وَ مَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً وَ نحَنُ لَهُ عَبِدُون”[15] قال: نزلت في أمة محمد (ص) خاصة في كلّ قرن منهم إمام منا شاهدٌ عليهم، و محمد (ص) شاهد علينا”.[16]
2ـ الأئمة هداة الناس:
عن أبي بصير قال: قلت لأبي عبد الله (ع): (إنّما أنت منذرٌ و لكل قومٍ هادٍ)؟ فقال: رسول الله (ص) المنذر و عليٌّ الهادي.
يا أبا محمد هل من هادٍ اليوم؟! قلت: بلى، جعلت فداك، ما زال منكم هادٍ بعد هادٍ حتّى دُفعتُ إليك. فقال: رَحِمكَ الله يا أبا محمد لو كانت إذا نزلت آيةٌ على رجلٍ ثم مات ذلك الرّجل ماتت الآية مات الكتاب، و لكنّه حيٌّ يجري فيمن بقي كما جرى فيمن مضى”.[17]
3ـ الأئمة خزان علم الله:
“قال أبو عبد الله (ع): إنّ الله عزّ و جلّ خلقنا فأحسن خلقنا و صوّرنا فأحسن صورنا، و جعلنا خزّانه في سمائه و أرضه، و لنا نطقت الشّجرة، و بعبادتنا عبد الله عزّ و جلّ، و لو لانا ما عبد الله”.[18]
4ـ الإمام خليفة الله و بابه في الأرض:
“وري عن أبي الحسن الرّضا (ع) أنه قال: الإئمة خلفاء الله عزّ و جلّ في أرضه”.[19] “و قال أبو عبد الله (ع): الأوصياء هم أبواب الله عزّ و جلّ التي يؤتى منها، و لولاهم ما عرف الله عزّ و جلّ و بهم احتجّ الله تبارك و تعالى على خلقه”.[20]
5ـ الإمام نور الله عزّ و جلّ:
“عن أَبِي خالدٍ الكابُليِّ قال: سألت أبا جعفر (ع) قول الله تعالى ـ فأمنوا بالله و رسوله و النّور الذي أنزلنا-؟ فقال: يا أبا خالد النّور و الله الإئمة (ع)، يا أبا خالد لنور الإمام في قلوب المؤمنين أنور من الشّمس المضيئة بالنّهار، و هم الذين ينوّرون قلوب المؤمنين و يحجب الله نورهم عمّن يشاء فتظلم قلوبهم و يغشاهم به”.[21]
6ـ الأئمة أركان الأرض:
“كان أمير المؤمنين (ع) باب الله الّذي لا يؤتى إلّا منه و سبيله الّذي من سلك بغيره هلك و كذلك يجري الأئمّة الهدى واحداً بعد واحدٍ جعلهم الله أركان الأرض أن تميد بأهلها و حجّته البالغة على من فوق الأرض و من تحت الثّرى. و كان أمير المؤمنين (ع) كثيراً ما يقول: أنا قسيم الله بين الجنّة و النّار، و أنا الفاروق الأكبر، و أنا صاحب العصا و الميسم، و لقد أقرّت لي جميع الملائكة و الرّوح و الرّسل بمثل ما أقرّوا به لمحمدٍ (ص) و لقد حملت على مثل حمولته و هي حمولة الرّب”.[22]
7ـ لا تخلو الأرض من حجة:
في كلام لامير المؤمنين (ع) يخاطب به كميلاً: “لا تخلو الأرض من قائم لله بحجّةٍ إمّا ظاهراً مشهوراً و إمّا خائفاً مغموراً لئلّا تبطل حُجَجَ الله و بيّناتُهُ، و كم ذا و أين أولئك؟ أولئك و الله الأقلّون عدداً و الأعظمون عند الله قدراً، يحفظ الله بهم حُجَجَه و بيّناته حتّى يودعوها نظراءهم، و يزرعوها في قلوب أشباههم، هجم بهم العلم على حقيقة البصيرة، و باشروا روح اليقين و استلانوا ما استوعره المترفون، و أنسوا بما استوحش منه الجاهلون، و صحبوا الدّنيا بأبدان أرواحها معلّقةٌ بالمحلّ الأعلى، أولئك خلفاءُ الله في أرضه، و الدّعاة إلى دينه، آه آه شوقاً إلى رؤيتهم أنصرف يا كميل إذا شئت”[23]
5ـ الإمامة أو الولاية في العرفان (نظرية الإنسان الكامل)
يعتبر بحث الإنسان الكامل من أهم البحوث في العرفان الإسلامي و له إرتباط وثيق بنظرية الولاية العرفانية.
فالتفاسير التي أدلى بها العرفاء عن الإنسان الكامل و موقعه في نظام الوجود هو نفس الشيء المؤكد عليه في مذهب الإمامية تحت عنوان الإمامة و الولاية التكوينية و…
نشير ذيلاً إلى بعض كلام العرفاء في هذا المضمار:
ابن العربي:
1ـ إعلم أن الولاية فلك محيط بالعالم لذا فهي لا تنقطع.[24]
2ـ كل ما في عالم الوجود هو في تسخير الإنسان الكامل و بعلمه.[25]
السيد حيدر الآملي:
1- العقل الأول و الظلّ الأول و كل العالم هو ظلّ ثان و الإنسان الكامل هو حقيقة هذا العقل.[26]
2- العقل الأول هو عالم كلّي بسبب إحتوائه على كل كليات حقائق العالم، و النفس الكلية هي عالم كلّي على الجزئيات بدليل إحتوائها على كل الجزئيات، و الإنسان الكامل ـ الجامع للأثنين ـ يعلمها كلها.[27]
القيصري:
1- “و مرتبة الإنسان الكامل عبارة عن جمع جميع المراتب الإلهية و الكونية، من العقول و النفوس الكلية و الجزئية و مراتب الطبيعة إلى آخر تنزّلات الوجود، و يسمّى بالمرتبة العمائية أيضاً. فهي مضاهية للمرتبة الإلهية و لا فرق بينهما إلّا بالرّبوبية و المربوبية، لذلك صار خليفة الله”.[28]
2- القدرة على الإماتة و الإحياء و أمثال هذه الأمور، من مواصفات الإنسان الكامل.[29]
3ـ فلا يزال العالم محفوظاً، ما دام فيه هذا الإنسان الكامل.[30]
عبد الكريم الجيلي:
1- تصرفه في الأشياء لا من قبيل الإتصاف و الآله و الإسم و الرسم، بل (تصرف واقعي) كتصرفنا في كلامنا و طعامنا و شرابنا.[31]
2- كل الأسماء و الصفات، قد انقسمت إلى نوعين بالنسبة للإنسان الكامل: نوع منها، على جانبه الأيمن، كالحياة و العلم و القدرة و الإرادة و السمع و البصر و أمثالها، و نوع آخر على جانبه الآخر، كالأزليّة و الأبديّة و الأولوّية و الآخريّة و أمثالها.[32]
3- إعلم أن الإنسان الكامل، مساوٍ لكل حقائق عالم الوجود، فبلطافته يساوي العالم العِلوي و بجرمه الجسماني يساوي العالم السِفلي.[33]
عز الدين النسفي:
لا يخفى عليه شيء في الملك و الملكوت. يعلم بالأشياء و بحكمة الأشياء و يراها كما هي.[34]