- الإسلام
- القرآن
- النبي وأهل بيته
- الشيعة
- الأسرة
- أسئلة وأجوبة
- الدعاء وشروط استجابته
- وقت المطالعة : 5 دقیقة
- بواسطة : امین نجف
- 0 تعليق
المبحث السابع: أقسام القضاء والقدر(1)
التقسيم الأوّل :
1 ـ القضاء والقدر العلمي .
2 ـ القضاء والقدر العيني .
القضاء العلمي: وهو عبارة عن علم اللّه عزّ وجلّ بوجود الأشياء وإبرامها ، ومعرفته بتحقّقها أو عدم تحقّقها .
القدر العلمي: وهو عبارة عن علم اللّه عزّ وجلّ بخصوصيات ومقدار جميع الأشياء التي ستوجد .
القضاء العيني: وهو عبارة عن ضرورة وجود الشيء في الخارج عند وجود علّته التامّة .
القدر العيني: وهو عبارة عن الخصوصيات التي يكتسبها الشيء من علله عند تحقّقه(2) .
التقسيم الثاني :
1 ـ القضاء والقدر التكويني: وهو أنّ اللّه تعالى جعل حدّاً محدوداً لما أراد خلقه ، ثمّ أوجده وفق ذلك القدر .
2- القضاء والقدر التشريعي: وهو أنّ اللّه تعالى بيّن الأحكام التي يريدها من العباد، وبيّن حدودها ومقاديرها وأمرهم بالالتزام بها .
المبحث الثامن: خصائص القضاء والقدر
1- إنّ القضاء والقدر أمران متلازمان ، ولا ينفك أحدهما عن الآخر ، لأنّ أحدهما بمنزلة الأساس وهو “القدر” ، والآخر بمنزلة البناء وهو “القضاء”(3).
2- إنّ القضاء والتقدير الفعليّين من صفات اللّه الفعلية، لأ نّهما يتعلّقان بالموجودات الممكنة ، ولا يكون لهما وجود خارجي إلاّ بوجود الخلقة .
3 ـ إنّ القضاء والقدر الفعليّين (العينيّين) مخلوقان للّه تعالى .
قال الإمام الصادق(عليه السلام): “إنّ القضاء والقدر خلقان من خلق اللّه ، واللّه يزيد في الخلق ما يشاء”(4).
معنى خلق اللّه للقضاء والقدر :
لا تتحقّق أي ظاهرة في الكون ، ولا تصل إلى مرتبة الوجود إلاّ بعد توفّر أسبابها وتعيين قدرها من قبل الأسباب ، واللّه سبحانه وتعالى هو الخالق للأسباب ، فلهذا ينسب خلق القضاء والقدر إليه تعالى(5).
4- إنّ المألوف والمتداول على الألسنة هو أن يقال: “القضاء والقدر”، فيقدّم “القضاء” على “القدر” ، ولكن “القدر” ـ في الواقع ـ مقدّم على “القضاء” في مراتب الفعل الإلهي، لأنّ اللّه تعالى يقدّر ثمّ يقضي، ولا يقضي شيئاً إلاّ بعد تحديد قدره .
أدلة تقدّم القدر على القضاء :
1- قوله تعالى: { إِنّا كُلَّ شَيْء خَلَقْناهُ بِقَدَر } [ القمر: 49 ] أي: لا يكون قضاء من دون سبق قدر ، وبعبارة أُخرى: إنّ القضاء الإلهي لا يتحقّق ما لم تتكامل المقتضيات وتتمّ المقادير المعيّنة بشروطها .
2- قال رسول اللّه(صلى الله عليه وآله وسلم): “إنّ اللّه عزّ وجلّ قدّر المقادير ودبّر التدابير قبل أن يخلق آدم بألفي عام”(6) .
3- قال رسول اللّه(صلى الله عليه وآله وسلم): “قدّر اللّه المقادير قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة”(7) .
4- قال الإمام جعفر بن محمّد الصادق(عليه السلام): “إنّ اللّه إذا أراد شيئاً قدّره ، فإذا قدّره قضاه، فإذا قضاه أمضاه”(8).
5- إنّ “القدر” هو تحديد الشيء وتبيين مقداره ومعالمه ، ولهذا فهو يدخل في المقدّمات ، ولكن “القضاء” يكون بمثابة النتيجة التي تأتي بعد المقدّمات ، ولهذا يكون “القدر” قبل “القضاء” .
المبحث التاسع: الفهم الخاطى للقضاء والقدر
تشويه مفهوم القضاء والقدر :
1- حاولت بعض السلطات الجائرة تشويه العديد من المفاهيم الدينية وتفريغها من محتواها الحقيقي ـ منها القضاء والقدر ـ لأسباب ترتبط بخدمة مصالحها السياسية .
2- إنّ بعض وعّاظ السلاطين والسذّج من الدعاة روّجوا المعنى الخاطئ للقضاء والقدر عن طريق مدح الكسل والخمول والتقوقع باسم فضل الزهد والصبر والتوكّل .
3- لا ينبغي القول بأنّ الاختلاف في مختلف العصور الإسلامية حول معنى القضاء والقدر هو اختلاف علمي فحسب ، لأنّ المشكلة لا تقتصر على البُعد العلمي فقط ، بل المشكلة ـ في الواقع ـ تكمن في مبادرة السلطات الجائرة ـ عن طريق الاستعانة بامكاناتها الضخمة وقدراتها الواسعة ـ إلى ترويج المعنى الخاطئ للقضاء والقدر .
الفهم الخاطئ للقضاء والقدر :
إنّ الإنسان مجبور في جميع أفعاله وتصرّفاته بما قضى اللّه تعالى له وقدّر(9) .
تبعات الفهم الخاطئ للقضاء والقدر :
1- التلبّس بالعقلية المستسلمة التي تركن إلى الوهن والتكاسل والعجز والخمول نتيجة اعتقادها بالمعنى الخاطئ للقضاء والقدر .
2- وهن العزائم وتثبيط الهمم وشّل الإرادة وتعطيل السعي وبث روح الكسل بالتقاعس عن العمل .
3- تفشّي الانحطاط والتخلّف والفشل في أوساط الواقع الاجتماعي نتيجة إمحاء دواعي السعي من الخواطر وغلّ الأيدي عن العمل .
4- الشعور بالعجز عن الإبداع والاتّكال على الظروف والفرص المحتملة والاستسلام للوضع الراهن من دون المبادرة إلى تغييره .
5- الوقوف مكتوفي الأيدي في وجه الكوارث نتيجة إيثار البطالة والكسل ، ومن ثمّ الوقوع في المصائب والنكبات والآلام والضعف والذل .
6- الميل في معظم الأحيان إلى الخرافة والشعوذة بدلا من التمسّك بالأسباب الطبيعية الكامنة وراء الوقائع، وبدلا من البحث عن العلاقات السببية الموجودة بين الظواهر .
7- تفسير التخلّف تفسيراً دينياً على أساس القضاء والقدر ، ومن ثمّ تضعيف صلة بعض أبناء المجتمع ـ ولا سيما الشباب ـ بالدين واندفاعهم إلى التخلّي عن الأسس والمبادئ الدينية من أجل نيل التقدّم والاندماج في مسارات التحديث .
8- انتشار الفساد وظهور الكفر وعلو الباطل في الأرض، وغير ذلك من التبعات الناتجة من القراءة المعرفية المغلوطة لعقيدة القضاء والقدر والانسياق وراء الفهم الخاطئ لها .
تنبيهات :
1- إنّ عقيدة القضاء والقدر قد امتزجت بالجبر في نفوس بعض المسلمين وينبغي للطبقة الواعية في المجتمع أن تبادر إلى تصحيح هذه العقيدة مما طرأ عليها من مفاهيم مغلوطة .
2- من الخطأ أن يقتصر حديثنا عن القضاء والقدر عند مواقع فشلنا وعجزنا أو عند الحديث عن نجاح الآخرين ، في حين لا نرى أيّة إثارة لهذه المسألة عند الحديث عن نجاحنا في العمل .
3- إنّ الفقر والحرمان الناتج من التكاسل عن العمل، وعدم السعي في طلب الرزق هو فقر ناتج من اختيار الإنسان ، ولا يحق لصاحبه أن يحمّل هذا الأمر على التقدير الإلهي ، لأنّ اللّه عزّ وجلّ إنّما قدّر الفقر لهذا الشخص المتكاسل لتمسّكه بأسباب الفقر واختياره الحرمان بنفسه .
4- لا يحقّ للإنسان المتكاسل الذي لا يصل إلى أهدافه وآماله نتيجة كسله وخموله أن يلقي اللوم على غيره وأن يسلّي نفسه بكلمات من قبيل: الحظ والصدفة وعدم التوفيق والقضاء والقدر و … .
معالجة الفهم الخاطئ للقضاء والقدر :
1- إنّ القضاء والقدر عقيدة قرآنية ، ولا يعني وقوع البعض في الفهم الخاطئ لهذه العقيدة المبادرة إلى إلغائها كما تفعل الاتّجاهات العلمانية ، بل ينبغي تصحيح هذا المفهوم في الواقع الفردي والاجتماعي وفق ما تقتضيه الحقيقة .
2- إنّ الشريعة الإسلامية واجهت الرؤية الاستسلامية التي تصوّر الإنسان مخلوقاً لا قدرة له على تغيير وإصلاح الواقع الذي هو فيه ، وأشارت مراراً إلى قدرة الإنسان على تغيير ما هو عليه عن طريق التمسّك بالأسباب التي جعلها اللّه تعالى وسيلة للتغيير والإصلاح .
3- لو كان قصد الإسلام من تبيين مسألة القضاء والقدر الدعوة إلى الكسل والخمول لما أتعب رسول اللّه(صلى الله عليه وآله وسلم) نفسه في الدعوة إلى الإسلام والجهاد في سبيله، ولما تحمّل من المشركين ما تحمّل .
____________
1- هذه التقسيمات مقتبسة من آراء العلماء حول معنى القضاء والقدر، وهي الآراء التي ذكرناها في المبحث الرابع والخامس من هذا الفصل .
2- تنبيه: ينسجم هذا التقسيم مع الرأي الثالث للقضاء والقدر ، أي: تفسير القضاء والقدر بنظام الأسباب ، وأمّا على ضوء الرأي الأوّل، أي: تفسير القضاء والقدر بما يكتبه اللّه في اللوح المحفوظ فمعنى القضاء والقدر مغاير لما ورد في هذا المقام ، وقد ذكرناه في محلّه عند بيان الرأي الأوّل .
3- انظر: لسان العرب، ابن منظور: مادة (قضى) .
4- التوحيد، الشيخ الصدوق: باب 60: باب القضاء والقدر، ح1، ص354 .
5- للمزيد راجع المبحث الخامس من هذا الفصل .
6- التوحيد ، الشيخ الصدوق: باب 60: باب القضاء والقدر و… ، ح22، ص366 .
7- المصدر السابق: ح7، ص358 .
8- بحار الأنوار، العلاّمة المجلسي: ج5، كتاب العدل والمعاد، باب 3: القضاء والقدر و… ، ح64، ص121 .
9- سيُناقش هذا الرأي بصورة مفصّلة في الفصل القادم المرتبط بالجبر والتفويض .
المصدر: العدل عند مذهب أهل البيت (عليهم السلام) / الشيخ علاء الحسون