أمّا قدماء اليونان، فلاشتغالهم المستمر في الحروب، واهتمامهم بمَن يخلف الميّت ويسدّ مسدّه في الحروب والغزوات، كانوا يعتبرون أموال الأُسرة كجزء من الثروة العامّة، وربّ العائلة المتصرّف بهذه الأموال كوكيل عن الحكومة في إدارة الأموال، وهو مع ذلك لا يُنافي أن يملك كلّ فرد من المجتمع شيئاً من هذا الملك العام اختصاصاً.
وكان للرجل حقّ اختيار مَن يخلفه في ماله ويقوم مقامه في رئاسة أُسرته وأولاده، ولابدّ أن يتماشى هذا الاستخلاف مع مصلحة الوطن وتوافقه القبيلة وترضى عنه، ولذلك إذا مات ربّ الأُسرة يُعيّن القضاء خلفه وفق وصيّة يُوصي بها، بشرط أن يكون الوصي قادراً على تدبير شؤون الأُسرة وإدارة الأموال ودفع العدوان، وعلى أساس ذلك فلا مجال لتوريث المرأة والضعاف والصغار عندهم.
وأمّا الأب عندهم فلم يكن له حقّ التصرّف في أمواله إلّا بعد مراعاة مصلحة الأُسرة والوطن، وله أن يُؤثر بعض أبنائه على بعض في الميراث، وليس له أن يُحرم أحداً منهم حرماناً تامّاً.
وإذا لم يكن له وصية، فإنّ القانون يقضي بمساواة جميع أبنائه في الميراث، وإن لم يكن له أبناء، فله أن يُوصي بماله لمَن يشاء حسب الضوابط العامّة.
وإذا مات ولم يوص ورثه إخوته، ثمّ أبناؤهم، ثمّ أبناء أبنائهم، ثمّ أعمامه، ثمّ أخواله، فإن لم يكن من هؤلاء أحد بحثوا عن أرشد الذكور من أقرباء ربّ الأُسرة لتوريثه، فإن لم يوجد فأحد الذكور من أُسرة زوجة ربّ الأُسرة فيعطونه الميراث، فيكون له كلّ ما لربّ الأُسرة من وظائف وحقوق.