- الإسلام
- القرآن
- النبي وأهل بيته
- الشيعة
- الأسرة
- أسئلة وأجوبة
- الدعاء وشروط استجابته
- وقت المطالعة : 6 دقیقة
- بواسطة : امین نجف
- 0 تعليق
حقيقة يعلمها كل مسلم
هي أنّ الله تبارك وتعالى لم يأمر بشيءٍ إلاّ: ما كان موافقاً للفطرة منسجماً معها، أوّلاً. وثانياً: ما كان في صالح الإنسان ونفعه في الدنيا والآخرة.
هذه حقيقة، والحقيقة الأخرى ـ وكلّ مسلمٍ يعلمها ـ أنّ الله جلّ وعلا أمر بمحبّة أهل بيت النبيّ الأكرم صلّى الله عليه وآله وسلّم ومودّتهم وولايتهم، على لسان كتابه العظيم، كما في آية المودّة وآية الولاية، وعلى لسان نبيّه الكريم، كما في عشرات أحاديثه الشريفة بل ومئاتها.
فلابدّ إذن أنّ مودّة ذوي القُربى، والتي جعلها الله عزّ شأنه أجراً على تبليغ رسالة الإسلام، هي منسجمة تمام الانسجام مع الإيمان والهدى والتقوى وصدقِ محبّة الله ورسوله صلّى الله عليه وآله، وموافقةً تمام الموافقة للفطرة الإنسانيّة التي فَطَر اللهُ الناسَ عليها من حبّ الخير والرحمة والنقاء والصفاء والسعادة. وحبُّ أهل البيت عليهم السلام هو كذلك، وهو إلى ذلك عائدٌ على الإنسان بكلّ ما يرجوه من السلامة والتكامل وخير الدنيا والآخرة.
وهذه مصاديقه
- قال الله جلّ وعلا مخاطباً نبيَّه صلّى الله عليه وآله: قُلْ إنْ كنتُم تُحبّونَ اللهَ فاتَّبِعُوني يُحبِبْكمُ الله [ آل عمران:31 ]. ولمّا كان الله ورسوله قد أمرا بحبّ أهل البيت ومودّتهم وطاعتهم، كان اتّباعهما في ذلك محبّةً لهما وإيماناً بهما، إذ هو طاعةٌ لهما.
- وقال رسول الله صلّى الله عليه وآله: « حُبُّ أهل بيتي وذرّيتي استكمالُ الدين » ( أمالي الصدوق:161 / ح 1 )، ويعلم كلُّ مسلم أنّ قوله تعالى: اليومَ أكملتُ لكمُ دِينَكم.. [ المائدة:3 ] إنّما نزل بعد تنصيب رسول الله صلّى الله عليه وآله عليّاً أميراً للمؤمنين وخليفةً مِن بعده، وذلك يوم الغدير وبمبايعة عشرات آلاف المسلمين.. فكيف يكمل دينُ المسلم وهو لا يتولّى عليّاً عليه السلام إماماً، وكيف يتولاّه دون أن يُحبّه ويحبَّ أهل بيته ؟!
- وكيف تحصل النجاة بدون الائتمار بأمر الله تعالى، ودون طاعته، ودون الائتمار بأمر رسوله وطاعته ؟! وما أمر رسول الله صلّى الله عليه وآله إلاّ أمرُ الله، وما طاعة رسول الله إلاّ وطاعة لله سبحانه وتعالى وهو القائل عزّ من قائل: ومَن يُطعِ الرسولَ فَقَد أطاعَ الله [ النساء:80 ]، والقائل جلّ وعلا: ومَن يُطعِ اللهَ ورسولَه فقد فازَ فوزاً عظيماً [ الأحزاب:71 ]، ورسولُه صلّى الله عليه وآله هو القائل مخاطباً وصيَّه وخليفتَه عليّاً عليه السلام: « يا عليّ، مَن أحبّكم وتمسّك بكم، فقد استمسك بالعُروةِ الوثقى »، ووصيّه عليٌّ عليه السلام هو المبيّن لذلك حين قال: « العُروةُ الوثقى المودّةُ لآل محمّد صلّى الله عليه وآله » ( ينابيع المودّة للشيخ سليمان القندوزي الحنفي 331:1 / ح 2 ـ الباب 37، غاية المرام للسيّد هاشم البحراني:434 / ح 2 و 3 ـ الباب 108 ).
- وحبُّ أهل بيت رسول الله صلّى الله عليه وآله باعثٌ على اطمئنان القلوب، فهو من جهةٍ علامةُ حبٍّ لله ولرسوله، وطاعةٍ لهما، وعلامة إيمانٍ وهدىً وتقوى.
- روى المتّقي الهندي في كتابه ( كنز العمّال / خ 93 ) عن رسول الله صلّى الله عليه وآله قوله: « لا يؤمنُ عبدٌ حتّى أكونَ أحبَّ إليه من نفسه، وأهلي أحبَّ إليه من أهله، وعترتي أحبَّ إليه من عترته، وذرّيّتي أحبَّ إليه من ذرّيته » ( رواه المجلسي في بحار الأنوار 76:77 / ح 4 ـ عن: أمالي الصدوق:274 / ح 9 ـ المجلس 54، وعلل الشرائع للصدوق:140 / ح 3 ـ الباب 117 ).
- وروى المتقي الهندي أيضاً ـ وهو أحد كبار محدّثي أهل السنّة ـ في كتابه ( كنز العمّال 442:2 / ح 448 )، والسيوطيّ الشافعي في تفسيره ( الدرّ المنثور 642:4 ) عن ابن مردَويه، وغيرهما.. أنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله لمّا نزلت هذه الآية: ألا بِذِكْرِ اللهِ تَطمنُّ القُلوب [ الرعد:28 ] قال: « ذاك مَن أحبّ اللهَ ورسولَه، وأحبَّ أهلَ بيتي صادقاً غير كاذب، وأحبّ المؤمنين شاهداً وغائباً، ألا بِذِكر الله يتحابّون ».
- وروى العامّة والخاصّة، عن رسول الله صلّى الله عليه وآله قولَه: « مَن أراد التوكّلَ على الله فَلْيُحبَّ أهلَ بيتي… ومَن أراد الحكمة فَلْيُحبَّ أهل بيتي، فَوَ اللهِ ما أحبَّهم أحدٌ إلاّ رَبِح الدنيا والآخرة » ( مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي الحنفي 59:1 ـ طبعة مكتبة المفيد قمّ، فرائد السمطين للجويني الشافعي 294:2 / ح 551، ينابيع المودّة للقندوزي الحنفي 332:1 / ح 969، جامع الأخبار للسبزواري: 62 / ح 77 ).
- وجاء عن رسول الله صلّى الله عليه وآله أنّه قال: « حبّي وحبُّ أهل بيتي نافعٌ في سبعة مواطن، أهوالُهنّ عظيمة: عند الوفاة، وفي القبر، وعند النشور، وعند الكتاب، وعند الحساب، وعند الميزان، وعند الصراط » ( الخصال للشيخ الصدوق 360 / ح 49 ـ باب السبعة، أمالي الصدوق: 19 / ح 3 ـ المجلس 3 ). كذلك جاء عنه قوله صلّى الله عليه وآله: « ألا ومَن أحبَّ آلَ محمّدٍ أمِنَ من الحساب والميزان والصراط » ( فضائل الشيعة للشيخ الصدوق:1 / ح 1، فرائد السمطين 258:2، مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي 40:1، المناقب للخوارزمي أيضاً: 73 / ح 51، أعلام الدين للحسن بن أبي الحسن الديلمي:464.. وغيرها ).
وروى المتقي الهندي في ( كنز العمّال 97:12 / ح 34163 )، وابن حجر الشافعي في ( الصواعق المحرقة:187 ) أنّ النبيّ قال: « أثبتُكم قدماً على الصراط أشدُّكم حبّاً لأهل بيتي »، فيما روى يحيى بن الحسين في ( درر الأحاديث النبويّة بالأسانيد اليحيويّة:51 ) عنه صلّى الله عليه وآله قوله: « ما أحبَّنا أهلَ البيت أحدٌ فزلّت به قَدَم إلاّ ثبّتته قدمٌ أخرى، حتّى يُنجيَه اللهُ يوم القيام ».
- وروى الخطيب البغدادي في ( تاريخ بغدا 146:2 )، والسيوطي الشافعي في ( الجامع الصغير 49:2 ) أنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله قال: « شفاعتي لأمّتي مَن أحبّ أهلَ بيتي، وهم شيعتي ». وروى عددٌ كبير من المحدّثين قولَه صلّى الله عليه وآله: « مَن مات على حبِّ آل محمّدٍ مات شهيداً، ألا ومَن مات على حبّ آل محمّدٍ مات مغفوراً له، ألا ومَن مات على حبّ آل محمّدٍ مات تائباً، ألا ومن مات على حبّ آل محمّدٍ مات مؤمناً مستكملَ الإيمان، ألا ومَن مات على حبّ آل محمّدٍ بَشّره مَلكُ الموت بالجنّة، ثمّ مُنكَر ونكير، ألا ومَن مات على حبّ آل محمّدٍ يُزَفّ إلى الجنّة كما تُزَفّ العروسُ إلى بيت زوجها، الا ومَن مات على حبّ آل محمّدٍ فُتح له من قبره بابانِ إلى الجنّة، ألا ومَن ماتَ على حبّ آل محمّدٍ جعَلَ اللهُ قبرَه مَزارَ ملائكة الرحمة، ألا ومَن مات على حبِّ آل محمّدٍ مات على السُّنّة والجماعة » ( روى هذا الحديث الشريف كلٌّ من: الزمخشريّ في تفسيره الكشّاف 220:4 ـ 221، والقرطبي في الجامع لأحكام القرآن 23:16، والفخرالرازي في التفسير الكبير 165:27، والجويني الشافعي في فرائد السمطين 255:2 / ح 524، والقندوزي الحنفي في ينابيع المودّة 333:2 / ح 972، وابن البطريق في العمدة:54 / ح 52، والطبري الإمامي في بشارة المصطفى:197، والسبزواري في جامع الأخبار:473 / ح 1335، وابن الصبّاغ المالكي في الفصول المهمّة:110، وغيرهم ).
- وفي ( أمالي الشيخ الطوسي:164 / ح 274 )، و ( إرشاد القلوب للديلمي:253 ) جاء عنه صلّى الله عليه وآله قوله: « حبُّنا أهلَ البيت يُكفِّر الذنوب، ويضاعف الحسنات ». وأكّد ذلك أئمّة أهل البيت عليهم السلام إرشاداً للناس وحرصاً على نجاتهم وفوزهم، فقال أمير المؤمنين عليه السلام: « مَن أحبَّنا أهل البيت عَظُم إحسانُه، ورَجَح ميزانُه، وقُبِل عملُه، وغُفِر زلَلُه، ومَن أبغَضَنا لا ينفعُه إسلامُه » ( مشارق أنوار اليقين للحافظ البُرسي:51 )، وقال الإمام الحسن المجتبى عليه السلام: « إنّ حبَّنا لَيُساقِط الذنوبَ مِن ابن آدم كما يُساقِط الريحُ الورقَ مِن الشجر » ( الاختصاص للشيخ المفيد:82، رجال الكشّي للطوسي:111 ـ 112 )، وقال الإمام الباقر عليه السلام: « بِحُبّنا تُغفَر لكمُ الذنوب » ( أمالي الطوسي:452 / ح 1010، بشارة المصطفى لشيعة المرتضى:67 ).
- أمّا في القيامة العظمى، ويوم يكون الذهول والحيرة والفزع، ويشتدّ الخوف ويتطلّع الرجاء، هنالك يتقدّم حبُّ أهل البيت نافعاً مُنجياً، كذلك أخبر رسول الله صلّى الله عليه وآله في أحاديثه الشريفة، حيث ورد عنه:
ـ « أكثرُكم نوراً يومَ القيامة أكثرُكم حبّاً لآل محمّد » ( شواهد التنزيل للحسكاني الحنفي 310:2 / ح 947 ).
ـ « أما واللهِ لا يُحبّ أهلَ بيتي عبدٌ إلاّ أعطاه الله عزّوجلّ نوراً حتّى يَرِدَ عَلَيّ الحوض، ولا يبغض أهلَ بيتي عبدٌ إلاّ احتجب اللهُ عنه يومَ القيامة » ( شواهد التنزيل 310:2 / ح 947 ).
ـ « مَن أحبَّنا أهلَ البيت حشره الله تعالى آمناً يومَ القيامة » ( عيون أخبار الرضا عليه السلام للشيخ الصدوق 59:2 / ح 220 ).
ـ « مَن أحبَّنا لله أسكَنَه الله في ظلٍّ ظليلٍ يوم القيامة، يومَ لا ظِلَّ إلاّ ظلُّه، ومَن أحبَّنا يُريد مكافأتَنا كافأَه اللهُ عنّا الجنّة » ( الفصول المهمة في معرفة أحوال الأئمّة لابن الصبّاغ المالكي:203، ونور الأبصار في مناقب آل بيت النبيّ المختار للشبلنجي الشافعي:154 ).
ـ « يَرِد علَيَّ الحوضَ أهلُ بيتي ومَن أحبَّهم مِن أمّتي كهاتين » ـ يعني السبّابتين. ( مقاتل الطالبيّين لأبي الفرج الأصفهاني:76، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد المعتزلي 45:16، ذخائر العقبى في مناقب ذوي القربى لمحبّ الدين الطبريّ الشافعي:18، الغارات لإبراهيم بن محمّد الكوفي الثقفي 586:2 ).
- وأخيراً.. روى الشيخ الصدوق في كتابه ( الخصال:515 / ح 1 )، والفتّال النَّيسابوري في ( روضة الواعظين:298 ) أنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله قال: « مَن رزقه اللهُ حبَّ الأئمّة مِن أهل بيتي فقد أصاب خيرَ الدنيا والآخرة، فلا يَشُكّنَّ أحدٌ أنّه في الجنّة؛ فإنّ في حبّ أهل بيتي عشرين خَصلةً: عشرٌ منها في الدنيا، وعشرٌ منها في الآخرة.
أمّا التي في الدنيا: فالزهد، والحرصُ على العمل، والورع في الدِّين، والرغبة في العبادة، والتوبة قبلَ الموت، والنشاط في قيام الليل، واليأس ممّا في أيدي الناس، والحفظ لأمر الله ونهيه عزّوجلّ، والتاسعة بُغضُ الدنيا، والعاشرة السخاء.
وأمّا التي في الآخرة: فلا يُنشَر له ديوان، ولا يُنصَب له ميزان، ويُعطى كتابَه بيمينه، وتُكتَب له براءةٌ من النار، ويَبيَضّ وجهُه، ويُكسى مِن حُلل الجنّة، ويُشفَّع في مئةٍ من أهل بيته، وينظر اللهُ عزّوجلّ إليه بالرحمة، ويُتوَّج مِن يتجان الجنّة، والعاشرة يدخل الجنّة بغير حساب، فطُوبى لِمُحبّي أهل بيتي ».
أجَل والله.. طُوبى لمحبّيهم ومُواليهم، وناشري فضائلهم، والناقمين على قَتَلتِهم وظَلَمتهم وأعدائِهم ومُبغضيهم، والعاملين بأوامرهم والمنتهين عن نواهيهم، والمتمسّكين بحُجزتهم، والفائزين بمحبّتهم، صلوات الله وسلامه عليهم.