- الإسلام
- القرآن
- النبي وأهل بيته
- الشيعة
- الأسرة
- أسئلة وأجوبة
- الدعاء وشروط استجابته
- وقت المطالعة : 5 دقیقة
- بواسطة : امین نجف
- 0 تعليق
يعرف الكبار داخل محيط الاسرة وفي المدرسة وكل انسان يعد نفسه مربياً ومسؤولاً عن مستقبل الجيل الصاعد، ان مرحلة المراهقة التي يدخلها الفتى والفتاة تصاحبها ظواهر سلوكية ونفسية خاصة بهذه المرحلة العمرية، منها تغير المزاجات وبروز ردود افعال ازاء مختلف القضايا، وربما تكون احكامهم ومواقفهم غير صحيحة، لكن ليس بالضرورة ان يقروا ويعترفوا بذلك، لذا يجب علينا التوقف مليّاً عند هكذا حالات وعدم التسرع في اصدار الاحكام على هذه الشريحة الواعدة. من ابرز الظواهر في هذه المرحلة، ظاهرة الغضب والتوتر التي نراها عادةً تظهر على المراهقين، وربما تكون سبباً لانزلاق الكبار الى توتر بالمقابل لاسكات الطرف المقابل، لكن خبراء التربية ينصحون بتوخي الحذر لضمان سلامة الكبار والصغار معاً وذلك من خلال خطوات أهمها:
أوّلاً:
دراسة أسباب الغضب ، ثم محاولة إيجاد الحلول المناسبة، ومعالجة تلك الأسباب التي من أهمها: الغضب المتولد عن الجو الأسري المشحون بالمشكلات والشجار والنزاع الدائم؛ مما يولد عند الشاب ظاهرة التوتر والإنفعال لما يراه أمامه من مشاحنات دائمة. فالمربّي الحليم والرحيم الرفيق يؤثِّر بطريقة غير مباشرة في الشاب الذي أمامه، فهو يرى حلمه وسعة صدره وردود أفعاله على الأمور وتقبّله لها بصدرٍ رحب، فهذا بلا شك يؤثِّر فيه ويجعله يخفف من حدَّته وثورة غضبه عند حصول ما لا يرغب فيه.
ثانياً:
التعرّف إلى طبيعة المرحلة العمرية التي يمرُّ بها الشباب وفهمها فهماً صحيحاً، فالشباب في هذه المرحلة يحصل عندهم الكثير من التغيُّرات النفسية والجسدية والعقلية، مما يؤثِّر في سلوكهم. فعلى سبيل المثال: التغيُّرات الجسدية تجعلهم مشغولين بما يجري في أجسادهم، ويركِّزون على الإهتمام بها، ويفترضون أن مَن حولهم مشغولون بما هم مشغولون به، ومهتمون بما هم مهتمون به لذلك فإن إهتمامهم بمظهرهم يبدأ بالتزايد، ويكونون شديدي الحساسية لما تكون عليه صورهم في عيون الآخرين.
لذلك فإنّه يقع على عاتق المربين أن يتجنبوا أيّة إنتقادات لاذعة أو مؤذية يمكن أن تثير غضبهم في هذه المرحلة أو تؤثِّر على سلوكهم بشكل سلبي، وينبغي أن يعرف المربي أن إهتمام الشاب بنفسه وتركيزه على جسده يقل شيئاً فشيئاً نتيجة خبرته التي يكتسبها في الحياة، وعلاقاته الإجتماعية المتنامية، وهذا يتطلب صبراً من المربي مراعاة للظروف التي يمر بها الشاب.
كما ينبغي على المربّي أن يتعرَّف إلى طبيعة التغيُّرات العقلية التي يمرُّ بها الشاب والتي تؤثر في سلوكه، ففي هذه المرحلة يبدأ الشاب بإدراك المفاهيم بصورة مختلفة عما كان يدركها وهو طفل، إذ تصبح المفاهيم أنضج لديه، ويصبح الشاب قادراً وميالاً إلى نقد ما يراه أمامه، فهو على العكس من طفولته التي بها كان يتلقى الأمور بالقبول والطاعة، إذ يبدأ يظهر عليه الكثير من الإعتراض أو النقد لما حوله، ويحاول تغيير ما لا يعجبه. فعلى سبيل المثال: تنضج عنده مسألة رؤية عيوب الآخرين، مما يجعله في كثير من الأحيان يوجِّه الإنتقادات لغيره، كوالديه أو أصدقائه، أو في بعض الأحيان إلى أساتذته ومعلميه، وهذا الأمر غالباً ما يؤدي إلى حالة دائمة من التوتر بينه وبين مَن يتعامل معهم ممن كان يتلقى منهم النصائح والأوامر دون كثير من الجدال والرفض، والسبب في ذلك أنّ الشاب في هذه المرحلة يبدأ في التحول إلى النزعة الإستقلالية في الإدارة والتفكير والإنفعال، ويحاول التحرر ممّن حوله، ويُكوِّن شخصيته المستقلة وآراءه ونمط حياته الخاص به.
وتظهر المشكلة عند كثير من المربين الذين يتصرفون مع أبنائهم في هذه المرحلة من العمر بالطريقة نفسها التي كانوا يتصرفون معهم بها في فترة الطفولة، إذ تستمر الأوامر والنواهي، ويستمر توقع الطاعة العمياء والتنفيذ الفوري دون إعتراض أو إبداء رأي. وهنا تبرز أهمية وعي المربي وفهمه لطبيعة النمو العقلي والفكري للشباب؛ من أجل الوصول إلى التربية السليمة، وحُسن التواصل معه، وإلا فإن عدم الفهم سيؤدي حتماً إلى كثير من النزاع والشجار بين المربي والشاب، وبالتالي إثارة نوازع الغضب لدى الطرفين، وإتهام الشاب بالتمرد وسوء الأدب.
ثالثاً:
مراعات مسألة ميل الشباب إلى الجدال والمحاججة، وهذا الميل له أسبابه النفسية عند الشباب؛ إذ إنّه في هذه الفترة من العمر تصبح لديهم قدرات جديدة، فتبرز عندهم الدوافع لإستخدام تلك القدرات المكتسبة. إذ يصبح الشاب في هذه الفترة قادراً على تنظيم الحقائق والأفكار، ويصبح قادراً على صياغة القضايا والدفاع عنها، فيبدأ يستخدم تلك القدرة ليتدرَّب عليها، ويتقنها، ومن ثم يطمئن على إمتلاكه لها، إلا أن مَن حوله يتذمرون من ذلك ويضيقون ذرعاً بأسلوبه الممل ومجادلاته التي لا تنتهي، مما يؤدي إلى حالة من الصراع المستمر بين الشاب وبين مَن حوله، مما يترتب عليه إثارة نوازع الغضب والإنفعال لدى الشاب لإعتقاده بعدم تقبل الآخرين لآرائه وأفكاره.
وهذا يتطلب من المربي الكثير من الصبر ومحاولة الهدوء أثناء محاورة الشباب، وأن يتجنب الهجوم على شخص الشاب، لأن ذلك سيدفعه إلى الدفاع عن نفسه، وبالتالي يُظهر عناداً ومكابرة، وفي بعض الأحيان يترك ذلك آثاراً سلبية في نفس الشاب، ويؤدي به إلى التقوقع على الذات والإنطواء لشعوره بعدم محبة الآخرين له، وعدم تقبلهم له. فالحل يكمن في يد المربي، بإظهار الإحترام والتقدير لآرائه، وعدم التسفيه والسخرية والإستهزاء، ومحاولة إقناع الشاب أن إختلاف الآراء أمر طبيعي، ولكنه لا يُفسد الود ولا المحبة.
ويتطلب من المربي حُسن الإستماع للشاب، وإشعاره بأن كلامه يُحمل محمل الجد والتقدير والإحترام، وقد علّمنا النبي (ص) حسن الإستماع حتى للكافر عندما يتكلَّم، والإنصات إليه إلى أن يفرغ من كلامه؛ كسباً لقلبه، ومحاولة منه لجره للإستماع إليه مقابل إنصاته له.
رابعاً:
أن يحاول المربي إكتساب أدوات جديدة في التعامل مع الشاب: وذلك بما يتناسب مع سنِّه وميله إلى إستقلالية الشخصية، فبدلاً من أسلوب الأمر والنهي ينبغي أن يستبدل المربي هذا الأسلوب بأسلوب الحوار في محاولة للوصول إلى الهدف، فالشباب في هذه المرحلة من العمر لا يحبون الأوامر ذات الطابع الإستبدادي التسلطي، ويشعرون بالمرارة إذا ما شعروا بأن غيرهم يفعلون ذلك تجاههم، فلابدّ من إستخدام أسلوب الطلب بلين وأدب كي يشعروا بإحترام الآخرين لهم. كما ينبغي عدم الإكثار من التوجيهات وملاحقة أخطائهم؛ لأن ذلك يؤذي مشاعرهم. وكذلك ينبغي تجنُّب المواجهة المباشرة الدائمة للأخطاء والهفوات، لأن ذلك يثير نوازع الغضب عند الشباب في هذه الفترة من العمر.
خامساً:
مساعدة الشاب على إختيار الصحبة الصالحة: فالمرء على دين خليله، وكثيراً ما يكتسب المرء من خليله صفاته، وأخلاقه، لذلك قال رسول الله (ص): (المرء على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل).
سادساً:
إحترام خصوصية الشاب، وعدم الإكثار من التدخل في خصوصياته، لأن ذلك يغضبه، ومساعدته على تحقيق أهدافه، ورسمها كي يكتسب التفكير الإيجابي ويبتعد عن التفكير السلبي الذي يولّد الإنفعال والغضب، ويتطلب ذلك من المربي توجيه الشاب توجيهاً صائباً مع الحفاظ على خصوصيته لينشأ معتزّاً بذاته دون مغالاة في الحماية أو الإهمال.
سابعاً:
تشجيعه على ممارسة الرياضة، لأنّها تمتص الطاقة الزائدة التي يتمتع بها الشباب في هذه الفترة، والتي كثيراً ما يفجِّرها الشاب بشكل إنفعالات غاضبة، ومما لا شك فيه أنّ الرياضة تصرف فكر الشاب عن المفاسد، وتخفف تأجج الغرائز في جسده، وتعينه على التفكير السليم، وقد كان رسول الله (ص) يشجِّع الفتيان على أنواع الرياضة، فقد طلب من سمرة ورافع أن يتصارعا بعد أن تنافسا على الخروج للجهاد في سبيل الله، ولمّا غلب الصغير الكبير أجازهما معاً.
ثامناً:
الإهتمام بتوجيه الشباب إلى العبادة، فهي تهذِّب الكثير من الإضطرابات الإنفعالية والإنحرافات السلوكية، فالعبادة تقرِّب المرء من الله تعالى، وتجعل نفسه تصفو وتهدأ وتطمئن، وهذا بلا شك يؤثِّر في السلوك فيقوّم ويتحسّن شيئاً فشيئاً إلى أن يعتاد المرء عليه.
تاسعاً:
وأخيراً لابدّ من تعليم الشباب أسلوب إدارة الغضب في ضوء القرآن الكريم والسنّة النبوية وسيرة أهل البيت عليهم السلام، فإنّ لاحظ المربي إنفعالات غاضبة متكررة دون سبب موجب لها، عليه أن يُذكِّر الشاب أو الشابة بفضل الحلم وسعة الصدر وكظم الغيظ، وأن يذكِّره بالنماذج الراقية والعظيمة لهذه الخصال الاخلاقية العظيمة من قبيل المواقف التي مرّ بها النبي الأكرم مع بعض الاشخاص في جاهليتهم الاولى، والمواقف التي مر بها أئمة الهدى مع من ألحق بهم الأذى من خدم في البيوت او من افراد المجتمع وكيف أبدوا الحلم وكظم الغيض ومبادلة الاساءة بالاحسان والأهم من كل ذلك كيف ان المسيئين ندموا على افعالهم وكرروا المقولة الشهيرة: (الله أعلم حيث يجعل رسالته).