السؤال:
كيف يمكن إقناع شخص مادّي بوجود الله عزّ وجل؟
الجواب:
لا بدّ لمن يُريد أن يقنع الآخرين بعقيدةٍ ما (كالاعتقاد بوجود الله تعالى) أن يكون على مستوى عالٍ من المعرفة والثقافة بتلك العقيدة، حتّى يمكنه أن يُؤثّر ويُقنع، وأن تكون له القوّة على ردّ الشبهات والاعتراضات الواردة حول هذه العقيدة التي يُريد طرحها.
فباعتبار أنّ المادّي لا يُؤمن بالأدلّة النقلية ـ من الكتاب والسنّة ـ على وجود الله تعالى، فلا بدّ من ذكر الأدلّة العقلية التي يُؤمن بها، الدالّة على وجوده تعالى، وبعد الإيمان بوجوده تعالى، حينذاك يُمكن أن نُثبت له من خلال الأدلّة النقلية والعقلية وجود الحياة البرزخية، والحياة الأُخروية.
وتعميماً للفائدة، نذكر لكم ما كتبه أحد المؤمنين في هذا المجال:
يقول المادّيون: لا إله، فمَن الموجِد؟
إنّا نرى الأبناء يولدهم الآباء، ونرى النبات تنبته الشمس والماء والتربة، ونرى الحيوان يُخلق من حيوانين، و… أمّا قبل ذلك فلم نرَ شيئاً، فإنّ العمر لم يطل من قبل….
إذاً كلّ قول يُؤيّد الإله ويُؤيّد عدم الإله، يحتاج إلى منطق غير حسّي.
المادّي الذي يقول: لا إله، يحتاج إلى الدليل.
والمؤمن الذي يقول: الله تعالى، يحتاج إلى برهان.
لكنّ الأوّل لا دليل له، فإنّ العين لم ترَ الإله، أمّا أنّها رأت عدمه فلا، وكذا الأُذن، واللمس، وغيرها… .
ومن الهراء: أن يقول أحد: إنّ الصناعة الحديثة دلّت على عدم الإله؟
هل القمر الاصطناعي يدلّ على عدم الإله؟ هل الذرّة تدلّ على عدم الإله؟ هل الكهرباء والصاروخ والطائرة تدلّ على عدم الإله؟
القمر الاصطناعي ليس إلّا كالسكّين الحجري الذي يقولون عنه: صنعه الإنسان البدائي، لا يرتبط هذا ولا ذاك بالإله نفياً أو إثباتاً.
ولنا أن نقول: نفرض أنّ الإله موجود، فما كان حال القمر الاصطناعي؟ بل: القمر الاصطناعي الذي تُصرف عليه الملايين، ويجهد في صنعه أُلوف من العلماء، ثمّ لا ينفع إلّا ضئيلاً، أدلّ على وجود الإله، إذ كيف هذا له صانع وليس للقمر المنير صانع؟!
إنّ مَن يطلب منّا الإذعان بعدم الإله للكون، ثمّ هو لا يُذعن بعدم الصانع للطائرة، مثله كمَن يطلب من شخص أنّ يقول بعدم بانٍ لقصرٍ مشيّدة، ثمّ هو لا يقول بعدم صانعٍ لآخر.
عالم وملحد:
قال الملحد: الحواس خمسة: الباصرة، السامعة، الذائقة، اللّامسة، الشامّة. وكلّ شيء في العالم لا بدّ وأن يُدرك بإحدى هذه الحواس:
فالألوان والأشكال والحجوم، تُدرك بالباصرة.
والأصوات والألحان والكلام، تُدرك بالسامعة.
والطعوم والمذوقات والأطعمة، تُدرك بالذائقة.
والخشونة واليبوسة والرطوبة والحرارة، تُدرك باللّامسة.
والروائح والمشمومات والعطريات، تُدرك بالشامّة.
فمن أين نُثبت وجود الله؟ والحال أنّا لم نره، ولم نسمع صوته، ولم نذق طعمه، ولم نلمس جسمه، ولم نشمّ ريحه؟
فصنع العالِم كرتين إحداهما من حديد والأُخرى من خشب وصبغهما، ثمّ أتى بهما إلى الملحد وقال: أنا أخبرك بأنّ إحدى هاتين الكرتين حديد والأُخرى خشب، اُنظر وعيّن. نظر الملحد، وعجز عن التعيين بالنظر.
قال العالم: فأصغ وعيّن. أصغى الملحد، وعجز عن التعيين بالسمع.
قال العالم: ذق وعيّن. ذاق الملحد، وعجز عن التعيين باللسان.
قال العالم: اشمم وعيّن. شمّ الملحد، وعجز عن التعيين بالأنف.
قال العالم: ألمس وعيّن. لمس الملحد، وعجز عن التعيين باللمس.
ثمّ وضعهما العالم في يد الملحد، وحينذاك أدرك أنّ الأثقل الحديد، فقال: هذا هو الحديد، وهذا الأخفّ هو الخشب.
قال العالم: مَن أخبرك أنّ الأثقل الحديد والأخفّ الخشب؟
قال الملحد: عقلي هو الذي أرشدني إلى ذلك.
قال العالم: فليست المعلومات منحصرة بالحواسّ الخمسة، وإنّ للعقل حصّة مهمّة من العلوم، والله تعالى الذي نقول به إنّما هو معلوم بالعقل، وإن لم يكن مدركاً بالحواس.
فانقطع الملحد، ولم يحر جواباً!
طالب وزميل:
قال الطالب: لا وجود لله إطلاقاً.
الزميل: مَن أين تقول هذا؟ ومَن علّمك؟
الطالب: أمّا مَن علّمني، فما أنت وهذا؟ وأنّا لا أتحاشى من أن أقول: إنّ المدرسة هي التي أوحت إليَّ بهذه الفكرة، وإنّي شاكر جدّاً لها، حيث أنقذتني من التقاليد إلى سعة العلم.
وأمّا من أين أقول، فلأنّي لم أرَ الله، وكلّ غير مرئي لا وجود له.
الزميل: إنّي لا أُريد أن أُناقشك في دليلك الآن، لكن أقول: هل ذهبت إلى الكواكب؟ هل ذهبت إلى القطب؟ هل ذهبت إلى قعر البحار؟
الطالب: كلّا!
الزميل: فإذا قال لك قائل: إنّ الله تعالى في الكواكب، أو في قعر البحر، أو في القطب، فبماذا كنت تجيبه؟
فكّر الطالب ملياً ولم يحر جواباً.
فقال الزميل: إنّ من الجهل أن ينكر الإنسان شيئاً لم يره، أو لم يسمع به، وأنّه لجهل مفضوح.
كان بعض الناس قبل اختراع السيارة والطائرة والراديو والتلفون والتلفاز والكهرباء، إذا حُدّثوا بها أقاموا الدنيا وأقعدوها إنكاراً واستهزاءً على القائل بها، وكانوا يجعلون كلامه مثار ضحك وسخرية!! فهل لهم الحقّ في ذلك؟
كانوا يقولون: لم نرَ هذه الأشياء.
وأنت مثلهم تقول: لم أرَ الله.
الطالب: أشكرك جدّاً على هذه اللفتة العلمية، وإنّي شاكر لك، حيث أخرجتني عن خرافة غرسها في ذهني معلّم جاحد منذ دخلت المدرسة، مفادها أنّ الله طالما لم نره يجب علينا إنكاره، والآن فهمت الحقيقة.
مؤمن ومنكر:
كان عليّ وجميل يتناظران في وجود الله تعالى، فكان عليّ يسرد الأدلّة على الإثبات، وجميل يردّها، أو لا يقبلها.
ولمّا طالت المجادلة بينهما، قال علي: إنّ جارنا من علماء الدين اسمه أحمد، فهلمّ بنا نذهب إليه ونجعله حكماً فيما بيننا.
قبل جميل اقتراح عليّ على كره؛ لأنّه كان يتصوّر أن لا حجّة لمن يقول بوجود الله إلّا التقليد. وذهبا معاً إلى دار العالم للاحتكام إليه، وبعد أن استقرّ بهما المجلس، قال العالم: خير إن شاء الله؟
جميل: أنا وصديقي عليّ تباحثنا حول وجود الله، ولم يتمكّن عليّ من الإثبات، أو بالأحرى، أنا لم أقتنع بأدلّته، فهل الحقّ معي أم معه؟ وأقول ـ قبل كلّ شيء ـ: أنا لا أقتنع بالقول المجرّد، وإنّما أُريد الإثبات، ثمّ إنّي خرّيج مدرسة فلسفية عالية، لا أقبل شيئاً إلّا بعد المناقشة والجدال، وأن يكون الدليل محسوساً ملموساً.
أحمد: فهل لك في دليل بسيط وبسيط جدّاً تقتنع به بدون لفّ ودوران؟
جميل: ما هو؟ هاته.
أحمد: أنا أُخيّرك بين قبول أربعة أشياء، إنّك موجود بلا شكّ، فهل:
۱ـ صنعت نفسك.
۲ـ صنعك جاهل عاجز.
۳ـ صنعك عالم قادر.
۴ـ لم يصنعك شيء.
فكّر جميل ساعة، بماذا يُجيب؟ هل يقول: أنا صنعت نفسي بنفسي، وهذا باطل مفضوح؟ أم يقول: صنعني شيء جاهل، وهذا أيضاً مخالف للحقيقة؟ فإنّ التدابير المتّخذة في خلق الإنسان فوق العقول، فكيف يركّب هذه الأجهزة بهذه الكيفية المحيّرة شيء جاهل؟!
أم يقول: لم يصنعني شيء، وهو بيّن البطلان؟ فإنّ كلّ مصنوع لا بدّ له من صانع.
أم يعترف بأنّه مصنوع لشيء عالم قادر، وحينئذ ينهار كلّ ما بناه من الأدلّة ـ المزعومة ـ بعدم وجود الله تعالى.
وبعد تفكر طويل، رفع رأسه وقال: لا بدّ لي من الاعتراف بأنّي مصنوع لعالم قدير.
أحمد: ومَن هو ذلك العالم القدير؟
جميل: لا أدري.
أحمد: ولكن ذلك واضح معلوم، لأنّ مَن صنعك ليس من البشر، فإنّ البشر لا يقدرون على خلق مثلك، ولا من الجماد، فإنّ الجماد لا عقل له، إذاً هو الله تعالى.
عليّ: هل اقتنعت يا جميل بهذا الدليل؟
جميل: إنّه دليل قوّي جدّاً، لا أظنّ أحداً يتمكّن من المناقشة فيه، وإنّي شاكر لك وللعالم أحمد.
معلّم وتلميذ:
ذهب جماعة من الطلّاب إلى مدرسة إلحادية، وفي اليوم الأوّل من الدوام حضروا الصفّ، وكان في الصفّ منضدة عليها تصوير أحد زعماء الملحدين.
فجاء المعلّم وقال للطلّاب: هل لكم عين، وأين هي؟
وهل لكم أُذن، وأين هي؟ وهل لكم أيدٍ وأرجل، وأين هي؟
قال الطلّاب: نعم، لنا أعين وأُذن وأيد وأرجل، وهي هذه. وأشاروا إلى أعضائهم.
قال المعلّم: هل ترون هذه الأعضاء وتحسّون بها؟
قال الطلّاب: نعم نراها ونلمسها.
قال المعلّم: وهل ترون هذا التصوير على المنضدة؟
قالوا: نعم نراه.
قال المعلّم: وهل ترون المنضدة وسائر ما في الغرفة؟
قالوا: نعم نراها.
عندها قال المعلّم: هل ترون الله، وهل تحسّون به؟
قالوا: لا، لا نرى الله ولا نلمسه.
قال المعلّم: فهو إذاً خرافة تقليدية! إنّ كلّ شيء في الكون نحسّ به ونراه، أمّا ما لا نراه ولا نحسّ به فهو خطأ، يلزم علينا أن لا نعترف به، وإلّا كنّا معتقدين بالخرافة.
وهنا قام أحد التلاميذ، وقال: هل تسمح لي أيّها الأُستاذ بكلمة؟
المعلّم: تفضّل.
التلميذ: أيّها الزملاء، أجيبوا على أسئلتي.
الزملاء: سل.
التلميذ: أيّها الزملاء هل ترون المعلّم؟ هل ترون الصورة الموضوعة على المنضدة؟ هل ترون المنضدة؟ هل ترون الرحلات؟
الزملاء: نعم نرى كلّ ذلك.
التلميذ: أيّها الزملاء، هل ترون عين المعلّم؟ هل ترون أُذن المعلّم؟ هل ترون وجهه؟ هل ترون يده ورجله؟
الزملاء: نعم نرى كلّ ذلك.
التلميذ: أيّها الزملاء هل ترون عقل المعلّم؟
الزملاء: كلّا! لا نرى عقله.
التلميذ: فالمعلّم إذاً لا عقل له، فهو مجنون حسب مقالته؛ لأنّه قال: كلّ ما لا يراه الإنسان فهو خرافة، يجب على الإنسان أن لا يعترف به، وإنّا لا نرى عقل المعلّم، فهو إذاً لا عقل له، ومَن لا عقل له فهو مجنون.
وهنا أُلقم المعلّم حجراً، واصفرّ وجهه خجلاً، ولم ينبس ببنت شفّة، فيما ضحك الطلّاب عليه.
آينشتاين يعترف:
تحاكم جماعة من المادّيين إلى آينشتاين ليروا رأيه بالنسبة إلى وجود الله تعالى وعدم وجوده؟
فأجاز لهم أن يمكثوا عنده (۱۵) دقيقة، معتذراً بكثرة انشغاله، فلا يتمكّن أن يسمح لهم بأكثر من هذا الوقت.
فعرضوا عليه سؤالهم قائلين: ما رأيك في الله؟
فأجاب قائلاً: ولو وفّقت أن أكتشف آلة تمكّنني من التكلّم مع الميكروبات، فتكلّمت مع ميكروب صغير واقف على رأس شعرة من شعرات رأس إنسان، وسألته: أين تجد نفسك؟ لقال لي: إنّي أرى نفسي على رأس شجرة شاهقة! أصلها ثابت وفرعها في السماء.
عند ذلك أقول له: إنّ هذه الشعرة التي أنت على رأسها، إنّما هي شعرة من شعرات رأس إنسان، وإنّ الرأس عضو من أعضاء هذا الإنسان، ماذا تنظرون؟ هل لهذا الميكروب المتناهي في الصغر أن يتصوّر جسامة الإنسان وكبره؟ كلّا!
إنّي بالنسبة إلى الله تعالى لأقلّ وأحطّ من ذلك الميكروب بمقدار لا يتناهى، فأنّى لي أن أُحيط بالله الذي أحاط بكلّ شيء، بقوى لا تتناهى، وعظمة لا تحدّ؟
فقام المتشاجرون من عند آينشتاين، وأذعنوا للقائلين بوجود الله تعالى.