- الإسلام
- القرآن
- النبي وأهل بيته
- الشيعة
- الأسرة
- أسئلة وأجوبة
- الدعاء وشروط استجابته
- وقت المطالعة : 7 دقیقة
- بواسطة : امین نجف
- 0 تعليق
المولد والنشأة
نشأ في أُسرة تنتمي إلى المذهب الشافعي منذ ولادته عام ۱۹۶۱م في دولة جزر القمر(۱)، ثم تدرج في الدراسة حتى حصل على شهادة الثانوية.
تشرّف باعتناق مذهب أهل البيت (عليهم السلام) عام ۱۹۹۵م في ” مدغشقر “.
اللقاء الأوّل بالشيعة:
كان الأخ آتوماني كثير الاستماع إلى الخطب والمحاضرات التي يلقيها العلماء في المساجد والمحافل، فكان نتيجة ذلك إرتقاء مستواه العلمي وازدياد ثقافته الدينية وانفتاح ذهنيته في القضايا الفكرية، بحيث توفّرت لديه معلومات دينية غزيرة دفعته ليُكثر من صحبة الذين يدور حديثهم حول المسائل الإسلامية، وهذا ما ساعده على تنمية قدرته الفكرية، فتبلورت إتجاهاته وأصبحت هوايته البحث والتتبع والاستقصاء.
كما أنّ هذه الملكة جعلته يتعمق في المسائل الفكرية والاعتقادية التي يواجهها، فكان يتابعها ليصل إلى النتائج المطلوبة ويعيّن موقف أزائها.
يقول الأخ آتوماني: ” في أحد الأيام سمعت بمذهب يطلق عليه الإمامية فدفعني حبّ الاستطلاع لأنّ أتعرف على أتباعه، فقصدت أحد مساجدهم في مدغشقر، وهو مسجد خاصّ بالهنود والباكستانيين الذين يدعون بالخوجة.
فما أن دخلت مسجدهم وإذا أفاجأ ببعض الأمور التي لم أكن آلفها من قبل في مساجدنا!! ككيفية أذانهم، إذ رأيتهم يأتون بعد الشهادة بالرسالة لنبيّنا محمّد(صلى الله عليه وآله وسلم) بشهادة أُخرى وهي الشهادة بالولاية لأمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) فأستغربت من ذلك! وعزمت على البحث عن حقيقة هذا الأمر، وعن الدافع والمحفّز الذي دعاهم للإتيان بهذه الشهادة “.
أهمية الحوار الهادىء في البحث:
ويضيف آتوماني: ” كان لي إستاذ يعينني في الشؤون الدينية وكنت أتلقى منه معالم ديني والتجىء إليه حينما يعترضني سؤال أو شبهة، لأنّني كنت أجده متمعّناً وفاضلاً في المسائل الدينية، وكان يتيح لي المجال للبحث والحوار ولايقابلني بشدّة، لأنّه كان يرى أنّ السؤال والاستفسار حالة طبيعية لابد أن يمرّ بها الإنسان الباحث حتى يصل إلى الحقيقة، ومن هذا المنطلق لم يكن متعنتاً في مبادئه أو متعصباً كغيره ممن كانوا لا يسمحون للباحث أن يستشكل عليهم، فإنّ البعض يقابلون السائل بقوّة وعنف ويرمونه بالكفر والضلال وينسبون مقولاته إلى الفرق المنحرفة، بحيث يجعلونه يخشى أن يوجّه اليهم سؤالاً أو إشكالاً خوفاً على سمعته وماء وجهه، وخشية أن يتهموه بالإنحراف!.
ولكن إستاذي لم يكن من هذا القبيل، فقصدته لأسألة عن مسألة الأذان وسبب اختلافنا مع الشيعة، فبدأ الأستاذ يوضّح لي الحقائق المرتبطة بهذا الموضوع “.
أهمية الإعلام في ترسيخ المبادىء:
إنّ حقيقة الأذان هو الإعلام والتنبيه، ويأتي به المسلمون إيذاناً منهم بدخول أوقات الصلاة.
ولا يخفى على أحد ما للإعلام الايجابي من دور هام لترسيخ المبادىء في النفوس وتحفيز الحالة المعنوية عند الإنسان، واستنهاض الهمم نحو الصلاح، فهو يترك أثراً بليغاً في نفس الإنسان ويُبلور سلوكه وإتجاهاته، ويلفت إنتباهه إلى الأمر الذي يدعو إليه، فيرسخه في ذهنه بكيفية جذّابة، وهذا الترسيخ يدعو الإنسان ويحفزه لتجسيد ذلك، فمن هنا يتبلور إهتمام الإنسان بإتجاه ذلك الأمر.
ومن هنا نجد كافة الجهات وبالأخص الجهات السياسية تهتم بالإعلام والدعاية والتبليغ، فهم يوظفون هذه الأداة لمحاربة خصومهم وللسيطرة على أذهان الناس ليبعدوهم عما لا يبتغوه، ومن هنا فإنّهم يبذلون قصارى جهدهم عبر القنوات الإعلامية ليهيمنوا على أفكار الناس، لئلا يعتريها التغيير فيفقدوا ثبات حاكميتهم على المجتمع.
أسباب كثافة الإعلام المضاد ضدّ الشيعة:
إنّ الشيعة هم من جملة المذاهب التي لاقت أشدّ المعاناة على مرّ العصور من الحكومات الجائرة، لاعتقادهم أنّ عترة الرسول (عليهم السلام) هم الأحقّ بالحكم والخلافة من غيرهم، وهذا المعتقد يشكل خطراً كبيراً على الحكومات الجائرة، لأنّه يسلب منهم الشرعية، كما أنّ الإمامية كانت تغرس الوعي في أذهان المسلمين وتعيد الثقة في نفوسهم ليرفضوا الظلم والطغيان، ولهذا شنّت هذه الحكومات هجماتها المكثفة ضدهم.
مواقف الشيعة أزاء الإعلام المضاد:
والشيعة لم يكن بأيديهم ذلك الإعلام الذي يدافعون به عن أنفسهم ليلفتوا إنتباه الآخرين، ويوضحوا لهم الحقائق ويبيّنوا لهم أنّ الإمام عليّ (عليه السلام) أحقّ بالخلافة بعد رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)، وأنّ عترة الرسول (عليهم السلام) هم المرجع للأُمة بعده(صلى الله عليه وآله وسلم).
كما أنّ الشيعة لم يكن ينقصهم الأدلة لإثبات معتقدهم، ولكن كان يعوزهم الإعلام ليلفتوا إنتباه الناس إلى هذا الأمر ويبيّنوا لهم الحقائق، لأنّ المجتمع كان على أثر إعلام الحكومات الجائرة يجهل حقيقة أمر أهل البيت (عليهم السلام) ، وكانت السلطات الحاكمة قد رسّخت في أذهانهم أموراً تخالف الواقع، فكان من الضروري لمثل هكذا مجتمع أن يتحرك دعاته الصالحين ويلفتوا إنتباه الناس إلى الحقائق ومسار الإسلام الصحيح بعد رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم).
ومن هذا المنطلق اتخذت الشيعة مواقف عديدة لتبيين أحقيتهم، وإلفات إنتباه الناس إلى ولاية أهل البيت (عليهم السلام) ، ومن هذه المواقف يمكننا ذكر موقفين كان لهما الدور البليغ في توعية الناس، وإبطال الإعلام المضاد للمخالفين، وإزدهار التشيع وانتشاره في أقطار الأرض.
الموقف الأوّل: إحياء نهضة الحسين (عليه السلام) :
إنّ الشعية بذلوا اهتماماً خاصاً لإحياء نهضة الإمام الحسين (عليه السلام) فسلطوا الضوء عليها، لأنّها كانت حركة تبناها الإمام الحسين (عليه السلام) وأعانه على ذلك أنصاره، ليغرسوا الوعي في المجتمع وليلفتوا أنظاره إلى واقع الأمر، وما حلّ بشريعة الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم) من تحريف وتلاعب من بعده، ومن هنا تصدى الشيعة لإحياء هذه النهضة فجعلوها وسيلة إعلامية لتبيين الحقيقة للناس، وجعلوها سبيلاً لإحياء المفاهيم الحقة وإضفاء الوعي في المجتمعات، لئلا ينخدعوا بالتيارات المنحرفة التي مثّلت إمتداداً للحركة الأموية ضد الإسلام، الذين تلاعبوا بمادىء الإسلام ليصوغوه وفق مبتغياتهم وعلى ضوء ما يحقق مآربهم، فاجتهد الشيعة ليبيّنوا للناس أنّ السبيل الوحيد لاتباع رسالة الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم) إنّما يتحقق بإتباع العترة (عليهم السلام) ، لأنّهم الأُمناء على الشريعة بعد رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)، وهم الينبوع الذي اصطفاه الباري عزّوجلّ ليكون مصدراً نقيّاً يتلقى منه المجتمع معالم دينه، ويرجع إليه في الاختلافات بعد رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم).
الموقف الثاني: الشهادة بالولاية لعليّ (عليه السلام) في الأذان:
وهذا الموقف اتخذه الشيعة لإيضاح أحقية أمر الخلافة بعد رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)وتوظيفه لتبيين الحقيقة، فالأذان عبادة توقيفية يجب الاقتصار فيه على المتيقن ثبوته من الشريعة، ولكن حيث لا يشترط التوالي فيه ويجوز الفصل بين فصوله ولا يحرم التكلّم بينها، فقد ذهب إجماع فطاحل العلماء من الشيعة أن يؤتوا بفقرة الشهادة لعليّ (عليه السلام) بالولاية بعد الشهادة للنبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) بالرسالة، على أن يكون ذلك إعلاماً وشعاراً لهم أمام الملأ، الذين طالما سيطر عليهم الحكام وحاولوا طمس الحقائق والتعتيم على حقيقة الولاية لأمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) .
فأصبحت هذه الشهادة الثالثة كالصلاة على النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) عقيب ذكر اسمه الشريف في الأذان.
بطلان التشنيع على أذان الشيعة:
إنّ دعوى لزوم التشريع من ذكر الشهادة بالولاية ليس بصحيح، لأنّ الإتيان بها ليس على قصد الجزئية لايحتاج إلى دليل من الشارع، بل الإتيان بها هو على قصد عدم الجزئية، فهذه الفقرة ليست جزءاً من الأذان وإنّما هي جزء الإيمان.
وكان استلزام الاتيان بها للحاجة المقتضية لذلك، وذلك لأنّ الشيعة لاقت تياراً معاكساً شديداً استهدف الوقوف بوجه الحقّ، وكانت كافة وسائل الإعلام بيد خصومهم لسيطرتهم على زمام الاُمور، فمن هنا استوجب عليهم أن يستخدموا كافة الوسائل والأدوات الإعلامية التي لا يوجد فيها محذور شرعي، حتى يبيّنوا الحقائق التي شوهها الخصم في أوساط المجتمع، ويلقوا الحجّة على الناس في ذلك.
وقد شنّع أبناء العامة من قبل وإلى يومنا هذا على هذا، ولكن فاتهم بأنّ هذا الأمر لو يستحق التشنيع فعمر بن الخطاب هو أوّل من يشمله ذلك!، لأنّه أوّل من غيّر في فصول الأذان وأضاف اليه فقرة ” الصلاة خير من النوم “، في حين كان أذان النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) خال منها(۲).
كما أنّه أسقط فقرة ” حي على خير العمل “، فقال وهو على المنبر: ” ثلاث كن على عهد رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) وأنا أنهى عنهن وأحرمهن وأعاقب عليهن: متعة النساء ومتعة الحج و حي على خير العمل “(۳)، مع أنّ هذه الفقرة كانت في أذان الرسول!(۴).
وكما ذكرنا أنّ الأذان عبادة توقيفية يجوز إضافة عبارة إليه لا على سبيل الجزئية لعدم شرط التوالي فيه، ولكن لا يجوز أبداً إسقاط فصل منه لأنّ ذلك سوف يخل بتشريعه من قِبل الله عزّوجلّ، ولكن عمر بن الخطاب لم يبالي بذلك.
وقد روي عن ابن أبي عمير أنّه سأل أبا الحسن (عليه السلام) عن ” حي على خير العمل ” لم تُركت من الأذان؟ فقال: تريد العلّة الظاهرة أو الباطنة؟ قلت: أريدهما جميعاً، فقال: أمّا العلّة الظاهرة فلئلا يدع الناس الجهاد إتكالاً على الصلاة، وأمّا الباطنه فإنّ خير العمل الولاية، فأراد من أمر بترك حي على خير العمل من الأذان أن لا يقع حثّ عليها ودعاء إليها(۵)!
ومع ذلك سار أبناء العامة على نهج عمر بن الخطاب، فإذا كان الأمر كذلك وأنّهم حذفوا من فصول الأذان وأضافوا عليه، فكيف لهم أن يشكلوا على غيرهم؟! وكيف لهم أن يستحسنوا أمراً لأنفسهم ويستقبحوه لغيرهم؟!.
وأمّا بالنسبة إلى التخلي عن ذكر الشهادة بالولاية لأمير المؤمنين (عليه السلام) في الأذان، الذي هو أمر مستحب في نفسه، لكن بعد أن أصبح شعاراً للإيمان ورمزاً للتشيع، فمن غير المناسب التخلّي عنه وتركه.
هل الشهادة الثالثة في الأذان بدعة؟
إنّ الذين يعترضون على الشيعة بأنّهم أبتدعوا في الأذان لا يهدفون سوى التهريج والتشنيع، لأنّ البدعة هو إدخال ما ليس من الدين فيه، والشيعة لم تعتبر الشهادة لعليّ (عليه السلام) بالولاية جزءاً من الأذان وجزءاً من التشريع ليكون ذلك بدعة، بل الشريعة لم تحرّم كلام اللغو بين فصول الأذان، فكيف يكون إتيان كلام الحقّ بين فصوله أمراً محرماً!!.
كما أنّ الشهادة لعليّ (عليه السلام) بالولاية، شهادة كمل لنا الدين بها، ورضى الله لنا بها الإسلام، لقوله تعالى: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ اْلإِسْلامَ دِيناً) (المائدة: ۳)، وذلك في غدير خم إذ نصبّ الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم)عليّاً (عليه السلام) وليّاً لهذه الأُمة من بعده، فنزلت هذه الآية، وقام عمر بن الخطاب فقال لعليّ (عليه السلام) : بخ بخ لك يابن أبي طالب أصبحت مولاي ومولى كل مؤمن، وقال رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم): الله أكبر على إكمال الدين، وإتمام النعمة، ورضى الرب برسالتي والولاية لعليّ (عليه السلام) (۶).
مرحلة تحديد المصير العقائدي:
من هذا المنطلق وبعد البحث والتتبع يقول الأخ آتوماني: ” تبيّنت لي حقائق كثيرة، فوجدت أنّ معظم النشاط المعاكس الذي يقابل التشيع هو تهريج وتشنيع بعيد عن نهج الحوار العلمي، واتضح لي أنّ إتخاذ اسلوب البحث في أجواء علمية بعيدة عن حالة الإنفعال والتشنّج تبيّن للباحث حقائق علمية هائلة، بحيث تجعله يعيش بعقله روحية التشيع من دون أن يشعر، وهذا الأمر يدفعه للاستبصار، ولهذا آل أمري وأمر أستاذي إلى الاستبصار والانتماء إلى مذهب أهل البيت (عليهم السلام) “.
ويضيف الأخ آتوماني: ” كان استبصاري عام ۱۹۹۵م في مدينة مدغشقر، واتجهت بعدها للعمل التوجيهي، فأصبحت داعية في سبيل العقيدة، ثم تكفلت رئاسة منظمة الشباب الطلابية الإسلامية في مدغشقر، ولازلت أبذل قصارى جهدي لأُبيّن الحقائق للناس، ولاسيما الشباب المثقف الذي يهتم بدينه وعقيدته، وبسبب اجادتي للّغة العربية والفرنسية إضافة إلى لغتي المحلية تمكّنت من توسيع نطاق نشاطي، وأسأل الله أن يوفّقني في سبيل إعلاء كلمة الحق ودحض حجج المبطلين “.
(۱) جزر القمر: تقع جنوب شرق أفريقيا داخل المحيط الهندي شرق سواحل موزنبيق وشمال مدغشقر، تضم أربع جزر صغيرة، يبلغ عدد سكانها قرابة المليون نسمة، غالبيتهم من المسلمين ما عدى ۲% من المسيحيين، وأغلب المسلمين من الشافعية المحبين للشيعة، وللشيعة تواجد ملحوظ بهذه الجزر.
(۲) أنظر: موطأ مالك: ۱ / ۴۶، المصنف لعبد الرزاق: ۱ / ۳۵۲ (۱۸۳۱)، المصنف لابن أبي شيبة: ۱ / ۱۸۹ (۲۱۵۹) (۲۱۶۱)، سنن الدارقطني: ۱ / ۲۴۳ (۴۰)، سنن الترمذي: ۱ / ۲۴۰ (۱۹۸).
(۳) أنظر شرح تجريد العقائد للقوشجي: ۳۷۴٫
(۴) أنظر: السنن الكبرى للبيهقي: ۱ / ۴۲۵ (۱۸۴۴)، كنز العمال: ۸ / ۳۴۱ (۲۳۱۷۴).
(۵) أنظر علل الشرائع للصدوق: ۲ / ۳۶۸، بحار الانوار للمجلسي: ۸۴ / ۱۴۰٫
(۶) تقدّم ذكر مصادره.
المصدر: مركز الأبحاث العقائدية