قال سبحانه وتعالى: (ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إنّ في ذلك لآيات لقوم يتفكرون) صدق الله العلي العظيم.
الزواج في الاسلام رباط مقدس ينشأ على الاحترام المتبادل بين الزوجين وهنا يدور بحثنا انمتواضع حول فضل وبركة خدمة الزوج المؤمن لزوجته المؤمنة لماذا التركيز على هذا الموضوع لأننا في الحقيقة رأينا مايدور في أروقة هذ الواقع من ظلم وتسلط بعض الرجال على زوجاتهم مما يجعل تلك النساء الضعيفات حائرات وهن يطلبن الإستغاثة والنجدة من البطش والتعنيف الذكوري …
ولا أبالغ لوقلت أن هناك من الأزواج، من يغضب بسبب وبلا سبب، ويشتمُ زوجته وأهلها، وقد يُجبرُها على حضور الحفلات والسهرات الماجنة، ويُسيءُ لها إذا تأخَّرت بإحضار الطعام، أو تأخرت عن خدمته ولا يُقدِّرُ عملَها وتعبَها طَوالَ النهار وملاحقتَهَا لأولادهما، نظافةً وطعاماً ودرساً ولعباً وتربية… فيبدأ بإصدار أوامرٍ لا تنتهي، كأنَّه ملِكٌ أو سلطانٌ لا يُردُّ سؤالُه!!!
ومن الرجال مَنْ يُشكِّك بزوجته إذا تلفّتت حولَها، أو نظرت من الشباك، أو خرجت من المنزل، أو تأخَّرت قليلاً، مع أنَّ بعضَ الظن إثم. ومنهم مَنْ يتَّهمُ زوجتَه بتُهمٍ دون دليل أو حجَّة… مخالفاً بذلك لشرع الله عزوجل ..
أيها الزوج الكريم: “المرأة ريحانة وليست بقهرمانة” فبما أنها كذلك فإن عليك حقوق وواجبات تجاهها فكن دائما في خدمنها ولا تتحرج في أن تشرك نفسك في مساعدتها وتخفيف معاناة الحياة عنها فأنت لباس لها وهي لباس لك فعليك أن تحترمها وتلبي طلباتها المادية والمعنوية والعاطفية ..
بركة خدمة الزوج لزوجته:
عن رسول الله صل الله عليه وآله وسلم : اذا سقى الرجل إمرأته أجر (كنز العمال )…
وعنه : لا يخدم العيال الا صديق او شهيد او رجل يريد الله به خير الدنيا والاخرة (البحار ج۷۹)…
وعنه : اتقوا الله في الضعيفين : اليتيم والمرأة فإن خياركم خياركم لأهله (البحار ج۷۹)…
وعنه : جلوس المرء عند عياله أحب الى الله من اعتكاف في مسجدي هذا (تنبيه الخواطر )…
وعنه : ان الرجل ليؤجر في رفع اللقمه الى في (فم ) إمرأته (المحجة البيضاء )…
وعن الامام الصادق عليه السلام : من حسن بره بأهله زاد الله في عمره (البحار ج۱۰۳)…
دع زوجتك تشعر بالأمان:
إن الزوجة هي الصديق الأقرب للزوج ، وليست مجرد وسيلة للمتعة فقط ، كما أنها ليس مجرد خادمة تطبخ وتغسل وتكنس وتنظف وغير ذلك ، وكأنها آلة لا تمل ولا تكل .
فلا تكن الزوج الذي يبخل بكلمة تقدير أو تشجيع على ما تقوم به الزوجة من إنجازات تقع تحت مسؤوليتها ، وكأنك تنتظر أن يأتي أحد من خارج المنزل ليقيِّم جهودها الخفية التي لا يطلع عليها أحد غيرك .
كما لا تبخل بكلمات الشكر على ما تقدمه لك ، ولو كان ذلك من مستوى تقديم القهوة أو الماء ، فإن ذلك لو فعله أحد أصدقائك لشكرته وأثنيت ، فكيف بزوجتك وهي أقرب أصدقائك إليك وهذ السلوك يجلها نشعر بالأمان والاطمئنان النفسي .
يحكى أن امرأة قروية كانت تصنع الطعام لرجال عشيرتها مدة عشرين عاماً دون أن تسمع منهم كلمة تقدير واحدة ، وذات يوم أبدلت الطعام بعلف للماشية ، وإذا بصرخات الغضب ترتفع في وجهها ، فقابلت تلك الصرخات بقولها : ما كنت أحسب أنكم تميزون بين الطعام والعلف ، فإني لم أسمع منكم طوال عشرين عاماً كلمة شكر تدل على إنسانيتكم .
فاعتبر أيها الزوج الكريم ولا تكن كأولئك القرويين ، تغض الطرف عن الجهود العظيمة ، وتنتقد أدنى خطأ أو تقصير . فالمطلوب أن تحترم مشاعر شريكة الحياة وتبذل من أجلها كل غال وتفيس ..
حق الزوجة في رسالة الحقوق:
يتطرق الإمام زين العابدين ( عليه السلام ) في رسالة الحقوق لحق الزوجة ، ويلقي أضواء إضافية على حقها المعنوي المتمثل بالرحمة والمؤانسة ، فيقول ( عليه السلام ) : ( وَأمَّا حَقّ رَعيَّتك بِملك النِّكاحِ ، فأنْ تَعلَمَ أنَّ اللهَ جعلَهَا سَكناً ومُستَراحاً وأُنساً وَوِاقِية ، وكذلك كُلّ واحدٍ مِنكُما يَجِبُ أنْ يَحمدَ اللهَ عَلَى صَاحِبِه ، ويَعلَمَ أنَّ ذَلِكَ نِعمةً مِنهُ عَلَيه . وَوَجَبَ أن يُحسِنَ صُحبَة نِعمَةِ اللهِ ، ويُكرمَهَا ، ويرفقَ بِها ، وإنْ كانَ حَقُّك عَلَيها أغْلَظَ ، وطَاعَتُك بِها ألزَمَ ، فِيمَا أحبَبْتَ وكرهْتَ ، ما لَم تَكن مَعصِية فإنَّ لَهَا حَقَّ الرَّحمَةِ والمُؤَانَسةِ ولا قُوَّة إلاَّ بالله ) .
والتمعُّن في هذه السطور يظهر لنا أن الرابطة الزوجية هي نعمة كبرى تستحق الشُّكر اللَّفظي ، بأن يحمد الله تعالى عليها ، وتستوجب الشكر العملي ، بأن يكرم المرء زوجته ، ويرفق بها ، ويعاملها باللطف والرحمة ، ويعقد معها صداقة حقيقية ، كما يعقد أواصر الصداقة مع الآخرين .
أما لو تصرَّف معها بالعُنف ، وأحصى عليها كلّ شارِدة ووارِدة ، فسوف يقطع شرايينَ الودّ والمحبَّة معها ، ويكون كَسِكِّين حادة تقطع رباط الزوجية المقدَّس .
ولقد بين الإمام الصادق ( عليه السلام ) بكل وضوح السياسة التي يجب على الزوج اتِّباعها لاستِمالة زَوجتِه ، وعدم قَطع حبال الودِّ معها .فقال ( عليه السلام ) : ( لا غِنَى بالزَّوجِ عَن ثلاثَةِ أشياءٍ فِيمَا بَينَه وبَين زَوجَتِه ، وهي : الموافَقَة ، ليَجتلِبَ بِها مُوافقَتها ومَحبَّتها وهَواهَا ، وحُسن خُلقِه مَعها واسْتِعمَاله استمَالَةَ قَلبِهَا بالهَيئة الحَسَنة في عَينِها ، وتوسِعته عَلَيها ) .
ومن الجدير ذكره أن هذه الأقوال ، ليست – مجرد – كلمات تنشر في الهواء يُطلقها الأئمة ( عليهم السلام ) من أجل الموعظة ، بل جسَّدها أهل بيت العصمة بحذافيرها على صعيد الواقع العملي.
أقول: يا رجال صارحوا نساءكم بالحقيقة ولا تكذبوا عليهن, واعلموا أن الكلمة أمانة وأن المرأة أمانة , وأنه لا دين لمن لا أمانة له , فالله تعالى يراقبكم ورسوله الكريم يحبكم إذا أكرمتم حلائلكم وروجاتكم كيف لا وهو القائل “ماأكرمهن ‘إلا كريم وما أهانهن إلا لئيم وقال صلى الله عليه وآله: “خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي ” .
همسة من القلب للأزواج الرجال :
ليكن معلوما للزوج تمام العلم أن الإسلام أمره أن يرعى زوجتَه حق رعايتها.وأن يكون لها أرضا ذليلة وسماء ظليلة,وأن يكون لها قلبا عاشقا ويدا معطاءة,وأن يشكرها على حسن تدبيرها خاصة في خدمة الزوج والبيت والأولاد , وأن يلفت نظرها للخطأ –برقة-إذا لمس منها بعضَ التقصير والإهمال ,وأن يشعرها دائما بأنها أحلى النساء في عينيه وبأنها تزداد كل يوم حسنا وجمالا، وأن حياتَه بدونها لا تساوي شيئا,وأن يدفعها إلى صلة الرحم وأن يجعل أسرتَها أسرته , وأن يعجب بأكثر ما تعجب به,وأن يشاركها في هواياتها إن كانت لها هوايات, وأن يبدو وهو بعيد عنها كما يبدو وهو أمامها,وأن يركز كل عواطفه في زوجته وبيته , وأن يحاول إشعال عواطف زوجته دائما بإظهار حبه لها وخوفه عليها وتأكيده لها بأنها دنياه وبأنه يسأل الله أن تكون زوجته كذلك في الآخرة,وأن يجعل مصروفاته الشخصية في أضيق الحدود,بحيث يفكر في أهله قبل أن يفكر في نفسه,وأن يتعاون مع زوجته على تربية الأولاد , وأن يبذل ما استطاع من الجهود لكي يجعل زوجته وأولاده في حالة عالية من الرضى ,وأن يكون قدوة صالحة في البيت وخارجه ..