- الإسلام
- القرآن
- النبي وأهل بيته
- الشيعة
- الأسرة
- أسئلة وأجوبة
- الدعاء وشروط استجابته
- وقت المطالعة : 15 دقیقة
- بواسطة : امین نجف
- 0 تعليق
معنى الأسرة :
الأسرة لغة :
أسرة الرجل : عشيرته ورهطه الأدنون ، لأنه يتقوى بهم ( 1 ) .
والأسرة : عشيرة الرجل وأهل بيته ( 2 ) .
والأسرة : أهل الرجل وعشيرته ، والجماعة يربطها أمر مشترك ( 3 ) .
والأسرة : أهل بيت الانسان وعشيرته ، وأصل الأسرة الدرع الحصينة ، وأطلقت على أهل بيت الرجل ، لأنه يتقوى بهم ( 4 ) .
الأسرة اصطلاحا
هي رابطة الزواج التي تصحبها ذرية ( 5 ) .
وهي : رابطة اجتماعية تتكون من زوج وزوجة وأطفالهما ، وتشمل الجدود والأحفاد وبعض الأقارب على أن يكونوا في معيشة واحدة ( 6 ) .
استحباب النكاح وأهميته :
النكاح هو الوسيلة الوحيدة لتشكيل الأسرة ، وهو الارتباط المشروع بين الرجل والمرأة ، وهو طريق التناسل والحفاظ على الجنس البشري من الانقراض ، وهو باب التواصل وسبب الألفة والمحبة ، والمعونة على العفة والفضيلة ، فبه يتحصن الجنسان من جميع ألوان الاضطراب النفسي ، والانحراف الجنسي ، ومن هنا كان استحبابه استحبابا مؤكدا ، قال تعالى : ( وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله والله واسع عليم ) ( 7 ) .
ووردت روايات عديدة عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأهل بيته عليهم السلام تؤكد هذا الاستحباب ، قال أمير المؤمنين عليه السلام : تزوجوا فإن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال : من أحب أن يتبع سنتي فإن من سنتي التزويج ( 8 ) .
وللزواج تأثيرات إيجابية على الرجل والمرأة وعلى المجتمع ، فهو الوسيلة للانجاب وتكثير النسل ، قال صلى الله عليه وآله وسلم : تناكحوا تكثروا ، فإني أباهي بكم الأمم ، حتى بالسقط ( 9 ) .
وقال صلى الله عليه وآله وسلم : ما يمنع المؤمن أن يتخذ أهلا ، لعل الله أن يرزقه نسمة ، تثقل الأرض بلا إله إلا الله ( 10 ) .
وهو ضمان لاحراز نصف الدين ، لأنه الحصن الواقي من جميع ألوان الانحراف والاضطراب العقلي والنفسي والعاطفي ، فهو يقي الانسان من الرذيلة والخطيئة ، ويخلق أجواء الاستقرار في العقل والقلب والإرادة ، لينطلق الانسان متعاليا عن قيود الأهواء والشهوات التي تكبله وتشغله عن أداء دوره في الحياة وفي ارتقائه الروحي واسهامه في تحقيق الهدف الذي خلق من أجله ، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : من تزوج أحرز نصف دينه ، فليتق الله في النصف الباقي ( 11 ) .
وقال الإمام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام : ركعتان يصليهما المتزوج أفضل من سبعين ركعة يصليهما الأعزب ( 12 ) .
وعليه فإن استحباب النكاح موضع اتفاق بين المسلمين ( 13 ) .
ولأهمية النكاح جعله رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في المرتبة الثانية من مراتب الفوائد المعنوية ، حيث قال : ما استفاد امرؤ مسلم فائدة بعد الاسلام أفضل من زوجة مسلمة تسره إذا نظر إليها ، وتطيعه إذا أمرها ، وتحفظه إذا غاب عنها في نفسها وماله ( 14 ) .
وهو باب من أبواب الرزق بأسبابه الطبيعية المقرونة بالرعاية الإلهية ، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : اتخذوا الأهل ، فإنه أرزق لكم ( 15 ) .
كراهية العزوبة
حكم الاسلام بكراهية العزوبة ، لأنها تؤدي إلى خلق الاضطراب العقلي والنفسي والسلوكي الناجم عن كبت الرغبات وقمع المشاعر ، وتعطيل الحاجات الأساسية في الانسان ، سيما الحاجة إلى الاشباع العاطفي والجنسي ، والعزوبة تعطيل لسنة من سنن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الذي قال : من سنتي التزويج ، فمن رغب عن سنتي فليس مني ( 16 ) .
وقال صلى الله عليه وآله وسلم : إن أراذل موتاكم العزاب ( 17 ) ، وفي رواية : شرار موتاكم العزاب ( 18 ) .
وقد أثبت الواقع أن العزاب أكثر عرضة للانحراف من المتزوجين ، فالمتزوج إضافة إلى إشباع حاجاته الأساسية ، فإن ارتباطه بزوجة وأسرة يقيده بقيود تمنعه عن كثير من الممارسات السلبية ، حفاظا على سمعة أسرته وسلامتها ، مما يجعله أكثر صلاحا وأداء لمسؤوليته الفردية والاجتماعية .
وتزداد الكراهية حينما يعزب الانسان عن الزواج مخافة الفقر ، قال الإمام جعفر الصادق عليه السلام : من ترك التزويج مخافة الفقر ، فقد أساء الظن بالله عز وجل ( 19 ) .
ومن الحلول الوقتية التي سنها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم للتخفيف من وطأة العزوبية أن أمر الشباب أمرا ارشاديا بالالتجاء إلى الصوم ، فقال صلى الله عليه وآله وسلم : يا معشر الشباب ، من استطاع منكم الباه فليتزوج ، ومن لم يستطع فليدمن الصوم ، فإن الصوم له وجاء ( 20 ) .
هذا الحديث يجعل الزواج في مقابل الصوم كأحد الوسائل الرادعة لجميع أسباب الانحراف وتأثيراتها السلبية . فبالصوم يستطيع الشاب أن يهذب غرائزه ، ويخفف من تأثيراتها السلبية ، النفسية والعاطفية والسلوكية دون قمع أو كبت ، إضافة إلى إدامة العلاقة مع الله تعالى التي تمنعه من كثير من ألوان الانحراف والانزلاق النفسي والسلوكي ، وبالزواج أيضا يستطيع أن يحقق عين الآثار المتمثلة بتهذيب السلوك ومقاومة أسباب الانحراف .
استحباب السعي في النكاح :
حث الاسلام على السعي في النكاح ، والمساهمة في الترويج له وإقراره في الواقع بالجمع بين رجل وامرأة لتكوين أسرة مسلمة ، فمن يسعى فيه يعوضه الله تعالى عن سعيه في الآخرة ، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : . . . ومن عمل في تزويج بين مؤمنين حتى يجمع بينهما زوجه الله عز وجل ألف امرأة من الحور العين . . ( 21 ) .
قال الإمام الصادق عليه السلام : أربعة ينظر الله إليهم يوم القيامة : من أقال نادما ، أو أغاث لهفان ، أو أعتق نسمة ، أو زوج عزبا ( 22 ) .
وقال الإمام موسى بن جعفر الكاظم عليه السلام : ثلاثة يستظلون بظل عرش الله يوم القيامة يوم لا ظل إلا ظله : رجل زوج أخاه المسلم ، أو أخدمه ، أو كتم له سرا ( 23 ) .
وجعله الإمام علي عليه السلام من أفضل الشفاعات فقال : أفضل الشفاعات أن تشفع بين اثنين في نكاح حتى يجمع الله بينهما ( 24 ) .
والروايات المتقدمة تحث الناس إلى السعي في الجمع بين الرجل والمرأة لتكوين أسرة مسلمة ، فيستحب جميع ما يؤدي إلى ذلك ، من السعي في الخطبة ، أو بذل المال لتوفير مستلزمات الزواج أو التشجيع عليه أو غير ذلك .
استحباب الدعاء للنكاح :
الدعاء بنفسه من العبادات المستحبة ، لذا حث الاسلام عليه في سائر شؤون الانسان ، ومن بينها النكاح ، لتكون جميع أعمال الانسان متجهة إلى الله تعالى في سيرها ، طلبا لمرضاته .
وقد أكدت الروايات على استحباب الدعاء لمن أراد النكاح ، قال الإمام جعفر الصادق عليه السلام : فإذا هم بذلك فليصل ركعتين ويحمد الله ، ويقول : اللهم إني أريد أن أتزوج ، اللهم فاقدر لي من النساء أعفهن فرجا ، وأحفظهن لي في نفسها وفي مالي ، وأوسعهن رزقا ، وأعظمهن بركة ، وأقدر لي منها ولدا طيبا تجعله خلفا صالحا في حياتي وبعد موتي ( 25 ) .
والله تعالى يجيب الانسان إذا دعاه بقلب مخلص ونية صالحة ، كما تظافرت على ذلك الآيات والروايات ، وهو نعم العون في اختيار صالح الأعمال لعبده المؤمن المخلص ، وخصوصا في مثل هذه القضية المهمة التي تكون مقدمة لسعادته في الدنيا والآخرة .
اختيار الزوجة
العلاقة الزوجية ليست علاقة طارئة أو صداقة مرحلية ، وإنما هي علاقة دائمة وشركة متواصلة للقيام بأعباء الحياة المادية والروحية ، وهي أساس تكوين الأسرة التي ترفد المجتمع بجيل المستقبل ، وهي مفترق الطرق لتحقيق السعادة أو التعاسة للزوج وللزوجة وللأبناء وللمجتمع ، لذا فينبغي على الرجل أن يختار من يضمن له سعادته في الدنيا والآخرة .
عن إبراهيم الكرخي قال : قلت لأبي عبد الله عليه السلام : إن صاحبتي هلكت رحمها الله ، وكانت لي موافقة وقد هممت أن أتزوج ، فقال لي : انظر أين تضع نفسك ، ومن تشركه في مالك ، وتطلعه على دينك وسرك ، فإن كنت فاعلا فبكرا تنسب إلى الخير وحسن الخلق ، واعلم :
ألا إن النساء خلقن شتى * فمنهن الغنيمة والغرام
ومنهن الهلال إذا تجلى * لصاحبه ومنهن الظلام
فمن يظفر بصالحهن يسعد * ومن يعثر فليس له انتقام ( 26 )
وراعى الاسلام في تعاليمه لاختيار الزوجة ، الجانب الوراثي ، والجانب الاجتماعي الذي عاشته ومدى انعكاسه على سلوكها وسيرتها .
قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : اختاروا لنطفكم ، فإن الخال أحد الضجيعين ( 27 ) .
وقال صلى الله عليه وآله وسلم : تخيروا لنطفكم ، فإن العرق دساس ( 28 ) .
وروي أنه جاء إليه رجل يستأمره في النكاح ، فقال صلى الله عليه وآله وسلم : نعم انكح ، وعليك بذوات الدين تربت يداك ( 29 ) .
وقال صلى الله عليه وآله وسلم : من سعادة المرء الزوجة الصالحة ( 30 ) .
فيستحب اختيار المرأة المتدينة ، ذات الأصل الكريم ، والجو الأسري السليم ( 31 ) .
وبالإضافة إلى هذه الأسس فقد دعا الاسلام إلى اختيار المرأة التي تتحلى بصفات ذاتية من كونها ودودا ولودا ، طيبة الرائحة ، وطيبة الكلام ، موافقة ، عاملة بالمعروف إنفاذا وإمساكا ( 32 ) .
وفضل تقديم الولود على سائر الصفات الجمالية ، قال صلى الله عليه وآله وسلم : تزوجوا بكرا ولودا ، ولا تزوجوا حسناء جميلة عاقرا ، فاني أباهي بكم الأمم يوم القيامة ( 33 ) .
ولم يلغ ملاحظة بعض صفات الجمال لاشباع حاجة الرجل في حبه للجمال ، قال صلى الله عليه وآله وسلم : إذا أراد أحدكم أن يتزوج ، فليسأل عن شعرها كما يسأل عن وجهها ، فان الشعر أحد الجمالين ( 34 ) .
وقال صلى الله عليه وآله وسلم : تزوجوا الأبكار ، فإنهن أطيب شئ أفواها ( 35 ) .
وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : أفضل نساء أمتي أصبحهن وجها ، وأقلهن مهرا ( 36 ) .
ويستحب أن تكون النية في الاختيار منصبة على ذات الدين ، فيكون اختيارها لدينها مقدما على اختيارها لمالها أو جمالها ، لأن الدين هو العون الحقيقي للانسان في حياته المادية والروحية ، قال الإمام جعفر الصادق عليه السلام : إذا تزوج الرجل المرأة لمالها أو جمالها لم يرزق ذلك ، فإن تزوجها لدينها رزقه الله عز وجل جمالها ومالها ( 37 ) .
ويكره اختيار المرأة الحسناء المترعرعة في محيط أسري سئ ، والسيئة الخلق ، والعقيم ، وغير السديدة الرأي ، وغير العفيفة ، وغير العاقلة ، والمجنونة ( 38 ) ، لأنها تجعل الرجل في عناء مستمر تسلبه الهناء والراحة ، وتخلق الأجواء الممهدة لانحراف الأطفال عن طريق انتقال الصفات السيئة إليهم ، ولقصورها عن التربية الصالحة .
عن الإمام جعفر الصادق عليه السلام قال : قام النبي صلى الله عليه وآله وسلم خطيبا ، فقال : أيها الناس إياكم وخضراء الدمن . قيل : يا رسول الله ، وما خضراء الدمن ؟ قال : المرأة الحسناء في منبت السوء ( 39 ) .
وحذر الاسلام من تزوج المرأة المشهورة بالزنا ، قال الإمام الصادق عليه السلام : لا تتزوجوا المرأة المستعلنة بالزنا ( 40 ) ، وذلك لأنها تخلق في أبنائها الاستعداد لهذا العمل الطالح ، إضافة إلى فقدان الثقة في العلاقات بينها وبين زوجها المتدين ، إضافة إلى إنعكاسات انظار المجتمع السلبية اتجاه مثل هذه الأسرة .
وكما نصح بتجنب الزواج من الحمقاء لإمكانية انتقال هذه الصفة إلى الأطفال ، ولعدم قدرتها على التربية ، وعلى الانسجام مع الزوج وبناء الأسرة الهادئة والسعيدة ، قال الإمام علي عليه السلام : إياكم وتزويج الحمقاء ، فإن صحبتها بلاء ، وولدها ضياع ( 41 ) .
وكذا الحال في الزواج من المجنونة ، فحينما سئل الإمام الباقر عليه السلام عن ذلك أجاب : لا ، ولكن إن كانت عنده أمة مجنونة فلا بأس أن يطأها ، ولا يطلب ولدها ( 42 ) .
اختيار الزوجة
الزوج هو شريك عمر الزوجة ، وهو المسؤول عنها وعن تنشئة الأطفال وإعدادهم نفسيا وروحيا ، وهو المسؤول عن توفير ما تحتاجه الأسرة من حاجات مادية ومعنوية ، لذا يستحب اختياره طبقا للموازين الإسلامية ، من أجل سلامة الزوجة والأسرة من الناحية الخلقية والنفسية ، لانعكاس صفاته وأخلاقه على جميع أفراد الأسرة من خلال المعايشة ، فله الدور الكبير في سعادة الأسرة أو شقائها .
وعليه فقد أكدت الشريعة المقدسة على أن يكون الزوج مرضيا في خلقه ودينه ، قال صلى الله عليه وآله وسلم : إذا جاءكم من ترضون خلقه ودينه فزوجوه ، وأردف صلى الله عليه وآله وسلم ذلك بالنهي عن رد صاحب الخلق والدين فقال : إنكم إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير ( 43 ) .
وأضاف الإمام محمد الجواد عليه السلام صفة الأمانة إلى التدين فقال : من خطب إليكم فرضيتم دينه وأمانته فزوجوه ، إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير ( 44 ) .
الكفاءة في الزوج :
كانت العرب لا تقدم شيئا على عنصر الكفاءة في الرجل ، والرجل الكفؤ عندهم ، هو من كان ذا نسب مناظر لنسب المرأة التي تقدم لخطوبتها ، ولا يقدم عندهم على النسب شئ ، وما زال هذا الفهم سائدا لدن الكثير من المجتمعات ، لا سيما القبلية منها ، أو التي احتفظت بعاداتها القبلية وإن تمدنت في الظاهر .
لكن الاسلام قدم رؤيته للكفاءة في معناها الصحيح وإطارها السليم ، المنسجم مع ميزان السماء : ( إن أكرمكم عند الله أتقاكم ) مع الأخذ بنظر الاعتبار حق المرأة في العيش . فعرف رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الرجل الكفؤ بقوله : الكفوء أن يكون عفيفا وعنده يسار ( 45 ) .
وقيل : إن الكفاءة المعتبرة في النكاح أمران : الإيمان واليسار بقدر ما يقوم بأمرها والانفاق عليها ، ولا يراعى ما وراء ذلك من الأنساب والصنائع ، فلا بأس أن يتزوج أرباب الصنائع الدنية بأهل المروات والبيوتات ( 46 ) .
ويحرم رفض الرجل المتقدم للزواج المتصف بالدين والعفة والورع والأمانة واليسار ، إذا كان حقير النسب ( 47 ) .
ولقد روي عن الإمام الصادق عليه السلام أنه قال : إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم زوج المقداد بن الأسود ضباعة ابنة الزبير بن عبد المطلب ، وإنما زوجه لتتضع المناكح ، وليتأسوا برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وليعلموا أن أكرمهم عند الله أتقاهم ( 48 ) .
ولملاحظة أن المرأة تتأثر بدين زوجها والتزامه بقدر تأثرها بأخلاقه وأدبه أكثر من تأثره هو بدينها وأدبها ، قال الإمام الصادق عليه السلام : تزوجوا في الشكاك ولا تزوجوهم ، لأن المرأة تأخذ من أدب زوجها ، ويقهرها على دينه ( 49 ) .
ويكره للأب أن يزوج ابنته من شارب الخمر ، والمتظاهر بالفسق ، والسئ السيرة ( 50 ) .
قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : من شرب الخمر بعدما حرمها الله على لساني ، فليس بأهل أن يزوج إذا خطب ( 51 ) ، لأن شرب الخمر والادمان عليه يؤدي إلى خلق الاضطراب الأسري والتفكك الاجتماعي في جميع ألوانه ، إضافة إلى ذلك فإنه عقاب لشارب الخمر ليكون ردعا له .
وكما حذر الاسلام من تزوج المرأة المشهورة بالزنا ، فقد حذر أيضا من تزويج الرجل المعلن بالزنا ، قال الإمام الصادق عليه السلام : لا تتزوج المرأة المعلنة بالزنا ، ولا يزوج المعلن بالزنا إلا بعد أن يعرف منهما التوبة ( 52 ) .
الأحكام المتعلقة بالخطبة :
الخطبة تعني مبادرة الرجل لطلب الزواج من امرأة ، تبقى أجنبية عليه ما دام لم يعقد عليها عقد الزواج .
وهي بداية للتعارف عن قرب ، يطلع من خلالها كل من الرجل والمرأة على خصوصيات الآخر ، وخصوصا ما يتعلق بالجانب الجسدي والجمالي ، لذا جوز الاسلام النظر في حدود مشروعة وقيود منسجمة مع قيمه وأسسه في العلاقة بين الرجل والمرأة .
فيجوز للرجل أن ينظر إلى وجه المرأة ، ويرى يديها بارزة من الثوب ، وينظر إليها ماشية في ثيابها ( 53 ) ، ويجوز لها كذلك ، ولا يحل لهما ذلك من دون إرادة التزويج ( 54 ) .
عن الإمام الصادق عليه السلام أنه قال : لا بأس بأن ينظر إلى وجهها ومعاصمها إذا أراد أن يتزوجها ( 55 ) .
وقال أيضا : لا بأس بأن ينظر الرجل إلى المرأة إذا أراد أن يتزوجها ، ينظر إلى خلفها وإلى وجهها ( 56 ) .
وله أيضا جواز تكرار النظر ، وأن ينظر إليها قائمة وماشية ، وأن ينظر إلى شعرها ومحاسنها وجسدها من فوق الثياب ( 57 ) .
وقيد الإمام الصادق عليه السلام ذلك بعدم التلذذ ، فحينما سئل عن النظر إلى شعرها ومحاسنها قال عليه السلام : لا بأس بذلك إذا لم يكن متلذذا ( 58 ) .
وخلاصة الأحكام المتعلقة بالخطبة هي جواز النظر بشرط إرادة التزويج ، فمن لم ينو التزويج يكون نظره محرما ، ويشترط عدم التلذذ لأنه حرام بأي حال من الأحوال .
استحباب الخطاب أثناء الخطبة :
يستحب ذكر الله تعالى أثناء الخطبة ، ليحصل الارتباط به تعالى في جميع الأحوال ، ويكون ذلك انطلاقا للالتزام بمفاهيم الاسلام وقيمه وتقريرها في واقع الحياة الزوجية ، ليكون الوئام والحب والألفة والانس هو الحاكم على العلاقات بعد الزواج ، والخطبة المسنونة المروية عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم هي كالتالي :
الحمد لله ، نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ، ومن سيئات أعمالنا ، من يهدي الله فلا مضل له ، ومن يضلل الله فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، واتقوا الله الذي تسائلون به والأرحام ، إن الله كان عليكم رقيبا ، اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون ، اتقوا الله وقولوا قولا سديدا ، يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ، ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما ( 59 ) .
أحكام خطبة المرأة ذات العدة :
المرأة المطلقة طلاقا رجعيا تعتبر ذات زوج ، فللزوج حق الرجوع إليها في أثناء العدة دون عقد جديد ، وقد حكم الاسلام بحرمة التقدم لخطبتها ، تعريضا كانت أم تصريحا ، لأنها ذات زوج ( 60 ) .
والتعريض هو أن يخاطب الرجل المرأة بكلام يحتمل فيه إرادة النكاح وغيره ، مثل أن يقول لها : رب راغب فيك ، رب حريص عليك ، لا تبقين بلا زوج ( 61 ) .
والتصريح هو أن يخاطب الرجل المرأة خطابا صريحا لا يحتمل فيه غير إرادة النكاح ، بأن يقول لها : إذا انقضت عدتك تزوجتك ( 62 ) .
والإسلام حينما حرم ذلك أراد أن يهذب النفوس أولا ، وأن يصلح العلاقة الزوجية ثانيا ، فالمرأة في العدة الرجعية تبقى في عصمة الزوجية ، واحتمال رجوع الزوج إليها احتمالا واردا ، فإذا خطبت من قبل الغير بالتعريض أو التصريح ، فإن ذلك يؤدي إلى تشجيعها على عدم الرجوع إلى حياتها الزوجية ، ولو علم زوجها أن أحدا تعرض لها أو صرح بالزواج منها أثناء العدة ، فإن ذلك يمنعه من الرجوع إليها .
أما المعتدة عن الطلاق البائن فهي أجنبية عن زوجها ، لا ترجع إليه إلا بعد أن تنكح زوجا آخر ، فيجوز لزوجها الأول أن يتزوجها بعقد جديد بعد طلاقها من الزوج الثاني ، ففي هذه الحالة يكون التعريض لها جائز ، فقد روي أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال لفاطمة بنت قيس – المطلقة ثلاثا – إذا حللت فآذنيني ( 63 ) .
أما التصريح لها بالخطبة فحرام ، وكذا الحال في المعتدة عدة الوفاة ، فيجوز التعريض بخطبتها ، ويحرم التصريح ( 64 ) .
قال تعالى : ( ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء أو أكننتم في أنفسكم علم الله أنكم ستذكرونهن ولكن لا تواعدوهن سرا إلا أن تقولوا قولا معروفا ولا تعزموا عقدة النكاح حتى يبلغ الكتاب أجله . . ) ( 65 ) .
المهر والصداق
المهر هو منحة من الرجل إلى المرأة التي يريد الزواج منها ، قال تعالى : ( وآتوا النساء صدقاتهن نحلة ) ( 66 ) . والنحلة هي ( العطية من غير مثامنة ) ( 67 ) .
وجوز الفقهاء أن يكون المهر تعليم سورة أو آية من القرآن ، أو شئ من الحكم والآداب ( 68 ) ، عملا بما ورد عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من أنه زوج لرجل لا يملك شيئا ، فقال له : قد زوجتك على ما تحسن من القرآن ، فعلمها إياه ( 69 ) .
وهذه المنحة هي حق للمرأة يبقى في ذمة الرجل ، عن عبد الحميد الطائي ، قال : قلت لأبي عبد الله عليه السلام أتزوج المرأة وأدخل بها ولا أعطيها شيئا ؟ قال : نعم ، يكون دينا عليك ( 70 ) .
وسئل عليه السلام عن رجل تزوج امرأة ولم يفرض لها صداقها ، ثم دخل بها ، فقال : لها صداق نسائها ( 71 ) .
وعنه عليه السلام أنه قال : من أمهر مهرا ثم لا ينوي قضاءه ، كان بمنزلة السارق ( 72 ) .
وحرم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نكاح الشغار وهو كما في قوله صلى الله عليه وآله وسلم : أن يقول الرجل للرجل : زوجني ابنتك حتى أزوجك ابنتي ، على أن لا مهر بيننا ( 73 ) ، وذلك لأن في هذا النوع من الزواج امتهان للمرأة ، وتجاوز على حقها المشروع في المهر .
ومقدار المهر متروك لما يتراضى عليه الناس ، وعن الإمام محمد الباقر عليه السلام أنه قال : الصداق ما تراضيا عليه قل أو كثر ( 74 ) . فليس له حد وإنه يجوز ( بالقليل والكثير ) ( 75 ) .
ويصح المهر في كل ما يجوز كونه ذا قيمة ، قل أو كثر ، من عين تباع – كالدار وواسطة النقل والكتاب – وعمل يعمله لها ( 76 ) . وقد تقدم : أنه يصح جعل تعليم القرآن أو الحكم أو الآداب مهرا للمرأة .
والمستحب في المهر التخفيف ( 77 ) . وقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : أفضل نساء أمتي أصبحهن وجها ، وأقلهن مهرا ( 78 ) .
حكم ما يأخذه الأب
المهر حق للزوجة مختص بها ، ولا يصح للأب أن يطلب شيئا له من مهرها بنحو الالزام ، وفي ذلك عدة أحكام ( 79 ) :
1 – يصح للزوج أن يهب شيئا مستقلا للأب من غير دخله في المهر .
2 – ويصح للزوجة أن تهب شيئا لأبيها برضاها .
3 – يحرم على الأب أن يأخذ من مهر ابنته شيئا من دون رضاها .
4 – يحرم على الأب التصرف ببعض الأمتعة التي يسوقها الزوج إلى البنت بدون إذنها .
5 – يصح بذل مبلغ من المال للأب أو للأخ من أجل اقناع المرأة بالقبول على الزواج .
ــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ) لسان العرب / ابن منظور 4 : 20 ، مادة أسر ، نشر أدب الحوزة ، قم 1405 ه .
2 ) لسان العرب 4 : 20 .
3 ) المعجم الوجيز ، لمجمع اللغة العربية : 16 ، دار الثقافة ، قم 1411 ه .
4 ) دائرة معارف القرن العشرين / محمد فريد وجدي 1 : 277 ، دار المعرفة ، بيروت .
5 ) علم الاجتماع / محمد عاطف : 92 .
6 ) الأسرة والمجتمع / علي عبد الواحد وافي : 15 .
7 ) سورة النور : 24 / 32 .
8 ) الكافي 5 : 329 .
9 ) كتاب السرائر 2 : 518 .
10 ) من لا يحضره الفقيه 3 : 382 .
11 ) من لا يحضره الفقيه 3 : 383 .
12 ) تهذيب الأحكام 7 : 239 / 1 كتاب النكاح باب 22 .
13 ) كتاب السرائر 2 : 518 . وجامع المقاصد 12 : 8 .
14 ) تهذيب الأحكام 7 : 240 / 4 كتاب النكاح باب 22 .
15 ) من لا يحضره الفقيه 3 : 383 .
16 ) مستدرك الوسائل 14 : 152 .
17 ) من لا يحضره الفقيه 3 : 384 .
18 ) جامع المقاصد 12 : 9 . والمقنعة : 497 .
19 ) من لا يحضره الفقيه 3 : 385 .
20 ) المقنعة : 497 .
21 ) وسائل الشيعة 20 : 46 .
22 ) وسائل الشيعة 20 : 46 .
23 ) وسائل الشيعة 20 : 45 .
24 ) الكافي 5 : 331 .
25 ) تهذيب الأحكام 7 : 407 .
26 ) من لا يحضره الفقيه 3 : 386 ، وتهذيب الاحكام 7 : 401 .
27 ) تهذيب الأحكام 7 : 402 .
28 ) المحجة البيضاء ، الفيض الكاشاني 3 : 93 ، ط 3 ، دار التعارف ، 1401 ه .
29 ) تهذيب الأحكام 7 : 401 .
30 ) الكافي 5 : 327 .
31 ) انظر : الوسيلة إلى نيل الفضيلة : 290 . والسرائر 2 : 559 . وجامع المقاصد 12 : 11 .
32 ) الوسيلة إلى نيل الفضيلة : 290 . ونحوه في : جواهر الكلام 29 : 36 وما بعدها .
33 ) الكافي 5 : 333 .
34 ) من لا يحضره الفقيه 3 : 388 .
35 ) الكافي 5 : 334 .
36 ) تهذيب الأحكام 7 : 404 .
37 ) من لا يحضره الفقيه 3 : 393 .
38 ) الوسيلة إلى نيل الفضيلة : 290 .
39 ) تهذيب الأحكام 7 : 403 . وجواهر الكلام 29 : 37 .
40 ) مكارم الأخلاق ، الطبرسي : 305 ، منشورات الشريف الرضي ، قم 1410 ه .
41 ) الكافي 5 : 354 .
42 ) وسائل الشيعة 20 : 85 .
43 ) تهذيب الأحكام 7 : 394 .
44 ) تهذيب الأحكام 7 : 396 .
45 ) الكافي 5 : 347 .
46 ) السرائر 2 : 557 . وجامع المقاصد 12 : 135 – 136 .
47 ) الوسيلة إلى نيل الفضيلة : 290 – 291 . وجامع المقاصد 12 : 138 .
48 ) الكافي 5 : 344 .
49 ) الكافي 5 : 348 .
50 ) الوسيلة إلى نيل الفضيلة : 291 . وجامع المقاصد 12 : 140 .
51 ) الكافي 5 : 348 .
52 ) تهذيب الأحكام 7 : 327 .
53 ) المقنعة : 520 : وجامع المقاصد 12 : 26 – 27 .
54 ) الكافي في الفقه : 296 . وجواهر الكلام 29 : 65 .
55 ) الكافي 5 : 365 .
56 ) المصدر السابق .
57 ) شرائع الاسلام 4 : 188 . وجواهر الكلام 29 : 66 – 67 .
58 ) الكافي 5 : 365 .
59 ) المبسوط 4 : 195 .
60 ) المبسوط 4 : 217 . وجامع المقاصد 12 : 48 . وجواهر الكلام 30 : 119 .
61 ) المبسوط 4 : 218 .
62 ) المبسوط 4 : 218 .
63 ) المبسوط 4 : 218 .
64 ) المبسوط 4 : 218 . وجواهر الكلام 30 : 120 .
65 ) سورة البقرة : 2 / 234 – 235 .
66 ) سورة النساء : 4 / 4 .
67 ) الميزان في تفسير القرآن 4 : 169 .
68 ) المقنعة : 508 . وجامع المقاصد 13 : 333 .
69 ) تهذيب الأحكام 7 : 354 – 355 .
70 ) الاستبصار 3 : 220 .
71 ) تهذيب الأحكام 7 : 362 .
72 ) الكافي 5 : 383 .
73 ) تهذيب الأحكام 7 : 355 . وجامع المقاصد 12 : 487 .
74 ) تهذيب الأحكام 7 : 353 .
75 ) الانتصار : 290 . وجواهر الكلام 31 : 3 .
76 ) الجامع للشرائع : 439 . وجواهر الكلام 31 : 4 .
77 ) المبسوط 4 : 273 . وجامع المقاصد 13 : 368 . وجواهر الكلام 31 : 47 .
78 ) تهذيب الأحكام 7 : 404 . وجامع المقاصد 12 : 12 .
79) مهذب الاحكام / السبزواري 25 : 156 ، مؤسسة المنار ، قم ، 1417 ه . ونحوه في : جواهر الكلام 31 : 29 وما بعدها .
المصدر: مركز الرسالة