نبذة مختصرة عن حياة العالم الشيخ عباس القمي ، أحد علماء قم ، مؤلّف كتاب «مفاتيح الجنان» .
اسمه ونسبه(1)
الشيخ عباس بن محمّد رضا بن أبي القاسم القمّي.
ولادته
ولد حوالي عام 1293ﻫ في قم المقدّسة بإيران.
دراسته وتدريسه
بدأ دراسته للعلوم الدينية في مسقط رأسه، ثمّ سافر إلى النجف عام 1316ﻫ لإكمال دراسته الحوزوية، وكانت له رغبة شديدة بدراسة علوم الحديث، ولإشباع هذه الرغبة لازم المحدّث الميرزا النوري؛ لينهل من علومه في هذا المجال، ثمّ رجع إلى قم عام 1322ﻫ؛ بسبب تدهور وضعه الصحّي، ثمّ انتقل إلى مشهد عام 1331ﻫ، وشرع بإلقاء دروسه في علم الأخلاق بمدرسة الميرزا جعفر للعلوم الدينية عام 1341ﻫ؛ استجابة لطلبات التي وجّهها إليه طلّاب الحوزة العلمية هناك، وشيئاً فشيئاً ازداد عدد الطلّاب الذين يحضرون درسه حتّى بلغوا ألف طالب، ثمّ طلب منه علماء قم العودة إليها؛ لتشييد أركان الحوزة العلمية الفتية فيها والتدريس بها، فاستجاب لطلبهم وعاد إليها، وفي أواخر حياته انتقل إلى النجف، واستقرّ بها حتّى وافاه الأجل.
من أساتذته
1ـ الشيخ محمّد طه نجف، 2ـ شيخ الشريعة الإصفهاني، 3ـ السيّد محمّد كاظم اليزدي، 4ـ الآخوند الخراساني، 5ـ الميرزا محمّد الأرباب، 6ـ الميرزا حسين النوري، 7ـ الميرزا محمّد تقي الشيرازي، 8ـ السيّد مرتضى الكشميري، 9ـ الميرزا حسين الخليلي.
من تلامذته
ما قيل في حقّه
1ـ قال الشيخ حرز الدين في المعارف: «عالم عامل ثقة عدل متتبّع، بحّاثة عصره، أمين مهذّب زاهد عابد، صاحب المؤلّفات المفيدة»(2).
2ـ قال السيّد الأمين في الأعيان: «عالم فاضل صالح محدّث واعظ عابد زاهد»، وقال في موضع آخر: «الثقة العدل الورع الزاهد العابد»(3).
3ـ قال الشيخ المدرّس الخياباني في ريحانة الأدب ما معرّبه: «من أفاضل علماء عصرنا الحاضر، كان عالماً فاضلاً كاملاً محدّثاً متتبّعاً ماهراً»(4).
4ـ قال الشيخ آقا بزرك الطهراني في الطبقات: «عالم محدّث، ومؤرّخ فاضل… فرأيته مثال الإنسان الكامل، ومصداق رجل العلم الفاضل، وكان يتحلّى بصفات تُحبّبه إلى عارفيه، فهو حسن الأخلاق، جمّ التواضع، سليم الذات، شريف النفس، يضمّ إلى غزارة الفضل تُقى شديداً، وإلى الورع زهد بالغاً»(5).
5ـ قال الشيخ النمازي الشاهرودي في المستدرك: «الشيخ العالم، المحدّث الجليل، والعدل الثقة النبيل، صاحب المفاخر والمكارم»(6).
6ـ قال الشيخ محمّد هادي الأميني في المعجم: «فقيه أُصولي محدّث رجالي محقّق متتبّع مؤلّف مؤرّخ ثقة ورع صالح، كثير التحقيق والتصنيف والتتبّع، عُرف بالحزم والصلابة والإيمان والعزم، والعقل السليم، والعلم الناجع، والثقافة الواسعة… واشتغل بالتأليف والترجمة والتصنيف، والتنقّل في خزائن الكتب والمكتبات في إيران والعراق، فكان في حركة مستمرّة من البحث والمناظرة والتأليف باللغتين الفارسية والعربية، وقد تُرجمت مؤلّفاته إلى اللغات الحية، وما زالت مؤلّفاته خالدة»(7).
من صفاته وأخلاقه
1ـ كان يهتمّ بالتدوين والتأليف والترجمة، قال نجله الأكبر حول تعلّق والده بالكتابة: «عندما كنت طفلاً كنت أرى والدي مشغولاً بالكتابة من الصباح إلى المساء دون انقطاع، وحتّى عندما كنّا نسافر إلى خارج المدينة».
2ـ كان يهتمّ بأصدقائه ورفاقه بشكل منقطع النظير، فعندما كان يُرافقهم في السفر كان يهتمّ بهم اهتماماً كبيراً، ويحترمهم ويُعاملهم بالأخلاق الحسنة.
3ـ كان زاهداً في دنياه، مبتعداً عن مظاهر الترف، غير متعلّق بالمظاهر الدنيوية الزائفة، وننقل قصّة عن زهده كنموذج:
في إحدى المرّات جاءته امرأتان من مدينة بومباي الهندية، وأبلغتاه عن رغبتهما بتقديم مبلغ شهري قدره خمس وسبعون روبية، فامتنع الشيخ القمّي عن قبول المبلغ، فاعترض عليه أحد أبنائه، فردّ عليه بشدّة قائلاً: «اسكت، إنّ الأموال التي صرفتها في السابق ولحدّ الآن لا أعرف كيف أُجيب عنها غداً عند الله عزّ وجل، وعند صاحب العصر والزمان(ع)، ولذلك امتنعت عن قبول هذا المبلغ لأن لا أُعرّض نفسي إلى ثقل المسؤولية».
4ـ كان يتواضع للجميع خاصّة العلماء منهم، وكان يُحدّثهم بأحاديث أهل البيت(عليهم السلام)، ويتعامل معهم بأخلاق الأئمّة المعصومين(عليهم السلام)، وكان من عادته أن يجلس حيث ينتهي به المجلس.
5ـ كان لكلامه وخطاباته تأثيراً في نفوس سامعيه، لأنّه عندما كان يدعو الناس إلى الالتزام بإحدى العبادات أو خُلق من الأخلاق، كان يُلزم نفسه أوّلاً ثمّ يدعو الناس إليه، فهو يضع على الدوام نصب عينيه الآية الشريفة: (كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللهِ أَن تَقُولُوا مَا لاَ تَفْعَلُونَ).
6ـ كان ملتزماً بالعبادات المستحبّة، كالنوافل اليومية، وتلاوة القرآن الكريم، وقراءة الأدعية والأذكار الواردة عن الأئمّة(عليهم السلام)، وكذلك إحياء الليل بالعبادة وإقامة صلاة الليل، قال نجله الأكبر: «لا أتذكّر أنّه في ليلة ما تأخّر في النهوض للعبادة حتّى في السفر».
من أولاده
1ـ الشيخ علي محدّث زاده، قال عنه الشيخ محمّد هادي الأميني في المعجم: «عالم فاضل خطيب متكلّم مؤلّف جليل، سار بسيرة والده المحدّث القمّي… ونال مرتبة عالية من الفضل والعلم إلى جانب الورع والتقوى»(8).
2ـ الشيخ محسن محدّث زاده، قال عنه الشيخ محمّد هادي الأميني في المعجم: «مجتهد جليل عالم فاضل ورع مؤلّف متتبّع، متواضع، طيّب الأعراق، عذب المعشر»(9).
من مؤلّفاته
1ـ سفينة البحار ومدينة الحكم والآثار (8 مجلّدات)، 2ـ الكنى والألقاب (3 مجلّدات)، 3ـ منتهى الآمال في تاريخ النبي والآل (مجلّدان)، 4ـ نفس المهموم في مصيبة سيّدنا الحسين المظلوم(ع)، 5ـ اللآلي المنثورة في الأحراز والأذكار المأثورة، 7ـ الفوائد الرجبية فيما يتعلّق بالشهور العربية، 8ـ الفوائد الرضوية في أحوال العلماء الإمامية، 9ـ نفثة المصدور فيما يتجدّد به حزن عاشور، 10ـ الأنوار البهية في تواريخ الحجج الإلهية، 11ـ بيت الأحزان في مصائب سيّدة النسوان(عليها السلام)، 12ـ ذخيرة الأبرار في منتخب أنيس التجّار، 13ـ الدرّة اليتيمة في تتمّات الدرّة الثمينة، 14ـ هداية الأنام إلى وقائع الأيّام، 15ـ كحل البصر في سيرة سيّد البشر(ص)، 16ـ هدية الزائرين وبهجة الناظرين، 17ـ نصاب الصبيان، الفصول العلية في المناقب المرتضوية.
والمترجم منها إلى العربية: 1ـ غاية القصوى في ترجمة العروة الوثقى (مجلّدان)، 2ـ مفاتيح الجنان (غني عن البيان، وموجود في كلّ روضة من الرياض المشرّفة للأئمّة(عليهم السلام)، والمساجد والحسينيات، وفي أغلب البيوت الشيعية)، 3ـ هدية الأحباب في ذكر المعروفين بالكنى والألقاب والأنساب، 4ـ منازل الآخرة والمطالب الفاخرة.
وفاته
تُوفّي(قدس سره) في الثالث والعشرين من ذي الحجّة 1359ﻫ في النجف، وصلّى على جثمانه المرجع الديني السيّد أبو الحسن الإصفهاني، ودُفن بجوار قبر أُستاذه الميرز حسين النوري في حجرة 15 بالصحن الحيدري.
الهوامش
1ـ اُنظر: مستدركات أعيان الشيعة 1 /81، فهرس التراث 2 /347، نفس المهموم: 5، منازل الآخرة: 43.
2ـ معارف الرجال 1 /401 رقم195.
3ـ أعيان الشيعة 7 /425 رقم1444.
4ـ ريحانة الأدب.
5ـ طبقات أعلام الشيعة 15 /998 رقم1498.
6ـ مستدرك سفينة البحار 1 /26.
7ـ معجم رجال الفكر والأدب في النجف 3 /1015.
8ـ المصدر السابق 3 /1158.
9ـ المصدر السابق 3 /1159.
بقلم: محمد أمين نجف
الخلاصة
المترجم له العالم الشيخ عباس القمي ، أحد علماء قم ، ولد في قم ، توفي ودفن في النجف ، مؤلّف كتاب «مفاتيح الجنان» .