- الإسلام
- القرآن
- النبي وأهل بيته
- الشيعة
- الأسرة
- أسئلة وأجوبة
- الدعاء وشروط استجابته
- وقت المطالعة : 6 دقیقة
- بواسطة : امین نجف
- 0 تعليق
السؤال:
هل للعولمة تأثير على حركة ظهور الإمام المهدي (عجل الله فرجه)؟
الجواب:
بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطاهرين..
العولمة هي محاولة صوغ نظم وقيم جديدة يرتكز عليها النظام العالمي الذي يفكرون فيه، وهؤلاء الذين يسعون إلى صوغ هذه النظم، وإلى التلاعب بالقيم وإيجاد بدائل عن بعضها، والاستغناء عن البعض الآخر، إنما يفعلون ذلك لأهداف ترتبط بمصالحهم، أو لأهداف فئوية، أو طبقة بعينها. ولا يريدون للشعوب أن تعيش العالمية بالمعنى الصحيح، لأن نظمهم وقيمهم لا تُصلح المجتمعات العالمية ولا تحل مشاكلها، وإنما تؤثر على فطرتها، وتنسف الكثير من القيم الحقيقية المقبولة التي من شأنها حفظ مسيرتها. حيث إن الحق هو الذي يحفظ الوجود، وبه يتنامى الإنسان ويتكامل، وهؤلاء الذين يسعون إلى العولمة إنما يريدون أن يُخضعوا البشرية لمجموعة نظم تسلب اختيارها، وتجعل كل جهدها وحركتها في خدمة أهدافهم، وتهيمن على مسيرتها، وتمتص خيراتها وقدراتها وإمكاناتها، وسينتج عن ذلك تخريب لفطرة الشعوب، وبلبلة في المفاهيم، وغياب للقيم.
وهذا الأمر يعرقل حركة الظهور، لأن الإمام المهدي (عجل الله فرجه) لا بد أن يظهر في محيط قادر على احتضان حركته، والدفاع عنها وحمايتها، فإذا لم تكن هناك فطرة صحيحة، وقيم واقعية إلهية، فلا يمكن أن يوجد ذلك المجتمع الذي يحمي حركة الإمام (عجل الله فرجه) ويساعد على انتصارها في معركتها مع الفريق الظالم.
إذن لا بد أن يكون هناك نوع من عدم العولمة، لتكون هناك مجتمعات قادرة على أن تنفلت من نير الاستعباد العولمي، تتنامى، وتتربى، فيها كوادر وذهنيات وطموحات تتناسب مع فكر الإمام (عجل الله فرجه) وتوجهاته، وتُربي له الجنود الذين سيكونون حماة دعوته.
السؤال:
ولكن الروايات تقول بأن الإمام (عجل الله فرجه) سيظهر بعد أن تُملأ الأرض ظلماً وجوراً، وقد فسر البعض هذا الأمر بأن ظهوره (عجل الله فرجه) مرتبط بكثرة الفساد والظلم؟
الجواب:
الإمام المهدي (عجل الله فرجه) لا يخرج بطريقة المعجزة المطلقة، بدليل أن خروجه سيترافق مع القتال والاستشهاد، وستكون هناك حروب فيها انتصارات، وفيها مآسي، فلو كانت القضية قضية إعجاز إلهي لما كان تأخر الظهور إلى هذا الوقت، ولما احتاج (عجل الله فرجه) إلى الحرب.
فالله تعالى يريد للناس أن يمارسوا حرياتهم واختيارهم بحيث لو أنه بقدرته الغيبية والإلهية قد سلب هذا الاختيار منهم، لكان تعالى ظالماً لهم (تعالى الله عن ذلك) والله ليس بظلام للعبيد..
لا بد للناس أن يمارسوا اختيارهم، ولذلك فإن بعضهم يحارب الإمام (عجل الله فرجه)، فلو كانت القضية غيبية، لكانوا مُنعوا من هذه الحرب.
وأما التدخل الإلهي فإنه إن حصل، فإنما يحصل في خارج دائرة اختيار الإنسان وليس في محيطه، مثل التدخل الذي حصل في قضية النبي إبراهيم (عليه السلام) حين قال للنار: كوني برداً وسلاماً. لكنه سبحانه لم يمنع جنود النمرود من جمع الحطب، ولم يحبس أقدامهم عن المشي في هذا السبيل، ولم يمنعهم من إضرام النار والاتيان بالمنجنيق، ولا من الإمساك بإبراهيم (عليه السلام)، وحمله، ووضعه، وإرساله إلى النار.
بل اشتعلت النار، وحصل كل شيء أرادوه، ثم تدخل الله خارج دائرة اختيارهم، وقال للنار: كوني برداً وسلاماً..
السؤال:
هل يصح الجزم بتطبيق علامات الظهور على مفردات الواقع؟
الجواب:
علامات الظهور هي قضايا تحدثت عنها مجموعة نصوص ذُكرت في كلام الرسول والأئمة صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين.
وقد ربطت بعض هذه النصوص بعض علامات الظهور بالإمام أو بالزمان القريب من ظهوره.
وبعضها الآخر ورد تحت عنوان ما يحدث في آخر الزمان، مما أطلق عليه اسم الملاحم والفتن، آخر الزمان وفيه إشارة إلى الإمام (عجل الله فرجه) لأنه هو الذي يتوّج جهود الأنبياء، وتُبنى دولة المؤمنين على يديه.
وبعض الأحاديث التي رُبطت بالظهور كانت صريحة وظاهرة الانطباق، وعلى سبيل المثال في قضية انتقال الحوزة من النجف الأشرف إلى قم. قد صرحت الرواية بحصول ذلك عند قرب ظهور الإمام القائم (عجل الله فرجه). لكن هذا القرب لم يتحدد مقداره.
وقد تحقق الأمر، وانتقلت الحوزة في أوائل السبعينات. فهنا لا إشكال في التطبيق.
أما التطبيق بالنسبة للقرب ومقداره، وتحديد الوقت، فإنه في غير محله وهو عبارة عن تكهنات، ورجم بالغيب..
وعلامات الظهور هي أشياء محددة قالها النبي والأئمة عليهم الصلاة والسلام، لأجل الربط على قلوب شيعة أهل البيت (عليهم السلام) وهم يواجهون التحديات والشبهات والضغوطات الهائلة. فإذا انطبقت انطباقاً صريحاً فلا إشكال، وإلا فنحن لسنا بحاجة إلى محاولة تمحّل الانطباق والتماس التأويلات بشكل غير ظاهر.
السؤال:
يُقال إن المهدي (عجل الله فرجه) عند ظهوره يخاطب العالم كلّ بلغته، ويشاهده من في الشرق والغرب، فهل يمكن اعتبار الستالايت والإنترنت ووسائل الاتصال الحديثة من مقدمات ظهور الإمام (عجل الله فرجه)، لأن هذه الوسائل تنطبق على ما جاء في الروايات؟
الجواب:
هذه ليست من علامات الظهور، ولكن لا بأس بها لتقريب الفكرة لأجل تيسير الإيمان بالأمور التي وردت في الروايات.
إن وجود هذه المخترعات ييسر لنا الإيمان بصحة وصدور الروايات التي تتحدث عن أن النبي (صلى الله عليه وآله) والإمام (عليه السلام) يشهدون على الخلق ويرون أعمالهم، ولكنهم لا يرون الأعمال بهذه الوسائل كشاشة التلفاز، ولا يسمعون أقوالهم بواسطة جهاز إرسال، بل هناك إمكانات زوّدهم الله بها لا تخطر لنا على بال. فهذه الاختراعات إذن يمكن أن تقرّب لنا التصديق واليقين بتلك الأمور الأكثر دقة، وتيسر فهمها لنا، وإن لم نستطع أن نعرف حقيقتها بدقة.
وأيضاً هناك رواية عن أن من في المشرق يسمع من في المغرب، فيمكن تطبيقها على آلات الاتصال الموجودة اليوم.
ومن أمثلة تيسير الإيمان ببعض الحقائق، أننا مثلاً لم نعد نتحير: كيف يستطيع ملك الموت أن يقبض روح من في المشرق والمغرب في لحظة واحدة. بحيث يكون واقفاً أمام كل واحد منهم في نفس اللحظة. فقد بدأنا ندرك أن هذا ليس محالاً عقلاً، لكن لا نستطيع نحن أن نكتشف حقيقته بسبب قصور فينا.
وأيضاً يقول القرآن الكريم: {فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ}(۱).
وقوله: {إِنَّ يَوْماً عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ}(۲).
وهناك بعض الروايات قد أشارت أيضاً إلى التصرف في الزمان، ومعنى ذلك أن التصرف بالزمن ممكن، كما أن التصرف بالمكان ممكن أيضاً، كما ورد في قوله تعالى: {يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاء كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ}(۳) وكما في موضوع طي الأرض للأنبياء والأئمة (عليهم السلام)، وكما ظهر في موضوع معراج الرسول إلى السماوات كلها في ليلة واحدة.. فالمكتشفات يسّرت لنا الإيمان بهذه الأمور، وإن لم نستطع أن ندرك حقيقتها بطريقة مباشرة.
السؤال:
هل لقيام الكيان الصهيوني علاقة بظهور الحجة (عجل الله فرجه) وكيف؟
الجواب:
ما نقرؤه في القرآن الكريم يدلنا على أن هناك دولة ستنشأ. وأن هناك إفساداً وعلواً واستكباراً من اليهود سيحصل في آخر الزمان. وسيكون لهم مع أهل الحق صولات وجولات، ونزاع عظيم.
وقد بدأ تحقق هذا الأمر قبل خمسين سنة، ولا نزال نعيش أحداثه، ونشاهد فصوله..
وقد ترافق ذلك مع موضوع انتقال الحوزة من النجف الأشرف إلى قم، وقلنا إن الأحاديث أشارت إلى أن ذلك سيحصل (عند قرب الظهور)، وها قد مضى نحو ثلاثين سنة على انتقال الحوزة.
وذلك كله يدل على أن الحدث الإسرائيلي الذي ترافق مع قرب الظهور هو الآخر إنما حصل عند قرب ظهور قائمنا (عجل الله فرجه) بحسب النص.
لكن السؤال هنا: هل سيحصل بداء في قصر وطول الزمان ما بيننا وبين الإمام (عجل الله فرجه)؟ وما هو مداه؟ وكيف سيكون التعامل مع الأحداث؟ وهل هذا التعامل مع الأحداث سيؤخر الظهور أم سيقربه؟ هذا ما لا نعلمه!
السؤال:
ما هي علامات الظهور الحتمية، والعلامات غير الحتمية؟ وما الفرق بينهما؟ ولماذا يكون هناك فرق؟
الجواب:
العلامات الحتمية هي المتصلة بالظهور مباشرة، لأجل الدلالة على الإمام (عجل الله فرجه)، حتى لا يبقى عذر لمعتذر على وجه الأرض، فيقول: إنه ما عرف الإمام، أو شك فيه.
فهذه العلامات، ومنها الخسف بالبيداء، وخروج الشمس من مغربها، وخروج السفياني. والأمور الأخرى التي ذكرت في الأحاديث، تكون لقطع العذر، وإقامة الحجة.
أما العلامات غير الحتمية فقد ورد في الروايات، أنها تكون في معرض البداء، ويمكن هنا توضيح البداء بصورة مختصرة جداً، فنقول:
البداء هو في الحقيقة إخبار عن الأمور بحسب ما تقتضيه طبائعها، دون أن يخبر عن الطوارئ والعوارض، كأن نقول: إن هذه السيارة بحسب وضعها العادي تخدم عشر سنوات، لكن لم نقل: إنها بعد عشرة أيام ستتعرض لحادث مروع وتتحطم.
أو نقول: هذا الإنسان يعيش مئة سنة بحسب تكوينه الطبيعي وما يقتضيه قانون الحياة، ولكن لا نخبر أحداً عن أن إنساناً سيقتله وهو في سن الثلاثين رغم معرفتنا بذلك، أو لا نقول: إنه إذا وصل رحمه سيعيش مئة وثلاثين سنة، وإذا قطع رحمه فينقص من عمره ثلاثون عاماً.
فالذي يكتب في اللوح ـ لوح المحو والإثبات ـ وقد يطلع الله عليه بعض ملائكته أيضاً، يقتصر على ذكر ما اقتضته القوانين والحكمة، والرسول (صلى الله عليه وآله) يخبرنا به، لكن لا يخبرنا عن الموانع والأشياء المستجدة. أما ما في أم الكتاب ففيه ذلك كله.. لكن الرسول إنما يخبرنا بما في لوح المحو والإثبات لأننا لو عرفنا ما في أم الكتاب، وهو المطابق لعلم الله تعالى لصرنا جبريين، ولأصبحنا لا نخطط، ولا نعمل ولا نتنامى، ولشُلت الحياة.
فالبداء شيء مهم جداً في ديمومة الحياة، وفي الطموح للمستقبل، بل إن الاطلاع على بعض الأحداث المستقبلية قد يفسد الحياة، ويضر بالعلاقات الاجتماعية وغيرها..
وهذا المبدأ مهم أيضاً في علامات الظهور، فإنه يمنع أيضاً شعورنا بالجبرية، والخمول، والاستسلام للظالمين، وخلاصة القول: أن الاعتقاد بالبداء في علامات الظهور لازم، والاعتقاد بعلامات الظهور لازم أيضاً، بحيث لو وُجد أحدهما دون الآخر لوقعنا في الخلل.
السؤال:
هل يمكن لأحد أن يرى الإمام الحجة (عجل الله فرجه)؟
الجواب:
يمكن ذلك، وليس هناك مانع من رؤية الإمام المهدي (عجل الله فرجه)، ولكن لا يصح لأحد أن يدّعي أنه يحمل منه مهمات ورسائل ونحو ذلك.
وقد رآه كثير من علمائنا ولكنهم بقوا في دائرة عدم الادعاء، ولم يقل أحد منهم أنه كُلّف بمهمة ما.
السؤال:
كيف نميز بين من يرى الإمام (عجل الله فرجه) حقيقة، وبين من يدّعي ذلك كذباً؟
الجواب:
على من يرى الإمام (عجل الله فرجه) أن يثبت ذلك بشكل قطعي بعد أن يعلم بأن هذا الذي رآه هو الإمام بشكل جازم أيضاً، وكيف يستطيع أن يثبت ذلك؟ وأنى له به؟..
ولا بد للذي يتمكن من رؤية الإمام (عجل الله فرجه) أن يكون قد بلغ من التقوى والانضباط والورع، بحيث يراه كل البشر على خط الله، وفي صراط الحق. وأن لا يدّعي أنه كلّف بأي مهمة أو تكليف، خصوصاً فيما يرتبط بالتعديات على حقوق البشر، كأن يقول: رأيت الإمام (عجل الله فرجه) وقال لي: إن فلاناً فاجر..
فهذا ما لا يفعله علماؤنا. وهم يتسترون على رؤيته له (عجل الله فرجه) ما أمكنهم، فالمعلن به متهم في دينه، وفي نواياه، وفي تقواه.
السؤال:
ولكن هناك من يتحدث عن أخذ تكاليف خاصة من الإمام (عجل الله فرجه)؟
الجواب:
هذا ليس صحيحاً، ولا يوجد تكليف خاص، وهؤلاء هم الذين ورد الحديث الشريف ليقول عنهم: من رآنا فكذبوه. أي من ادعى ذلك، وأعلن به، وأراد أن يستفيد منه في التعرض للآخرين.. حتى ولو بكسب تعظيمهم، وإكرامهم، وطاعتهم له.. فكذبوه..
وكما قلت: إن هؤلاء متهمون في دينهم، وفي تقواهم، وفي نواياهم.
والحمد لله رب العالمين..
ـــــــــــــــ
(۱) سورة المعارج، الآية۴٫
(۲) سورة الحج، الآية۴۷٫
(۳) سورة الأنبياء، الآية۱۰۴٫
الکاتب: السيد جعفر مرتضى العاملي