- الإسلام
- القرآن
- النبي وأهل بيته
- الشيعة
- الأسرة
- أسئلة وأجوبة
- الدعاء وشروط استجابته
- وقت المطالعة : 20 دقیقة
- بواسطة : امین نجف
- 0 تعليق
المقدّمة ۱
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ربّ العالمين ، والصلاة والسلام على أشرف خلق الله محمّد وآله الطاهرين .
قال تعالى في محكم كتابه ومبرم خطابه : ( وَألْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّـقْوَى وَكَانُوا أحَقَّ بِهَا وَأهْلَهَا )(۲) .
لطالما وصّى الله سبحانه وتعالى بالتقوى ، وأمر الإنسان أن يتّقي الله في حياته حقّ تقاته ، فإنّه قد جُمعت جميع خيرات الدنيا وحسنات الآخرة في كلمة واحدة ، ألا وهي التقوى ، وما أدراك ما التقوى ؟ ما أروعها وأجملها وأثقلها ، فقد حوت وانطوت على سعادة الدارين ، وقد حثّت عليها الكتب السماوية والشرائع الإلهية والرسل والأنبياء لا سيّما خاتمهم (عليهم السلام) في أحاديثهم القدسية ، وكذلك أهل بيت العترة الطاهرة في أخبارهم الربّانية ، فإنّهم أمروا الناس بأن يتحلّوا بهذه الصفة المباركة الجامعة للأخلاق الحسنة والصفات الكريمة ، ومن ثمّ ليتجلّوا ويحلّقوا في سماء الفضائل والمكارم مكلّلين بتاج التقوى .
ولو نظرنا بإمعان ودقّة في كتاب الله الكريم الذي يهدي للتّي هي أقوم لرأينا الشيء العجاب ، في ما علّقه عليها ، وبيّن آثارها ومعالمها من خير وثواب وشموخ ورفعة ، وما أضاف عليها من كرامات ومقامات عليّة ، وسعادات دنيوية واُخروية ، بمعطياتها الأبدية الخالدة ، وأثرها البالغ في النفوس والمجتمع في تمام حقوله ، وشتّى نواحيه ، وجميع طبقاته ، ما يكلّ اللسان عن بيانه والقلم عن تحريره .
ثمّ إنّ التقوى مفهوم كلّي مشكّك له مراتب طولية وعرضية ، إلاّ أنّ جذورها ثلاثةٌ كما ورد ذلك في الخبر الشريف(۳) .
۱ـ التقوى من خوف النار والعقاب ، وتتمثّل بإتيان الواجبات وترك المحرّمات ، وهي تقوى العامّة من الناس الذين هم مكلّفون بتحصيل هذه المرحلة ، وإن لم يتحلّوا بها فهم في عداد الفاسقين .
۲ـ التقوى من الله ، وهي ترك الشبهات فضلا عن الحرام ، وهي تقوى الخواصّ من الناس الذين يتورّعون عن الشبهات ، ولا يقتحمونها فضلا عن ترك المحرّمات .
۳ـ التقوى في الله سبحانه وتعالى ، وهي تتمثّل بترك الحلال فضلا عن الشبهات ، وهي تقوى خواصّ الخواصّ ، حيث إنّ حسنات الأبرار سيّئات المقرّبين ، فالمقرّب ووليّ الله يترك ما يحلّ له من الملاذ والشهوات ، ويزهد في الدنيا فضلا عن اقتحام الشبهات ، ولا يلقّاها إلاّ ذو حظٍّ عظيم ، ولله الحجّة البالغة : ( وَنَـفْس وَمَا سَوَّاهَا * فَأ لْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَـقْوَاهَا )(۴) .
وإلى هذه المراتب الثلاث اُشير في الكتاب الإلهي بقوله تعالى : ( لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إذَا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ثُمَّ اتَّقَوْا وَآمَنُوا ثُمَّ اتَّقَوْا وَأحْسَنُوا وَاللهُ يُحِبُّ المُحْسِنِينَ )(۵) .
وقد وردت كلمة التقوى ومشتقّاتها في القرآن الكريم في ۲۵۷ آية(۶) ، أذكر نبذة منها تحت عناوين خاصّة تشير إلى عظمة التقوى ومقامها الشامخ ، وعلى القارئ العزيز أن يروي ظمأه من مناهل التحقيق والتنقيب والتفسير والبيان ، بل وعليه بالتفكّر والتأمّل والتدبّر في هذه الآيات ، فإنّه ينفتح له آفاق جديدة ، ومعاني سامية عندما يقرأ موضوع التقوى من خلال القرآن الكريم في مطالعة واحدة ، فإنّه يربط الآيات بعضها مع بعض ، فإنّ القرآن الكريم يفسّر بعضه بعضاً .
الفصل الأوّل : مصاديق التقوى
نتعرّض أوّلا إلى بعض مواردها ومصاديقها التي منها :
۱ـ إقامة الصلاة :
( وَأنْ أقِيمُوا الصَّلاةَ وَاتَّقُوهُ وَهُوَ الَّذِي إلَيْهِ تُحْشَرُونَ )(۷) . ( مُنِيبِينَ إلَيْهِ وَاتَّـقُوهُ وَأقِيمُوا الصَّلاةَ وَلا تَكُونُوا مِنَ المُشْرِكِينَ )(۸) .
وهذا يعني أنّ من يترك الصلاة هو من المشركين في العمل ، فإنّ الشرك إمّا أن يكون في العقيدة بأن يشرك مع سبحانه كالثنوية ، وإمّا أن يكون في العمل كالمرائي فإنّه مشرك في مقام العمل . فالمؤمن العالم يخشى الله سبحانه وتعالى ويتّقيه ، إلاّ أنّك تجد أكثر الناس للحقّ كارهون ، وإنّهم قد فسقوا عن أمر ربّهم وغرّتهم الحياة الدنيا وملاذّها ، فطغوا في البلاد وأكثروا فيها الفساد والجور والفواحش ما ظهر منها وما بطن : ( ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالحِجَارَةِ أوْ أشَدُّ قَسْوَةً وَإنَّ مِنْ الحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الأنْهَارُ وَإنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ المَاءُ وَإنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللهِ )(۹) .
( يَا أيُّهَا النَّبِيُّ ا تَّقِ اللهَ وَلاَ تُطِعِ الكَافِرِينَ وَالمُنَافِقِينَ إنَّ اللهَ كَانَ عَلِيماً حَكِيماً )(۱۰) . ( قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالأرْضِ أمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالأبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الحَيَّ مِنَ المَيِّتِ وَيُخْرِجُ المَيِّتَ مِنَ الحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الأمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللهُ فَقُلْ أفَلا تَـتَّـقُونَ )(۱۱) . ( وَقَالَ اللهُ لا تَتَّخِذُوا إلَهَيْنِ ا ثْنَيْنِ إنَّمَا هُوَ إلَهٌ وَاحِدٌ فَإيَّايَ فَارْهَـبُونِ * وَلَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَالأرْضِ وَلَهُ الدِّينُ وَاصِباً أفَغَيْرَ اللهِ تَـتَّـقُونَ )(۱۲) .
( إنَّمَا المُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إذَا ذُكِرَ اللهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زَادَتْهُمْ إيمَاناً وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّـلُونَ )(۱۳) . ( يَا أيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إنْ تَتَّقُوا اللهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَاناً وَيُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّـئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللهُ ذُو الفَضْلِ العَظِيمِ )(۱۴) . ( فَاتَّـقُوا اللهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأطِيعُوا وَأنفِقُوا خَيْراً لأنْفُسِكُمْ )(۱۵) . ( وَقِيلَ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا مَاذَا أ نْزَلَ رَبُّكُمْ قَالُوا خَيْراً لِلَّذِينَ أحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّ نْيَا حَسَنَةٌ وَلَدَارُ الآخِرَةِ خَيْرٌ وَلَنِعْمَ دَارُ المُتَّقِينَ )(۱۶) . ( وَيُـنَجِّي اللهُ الَّذِينَ اتَّـقَوا بِمَفَازَتِهِمْ لا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ )(۱۷) .
( وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يُكَفِّرْ عَـنْهُ سَيِّـئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أجْراً )(۱۸) . ( يَا أيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إلاَّ وَأنْتُمْ مُسْلِمُونَ )(۱۹) . ( يَا أيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ا تَّـقُوا اللهَ وَلْـتَـنْظُرْ نَـفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدوَا تَّـقُوا اللهَ إنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ )(۲۰) . ( فَلا تُزَكُّوا أنفُسَكُمْ هُوَ أعْلَمُ بِمَنِ اتَّـقَى )(۲۱) . ( خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّة وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ )(۲۲) . ( وَتَزَوَّدُوا فَإنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا اُوْلِي الألْبَابِ )(۲۳) .
واعلم أنّ الدعوة إلى التقوى هي دعوة الله ودعوة أنبيائه ورسله وأوصيائهم وأولياء الله والعلماء الصالحين الذين هم ورثة الأنبياء . ( فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ مَا لَكُمْ مِنْ إلَه غَيْرُهُ أفَلا تَـتَّقُونَ )(۲۴) . ( وَإبْرَاهِيمَ إذْ قَالَ لِقَوْمِهِ اعْبُدُوا اللهَ وَاتَّـقُوهُ )(۲۵) . ( سَيَقُولُونَ للهِ قُلْ أفَلا تَتَّـقُونَ )(۲۶) . ( إذْ قَالَ لَهُمْ أخُوهُمْ نُوحٌ ألا تَتَّـقُونَ )(۲۷) . ( إذْ قَالَ لَهُمْ أخُوهُمْ هُودٌ ألا تَتَّـقُونَ )(۲۸) . ( إذْ قَالَ لَهُمْ أخُوهُمْ صَالِـحٌ ألا تَتَّـقُونَ )(۲۹) .
( إذْ قَالَ لَهُمْ أخُوهُمْ لُوطٌ ألا تَتَّـقُونَ )(۳۰) . ( إذْ قَالَ لَهُمْ شُعَيْبٌ ألا تَتَّـقُونَ )(۳۱) . ( وَإنَّ إلْيَاسَ لَمِنَ المُرْسَلِينَ * إذْ قَالَ لِقَوْمِهِ ألا تَتَّـقُونَ )(۳۲) . ( وَمَا كَانَ اللهُ لِيُضِلَّ قَوْماً بَعْدَ إذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ مَا يَتَّـقُونَ )(۳۳) . ( وَاتَّقُوا اللهَ وَاعْلَمُوا أنَّكُمْ مُلاقُوهُ وَبَشِّرِ المُؤْمِنِينَ )(۳۴) . ( فَاتَّقُوا اللهَ يَا اُولِي الألْبَابِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ )(۳۵) . ( وَهَذَا كِتَابٌ أنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ )(۳۶) .
۲ـ إيتاء الزكاة :
( فَسَأكْتُـبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّـقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ )(۳۷) . ( وَسَيُجَـنَّـبُهَا الأتْـقَى * الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَـتَزَكَّى )(۳۸) . والزكاة إمّا واجبة أو مستحبّة ، وأحكامها مذكورة في الكتب الفقهية .
۳ـ ترك الربا :
( يَا أيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنْ الرِّبَا )(۳۹) . وقد ذمّ الله الربا حتّى جعله حرباً مع الله سبحانه .
۴ـ أداء الأمانة :
( فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أمَانَتَهُ وَلْيَتَّقِ اللهَ رَبَّهُ )(۳۴۰) . فإنّ أداء الأمانة من علامة المؤمن ، كما أنّ الخيانة من علامة المنافق وإن صلّى وصام .
۵ـ صلة الرحم :
( وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأرْحَامَ )(۴۱) . وما أكثر الآيات الكريمة والروايات الشريفة في استحباب صلة الرحم وحرمة قطعه .
۶ـ ابتغاء الوسيلة :
( يَا أيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَابْتَغُوا إلَيْهِ الوَسِيلَةَ )(۴۲) . ومن الوسيلة الولاية العظمى وحبّ أهل البيت (عليهم السلام) والصلاة عليهم والاستغفار وغيرها .
۷ـ اتّباع القرآن :
( وَهَذَا كِتَابٌ أنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ )(۴۳) . فاتباع القرآن يعني سعادة الدارين ونيل الخيرات .
۸ـ إطاعة النبيّ (صلى الله عليه وآله) :
( إنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أمِينٌ * فَاتَّـقُوا اللهَ وَأطِيعُونِ )(۴۴) . ( وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّـقُوا اللهَ )(۴۵) . فإطاعة النبيّ من إطاعة الله ، وهي من الواجبات العقلية والشرعية .
۹ـ عدم إطاعة المسرفين :
( فَاتَّـقُوا اللهَ وَأطِيعُونِ * وَلا تُطِيعُوا أمْرَ المُسْرِفِينَ )(۴۶) . فإنّه يوجب الندامة والهلاك والضلال .
۱۰ـ الإصلاح :
( فَأصْلِحُوا بَـيْنَ أخَوَيْكُمْ وَاتَّـقُوا اللهَ )(۴۷) . ( فَاتَّقُوا اللهَ وَأصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ )(۴۸) . فإنّ الله يحبّ الصلح ، فإنّه من الخير ، والله هو الخير المطلق ، وإنّ الشيطان يلقي بينكم العداوة والبغضاء .
۱۱ـ الصبر :
( إنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإنَّ اللهَ لا يُضِيعُ أجْرَ المُحْسِنِينَ )(۴۹) . والصبر أساس الأخلاق ، ومن صبر ظفر ، وإنّه صبر على ترك المعصية وصبر على الطاعة ، وصبر على المصائب ، والله بشّر الصابرين بالجنّات والمغفرة .
۱۲ـ القول السديد :
( فَلْيَتَّقُوا اللهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلا سَدِيداً )(۵۰) . فإنّ القول السديد والرشيد يوجب قوام الفرد والمجتمع وصلاحهما وسعادتهما .
۱۳ـ الترابط في الله :
( اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ )(۵۱) . فإنّ الترابط في الله من الجهاد ، وإنّ الله يحبّ المجاهدين .
۱۴ـ عدم التعاون على الإثم :
( وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإثْمِ وَالعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللهَ )(۵۲) . فإنّ التعاون على التقوى يوجب خير الفرد والمجتمع ، كما أنّ التعاون على الإثم والعدوان يوجب هدم صرح المجتمع وانحطاطه ، كما يوجب هلاك الفرد .
۱۵ـ متاع بالمعروف :
( وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى المُتَّقِينَ )(۵۳) . فإنّ الحياة الزوجية إمّا إمساك بإحسان وكرامة ، وتسريح بمعروف ، وبهذا فلا يكون تضييع للحقوق مطلقاً ، وكذلك باقي الآيات التي تشير إلى مصاديق التقوى ، فإنّ في كلّ مورد وموضع حكمة علمية وعملية ، فردية واجتماعية ، يقف عليها القارئ النبيه ، فتدبّر ، وإليك الآيات الاُخرى في هذا الباب من دون تعليق وبيان .
۱۶ـ النجوى بالبرّ والتقوى :
( وَتَـنَاجَوْا بِالبِرِّ وَالتَّـقْوَى وَاتَّـقُوا اللهَ الَّذِي إلَيْهِ تُحْشَرُونَ )(۵۴) .
۱۷ـ العفو :
( وَأنْ تَعْفُوا أقْرَبُ لِلتَّقْوَى )(۵۵) .
۱۸ـ إقامة العدل :
( اعْدِلُوا هُوَ أقْرَبُ لِلتَّقْوَى )(۵۶) .
۱۹ـ الجهاد :
( أنْ يُجَاهِدُوا بِأمْوَالِهِمْ وَأنفُسِهِمْ وَاللهُ عَلِيمٌ بِالمُتَّقِينَ )(۵۷) .
۲۰ـ الغلظة مع الكفّار :
( وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً وَاعْلَمُوا أنَّ اللهَ مَعَ المُتَّقِينَ )(۵۸) .
۲۱ـ التواضع مع المؤمنين :
( نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوّاً فِي الأرْضِ وَلا فَسَاداً وَالعَاقِبَةُ لِلْمُـتَّقِينَ )(۵۹) .
۲۲ـ الكون مع الصادقين :
( يَا أيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّـقُوا اللهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ )(۶۰) .
۲۳ـ تعظيم الشعائر :
( ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللهِ فَإنَّهَا مِنْ تَقْوَى القُلُوبِ )(۶۱) .
۲۴ـ الوفاء بالعهد :
( بَلَى مَنْ أوْفَى بِعَهْدِهِ وَاتَّقَى فَإنَّ اللهَ يُحِبُّ المُتَّقِينَ )(۶۲) .
۲۵ـ أكل الحلال الطيّب :
( فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلالا طَيِّباً وَاتَّـقُوا اللهَ )(۶۳) .
۲۶ـ الذكرى :
فإنّ التقوى تصون الإنسان من الغفلات ، وإذا غفل بإغواء من الشيطان فإنّه سرعان ما يتذكّر : ( إنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإذَا هُمْ مُبْصِرُونَ )(۶۴) .
۲۷ـ وأخيراً أساس كلّ شيء في الحياة التقوى :
( أفَمَنْ أسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللهِ وَرِضْوَان خَيْرٌ )(۶۵) . ولو يدري الإنسان ما اُعدّ لمن ترك التقوى فإنّ بعض الناس : ( إذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللهَ أخَذَتْهُ العِزَّةُ بِالإثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ )(۶۶) . ( فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالحِجَارَةُ )(۶۷) . ( وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي اُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ )(۶۸) . ( وَاتَّقُوا يَوْماً لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْس شَيْئاً )(۶۹) . ( وَاتَّقُوا اللهَ وَاعْلَمُوا أنَّ اللهَ شَدِيدُ العِقَابِ )(۷۰) .
( وَاعْلَمُوا أنَّكُمْ إلَيْهِ تُحْشَرُونَ )(۷۱ ) . ( وَاعْلَمُوا أنَّكُمْ مُلاقُوهُ وَبَشِّرِ المُؤْمِنِينَ )(۷۲ ) . ( وَاعْلَمُوا أنَّ اللهَ بِكُلِّ شَيْء عَلِيمٌ )(۷۳) . ( وَاعْلَمُوا أنَّ اللهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ )(۷۴) .
هذا لمن لم يتّق الله سبحانه ، فيرتكب الذنوب والمعاصي ، ويعمل المحرّمات ويترك الواجبات ويقتحم الشبهات ، وأمّا من اتّقى ، وخاف مقام ربّه ، ونهى النفس عن الهوى ، فإنّ الجنّة هي المأوى .
الفصل الثاني : جزاء المتّقين
إنّ الله لا يضيع عمل عامل من ذكر أو اُنثى ، فمن يتّقيه ، فإنّه يجازيه على تقواه .
وإليك بعض الجزاء ، ممّـا أعدّه الله للمتّقين :
۱ـ حسن المآب : ( هَذَا ذِكْرٌ وَإنَّ لِلْمُـتَّقِينَ لَحُسْنَ مَآب )(۷۵) . ( وَالآخِرَةُ عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُـتَّـقِينَ )(۷۶) .
۲ـ المقام الأمين : ( إنَّ المُـتَّـقِينَ فِي مَقَام أمِين * فِي جَنَّات وَعُـيُون )(۷۷) .
۳ـ حسن العاقبة : ( وَالعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى )(۷۸) . ( إنَّ الأرْضَ للهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالعَاقِبَةُ لِلْمُـتَّقِينَ )(۷۹) .
۴ـ ولاية الله : ( وَإنَّ الظَّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أوْلِيَاءُ بَعْض وَاللهُ وَلِيُّ المُـتَّـقِينَ )(۸۰) .
۵ـ زيادة الهداية : ( وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدىً وَآتَاهُمْ تَقْواهُمْ )(۸۱) .
۶ـ هداهم بكتاب الله : ( ذَلِكَ الكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ )(۸۲) .
۷ـ النجاة من النار وحرّها وسعيرها : ( ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيّاً )(۸۳) .
۸ـ ينالون ثواب الله : ( وَلَوْ أ نَّهُمْ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ مِنْ عِنْدِ اللهِ خَيْرٌ )(۸۴) .
۹ـ النصر والتأييد الإلهي ومعونته وتوفيقه : ( إنَّ اللهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا )(۸۵) .
۱۰ـ الأمن وعدم الخوف : ( فَمَنِ اتَّقَى وَأصْلَحَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ )(۸۶) .
۱۱ـ اليسر في الحياة : ( فَأمَّا مَنْ أعْطَى وَاتَّـقَى * وَصَدَّقَ بِالحُسْنَى * فَسَنُـيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى )(۸۷) . ( وَمَنْ يَـتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أمْرِهِ يُسْراً )(۸۸) .
۱۲ـ خير الآخرة : ( قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقَى )(۸۹) . ( وَلَدَارُ الآخِرَةِ خَيْرٌ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا أفَلا تَعْقِلُونَ )(۹۰) .
۱۳ـ الصيانة والحفظ من الأعداء والماكرين وأضرارهم في الفكر والسلوك : ( وَإنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً )(۹۱) .
۱۴ـ وقد مدح الله التقوى وأثنى عليها : ( وَإنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الاُمُورِ )(۹۲)
۱۵ـ والبرّ هو التقوى : ( وَلَيْسَ البِرُّ بِأنْ تَأتُوا البُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا وَلَكِنَّ البِرَّ مَنْ اتَّقَى )(۹۳) .
۱۶ـ الأجر العظيم : ( لِلَّذِينَ أحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أجْرٌ عَظِيمٌ )(۹۴) . ( وَإنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا فَلَكُمْ أجْرٌ عَظِيمٌ )(۹۵) . ( وَإنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّـقُوا يُؤْتِكُمْ اُجُورَكُمْ )(۹۶) .
۱۷ـ التكفير عن السيّئات : ( وَلَوْ أنَّ أهْلَ الكِتَابِ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَكَفَّرْنَا عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ )(۹۷) . ( وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يُكَفِّرْ عَـنْهُ سَيِّـئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أجْراً )(۹۸) .
۱۸ـ الفوز عند الله : ( وَمَنْ يُطِـعِ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللهَ وَيَتَّقهِ فَاُوْلَئِكَ هُمُ الفَائِزُونَ )(۹۹) .
۱۹ـ نيل محبّة الله عزّ وجلّ : ( فَإنَّ اللهَ يُحِبُّ المُتَّقِينَ )(۱۰۰) .
۲۰ـ الحصول على العلم الإلهي النوراني : فإنّه يقذفه الله في قلب من يشاء ، إذا كان من أهل التقوى : ( وَاتَّقُوا اللهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللهُ وَاللهُ بِكُلِّ شَيْء عَلِيمٌ )(۱۰۱) .
۲۱ـ كون الله معه فالله مع المتّقين : ( وَاتَّقُوا اللهَ وَاعْلَمُوا أنَّ اللهَ مَعَ المُتَّقِينَ )(۱۰۲) .
۲۲ـ الخلاص من مشاكل الحياة ، والنجاة من الشدائد والمصاعب ، ونيل الرزق الواسع الحلال الطيّب من حيث لا يحتسب : ( وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَـيْثُ لا يَحْتَسِبُ )(۱۰۳) .
۲۳ـ نزول الخيرات : ( وَقِيلَ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا مَاذَا أ نْزَلَ رَبُّكُمْ قَالُوا خَيْراً )(۱۰۴) .
۲۴ـ وبركات من السماء والأرض : ( وَلَوْ أنَّ أهْلَ القُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَات مِنَ السَّمَاءِ وَالأرْضِ )(۱۰۵) . وهذا من فضل تقوى المجتمع ، كما هو من آثار تقوى الفرد .
۲۵ـ قبول الأعمال : ( إنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللهُ مِنَ المُتَّقِينَ )(۱۰۶) .
۲۶ـ إبعاد السوء بعد التقوى : ( وَيُـنَجِّي اللهُ الَّذِينَ اتَّـقَوا بِمَفَازَتِهِمْ لا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ )(۱۰۷) .
۲۷ـ إصلاح العمل وازدهاره : ( يَا أيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّـقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلا سَدِيداً * يُصْلِـحْ لَكُمْ أعْمَالَكُمْ )(۱۰۸) .
۲۸ـ دخول الجنّة وسعادة الدارين : فإنّ السعيد من يدخل الجنّة ، والشقيّ من كان مصيره النار ، لقوله تعالى : ( فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ * فَأمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ * خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأرْضُ إلاَّ مَا شَاءَ رَبُّكَ إنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ * وَأمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأرْضُ )(۱۰۹) .
وإنّما يدخل الجنّة من كان تقيّاً ، فهو السعيد حقّاً : ( وَجَنَّة عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالأرْضُ اُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ )(۱۱۰) . ( لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأنْهَارُ )(۱۱۱) . ( لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأنْهَارُ )(۱۱۲) . ( وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّـقَوْا رَبَّهُمْ إلَى الجَنَّةِ زُمَراً )(۱۱۳) .
( إنَّ المُـتَّـقِينَ فِي مَقَام أمِين * فِي جَنَّات وَعُـيُون )(۱۱۴) . ( إنَّ المُـتَّـقِينَ فِي جَنَّات وَعُـيُون * آخِذِينَ مَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ )(۱۱۵) . ( إنَّ المُـتَّـقِينَ فِي جَنَّات وَنَعِيم * فَاكِهِينَ بِمَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ )(۱۱۶) . ( إنَّ المُـتَّـقِينَ فِي جَنَّات وَنَهَر * فِي مَقْعَدِ صِدْق عِنْدَ مَلِيك مُقْتَدِر )(۱۱۷) . ( إنَّ لِلْمُـتَّـقِينَ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ )(۱۱۸) .( إنَّ المُـتَّـقِينَ فِي ظِلال وَعُـيُون * وَفَوَاكِهَ مِمَّا يَشْتَـهُونَ )(۱۱۹) . ( إنَّ لِلْمُـتَّـقِينَ مَفَازاً * حَدَائِقَ وَأعْنَاباً )(۱۲۰) .
۲۹ـ وراثة الجنّة : ( تِلْكَ الجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَنْ كَانَ تَقِيّاً )(۱۲۱) .
۳۰ـ الإكرام والإعزاز الإلهي : إذ التقوى هي المقياس في التفاضل والتقدّم : ( إنَّ أكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أتْقَاكُمْ )(۱۲۲) .
۳۱ـ البشرى للمتّقين : ( الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ * لَهُمُ البُشْرَى فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ )(۱۲۳) .
۳۲ـ معرفة الإنسان للحقّ من الباطل : ومعرفة الخير من الشرّ ، والحسن من القبيح ، والصالح من الطالح ، والجيّد من الرديء ، والمعروف من المنكر ، والصحيح من السقيم ، والسالم من المعيب ، فالتقوى هي الفرقان : ( إنْ تَتَّقُوا اللهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَاناً )(۱۲۴) .
۳۳ـ إنّ المتّقين ضيوف الله والوافدون عليه : ( يَوْمَ نَحْشُرُ المُـتَّقِينَ إلَى الرَّحْمَنِ وَفْداً )(۱۲۵) .
۳۴ـ الالتزام بوصية الله لكلّ من آمن به : وذلك لما في تقوى الله من الخصال الحميدة والخير المطلق : ( وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ اُوتُوا الكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإيَّاكُمْ أنْ اتَّقُوا اللهَ )(۱۲۶) .
۳۵ـ ونهاية المطاف ونتيجة الكلام أنّ على كلّ واحد أن يتّقي الله حقّ تقاته : ( اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إلاَّ وَأنْتُمْ مُسْلِمُونَ )(۱۲۷) . ( فَاتَّقُوا اللهَ يَا اُولِي الألْبَابِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ )(۱۲۸) . ( وَاتَّقُوا اللهَ وَاسْمَعُوا وَاللهُ لا يَهْدِي القَوْمَ الفَاسِقِينَ )(۱۲۹) . ( يَا أيُّهَا النَّاسُ اتَّـقُوا رَبَّكُمْ إنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ )(۱۳۰) . ( يَا أيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ا تَّـقُوا اللهَ وَلْـتَـنْظُرْ نَـفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَد وَا تَّـقُوا اللهَ إنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ )(۱۳۱) .
إنّها دعوة الإيمان إلى إخوان الصفا ، للتمسّك بعروة التقوى ، لنيل خير الاُولى والعُقبى ، أليس الصبح بقريب ، حيث : ( وَاُزْلِفَتِ الجَنَّةُ لِلْمُـتَّـقِينَ غَيْرَ بَعِيد )(۱۳۲) . و ( إنَّ المُـتَّـقِينَ فِي جَنَّات وَعُـيُون * آخِذِينَ مَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ )(۱۳۳) . و ( إنَّ المُـتَّـقِينَ فِي جَنَّات وَنَعِيم * فَاكِهِينَ بِمَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ )(۱۳۴) .
و ( إنَّ المُـتَّـقِينَ فِي جَنَّات وَنَهَر * فِي مَقْعَدِ صِدْق عِنْدَ مَلِيك مُقْتَدِر )(۱۳۵) . و ( إنَّ لِلْمُـتَّـقِينَ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ )(۱۳۶) . و ( إنَّ المُـتَّـقِينَ فِي ظِلال وَعُـيُون * وَفَوَاكِهَ مِمَّا يَشْتَـهُونَ )(۱۳۷) . و ( إنَّ لِلْمُـتَّـقِينَ مَفَازاً * حَدَائِقَ وَأعْنَاباً )(۱۳۸) . فهلمّ ندعُ الله سبحانه بلسان خالص وقلب خاشع ونفس مطمئنّة أن : ربّنا يا غفّار الذنوب ويا ستّار العيوب ويا كشّاف الكروب ويا حبيب القلوب : ( هَبْ لَـنَا مِنْ أزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أعْيُن وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إمَاماً )(۱۳۹) .
الفصل الثالث: خطبة أمير المؤمنين (عليه السلام) في صفات المتّقين
من أبلغ الخطب الجامعة في صفات المتّقين وأحوالهم في الدنيا والآخرة ، هي خطبة أمير المؤمنين وسيّد الوصيّين أسد الله الغالب عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) لمّـا سأله همام عن حالات المتّقين ، فأجابه الإمام (عليه السلام) بأروع ما يجاب .
وإليك الخطبة الشريفة كما في نهج البلاغة : « أمَّا بَعْدُ ، فَإنَّ اللهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالى خَلَقَ الخَلْقَ حِينَ خَلَقَهُمْ ، فَألْزَمَهُمْ عِبَادَتَهُ ، وَكَلَّفَهُمْ طَاعَتَهُ ، غَنِيَّاً عَنْ طَاعَتِهِمْ ، آمِناً مِنْ مَعْصِيَتِهِمْ ، لأنَّهُ لا تَضُرُّهُ مَعْصِيَةُ مَنْ عَصَاهُ ، وَلا تَنْفَعُهُ طَاعَةُ مَنْ أطَاعَهُ . فَقَسَمَ بَيْنَهُمْ مَعَايِشَهُمْ ، وَوَضَعَهُمْ مِنَ الدُّنْيَا مَوَاضِعَهُمْ .
فَوَصَفَهُمْ فِي الدِّينِ حَيْثُ وَصَفَهُمْ ، لَكِنَّهُ تَعَالى عَلِمَ قُصُورَهُمْ عَمَّـا تَصْلُحُ عَلَيْهِ شُؤُوُهُمْ ، وَيَسْتَقِيمُ دَاءَ أوْدَهُمْ فِي عَاجِلِهِمْ وَآجِلِهِمْ ، فَأدَّبَهُمْ بِأدَبِهِ فِي أمْرِهِ وَنَهْيِهِ ، فَأمَرَهُمْ تَخْيِيراً ، وَكَلَّفَهُمْ يَسِيراً ، وَأثَابَهُمْ كَثِيراً ، وَأمَازَ سُبْحَانَهُ بِعَدْلِ حُكْمِهِ وَحِكْمَتِهِ بَيْنَ المُؤْجِفِ مِنْ أنَامِهِ إلى مَرْضَاتِهِ وَمَحَبَّتِهِ ، وِبَيْنَ المُبْطِئِ عَنْهَا وَالمُسْتَظْهِرِ عَلى نِعْمَتِهِ مِنْهُمْ بِمَعْصِيَتِهِ ، فَذَلِكَ قَوْلُ الله عَزَّ وَجَلَّ : ( أمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئاتِ أنْ نَجْعَلُهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَواءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ ) . فَالمُتَّقُونَ فِيهَا هُمْ أهْلُ الفَضَائِلِ : مَنْطِقُهُمُ الصَّوَابُ ، وَمَلْبَسُهُمُ الاقْتِصَادُ ، وَمَشْيُهُمُ التَّوَاضُعُ . بَخَعُوا للهِ تَعَالى بِطَاعَتِهِ ، وَخَضَعُوا لَهُ بِعِبَادَتِهِ ، رَاضِينَ عَنْهُ فِي كُلِّ حَالاتِهِ ، غَضُّوا أبْصَارَهُمْ عَمَّـا حَرَّمَ اللهُ عَلَيْهِمْ ، وَوَقَفُوا أسْمَاعَهُمْ عَلَى العِلْمِ بِدِينِهِ النَّافِعِ لَهُمْ .
نُزِّلَتْ أنْفُسُهُمْ مِنْهُمْ فِي البَلاءِ كَالَّتِي نُزِّلَتْ فِي الرَّخَاءِ ، رِضىً بِاللهِ عَنِ القَضَاءِ ، وَلَوْلا الأجَلُ الَّذِي كَتَبَ اللهُ عَلَيْهِمْ لَمْ تَسْتَقِرَّ أرْوَاحُهُمْ فِي أجْسَادِهِمْ طَرْفَةَ عَيْن ، شَوْقاً إلَى الثَّوَابِ ، وَخَوْفاً مِنَ العِقَابِ . عَظُمَ الخَالِقُ فِي أنْفُسِهِمْ فَصَغُرَ مَا دُونَهُ فِي أعْيُنِهِمْ ، فَهُمْ وَالجَنَّةُ كَمَنْ قَدْ رَآهَا ، فَهُمْ فِيهَا مُنَعَّمُونَ ، وَهُمْ وَالنَّارُ كَمَنْ قَدْ رَآهَا ، فَهُمْ فِيهَا مُعَذَّبُونَ . قُلُوبُهُمْ مَحْزُونَةٌ ، وَشُرُورُهُمْ مَأمُونَةٌ ، وَأجْسَادُهُمْ نَحِيفَةٌ ، وَحَاجَاتُهُمْ خَفِيفَةٌ ، وَأنْفُسُهُمْ عَفِيفَةٌ ، وَمَعُونَتُهُمْ لِلإسْلامِ عَظِيمَةٌ . صَبَرُوا أيَّاماً قَصِيرَةً فَأعْقَبَتْهُمْ رَاحَةً طَوِيلَةً .
تِجَارَةٌ مُرْبِحَةٌ ، يَسَّرَهَا لَهُمْ رَبُّهُمْ . أرَادَتهُمُ الدُّنْيَا فَلَمْ يُرِيدُوهَا ، وَأسَرَتْهُمْ فَفَدَوْا أنْفُسَهُمْ مِنْهَا . أمَّا اللَّيْلَ فَصَافُّونَ أقْدَامَهُمْ ، تَالِينَ لأجْزَاءِ القُرْآنِ يُرَتِّلُونَهُ تَرْتِيلا . يُحَزِّنُونَ بِهِ أنْفُسَهُمْ ، وَيَسْتَثِيرُونَ بِهِ دَوَاءَ دَائِهِمْ ، وَمَا يُهَيِّجُ أحْزَانَهُمْ بُكَاءً عَنْ ذُنُوبِهِمْ وَجِرَاحِهِمْ وَوَجَعِ كُلُومِهِمْ . فَإذَا مَرُّوا بِآيَة فِيهَا تَشْوِيقٌ رَكَنُوا إلَيْهَا طَمَعاً ، وَتَطَلَّعَتْ نُفُوسُهُمْ إلَيْهَا شَوْقاً ، وَظَنُّوا أ نَّهَا نُصْبَ أعْيُنِهِمْ .
وَإذا مَرُّوا بِآيَة فِيهَا تَخْوِيفٌ أصْغَوْا إلَيْهَا مَسَامِعَ قُلُوبِهِمْ ، وَاقْشَعَرَّتْ مِنْهَا جُلُودُهُمْ ، وَوَجِلَتْ مِنْهَا قُلُوبُهُمْ ، وَظَنُّوا أنَّ زَفِيرَ جَهَنَّمَ وَشَهِيقَهَا فِي اُصُولِ آذَانِهِمْ ، فَهُمْ حَانُونَ عَلى أوْسَاطِهِمْ(۱۴۰) ، مُفْتَرِشُونَ لِجِبَاهِهِمْ(۱۴۱) وَأكُفَّهِمْ وَرُكَبِهِمْ ، وَأطْرَافِ أقْدَامِهِمْ ، يُمَجِّدُونَ جَبَّاراً عَظِيماً ، تَجْرِي دُمُوعُهُمْ عَلى خُدُودِهِمْ ، يَطْلُبُونَ إلَى اللهِ تَعَالى فِي فَكَاكِ رِقَابِهِمْ مِنَ النَّارِ ، قَدْ حَلى فِي أفْوَاهِهِمْ ، وَحَلى فِي قُلُوبِهِمْ طَعْمُ مُنَاجَاتِهِ وَلَذِيذُ الخَلْوَةِ بِهِ ، قَدْ أقْسَمَ اللهُ عَلى نَفْسِهِ بِجَلالِ عِزَّتِهِ لَيُورِثَهُمْ المَقَامَ الأعْلى فِي مَقْعَدِ صَدْق عِنْدَهُ . وَأمَّا النَّهَارَ فَحُلَمَاءُ عَلَمَاءُ ، أبْرَارٌ أتْقِيَاءُ .
قَدْ بَرَاهُمْ الخَوْفَ بَرْيَ القِدَاحِ(۱۴۲) ، يَنْظُرُ إلَيْهمُ النَّاظِرُ فَيَحْسَبُهُمْ مَرْضَى ، وَمَا بِالقَوْمِ مِنْ مَرَض ; وَيَقُولُ : لَقَدْ خُولِطُوا ! وَلَقَدْ خَالَطَهُمْ أمْرٌ عَظِيمٌ ! إذَا ذَكَرُوا عَظَمَةَ اللهِ تَعَالى رَبَّهُمْ وَشِدَّةَ سُلْطَانِهِ مَعَ مَا يُخَالِطُهُمْ مِنْ ذِكْرِ المَوْتِ وَأهْوَالِ القِيَامَةِ ، أفْزَعَ ذَلِكَ قُلُوبَهُمْ ، وَطَاشَتْ لَهُ حِلُومُهُمْ ، وَذَهَلَتْ مِنْهُ عَقُولُهُمْ ، فَإذَا اسْتَقَامُوا مِنْ ذَلِكَ بَادَرُوا إلَى اللهِ تَعَالى بَالأعْمَالِ الزَّاكِيَةِ .
لا يَرْضَوْنَ مِنْ أعْمَالِهِمُ القَلِيلَ ، وَلا يَسْتَكْثِرُونَ الكَثِيرَ . فَهُمْ لأنْفُسِهِمْ مُتَّهِمُونَ ، وَمِنْ أعْمَالِهِمْ مُشْفِقُونَ . إذَا زُكِّيَ أحَدٌ مِنْهُمْ خَافَ مِمَّـا يُقَالُ لَهُ ، فَيَقُولُ : أنَا أعْلَمُ بِنَفْسِي مِنْ غَيْرِي ، وَرَبِّي أعْلَمُ بِي مِنِّي بِنَفْسِي ! اللَّهُمَّ لا تُؤَاخِذْنِي بِمَا يَقُولُونَ ، وَاجْعَلْنِي أفْضَلَ مِمَّـا يَظُنُّونَ ، وَاغْفِرْ لِي مَا لا يَعْلَمُونَ ، فَإنَّكَ عَلاَّمُ الغُيُوبِ ، وَسَتَّارُ العُيُوبِ .
فَمِنْ عَلامَةِ أحَدِهِمْ أنَّكَ تَرَى لَهُ قُوَّةً فِي دِين ، وَحَزْماً فِي لِين ، وَإيْمَاناً فِي يَقِين ، وَحِرْصاً فِي عِلْم ، وَعِلْماً فِي حِلْم ، وَكَيْساً فِي رِفْق ، وَرِفْقاً فِي كَيْس ، وَشَفَقَةً فِي نَفَقَة ، وَفِهْماً فِي فِقْه ، وَقَصْداً فِي غِنىً ، وَخُشُوعاً فِي عِبَادَة ، وَتَجَمُّلا فِي فَاقَة ، وَصَبْراً فِي شِدَّة ، وَرَحْمَةً لِلْمَجْهُودِ ، وَإعْطَاءً فِي حَقٍّ ، وَطَلَباً فِي حَلال ، وَنَشَاطاً فِي هُدىً ، وَتَحَرُّجاً عَنْ طَمَع ، وَاعْتِصَاماً فِي شَهْوَة ، وَبِرَّاً فِي اسْتِقَامَة . لا يَغُرُّهُ ثَنَاءُ مَنْ جَهَلَهُ ، وَلا يَدَعُ إحْصَاءَ مَا عَمِلَهُ ، مُسْتَبْطِئاً لِنَفْسِهِ فِي العَمَلِ ، قَدْ أحْيى عَقْلَهُ ، وَأمَاتَ شَهْوَتَهُ ، وَأطَاعَ رَبَّهُ ، وَعَصى نَفْسَهُ ، حَتَّى دَقَّ جَلِيلُهُ ، وَلَطُفَ غَلِيظُهُ ، وَبَرَقَ لَهُ لامِعٌ كَثِيرُ البَرْقِ ، فَأبَانَ لَهُ الطَّرِيقَ ، وَسَلَكَ بِهِ السَّبِيلَ ، وَتَدَافَعَتْهُ الأبْوَابُ إلى بَابِ السَّلامَةِ ، وَدَارِ الإقَامَةِ ، وَثَبُتَتْ رِجْلاهُ لِطَمَأنِينَةِ بَدَنِهِ فِي قَرَارِ الأمْنِ وَالرَّاحَةِ بِمَا اسْتَعْمَلَ قَلْبَهُ ، وَأرْضى رَبَّهُ ، يَعْمَلُ الأعْمَالَ الصَّالِحَةَ وَهُوَ عَلَى وَجَل .
يُمْسِي وَهَمُّهُ الشُّكْرُ ، وَيُصْبِحُ وَهَمُّهُ الذِّكْرُ . يَبِيتُ حَذِراً ، وَيُصْبِحُ فَرِحاً ; حَذِراً لِمَا حُذِّرَ مِنَ الغَفْلَةِ ، وَفَرِحاً بِمَا أصَابَ مِنَ الفَضْلِ وَالرَّحْمَةِ . نِيَّتُهُ خَالِصَةً ، وَأعْمَالُهُ لَيْسَ فِيهَا غِشٌّ وَخَدِيْعَةٌ . نَظَرُهُ عِبْرَةً ، وَسُكُوتُهُ فِكْرَةً ، وَكَلامُهُ حِكْمَةً . إنِ اسْتَصْعَبَتْ عَلَيْهِ نَفْسُهُ فِيَْما تَكْرَهُ لَمْ يُعْطِهَا سُؤْلَهَا فِيَما تُحِبُّ . قُرَّةُ عَيْنِهِ فِيَما لا يَزُولُ ، وَزَهَادَتُهُ فِيَما لا يَبْقى .
يَمْزُجُ الحِلْمَ بِالعِلْمِ ، وَالعِلْمَ بِالعَقْلِ ، وَالعَقْلَ بِالصَّبْرِ ، وَالقَوْلَ بِالعَمَلِ . تَرَاهُ بَعِيداً كَسَلُهُ ، قَرِيباً أمَلُهُ ، قَلِيلا زَلَلُهُ ، دَائِماً نَشَاطُهُ ، مُتَوَقَّعاً أجَلَهُ ، كَثِيراً ذِكْرُهُ ، مَعْدُوماً كِبْرُهُ ، مَتِيناً صَبْرُهُ ، ذَاكِراً رَبَّهُ ، خَاشِعاً قَلْبُهُ ، عَازِباً جَهْلُهُ ، قَانِعَةً نَفْسُهُ وَبِالَّذي قُدِرَ لَهُ ، مَنْزُوراً أكْلُهُ ، سَهْلا أمْرُهُ ، حَرِيزاً دِيْنُهُ ، مَيِّتَةً شَهْوَتُهُ ، مَكْظُوماً غَيْظُهُ ، صَافِياً خُلْقُهُ ، آمِناً مِنْهُ جَارُهُ ، ناصِحاً فِي السِّرِّ وَالعَلانِيَةِ ، مُنَاصِحاً مُتَباذِلا مُتَوَاضِعاً ، لا يَهْجُرُ أخَاهُ ، وَلا يَغْتَابُهُ ، وَلا يَمْكُرُ بِهِ ، لا يُحَدِّثُ الأصْدِقَاءَ بِالَّذِي يُؤْتَمَنُ عَلَيْهِ ، وَلا يَكْتُمْ شَهَادَةَ الأعْدَاءِ ، وَلا يَعْمَلُ شَيْئاً مِنَ الحَقِّ رِئاءً ، وَلا يَتْرُكُهُ حَيَاءً ، الخَيْرُ مِنْهُ مَأمُولٌ ، وَالشَّرُّ مِنْهُ مَأمُونٌ .
إنْ كَانَ فِي الغَافِلِينَ كُتِبَ فِي الذَّاكِرِينَ ، وَإنْ كَانَ فِي الذَّاكِرِينَ لَمْ يُكْتَبْ مِنَ الغَافِلِينَ . يَعْفُو عَمَّنْ ظَلَمَهُ ، وَيُعْطِي مَنْ حَرَمَهُ ، وَيَصِلُ مَنْ قَطَعَهُ ، لا يَعْزِبُ حُلْمُهُ ، وَلا يَعْجَلُ فِيَما يُرِيْبُهُ ، وَلا يَأسَفُ عَلى مَا فَاتَهُ ، وَلا يَحْزَنُ عَلى مَا أصَابَهُ ، وَيَصْفَحُ عَمَّـا تَبَيَّنَ لَهُ ، وَلا يَرْجُو مَا لا يَجُوزُ لَهُ الرَّجَاءَ ، وَلا يَفْشَلُ فِي الشِّدَّةِ ، وَلا يَبْطُرُ فِي الرَّخَاءِ .
بَعِيداً فُحْشُهُ ، لَيِّناً قَوْلُهُ ، غَائِباً مُنْكَرُهُ ، حَاضِراً مَعْرُوفُهُ ، صَادِقاً قَوْلُهُ ، حَسَناً فَعْلُهُ ، مُقْبِلا خَيْرُهُ ، مُدْبِراً شَرُّهُ . حَيَاؤُهُ يَعْلُو شَهْوَتَهُ ، وَوِدَّهُ يَعْلُو حَسَدَهُ ، وَعَفْوُهُ يَعْلُو حِقْدَهُ . فِي الزَّلازِلِ وَقُورٌ ، وَفِي المَكَارِهِ صَبُورٌ ، وَفِي الرَّخَاءِ شَكُورٌ . لا يَحِيفُ عَلى مَنْ يُبْغِضُ ، وَلا يَأثَمُ فِيْمَنْ يُحِبُّ ، وَلا يَدَّعِي مَا لَيْسَ لَهُ ، وَلا يَجْحَدُ حَقَّاً هُوَ عَلَيْهِ ، وَيَعْتَرِفُ بِالحَقِّ قَبْلَ أنْ يُشْهَدَ عَلَيْهِ .
هَشَّاشٌ ، بَشَّاشٌ ، لا بِعَابِس وَلا بِجَسَّاس ، صَلِبٌ كَظِم بَسَّام ، دَقِيقُ النَّظَرِ ، عَظِيمُ الحَذَرِ ، لا يَبْخَلُ ، وَإنْ بُخِلَ عَلَيْهِ صَبَرَ ، لا يُضِيعُ مَا اسْتُحْفِظَ ، وَلا يَنْسَى مَا ذُكِّرَ ، وَلا يُنَابِزُ بِالألْقَابِ ، وَلا يَبْغِي عَلى أحَد ، وَلا يُهِمُّ بِالحَسَدِ ، وَلا يُضَارُّ بِالجَارِ ، وَلا يَشْمَتُ بِالمَصَائِبِ .
مُؤَدٍّ لِلأمَانَاتِ ، سَرِيعٌ إلَى الخَيْرَاتِ ، بَطِيءٌ عَنِ المُنْكَرَاتِ ، يَأمُرُ بِالمَعْرُوفِ وَيَفْعَلُهُ ، وَيَنْهَى عَنِ المُنْكَرِ وَيَجْتَنِبُهُ ، وَلا يَدْخُلُ فِي البَاطِلِ ، وَلا يَخْرُجُ مِنَ الحَقِّ ، عَقِلَ فَاسْتَحْيَا ، وَقَنَعَ فَاسْتَغْنى .
إنْ صَمَتَ لَمْ يَغمْهُ صَمْتُهُ ، وَإنْ نَطَقَ لَمْ يَعْلُو لَفْظَهُ ، وَإنْ ضَحِكَ لَمْ يَعْلُ صَوْتُهُ . لا يَجْمَحُ بِهِ الغَيْظُ ، وَلا يَغْلِبُهُ الهَوى ، وَلا يَقْهَرُهُ الشُّحَّ ، وَلا يَطْمَعُ فِيَما لَيْسَ لَهُ . يُخَالِطُ النَّاسَ بِعِلْم ، وَيُفَارِقُهُمْ بِسَلْم ، يَتَكَلَّمُ لِيَغْنَمَ ، وَيَصْمِتُ لِيَعْلَمَ ، وَيَسْألُ لِيَفْهَمَ ، وَيَتَّجِرُ لِيَغْنَمَ ، لا يَنْصِتُ لِلْخَيْرِ فَيَفْخَرَ بِهِ ، وَلا يَتَكَلَّمُ لِيَتَجَبَّرَ بِهِ عَلى مَنْ سِواهُ ، وَإنْ بُغِيَ عَلَيْهِ صَبَرَ حَتَّى يَكُونَ اللهُ جَلَّ ذِكْرُهُ هُوَ المُنْتَصِرُ الَّذِي يَنْتَقِمُ لَهُ . نَفْسُهُ مِنْهُ فِي عَنَاء ، وَالنَّاسُ مِنْهُ فِي رَاحَة .
أتْعَبَ نَفْسَهُ لآخِرَتِهِ ، وَأرَاحَ النَّاسَ مِنْ نَفْسِهِ . بُعْدُهُ عَمَّنْ تَبَاعَدَ عَنْهُ زُهْدٌ وَنَزَاهَةٌ ، وَدُنُوُّهُ مِمَّنْ دَنَا مِنْهُ لِينٌ وَرَحْمَةٌ . لَيْسَ تَبَاعُدُهُ بِكِبْر وَعَظَمَة ، وَلا دُنُوُّهُ بِمَكْر وَخَدِيعَة ، بَلْ يَقْتَدِي بِمَنْ سَلَفَ مِنْ أهْلِ الخَيْرِ قَبْلَهُ ، وَهُوَ إمَامٌ لِمَنْ خَلَفَ مِنْ أهْلِ البِرِّ بَعْدَهُ . يَا هُمَامُ ، المُؤْمِنُ هَوَ الكَيِّسُ الفَطِنُ ، بِشْرَهُ فِي وَجْهِهِ ، وَحُزْنَهُ فِي قَلْبِهِ . أوْسَعَ شَيْء صَدْراً ، وَأذَلَّ شَيْء نَفْساً ، وَأرْفَعَ قَدْراً .
زَاجِرٌ عَنْ كُلِّ فَان ، حَاضِرٌ عَلى كُلِّ حَسَن . لا حَقُودٌ وَلا حَسُود ، وَلا وَثَّابٌ وَلا سَبَّابٌ ، وَلا عَيَّابٌ وَلا مُغْتَاب . يَكْرَهُ الرِّفْعَةَ ، وَيَشْنَأُ السُّمْعَةَ ، طَوِيلٌ غَمُّهُ ، بَعِيدٌ هَمُّهُ ، كَثِيرٌ صَمْتُهُ ، مَشْغُولٌ وَقْتَهُ بِمَا يَنْفَعُهُ ، وَقُورٌ ذَكُورٌ ، شَكُورٌ مَغْمُورٌ بِفِكْرَتِهِ ، ظَنِينٌ بِخِلَّتِهِ ، سَهْلُ الخَلِيقَةِ ، لَيِّنُ العَرِيكَةِ ، رَصِينُ الوَفَاءِ ، قَلِيلُ الأذى ، لا مُتَأفِّك وَلا مُتَهَتِّك ، كَثِيرٌ عِلْمُهُ ، عَظِيمٌ حِلْمُهُ .
لا يَبْخَلُ ، وَلا يَعْجَلُ ، وَلا يَضْجِرُ ، وَلا يَبْطَرُ ، وَلا يَحِيفُ فِي حُكْمِهِ ، وَلا يَجُورَ فِي عِلْمِهِ . نَفْسُهُ أصْلَبُ مِنَ الصَّلْدِ ، وَهُوَ أذَلُّ مِنَ العَبْدِ ، وَمُكَادَحَتُهُ أحْلَى مِنَ الشَّهْدِ . لا جَشِعٌ ، وَلا هَلِعٌ ، وَلا عَنِفٌ ، وَلا صَلِفٌ ، وَلا مُتَكَلِّفٌ ، وَلا مُتَعَمِّقٌ ، جَمِيلُ المُنَازَعَةِ ، كَرِيمُ المُرَاجَعَةِ ، عَدْلٌ إنْ غَضِبَ ، رَفِيقْ إنْ طُلِبَ ، لا يَتَهَوَّرُ ، وَلا يَتَجَبَّرُ ، خَالِصُ الوِدِّ ، وَثِيقَ العَهْدِ ، وَفِيِّ العَقْدِ ، شَفِيقٌ وَصُولٌ ، حَلِيمٌ ، خَمُولٌ ، قَلِيلُ الفُضُولِ ، رَاض عَنِ اللهِ ، مُخَالِفٌ لِهَوَاهُ ، لا يَغْلِظُ عَلى مَنْ يُؤذِيهِ ، وَلا يَخُوضُ فِيَما لا يَعْنِيهِ ، نَاصِرٌ لِلدِّينِ ، مُحَام عَنِ المُؤْمِنِينَ.
كَهْفٌ لِلْمُسْلِمِينَ ، لا يَخْرِقُ الثَّنَاءَ سَمْعُهُ ، وَلا يَنْكِي الطَّمَعُ قَلْبَهُ ، وَلا يَصْرِفُ اللَّعِبُ حُكْمَهُ ، وَلا يَطَّلِعُ الجَاهِلُ عِلْمَهُ ، قَوَّالٌ فَعَّالٌ ، عَالِمٌ حَازِمٌ ، لا بِفَحَّاش ، وَلا بِطَيَّاش ، وَصُولٌ بِغَيْرِ غُنْج ، بَذُولٌ بِغَيْرِ سَرْد ، لا بِخَتَّار وَلا بِغَدَّار ، لا يَقْتَفِي أثَراً ، وَلا يَحِيفُ بَشَراً ، رَفِيقٌ بِالخَلْقِ ، سَاع فِي الأرْضِ ، عَوْنٌ لِلضَّعِيفِ ، غَوْثٌ لِلَّهِيفِ ، لا يَهْتِكُ سِتْراً ، وَلا يَكْشِفُ سِرَّاً ، كَثِيرُ البَلْوى ، قَلِيلُ الشَّكْوى ، إنْ رَأى خَيْراً ذَكَرَهُ ، وَإنْ عَايَنَ شَرَّاً سَتَرَهُ ، يَسْتُرُ العَيْبَ ، وَيَحْفِظُ الغَيْبَ ، وَيُقِيلُ العَثْرَةَ ، وَيَغْفِرُ الزَّلَّةَ ، لا يَطَّلِعُ عَلى نُصْح فَيَذَرَهُ ، وَلا يَدَعُ حَيْفاً فَيُصْلِحَهُ ، أمِينٌ رَصِينٌ ، تَقِيٌّ رَضِيٌّ ، يَقْبَلُ العُذْرَ ، وَيُجْمِلُ الذِّكْرَ ، وَيُحْسِنُ بِالنَّاسِ الظَّنَّ.
وَيَتَّهِمُ عَلَى العَيْبِ نَفْسَهُ ، يُحِبُّ فِي اللهِ بِفِقْه وَعِلْم ، وَيَقْطَعُ فِي اللهِ بِحَزْم وَعَزْم ، لا يَخْرِقُ بِهِ فَرَحٌ ، وَلا يَطِيشُ بِهِ قَرْحٌ ، مُذَكِّرٌ لِلْعالِمِ ، مُعَلِّمٌ لِلْجاهِلِ ، لا يَتَوَقَّعُ لَهُ بَائِقَةٌ ، وَلا يَخَافُ لَهُ غَائِلَةٌ ، كُلُّ سَعْي عِنْدَهُ أخْلَصُ مِنْ سَعْيِهِ ، وَكُلَّ نَفْس عِنْدَهُ أصْلَحُ مِنْ نَفْسِهِ ، عَالِمٌ بَعَيْبِهِ ، شَاغِلٌ بِغَمِّهِ ، لا يَثِقُ بِغَيْرِ رَبَّهِ ، غَرِيبٌ وَحِيدٌ حَزِينٌ ، يُحِبُّ فِي اللهِ ، وَيُجَاهِدُ فِي اللهِ لِيَتْبَعَ رِضَاهُ ، وَلا يَنْتَقِمُ لِنَفْسِهِ بِنَفْسِهِ ، وَلا يُوَالِي فِي سَخَطِ رَبِّهِ ، مُجَالِسٌ لأهْلِ الفَقْرِ ، مُصَادِقٌ لأهْلِ الصِّدْقِ ، مُؤَازِرٌ لأهْلِ الحَقِّ ، عَوْنٌ لِلْغَرِيبِ ، أبٌ لِلْيَتِيمِ ، بَعْلٌ لِلأرْمَلَةِ ، حَفِيٌّ بِأهْلِ المَسْكَنَةِ ، مَرْجُوٌّ لِكُلِّ كَرِيهَة ، مَأمُولٌ لِكُلِّ شِدَّة ، اُوْلَئِكَ شِيْعَتُنَا وَأحِبَّتُنَا وَمِنَّا وَمَعَنَا .
فصعق همام صعقة كانت نفسه فيها . فقال أمير المؤمنين (عليه السلام) : أمَا وَاللهِ لَقَدْ كُنْتُ أخَافُهَا عَلَيْهِ . ثمّ قال : أهَكَذَا تَصْنَعُ المَوَاعِظُ البَالِغَةُ بِأهْلِهَا ؟ فقال له قائل : فما بالك أنت يا أمير المؤمنين ؟ فقال (عليه السلام) : وَيْحَكَ ، إنَّ لِكُلِّ أجَل وَقْتاً لا يَعْدُوهُ ، وَسَبَباً لا يَتَجَاوَزُهُ . فَمَهْلا ، لا تَعُدْ لِمِثْلِهَا ، فَإنَّمَا نَفَثَ الشَّيْطَانُ عَلى لِسَانِكَ !
تعقيب
آثرت أن أنقل خطبة أمير المؤمنين (عليه السلام) لما فيها من الموعظة والإرشاد ، وما وضعه الأمير (عليه السلام) نهجاً لحياة المؤمن المتّقي ، لا سيّما ونحن نعيش في هذا العصر حياةً مادّيةً تخلّى فيها أكثر الناس عن المبادئ السامية والمُثُل العليا التي جاء بها الإسلام تحقيقاً لسعادة الإنسان وخلاصه من الظلم والاستبداد ، وتجلّى هذا في خطبة قائدنا وصيّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) في وصف المتّقين لأحد أصحابه همام (رضي الله عنه) .
وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين .
ــــــــــــــ
([۱]) مقالة منشورة في مجلّة ( نور الإسلام ) ، العدد ۵۱ ـ ۵۲ ، السنة الخامسة . وترجمت إلى الإنجليزية وطبعت في مجلّة ( الكوثر ) ، العدد ؟؟؟ ، السنة ؟؟؟ .
(۲) الفتح : ۲۶ .
(۳) جامع السعادات ۲ : ۱۳۸ .
(۴) الشمس : ۷ ـ ۸ .
(۵) المائدة : ۹۳ .
(۶) راجع في ذلك المعجم المفهرس ، وإذا أردت أن تعرف صفات المتّقين فراجع في ذلك الروايات لا سيّما كتاب نهج البلاغة وخطبة الإمام (عليه السلام) لهمام .
(۷) الأنعام : ۷۲ .
(۸) الروم : ۳۱ .
(۹) البقرة : ۷۴ .
(۰[۱]) الأحزاب : ۱ .
(۱[۱]) يونس : ۳۱ .
(۲[۱]) النحل : ۵۱ ـ ۵۲ .
(۳[۱]) الأنفال : ۲ .
(۴[۱]) الأنفال : ۲۹ .
(۵[۱]) التغابن : ۱۶ .
(۶[۱]) النحل : ۳۰ .
(۷[۱]) الزمر : ۶۱ .
(۸[۱]) الطلاق : ۵ .
(۹[۱]) آل عمران : ۱۰۲ .
(۲۰) الحشر : ۱۸ .
([۱]۲) النجم : ۳۲ .
(۲۲) البقرة : ۶۳ .
(۲۳) البقرة : ۱۹۷ .
(۲۴) المؤمنون : ۲۳ .
(۲۵) العنكبوت : ۱۶ .
(۲۶) المؤمنون : ۸۷ .
(۲۷) الشعراء : ۱۰۶ .
(۲۸) الشعراء : ۱۲۴ .
(۲۹) الشعراء : ۱۴۲ .
(۳۰) الشعراء : ۱۶۱ .
(۳۱) الشعراء : ۱۷۷ .
(۳۲) الصافّات : ۱۲۳ ـ ۱۲۴ .
(۳۳) التوبة : ۱۱۵ .
(۳۴) البقرة : ۲۲۳ .
(۳۵) المائدة : ۱۰۰ .
(۳۶) الأنعام : ۱۵۵ .
(۳۷) الأعراف : ۱۵۶ .
(۳۸) الليل : ۱۷ ـ ۱۸ .
(۳۹) البقرة : ۲۷۸ .
(۴۰) البقرة : ۲۸۳ .
(۴۱) النساء : ۱ .
(۴۲) المائدة : ۳۵ .
(۴۳) الأنعام : ۱۵۵ .
(۴۴) الشعراء : ۱۰۷ ـ ۱۰۸ .
(۴۵) الحشر : ۷ .
(۴۶) الشعراء : ۱۵۰ ـ ۱۵۱ .
(۴۷) الحجرات : ۱۰ .
(۴۸) الأنفال : ۱ .
(۴۹) يوسف : ۹۰ .
(۵۰) النساء : ۹ .
(۵۱) آل عمران : ۲۰۰ .
(۵۲) المائدة : ۲ .
(۵۳) البقرة : ۲۴۱ .
(۵۴) المجادلة : ۹ .
(۵۵) البقرة : ۲۳۷ .
(۵۶) المائدة : ۸ .
(۵۷) التوبة : ۴۴ .
(۵۸) التوبة : ۱۲۳ .
(۵۹) القصص : ۸۳ .
(۶۰) التوبة : ۱۱۹ .
(۶۱) الحجّ : ۳۲ .
(۶۲) آل عمران : ۷۶ .
(۶۳) الأنفال : ۶۹ .
(۶۴) الأعراف : ۲۰۱ .
(۶۵) التوبة : ۱۰۹ .
(۶۶) البقرة : ۲۰۶ .
(۶۷) البقرة : ۲۴ .
(۶۸) آل عمران : ۱۳۱ .
(۶۹) البقرة : ۴۸ .
(۷۰) البقرة : ۱۹۶ .
(۷۱) البقرة : ۲۰۳ .
(۷۲) البقرة : ۲۲۳ .
(۷۳) البقرة : ۲۳۱ .
(۷۴) البقرة : ۲۳۳ .
(۷۵) ص : ۴۹ .
(۷۶) الزخرف : ۳۵ .
(۷۷) الدخان : ۵۱ ـ ۵۲ .
(۷۸) طه : ۱۳۲ .
(۷۹) الأعراف : ۱۲۸ .
(۸۰) الجاثية : ۱۹ .
(۸۱) محمّد (صلى الله عليه وآله) : ۱۷ .
(۸۲) البقرة : ۲ .
(۸۳) مريم : ۷۲ .
(۸۴) البقرة : ۱۰۳ .
(۸۵) النحل : ۱۲۸ .
(۸۶) الأعراف : ۳۵ .
(۸۷) الليل : ۵ ـ ۷ .
(۸۸) الطلاق : ۴ .
(۸۹) النساء : ۷۷ .
(۹۰) يوسف : ۱۰۹ .
(۹۱) آل عمران : ۱۲۰ .
(۹۲) آل عمران : ۱۸۶ .
(۹۳) البقرة : ۱۸۹ .
(۹۴) آل عمران : ۱۷۲ .
(۹۵) آل عمران : ۱۷۹ .
(۹۶) محمّد (صلى الله عليه وآله) : ۳۶ .
(۹۷) المائدة : ۶۵ .
(۹۸) الطلاق : ۵ .
(۹۹) النور : ۵۲ .
(۰۰[۱]) آل عمران : ۷۶ .
(۰۱[۱]) البقرة : ۲۸۲ .
(۰۲[۱]) البقرة : ۱۹۴ .
(۰۳[۱]) الطلاق : ۲ ـ ۳ .
(۰۴[۱]) النحل : ۳۰ .
(۰۵[۱]) الأعراف : ۹۶ .
(۰۶[۱]) المائدة : ۲۷ .
(۰۷[۱]) الزمر : ۶۱ .
(۰۸[۱]) الأحزاب : ۷۰ ـ ۷۱ .
(۰۹[۱]) هود : ۱۰۵ ـ ۱۰۸ .
(۱۰[۱]) آل عمران : ۱۳۳ .
(۱۱[۱]) آل عمران : ۱۵ .
(۱۲[۱]) آل عمران : ۱۹۸ .
(۱۳[۱]) الزمر : ۷۳ .
(۱۴[۱]) الدخان : ۵۱ ـ ۵۲ .
(۱۵[۱]) الذاريات : ۱۵ ـ ۱۶ .
(۱۶[۱]) الطور : ۱۷ ـ ۱۸ .
(۱۷[۱]) القمر : ۵۴ ـ ۵۵ .
(۱۸[۱]) القلم : ۳۴ .
(۱۹[۱]) المرسلات : ۴۱ ـ ۴۲ .
(۲۰[۱]) النبأ : ۳۱ ـ ۳۲ .
(۲۱[۱]) مريم : ۶۳ .
(۲۲[۱]) الحجرات : ۱۳ .
(۲۳[۱]) يونس : ۶۳ ـ ۶۴ .
(۲۴[۱]) الأنفال : ۲۹ .
(۲۵[۱]) مريم : ۸۵ .
(۲۶[۱]) النساء : ۱۳۱ .
(۲۷[۱]) آل عمران : ۱۰۲ .
(۲۸[۱]) المائدة : ۱۰۰ .
(۲۹[۱]) المائدة : ۱۰۸ .
(۳۰[۱]) الحجّ : ۱ .
(۳۱[۱]) الحشر : ۱۸ .
(۳۲[۱]) ق : ۳۱ .
(۳۳[۱]) الذاريات : ۱۵ ـ ۱۶ .
(۳۴[۱]) الطور : ۱۷ ـ ۱۸ .
(۳۵[۱]) القمر : ۵۴ ـ ۵۵ .
(۳۶[۱]) القلم : ۳۴ .
(۳۷[۱]) المرسلات : ۴۱ ـ ۴۲ .
(۳۸[۱]) النبأ : ۳۱ ـ ۳۲ .
(۳۹[۱]) الفرقان : ۷۴ .
(۴۰[۱]) راكعون .
(۴۱[۱]) ساجدون .
(۴۲[۱]) نحت السهام .
الكاتب: السيد عادل العلوي