تعتبر الأسماء عند أولياء الله ذات أهمّية كبرى ، لأنّها تعبّر عن حقيقة الشيء ، وإنّ أوّل من سمّى هو الله سبحانه وتعالى ، فقد سمّى المسيح عيسى ( عليه السلام ) بقوله : ( إِذْ قَالَتِ الْمَلآئِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ ) ، وسمّى يحيى ( عليه السلام ) بقوله : ( يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلاَمٍ اسْمُهُ يَحْيَى لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيّاً ) .
وإنّ أئمّة أهل البيت ( عليهم السلام ) كانوا يهتمّون كثيراًً بالأسماء ، وبالخصوص باسم فاطمة ، ويحبّون بيت فيه اسم فاطمة ، ويحبّون البيوت التي تذكر فيها أُمّهم فاطمة ( عليها السلام ) ، فليس إعجاب أو استحسان أنّها سمّيت بفاطمة بل لأسباب ومناسبات ، وليست هذه التسمية ارتجالية ، بل لأنّها مصداق للحقيقة ، بل ومناسبة الاسم مع المسمّى ، وصدق على المسمَّى ، وبهذا يتّضح ما نقول :
قال الإمام الصادق ( عليه السلام ) : ( لفاطمة تسعة أسماء عند الله عزّ وجلّ : فاطمة ، والصدِّيقة ، والمباركة ، والطاهرة ، والزكية ، والراضية ، والمرضية ، والمحدَّثة ، والزهراء ) .
أسماؤها ( عليها السلام ) :
۱ـ فاطمة :
معناها : القاطعة والفاصلة والحارسة ، فهي ( عليها السلام ) تشفع لمحبّيها وتفطمهم ، أي تحرسهم من النار ، أي تفطم من أحبّها من النار .
۱ـ قال الإمام علي ( عليه السلام ) : ( قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : إنّما سُمِّيت ابنتي فاطمة لأنَّ الله عزّ وجلّ فطمها وفطم من أحبَّها من النار ) .
۲ـ قال الإمام الحسين ( عليه السلام ) : ( لفاطمة تسعة أسماء عند الله عزّ وجلّ : فاطمة ، والصدّيقة ، والمباركة ، والطاهرة ، والزكية ، والراضية ، والمرضية ، والمحدّثة ، والزهراء ) .
ثمّ قال : ( أتدرون أيّ شيء تفسير فاطمة ؟ أي فطمت عن الشرّ ) .
۳ـ قال الإمامان الرضا والجواد ( عليهما السلام ) : ( سمعنا المأمون يحدّث عن الرشيد عن المهدي عن المنصور عن أبيه عن جدِّه قال ابن عباس لمعاوية : أتدري لِمَ سُمِّيت فاطمة ؟ قال : لا ، قال : لأنّها فطمت هي وشيعتها من النار ، سمعت رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يقوله ) .
۲ـ الصدّيقة :
معناها : المبالغة في التصديق أي الكثيرة الصدق ، ولأنّها لم تكذب قط ، عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) أنّه قال لعلي ( عليه السلام ) : ( أُتيتَ ثلاثاً لم يؤتَهن أحد ولا أنا :
أُتيتَ صهراً مثلي ، ولم أُوت أنا مثلي ، وأُتيتَ زوجة صدِّيقة مثل ابنتي ، ولم أُوت أنا مثلها زوجة ، وأُوتيتَ الحسن والحسين من صلبك ، ولم أُوتَ من صلبي مثلهما ، ولكنكم منّي وأنا منكم ) .
قال أبو الحسن ( عليه السلام ) : ( إنّ فاطمة صدّيقة شهيدة ) .
قال الإمام الصادق ( عليه السلام ) : ( وهي الصديقة الكبرى ، وعلى معرفتها دارت القرون الأُولى ) .
۳ـ المباركة :
البركة : النماء والسعادة والزيادة ، ولقد بارك الله في السيّدة فاطمة ( عليها السلام ) أنواعاً من البركات ، وجعل الخير الكثير في ذرّية رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) من نسلها ، لظهور بركتها في الدنيا والآخرة .
قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : ( يا فاطمة ، ما بعث الله نبياً إلاّ جعل له ذرّية من صلبه ، وجعل ذرّيتي من صلب علي ) .
وفي تفسير قوله تعالى : ( إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ ) قيل : الكوثر هو كثرة النسل والذرّية ، وقد ظهرت الكثرة في نسله ( صلّى الله عليه وآله ) من وُلد فاطمة حتّى لا يحصى عددهم ، واتصل إلى يوم القيامة مددهم .
۴ـ الطاهرة :
لقد طهرّها الله تعالى عن العادة الشهرية ، وعن كلّ دنس ورجس ، وعن كلّ رذيلة .
۱ـ قال الإمام الصادق ( عليه السلام ) : ( إنّما سمّيت فاطمة بنت محمّد الطاهرة لطهارتها من كلّ دنس ، وطهارتها من كلّ رفث ، وما رأت قط يوماً حمرة ولا نفاساً ) .
۲ـ قال الإمام الصادق ( عليه السلام ) : ( إنّ الله حرّم النساء على علي ما دامت فاطمة حية لأنّها طاهرة لا تحيض ) .
۳ـ قال الإمام الباقر ( عليه السلام ) : ( سمّيت فاطمة طاهرة لأنّها كانت مبرّاة من كلّ رجس ، ولم يُرَ لها دم حيض ولا نفاس )
۵ـ الزكية :
معناها : الأرض الطيّبة الخصبة ، المطهّرة الطاهرة ، فالزهراء ( عليها السلام ) أزكى أنثى عرفتها البشرية .
۶ـ الراضية :
معناها : الراضية بما قسم الله لها ، فكانت الزهراء ( عليها السلام ) راضية بما قدّر الله لها من مرارة الدنيا ومشقّاتها ومصائبها ونوائبها ، وفيما أعطاها من القرب والمنزلة والطهارة ، وغير ذلك من المراتب العالية في الدنيا والآخرة .
۷ـ المرضية :
إنّ للمرضيين عند الله تعالى درجة عالية ، فكانت الزهراء ( عليها السلام ) مرضية عند الله في جميع أعمالها وأفعالها وما صدر منها خلال مسيرة حياتها ، فقد رضى الله عنها ورضت عنه سبحانه ، فهي مرضية بما وعد الله تبارك وتعالى عباده بالرضوان الأكبر .
۸ـ المُحدّثة :
معناها : التي يطلعها أحد على الوقائع والحقائق من وراء حجاب ، أو التي تستلهم الأخبار من قبل الله تعالى ، عن طريق الوحي وهو الملك .
ويستفاد من أحاديث عديدة أنّ الملائكة كانت تنزل على فاطمة ( عليها السلام ) من قبل الله ، وتطلعها على ما يحدث وما سيحدث في المستقبل ، إنّ الوحي الذي خصّ بالرسالة والأحكام ونزول الآيات القرآنية قد انقطع مع وفاة الرسول ( صلى الله عليه وآله ) لأنّه خاتم الأنبياء ، ولا يأتي رسول بعده ، وهذه عقيدتنا كما إنّ الدين كامل والنعمة تامّة بولاية أهل البيت ( عليهم السلام ) ، ولكنّ الوحي لم ينقطع بالإيحاء للأولياء وإخبار عن المستقبل ، فإنّ الله سبحانه يوحي عن طريق ملائكته لمن يشاء ومتى يشاء ، لأنّ الوحي لا يقتصر على الأنبياء ، فالله أوحى إلى أُمّ موسى ( وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ ) .
وأوحى الله إلى النحل والى السماء ، إذ ليست سيّدة نساء العالمين وبنت سيّدة الأنبياء والمرسلين بأقلِّ شأناً من مريم بنت عمران ، أو سارة زوجة إبراهيم ، أو أُمّ موسى ، وليس معنى ذلك أنّ مريم أو سارة أو أُمّ موسى كنَّ من الأنبياء ، وكذلك ليس معنى ذلك أنّ السيّدة فاطمة الزهراء ( عليها السلام ) كانت نبية .
۱ـ قال الإمام الحسين ( عليه السلام ) : ( إنّما سمّيت فاطمة محدّثة لأنّ الملائكة كانت تهبط من السماء فتناديها كما تنادي مريم بنت عمران فتقول : يا فاطمة ، إنّ الله اصطفاك وطهّرك واصطفاك على نساء العالمين ، يا فاطمة اقنتي لربّك واسجدي واركعي مع الراكعين ، فتحدّثهم ويحدّثوها ، فقالت لهم ذات ليلة : أليست المفضّلة على نساء العالمين مريم بنت عمران ؟ فقالوا : إنّ مريم كانت سيّدة نساء عالمها ، وأنّ الله جعلك سيّدة نساء عالمك وعالمها ، وسيّدة نساء الأوّلين والآخرين ) .
۲ـ قال الإمام الصادق ( عليه السلام ) : ( إنّما سمّيت فاطمة محدّثة لأنّ الملائكة كانت تهبط من السماء ، فتناديها كما تنادي مريم بنت عمران ) .
وإنّ الأئمّة ( عليهم السلام ) كانوا جميعهم محدّثين في زمانهم ، أي أنّهم كانوا يستلمون الأخبار الجديدة من قبل الله تعالى .
قال سليم بن قيس : سمعت علياً ( عليه السلام ) يقول : ( إنّي وأوصيائي من ولدي مهديّون كلّنا محدَّثون ) .
۹ـ الزهراء :
معنى الزهر : النيّر ، الصافي اللون ، المشرق الوجه ، وكذلك فاطمة الزهراء ( عليها السلام ) ، لأنّ نورها زهر وأشرق لأهل السماء .
۱ـ عن أبي هاشم العسكري قال : سألت العسكري ( عليه السلام ) : لم سمّيت فاطمة الزهراء ( عليها السلام ) ؟
فقال : ( كان وجهها يزهر لأمير المؤمنين ( عليه السلام ) من أوّل النهار كالشمس الضاحية ، وعند الزوال كالقمر المنير ، وعند غروب الشمس كالكوكب الدرّي ) .
۲ـ قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : ( وأمّا ابنتي فاطمة فإنّها سيّدة نساء العالمين من الأوّلين والآخرين ، وهي بضعة منّي وهي نور عيني ، وهي ثمرة فؤادي ، وهي روحي التي بين جنبيّ ، وهي الحوراء الإنسية ، متى قامت في محرابها بين يدي ربّها ( جلّ جلاله ) زهر نورها لملائكة السماوات ، كما يزهر نور الكواكب لأهل الأرض ) .
۱۰ـ العذراء :
معناها : البكر ، أي أنّها ( عليها السلام ) كانت عذراء دائماً .
فقد سأل رجل من الإمام الصادق ( عليه السلام ) في ضمن مسائل قال : فكيف تكون الحوراء في كلّ ما أتاها زوجها عذراء ؟ قال : ( لأنّها خلقت من الطيب ، لا يعتريها عاهة ولا تخالط جسمها آفة ، ولا يدنّسها حيض ، فالرحم ملتزقة ) .
۱۱ـ الحانية :
معناها : الحنان ، وذلك بسبب كثرة حنانها على أبيها رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، وبعلها ، وعلى أولادها ، ومحبّيها والأيتام والمساكين .
۱۲ـ البتول :
معناها : لأنّها تبتلت عن دماء النساء ، وهي المنقطعة عن الدنيا إلى الله تعالى ، وكذلك لانقطاعها عن نساء زمانها فضلاً وديناً وحسباً .
۱ـ عن الإمام علي ( عليه السلام ) قال : سألت النبي : ( ما البتول ؟ فإنّا سمعناك يا رسول الله تقول : إنّ مريم بتول وفاطمة بتول ! فقال : البتول التي لم تَرَ حمرة قط، أي لم تحض، فإنّ الحيض مكروه في بنات الأنبياء).
۲ـ عن عائشة أنّها قالت : إذا أقبلت فاطمة كانت مشيّتها مشية رسول الله ، وكانت لا تحيض قط ، لأنّها خُلقت من تفّاحة الجنّة ، ولقد وضعت الحسن بعد العصر ، وطهرت من نفاسها ، فاغتسلت وصلّت المغرب .
۱۳ـ الكوثر :
معناها : الشيء الكثير ، إنّ الله تعالى سمّاها في كتابه العزيز بالكوثر ، وجعل أعدائها المقطوعين من النسل والبركة ( إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأبْتَرُ ) .
۱۴ـ الحوراء :
معناها : مفرد حور المخلوقة للجنّة ، لكن الزهراء هي الحوراء الإنسية ، لأنّ نطفتها تكوّنت من ثمار الجنّة .
قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : ( ابنتي فاطمة حوراء آدمية لم تحض ولم تطمث ، وإنّما سمّاها فاطمة لأنّ الله فطمها ومحبّيها عن النار ) .
۱۵ـ سيّدة نساء العالمين :
عن المفضّل بن عمر قال : قلت لأبي عبد الله ( عليه السلام ) : أخبرني عن قول رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) في فاطمة : ( إنّها سيّدة نساء العالمين ) ، أهي سيّدة نساء عالمها ؟
فقال : ( ذاك لمريم ، كانت سيّدة نساء عالمها ، وفاطمة سيّدة نساء العالمين ، من الأوّلين والآخرين ) .
كناها ( عليها السلام ) :
إنّ لفاطمة الزهراء ( عليها السلام ) كنى عديدة اشهرها :
أُمّ الأئمّة : فهي أُمّ الأئمّة الأحد عشر ( عليهم السلام ) .
أُمّ المحسن : فهي أُمّ الشهيد الأوّل من أولادها .
أُمّ الحسن : فهي أُمّ الشهيد الثاني من أولادها .
أُمّ الحسين : فهي أُمّ الشهيد الثالث من أولادها .
أُمّ أبيها : فكانت تحمل هموم أبيها رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) دائماً ، كما تحمل الأُمّ هموم ولدها ، وكذلك كانت فاطمة أحبّ الخلق إلى رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) كما تكون الأُمّ أحبّ الخلق إلى الابن ، فهي أُمّ أبيها كما عن الإمام الباقر ( عليه السلام ) قال : ( كانت فاطمة تكنّى أمّ أبيها ) .