- الإسلام
- القرآن
- النبي وأهل بيته
- الشيعة
- الأسرة
- أسئلة وأجوبة
- الدعاء وشروط استجابته
- وقت المطالعة : 2 دقیقة
- بواسطة : امین نجف
- 0 تعليق
نعم، إنّ أقوى ما تشبّث به المخالفون لسنّة تعدّد الزوجات من علماء الغرب وزوّقوه في أعين الناظرين، ما هو مشهود في بيوت بعض المسلمين، تلك البيوت المشتملة على زوجات عديدة (ضرّتان أو أكثر)، فإنّ هذه البيوت لا تحتوي على حياة صالحة ولا عيشة هنيئة، ولا تلبث الضرّتان من أوّل يوم حلّتا البيت دون أن تأخذا في التحاسد، حتّى إنّهم سمّوا الحسد بداء الضرائر، وعندئذ تنقلب جميع العواطف التي جُبلت عليها النساء من الحبّ ولين الجانب والرقّة والرأفة والشفقة والنصح وحفظ الزوج بالغيب والوفاء والمودّة والرحمة والإخلاص للزوج وأولاده من غيرها إلى أضدادها، فينقلب البيت الذي هو سكن للإنسان يستريح فيه من تعب الحياة اليومية، وتألّم الروح والجسم من مشاقّ الأعمال، والجهد في كسب معركة قتال تُستباح فيها النفوس والأعراض والأموال، ويتكدّر صفو العيش، وترتحل لذّة الحياة، ويحلّ محلّها الضرب والشتم والسبّ واللعن والسعاية والنميمة والمكر والحيلة والمكيدة، ويختلف الأولاد ويتشاجرون، وربما انجرّ همّ الزوجة لإهلاك زوجها، ويقتل بعض الأولاد بعضاً، أو يقتل الأبناء آبائهم، وتتبدّل القرابة بينهم إلى ضدّها، وتورث في الأعقاب فتُسفك الدماء، ويهلك النسل ويفسد البيت.
وهذه الأُمور التي تحدث في البيت تسري إلى المجتمع، فيوجد الشقاق وتفسد الأخلاق، وتوجد القسوة والظلم والبغي والفحشاء وينسلب الأمن، فإذا أُضيف إلى ذلك جواز الطلاق، فينشأ في المجتمع رجال ذوّاقون مترفون لا همّ لهم إلّا إتّباع الشهوات، وهذا فيه تضييع نصف المجتمع وهم قبيل النساء، وإذا فسد هذا النصف فسد النصف الآخر.
ويرد على هذا الكلام:
أ) إنّ هذا الذي ذُكر ليس موجوداً في كلّ بيت فيه ضرّتان أو ضرائر، إذ إنّ كثيراً من هذه البيوت فيها الوئام والعيش الكريم على كتاب الله وسنّة الرسول(ص)، وهذا يكشف عن أنّ تعدّد الزوجات ليس هو العلة لهذه النتائج التي وصل إليها المستشكلون على تعدّد الزوجات، وإلّا لكانت تلك النتائج في كلّ بيت فيه تعدّد الزوجات، وهو أمر ممنوع(1).
ب) ثمّ لو كان هذا موجوداً على نحو الموجبة الجزئية، فيمكن التخلّص منه بأن يجعل لكلّ زوجة سكناً خاصّاً كما هي عليه حياتنا الحاضرة، فتزول تلك النتائج التي توصّل إليها المستشكلون.
ج) إنّ تلك الإشكالات المحدودة في بعض بيوت الضرائر إنّما ترد على المسلمين لا على الإسلام وتعاليمه، فإنّ كثيراً من المسلمين لم يعملوا بحقيقة ما ألقته إليهم تعاليم الإسلام، وقد فقدوا الحكومة الصالحة منذ قرون، وقد تربّوا على غير دين الإسلام، فالمسلمون اليوم لا نجد في كثير من منازلهم اجتماعاً سعيداً حتّى بدون وجود ضرّة فيه، ولعلّ السبب في ذلك هو تقديم شرة وشهوة الرجل على أهلهم وذويهم ومجتمعهم، وعدم الاعتناء بما يجب على الزوج من واجبات تجاه أهله وأولاده.
د) إنّ الإسلام لم يُشرّع تعدّد الزوجات على سبيل الفرض والوجوب، بل شرّعه على وجه الإباحة لحفظ المجتمع الإنساني، وقيّده بعدل الرجل بين الضرائر، ومَن لم يثق بنفسه العدل فيقتصر على الواحدة {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاّ تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً}(2).
نعم، إذا وجد الولي أنّ التعدّد في ظرف من الظروف يُشكّل فساداً في المجتمع، فله الحقّ أن يمنع منه منعاً حكومياً لفترة معيّنة إلى أن تزول تلك المشاكل الناشئة من تعدّد الزوجات، وهذا غير رفع التشريع الذي شرّعه الإسلام، والذي يجب أن يكون إلى الأبد; لأنّ حلال محمّد حلال إلى يوم القيامة، وحرامه حرام إلى يوم القيامة، كما جاء في الأحاديث الشريفة(3).
ـــــــــــــــــــ
1ـ إنّ أهمّ بيت في الإسلام تعدّدت فيه الزوجات هو بيت النبي(ص)، ولا نجد لتلك النتائج أثراً.
2ـ النساء: 3.
3ـ راجع تفسير الميزان 2: 260، وما بعدها و4: 178 ـ 194.
الكاتب: الشيخ حسن الجواهري