الزكاة ركنٌ من أركان خمسة بني عليها الإسلام وهي من ضروريات الدين، ولأهميتها الكبيرة فقد ورد في الحديث الشريف: “أن الصلاة لا تقبل من مانع الزكاة” ولما نزلت آية الزكاة بسم الله الرحمن الرحيم “خذ من أموالهم صدقة تطهّرهم وتزكيهم بها” أمر رسول الله صلى الله عليه وآله مناديه فنادى في الناس : “إن الله تبارك وتعالى قد فرض عليكم الزكاة كما فرض عليكم الصلاة” ولما حال الحول أمر صلى الله عليه وآله مناديه فنادى في المسلمين: “أيّها المسلمون زكّوا أموالكم تقبل صلاتكم”.
ثم وجه صلى الله عليه وآله عمال الصّدقة لقبضها من الناس.
وعن رسول الله وبينما كان في المسجد إذ قال: “قُم يا فلان، قُم يا فلان قُم يا فلان. قُم يا فلان”.
حتى أخرج خمسة نفر ، فقال : «اُخرجوا من مسجدنا، لا تصلّوا فيه وأنتم لا تزكّون”.
وعن الإمام أبي جعفر عليه السلام جاء فيه : “إن الله عزّ وجل يبعث يوم القيامة ناساً من قبورهم، مشدودة أيديهم إلى أعناقهم، لا يستطيعون أن يتناولوا بها قيد أنملة، معهم ملائكة يعيِّرونهم تعييراً شديداً، ويقولون هؤلاء الذين منعوا خيراً قليلاً من خير كثير، هؤلاء الذين أعطاهم الله.
فمنعوا حق الله عزّ وجل من أموالهم”.
إن القرآن الكريم كثيراً ما يقرن الزكاة بالصلاة في اَياته الكريمة، مما يكشف عن مدى أهمّيتها في التشريع الإسلامي.
فيما تجب فيه الزكاة:
تجب الزكاة فيما يأتي:
الأول: في النقدين الذهب والفضّة بشروط:
1- أن تبلغ كمية الذهب خمسة عشر مثقالاً صيرفيّاً وزكاتها 2.5% وكلّما زادت ثلاثة مثاقيل وجب إخراج 2.5% منها زكاة.
أما الفضة فيجب أن تبلغ كميتها مائة وخمسة مثاقيل وزكاتها 2.5%.
وكلما زادت كمّيتها واحداً وعشرين مثقالاً وجب اِخراج 2.5% منها زكاة. وإذا قلت كميّة النقدين عن الحدّ المذكور فلا تجب فيها الزكاة.
2- أن يمضي عليهما أحد عشر شهراً ويدخل عليهما الشهر الثاني عشر وهما في ملك المالك.
3- أن يكونا -الذهب والفضّة- مسكوكين عملة رائجة للتّداول اليومي في البيع والشراء.
وسبائك الذّهب والحلي المصنوعة من الذهب أو الفضة وقطع الذهب والفضّة الأخرى لا تجب فيها الزكاة.
4 – تمكّن المالك من التصرّف فيه في تمام الحول، فلا تجب الزكاة في المال الضائع مدّة معتدّاً بها عرفاً.
5- كمال المالك بالبلوغ والعقل، فلا تجب الزكاة في النّقدين من أموال الصبي والمجنون.
الثاني: في الحنطة والشعير والتمر والزبيب بشروط:
1- تجب فيها الزكاة إذا بلغت كمّية كل منها بعد يبسها ثلاثمائة صاع وهذا يقارب -فيما قيل- (847 كغم) تقريباً، ومقدار الزكاة الواجب فيها كما يلي:
أ – اِذا سقيت بماء المطر أو بماء النهر أو ما شابههما بحيث لا يحتاج سقي الزرع إلى مجهود تكون زكاتها حينئذٍ 10%.
ب – إذا سقيت باليد أو بالآلة كالمضخّات أو ما شابههما تكون زكاتها حينئذٍ 5%.
ج – إذا سقيت بالمطر تارة وباليد أو بالآلة أخرى تكون زكاتها حينئذٍ 7.5%، إلاّ إذا كان أحد السقيين قليلاً جدّاً بحيث لا يعتدّ به فينسب إلى السقي الغالب.
وإذا قلَّت كميّة المحصول عن ثلاثمائة صاع بعد يبسه فلا زكاة فيها.
2- أن يكون المحصول مملوكاً للمكلف حين تعلق الزكاة به، فلو تملكه بعد ذلك الحين لم يجب عليه أداء زكاته.
الثالث: في الإبل والبقر والجاموس والأغنام بقسميها المعز والضأن وبشروط هي الأخرى:
1- بلوغ عددها النصاب، وهو رقم معيّن اِذا بلغته وجبت فيها الزكاة.
ففي الابل: إذا بلغ عددها خمساً فزكاتها شاة، واِذا بلغ عشراً فزكاتها شاتان، واِذا بلغ خمس عشرة فزكاتها ثلاث شياه، واِذا بلغ عشرين فزكاتها أربع شياه، واِذا بلغ خمساً وعشرين فزكاتها خمس شياه، واِذا بلغ ستاً وعشرين فزكاتها ناقة في السنة الثانية من عمرها، واِذا بلغ ستاً وثلاثين فزكاتها ناقة في السنة الثالثة من عمرها.
وهناك غيرها من الاَرقام لا يسع المجال هنا لذكرها.
وفي الغنم: إذا بلغ عددها أربعين فزكاتها شاة، وإذا بلغ مائة وواحداً وعشرين فزكاتها شاتان، وإذا بلغ مائتين وواحداً فزكاتها ثلاث شياه، وإذا بلغ ثلاثمائة وواحداً فزكاتها أربع شياه، وإذا بلغ أربعمائة أو أكثر فزكاتها عن كل مائة شاة واحدة، مهما بلغ عددها.
وفي البقر والجاموس: إذا بلغ عددها ثلاثين فزكاتها تبيع دخل في السنة الثانية من عمره، وإذا بلغ العدد أربعين فزكاتها مسنّة دخلت في السنة الثالثة من عمرها من البقر أو الجاموس.
ولا زكاة فيما بين النصابين أو الرقمين المحددّين في الإبل والبقر والغنم، فإذا ما زاد العدد عن النصاب فلا زكاة عليه حتى يصل الى النصاب الجديد.
2 – أن تكون الحيوانات سائمة ترعى في أرض الله، أمّا إذا كانت معلوفة يعطيها صاحبها علفها ولو في بعض السنة فلا زكاة فيها.
3- تمكّن المالك أو وليّه من التصرّف فيها في تمام الحول، فلو سرقت فترة معتداً بها لم تجب الزكاة فيها.
4- إن يمضي عليها احد عشر شهراً ويدخل الشهر الثاني عشر وهي في ملك المالك.
الرابع: في مال التجارة:
وهو المال الّذي يتملكه الشخص بقصد المعاوضة قاصداً به الرّبح والتجارة.
وزكاته 2.5% إذا اجتمعت الشروط التالية:
1- بلوغ المالك وعقله.
2- بلوغ المال حّد النصاب وهو نصاب أحد النقدين الفضة أو الذهب.
3- مضيّ الحول عليه بعينه من حين قصد الرّبح والتجارة.
4- بقاء قصد تحصيل الربّح طول الحول، فلو عدل ونوى به القنية، أو الصرف في المؤنة في أثناء الحول لم تجب فيه الزكاة.
5- تمكّن المالك من التصرّف فيه تمام الحول.
6- أن يطلب برأس المال أو بزيادة عليه طول الحول.
مستحق الزكاة:
تدفع الزّكاة للمستحقّين وهم ثمانية أصناف بشروط، قال تعالى: “اِنّما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلّفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله والله عليم حكيم)”
الفقير والمسكين: كلاهما من لا يملك قوت سنته لنفسه ولعياله وليست له صنعة أو حرفة مثلاً يتمكن بها من توفير قوت نفسه وعياله، والمسكين أسوأ حالاً من الفقير.
العاملون عليها: هم المنصبَّون من قبل النبي صلى الله عليه وآله أو الإمام عليه السلام أو الحاكم الشرعي أو نائبه لقبض الزكاة وحسابها وإيصالها إليهم أو إلي المستحقين.
المؤلّفة قلوبهم: هم المسلمون الّذين يعزّز إسلامهم بدفع المال إليهم، أو الكفّار بهدف جلبهم إلى الإسلام، أو مساعدتهم المسلمين في الدفاع عن أنفسهم.
في الرقاب: وهم العبيد يشترون ويُعتقون.
الغارمون: هم المدينون العاجزون عن تسديد ديونهم المشروعة.
في سبيل الله: هو مصرف جميع سبل الخير العامّة كبناء المساجد والجسور وغيرها.
ابن السبيل: هو المسافر المنقطع، ذاك الذي نفدت أمواله ولا تتيسر له اِستدانة نفقة العود أو يحرجه ذلك فانه تدفع له نفقة العود بشرط أن لا يكون سفره في معصية .
هذه هي أصناف المستحقّين، غير أنّه يشترط فيمن تدفع له الزكاة منهم أن يكون مؤمناً وان لا يكون ممّن يصرف الزكاة في المعاصي.
ويشترط أيضاً أن لا يكون ممن تجب نفقته على دافع الزكاة كالزّوجة، وأن لا يكون المستحق هاشمياً. هذا ويحق للهاشمي فقط أن يدفع زكاته للهاشمي مثله .