بسم الله الرحمن الرحيم
حفل (التبيان) بالمزيد من النماذج التفسيرية التي اعتمد فيها الشيخ الطوسي(*) منهج تفسير القرآن بالقرآن، ضمن تبنّيه الاتجاه الأثري في التفسير والذي يشكل تفسير القرآن بالقرآن أحد أهم دعائمه، وليؤكد، من خلال انتهاجه لهذه المنهجية، اعتماده في التفسير على اتجاهات ثلاث، تميّز فيها تفسير التبيان هي:
1 ـ اتجاه التفسير بالأثر (المنقول).
2 ـ اتجاه التفسير بالرأي (المعقول).
3 ـ الاتجاه اللغوي.
ليطل بذلك على المكتبة القرآنية بأقدم محاولة تفسيرية كاملة لدى الشيعة الإمامية، خصوصاً وان صاحبها أحد أعلام التشيع ومؤسس الحوزة العلمية في النجف الأشرف، والتي يمتد تاريخها إلى ما يقرب من ألف عام، حيث تخرّج منها، طوال عمرها المبارك، كبار الفقهاء المجتهدين، ومشاهير العلماء، والكتاب، والأدباء، والمحققين.
تشهد كتب التفسير القديمة والحديثة على ان هذا اللون من التفسير قد مارسه المفسرون القدامى والمحدثون، بل واعتبره العلماء أول الطريق في تفسير القرآن الكريم التي ينبغي للمفسر أن يسلكها وينتهجها عند آية محاولة تفسيرية لكتاب الله، وبذلك قالوا: من أراد تفسير الكتاب العزيز طلبه أولا من القرآن، فان أعياه ذلك طلبه من السنة، فأنها شارحة للقرآن وموضحة له(1).
وكان رسول الله (صلى الله عليه وآله) أول من عمد إلى هذا السبيل، فانتهجه حيث كان يستعين ببعض آيات القرآن الكريم ليشرح بها البعض الآخر، ومن ذلك تفسيره (صلى الله عليه وآله) للظلم في قوله تعالى: (ولم يلبسوا إيمانهم بظلم) بالشرك واستدل بقوله تعالى (ان الشرك لظلم عظيم)(2).
وبهذا يكون رسول (صلى الله عليه وآله) قد أرسى لمن بعده من الصحابة والتابعين، ومن يأتي بعدهم قواعد منهج تفسيري لا يستغني عنه أي مفسر، وفعلاً، فلقد شهد عصر الصحابة مثل هذا اللون من التفسير، فيقول الذهبي: (وهو ـ يعني تفسير القرآن بالقرآن ـ ما كان يرجع إليه الصحابة في تعرف بعض معاني القرآن)(3).
وقد درج الصحابة على هذا المنوال حيث كانوا يستعينون بالقرآن لتفسير القرآن. وإلى هذا أشار ابن كثير في تفسيره.
فقال في معنى قوله تعالى: (وفصاله في عامين) أن جماعة من الصحابة استنبطوا أن اقل مدة للحمل ستة أشهر لقوله تعالى (وحمله وفصاله ثلاثون شهراً)(4).
ويقول ابن عباس في تفسيره لقوله تعالى: (ربنا امتنا اثنتين وأحييتنا اثنتين) بأنهم كانوا أمواتاً في أصلاب آبائهم، أو كانوا تراباً قبل أن يخلقوا فهي ميتة، ثم أحياها فهذه احياءة، ثم يميتهم الميتة، التي لابدّ منها في الدنيا وهي ميتة أخرى، ثم يحييهم يبعثهم يوم القيامة، وهذه احياءة أخرى وعلى هذا تحصل ميتتان وحياتان، فهو قول الله تعالى (كيف تكفرون بالله وكنتم أمواتاً فأحياكم ثم يميتكم ثم إليه ترجعون)(5).
بعد عصر الصحابة تابعهم التابعون على نفس المنهج التفسيري، حيث كانوا يفسرون بعض آيات القرآن الكريم، بآيات كريمة أخرى، ومن ذلك تفسير قوله تعالى: (هل أتاك حديث الغاشية)(6).
فعن محمد بن كعب القرطبي وسعيد بن جبير أن الغاشية هي النار تغشى وجوه، الكفار، وهو قوله تعالى (تغشى وجوههم النار)(7).
ويأتي اهتمام المفسرين لهذا اللون من التفسير؛ لأنّ القرآن وكما قال عنه الإمام علي (عليه السلام) ينطق بعضه ببعض ويشهد بعضه على بعض(8).
وبهذا يقول الزمخشري مادحاً لهذا النوع من التفسير: أسّدُّ المعاني ما دلَّ عليه القرآن(9).
ويقول ابن تيمية: ان أصح الطرق في ذلك ـ ان يفسر القرآن بالقرآن فما اجمل في مكان قد فسر في موضع آخر، وما اختصر في مكان فقد بسط في موضع آخر(10).
تفسيره للآية بالآية
اعتمد الشيخ الطوسي هذا الأسلوب في تفسيره لآيات الكتاب المبين، فنراه أحياناً يفسر مفردة قرآنية بجمع القرائن الدالة على معناها، من خلال جمعه لعدد من الآيات التي تشكل بمجموعها دليلاً قاطعاً على المراد، كما نجده أحياناً يثبت حكماً شرعياً تنص عليه آية بضمه آيات أخرى إليها فتتكامل الصورة الدالة على الحكم من خلال آيات قرآنية متفرقة يعمل الطوسي على جمعها في المورد، كما يستعين بالآيات القرآنية أحياناً في دعم رأي له أوردّ آراء غيره من المفسرين عندما يراهم قد ابتعدوا في تفسيرهم عن الصواب كما يحاول في مناسبات عديدة أن يحل أشكالاً ظاهرياً أو تناقضاً بدوياً بين بعض الآيات القرآنية، وبهذا يكون الطوسي قد استفاد من القرآن أيّما استفادة في شرحه لمعاني الآيات ومفاهيمها، وهنا نورد جملة من الشواهد التي تؤكد انتهاجه لهذا النوع من التفسير، فهو عند تفسيره لكلمة الرب في قوله تعالى (الحمد لله رب العالمين(11).
أما الرب فله معان في اللغة، في اللغة، فيسمى السيد المطاع ربّاً، ومنه قوله تعالى: (أما أحدكما فيسقي ربّه خمراً)(12) يعني سيده، ومنه قيل: رب ضيعة، إذا كان يحاول إتمامها، والربانيون(13) من هذا حيث كانوا مدربين لهم.
وقوله (رب العالمين) أي المالك لتدبيرهم والمالك للشيء يسمى ربه، ولا يطلق هذا الاسم إلا على الله، أما غيره فيقيّد فيقال: رب الدار، وقيل انه مشتق من الربية، ومنه قوله (وربائبكم اللائي في حجوركم)(14).
ومتى قيل في الله: انه رب بمعنى انه سيد فهو من صفات ذاته، وإذا قيل بمعنى انه، مدبر مصلح، فهو من صفات الأفعال(15).
وعند تفسيره للختم في قوله: (ختم الله على قلوبهم وعلى أبصارهم غشاوة ولهم عذاب عظيم)(16).
قال الشيخ الطوسي: و (ختم الله على قلوبهم) أي شهد عليها بأنها لا تقبل الحق يقول القائل: أراك تختم على كل ما يقول فلان، أي تشهد به وتصدقه.
وقيل المعنى في ذلك أنه ذمهم بأنها كالمختوم عليها في إنها لا يداخلها الإيمان ولا يخرج منها الكفر.
والختم آخر الشيء ومنه قوله تعالى (ختامه مسك)(17) ومنه (خاتم النبيين)(18) أي آخرهم(19).
وعند تفسيره لكلمة (استوى) في قوله تعالى (ثم استوى إلى السماء فسواهم سبع سماوات)(20).
قال المفسر: وقال قوم: معنى (استوى) أي استولى على السماء بالقهر كما قال (لتستووا على ظهوره)(21) أي تقهروه.
ومنه قوله تعالى (ولما بلغ أشدّه واستوى)(22) أي تمكن من أمره وقهر هواه بعقله فقال (ثم استوى إلى السماء) في تفرده بملكها ولم يجعلها كالأرض ملكاً لخلقه(23).
وعند تفسيره (للظلم) في قوله تعالى (فتكونا من الظالمين)(24). قال الطوسي: وأصل الظلم انتقاص الحق لقوله تعالى: (كلتا الجنتين آتت أكلها ولم تظلم منه شيئاً)(25) أي لم تنقص، وقيل: أصله وضع الشيء في غير موضعه من قولهم: (من يشابه أباه فما ظلم) أي فما وضع الشبه في غير موضعه، وكلاهما مطرد وعلى الوجهين فالظالم اسم ذم، ولا يجوز ان يطلق إلا على مستحق اللعين لقوله: (إلا لعنة الله على الظالمين)(26).
وقوله (إنّي كنتُ من الظالمين)(27) حكاية عن يونس من حيث بخس نفسه الثواب بترك المندوب إليه(28).
وعند تفسيره لقوله تعالى: (وإذ فرقنا بكم البحر فأنجيناكم وأغرقنا آل فرعون وأنتم تنظرون)(29). قال في معنى الفرق:
والفرق:
والفرق للطائفة من كل شيء، ومن الماء إذا انفرق فرق، وقوله (فكان كل فرق كالطود العظيم)(30)
يعني الفرق من الماء، والفريق الطائفة من الناس، والفرقان: اسم القرآن، وكل كتاب انزل الله، وفرق به بين الحق والباطل فهو فرقان، وسمى الله التوراة فرقاناً، وقوله (يوم الفرقان يوم التقى الجمعان)(31) كان يوم بدر ويوم أحد، فرق الله بين الحق والباطل.
وقوله: (وقرآناً فرقناه)(32) معناه أحكمناه كقوله (فيها يفرق كل أمر حكيم)(33) وتقول: مفرق ما بين الطرفين(34).
وعند تفسيره لكلمة العقاب في قوله تعالى: (واعلموا ان الله شديد العقاب)(35) حاول الشيخ الطوسي ان يجمع ما تشابه في اللفظ مع العقاب، واستشهد لبيان ذلك بآيات من القرآن الكريم، فقال في معرض شرحه لمعنى العقاب: عقب الشيء بمعنى خلف بعد الأول، واعقب أعقاباً، وتعقب الرأي تعقباً. (والعاقبة للمتقين)(36) أي الآخرة. (ونردّ على أعقابنا)(37) أي نعقب بالشر بعد الخير، العقبة: ركوب أعقبه الشيء و(له معقبات)(38) ملائكة الليل تخلف ملائكة النهار، وعقب الإنسان: نسله وعقبه مؤخر قدمه، والعقاب: الطائر (ولا معقب لحكمه)(39) أي لا راد لقضائه(40).
وقد يتوسع الشيخ الطوسي ويسهب في شرح بعض المفردات القرآنية، ويأتي بالشواهد القرآنية العديدة على توضيح المعنى المراد كما في قوله تعالى: (والله سريع الحساب)(41) فقال: يعني في السيال على جهة إخلاء المكان منه، واصله الخلو، وإنما قيل (افرغ علينا صبراً) بشبيهاً بتفريغ الإناء من جهة انه نهاية ماتوحيه الحكمة، كما أنه نهاية ما في الواحد من الآنية.
وقوله (سنفرغ لكم أيُّها الثقلان)(42) معناه سنعمد، لأنه عمل مجرد من غير شاغل.
ومنه قوله تعالى (واصبح فؤاد أم موسى فارغاً)(43) أي خالياً من الصبر، والفرغ مفرع الدلو(44) ومثل هذه الإطالة النافعة نجدها في تفسير الشيخ الطوسي لكلمة الإعصار في قوله تعالى:
(أيود أحدكم أن تكون له جنّة من نخيل وأعناب تجري من تحتها الأنهار، له فيها من كل الثمرات وأصابه الكِبَرُ وله ذُريّة ضعفاء، فأصابها إعصارٌ فيه نارٌ فاحترقت)(45) فقال: وقوله (فأصابها إعصارٌ فيه نار فاحترقت) فالعصر عصر الثوب ونحوه من كل شيء رطب عصرته عصراً فهو معصور.
والعصر: الدهر في التنزيل (والعصر انّ الإنسان لفي خسر)(46) والعصر العشى، ومنه صلاة العصر، العصر، لأنها تعصر ان تؤخر كما يؤخر الشيء بالتعصر فيه.
والعصر النجاة من الجدب، ومنه قوله تعالى: (فيث يُغاثُ الناسُ وفيه يعصرون)(47) لأنه كعصر الثوب في الخروج من حال إلى حال.
والإعصار غبار يلتف بين السماء والأرض كالتفاف الثوب في العصر، والمعصرات السحب ومنه قوله تعالى (وأنزلنا من المعصرات ماء ثجاجاً)(48).
كما نجد شيخنا الطوسي يطيل في توضحه لكلمة (الهوى) في قوله تعالى (كلما جاءهم رسولٌ بما لا تهوى أنفسهم فريقاً كذّبوا وفريقاً يقتلون)(49).
فقال: والهوى هو لطيف محل الشيء من النفس مع الميل إليه بما لا ينبغي، فلذلك غلب على الهوى صفة الذم، كما قال تعالى (ونهى النفس عن الهوى، فان الجنة هي المأوى)(50) ويقال منه هوى. ويهوي، ويقال هو يهوي هوياً، إذا انحطّ في الهواء (وأمه هاوية)(51) أي جهنم، لأنه يهوي فيها.
وقوله (وأفئدتهم هواء)(52) قيل فيه قولان:
أحدهما: أنها منحرفة لا تقي شيئاً كهواء الجو.
والآخر: انه قد إطارها الخوف.
ومنه قوله: (كالذي استهوته الشياطين في الأرض حيران)(53) أي استهوته من هوى النفس(54). وقد يعمد المفسر أحياناً إلى تسليط الأضواء على جوانب من المفردة القرآنية ويشبعها بحثاً بعد أن يجمع الأشتات، فيكوّن منها صوراً مختلفة، قد تتباين أحياناً لتؤدي أكثر من معنى من خلال استعمالات متعددة، يقضيها طبيعة السياق والصياغة القرآنية، كما في قوله تعالى: (فلنسألنّ الذين أُرسل إليهم ولنسألنّ المرسلين)(55).
إذ نجد الشيخ الطوسي يثير أشكالاً على النص بغية استجلاء الحقيقة وإبرازها فيقول: فان قيل كيف يجمع بين قوله (لا يسأل عن ذنوبهم المجرمون)(56) وقوله (فلنسألنّ الذين أُرسل إليهم) ثم يجيب الطوسي عن هذا الإشكال الذي افترضة بقوله: قلنا فيه قولان:
أحدهما: أنه نفى أن يسألهم سؤال استرشاد واستعلام، وإنما يسألهم سؤال توبيخ وتبكيت.
والثاني: تتقطع المسألة عند حصولهم على العقوبة، كما قال (فيومئذ لا يسأل عن ذنبه أنس ولا جان)(57) وقال في موضع آخر (وقفوهم أنهم مسؤولون)(58) والوجه ما قلناه أنه يسألهم سؤال توبيخ قبل دخولهم في النار، فإذا دخلوها انقطع سؤالهم(59) ثم يأتي الشيخ الطوسي بالعديد من الآيات الكريمة التي تعرضت لموضوع السؤال فيصنفها تصنيفاً ويضع كلاًّ منها في مكانه الطبيعي الذي تتجلا من خلاله روعة النص القرآني وأسلوب التعبير الفني الذي جاءت به الآيات البينّات فيقول:
وقوله: (لا يسأل عن ذنوبهم المجرمون)(60) المراد به لا يسألون سؤال استعلام واستخبار ليعلم ذلك من قولهم؛ لأنه تعالى عالم بأعمالهم قبل خلقهم، وأما قوله (فلنسألن الذين أرسل إليهم ولنسئلن المرسلين) وقوله (فوربّك لنسألنّهم أجمعين عمّا كانوا يعملون)(61) فهو مسألة توبيخ وتقريع كقوله (ألم أعهد إليكم)(62) وسؤاله للمرسلين ليس للتوبيخ ولا لتقريع، لكنه توبيخ للكفار وتقريع لهم أيضاً، وأما قوله (فلا أنساب بينهم يومئذٍ ولا يتساءلون)(63) فمعناه سؤال تعاطي واستخبار عن الحال التي جهلها بعضهم لتشاغلهم عن ذلك، وقوله (وأقبل بعضهم على بعض يتساءلون)(64) فهو سؤال توبيخ وتقريع وتلاؤم، كما قال (وأقبل بعضهم على بعضٍ يتلاومون)(65).
وهكذا نجد الشيخ الطوسي يعطي الكلمة القرآنية حقها في التوضيح، كما ويحل أي تناقض يدوّي بتوهمه القارئ لهذه الآيات المباركة، وقد يستعين مفسرنا ببعض الآيات القرآنية الكريمة، ليفرق بين كلمتين متشابهتين في اللفظ ومتغايرتين في المعنى، كما في كلمتي الريح والرياح، فيورد الطوسي حديثاً شريفاً يوضح الفرق بينهما، ثم يردف ذلك بعدد من النصوص القرآنية التي تفيد التمييز بين هذين اللفظين فيقول:
ان النبي (صلى الله عليه وآله) كان يقول إذا هبت ريح (اللهم اجعلها رياحاً ولا تجعلها ريحاً) وهذا يوضح أن لفظ الرياح دلالة على السقيا والرحمة كقوله (وأرسلنا الرياح لواقح)(66) وقوله (ومن آياته أن يرسل الرياح فتثير سحاباً فيبسطه في السماء)(67). وما جاء بخلاف ذلك كقوله (وفي عاد إذ أرسلنا عليهم الريح العقيم)(68). وقوله (وأما عاد فأهلكوا بريح صرصرٍ)(69) وقوله (بل هو ما استعجلتم به ريح فيها عذاب أليم)(70).
كما يستعين المفسر بآيات القرآن الكريم لحل أشكال، قد يرد حول عدد من الآيات التي تبدو كأنها متناقضة أو مختلفة النتائج، ومن ذلك قوله في تفسيره للآية الكريمة (فقضاهن سبع سماواتٍ في يومين وأوحى في كل سماءٍ أمرها وزيّنا السماء الدنيا بمصابيح وحفظاً ذلك تقدير العزيز العليم)(71).
قال الطوسي: فإن قيل قوله: (خلق الأرض في يومين)(72) وخلق الجبال والأقوات في أربعة أيام(73) وخلق السماوات في يومين يكون ثمانية أيام، وذلك مناف لقوله (ان ربكم الله الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام)(74).
قلنا: لا تنافى بين ذلك لأنه خلق السماوات والأرض، وخلق الجبال والأشجار والأقوات في أربعة أيام، منها اليومان المتقدمان، كما يقول القائل خرجت من البصرة إلى بغداد في عشرة أيام، ثم إلى الكوفة في خمسة عشر يوماً، أي في تمام هذه العدة، ويكون قوله (فقضاهن سبع سماوات في يومين) (75).
تمام ستة أيام، وهو الذي ذكره في قوله في ستة أيام، وزال الأشكال(76).
وهكذا نجد الشيخ الطوسي يجمع الأشتات فيوحد بينها ويعطي الصورة القرآنية وجهها الصحيح مزيلا لما يعلق في الذهن من لبس أو أشكال، وهو منهج سليم يفسر فيه الطوسي القرآن بالقرآن، ويوضح معاني آياته بآيات آخر.
مثل هذا التوضيح كان الطوسي، قد اضغاه على قوله تعالى (الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله، ألا بذكر الله تطمئن القلوب)(77). فقال ووصف الله تعالى ههنا المؤمن بأنه يطمئن قلبه إلى ذكر الله، ووصفه في موضع آخر بأنه إذا ذكر الله وجل قلبه(78) لأن المراد بالأول أنه يذكر ثوابه وإنعامه فيسكن إليه، والثاني يذكر عقابه وانتقامه فيخفاه ويجل قلبه(79)، وبذلك أبعد الشيخ الطوسي أية منافاة بين الآيتين الكريمتين. كما يستعين الشيخ الطوسي بالقرآن الكريم في ردّه على أقوال المفسرين والفرق الأخرى كأهل الحشو، حينما يوردون شبهة أو وجهاً لا يرى فيه صواباً، عندها يستشهد بآيات من القرآن الكريم، فيدحض كل ما أوردوه ومن ذلك قوله في (عبس وتولى)(80) بعدما فسرها البعض بأن المراد به النبي (صلى الله عليه وآله) يوم جاءه الأعمى عبد الله ابن أم مكتوم، فردّهم الطوسي قائلاً: وهذا فاسد، لأن النبي (صلى الله عليه وآله) قد أجل الله قدره عن هذه الصفات، وكيف يصفه بالعبوس والتقطيب، وقد وصفه بأنه (على خلقٍ عظيم)(81). وقال (ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك)(82).
كيف يعرض عمن تقدم وصفه مع قوله تعالى (ولا تطرد الذين يدعون ربّهم بالغداة والعشي يريدون وجهه)(83).
وهكذا يستشهد الطوسي بالقرآن لينفي شبهة أو يدحض رأياً فاسداً، لأن القرآن أقوى حجة يمتلكها مناظر أو مجادل.
وقد يستدل الشيخ الطوسي بآيات القرآن الكريم لإثبات حكم شرعي، أو موقف إسلامي تشير إليه آية ما، كما فعل مع قوله تعالى (لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ومن يفعل ذلك فليس من الله في شيء إلاّ أن تتقوا منهم تقاة ويحذرهم الله نفسه وإلى الله المصير(84).
فقال: وفي الآية دلالة على أنه لا يجوز ملاطفة الكفار.
قال: ابن عباس: نهى الله سبحانه المؤمنين أن يلاطفوا الكفار، قال تعالى (يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم لا يألونكم خبالاً)(85) وقال: (لا تجد قوماً يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادّون من حادّ الله ورسوله)(86) وقوله تعالى: (فلا تقعد بعد الذكرى مع القوم الظالمين)(87) وقال (وأعرض عن الجاهلين)(88). وقال تعالى (يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين وأغلظ عليهم)(89).
وقال تعالى (يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فانه منهم)(90). وكل ذلك يدل على أنه ينبغي أن يعاملوا بالغلظة والجفوة دون الملاطفة والملاينة إلا ما وقع من النادر لعارض من الأمر(91).
والطوسي هنا يسوق العديد من الآيات القرآنية الكريمة دون تعليق مفصل، لأن جملة الآيات تعطي تصوراً واضحاً عما يجب أن تكون عليه العلاقة بين المؤمنين والكفار، وبهذا المنهج استطاع المفسر أن يوضح الكثير من المفاهيم، ويحدد جملة من الأحكام الشرعية ومثل ذلك نجده يصنع في تفسيره لقوله تعالى (وجزاء سيئةٍ سيئةٌ مثلها فمن عفا واصلح فأجره على الله أنه لا يحب الظالمين)(92).
فيقول: (قال جزاء سيئة سيئة مثلها) قال أبو نجيح والسدي: معناه إذا قال أخواه الله متعدياً قال فله مثل ذلك أخواه الله، ويحتمل أن يكون المراد ما جعل الله لنا إلاّ الاقتصاص منه من (النفس بالنفس والعين بالعين، والأنف بالأنف، والأذن بالأذن، والسن بالسن والجروح قصاص)(93). فان للمجني عليه أن يفعل بالجاني مثل ذلك من غير زيادة وسماه سيئة للازدواج، كما قال (وان عاقبتم فعاقبو بمثل ما عوقبتم به)(94). وقال: (فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم)(95).
وقد أكثر الشيخ الطوسي من الاستشهاد بالآيات القرآنية في تفسيره لآيات أخرى ومن خلال متابعتنا للتبيان، لم نجده يفوّت فرصة يمكن أن يستثمر بها آية قرآنية لشرح أخرى، إلاّ وفعل.
اعتماده مبدأ السياق والنظم في القرآن
استعان الشيخ الطوسي بنظم الآيات القرآنية والعلاقة القائمة بين الآيات السابقة والآيات اللاحقة لاستجلاء الكثير من المعاني، واستطاع من خلال عملية الربط بين الآيات المتجاورة ضمن السياق القرآني أن يبرز مفهم ما كان بمقدوره أن يوصله إلى ذهن القارئ، بغير عملية الربط هذه بين الآية وما سبقها من الآيات، وهذا ما يؤكد اهتمام المفسر بمبدأ السياق باعتباره أحد القرائن الحالية في فهم الكلام(96).
أو لا بد للمفسر من أن يبحث عن كل ما يكشف اللفظ الذي يؤيد فهمه من دوال أخرى سواء كانت لفظية كالكلمات التي تشكل مع اللفظ الذي يريد فهمه كلاماً مترابطاً، أو حالياً كالظروف والملابسات التي تحيط بالكلام، وتكون ذات دلالة في الموضوع(97).
وحينما يغفل المفسر سياق الآيات القرآنية وطريقة الصياغة والنظم المسلسل الذي جاءت به تلك الآيات، فمن الطبيعي أن يقع في مطبات ضخمة أثناء تفسيره للنصوص القرآنية وكما حصل للمجبّرة حين اقتطعوا نصاً قرآنياً وفسروه بعيداً عن مبدأ الأخذ بالساق فقالوا في تفسير قوله تعالى (والله خلقكم وما تعملون)(98) أن ذلك يدل على أن الله خالق لأفعالنا(99).
في حين أن الملاحظ في السياق أنها جاءت حكاية لقول إبراهيم مع قومه واستنكاره لعبادتهم الأصنام والتي هي أجسام والله تعالى هو المحدث لها(100).
وكذلك الحال في قوله تعالى: (ذق انك أنت العزيز الحكيم)(101) إذ كانت تدل بسياقها على أنه الذليل الحقير(102). من هنا فان ملاحظة السياق والتناسب والترابط بين الفصول والمجموعات القرآنية ضرورية ومفيدة جداً في فهم مدى القرآن ومواضيعه وأهدافه(103).
ولذلك فان الشيخ الطوسي يستعين بنظم الآيات القرآنية وأسلوب صياغتها لتعيين بعض المعاني والكشف عن المقاصد والنكات القرآنية أو دعم ما يتبناه من رأي تفسيري، وقد احتوى التبيان على شواهد عديدة كان يؤكد فيها المفسر على العلاقة القائمة بين الآيات ويستخرج منها معنى أو مفهوماً فقال: أن وجه اتصال قوله تعالى (ولا يظلمون فتيلاً) بما قبله أنه لما قال (بل الله يزكّي من يشاء)(104) نفي عن نفسه الظلم لئلا يظن أن الأمر بخلافه(105).
وقال أيضاً: عندما قرأ (من يطع الرسول فقد أطاع الله ومن تولى فما أرسلناك عليهم حفيظاً)(106).
ووجه اتصال هذه الآية بما قبلها، انه لما ذكر الحسنة التي هي نعمة من الله، بين أن منها إرسال نبي الله، ثم بين أن منها طاعة الرسول التي هي طاعة الله فهي في ذكرك نعم الله مجملة ومفصلة، وفيها تسلية للنبي (صلى الله عليه وآله) في تولي الناس عنه وعن الحق الذي جاء به مع تضمنها تعظيم شأنه يكون طاعته طاعة الله(107).
وذكر الطوسي بعد قراءته الآية الكريمة: (واتل عليهم نبأ ابني آدم بالحق إذ قرّبا قُرباناً فتقبّل من أحدهما ولم يتقبّل من الآخر قال لا قتلنّك قال إنما يتقبّل الله من المتقين)(108).
ان وجه اتصال هذه الآية بما قبلها ان الله تعالى أراد ويبين أن حال اليهود في الظلم ونقض العهد وارتكاب الفواحش من الأمور كحال ابن آدم قابيل في قتله أخاه هابيل وما عاد عليه من الوبال بتعدّيه، فأمر نبيّه أن يتلو عليهم أخبارهما وفيه تسلية للنبي (صلى الله عليه وآله) لما ناله من جهلهم بالتكذيب في جحوده وتبكيت اليهود(109).
وعندما قرأ قوله تعالى: (والذي يدعون من دونه لا يستطيعون نصركم ولا أنفسهم ينصرون)(110).
قال: هذا عطف على الآية الأولى، فكأنه قال قل وليّي الله القادر على نصرتي عليكم وعلى من أراد بي ضرّاً. والذين تتخذونهم انتم آلهة لا يقدرون على ان يضروكم ولا أن يدفعوا عنكم ضرراً. ولا يقدرون أن ينصروا أنفسهم أيضاً لو أن إنساناً أراد بهم سوء من كسر أو غيره.
وإنما كرر هذا المعنى؛ لأنه ذكره في الآية التي قبلها على وجه التقريع، وذكره ههنا على وجه الفرق بين صفة من تجوز له العبادة ممن لا تجوز، كأنه قال: أن ناصري الله ولا ناصر لكم ممن تعبدون(111).
وقال: أيضاً عند تفسير قوله تعالى: (وما كان الله ليضل قوماً بعد إذ هداهم حتى يبين لهم ما يتـقون ان الله بكل شيءٍ عليم)(112). قال: قال مجاهد: وجه اتصال هذه الآية بما قبلها هو أنه لما حرم الله تعالى على المؤمنين الاستغفار للمشركين بين أنه لم يكن الله ليأخذكم به إلا بعد أن يدلكم على تحريمه وانه يجب عليكم أن تتقوه(113).
وعند ذكره لقوله تعالى: (أن الذين آمنوا وعملوا الصالحات يهديهم ربُّهم بإيمانهم تجري من تحتهم الأنهار في جنات النعيم)( 114).
قال: لما ذكر الله تعالى الكفار وما يستحقونه من المصير إلى النار في الآيات الأول ذكر في هذه (أن الذين آمنوا) يعني صدّقوا بالله ورسوله واعترفوا بهما وأضافوا إلى ذلك الأعمال الصالحات (يهديهم) الله تعالى جزاء بإيمانهم إلى الجنة (تجري من تحتها الأنهار في جنات النعيم) يعني البساتين التي تجري تحت أشجارها الأنهار التي فيها النعيم(115) وعند تفسيره لقوله تعالى:
(لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ومن يفعل ذلك فليس من الله في شيء، إلاّ أن تتقوا منهم تقاة ويحذّركم الله نفسه وإلى الله المصير)(116).
قال الطوسي: ووجه اتصال هذه الآية بما قبلها أنه تعالى لما بين عظيم آياته بما في مقدوراته مما لا يقدر عليه سواه، دل على أنه ينبغي أن يكون الرغبة في ما عنده وعند أوليائه من المؤمنين دون أعدائه الكافرين، فنهى عن اتخاذهم أولياء دون أهل التقوى الذين سلكوا طريق الهدى(117).
في ذكره لقوله تعالى (ولله ما في السماوات والأرض وإلى الله ترجع الأمور)(118) قال: وجه اتصال هذه الآية بما قبلها وجه اتصال الدليل بالمدلول عليه، لأنه لما قال (وما الله يريد ظلماً للعالمين) وصله بذكر غناه عن الظلم، إذ الغني عنه العالم بقبحه ومعناه لا يجوز وقوعه منه(119).
ــــــــــــــــــ
(*) الشيخ الطوسي هو أبو جعفر محمد بن الحسن بن علي بن الحسن الطوسي، المولود في شهر رمضان عام 385 هـ في طوس بإيران، والمتوفى في النجف بالعراق عام 460 هـ، والملقب بشيخ الطائفة انظر: معالم العلماء لابن شهر آشوب: 102. كشف الحجب لكنتوري: 56. موسوعة العتبات المقدسة لبحر العلوم 2: 24.
روضات الجنات للخوانساري: 581. لؤلؤة البحرين للبحراني: 293.
الرجال للعلامة الحلي: 148.
منهج المقال للاسترآبادي: 292.
1ـ السيوطي: الإتقان 2: 175.
2ـ الجامع الصحيح للبخاري بحاشية السندي، كتاب تفسير القرآن، لقمان: 13.
3ـ الذهبي: التفسير والمفسرون ط(2) 1: 41.
4ـ ابن كثير، تفسير القرآن العظيم ط(3) 3: 445، ولقمان: 14، والأحقاف: 15.
5ـ الطبري، محمد بن جرير: جامع البيان عن تأويل القرآن، تحقيق محمود محمد شاكر 1: 418 ـ غافر: 11، والبقرة: 28.
6ـ الغاشية: 1.
7 ـ الطبرسي: مجمع البيان 10: 478 وإبراهيم: 50.
8ـ محمد عبده: شرح نهج البلاغة بيروت 2: 17.
9 ـ الزمخشري: الكشاف2: 113.
10 ـ ابن تميمة: مقمة في أصول التفسير، تحقيق د. عدنان زرزور: 13.
11ـ الفاتحة: 2.
12ـ يوسف: 41.
13ـ المائدة: 66.
14ـ النساء: 22.
15ـ انظر التبيان 1: 32.
16ـ البقرة: 7.
17ـ المطففين: 26.
18ـ الأحزاب: 40.
19ـ انظر البيان: 1: 41.
20ـ البقرة: 29.
21ـ الزخرف: 13.
22ـ القصص: 14.
23ـ انظر التبيان 1: 126.
24ـ البقرة: 35.
25ـ الكهف: 33.
26ـ القصص: 16.
27ـ الأنبياء: 87.
28ـ انظر التبيان 1: 160.
29ـ البقرة: 50.
30ـ الشعراء: 4.
31ـ الأنفال: 41.
32ـ الإسراء: 10.
33ـ الدخان: 4.
34ـ انظر التبيان 1: 224.
35ـ البقرة: 169.
36ـ الأعراف: 127.
37ـ الأنعام: 71.
38 ـ الرعد: 41.
39 ـ الرعد: 41.
40ـ انظر التبيان 2: 174.
41 ـ البقرة: 202.
42ـ الرحمن: 31.
43ـ القصص: 10.
44ـ انظر التبيان 1: 298.
45ـ البقرة: 266.
46ـ العصر: 1 ـ 2.
47ـ يوسف: 49.
48ـ انظر التبيان 21: 342، والنبأ: 14.
49 ـ المائدة: 70.
50ـ النازعات: 40 ـ 41.
51ـ القارعة: 9.
52ـ إبراهيم: 43.
53ـ الأنعام: 71.
54ـ أنظر التبيان 23: 582.
55ـ الأعراف: 5.
56ـ القصص: 78.
57ـ الرحمن: 9.
58ـ الصافات: 24.
59ـ التبيان 4: 349.
60ـ القصص: 78.
61ـ الحجر: 92.
62ـ يس: 1.
63ـ المؤمنون: 102.
64ـ الصافات: 27.
65ـ انظر التبيان 4: 350 والقلم: 30.
66ـ الحجر: 22.
67ـ الروم: 46.
68ـ الروم: 48.
69ـ الذاريات: 41.
70ـ الحاقة: 6.
71ـ انظر التبيان 4: 428 والأحقاف: 24.
72ـ السجدة: 12.
73ـ فصلت: 9.
74ـ يشير إلى قوله تعالى (وقدر فيها أقواتها في أربعة أيام سواء للسائلين) فصلت: 10.
75ـ الأعراف: 54، يونس: 30.
76ـ انظر التبيان 9: 110.
77ـ الرعد: 30.
78ـ مشيراً إلى قوله تعالى: (إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم، وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيماناً على ربهم يتوكلون) الأنفال.
79ـ انظر التبيان 6: 250.
80ـ عبس: 1.
81ـ القلم: 4.
82ـ آل عمران: 159.
83 ـ انظر التبيان 1: 218 والأنعام: 52.
84ـ آل عمران: 28.
85ـ آل عمران: 118.
86ـ المجادلة: 22.
87ـ الأنعام: 8.
88ـ الأعراف: 198.
89ـ التوبة: 74.
90ـ المائدة: 54.
91ـ انظري التبيان 2: 433 ـ 434.
92ـ الشورى: 40.
93ـ المائدة: 48.
94ـ النحل: 126.
95ـ انظر التبيان 9: 169 والبقرة: 194.
96ـ رمضان: الطباطبائي ومنهجه في تفسير القرآن: 13.
97ـ الصدر: دروس في علم الأصول الحلقة الأولى: 130.
98ـ الصافات: 1.
99ـ التبيان 8: 470.
100ـ التبيان 8: 470.
101ـ الدخان: 49).
102ـ عبد الرحمن الملك: أصول التفسير: 71.
103ـ در وزه: القرآن المجيد: 204.
104ـ النساء: 49.
105ـ الطوسي: التبيان 3: 222.
106ـ النساء: 80.
107ـ التبيان 3: 268.
108ـ المائدة: 270.
109ـ التبيان 3: 491.
110ـ الأعراف: 96.
111ـ التبيان 5: 61.
112ـ التوبة: 116.
113ـ التبيان 5: 311.
114ـ يونس: 9.
115ـ التبيان 5: 342.
116ـ آل عمران: 28.
117ـ التبيان 2: 434.
118ـ آل عمران: 109.
119 ـ التبيان 2: 555.
الكاتب: الدكتور خضير جعفر الخزاعي