- الإسلام
- القرآن
- النبي وأهل بيته
- الشيعة
- الأسرة
- أسئلة وأجوبة
- الدعاء وشروط استجابته
- وقت المطالعة : 11 دقیقة
- بواسطة : المشرف
- 0 تعليق
هناك من يتهم الشيعة الإمامية بأنهم لم يتمسكوا بالقرآن الكريم، ولم يهتموا به، ولكن هذا مجرد اتهام من دون دليل، وقد ثبت في التاریخ بأن الشيعة اهتموا بالقرآن اهتماما بالغاً منذ القرون الأولى، فقد كان بعض القراء السبعة للقرآن الكريم من الشيعة باعتراف علماء أهل السنة.
المبحث الأول: القراء السبعة
لم يكتف القراء الشيعة بالتحليق عاليا ليتم اختيار قراءة بعضهم قراءة أُولى في العالم الإسلامي القديم والحديث، ولكن شـاركوا بقيـة القراء واثبتوا جدارتهم وسجلوا أسماءهم في سجل التاريخ ليشهد على تقدمهم وعلى اهتمام الشيعة الأولين بالقرآن وقراءته، فبعضهم تعد قراءته من القراءات السبع المعتمدة، فبالإضافة لعاصم هناك حمزة الزيات والكسائي، وبعضهم كان لهم قراءات اندثرت كما اندثر غيرها، ومنهم الأعمش وأبان بن تغلب وحمران بن أعين.
وسوف نستعرض ولو بإيجاز ترجمة هؤلاء في المباحث التالية، والقراء السبعة هم الذين اختارهم ابن مجاهد، وهم:
1ـ نافع بن عبد الرحمن بن أبي نعيم ـ ت ١٦٩هـ ـ من المدينة.
2ـ عبد الله بن كثير ـ ت ١٢٠هـ ـ من مكة.
3ـ أبو عمرو بن العلاء ـ ت ١٥٤هـ ـ من البصرة.
4ـ عبد الله بن عامر اليحصبي ـ ت ١١٨هـ ـ من الشام.
5ـ عاصم بن أبي النجود ـ ت ١٢٧هـ ـ من الكوفة.
6ـ حمزة بن حبيب الزيات ـ ت ١٥٦هـ ـ من الكوفة.
7ـ علي بن حمزة الكسائي ـ ت ١٨٩هـ ـ من الكوفة.
المبحث الثاني: حمزة الزيات (٨٠ هـ ـ ١٥٦هـ)
قال الذهبي: «حمزة بن حبيب بن عمارة بن إسماعيل، الإمام القدوة، شيخ القراءة، أبو عمارة التيمي مولاهم الكوفي الزيات… وعنه أخذ القرآن عدد كثير كسليم بن عيسى والكسائي… وكان إماماً قيماً لكتاب الله، قانتا لله، ثخين الورع، رفيــع الـذكر، عالماً بالحديث والفرائض، أصله فارسي»[1].
وقد أقرّ الذهبي أن حمزة قرأ على جعفر الصادق (ع)[2].
تشيّع حمزة الزيات
روي في مصادر الإمامية روايات عن حمزة عن جعفر الصادق (ع)، وقد ذكره الشيخ الطوسي في رجاله[3].
قال فتح الله الكاشاني وهو يتكلم عن القراء: «ثم حمزة بن حبيب الزيات، فقرأ على جعفر بن محمد الصادق (ع)»[4].
والذي يظهر من مراجعة ترجمة حمزة أنه كان مقرباً من رجالات الشيعة ويتردّد على أئمة أهل البيت.
قال الكلبي الغرناطي فيه: حبر القرآن، إمام الناس بعد عاصم والأعمش، زاهد عابد خاشع قيم بالعربية والفرائض، أخذ القراءة عرضاً عن سليمان الأعمش وحمران بن أعين وأبي إسحاق السبيعي وجعفر بن محمد الصادق واختار مذهب حمران)[5].
وهؤلاء الذين أُخِذَ القراءة عنهم كلهـم مـن الشيعة الإمامية وإمامهم جعفر الصادق (ع)، وحمران هذا هو ابن أعين وفي ترجمته في الكتب الرجالية أنه رافضي ومن الشيعة الكبار[6].
قال ياقوت الحموي: «أخذ القراءة عرضاً عن الأعمش والإمـام جعفر بن محمد الصادق…»[7].
قال الشيخ عبد الجليل الرازي في كتاب (نقض الفضائح): «وقع الاتفاق على أن أئمة القراء أكثرهم من الشيعة… والذين رووا عن أمير المؤمنين هم قدوة الشيعة في القراءة…».
وقال في موضع آخر: «إن أئمة الحديث والقراءة نظير عاصم وحمزة والكسائي هم من الشيعة»[8].
قال المحقق الطهراني وقد ذكر كتاب أسباع القرآن: «لإمام القراء حمزة بن حبيب الكوفي أحد البدور السبعة كان من أصحاب الإمام جعفر الصادق (ع) وقرأ عليه وروى عنه وقرأ على الأعمش وحمران بن أعين أخ زرارة بن أعين وهما من مشايخ الشيعة»[9].
وذكر أيضا، في ترجمة الكسائي، أن حمزة الزيــات مــن مشايخ الشيعة[10].
المبحث الثالث: الكسائي (ت ۱۸۹هـ)
قال الخطيب البغدادي: «علي بن حمزة، أبو الحسن الأسدي المعروف بالكسائي النحوي أحد أئمة القراء من أهل الكوفة، استوطن بغداد وكان يعلم بها الرشيد، ثم الأمين من بعده، وكان قد قرأ على حمزة الزيات، فأقرأ ببغداد زمانا بقراءة حمزة، ثم اختار لنفسه قراءة فأقرأ بها الناس، وقرأ عليه بها خلق كثير ببغداد، وبالرقة، وغيرهما من البلاد، وحفظت عنه وصنف معاني القرآن، والآثار في القراءات»[11].
قال ابن النديم البغدادي: «الكسائي النحوي علي بن حمزة بن عبد الله بن بهمن بن فيروز. أصله أعجمي، من القراء السبعة مـن أهـل الكوفة ومنشأه بها. وكان ينتقل في البلدان ومات بقرية من قرى الري»[12].
أدلة تشيّع الكسائي
كونه من أهل الكوفة التي تغلي بالتشيع وتفور على حد وصف الذهبي لها كما ذكرنا سابقا، خاصة مع عد بعض محققي الإمامية لـه ضمن رجالهم.
قال الشيخ عبد الجليل الرازي في كتاب (نقض الفضائح): «وقع الاتفاق على أن أئمة القراء أكثر هم من الشيعة… والذين رووا عن أمير المؤمنين هم قدوة الشيعة في القراءة…».
وقال في موضع آخر: «إن أئمة الحديث والقراءة نظير عاصم وحمزة والكسائي هم من الشيعة»[13].
أخذه القراءة والنحو عن رجالات الشيعة في عصره، ومنهم حمزة الزيات والخليل الفراهيدي ومعاذ بن مسلم والرواسي.
قال الذهبي عن معاذ بن مسلم: معاذ بن مسلم شيخ النحو، أبــو مسلم الكوفي النحوي، الهراء، مولى محمد بن كعب القرظي… أخذ عنه الكسائي ويقال: إنه صنف في العربية، ولم يظهر ذلك. وكان شيعيا معمرا»[14].
قال الذهبي: قال أسود بن سالم سألت الكسائي عن ا والإدغام، ألكم فيه إمام؟ قال: نعم، حمزة كــان يهمز ويكسر، وهـو إمام، لو رأيته لقرت عينك من نسكه»[15].
قال شمس الدين أبو الخير ابن الجزري: «وقرأ الكسائي على حمزة وعليه اعتماده»[16].
والشاهد أن حمزة الزيات إمام الكسائي في الهمز والإدغام، وحمزة كان من شيعة أهل البيت الا كما بينا في ترجمته.
ـ ترجم بعض المحققين من الإمامية للكسائي وعــدوه مــن رجالهم، ومنهم:
١ـ السيد مهدي بحر العلوم، ترجم للكسائي، فقال: «أبو الحسن علي بن حمزة بن عبد الله بن عثمان بن فيروز الأسدي الولاء، الكوفي المعروف بالكسائي، أحد القراء السبعة، كان إماما في النحو واللغة… وقرأ النحو على معاذ، وهو معاذ بن مسلم الهراء ويقال: له الفراء أحد رجال الحديث من أصحاب الصادق (ع)، ثم على الخليل…»[17].
قال محمد صادق بحر العلوم محقق كتاب الفوائد الرجالية معقبا: «وكان الكسائي شيعيا كما عليه عامة المؤرخين»[18].
٢ـ السيد حسن الصدر، قال: «ومنهم الكسائي أحد السبعة، اجتمع فيه أمور ، كان أعلم الناس بالنحو، وأوحــدهـم في الغـريــب والقرآن، وهو من أولاد الفرس من سواد العراق، وقد ذكرت نسبه في الأصل، ومن نص على تشيعه، مات بالري، أو بطـوس، وهو في صحبة الرشيد سنة ١٨٩»[19].
3ـ الشيخ عباس القمي، قال: «الكسائي أبو الحسن علي بن حمزة الكوفي البغدادي الشيعي المقري النحوي اللغوي أحد القراء السبعة، مؤدب محمد الأمين بن هارون الرشيد. قال العلامة الطباطبائي بـحــر العلوم: انه أخذ القراءة عن حمزة بن حبيب الزيات»[20].
4ـ السيد محسن الأمين، قال: «وقرأ الكسائي على أبان بن تغلــب وهو من الشيعة والتشيع مذهب أكثر أهل الكوفة في ذلك العصر.
وأكثر الشيخ – حسن بن علي الطبرسي في كتاب أسرار الإمامة من النقل عن كتاب قصص الأنبياء للكسائي»[21].
المبحث الرابع: أبان بن تغلب (ت ١٤١هـ)
قال ابن حجر: «أبان بن تغلب الربعي أبو سعد الكوفي، روى عن أبي إسحاق السبيعي والحكم بن عتيبة وفضيل بن عمر والفقيمي وأبي جعفر الباقر وغيرهم…
وقال ابن عدي: «له نسخ عامتهـا مستقيمة، إذا روي عنه ثقة وهو من أهل الصدق في الروايــات وإن كان مذهبـه مذهب الشيعة وهو في الرواية صالح لا بأس به».
وقال ابن عجلان: «حدثنا أبان بن تغلب رجل من أهل العراق من النساك ثقة».
ولمـا خرّج الحاكم حديث أبان في مستدركه قال: كان قاص الشيعة وهو ثقة ومدحه ابن عيينة بالفصاحة والبيان… .
وقال العقيلي: «سمعت أبا عبد الله يذكر عنه عقلاً وأدباً وصحة حديث إلا أنه كان غالياً في التشيع»، وقال ابن سعد: «كان ثقة»، وذكره ابن حبان في الثقات وأرخ وفاته، ومنه نقل ابن منجويه، وقال الأزدي: «كان غالياً في التشيع ومــا أعـلـم به في الحديث بأسا»[22].
وقال الذهبي: (أبان بن تغلب الكوفي شيعي جلد، لكنه صدوق، فلنا صدقه وعليه بدعته. وقد وثقه أحمد بن حنبل وابـن مـعـيـن وأبــو حاتم وأورده ابن عدي وقال: «كان غاليا في التشيع» …)[23].
وقال أيضا: أبان بن تغلب صدوق مشهور، روى له مسلم، ولم يخرج له البخاري، لأنه شيعي معروف[24]. «الإمام المقرئ أبــو سـعـد. وقيل أبو أمية الربعي، الكوفي، الشيعي»[25].
وذكره البلاذري قال: روى أبان عن عطية العوفي. وقال له أبو جعفر (ع): «اجلس في مسجد المدينة وافتِ الناس، فإني أحب أن يرى في شيعتي مثلك».
وقال أبو عبد الله (ع) لما أتاه نعيه: «أما والله لقد أوجع قلبي موت أبان”. وكان قارئا من وجوه القراء، فقيها، لغويا، سـمـع مـن العرب وحكى عنهم … وله كتب منها تفسير غريب القران وكتاب الفضائل … ولأبان قراءة مفردة مشهورة عند القراء»[26].
وقد عده شمس الدين أبو الخير ابن الجزري ضمن القراء في كتابه وقال: «أبان بن تغلب الربعي أبو سعد ويقال أبو أميمة الكوفي النحوي جليل، قرأ على عاصم وأبي عمرو الشيباني وطلحــة بــن مصرف والأعمش وهو أحد الذين ختمــوا عـلـيـه ويقال إنه لم يختم القرآن على الأعمش إلا ثلاثة منهم أبان بن تغلب، أخذ القراءة عنـه عرضا محمد بن صالح بن زيد الكوفي، توفي سنة إحدى وأربعين ومائة وقال القاضي أسد سنة ثلاث وخمسين ومائة»[27].
يعد أبان من رواة قراءة عاصم[28].
المبحث الخامس: سليمان الأعمش (60 هـ ـ ١٤٨هـ)
قال الذهبي: سليمان بن مهران الأعمش الإمام العلـم أبــو محـمـد الأسدي الكاهلي مولاهم الكوفي أصله من أعمال الـــري رأى أنساً لانه يصلي وروى عن عبد الله بن أبي أوفى وأبي وائـل وزيــد بــن وهب وإبراهيم النخعي وسعيد بن جبير ومجاهد وأبي عمرو الشيباني وخلق وقرأ القرآن على يحيى بن وثاب.
وقال الخريبي: ما خلف الأعمش أعبد منه وكان صاحب سنة، وللأعمش ملح ونوادر وإساءة أخلاق على المحدثين وهـم مـع ذلك يحتملون أخلاقه خرج يوما إليهم فقال لولا أن في منزلي من هو أبغض إلي منكم ما خرجت إليكم وجاء أن حائكا سأله ما تقول في الصلاة خلف الحائك قال لا بأس بها على غير وضوء وقيل لـه مـا تقـول في شهادة الحائك قال تقبل مع عدلين… قلت قد ذكرنا أن حمـزة عــرض عليه القرآن»[29].
وقد ثق الأعمش كل من: البخاري ومسلم ويحيـى بـن مـعـيـن والنسائي وابن حبان وأبو حاتم وأبو زرعة وشعبة وابن المديني والعجلي وابن شاهين والحاكم والترمذي في كتابيهما، والطحاوي والهيثمي والذهبي وابن حجر وغيرهم.
قال ابن حجر: «سليمان بن مهران الأسدي الكاهلي أبو محمد الكوفي الأعمش ثقة حافظ عارف بالقراءات ورع لكنه يُدلّس».
عد شمس الدين أبو الخير ابن الجزري الأعمش ضمن القراء وترجمه في طبقاته[30].
والذي يراجع كتب التفسير يجد موارد عديدة يذكر المفسرون فيها قراءات الأعمش، وقد وجدت ١٦٥ موردا في تفسير البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي ذكر فيها قراءات الأعمش.
تشيّع الأعمش
كان سليمان الأعمش منقطعا إلى أئمة أهل البيت الا يأخذ عنهم دينه ويرجع إليهم هذا بالرغم من مخالطته للعامة وروايته للحديث، ولعل فعله هذا كان بإشارة من الإمام الصادق (ع) حيث كــان يـوجــه أصحابه لكي يجلسوا ويحدثوا الناس.
والأعمش من الإمامية بلا شك، وقد نسبه للتشيع الإمامي الشهرستاني[31].
قال فيه أكثر من واحد: «وكان فيه تشيع»[32].
وعد ابن قتيبة الأعمش من الشيعة[33].
وقد عد الجوزجاني، الأعمش من رؤوس محدثي الكوفة الذين لا يحمد الناس مذاهبهم، وقصده بذلك التشيع كما هو معروف عنه[34].
ومما يدل على موالاة الأعمش لأئمة أهل البيت (ع) سؤاله إياهم وروايته عنهم.
وقد تتبعت ما روى الأعمش من الروايات فوجدتها تزيد على أحد عشر ألف حديث في كتب الجمهور!
المبحث السادس: يحيى بن يعمر (ت قبل سنة ٩٠هـ)
قال الذهبي: «يحيى بن يعمر الفقيه العلامة، المقرئ، أبو سليمان العدواني البصري، قاضي، مرو، ويكنى أبا عدي… وكـان مــن أوعية العلم، وحملة الحجّة. قال أبو داود: لم يسمع من عائشة. وقيل: أنه كان أوّل من نقط المصاحف، وذلك قبل أن يوجد تشكيل الكتابة بمـدة طويلة، وكان ذا لسن وفصاحة أخذ ذلك عن أبي الأسود»[35].
وقال: «متفق على حديثه وثقته»[36].
وقال الحاكم: «يحيى بن يعمر، فقيه، أديب، نحوي، مروزي، تابعي، وأكثر روايته عن التابعين، وأخذ النحــو عــن أبي الأسود الديلي»[37].
عده الذهبي ضمن القراء الكبار في كتابه معرفة القراء الكبار على الطبقات والأعصار، وقال: «يحيى بن يعمر العدواني أبو سليمان البصري، أخذ القراءة عرضا عن أبي الأسود الدؤلي وسمع ابن عباس، وابن عمر، وعائشة وأبا هريرة وروى أيضا عن أبي ذر، وعمار بن ياسر. قرأ عليه أبو عمرو بن العلاء…»[38].
نص على تشيعه وتفضيله لأهل البيت على الصحابة غير واحد من المؤرّخين والعلماء منهم:
ابن خلكان، حيث قال عنه: وكان شيعيا من الشيعة الأولى القائلين بتفضيل أهل البيت من غير تنقيص لذي فضل من غيرهم، حکی عاصم بن أبي النجود المقرئ – المقدم ذكــره ـ أن الحجاج بــن يوسف الثقفي بلغه أنّ يحيى بن يعمر يقول: أن الحسن والحسين من ذرية رسول الله (ص) وكان يحيى يومئذ بخراسان، فكتب الحجاج إلى قتيبة بن مسلم والي خراسان: أن ابعث إلي بيحيى بن يعمر. فبعث به إليه، فقام بين يديه، فقال: أنت الذي تزعم أن الحسن والحسين من ذرية رسول الله (ص)؟! والله لألفين الأكثر منك شعرا أو لتخرجنّ من ذلك. قال: فهو أماني أن خرجت.
قال: نعم. قال: فإنّ الله جلّ ثناؤه يقول: «وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ كُلًّا هَدَيْنَا وَنُوحًا هَدَيْنَا مِنْ قَبْلُ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ تَجْزِي الْمُحْسِنِينَ وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى» الآية.
قال: وما بين عيسى وإبراهيم أكثر ممّـا بـيـن الحسن والحسين ومحمد (ص. فقال له الحجاج: ما أراك إلا قــد خرجت، والله لقد قرأتها وما علمت بها قط.
وهذا من الاستنباطات البديعة الغريبة العجيبة، فلله دره ما أحسن ما استخرج! وأدق ما استنبط!
قال عاصم: ثمّ أنّ الحجّاج قال له: أين ولدت؟ فقال: بالبصرة.
قال: أين نشأت؟ قال بخراسان قال: فهذه العربية أنى هي لك؟
قال: رزق. قال: خبرني عني هل ألحن ؟ فسكت. فقال: أقسمت عليك. فقال: أما إذ سألتني أيها الأمير، فإنك ترفع ما يوضع، وتضع ما يرفع. فقال: ذلك والله اللحن السيء[39].
وتفضيل أهل البيت (ع) يعني تفضيل علي والحسن والحسين علي على كل الخلفاء بما فيهم الشيخين وفي اصطلاح المحدثين رافضي.
قال ابن حجر: والتشيّع محبّة علي، وتقديمه على الصحابة. فمن قدمه على أبي بكر وعمر فهو غال في تشيعه، ويطلق عليه رافضي، وإلا فشيعي[40].
ـ ابن العماد الحنبلي، حيث قال عنه وأكد مسألة التفضيل: «وكان يفضل أهل البيت من غير تنقص لغيرهم»[41].
ـ ياقوت الحموي، قال: «وكان يحيى يتشيع ويقول بتفضيل أهـل البيت من غير تنقيص لغيرهم»[42].
ـ اليافعي، قال: «وكان عالماً بالقرآن الكريم والنحو ولغات العرب، أخذ النحو عن أبي الأسود الديلي، وكان يحيـى المـذكـور مــن الذين يقولون بتفضيل أهل البيت على غيرهم»[43].
ـ الدميري، قال نقلا عن ابن خلكان: «كان يحيى بن يعمر تابعيــا عالما بالقرآن والنحو، وكان شيعيا من الشيعة الأول، يتشيع تشيعا حسنا، يقول بتفضيل أهل البيت من تنقيص لأحـد مــن الصحابة»[44].
ـ الزركلي، قال عنه: «وتشيع لأهل البيت من غير انتقاص لـفـضـل غيرهم»[45].
المبحث السابع: أبو عمرو بن العلاء (ت ١٥٧هـ)
عد بعض الإمامية أبا عمرو بن العلاء أحد القراء السبعة من الشيعة الإمامية، ولم أعثر على دليل على ذلك[46].
قال الذهبي في ترجمته: «أبو عمرو بن العلاء المازني المقرئ النحوي البصري، الإمام، مقرئ أهل البصرة. اسمه زبـان عـلـى الأصح… وعرض بالبصرة على يحيى بن يعمر… قال إبراهيم الحربي وغيره، كان أبو عمرو من أهل السنة …»[47].
وقد ذكروا له شيوخا كثيرين قرأ عليهم واستفاد منهم، ومنهم بعض رجال الشيعة كعاصم وسعيد بن جبير ويحيى بن يعمر[48].
وفي النحو يرجع أبو عمرو بن العلاء في النهاية إلى أبي الأسود الدولي الشيعي الذي أخذ هذا العلم عن الإمام علي (ع)، فلرجالات الشيعة الفضل عليه في القراءة وفي العربية.
الاستنتاج
أن هناك بعض القراء السبعة للقرآن الكريم هم من الشيعة الإمامية، كحمزة بن حبيب الزيات، وعلي بن حمزة الكسائي، وأبو عمرو بن العلاء، وقد نص على تشيعهم ثلة من علماء أهل السنة، وهذا دليل على أن الشيعة ومنذ القرون الأولى اهتموا بالقرآن خلافا لما يقال في حقهم من أنهم لم يهتموا بالقرآن.
الهوامش
[1] الذهبي، سير أعلام النبلاء، ج۷، ص٩٠.
[2] الذهبي، معرفة القرّاء الكبار، ص٦٦.
[3] الطوسي، الرجال، ص۱۹۰.
[4] الكاشاني، زبدة التفاسير، ج۱، ص۹.
[5] الغرناطي، التسهيل لعلوم التنزيل، ج١، ص٥٦.
[6] ابن حجر العسقلاني، تهذيب التهذيب، ج۳، ص۲۲.
[7] الحموي، معجم الأدباء، ج۱۰، ص۲۹۰.
[8] التستري، مجالس المؤمنين، ج۲، ص۳۱۷، نقله عنه.
[9] الطهراني، الذريعة، ج۲، ص۱۲.
[10] الطهراني، الذريعة، ج١٧، ص١٠٤.
[11] الخطيب البغدادي، تاریخ بغداد، ج١١، ص٤٠٢.
[12] ابن الندیم، الفهرست، ص۳۲.
[13] التستري، مجالس المؤمنين، ج۲، ص۳۱۷، نقله عنه.
[14] الذهبي، سير أعلام النبلاء، ج٨، ص٤٨٢.
[15] الذهبي، سير أعلام النبلاء، ج۷، ص۹۰.
[16] الجزري، النشر في القراءات العشر، ج۱، ص۱۷۲.
[17] بحر العلوم، الفوائد الرجالية، ج٣، ص١٥٥.
[18] انظر: المصدر السابق.
[19] الصدر، الشيعة وفنون الإسلام، ص۳۹.
[20] القمي، الكنى والألقاب، ج۳، ص۱۱۲.
[21] الأمين، أعيان الشيعة، ج۸، ص٢٣٣.
[22] ابن حجر العسقلاني، تهذيب التهذيب، ج۱، ص۸۱.
[23] الذهبي، میزان الاعتدال، ج۱، ص٥.
[24] من تكلم فيه وهو موثوق أو صالح الحديث.
[25] الذهبي، سير أعلام النبلاء، ج6، ص٣٠٨.
[26] النجاشي، الرجال، ص١٠.
[27] الجزري، غاية النهاية في طبقات القراء، ج١، ص٤.
[28] الغرناطي، التسهيل لعلوم التنزيل، ج١، ص٥٥.
[29] ابن حجر العسقلاني، تقريب التهذيب، ج۱، ص۳۹۲.
[30] الجزري، غاية النهاية في طبقات القراء، ج١، ص٣١٥.
[31] الشهرستاني، الملل والنحل، ج۱، ص۱۹۰.
[32] الذهبي، ميزان الاعتدال، ج١، ص٤٠٨.
[33] ابن قتيبة، المعارف، ص٦٢٤.
[34] الخطيب البغدادي، تاریخ بغداد، ج۹، ص۷.
[35] الذهبي، سير أعلام النبلاء، ج٤، ص٤٤١.
[36] االذهبي، تذكرة الحفاظ، ج۱، ص٧٥.
[37] ابن حجر العسقلاني، تهذيب التهذيب، ج١١، ص٢٦٧. نقله عنه.
[38] الذهبي، معرفة القراء الكبار، ج۱، ص۳۷.
[39] ابن خلكان، وفيات الأعيان، ج6، ص١٧٣.
[40] ابن حجر، مقدمة فتح الباري، ص٤٦٠.
[41] ابن العماد، شذرات الذهب، ج۱، ص١٧٥.
[42] الحموي، معجم الأدباء، ج٢٠، ص٤٣.
[43] اليافعي، مرآة الجنان، ج۱، ص۲۱۲.
[44] الدميري، حياة الحيوان الكبرى، ج١، ص١٩١.
[45] الزركلي، الأعلام، ج۸، ص١٧٧.
[46] الطهراني، الذريعة، ج١، ص٤٦٧.
[47] الذهبي، معرفة القراء الكبار، ج۱، ص٥٨.
[48] راجع الجزري، غاية النهاية في طبقات القراء، ج۱، ص۲۸۸.
مصادر البحث
1ـ ابن العماد، عبد الحي، شذرات الذهب في أخبار من ذهب، بيروت، دار إحياء التراث العربي، بلا تاريخ.
2ـ ابن النديم، محمد، الفهرست، بيروت، دار المعرفة، الطبعة الأولى.
3ـ ابن حجر العسقلاني، أحمد، تقريب التهذيب، تحقيق مصطفى عبد القادر عطا، بيروت، دار المكتبة العلمية، الطبعة الثانية، 1415 هـ.
4ـ ابن حجر العسقلاني، أحمد، تهذيب التهذيب، بيروت، دار الفكر، الطبعة الأولى، 1404 هـ.
5ـ ابن خلكان، أحمد، وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان، بيروت، دار الفكر، الطبعة الأولى، بلا تاريخ.
6ـ ابن قتيبة، عبد الله، المعارف، تحقيق ثروت عكاشة، القاهرة، دار المعارف، الطبعة الثانية، بلا تاريخ.
7ـ الأمين، محسن، أعيان الشيعة، تحقيق حسن الأمين، بيروت، دار التعارف، بلا تاريخ.
8ـ بحر العلوم، محمّد مهدي، الفوائد الرجالية، تحقيق محمّد صادق بحر العلوم، طهران، مكتبة الصادق، الطبعة الأولى، 1363 ش.
9ـ التستري، نور الدين، مجالس المؤمنين، طهران، إسلامية، الطبعة الرابعة، بلا تاريخ.
10ـ الجزري، محمّد، النشر في القراءات العشر، بيروت، دار الكتب العلمية، الطبعة الأولى، بلا تاريخ.
11ـ الجزري، محمّد، غاية النهاية في طبقات القراء، مصر، دار الصحابة للتراث، الطبعة الأولى، 1429 هـ.
12ـ الحموي، ياقوت، معجم الأدباء، بيروت، دار الغرب الإسلامي، الطبعة الأولى، 1993م.
13ـ الخطيب البغدادي، أحمد، تاريخ بغداد، بيروت، دار الكتب العلمية، الطبعة الأولى، 1417 هـ.
14ـ الدميري، كمال الدين، حياة الحيوان الكبرى، بيروت، دار الكتب العلمية، الطبعة الثانية، 1424 هـ.
15ـ الذهبي، شمس الدين، تذكرة الحفاظ، بيروت، دار إحياء التراث العربي، بلا تاريخ.
16ـ الذهبي، محمّد، سير أعلام النبلاء، بيروت، مؤسّسة الرسالة، الطبعة التاسعة، 1413 هـ.
17ـ الذهبي، محمّد، معرفة القرّاء الكبار على الطبقات والأعصار، استانبول، مركز البحوث الإسلامية، الطبعة الأولى، 1416 هـ.
18ـ الذهبي، محمّد، ميزان الاعتدال في نقد الرجال، تحقيق علي محمّد البجاوي، بيروت، دار المعرفة، الطبعة الأولى، 1382 هـ.
19ـ الزركلي، خير الدين، الأعلام، بيروت، دار العلم للملايين، الطبعة الخامسة، 1980 م.
20ـ الشهرستاني، محمد، الملل والنحل، بيروت، دار المعرفة، الطبعة الرابعة، 1415 هـ.
21ـ الصدر، حسن، الشيعة وفنون الإسلام، بلا تاريخ.
22ـ الطهراني، آقا بزرك، الذريعة إلى تصانيف الشيعة، بيروت، دار الأضواء، الطبعة الثالثة، 1403 هـ.
23ـ الطوسي، محمد، الرجال، قم، مؤسّسة النشر الإسلامي، الطبعة الثالثة، 1427 هـ.
24ـ الغرناطي، محمّد، التسهيل لعلوم التنزيل، تنقيح عبد الله الخالدي، بيروت، شركة دار الأرقم، بلا تاريخ.
25ـ القمي، عباس، الكنى والألقاب، طهران، مكتبة الصدر، بلا تاريخ.
26ـ الكاشاني، فتح الله، زبدة التفاسير، تحقيق ونشر مؤسّسة المعارف الإسلامية، قم، الطبعة الأولى، 1423هـ.
27ـ النجاشي، أحمد، الرجال، قم، مؤسسة النشر الاسلامي، 1416 هـ.
28ـ اليافعي، عبد الله، مرآة الجنان وعبرة اليقظان في معرفة ما يعتبر من حوادث الزمان، بيروت، دار الكتب العلمية، الطبعة الأولى، 1417 هـ.
مصدر المقالة
خليفات، مروان، فضل الشيعة على الأمة في حفظ القرآن والعناية به، قم، انتشارات محلّاتي، الطبعة الأولى، 1399 هـ.
مع تصرف بسيط