- الإسلام
- القرآن
- النبي وأهل بيته
- الشيعة
- الأسرة
- أسئلة وأجوبة
- الدعاء وشروط استجابته
- وقت المطالعة : 5 دقیقة
- بواسطة : امین نجف
- 0 تعليق
ولد عام ۱۳۸۹هـ (۱۹۷۰م) في أوغندا بمدينة “كانكيسا”، واصل دراسته الأكاديمية حتّى المرحلة الثانوية، ثمّ توجّه نحو الدراسة الدينية، فأصبح بعدها إمام مسجد منطقته.
منطلق تحوّله المذهبي:
يقول “يوسف زبير” عندما أكملت الدراسة في المرحلة الابتدائية، التحقت بمدرسة أهل البيت(عليهم السلام) في مدينة جينجا، وكانت هذه المدرسة شيعية، وكان أساتذة هذه المدرسة يبيّنون للطلبة بين الحين والآخر بعض الحقائق التاريخية، ومن جملتها الاختلافات التي وقعت بين المسلمين بعد وفاة الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم) حول الخلافة الإسلاميّة.
وبمرور الزمان وبعد اجتيازي مرحلة النضج واستلامي مهمّة إمامة جماعة مسجد منطقتنا، واتجاهي نحو البحث والتحقيق أحببت التثبت ممّا ذكروه لنا هؤلاء الأساتذة، فخصّصت بعض الوقت للبحث حول الاختلافات التي وقعت بين المسلمين حول مسألة الخلافة الإسلامية.
وبعد البحث تعرّفت على حقائق دفعتني إلى التخلّي عن عقائدي الموروثة ، والاتجاه نحو عقائد مذهب أهل البيت(عليهم السلام)، ومن ذلك الحين عرفت سمو مقام أهل البيت(عليهم السلام) عند الله تعالى، وعرفت المظلومية التي واجهوها بعد وفاة الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم). فاتخذت القرار باعتناق مذهب أهل البيت(عليهم السلام)، فأعلنت بعد ذلك استبصاري، ثمّ تصدّيت لمهمّة التدريس والتبليغ، وإمامة الجماعة في جامعة “غولو” الواقعة في شمال أوغندا.
تأثّره بأخلاق أهل البيت(عليهم السلام) :
يقول يوسف زبير: إنّ من جملة الكتب التي تأثّرت بها في استبصاري كتاب “أخلاق أهل البيت(عليهم السلام)” “للسيد مهدي الصدر”.
وقد جاء في هذا الكتاب: “إنّ علم الأخلاق هو العلم الباحث في محاسن الأخلاق ومساوئها، والحثّ على التحلّي بالأولى والتخلّي عن الثانية.
ويحتل هذا العلم مكانة مرموقة، ومحلاً رفيعاً بين العلوم، لشرف موضوعه وسموّ غايته.
فهو نظامها، وواسطة عقدها، ورمز فضائلها، ومظهر جمالها، إذ العلوم بأسرها منوطة بالخلق الكريم، تزدان بجماله، وتحلو بآدابه، فإن خلت منه غدت هزيلة شوهاء، تشير السخط والتقزر.
ولابدع فالأخلاق الفاضلة هي التي تحقّق في الإنسان معاني الإنسانية الرفيعة، وتحيطه بهالة وضّاءة من الجمال والكمال، وشرف النفس والضمير، وسموّ العزة والكرامة، كما تمسخه الأخلاق الذميمة، وتحطّه إلى سويّ الهمج والوحش”(۱).
اختلاف المناهج الأخلاقيّة:
“تختلف مناهج الأبحاث الخلقية وأساليبها باختلاف المعنيّين بدراستها من القدامى والمحدثين: بين متزمّت غال في فلسفته الخلقية، يجعلها جافّة مرهقة عسيرة التطبيق والتنفيذ، وبين متحكّم فيها بأهوائه، يرسمها كما اقتضت تقاليده الخاصة، ومحيطه المحدود، ونزعاته وطباعه، ممّا يجرّدها من صفة الأصالة والكمال، وهذا ما يجعل تلك المناهج مختلفة متباينة، لا تصلح أن تكون دستوراً أخلاقياً خالداً للبشرية”(۲).
أفضل المناهج الأخلاقية:
“الملحوظ للباحث المقارن بين تلك المناهج أنّ أفضلها وأكملها هو: النهج الإسلامي، المستمد من القرآن الكريم، وأخلاق أهل البيت(عليهم السلام)الذي ازدان بالقصد والاعتدال، وأصالة المبدأ، وسمو الغاية، وحكمة التوجيه، وحسن الملائمة لمختلف العصور والأفكار.
وهو النهج الفريد الأمثل الذي يستطيع بفضل خصائصه وميزاته أن يسمو بالناس فرداً ومجتمعاً، نحو التكامل الخلقي، والمثل الأخلاقية العليا، بأسلوب شيّق محبّب، يستهوي العقول والقلوب، ويحقق لهم ذلك بأقرب وقت، وأيسر طريق.
هو منهج يمثّل سمو آداب الوحي الإلهي، وبلاغة أهل البيت(عليهم السلام)، وحكمتهم، وهم يسيرون على ضوئه، ويستلهمون مفاهيمه، ويستقون من معينه، ليحيلوها إلى الناس حكمة بالغة، وأدباً رفيعاً، ودروساً أخلاقية فذّة، تشعّ بنورها وظهورها على النفس، فتزكّيها وتنيرها بمفاهيمها الخيّرة وتوجيههاالهادف البنّاء(۳).
نماذج من أخلاق أهل البيت(عليهم السلام) :
اطلّع “يوسف زبير” على أحاديث أهل البيت(عليهم السلام) حول المفاهيم الأخلاقية، وتجسّد هذه المفاهيم في سلوكهم، فانبهر بعظمة كلامهم وسمو أخلاقهم.
وكان من جملة المواقف التي جسّد فيها أهل البيت(عليهم السلام) الأخلاق:
۱ـ حسن الخلق: ورد أنّه وقف على عليّ بن الحسين(عليه السلام) رجل من أهل بيته فأسمعه وشتمه، فلم يكلّمه، فلمّا انصرف قال لجلسائه: قد سمعتم ما قال هذا الرجل، وأنا أحب أن تبلغوا معي إليه حتّى تسمعوا ردّي عليه.
قال: فقالوا له: نفعل، ولقد كنا نحبّ أن تقول له ونقول، قال فأخذ نعليه ومشى وهو يقول: (وَالكَاظِمِينَ الغَيظَ وَالعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ المُحسِنِينَ ) فعلمنا أنّه لا يقول له شيئاً، قال: فخرج حتّى أتى منزل الرجل، فصرخ به، فقال: قولوا له: هذا عليّ بن الحسين قال: فخرج إلينا متوثّباً للشر، وهو لا يشكّ أنّه إنّما جاءه مكافئاً له على بعض ما كان منه.
فقال له عليّ بن الحسين(عليه السلام): “يا أخي، إنّك كنت قد وقفت عليّ آنفاً، وقلت.
فإن كنت قلت ما فيّ، فاستغفر الله منه”.
وإنّ كنت قلت ما ليس في، فغفر الله لك.
قال: فقبّله الرجل ما بين عينيه، وقال: بل قلت فيك ما ليس فيك، وأنا أحقّ به(۴).
۲ـ الحلم وكظم الغيظ: ورد أنّ شاميّاً رأى الإمام الحسن(عليه السلام) راكباً، فجعل يلعنه! والحسن لا يرد، فلمّا فرغ، أقبل الحسن(عليه السلام)، فسلّم عليه، وضحك.
فقال: أيّها الشيخ، أظنّك غريباً، ولعلّك شبّهت.
فلو استعتبتنا أعتبناك.
ولو سألتنا أعطيناك.
ولو استرشدتنا أرشدناك.
ولو استحملتنا أحملناك.
وإن كنت جائعاً أشبعناك.
وإن كنت عرياناً كسوناك.
وإن كنت محتاجاً أغنيناك.
وإن كنت طريداً آويناك
وإن كانت لك حاجة قضيناها لك.
فلو حرّكت رحالك إلينا، وكنت ضيفاً إلى وقت ارتحالك، كان أعود عليك، لأنّ لنا موضعاً رحباً، وجاهاً عريضاً، ومالاً كثيراً.
فلمّا سمع الرجل كلامه بكى، ثمّ قال: أشهد أنك خليفة الله في أرضه، الله أعلم حيث يجعل رسالته، وكنت أنت وأبوك أبغض خلق الله إليّ، والآن أنت أحبُّ خلق الله إليّ، وحوّل رحله إليه، وكان ضيفه إلى أن ارتحل وصار معتقداً لمحبتّهم(۵).
۳ـ التواضع: قال ضرار حول الإمام عليّ(عليه السلام): “كان فينا كأحدنا، يدنينا إذا أتيناه، ويجيبنا إذا سألناه، ويأتينا إذا دعوناه، وينبئنا إذا استنبأناه، ونحن والله مع تقريبه إيانا، وقربه منا، لا نكاد نكلّمه هيبة له، فإن تبسّم فعن مثل اللؤلؤ المنظوم، يعظّم أهل الدين، ويقرّب المساكين، لا يطمع القوي في باطله، ولا يياس الضعيف من عدله”(۶).
وقال الإمام الصادق(عليه السلام): “خرج أمير المؤمنين صلوات الله عليه على أصحابه، وهو راكب فمشوا معه، فالتفت إليهم فقال: ألكم حاجة؟
فقالوا: لا يا أمير المؤمنين، ولكنّا نحب أن نمشي معك.
فقال لهم: انصرفوا، فإن مشي الماشي مع الراكب، مفسدة للراكب ومذّلة للماشي”(۷).
۴ـ القناعة: كتب المنصور العباسي إلى أبي عبد الله الصادق(عليه السلام): لِمَ لا تغشانا كما يغشانا ساير الناس؟
فاجابه: ليس لنا ما نخافك من أجله، ولا عندك من أمر الآخرة ما نرجوك له.
ولا أنت في نعمة فنهنيك بها، ولا تراها نقمة فنعزيّك بها، فما نصنع عندك؟
فكتب المنصور: تصحبنا لتنصحنا.
فأجاب(عليه السلام) “من أراد الدنيا لا ينصحك ومن أراد الآخرة لا يصحبك”(۸).
۵ ـ خشية الله تعالى: ورد في مناجاة الإمام زين العابدين(عليه السلام): “ومالي لا أبكي! ولا أدري إلى ما يكون مصيري، وأرى نفسي تخادعني، وأيامي تخاتلني، وقد خفقت عند رأسي أجنحة الموت.
فمالي لا أبكي!
أبكي لخروج نفسي.
أبكي لظلمة قبري.
أبكي لضيق لحدي.
أبكي لسؤال منكر ونكير إيّاي.
أبكي لخروجي من قبري عرياناً ذليلاً، حاملاً ثقلي على ظهري، أنظر مرّة عن يميني، وأخرى عن شمالي، إذ الخلائق في شأن غير شأني (لِكُلِّ امرِئ مِّنهُم يَومَئِذ شَأنٌ يُغنِيهِ * وُجُوهٌ يَومَئِذ مُّسفِرَةٌ * ضَاحِكَةٌ مُّستَبشِرَةٌ * وَوُجُوهٌ يَومَئِذ عَلَيهَا غَبَرَةٌ * تَرهَقُهَا قَتَرَةٌ) (عبس:۳۷-۴۱)(۹).
التحوّل المذهبي:
وجد “يوسف زبير” بعد اطلاعه على علوم ومعارف وأخلاق أهل البيت(عليهم السلام)، وبعد اطلاعه على النصوص الواردة عن رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)حول تنصيبهم للإمامة الإلهية، بأنّ الأدلة والبراهين تحتّم عليه التحوّل المذهبي، والتخلّي عن مذهبه الذي تلقّاه من منطلق التقليد الأعمى من آبائه، والاتجاه نحو مذهب أهل البيت(عليهم السلام) ولهذا اتّخذ “يوسف زبير” قراره النهائي وأعلن استبصاره، واعتناقه لمذهب أهل البيت(عليهم السلام).
وحاول البعض ممن حوله أن يرجعوه إلى مذهبه السابق عن طريق الاستهزاء به وشتمه ومحاربته نفسياً، ولكنّه صمد أمام جميع هذه المضايقات، وبدأ بنشر الحقائق التي توصّل إليها، وكان منطلق دعوته لزوجته وأولاده، فلم تمض فتره إلاّ واستبصر هؤلاء على يديه.
وتعرّف “يوسف زبير” ذات يوم على شخص مسيحي، فدعاه إلى الإسلام، وبيّن له علوم ومعارف أهل البيت(عليهم السلام) فانجذب ذلك الشخص المسيحي نحو هذه العلوم والمعارف، وتوجّه نحو البحث حتّى استبصر.
كما استبصر مجموعة أشخاص آخرين أيضاً على يد “يوسف زبير” نتيجة الجهود المكثفة التي بذلها في نشر مذهب أهل البيت(عليهم السلام).
وهو لا يزال مستمراً في كشف الحقائق للآخرين ودعوتهم إلى الحقّ وتقريبهم إلى مذهب التشيّع على رغم بعض العراقيل التي يضعها البعض من المخالفين في طريقه.
وقد وطنّ “يوسف زبير” نفسه لتحمّل كافة المشاكلّ في هذا السير ; لأنّه يعلم بأنّ أهل البيت(عليهم السلام) تحملّوا ما تحمّلوا في سبيل نشرهم للحق، والماضي على سبيلهم أيضاً ينبغي أن يتحلّى بالصبر، وسيعينه الله تعالى في هذه الدنيا، ويساعده ويحعله في كنف رحمته، ثمّ يخلّده بعد الممات في جنانه، ويجعله من السعداء والفائزين، وهذه تجارة مربحة يسّرها الله تعالى للذين يتعاملون معه، ويبيعون أنفسهم وأموالهم لتكون لهم الجنة، وقد قال تعالى: (إِنَّ اللّهَ اشتَرَى مِنَ المُؤمِنِينَ أَنفُسَهُم وَأَموَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ) (التوبة:۱۱۱).
(۱) أخلاق أهل البيت(عليهم السلام) السيّد مهدي الصدر: ۵ ـ ۶٫
(۲) أخلاق أهل البيت(عليهم السلام) السيّد مهدي الصدر: ۶٫
(۳) المصدر السابق: ۶ ـ ۷٫
(۴) إرشاد المفيد ۲: ۱۴۵، بحار الأنوار، العلاّمة المجلسي: ۱۱: ۱۷٫
(۵) مناقب آل أبي طالب ۳: ۱۸۴، بحار الأنوار العلاّمة المجلسي ۹: ۹۵٫
(۶) انظر: شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ۱۸: ۲۲۵، تاريخ مدينة دمشق ۲۴: ۴۰۱، أمالي الشيخ الصدوق: ۷۲۴، كنز الفوائد للكراجكي: ۲۷۰٫
(۷) المحاسن للبرقي ۲: ۶۲۹، الكافي ۶: ۵۴۰٫
(۸) كشف الغمة ۲: ۴۲۷٫
(۹) مصباح المتهجّد: ۵۹۱، الصحيفة السجادية: ۲۲۶ (أبطحي).
المصدر: مركز الأبحاث العقائدية