- الإسلام
- القرآن
- النبي وأهل بيته
- الشيعة
- الأسرة
- أسئلة وأجوبة
- الدعاء وشروط استجابته
- وقت المطالعة : 3 دقیقة
- بواسطة : امین نجف
- 0 تعليق
منذ بداية الكون، وعلى امتداد التاريخ سنلاحظ حيت إستقرائنا وتتبعنا لمجريات الأحداث والنزاعات التي كانت تشتبك فيها الشعوب والحضارات المتعاقبة، نرى أن عناوين كل هذه الأحداث التاريخية تأتي في الدرجة الأولى في سياق الكسب وحب السيطرة على الثروات لدى الآخرين واخضاع الشعوب تحت لوائها كراهية لأنها هي الأقوى والأقدر على فرض سيطرتها بالقوة إيذانا منها بأنها هي صاحبة الحق لأنها الأقوى تاركة لنفسها حرية التصرف بمقدرات الشعوب وطاقاتها المادية والبشرية ، حتى يصل بها الأمر إلى سلب تلك الشعوب حقها في تقرير مصيرها بل سلبها أيضا إنتماءها العرقي وهويتها الفكرية بل يتعدى ذلك إلى طمس الهوية الدينية لتلك الشعوب والمجتمعات
وإذا استعرضنا تاريخ الكيانات والامبراطوريات المتعددة التي قامت على أنقاض بعضها البعض، تأتي كلها ضمن إيقاع الطمع والجشع وحب بسط النفوذ والسيطرة والإستيلاء في الأرض ، بغض النظر عن حجم الخسائر التي تؤدي إليه طريقة انتزاع السلطة وارتقاء كرسي الحكم والتسلّط على رقاب البشر ونزعهم كل مقدراتهم وثرواتهم.
هذا كان في كل العصور وعلى امتداد الزمن.
ولكن هذه الحضارات والامبراطوريات المترامية الأطراف أصبحت وبعد فترة في دائرة النسيان والزوال لأنها منذ بداية إقامتها كانت تفتقر إلى أبسط قواعد القيم والأخلاق هذا بالإضافة إلى فقدان البعد الديني والإنساني، وهو السبب الأهم، إذ أن كل ذلك أدى إلى انهيار تلك المعالم ولم يبق منها سوى الأطلال. وحتى أن الملوك والأباطرة والقياصرة ورموز الإستكبار والأمبريالية ، الجميع صار في مدافن التاريخ ، لأن كل مزاياهم وحركتهم كانت على النقيض من القيم والأخلاق .
إلا أن هناك ثورة وحيدة مميزة وفريدة من نوعها من حيث القيادة والهدف معا بحيث بلغت من السمو والرفعة وشرف المقام ما لم تبلغه ثورة من الثورات الإنسانية في التاريخ، لأنها تحمل في مضمونها هدفاً سامياً نبيلاً له علاقة بالخالق الباري عزّ وجلّ ، كما له علاقة بالإنسان .
وتلك هي ثورة العاشر من شهر محرّم التي قادها سيد الشهداء الإمام أبو عبد الله الحسين عليه السلام، الذي شرب من معين بيت النبوة وتتلمذ على يديّ جده محمد رسول الله صلى الله عليه وآله وأبيه علي عليه السلام ليصبح في موقع القيادة والخليفة الذي يعمل بجهد وإخلاص من خلال تعاليم الدين والشريعة.
فعندما أصبح هذا الدين في خطر، وعندما صاردم الإنسان في مهب الريح، وصارت الكرامة الإنسانية مسحوقة ،يعبث بها العابثون من حكام الجور والرذيلة .
تحرك سيد الشهداء سلام الله عليه بثورته معلناً رفضه البيعة للحكام الفجرة الذين كادوا أن يجهزوا على تلك الرسالة السمحاء لمحو معالمها وأسسها التي جاء بها سيد المرسلين (ص) فوقف في وجه حكام الجور من بني أمية واستمر في الموقف الفدائي الخالص لله في نهجه الرسالي بثبات مع ثلة من الأصحاب المخلصين الأخيار الذين وهبوا أرواحهم للدين والدفاع عنه.
ورغم تفاوت القدرات من حيث العدة والعدد، لم يكن هذا الجانب المادي ليثني الحسين وأصحابه عن عزمهم وثباتهم في الدفاع عن الدين والعقيدة. لأن هدفهم السامي بقيادة إمامهم كان واضحاً لا لبس فيه ولذلك كان الموقف ثابتا وقويا ،فالهدف ليس كسب الحرب أو المنصب أو الزعامة، بل كان الهم الرسالي منذ البداية هو مرضاة الباري عزّ وجلّ. وليس هناك من إستغراب أمام هذا المنطق، كيف وهم تلامذة مدرسة الإمام علي عليه السلام .
إن ثورة إمامنا المظلوم وسيدنا أبي عبد الله عليه السلام لا تزال متجددة تطل علينا مع كل عام بالكثير من الفوائد والدروس والعبر. ومنذ حدوث تلك الفاجعة المؤلمة ولأكثر من ألف وأربعمائة عام وهي حية حاضرة تعيش في قلوب كل محبي أبي عبد الله عليه السلام بل تسير في عروقهم مع دمائهم وها نحن في كل عام وعلى وقع عاشوراء ، وفي رحاب الأربعين يتخرج من مدرسة أبي عبد الله عليه السلام آلاف المجاهدين مجددين البيعة لسيد الشهداء وستبقى عاشوراء الحسين عليه السلام الشعلة التي لا تنطفأ أبدا الدهر والمعين الذي لا ينضب والنموذج الحي في أحاسيسنا نعيشها معه لحظة بلحظة لكي تصبح كل أرض كربلاء وكل يوم عاشوراء.
سيدي أبا عبد الله: إنا نعاهدك في السير على خطاك وعلى نهجك الرسالي وكما علمتنا أن نبقى أوفياء وأنصاراً للحق وأعداء ًللظلم والظالمين حتى قيام دولة الحق والمستضعفين بقيادة حفيدك المهدي المنتظر أرواحنا له الفداء