الجزائر – فريد الهيول – مالكي

2015-03-19

166 بازدید

المولد والنشأة

ولد عام ۱۳۹۲هـ ، (۱۹۷۳م)، في الجزائر بمدينة بتنا، نشأ في أوساط أسرة مالكية المذهب فتعلّم منها معتقداته الدينية ومناهجه العبادية.
قصد السفر إلى لبنان برفقة أحد أصدقائه بغية الحصول على عمل يوفّر لنفسه من خلاله معيشته المادّية، ولكنّه كان لا يدري ما قدّر له القضاء الإلهي، فالتقى في سوريا وهو عازم على السفر إلى لبنان برجل دين شيعي يُدعى السيّد أحمد العلوي، فغيّر هذا اللقاء مجرى حياته ; لأنّه أُعجب بالسيّد وبكلامه الشيّق والعذب الملئ بالنفحات القدسية، فأسمعه السيّد أحاديث أهل البيت(عليهم السلام) حتّى تفتّحت بصيرته وازدادت محبّة عترة الرسول في قلبه.
وعندما وجد السيّد أحمد رغبة “فريد” لمعرفة أقوال أهل البيت(عليهم السلام) شجّعه للهجرة إلى مدينة قم في إيران والانتساب إلى الحوزة العلمية، فقبل “فريد” مقترح السيّد ودفعه الشوق لطلب علوم آل محمّد إلى تقبّل عناء الهجرة وسافر إلى مدينة قم وبدأ رحلته العلمية، وتعرّف على الطلبة الجزائريين المقيمين في مدينة قم والمنشغلين بدراسة علوم أهل البيت(عليهم السلام).
ومن هنا بدأ “فريد” حواراته العلمية حتّى تبيّن له أحقّية مذهب أهل البيت(عليهم السلام)وأعلن استبصاره.

مزايا الشيعة:

من المسائل التي اهتم بها “فريد” خلال استبصاره هي مسألة السجود على التربة الحسينيّة ; لأنّه وجد المخالفين لمذهب التشيّع يتشبّثون بها لخلق الحواجز بين الناس وبين التشيّع.
وقرأ “فريد” في هذا الصعيد كتاب السجود على التربة الحسينيّة عند الشيعة تأليف: باقر شريف القرشي، فعرف من خلال قراءته لهذا الكتاب بأنّ الشيعة سلكت في إطارها العقائدي مسلكاً مشرقاً اتّسم بأنّه من أوضح المناهج ومن أكثرها واقعية ومن أشدّها التصاقاً بسيرة الرسول الأعظم(صلى الله عليه وآله وسلم) والتزاماً بحرفية ما جاء عنه، ولم تلغ الشيعة نصّاً من شريعة الله، ولم تبدّل أو تغيّر حكماً من أحكام الله، كما لم تبتدع حكماً قبال أحكامه تعالى، وقد واكبت سيرة الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم)واتّبعت سنّته وتمسّكت بجميع ما أثر عنه، وهي ـ من دون مغالاة ـ من أظهر الفرق الإسلاميّة تمسّكاً بكتاب الله وولاءً لعترة رسوله، لم تشذ عن هذين المنهجين ولم ينحرف عنهما، وإنّما سايرتهما لا عن هوى أو تقليد وإنّما اتّباعاً للأدلة القطعية التي فرضت على كلّ مسلم التمسّك بالثقلين كما أمر النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) بذلك وجعله ضماناً لأمّته ووقاية لها من الانحراف والتردّي في مجاهل هذه الحياة.
وتبّنت الشيعة بصورة ايجابية ومتميّزة الولاء لأهل بيت النبوّة ومعدن الرسالة ومختلف الملائكة ومهبط الوحي والتنزيل، ولاؤهم قائم في أعماق قلوبهم ودخائل نفوسهم سرى فيهم كما يسري الدم في عروقهم، ولم يكن ذلك ـ يعلم الله ـ عن غلو وإفراط في الولاء والحبّ، وإنّما كان منبعثاً عن وصايا النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم)فيهم وإلزامه بمودّتهم، فقد أثرت عنه في ذلك كوكبة من النصوص المتواترة التي لا يخالجها شك، ولا يسع المسلم أني يتغاضى عنها أو يتجاهلها، ومن أبرزها حديث الثقلين، فقد قرنهم الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم) بمحكم التنزيل الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، كما جعلهم كسفينة نوح من ركبها نجاو من تخلّف عنها غرق وهوى ، وأنّتم من الأمّة بمنزلة الرأس من الجسد، إلى غير ذلك من الأحاديث التي تلزم المسلمين بمودّتهم والولاء لهم(۱).

الشيعة والسجود على التربة:

نظراً لأهمية السجود، ولأنّه جزء من العبادة يشترط فيه:
أوّلاً: أن يكون السجود على الأرض، وقد تظافرت الأخبار بذلك عن النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) وعن بعض صحابته، وهذه بعض الأخبار:
أ – قال رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم): “جعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً، وأيّما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصل”(۲).
ب – قال رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) لأبي ذر: “الأرض لك مسجد، فحيثما أدركتك الصلة فصلّ”(۳).
ج – روى ابن عبّاس أنّ النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) سجد على الحجر(۴).
د – روى أنس بن مالك قال: كنّا نصلّي مع رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) في شدّة الحر، فيأخذ أحدنا الحصباء في يده فإذا برد وضعه وسجد عليه(۵).
ثانياً: يشترط أن يكون المكان الذي يسجد عليه المصلّي مباحاً، فلو كان مغصوباً عيناً أو منفعة فلا يصح السجود عليه.
ثالثاً: يشترط في المكان الذي يسجد عليه أن يكون طاهراً، فلو كان نجساً فلا يصح السجود عليه.
رابعاً: أن لا يكون من جنس المأكول والملبوس، فلو كان منهما فلا يصح السجود عليه في الصلاة(۶).

الشيعة والسجود على التربة الحسينيّة:

حظيت أرض كربلاء باهتمام بالغ عند الشيعة، فهي عندهم أرض مقدّسة، ومن مظاهر تقديسها عندهم السجود على تربتها في الصلاة المفروضة والمندوبة، واتّخاذ أقراص منها في الجوامع والتكايا للسجود عليها.
واتّهم بعض من لا حريجة له في الدين الشيعة بأنّهم اتّخذوا التربة الحسينيّة صنماً يسجدون لها ويعبدونها من دون الله، وهذا من سخف القول، وضحالة الفكر والتردّي في الجهل، فالشيعة تعبد الله تعالى وحده لا تشرك به شيئاً، وإنّما يسجدون على التربة الحسينيّة لقداستها وطهارتها.
ولم يكن سجود الشيعة على التربة الحسينيّة عن تعصّب أو هوى وتقليد، وإنّما هو لأهمية هذه التربة وقداستها، فعلى صعيد هذه التربة سفك دم الإمام الحسين(عليه السلام) والدماء الزكية من أبنائه وأهل بيته وأصحابه من أجل إعلاء كلمة الإسلام.
لقد أضاءت تلك الدماء الزكية طريق الحرية والكرامة لجميع شعوب العالم،وأوّل من صلّى على التربة الحسينيّة هو الإمام زين العابدين(عليه السلام)، وذلك بعدما فرغ من دفن أبيه وأهل بيته وأنصاره، فقد أخذ قبضة من التربة التي وضع عليها الجسد الشريف الذي خرقته سيوف الأمويين وكان يسجد عليها عند الصلاة.
وقال الإمام الصادق(عليه السلام): “السجود على طين قبر الحسين(عليه السلام) ينوّر إلى الأرضين السبعة”(۷).
ومن هنا عرف “فريد” الحكمة من سجود الشيعة على التربة الحسينيّة ووجه مشروعية عملهم، وواصل بحثه حتّى أصبح ممن يسجدون على تربة الإمام الحسين(عليه السلام) عند الصلاة.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(۱) السجود على التربة الحسينيّة، باقر شريف القرشي: ۹ ـ ۱۰٫

(۲) صحيح البخاري ۱: ۱۳، كتاب الصلاة، باب قول النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) جعلت لي الأرض مسجداً.

(۳) صحيح مسلم ۱: ۳۱۰، كتاب المساجد ومواضع الصلاة، حديث ۵۲۰ .

(۴) مستدرك الحاكم ۱: ۴۷۳، السجود على الحجر.

(۵) السنن الكبرى، البيهقي ۲: ۱۰۶، باب من بسط ثوباً فسجد عليه.

(۶) اُنظر: السجود على اتربة الحسينيّة عند الشيعة، باقر شريف القرشي: ۲۳ ـ ۲۵٫

(۷) وسائل الشيعة ۵: ۳۶۵، حديث۶۸۰۶٫

المصدر: مركز الأبحاث العقائدية