طلب المأمون من الامام الرضا (عليه السّلام) أن يكتب له خطبة ليقرأها على الناس حينما يصلي بهم، فكتب (عليه السّلام) له هذه الخطبة الجليلة وقد جاء فيها بعد البسملة:
الحمد للّه الذي لا من شيء كان و لا على صنع شيء استعان و لا من شيء خلق كما كون منه الاشياء بل قال له: كن فيكون.
و أشهد أن لا إله إلّا الله وحده لا شريك له الجليل عن منابذة الانداد و مكابدة الأضداد و اتخاذ الصواحب و الأولاد و أشهد أن محمدا عبده المصطفى و أمينه المجتبى أرسله بالقرآن المفصل و وحيه الموصل و فرقانه المحصل فبشر بثوابه و حذر من عقابه (صلّى الله عليه و آله) أوصيكم عباد الله بتقوى الله الذي يعلم سركم و جهركم و يعلم ما تكتمون فان الله لم يتركم سدى و لم يخلقكم عبثا و لم يمكنكم هدى.
الحذر الحذر عباد الله فقد حذركم الله نفسه فلا تعرضوا للندم و استجلاب النقم و المصير الى عذاب جهنم ان عذابها كان غراما انها ساءت مستقرا و مقاما لا تطفى و عيون لا ترقى و نفوس لا تموت و لا تحيى في السلاسل و الاغلال و المثلات و النكال كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها ليذوقوا العذاب ان الله كان عزيزا حكيما نار احاط بها سرادقها فلا يسمع لهم نداء و لا يجاب لهم دعاء و لا يرحم لهم بكاء .
ففروا عباد الله إلى الله بهذه الأنفس الفانية في الصيحة المتوالية في الأيام الخالية من قبل أن ينزل بكم الموت فيغصبكم أنفسكم و يفجعكم بمهجكم و يحول بينكم و بين الرجعة هيهات حضرت آجالكم و ختمت أعمالكم و جفت أقلامكم فلا للرجعة من سبيل و لا إلى الاقامة من وصول عصمنا الله و إياكم بما عصم به اولياءه الأبرار و ارشدنا و اياكم لما ارشد له عباده الأخيار .
وحفلت هذه الخطبة بالدعوة إلى فعل الخير و اجتناب الحرام و الزهد في الدنيا والتحذير من عذاب الله و عقابه.
المصدر: حياة الإمام الرضا (ع) / باقر شريف القرشي نقلاً عن الدر النظيم.