- الإسلام
- القرآن
- النبي وأهل بيته
- الشيعة
- الأسرة
- أسئلة وأجوبة
- الدعاء وشروط استجابته
- وقت المطالعة : 4 دقیقة
- بواسطة : امین نجف
- 0 تعليق
المولد والنشأة
ولد سنة ۱۳۹۰هـ (۱۹۶۱م) في “بوبو جو لاسو” في جمهورية بوركينا فاسو الأفريقية، وأكمل الدراسة الإعدادية في المعهد الديني الثانوي، ودخل الجامعة في فرع الشريعة والدراسات الإسلامية، وحصل على شهادة الليسانس فيها من جامعة قطر سنة ۱۹۹۰م، وتفرّغ بعد ذلك للدعوة الوهابية في بلاده، وصار ممثّلاً لهيئاتها لمدّة خمس سنوات، مثل: هيئة الإغاثة الإسلامية العالمية (السعودية)، وجمعية إحياء التراث الإسلامي (الكويتية)، ولجنة مسلمي أفريقيا (الكويتية).
سبب استبصاره:
يقول الأخ “تراروي”: “نشأت وترعرعت على أيدي الوهابيين، وقطعت مراحل التعلّم في المدارس والمعاهد والجامعات الوهابية في دولة قطر في مدّة استغرقت عشر سنوات.
وطبيعة نشأتي هذه جعلت منّي وهابياً متشدّداً ومتعصّباً، لا سيّما ضدّ الشيعة الذين لم أتعلّم عنهم ـ خلال هذه السنوات الطويلة ـ إلاّ شبهات متمثّلة في الزعم بوجود قرآن آخر غير القرآن الذي يعرفه المسلمون، وكذلك الزعم بنبّوة الإمام علي(عليه السلام)!! ولعن أمين الوحي جبرائيل(عليه السلام) الذي خان الأمانة وخان الإمام عليّ (عليه السلام) بتسليم الرسالة إلى محمّد(صلى الله عليه وآله وسلم) وأنّه توجد صور على الجدران الخارجية لمعظم البيوت في إيران، بغرض الوقوف أمامها كلّ صباح للّعن ورمي القاذورات!! وكذلك الزعم بإباحة الزنا (المتعة) وإعارة الفروج و…
محصّلة هذه الشبهات حملتني إلى اتّخاذ موقف عدواني مفرط تجاه الشيعة الذين وفدوا على جامعة قطر من المنطقة الشرقية السعودية، ووصلت بي العداوة إلى حدّ كنت رافضاً لردّ السلام عليهم، ممتنعاً لدخول دورة المياه المشتركة بيننا
– نظراً لكوننا في شقّة واحدة -، وكنت معتقداً بأنّ مجرّد لمس أيّ كتاب شيعي موجب غضب الله تعالى.
وخلال عملي التبليغي الداعي إلى الانحراف الوهابي، تركّزت جهودي على ترويج المذهب بأساليب مختلفة، فتمكّنت من إدخال فوج كبير من المسلمين (الأبرياء) في الوهابية، وكان للمشاريع الخيرية ـ التي كنت منفّذاً لها، ومشرفاً عليها ـ الدور الإيجابي في ذلك، وكانت مكانتي الاجتماعية متميّزة، وكنت متمتعاً بوضع اقتصادي ممتاز، ممّا سهّل لي الإنفاق على الجمعيات الصغيرة للنهوض بمستواها، ومن ثمّ إدراجها تحت الراية الوهابية.
على هذا المنوال كان وضعي قبل التشيّع، وهكذا جرت معي الأُمور قبل سنة ۱۴۱۶هـ .
وذات يوم وبينما أنا على مائدة الغداء، إذ دخل علي صديقي الأخ مسعود من دولة ساحل العاج المجاورة لبلدي، حاملاً نسخة قديمة ذات حجم كبير من كتاب “المراجعات”(۱)، وبعد تناولنا طعام الغداء، استأذنت منه في تصفّح الكتاب ففتحته عشوائياً على المراجعة المعالجة لموضوع ولاية أمير المؤمنين(عليه السلام) انطلاقاً من الآية الشريفة (إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا…) (المائدة:۵۵).
استعرت منه الكتاب لمدّة ثلاثة أيام بعد أن أصبت بحالة شديدة من الرعب والاضطراب، فقرأتها من الجلد إلى الجلد، ووقفت على حقائق شجّعتني على المضيّ قدماً في البحث، ثمّ حصلت لي استفسارات قادتني إلى الأخ نادر فواز (أحد الأخوة اللبنانين المقيمين في مدينتي على رأس مصنع للأحذية) فاسعفني بالكتب الأربعة (ثمّ اهتديت، لأكون مع الصادقين، فأسالوا أهل الذكر، الشيعة هم أهل السنة) للدكتور التيجاني السماوي)(۲).
وما أن أتممت قراءة هذه الكتب حتّى تحولّت من وهابي أعمى إلى شيعي مستبصر متمسّك بالعروة الوثقى.
وما أن أعلنت تشيّعي، حتّى اُتّهمت بالكفر وبإرادة الفتنة بين المسلمين، وأنّه يجب طردي من المدينة، وتمّ فصلي من المناصب الوهابية (إمامة الجماعة ـ الممثلية ـ التدريس عضوية الجمعية ـ الوعظ والإرشاد…)، وهجرني الأصدقاء، وتراجع وضعي الاقتصادي، ولكن والحمد لله لم يؤثّر فيّ ذلك كثيراً، حيث كنت قد هيّأت نفسي لمثل هذا المصير.
وبدأت ـ مع بعض الإخوة ـ حركة شيعية نشطة في مدينتي (بوبو جو لاسو) أدّت إلى انتشار مذهب أهل البيت(عليهم السلام) انتشاراً سريعاً في ربوع المدينة ومحيطها، لما لمذهبهم(عليهم السلام) ـ وهو الإسلام في الواقع ـ من نصاعة الحقّ، وقوّة المنطق والتعقّل،ووجود الحلول المناسبة لمشاكل العصر بالاستناد إلى القرآن الكريم والسنّة الشريفة.
أهمّية الحوار بين علماء المسلمين:
يدعو القرآن الكريم الإنسانية جمعاء إلى التعارف والحوار، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقنَاكُم مِّن ذَكَر وَأُنثَى وَجَعَلنَاكُم شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا…) (الحجرات:۱۳).
كما يدعو القرآن أيضاً للحوار بين الأديان والمذاهب، قال تعالى: (قُل يَا أَهلَ الكِتَابِ تَعَالَوا إِلَى كَلَمَة سَوَاء بَينَنَا وَبَينَكُم…) (آل عمران:۶۴)، وقال سبحانه أيضاً: (يَا أَهلَ الكِتَابِ قَد جَاءكُم رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُم عَلَى فَترَة مِّنَ الرُّسُلِ…) (المائدة:۱۹).
إنّ الحوار والتفاهم بين الناس والحضارات والأديان المختلفة مندوب إليه شرعاً وعقلاً، وعلى هذا الأمر أجمع عقلاء العالم، وقامت سيرتهم، وسار منهجهم، فيكون من الأولى أن يقع الحوار، ويتواصل التفاهم بين أبناء الدين الواحد الذين يعبدون ربّاً واحداً، ويؤمنون بنبيّ واحد وكتاب واحد، ويتوجّهون في الصلاة إلى قبلة واحدة.
إنّ الحوار بين المسلمين محبّذٌ بصورة عامة، وهو ضروري بين علمائهم ونخبهم الثقافية بصورة خاصة، وهو السبيل الأفضل ـ إن لم يكن الوحيد ـ للحلّ الجذري لمشاكل المسلمين وخلافاتهم، وهو الذي يعيد للأُمّة عزّها، ويهديها إلى الطريق الصحيح في البناء الحضاري المنشود، القائم على العدل والإنصاف.
من هنا نجد أنّ المحاورات العلمية الهادئة، والبعيدة عن مؤثّرات الأهواء، وهيجانات التغالب الكاذبة يمكنها أن تقدّم دفعاً قوّياً لمسيرة الأمّة نحو الهداية والتقدّم والاتّحاد، وهكذا كان الأمر في هذه المراجعات العلمية التي جرت في موضوع شائك قسّم الأُمّة لمدّة أربعة عشر قرناً، سالت على أثره الدماء، وقامت عليه الأحقاد، قال الشهرستاني في الملل والنحل: “ما سُلّ سيف في الإسلام على قاعدة دينية مثل ما سلّ على الإمامة في كلّ زمان”(۳).
إنّ هذه المراجعات العلمية التي جرت بعيداً عن الأضواء قد أدّت فيما بعد إلى التقريب بين المذاهب الإسلامية، وسيادة روح الوحدة بين أبنائها ممّا جرّ إلى إصدار شيخ الأزهر الشيخ محمود شلتوت فتوىً يجيز بها التعبّد وفق المذهب الجعفري ـ وهو على رأس مؤسسة سنيّة لها تاريخ وكيان قديم ـ وهو بذلك يكون قد رفع ظلماً مارسته المؤسسات الدينية الرسمية ضدّ هذا المذهب على طول التاريخ.
إنّ الاعتراف بالآخر، واحترام عقائده يعدُّ من أرقى وسائل التفاهم التي تقود الأُمّة إلى وراثة الأرض، وتحكيم الدين الإلهي الذي يضمن سعادتها، ويحققّ آمالها.
قال العلاّمة شرف الدين في مقدّمة كتابه: “كان مما اتّفقنا عليه أنّ الطائفتين ـ الشيعة والسنّة ـ مسلمون يدينون حقّاً بدين الإسلام الحنيف”.
ثمّ يضيف: “ونحن لو محّصنا التاريخ الإسلامي، وتبينّا ما نشأ فيه من عقائد وآراء ونظريات ; لعرفنا أنّ السبب الموجب لهذا الاختلاف إنّما هو ثورة لعقيدة، ودفاع عن نظرية أو تحزب لرأي…
وقد طبعت الأجيال المختلفة في الإمامة على حبّ هذه العصبية وألّفت هذه الحزبيّة، بدون تدبّر وبدون رويّة، ولو أنّ كلاً من الطائفتين نظرت في بيّنات الأخرى نظر المتفاهم لا نظر الساخط المخاصم، لحصحص الحقّ وظهر الصبح لذي عينين”.
إذن هكذا يجب أن يكون الحوار بين المسلمين، وعلى هذا المنوال تقوم حضارتهم ويسود دينهم، قال تعالى: (إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسلاَمُ وَمَا اختَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ إِلاَّ مِن بَعدِ مَا جَاءهُمُ العِلمُ بَغياً بَينَهُم) (آل عمران:۱۹).
(۱) كتاب يحتوي على محاورات علميّة جرت بين العالم الشيعي السيّد عبد الحسين شرف الدين، والعالم السنّي شيخ جامع الأزهر سليم البشري في موضوع الخلاف الرئيسي بين الفريقين وهو الإمامة.
(۲) من كبار المستبصرين المهتدين إلى مذهب آل البيت(عليهم السلام)، وهو من تونس، وله مؤلّفات عديدة.
(۳) الملل والنحل ۱: ۲۴٫
المصدر: مركز الأبحاث العقائدية