- الإسلام
- القرآن
- النبي وأهل بيته
- الشيعة
- الأسرة
- أسئلة وأجوبة
- الدعاء وشروط استجابته
- وقت المطالعة : 3 دقیقة
- بواسطة : امین نجف
- 0 تعليق
الدين الإسلامي جاء لهداية وإرشاد الإنسان، وإخراجه من الظلمات إلى النور، وتنوير وجوده وفطرته وعقله بما تحمله من قدرات وطاقات موهوبة من قبل الخالق جلّ وعلا عليه استخراجها واستثمارها بصورة صحيحة، ووضع له قوانين وضوابط من خلال بعث الأنبياء والرسل(عليهم السلام)، وآخذاً في بيان المعتقدات والسلوكيات الخاطئة، وفي نفس الوقت بيان النهج الصحيح الذي ينبغي أن يتّبع تجاه الحياة والوجود والموجودات على حدّ سواء، بدءاً من النظرة الكونية حول الخالق والمبدع وما ينبغي الاعتقاد به، إلى الأُسس والقواعد التي يجب تطبيقها لتحصيل الغاية، وهي السعادة في الحياة الدنيا والآخرة.
والمشرّع باعتباره يهدف بشكل أساسي للحفاظ على المشرّع له ؛ لأنّ هدفه الحفاظ على وجوده ومصلحته بحيث يرشده لما فيه الصلاح، وينبّه على ما فيه الضرر والفساد، وهذا بطبيعة الحال يختلف حسب اختلاف نوعية الموجود، إذ يوجد تفاوت واختلاف تكويني بين الموجودات، بل وداخل النوع الواحد، فالرجل يختلف عن المرأة في جوانب تكوينية متعدّدة، وبنيته الجسدية تختلف عن بنية المرأة، وهي تستدعي التفاوت في التشريع في جوانب الاختلاف، فحينما يكلّف الله تعالى الإنسان بالصلاة والصوم، ونلاحظ أنّ المرأة تطرأ عليها حالات لا يمرّ بها الرجل، كنزول الدم زمن الحيض والنفاس، فإنّ ذلك يوجب تفاوت التكليف بينهما، وإعفاء المرأة من الإتيان بالعبادة أثناء نزول الدم، وهو حالة لا تحصل عند الرجل بأيّ حال من الأحوال.
وكذلك حينما يُشرّع أنّ الحضانة للأُمّ باعتبار وجود اللبن في صدرها وقابليتها لإرضاعه بما يحتاج إليه في أوّل أيّام ولادته، وهذا ممّا لا يقدر عليه الرجل، وأيضاً حينما يأتي المشرّع ويفرض القتال والدفاع على الرجل دون المرأة، لأنّ القدرة التي يمتلكها الرجل تختلف عن القدرة التي تمتلكها المرأة، وحينما يفرض على المرأة رعاية شؤون الأُسرة وإدارة الأُمور المنزلية لقدرتها على التحمّل وسعة صدرها والقابلية الممنوحة إليها، وهذا ما يعجز عنه الرجل في الكثير من الأُمور، والفوارق المعنوية بين الرجل والمرأة أشارت إليها آيات القرآن الكريم، ففي سورة آل عمران حيث تتحدّث زوجة عمران(ع) فتقول: {قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنثَى وَاللّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنثَى وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ}(1) إذ نلاحظ الفرق الذي تشير إليه أُمّ مريم(عليها السلام) ويقرّرها القرآن في ذلك.
وفي موضع آخر يتحدّث القرآن الكريم عن ضيف إبراهيم(ع) حيث يقول: {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ * إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلَامًا قَالَ سَلَامٌ قَوْمٌ مُّنكَرُونَ * فَرَاغَ إِلَى أَهْلِهِ فَجَاء بِعِجْلٍ سَمِينٍ * فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ قَالَ أَلَا تَأْكُلُونَ * فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُوا لَا تَخَفْ وَبَشَّرُوهُ بِغُلَامٍ عَلِيمٍ * فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ فَصَكَّتْ وَجْهَهَا وَقَالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ}(2).
فإبراهيم(ع) تثبّت في الأمر ولم يستغرب من إخبارهم بخلاف زوجته، حيث وجدت في الأمر غرابة واستبعدته حتّى ذكروها بأنّه أمر إلهي وقرار سماوي، خارج عن إرادة الإنسان وما ألفه.
وقال تعالى: {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِّلَّذِينَ كَفَرُوا اِمْرَأَةَ نُوحٍ وَاِمْرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ}(3).
فقوله تعالى تحت عبدين إعلام بأنّ السلطنة كانت لزوجيهما عليهما، ولا سلطان لهما على زوجيهما.
حتّى نصل إلى مرحلة البعث والإرسال حيث يقول الباري تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلاَّ رِجَالاً نُّوحِي إِلَيْهِم}(4)، حيث تُقيّد الآية الإرسال بنوع الرجال دون غيرهم، فهم الذين اختارهم الله تعالى لأن يكونوا وسائط بينه وبين عباده.
فالتفاوت الحسّي والمعنوي متحقّق بين الرجل والمرأة كما بيّن ذلك القرآن الكريم، وهذا ما أدّى إلى التفاوت بينهما في جملة من التشريعات، ومعه لا يصحّ أن نقول بأنّ روح المرأة والرجل واحدة، وأنّ الأصل الروح، والروح ليس فيها مذكّر ومؤنّث، والنتيجة تكون عدم التفاوت بين الرجل والمرأة(5).
فإنّ هذا الاستدلال غير تام، إذ إنّ الروح وإن كانت واحدة كما بيّن القرآن الكريم ذلك، إلاّ أنّه بيّن كذلك وجود التفاوت بين الرجل والمرأة من جهة جسدية ومعنوية، والروح تتأثّر بالجسد الذي تلبسه، وليس من الصحيح القول بعدم تأثيره على الروح بدعوى عدم أصالته، فإنّ الأصالة المبحوث عنها في التشريعات لاحظت الجسد وتناسقت التكاليف مع طبيعته وبنيته الخاصّة، ولم تحمله وتلحظ الروح فقط، وهذا الكلام خلط بين البحث الشرعي والفلسفي وإسقاط مفاهيم علم على علم آخر مع التفاوت الكبير بينهما.